مالي... انشطار قسري وانقلاب فاشل

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: لاتزال الاوضاع في مالي مصدر قلق رئيسي للعديد من الدول وخصوصا دول الجوار التي باتت تخشى من انتقال تلك الازمه الى أراضيها، لذا فقد اعلنت بعض تلك الدول حالة الانذار واصبحت حالة تأهب تحسبا لكل طارئ بل انها تسعى اليوم الى تطويق تلك الاحداث باستخدام شتى السبل، ويرى بعض المراقبين مسالة التدخل العسكري المشترك لحل النزاعات القائمة في هذه البلاد اصبح من الضروريات لإعادة الاوضاع وحفظ النظام والاستقرار، خصوصا بعد ان تمكنت المجاميع المتمردة من السيطرة على العديد من المناطق والمدن المهمة، وفيما يخص اخر التطورات التي اتت بعد الانقلاب العسكري في مالي فقد اعلن المتمردون الطوارق "استقلال ازواد" في شمال مالي في خطوة تم رفضها في الخارج وعززت الالتباس في منطقة تهيمن عليها مجموعات اسلامية مسلحة ومجرمون وهي على شفير "كارثة انسانية". وقالت الحركة الوطنية لتحرير ازواد في بيان على موقعها الالكتروني انها قررت "باسم الشعب الازوادي الحر"، "بشكل لا رجعة فيه اعلان استقلال دولة ازواد". واكدت الحركة في بيانها "اعترافنا بحدود دول الجوار واحترامها" و"الانخراط الكامل في ميثاق الامم المتحدة". كما تعهدت "بالعمل على توفير الامن والشروع في بناء مؤسسات تتوج بدستور ديموقراطي لدولة ازواد المستقلة"، داعية المجتمع الدولي الى "الاعتراف بازواد دولة مستقلة بدون تأخير". واكدت الحركة في "بيان استقلال ازواد" ان لجنتها التنفيذية "ستستمر في تسيير شؤون ازواد حتى يتم تعيين سلطة وطنية ازوادية".

من جهته، اكد المتحدث باسم الحركة في فرنسا موسى آغ طاهر ان الحركة تريد احترام "الحدود مع الدول المجاورة" في الصحراء اي الجزائر وموريتانيا والنيجر. واوضح آغ طاهر "انهينا للتو معركة مهمة جدا هي معركة التحرير"، قبل ان يدين "القوى الارهابية التي انتهزت فرصة هذا الوضع". ورفضت الولايات المتحدة اعلان استقلال منطقة "ازواد". وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية باتريك فنتريل "اننا نرفض اعلان الحركة الوطنية لتحرير ازواد الاستقلال، ونكرر دعوتنا الى الحفاظ على وحدة اراضي مالي". ورفض الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي وفرنسا القوة المستعمرة السابقة اعلان استقلال ازواد معتبرين انه "باطل ولاغ" و"لا قيمة له"

واعلن الاتحاد الافريقى "رفضه الكلي" اعلان "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" استقلال شمال مالي، مذكرا "بالمبدأ الاساسي القائم على عدم المساس بالحدود". وقال رئيس مفوضية الاتحاد الافريقى جان بينغ في بيان انه "يدين بحزم هذا الإعلان الباطل والذي لا قيمة له" وانه "يدعو الأسرة الدولية إلى الدعم الكامل لهذا الموقف المبدئي لإفريقيا".

واكد بينغ مجددا على "مبدأ عدم المساس بالحدود التي ورثتها الدول الافريقية عند حصولها على الاستقلال"، كما شدد على "حرص الاتحاد الافريقي الشديد على الوحدة الوطنية ووحدة وسلامة اراضي مالي". وأضاف أن "الاتحاد الإفريقي والدول الأعضاء فيه لن يدخروا أي جهد للمساهمة في إعادة سلطة جمهورية مالي على مجمل الأراضي الوطنية ووقف الهجمات التي ارتكبتها مجموعات مسلحة وإرهابية في شمال البلاد". وذكر بينغ على وجه الخصوص دعم الاتحاد الافريقي لجهود دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "لاتخاذ اجراءات ملموسة لحماية الوحدة والسلامة الترابية لجمهورية مالي، بما فيها نشر قوتها العسكرية". ودعا كل الدول الاعضاء في الاتحاد الافريقي الى "تقديم الدعم الضروري" للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، بحسب نص البيان اعد رؤساء اركان دول المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا الذين اجتمعوا في ابيدجان "تفويضا" لتشكيل قوة يمكن ارسالها الى مالي التي تواجه ازمة حادة، سيطرح على رؤساء دول المنطقة للموافقة عليه.

