صفحات دموية في حداثة الغرب

أ.د. علي أسعد وطفة

"وجود السلاح باليد يغري بالقتل"

جان جاك روسو

 

تحتل ظاهرة العنف والعدوان وهمجية الإرهاب مكانا مركزيا في فعاليات الحياة الإنسانية المعاصرة في مختلف المستويات والاتجاهات. وتشكل في الوقت نفسه واحدة من أهم التحديات التي تواجه طموحات الإنسانية في حياة مسالمة تخلو من العنف والتدمير والقهر. لقد اعتقد الإنسان ردحا من الدهر أن العنف الدموي ينبع من همجية التوحش الإنساني وتراجع الحضارة الإنسانية، وارتبط مفهوم القتل والحرب بصورة المجتمعات البدائية الهمجية التي تنأى عن معطيات الحضارة. ولكن الواقع يضعنا في صورة مشهد مذهل ومختلف لأن التدمير والحرب وهمجية القتل تنبع اليوم من صلب الحضارة ومن ينابيع الحضارة الغربية الأمريكية المفتونة بقوتها تحديدا. فالغرب الأمريكي يدق طبول الحرب ويجيش الجيوش ويرسل أدوات القتل ويوظف في ذلك أحدث معطيات الحضارة فتكا بالإنسان وقتلا في الإنسانية.

وما يذهل تماما أن هذا الغرب الذي تتعملق فيه شهوة مجنونة جامحة لا حدود لها إلى إرسال الموت والدمار والفتك بالإنسان يفعل ذلك تحت ستار الدفاع عن السلام والإنسانية والنظام والأمن. ويختلق الذرائع واحدة بعد الأخرى وهو لن يعدم في نهاية الأمر ذبابة تطير في أجواء العراق لتكون ذريعة في الفتك بالإنسان كل الإنسان مجسدا في أطفال العراق ونسائه وشيوخه. إنها شهوة الغرب إلى الدماء إنها إرادة التدمير والقتل ضد الإنسان والإنسانية على حدّ سواء.

ويتحول عالم السياسة الغربية اليوم أمام جميع الشرفاء في العالم إلى مسرح هزلي مخجل يتبادل فيه مهرجو الغرب وصهاينته سخافاتهم المخجلة التي تدعو إلى التقيؤ والازدراء. وهي سخافات وضيعة مخجلة تدعو إلى الموت والقتل والحرب والفتك بالإنسان. وقد نسي هؤلاء المهرجون أن التاريخ ينضح بالحكمة ويفيض بالدروس بأن بداية الحرب قد تكون انتصارا ولكن نهايتها تكون دائما ويلا ودمارا على الإنسان والإنسانية. نسي هؤلاء المهرجون بأن السلام لا يبنى بالحرب والقتل وأن الحرب هي جحيم يحترق فيه في نهاية الأمر سدنتها وقارعو طبولها. فأين هو هتلر اليوم؟ وأين هو هولاكو؟ وأين هي روما؟ وأين هم التتر والمغول؟ وأين سيكون تتر اليوم ومغوله من تتر الأمس وهمجية المغول؟

هذه الهمجية التي نشهدها اليوم والتي يندر مثيلها في تاريخ الهمجيات التي عرفتها الإنسانية تدفعنا اليوم للتأمل في تاريخ العنف وفي صفحات الإنسانية الدموية باحثين فيها عن حكمة تاريخية ندرك معها بأن الموت يولدّ الموت وأن الهمجية تقود إلى الجحيم. نريد في هذه المقالة أن نستعرض صور العنف في عالم متوحش مجنون تقوده الحداثة الغربية اليوم بفنونها في القتل والإجرام إلى الهاوية وإلى الدمار. وهو دمار موجه من قبل الغرب وصهاينته وهو دمار حروب تعود إلى ما يبتدعه هذا الغرب من فتن وما يقدمه من سلاح وأدوات فتك وتدمير.

