بين التوقع والمفاجئة: مصير الرئاسة في مصر مجهولاً..!

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: لايزال الوقت مبكر في الحديث عن المرشح الاوفر حظا بالفوز واعتلاء كرسي الرئاسة في مصر خصوصا مع وجود الكثير من المتغيرات التي تشهدها الساحة المصرية، فمع ازدياد حدة المنافسة، ويرى الكثير من المراقبين ان الاوضاع السياسية والاقتصادية المتقلبة قد تلقي بضلالها على تحديد نتائج تلك الانتخابات من خلال ما سيقدم من شعارات يضاف الى ذلك ما سيتحقق من تغيرات قد تلجأ لها بعض الاحزاب المتنفذة لتغير بعض صورها لأجل كسب الشارع المصري المتطلع لذلك التغير، مكا تخشى العديد من الاوساط المصرية ان تؤل نتائج الانتخابات الى فوز مرشحي بعض الاحزاب الاسلامية المتطرفة خصوصا وانها بدأت حرب التشكيك والاسقاط والتهجم في وقت مبكر الامر الذي قد يستغل من قبل بعض المنتفعين الساعين الى اجهاض مكاسب الثورة التي لا تزال تواجه الكثير من التحديات يضاف الى ذلك الخشية من تدخلات بعض الدول التي تسعى لإيجاد موطئ قدم مهم في مصر، لكن ومع كل تلك التكهنات رجح البعض ان تلعب الاقدار لعبتها وتأتي المفاجأة لتغير كل الحسابات فكل شيء ممكن خصوصا بعد ان قدم عمر سليمان نائب الرئيس المصري السابق حسني مبارك أوراق ترشحه لانتخابات الرئاسة بعد أن وصل الى مقر لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية قبل غلق بابها بنحو نصف ساعة. وقال بيان أصدره الأمين العام للجنة الانتخابات الرئاسية حاتم بجاتو ان سليمان دخل مقر اللجنة "في تمام الساعة الواحدة وخمس وثلاثين دقيقة ظهرا ليقدم أوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية وقدم تأييدات قرر أنها تتجاوز ثلاثين ألف تأييد." ويلزم للترشح تأييد 30 عضوا منتخبا في البرلمان أو 30 ألف مواطن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الاقل على ألا يقل عدد المؤيدين في كل محافظة عن ألف ناخب.

وفي وقت سابق قدم محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين أوراق ترشحه الى اللجنة كاحتياطي للمرشح الإخواني خيرت الشاطر خشية شطبه لصدور حكم في السابق عليه في قضية جنائية. وأشرف على تأمين اللجنة الانتخابية وقت وصول سليمان اللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية وعضو المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ الاطاحة بمبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي. ووصل بدين وأربع حافلات عسكرية صغيرة وأربع ناقلات جند مدرعة يستقلها جنود الشرطة العسكرية الى مقر اللجنة قبل وصول سليمان بنحو ثلث ساعة. وأغلق باب الترشح في الساعة الثانية بعد ظهر يوم الأحد (1200 بتوقيت جرينتش) ليوم 8/4بعد نحو شهر من تقديم أوراق الترشح للراغبين واستلام طلبات المرشحين. وردد مئات من أنصار سليمان كانوا في انتظاره هتافات منها "الشعب يريد عمر سليمان". وأمضى سليمان أياما قليلة في منصب نائب الرئيس وكان لسنوات طويلة مديرا عاما للمخابرات وأدى اقدامه على الترشح - بعد تردد - الى هزة سياسية في مصر.

وبالنسبة لكثيرين قادوا الانتفاضة الشعبية التي أسقطت مبارك تثير عودة سليمان قلقا خشية امكانية التراجع عن التحول لحكم ديمقراطي قبل أن يسلم المجلس الاعلى للقوات المسلحة السلطة لرئيس مدني. ورفع أنصار سليمان قبل وصوله لافتة كتبت عليها عبارة "الانتفاضة الشعبية لإنقاذ مصر" ووضعت على اللافتة صورة كتبت تحتها عبارة "عمر سليمان رئيسا لمصر". وتبادل أنصار سليمان هتافات مناوئة مع أنصار المرشح خالد علي وهو محام حقوقي قدم أوراق ترشحه في نفس اليوم.

