كتب تجول البحار وتبحث عن قرائها

شبكة النبأ: بالرغم من العواصف القوية وهجوم فتاك بالقنابل ومنافسة مستشريه من الوسائل الإلكترونية، تجوب جمعية خيرية مسيحية البحار لتقديم الكتب بأسعار زهيدة وتعزيز القيم العائلية. سفينة "لوغوس هوب" التي رست في خليج مانيلا هي آخر سفن الأسطول الذي يبيع الكتب في مرافئ البلدان الفقيرة منذ أربعة عقود. وخلال جولة على متن السفينة التي يبلغ طولها 132 مترا وتشبه من الداخل مكتبة في متجر تجاري فاخر، قال القبطان بات تريسي "نأمل أن تبعث القراءة الحماسة في النفوس". وتابع "نريد أن نشجع الأفراد على القراءة لذا نجعل الكتب في متناول الجميع وليس في متناول الميسورين فحسب".

وتنقل هذه السفينة نصف مليون كتاب أقله وهي تجدد مخزونها باستمرار في الموانئ التي ترسي فيها، بحسب قبطانها. وهي تابعة لجمعية "جي بي إيه شيبس" وهي جمعية خيرية بروتستانتية تتخذ من ألمانيا مقرا لها وتعول على فريق من 400 متطوع وعلى هبات من شبكة كنسية عالمية لتغطية التكاليف التشغيلية. وأوضح بات تريسي "تحتوي كتبنا على العلوم جميعها، من العمليات الجراحية إلى عمليات بناء الجسور".

وفي أحد الأقسام، تعرض قصص الأطفال الشعبية إلى جانب مؤلفات كبار الكتاب من قبيل شكسبير وديكينز. وفي قسم آخر، كتب تقنية عن الهندسة وعلم الأحياء تلقى اهتماما خاصا في أوساط الفئات الفقيرة، على حد قول قبطان السفينة. وتقدم السفينة أيضا مجموعة متنوعة من الكتب المتمحورة على الحياة العائلية وبناء المهارات القيادية ومواضيع أخرى مرتبطة بالحياة اليومية على غرار التعليم والصحة والحرف اليدوية والطبخ.

وكثيرة هي الكتب التي تتطرق إلى النمو الشخصي والعلاقات والتي تكتسي طابعا مسيحيا جليا حتى أن القصص الخيالية تكون بأغلبيتها ذات عبر. فلا وجود لسلسة قصص الساحر "هاري بوتر" أو لسلسة "توايلايت" عن مصاصي الدماء بل إن الرفوف تزخر بكتب "نارنيا" المستوحاة من التعاليم المسيحية وقصص "هاردي بويز" و"نانسي درو". وقد شرح مدير "لوغوس هوب" جيان فالسر "ينبغي أن تتماشى الكتب التي نبيعها مع قيمنا".

وقد أكد قبطان السفينة وطاقمها أن مبيعات الكتب تكفي لتمويل المكتبة لكن لا بد من الاستعانة بالشبكة الكنسية العالمية لتغطية التكاليف التشغيلية الأخرى. وأفراد الطاقم جميعهم من المتطوعين العشرينين الذين يتطوعون للعمل سنتين بالمجان. وغالبا ما ترعى كنائس محلية رحلة المتطوعين للمساعدة في تسديد تكاليف عملهم على السفينة. وعلى الرغم من المنافسة الشرسة التي تواجهها محلات بيع الكتب على اليابسة في ظل ازدهار مبيعات الكتب على الانترنت خلال السنوات الأخيرة، قد أكد طاقم "لوغوس هوب" أن الطلب لا يزال مرتفعا على كتب السفينة.

فقد باعت "لوغوس هوب" أكثر من ثلاثة ملايين كتاب لقرابة 2,5 مليون زائر من 42 بلدا وإقليما، بحسب سجلات السفينة.

وقالت أريليني سانتوس وهي امرأة أعمال من مانيلا في عقدها الثالث انها أحضرت عائلتها برمتها إلى السفينة بعدما قرأت عنها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". و كشفت "اتينا لنشتري الكتب لكن عرضها في سفينة شكل قيمة مضافة بالنسبة إلينا". أما الموظفة الحكومية المتقاعدة أديليدا فالينسيا (82 عاما) فقالت أنها أحبت مجموعة الكتب المختارة التي تتميز بإيجابيها. وقالت إن الكتب تتطرق "إلى تربية الأطفال والعيش طويلا واتباع نظام غذائي صحي. وهذه المواضيع لا تعالج بما فيه الكفاية".

بدأت جمعية "جي بي إيه شيبس" ببيع الكتب بأسعار زهيدة في البلدان الفقيرة في العام 1970 مع سفينة "لوغوس" أي الكلمة باليونانية. وقد باعت السفينة أكثر من خمسة ملايين كتاب قبل أن تجنح في سواحل تشيلي في العام 1988. وفي العام 1991، تعرضت سفينة أخرى تابعة للجمعية تحمل اسم "دولوس" إلى هجوم بالقنابل عندما كانت في مدينة زامبوانغا جنوب الفيليبين التي تعتبر معقلا للناشطين الإسلاميين. وتوفيت شابتين من المتطوعين إثر هذا التفجير وجرح كثيرون آخرون، بحسب ما أفاد مدير "لوغوس هوب" جيان فالسر. بحسب فرنس برس.

وقد حملت الحكومة جماعة أبو سياف الإسلامية المتشددة مسؤولية هذا التفجير. وقد شرح المدير جيان فالسر أن الجمعية قررت منذ تلك الحادثة عدم التوقف في المرافئ التي تعتبر خطيرة في العالم. وأكد مسؤولون آخرون في السفينة أنهم بذلوا جهودا لمراعاة حساسيات السكان المحليين من خلال التعاون مع الكنائس المحلية أو الجمعيات الخيرية لتمهيد الطريق لوصولهم.

وقال فالسر "لم نأت لنهين السكان ونحن نريد إتمام مهمتنا وفق الأصول". ولا تخفي سفينة جمعية "جي بي إيه شيبس" أصولها البروتستانتية وهي قد لقيت ترحيبا حارا في بلدان كثيرة غير مسيحية من قبيل الهند وسريلانكا وبلدان عديدة في الشرق الأوسط.

وبعد الفيليبين تعتزم سفينة "لوغوس هوب" التوجه إلى إندونيسيا التي تضم أكبر عدد من السكان المسلمين. وفي الوقت الراهن، تبحث جمعية "جي بي إيه شيبس" عن سفينة جديدة لكتبها وهي على يقين بان فكرتها الفريدة من نوعها ستستمر في جذب القراء بالرغم من ازدهار التكنولوجيات المتقدمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/نيسان/2012 - 21/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م