لقد أثبت التاريخ كما تقول روز لوكسمبورغ في هذا السياق " إن جميع الحروب والحضارات التي قامت حتى الآن كان عمادها دم الفقراء وجماجمهم بدءاً من الملايين التي سُحقت تحت حجارة الفراعنة ووصولاً إلى الملايين الإفريقية التي شرب فراعنة رأس المال في أوروبا وأمريكا نخب حضارتهم المزيفة في أسواق النخاسة والتي ستبقى جرحاً غائراً في ضمير البشرية" ([1]).

فتاريخ الإنسانية الحديث يتحرك على عجلات العنف والعدوانية، وتشير الإحصائيات الجارية في هذا الميدان إلى أن الإنسانية قد شهدت خلال خمسة آلاف وخمسمائة سنة منصرمة خمسة عشر ألف حرب، قتل فيها ملايين من البشر، وإلى أن هذه الحروب قد أتت على ما لا يقدر إحصائيا من إمكانيات البشر المادية والعلمية والعقلية. لقد تسببت هذه الحروب في تدمير الثقافة الإنسانية بصورها المختلفة ولاسيما هذه التي تتجلى في الفنون والعلوم والآداب والطاقات الفكرية من كل حدب وصوب. ففي القرن السابع عشر هلك 3.3 مليون إنسان، وفي القرن الثامن عشر قضت الحروب المدمرة على 5.2مليون، أما في القرن التاسع عشر فقد زادت نسبة الهالكين في الحروب على 5.5 مليون إنسان"([2]).

لقد دفعت هذه الحروب المجتمع الإنساني إلى الخلف مئات السنين من التطور الحضاري الذي كان في حيز الإمكان. ويمكن أن يشار في هذا الصدد إلى مأساة التاريخ الكبرى التي تمثلت في غزو بغداد من قبل المغول في 656 هجرية (1258م) والتي أدت ثقافيا إلى إحراق مكتبات بغداد التي كانت تمثل حضارة الإنسانية المتقدمة في ذاك العصر. ويروي الرواة في وصف هذه المأساة الحضارية أن دجلة قد تخضب باللون الأسود لأيام عديدة تحت رماد مئات الآلاف من الكتب التي كانت تمثل ثروة إنسانية لا مثيل لها في التاريخ الإنساني المنصرم، حيث يفترض العلماء أن إحراق هذه المكتبات في هذا الغزو الهمجي قد أتى على حضارة إنسانية متكاملة.

ومع هول الآثار التي أدت إليها الحروب في العصور الوسطى والقديمة فإن هذا يبدو وهما لا يذكر بالمقارنة مع فظاعات الحروب والمذابح التي تشهدها الإنسانية في عصر الحداثة الغربية. لقد شهدت الحياة الإنسانية مع انتصار الحضارة الغربية صورا أسطورية تفوق إمكانيات الخيال لإرادة القتل والتدمير وحروب الإبادة الجماعية والعرقية. وهناك فيض من الشواهد التاريخية التي لا تخفى على أحد ومن أهم شواهد التاريخ تتمثل في إبادة الهنود الحمر في القارة الأمريكية، وإبادة الشعوب الأصلية للقارة الاسترالية والإبادة المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ النصف الثاني للقرن العشرين على مشهد ومرأى من العالم وبدعم مستطير للولايات المتحدة الأمريكية. ومشروع الإبادة الذي بدأته ضد الشعب العراقي أطفالا وشيوخا وحضارة منذ عقد من الزمن.