كما رفض المغرب بالكامل اعلان استقلال ازواد، حيث اعتبره وزير خارجيته سعد الدين عثماني "غير مقبول تماما" مؤكدا انه ستكون له "عواقب وخيمة على السلام والامن والاستقرار في المنطقة برمتها". واكدت وزارة خارجية النيجر في بيان انها "ترفض قطعا هذا الاعلان وتعتبره باطلا وتكرر تاكيد تمسكها بوحدة جمهورية مالي ووحدة اراضيها الراسختين". وندد قادة من طوارق النيجر بالإعلان عن استقلال ازواد وقالوا "نقول لا لهذا التصرف الخارج عن المألوف ونوجه نداء الى اخواننا في مالي بالتعقل والتوصل الى حل في اطار دولة مالي الموحدة". ومنطقة ازواد الشاسعة تمتد على مساحة تعادل مساحة فرنسا وبلجيكا مجتمعتين، وتعد مهد الطوارق. وهي تقع شمال نهر النيجر وتشمل ثلاث مناطق ادارية هي كيدال وتمبكتو وغاو.

وبعد اسبوع من الانقلاب العسكري الذي اطاح في 22 آذار/مارس في باماكو الرئيس امادو توماني توري، سقطت المناطق الثلاث بايدي الحركة الوطنية لتحرير ازواد وحركة انصار الدين الاسلامية واللتين يعتقد انهما تتلقيان مساندة من عناصر من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ومجموعات اخرى. وقد تقدم الاسلاميون ومجموعات اجرامية على متمردي حركة تحرير ازواد، كما ذكر شهود، مما يحد من فاعلية اعلان استقلال المتمردين الطوارق الذين لم يتمكنوا من احكام السيطرة على "ارضهم". واكد القائد العسكري لجماعة انصار الدين الاسلامية في بيان انه يخوض حربا "ضد الاستقلال" و"من اجل الاسلام". وقال عمر حاماها ان "حربنا جهاد وحرب شرعية باسم الاسلام. نحن ضد حركات التمرد وضد الاستقلالات. نحن ضد كل الثورات التي ليست باسم الاسلام. جئنا لنطبق شعائر الاسلام".

من جهته صرح احمد اويحيى رئيس حكومة لجزائر الجارة الشمالية والقوة العسكرية الاقليمية لصحيفة لوموند الفرنسية ان الجزائر "لن تقبل ابدا بالمساس بوحدة وسلامة اراضي مالي". وحذر اويحيى من ان اي تدخل اجنبي لن يؤدي سوى الى "انزلاق" الوضع. واشار الى ان "الوضع (في مالي) مقلق جدا. فهو بؤرة توتر على حدودنا" مذكرا بان الجزائر تتقاسم "حوالي الف كيلومتر" من الحدود مع مالي. واكد رئيس الوزراء الجزائري الذي سبق ان لعب دور الوسيط في ازمة الطوارق ان الجزائر "تدعم الحل عبر الحوار ولن تقبل ابدا بالمساس بوحدة وسلامة اراضي مالي". واعلن ان القيادة العسكرية الموحدة لهيئات اركان جيوش دول الساحل ستعقد اجتماعا "في الايام المقبلة" لبحث الوضع في مالي. وقال اويحيي ان هذه المجموعة التي تضم الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا "ما زالت ناشطة وستجتمع في الايام المقبلة في نواكشوط". واكد ضرورة مشاركة مسؤولين عسكريين ماليين كبار في الاجتماع وحتى ان كانوا من الانقلابين الحاكمين في باماكو.

وانشئت القيادة العسكرية الموحدة لهيئات اركان جيوش دول الساحل ومقرها تمنراست بجنوب الجزائر في 2010 وهي تضم الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا. وتجتمع كل ستة اشهر لتنسيق محاربة التهريب العابر للحدود والقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. ومنذ حوالي سنة اصبح للقيادة مركز موحد للمخابرات ومقره الجزائر العاصمة. وقال اويحيى ان الجزائر تشن حربا بلا هوادة ضد الارهاب الذي "لا يعرف حدودا ولا جنسية منذ 1994".

من جهة اخرى، اكدت وزارة الخارجية الجزائرية ان القنصل الجزائري في غاو وستة اعضاء في القنصلية اختطفوا بعد ان هاجمت مجموعة مسلحة القنصلية، وكان شهود في غاو ذكروا انهم شهدوا احتلال القنصلية الجزائرية من قبل اسلاميين مسلحين رفعوا العلم السلفي الاسود عليها و"اعتقلوا دبلوماسيين". من جهة اخرى، قال آغ طاهر لمحطة التلفزيون "بي اف ام تي في" انهم اعلنوا "انتهاء العمليات العسكرية لتلبية مطلب الاسرة الدولية". وكانت الحركة الوطنية لتحرير ازواد اعلنت انتهاء "عملياتها العسكرية".