ومن المقرر ان تجرى الانتخابات الرئاسية على جولتين في مايو أيار ويونيو حزيران اذا لم تحسم النتيجة من الجولة الاولى. وسوف تتأكد لجنة الانتخابات الرئاسية من توافر شروط الترشح وتخطر من لم تتوافر فيهم الشروط يومي الخميس والجمعة. وتتلقى اللجنة التظلمات من قرارات الاستبعاد يومي 14 و15 ابريل نيسان وتبت فيها في اليوم التالي ثم تعلن القائمة النهائية للمرشحين يوم 26 ابريل نيسان. وقال مصطفى السعداوي العضو في جماعة الاخوان المسلمين ان محامين أرسلهم مرسي لتقديم أوراق ترشحه اتصلوا به قائلين ان اللجنة رفضت التوكيل المحرر للمحامي المكلف بتقديم الاوراق وطلبت حضور مرسي نفسه. وأضاف السعداوي "مرسي دخل من الباب الخلفي منعا للاحتكاك بأنصار عمر سليمان."

ويمكن شطب ترشح الشاطر بسبب الحكم بسجنه لمدة سبع سنوات من محكمة عسكرية عام 2007 والافراج عنه بعد فترة قصيرة من الاطاحة بمبارك قبل انتهاء فترة العقوبة. وقالت الجماعة وقت اعلانها أنها ترشح الشاطر الذي كان في منصب النائب الاول للمرشد العام للجماعة وعضو مكتب الارشاد بها انه حصل على عفو من المجلس الاعلى للقوات المسلحة يسمح له بالترشح لكن لم يصدر اعلان رسمي بذلك. وكان بيان صدر عن جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الليلة الماضية قال "هناك محاولات لافتعال معوقات للحيلولة دون استكمال بعض المرشحين لمسيرتهم الوطنية تمهيدا لإجهاض الثورة (التي أطاحت بمبارك) واعادة استنساخ النظام السابق بنفس رموزه وهيئاته وهو ما لا يمكن قبوله بأي حال من الاحوال." وأضاف "لذلك قررنا جماعة وحزبا ترشيح مرسي مرشحا احتياطيا للرئاسة كإجراء احترازي لازم." بحسب رويترز.

وحكم القضاء الاداري بأن السياسي أيمن نور الذي نافس مبارك في انتخابات الرئاسة عام 2005 لا يحق له الترشح للمنصب لصدور حكم ضده بعد الانتخابات بوقت قصير بالسجن لمدة خمس سنوات لإدانته بتزوير أوراق تأسيس حزب الغد الذي خاض الانتخابات عنه. وزاد عدد من قدموا أوراق ترشحهم الى لجنة الانتخابات الرئاسية على 20 بينهم الامين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى وأحمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد مبارك وعبد المنعم أبو الفتوح العضو القيادي السابق في جماعة الاخوان المسلمين والمحامي محمد سليم العوا وهو نشط في مجال العمل الاسلامي والسياسي الناصري حمدين صباحي. وبعد سيطرة الاسلاميين على أول برلمان انتخب بعد مبارك يراقب الغرب عن كثب صعود التيار الاسلامي في أول دولة عربية تقيم سلاما مع اسرائيل وترتبط بتحالف وثيق مع الولايات المتحدة.

مرشح سلفي قد يستبعد من السباق

من جانب اخر اكدت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر ان المرشح السلفي حازم ابو اسماعيل الانتخابات الرئاسية ربما يستبعد من سباق الرئاسة بعد تلقيها بيانات من وزارة الداخلية المصرية تفيد بأن والدته استخدمت جواز سفر اميركيا في تحركاتها قبل وفاتها. وقال الامين العام للجنة العليا للانتخابات القاضي حاتم بجاتو "تلقت اللجنة من مصلحة الجوازات والجنسية التابعة لوزارة الداخلية ما يفيد ان والدة حازم ابو اسماعيل تحركت بجواز سفر اميركيا من والى مصر" قبل وفاتها. ويشترط قانون الانتخابات الا يكون المرشح للرئاسة او اي من ابويه او زوجته حصل في اي وقت على جنسية اجنبية وهو ما يعني استبعاد ابو اسماعيل من خوض السباق الرئاسي.

واكدت اللجنة في بيان وزع على الصحفيين انها تلقت رسالة "من مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية تفيد أن السيدة نوال عبد العزيز نور والدة المرشح للانتخابات الرئاسية حازم صلاح أبو إسماعيل تحمل جواز سفر أمريكيا برقم 500611598". واضاف البيان ان مصلحة الجوازت اوضحت ان والدة ابو اسماعيل "استخدمت ذلك الجواز في تحركات لها بالسفر من وإلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث غادرت به أمريكا وعادت إليها عدة مرات كما استخدمت ذلك الجواز في السفر إلى مصر وألمانيا عامي 2008 و 2009".

