من الواضح جدا ان الثورة المصرية تتعرض لعمليات اغتيال ممنهج من قبل
بعض التيارات السياسية يشاركها في ذلك بقايا النظام السابق وأجهزته
المختلفة وذلك بالتوازي في سباق الحصول على اكبر قدر ممكن من المناصب
والمميزات في صفقة نهب مصر المنظمة وكان لم يكن شيئا ولم تقم ثورة ولم
تنزف الدماء وتفقد مصر خيرة ابنائها من اجل مستقبل افضل للجميع.
ماذا يحدث ولماذا كل هذا؟ هل حلم التكويش على السلطة اصبح واضحا جدا
وهل ذنب الشعب المصري ان وثق في تيارات الاسلام السياسي في إنقاذه من
الفقر والمرض وكان يتوسم فيهم الخير والرشاد نظرا لما عانوه من قهر
وظلم عبر السنوات الماضية ولكن من الواضح ان السلطة لها بريق خاص
ينسيهم جميعا ان الشعب الذي ثار على نظام مبارك قادر على صنع ثورة
جديدة من اجل الوطن الذي يتهاوى كل يوم نتيجة للمناخ السياسي الفاسد
الذي نعيشه.
هناك جهات عديدة شاركت في خيانة المصريين وبيع الوهم لهم بداية من
التيارات التي تفاوضت مع عمر سليمان في بداية الثورة ثم تاجرت بالثورة
ودماء الشهداء ثم قادت اكبر عملية اغتيال منظم للثورة عبر استفتاء مارس
الذي كان يخيرنا بين الجنة والنار ومع كل اسف قال الشعب نعم وكانت اكبر
نقمة وظلم للمصريين جميعا فكيف سيأتي رئيس بدون معرفة صلاحياته وماهي
صلاحيات مجلس الشعب ومن سيكتب الدستور ومع كل اسف من كان يريد التكويش
على كل شيء يسقط الان في الفخ الذي نصبه للشعب ونحن الان نرجع لنقطة
البداية ونشعر ان الشعب في حاجة لثورة جديدة تعيد للمصريين كرامتهم
وحريتهم ومشاركة حقيقية في صناعة المستقبل.
ساهم المجلس العسكري بشكل كبير في اغتيال الثورة المصرية عبر اقصاء
الشباب صناع الثورة الحقيقيين من كافة وسائل المشاركة الحقيقية في
صناعة مستقبل مصر وظهر ذلك واضحا جدا في قانون الانتخابات البرلمانية
الذي قدم مصر على طبق من ذهب للتيارات الاسلامية فمجرد النظر الى تقسيم
الدوائر الانتخابية سيجد مثلا عشرة مراكز هي دائرة انتخابية واحدة في
نظام القائمة في مجلس الشعب وفي الشورى المحافظة نفسها دائرة واحدة
فكيف سينافس الشباب وكذلك فتح الباب للاحزاب للتقديم على نظام القوائم
والفردي مما ساهم في اقصاء الشباب بالإضافة الى شيء هام هو الحملة
المنظمة الممنهجة لتشوية شاب الثورة المصرية.
ساهم الاعلام بشكل كبير في تشوية الثورة المصرية واجهاضها بشكل كبير
عبر مجموعة من الاعلاميين والصحفيين تاجروا بالثورة ودماء الشهداء
وقاموا بتوجيه الراي العام نحو قضايا معينة واهمال الاخرى بل وعلى
العكس تبنى وجهات نظر واقصاء الاخرى مما ساهم في حالة من البلبلة
والتشويش لدى المواطن المصري الذي اصبح لايعرف غير ان ثورته ماتت حتى
ان برامج التوك شو هي التي اصبحت تحكم مصر.
ساهم اداء بعض نواب مجلس الشعب في اجهاض الثورة عبر تصريحات لا قيمة
لها وادخال الشعب في قضايا لا قيمة لها مثل حد الحرابة وتطبيقه فكيف
سيتطبق في وطن الفقر ينهش عظام أبنائه والبطالة تحصدهم وكذلك قانون
مكافحه العري، وايضا قدم البعض نموذجا سيئا للنائب مثل النائب الذي
يشتم والاخر يتهم مصريين بالخيانة والعمالة ونائب الاذان ونائب الخرطوش
وكلها افعال لا قيمة لها ومع كل اسف تركوا قضايا الشعب الحقيقية ونسوا
دوائرهم وتفرغا للصراخ عبر برامج التوك شو واصبحوا ضيوفا دائمين بها
فاين حق الشعب عليهم.
هناك بعض التصرفات الخاطئة والمتعمدة احيانا من حكومات ما بعد
الثورة من تعمد عدم تحقيق مطالب المصريين والعمل على حلها مما ادى
لظهور اضرابات واعتصامات في كل ربوع مصر ولكن ما الحل هل نغير الحكومات
ام نفعل ماذا.
في النهاية كلنا خاسرون ويجب ان نتعلم من اخطاء العام الماضي حتى لا
نفاجأ بثورة جديدة تحصد الاخضر واليابس وعلينا التعاون والمشاركة في كل
شيء فمصر وطن للجميع وسياسات الاقصاء الحالية لن تكون سوى مقدمة لثورة
حقيقية.
* باحث – محلل سياسي
dreemstars@gmail.com |