واضاف آغ طاهر "حاليا وبالنسبة للمتطرفين عرف ان الحركة الوطنية لتحرير ازواد لديها مهمة شاقة تتمثل في الضمان الكامل للأمن في مناطق غاو وتمبكتو وكيدال"، ملمحا الى ان حركته العلمانية يمكن ان تقوم بعمليات عسكرية ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وحلفائه من الطوارق. واكدت الحركة الوطنية في اعلانها "الانضمام التام الى ميثاق الامم المتحدة" و"الالتزام الصريح لحركة تحرير ازواد بتوفير ظروف سلام دائم واختيار الاسس المؤسسية للدولة القائمة على دستور ديموقراطي لازواد مستقلة".

من جهة اخرى، اعد رؤساء اركان دول المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا الذين اجتمعوا الخميس في ابيدجان "تفويضا" لتشكيل قوة يمكن ارسالها الى مالي التي تواجه ازمة حادة، سيطرح على رؤساء دول المنطقة للموافقة عليه. من جهة اخرى، حذرت منظمة العفو الدولية من ان المنطقة على "شفير كارثة انسانية كبرى" مشيرة خصوصا الى خطف فتيات فيها. من جانبها، دعت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى استئناف المساعدة الانسانية في الشمال بسرعة خصوصا لعشرات الآلاف من النازحين بسبب المعارك منذ منتصف كانون الثاني/يناير. اما منظمتا اوكسفام وورلد فيجن فعبرتا عن قلقهما من انعكاسات الحظر الكامل الذي فرضته غرب افريقيا بعد الانقلاب والذي يهدد الامن الغذائي لملايين الاشخاص. ودعت الجبهة المعادية للانقلابين في مالي التي تضم احزابا سياسية ومنظمات، الامم المتحدة الى تدخل عاجل "لتجنب كارثة انسانية في غاو".

ويذكر ان راية الجهاديين السوداء اصبحت اليوم ترفرف على مدينة تمبكتو الاسطورية في شمال مالي القبلة السياحية بامتياز والتي تعد بوابة الصحراء على بعد 800 كلم شمال شرق العاصمة باماكو. وروى الموظف ساليو تيام من باماكو ان "تمبكتو قضت اول ليلة تحت حكم الشريعة بهدوء". وافادت مصادر متطابقة ان مقاتلي جماعة انصار الدين الاسلامية وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، سيطروا على المدينة التاريخية. وقد سقطت مدينة تمبكتو اخر مقر لحامية تابعة للحكومة في شمال البلاد، بين ايدي مجموعات التمرد الطوارق من دون معارك بعد مفاوضات مع عرب المدينة.

وشارك كل من الحركة الوطنية لتحرير ازواد وهي حركة علمانية تعتبر اكبر تيار في التمرد وانصار الدين في الهجوم، الى جانب مختلف المهربين التقليديين والمجموعات التي تشارك في حركة التمرد بمختلف انتماءاتها المعروفة وغير المعروفة. لكن بعد ساعات طرد رجال انصار الدين بقيادة زعيمهم عياد اغ غالي وهو من الطوارق، حركة ازواد من المدينة وفرضوا فيها النظام الاسلامي.

واوضح موسى حيدر المصور الذي التقط صور دخول القافلة الى المدينة "انهم اتوا بخمسين آلية وسيطروا على المدينة وطردوا منها حركة تحرير ازواد واحرقوا علمها ونصبوا محله علمهم فوق معسكر المدينة". واضاف ان مساعد عياد الذي يتحدث الفرنسية قال ان صوماليين ونيجيريين وتونسيين يقاتلون في صفوف انصار الدين و"انهم جميعا يعملون من اجل الاسلام". ويقاتل عياد اغ غالي الشخصية البارزة في حركة تمرد الطوارق خلال التسعينات، اليوم من اجل تطبيق الشريعة في مالي عبر "الكفاح المسلح". بحسب فرنس برس.

ودخل عياد تمبكتو المدينة يرافقه على ما يبدو احد قياديي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الجزائري مختار بلمختار، كما ذكرت مصادر امنية اقليمية. وقد شارك مختار بلمختار المدعو "الاعور" في العديد من المعارك والاعتداءات وعمليات الخطف التي استهدفت خصوصا غربيين، ومختلف عمليات التهريب. وافادت وكالة الانباء الموريتانية الالكترونية "الاخبار" ان قياديا اخر من القاعدة يدعى يحيى ابو الهمام كان ايضا في المدينة.