ويحظى ابو اسماعيل الذي يتميز بخطاب شعبوي، بتأييد قطاع من التيار السلفي في مصر الذي حقق مفاجأة خلال الانتخابات التشريعية نهاية العام الماضي بفوزه بأكثر من 20% من مقاعد مجلس الشعب. وتابعت اللجنة انها "ستقوم خلال يومي 12 و13 نيسان/ابريل الجاري ببحث شروط الترشيح وإخطار من لم تتوافر فيه الشروط بعدم قبول طلب ترشيحه واستبعاده يعقبها فترة 48 ساعة أخرى" و "(14 و 15 من الشهر نفسه) كفرصة للمرشح الذي تم استبعاده لكي يتظلم فيها أمام اللجنة". واكدت اللجنة العليا للانتخابات انها "ستعلن القائمة النهائية للمرشحين الذين سيخوضون الانتخابات يوم 26 نيسان/ابريل". بحسب فرنس برس.

في السياق ذاته شارك ألوف أغلبهم ملتحون في مظاهرات تأييدا للمرشح الاسلامي للرئاسة حازم صلاح أبو اسماعيل المهدد بالشطب اذا ثبت أن والدته حملت الجنسية الامريكية. وبينما تجمع بعض مؤيدي أبو اسماعيل في ميدان التحرير بوسط القاهرة لتأييده تجمع اخرون بمسجد الفتح في ميدان رمسيس القريب وهتفوا "الشعب يريد حازم أبو اسماعيل". ويشير الهتاف الى انتخابات الرئاسة التي ستبدأ في مايو أيار والى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي.

وحمل المشاركون في المسيرة المؤيدة لأبو اسماعيل مئات من صوره وكتبت على كثير منها عبارات له مثل "سنحيا كراما" و"دولة محترمة وشعب مصون". ورددوا خلال المسيرة التي تسببت في تعطيل المرور بشارع رئيسي وشوارع مؤدية اليه هتافات منها "يا اللي بتسأل على الجنسية أبو اسماعيل أمه مصرية" و"يسقط يسقط حكم العسكر" و"الشعب يريد تطبيق شرع الله".

وعلى لافتة كبيرة كتبت عبارة "رسالة للعسكري تزوير الانتخابات ثمنه رؤوسكم" في اشارة الى رئيس وأعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة. وعلى الجانب الايسر العلوي من اللافتة رسمت بقعة دم كبيرة. ويتهم منظمو حملة انتخاب أبو اسماعيل المجلس العسكري والحكومة المعينة من قبله بالسعي لمنعه من خوض الانتخابات بإثارة مزاعم عن جنسية والدته.

وقال مشاركون في المسيرة انهم سيقبلون التخلي عن ترشح أبو اسماعيل اذا تأكد أن والدته حملت الجنسية الامريكية. لكن رجب الشميخي أحد أبرز مؤيديه قال "أنا من البداية معترض على الاعلان الدستوري. الاعلان الدستوري في الاساس تزوير لإرادة الشعب. من أيدوه أخطأوا."

وأضاف "كما ترى أكثر من التفوا حول حازم شباب يبحث عن بناء دولة قوية." وشارك مئات من أنصار أبو اسماعيل في مظاهرتين مماثلتين في مدينة الاسكندرية على ساحل البحر المتوسط ومدينة السويس شرقي العاصمة.

وعود الاخوان وشعار مرشحها

في سياق متصل أعلن خيرت الشاطر مرشح جماعة الاخوان المسلمين لرئاسة مصر أن تطبيق الشريعة الإسلامية هدفه "الاول والاخير" اذا فاز بالانتخابات التي تجرى في مايو ايار ويونيو حزيران. وفي أول تصريحات معلنة له منذ القرار المفاجئ لجماعة الاخوان المسلمين بترشيحها اياه لخوض سباق انتخابات الرئاسة وعد الشاطر أيضا بإصلاح وزارة الداخلية التي لعبت لفترة طويلة دورا رئيسيا في قمع المعارضة. وقال الشاطر في اجتماع للهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح -وهو عضو فيها- مع شخصيات تنتمي الى المدرسة السلفية "الشريعة كانت وستظل مشروعي وهدفي الاول والاخير." وفي تصريحات نشرت في بيان صدر عن الهيئة قال الشاطر في الاجتماع انه سيؤسس كيانا خاصا لمساعدة البرلمان في تحقيق هذا الهدف. وقال الشاطر "سأعمل على تكوين مجموعة من أهل الحل والعقد لمعاونة البرلمان في تحقيق هذا الهدف." وأدى تراجع جماعة الاخوان المسلمين عن وعدها عدم خوض الانتخابات الى انتقادات من داخل وخارج الجماعة التي يسيطر حزبها على اكبر كتلة في البرلمان والتي تهيمن على الجمعية التأسيسية التي تضع الدستور. ودعا الشاطر لإصلاح وزارة الداخلية و"تخفيف جزء كبير من أعمالها للتقليل من تواجدها في كل مفاصل الدولة."