ويعتبر ذلك انتصارا عسكريا لكنه يرمز الى اكثر من ذلك اذ ان تمبكتو اصبحت بذلك اول مدينة مهمة في منطقة الساحل تسقط بين ايدي الاسلاميين المتطرفين من التيار الجهادي. وقد ادرجت المدينة الواقعة على مشارف الصحراء والتي تسمى "جوهرة الصحراء" على لائحة التراث العالمي في اليونسكو. وقد كانت لفترة طويل مركزا ثقافيا اسلاميا مشعا ومدينة مزدهرة بلغت اوجها في القرن السادس عشر، وتشهد عشرات الاف مخطوطاتها على ماضيها الرائع. وكانت المدينة التي اشتهرت بابوابها المنحوتة والمزخرفة ومنازلها المبنية على النمط السوداني وبواباتها الكبيرة وسط الكثبان، حتى دخول تنظيم القاعدة، محطة اسياسية في رحلات السياح الراغبين في اكتشاف الطوارق.

واعربت منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) عن قلقها مما قد تشكله المعارك من خطر على موقع تمبكتو. واعلنت المديرة العامة للمنظمة الدولية ايرينا بوكوفا في بيان "ادعو السلطات المالية والفصائل المتناحرة الى احترام التراث والتزامات البلاد الموقعة معاهدة 1972 حول التراث العالمي". وافاد شاهد ان رجال انصار الدين والقاعدة بدأوا حملة استعادة الاملاك المنهوبة ودعوا اصحابها الى استلامها. واثاروا استحسان البعض باعتقالهم من ارتكبوا عمليات نهب وجروهم مكبلين في المدينة وهم شبان كانوا على وشك احراق مقر مديرية شركة طاقة مالي، وهددوا بقطع ايدي السارقين في المستقبل. اما النساء القلائل اللواتي تخرجن في المدينة فانهن تخلين على السراويل وارتدين الحجاب.

مطالب بالتسليح

من جهة اخرى ادان المئات من الشباب الماليين المنحدرين في اغلبهم من شمال البلاد ، "الفظائع" التي اقترفها المتمردون الطوارق والاسلاميون في منطقتهم، وطالبوا بالسلاح لمحاربتهم، وقرأ شاب من منظمة حركة الشباب من اجل انقاذ شمال مالي خلال تجمع عقدته عدة جمعيات في حي فالاجي بضواحي باماكو، بيانا وصف "الاعتداءات الجسدية على السكان المدنيين" واغتصاب النساء "في الساحات العامة". كما نددت حركة الشباب باعمال النهب وتخريب المنشآت الاجتماعية، و "انتهاك حقوق الانسان الاساسية"، كما حدث في كيدال وغاو (شمال شرق) وتمبكتو (شمال غرب) منذ سيطرة الجماعات المسلحة عليها في 30 و31 اذار/مارس والاول من نيسان/ابريل.

وقالت حركة الشباب من اجل انقاذ شمال مالي ان "سكان المناطق الثلاث باتوا رهائن لدى مجموعات من الذين ليس لهم دين ولا يعترفون بقانون"، واكدوا ان السكان يشعرون "باليأس التام والحرمان من المواد الغذائية والادوية والخدمات الصحية". ودعا الشباب "المجتمع الدولي الى توفير المساعدة الطبية والغذائية والامنية العاجلة للسكان" في شمال مالي. كما دعوا الى نشر قوة من دول غرب افريقيا والامم المتحدة وفرق انسانية للحفاظ على حياة الناس وممتلكاته. بحسب فرنس برس.

وقال عبد الملك سانغاري زعيم احدى الجمعيات التي نظمت التجمع "انهم يغتصبون امهاتنا واخواتنا ويسرقون ممتلكات الناس. نطالب بالسلاح فنحن مستعدون للتطوع في شمال مالي لاستعادة اراضينا". وعبر العديد من الشباب عن هذا المطلب من خلال لافتات كتب عليها "مالي واحدة، ولا تتجزأ" و"مساعدة مالي تعني مساعدة افريقيا" و"سكان شمال مالي لهم الحق في المساعدة الطبية والغذائية". ودعا تجمع تلاميذ وطلاب وسكان شمال مالي المقيمين في باماكو الى مقاطعة الدراسة والعمل ابتداء من الاثنين للمشاركة في التجند لمواجهة الوضع في الشمال.