ويراقب الغرب صعود الاسلاميين عن كثب بعد حذر دام طويلا من نفوذهم في مصر أول دولة عربية تبرم اتفاقية سلام مع إسرائيل. وتتلقى مصر مساعدات عسكرية أمريكية سنويا تبلغ 1.3 مليار دولار. لكن مسؤولين أمريكيين وغيرهم التقوا بمسؤولين من الاخوان ومن بينهم الشاطر. ورفض الشاطر وهو رجل محافظ واقعي تلميحات بأنه تواطأ مع الجيش الذي يحكم مصر منذ الاطاحة بمبارك العام الماضي لتقويض الشعبية المتزايدة لإسلاميين آخرين. وقال الشاطر الذي وضع في كثير من الاحيان استراتيجية جماعة الاخوان من زنزانة بالسجن خلال حكم مبارك "لا يوجد بيني وبين العسكريين أي صفقة حول ترشحي."

ويقول بعض المرشحين الاسلاميين انهم يتعرضون لضغوط للانسحاب لصالح الشاطر لكنهم وعدوا بالبقاء في السباق. ويصر الحكام العسكريون على أن أحدا منهم لن يترشح في الانتخابات. وكان بعض المسؤولين في الاخوان المسلمين عبروا عن مخاوف من أن الجماعة ستضطر الى تحمل عبء ادارة بلد يمر بمرحلة انتقالية بمفردها اذا فازت بانتخابات الرئاسة وأن ذلك سيثير مخاوف خصومها بأنها تسعى لاحتكار السلطة.

ويذكر ان جماعة الاخوان المسلمين قد دافعت عن قرارها ترشيح نائب مرشدها العام خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية وسط خلافات داخل الجماعة واتهامات للإسلاميين بالسعي الى احتكار السلطة. وقال رئيس حزب الحرية والعدالة (المنبثق عن جماعة الاخوان والذي يتمتع بالأكثرية في البرلمان) محمد مرسي في مؤتمر صحفي "ليس لدينا نية للسيطرة". واضاف "على ماذا نسيطر هل لدينا وزراء، نحن موجودون الان فقط في كل ما تم انتخابه سواء البرلمان او النقابات او نوادي هيئات التدريس وبعض الجميعات". وتابع "هذه ارادة الشعب، هل يريد احد ان يقف ضد ارادة الشعب او ان يمنعها؟".

ونفى المرشد العام للإخوان محمد بديع تقارير صحفية تحدثت عن انقسام داخل الجماعة حول ترشيح الشاطر وهو رجل اعمال مليونير امضي سنوات في السجن في عهد مبارك. واكد بديع ان "اغلبية" داخل الجماعة ايدت ترشيح الشاطر وللأسف كل الارقام التي كتبت خاطئة" في اشارة الى ما نشرته الصحف المصرية عن ان التصويت على قرار ترشيح الشاطر داخل مجلس شورى جماعة الاخوان المكون من 108 اعضاء يدل على انقسام اذ لم يؤيد ترشيحه سوى 56 عضوا فقط. واضاف "لا يمكنكم تخيل عدد الرسائل التي تلقيتها عبر الفاكس او الهاتف التي تبين تأييدا غير مسبوق لقرار" ترشيح الشاطر.

وادى القرار الى ظهور الخلافات داخل الجماعة لأول مرة الى العلن. واعلن عدد من شباب الاخوان، في تصريحات لقنوات التلفزيون المحلية، معارضتهم لقرار ترشيح الشاطر. كما اعلن القيادي في حزب الحرية والعدالة، النائب محمد البلتاجي، معارضته لترشيح عضو من الجماعة للرئاسة. وكتب البلتاجي على صحفته على شبكة فيسبوك "لست مع تقديم الإخوان مرشحا منهم للرئاسة وأرى أنه من الظلم للإخوان وللوطن أن يتحمل فصيل واحد مسؤولية الوطن كاملة في مثل تلك الظروف (برلمان-حكومة-رئاسة). والمشروع الإسلامي الذي صبر ثمانين عاما لينبت شجرته مؤمنا بالتدرج يجب ألا يتورط في حرق كل هذه المراحل في عدة أشهر". واضاف "إذا سمحنا بعودة المعادلة السياسية المصرية القديمة واختزالها في صورة معركة بين النظام والإخوان نكون قد عدنا إلى ما قبل 25 يناير. قامت الثورة حين صار النظام في مواجهة شعب وليس فصيل أو جماعة. علينا كإخوان أن نعترف بأخطائنا التي ساهمت في تباعد القوى الوطنية الثورية عنا، وعلينا أن ننجح في لم الشمل الوطني الثوري ومعالجة ما ألم به من جراح". بحسب فرنس برس

وكانت خلافات ظهرت داخل الاخوان المسلمين بدأت في الظهور عقب قرار الجماعة العام الماضي بفصل القيادي الإخواني عبد المنعم ابو الفتوح بسبب قراره الترشح للرئاسة المخالف لقرار الجماعة آنذاك بعدم خوض هذا السباق. ويحظى ابو الفتوح بتأييد العديد من كوادر واعضاء جماعة الاخوان. ويواجه الاخوان كذلك انتقادات عنيفة ادت الى ازمة سياسية بسبب هيمنتهم بالتحالف مع حزب النور السلفي على اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد.

من جهة اخرى يشكو الاخوان المسلمون من ان اياديهم مغلولة بسبب رفض الجيش السماح لهم بتولي الحكومة مما دفعهم للسعي وراء المنصب التنفيذي الاعلى في اكبر الدول العربية من حيث عدد السكان. لكن الاقدام غير المعهود للجماعة يلمح الى وجود بواعث قلق اشد عمقا من مجرد الاستجابة للدوائر الانتخابية لاعضائها الجدد بالبرلمان. وعلى مدى عقود اختارت الجماعة النهج الحذر بدلا من المواجهة مع مبارك وذلك خشية التعرض لضربة ساحقة تجعلها تواجه صعوبات شديدة في اعادة البناء.

ولكن هذا الوضع تغير على مدى الشهور الماضية بعد الاطاحة بمبارك ومع كل نجاح سياسي حققته الجماعة منذ ذلك الحين مما أدى الى اتخاذ قرار بطرح مرشح لها للرئاسة. وقال شادي حميد وهو مدير ابحاث في مركز بروكنجز الدوحة في قطر والذي يتابع نشاط الاسلاميين منذ سنوات ان الاخوان كان بإمكانهم اما الالتزام بنهجهم الحذر الذي يتبنونه منذ فترة طويلة ويجرون مداولات بطيئة كما هو معروف عنهم أو ان يفعلوا ما يقررونه الآن وهو المراهنة على الحصول على كل شيء.

وقال حميد إن هناك احساسا بأنهم كانوا ينتظرون ذلك منذ اكثر من 80 عاما حتى يحين الوقت المناسب. لكن الامر ينطوي على مخاطر كبيرة على نحو غير معهود اذ يتعين على الاخوان في بادئ الامر استعادة ثقة المصريين ومنهم ناخبوهم بعد ان تراجعوا عن قرارهم بعدم السعي للرئاسة. وكانت الجماعة قالت انها لا تريد ان تبدو وكأنها تستأثر بالسلطة في مصر بعد مبارك.

وقال مواطن يدعى رمضان احمد (38 عاما) والذي صوت لصالح حزب الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية "لا يلتزمون بالوعود. اشعر بالأسف لإعطائهم صوتي لكن ذلك لن يحدث مرة اخرى." ويشعر الكثير من المصريين الذين سأموا من حكم الفرد الواحد والحزب الواحد ايام مبارك بالقلق من ان يصبح الاخوان على نفس الشاكلة. وقد يؤدي ترشيح الشاطر إلى تفتيت أصوات الاسلاميين في انتخابات الرئاسة التي يتنافس فيها مرشحان اسلاميان اخران حققا شعبية كبيرة خلال الفترة الماضية. وربما ساهمت تلك الشعبية للرجلين في دفع الاخوان لطرح مرشح لهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/نيسان/2012 - 19/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م