انتقال السلطة

في السياق ذاته اجرى رئيس الدولة الانتقالي في مالي ديونكوندا تراوري مشاورات في باماكو قبل توليه مهامه تمهيدا لانسحاب المجموعة العسكرية من السلطة التي استولت عليها بعد انقلاب ادى الى تسريع الازمة في شمال البلاد. وسيلتقي تراوري الذي وصل قائد الانقلابيين الكابتن امادو سانوغو ، كما افادت مصادر قريبة من زعيم الانقلاب الذي جرى في 22آذار/مارس. وابرم اتفاق بين الانقلابيين وممثلي المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا، ينص على تعيين رئيس للجمهورية ورئيس وزراء انتقاليين حتى اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.

كما يقضي الاتفاق الذي يقع في خمس صفحات بالعفو عن منفذي الانقلاب كما يشدد على تأمين الحمالة للرئيس امادو توماني توري وان تترك له حرية اختيار مكان اقامته. ونص الاتفاق على تطبيق الدستور المالي الذي يقضي بان يتولى رئيس الجمعية الوطنية، اي ديونكوندا تراوري، الرئاسة الانتقالية وامامه مع رئيس وزرائه والحكومة التي سيشكلها مهلة اربعين يوما على الاكثر لتنظيم انتخابات.

لكن الاتفاق يشير الى "استحالة" اجراء الانتخابات خلال هذه المهلة "نظرا للظروف الاستثنائية" والازمة في الشمال، بدون ان يحدد مهلة للمرحلة الانتقالية. اما رئيس حكومة الازمة التي ستشكل فغير مؤكد حتى الآن لكن طرحت اسماء عدة بينها عربي من الشمال يدعى ذهبي ولد سيدي محمد الموظف في الامم المتحدة في السودان. واعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا رفع كل العقوبات المفروضة على مالي منذ الانقلاب. وقالت المنظمة الاقليمية في بيان ان المشاورات التي جرت بين الكابتن امادو سانوغو وسلطات المجموعة "افضت الى توقيع اتفاق اطار للعودة الى النظام الدستوري". واضاف البيان ان "رئيس المجموعة الحسن وتارا رئيس ساحل العاج قرر نتيجة لذلك وبالاتفاق مع نظرائه رفع كل العقوبات التي فرضت على مالي بمفعول فوري".

من جهته، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون المجلس العسكري في مالي الى "التنفيذ السريع لبنود الاتفاق الاطاري الذي ينص على تسليم الحكم الى السلطات الدستورية". كما دعا الحكم العسكري الى "التأكد من سلامة وامن جميع المسؤولين الماليين، المبادرة الى الافراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين والامتناع عن اي عمل قد يعيق" تنفيذ هذا الاتفاق.

وقد اشاد رئيس الجمعية الوطنية في مالي ديونكوندا تراوري "بحكمة" الانقلابين الذين وافقوا على تسليم السلطة الى المدنيين.

وفي تصريح خلال لقاء مع الشخصيات السياسية بثته القناة التلفزيونية العامة، اشاد تراوري بالمجموعة العسكرية لموافقتها على اعادة النظام الدستوري بموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا. "اريد ان أهنئ هؤلاء الضباط الشباب الذين كانت لديهم الحكمة والذكاء لتفهم ان بلدنا يحتاج اليوم الى الوحدة والتضامن". واضاف ان "بلدنا بحاجة الى جيشه اليوم لاستعادة كامل اراضيه". وتابع تراوري "اعتقد ان التاريخ سيحفظ هذه اللحظات الصعبة التي نمر بها وما فعلناه لمواجهة التحدي"، مؤكدا ان "تصميمي يعادل تصميمكم" على اخراج مالي من الازمة. وكان في استقبال تراوري عند وصوله وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي الذي يقوم بمفاوضات بين نواب وانقلابين بهدف تنحيهم عن السلطة. والتقى تراوري اعضاء من المجموعة العسكرية من بينهم المتحدث اللفتنانت امادو كوناري لفترة وجيزة في المطار. بحسب فرنس برس.

وستكون المهمة الاولى لتراوري اعادة الهدوء الى الشمال حيث تسود الفوضى بعد ان فرض متمردو الطوارق والمجموعات الاسلامية سيطرتهم على المنطقة. وقد ذكرت مصادر متطابقة ان مختار بلمختار احد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وصل الى غاو المدينة الواقعة شمال شرق مالي وتسيطر عليها مجموعات مسلحة عدة. وكانت معلومات تحدثت عن وجود ثلاثة من كبار قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في تمبكتو بينهم بلمختار الملقب "بالأعور" و"مستر مارلبورو" لضلوعه في تهريب السجائر، والطرقي اياد آغ غالي زعيم انصار الدين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/نيسان/2012 - 20/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م