لقد عرفت أوربا في القرن العشرين الذي ننتمي إليه سجلاً حافلاً للسياسات المجنونة والمرعبة، إذ يشار في هذا الخصوص إلى الحركة النازية والنزعة الفاشية والستالينية، وإلى مآسي العنف التي عرفتها أوروبا والعالم في الحربين العالميتين الأولى والثانية. فالحروب الإنسانية بمصائبها وويلاتها قضت على ملايين البشر، ومن ثم أجهزت على ما لا يقدر من الطاقات البشرية الاقتصادية والعلمية والثقافية. لقد عرفت أوربا في القرن العشرين الذي ننتمي إليه سجلاً حافلاً للسياسات المجنونة والمرعبة التي أصبحت معروفة في التاريخ. لقد نشبت الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) وكلفت البشرية حياة عشرين مليونا من البشر([3]). أما الحرب العالمية الثانية التي أطلقتها النازية فقد أدت إلى خسائر بشرية هائلة، لقد ارتفع عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية، وفقاً لدراسة أجراها أحد الباحثين، خلال السنوات العشر للحربين العالميتين إلى 65 مليون شخص، على أن عدد الأشخاص الذين ذهبوا ضحية الحروب التي دارت خلال القرون الثلاثة الماضية لم يتجاوز 25 مليون شخص ([4]). فهناك آلاف المدن الصناعية التي دمرت كليا، وهناك آلاف العطاءات الفنية والفكرية والأوابد التاريخية والمتاحف التي أزيلت من الوجود تحت تأثير لهب هذه الحرب.

وما زالت ذاكرة الإنسانية تكابد هاجس القنابل النووية التي حولت هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين إلى رماد. ومع ذلك كله فإن دروس الحرب العالمية الثانية والأولى لم تمنع الدول اليوم من حشد كل الإمكانيات العسكرية والاقتصادية والبشرية من أجل الاستعداد للدفاع أو من أجل التخطيط للسيطرة على مناطق في العالم والهيمنة على شعوبها.

يقول هانس كون (Hans Kohn) الذي شهد الحربين العالميتين " إن إنسان القرن شهد وعايش وعانى أكثر قوى الشر التي عرفها التاريخ. وما كان يبدو أنه مضى وانقضى عاد وانبثق من جديد، كالتعصب في المعتقد، والإيمان بالقادة المعصومين، والعبودية والمذابح، واقتلاع جماهير بكاملها والبربرية التي لا ترحم"([5]).

لقد أدت حرب الخليج الأولى والثانية التي تمثلت في الحرب العراقية الإيرانية في عام 1990 إلى تدمير المنطقة في المستوى الاقتصادي، حيث كلفت هاتان الحربان بلدان الخليج مئات المليارات من الدولارات التي كان يمكن أن توظف في تحقيق ازدهار المنطقة العربية في مختلف جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. ويضاف إلى ذلك أن هذه الحروب قد أدت إلى ضرب إمكانيات التضامن العربي، وأوجد شروخا نفسية وسياسية في المنطقة، حيث تحتاج المنطقة إلى عشرات السنين للخروج من وضعية سياسية واقتصادية وثقافية مأزقية تتميز بطابع التردي والإحساس بالضياع وانعدام الإحساس بالأمن.

فالعرب رغم الغنى الذي تمتعوا به تاريخيا يواجهون تحديات تنموية بالغة الخطورة وليس غريبا على العقل العربي أن يستوعب أن أغنى البلدان العربية اليوم وهي السعودية تسحب القروض التنموية من البنوك الدولية وذلك بسبب إستنزافات الحرب العراقية الإيرانية والحرب العراقية الكويتية، وينسحب هذا الواقع بدوره على الدول العربية الخليجية الأخرى كالكويت وقطر والإمارات العربية وغيرها. وهنا تواجه البلدان العربية ومن جديد كوارث الحروب في مواجهة العمل التنموي وذلك كما هو الحال أيضا في بلدان النامي والمتخلف.

وفي مناطق أخرى من العالم ما زالت مشكلة العنف والتعصب العنصري تشهد نموا كبيرا، وتعاظما مستمرا في المستوى الإنساني، فهناك ملايين الأفراد الذين يجدون مصرعهم تحت تأثير الغارات والإبادة الجماعية والحروب والطائفية والمجازر السياسية. ويمكن في هذا السياق أن يشار إلى وضعية الحروب الأهلية في السودان وفي الصومال ومجازر الإرهابيين في فلسطين وفي كثير من البلدان الإفريقية.

ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى الوضعية المتفجرة التي تهدد كثيرا من بلدان العالم. فكثير من البلدان العربية وغيرها تقف تعيش اليوم تحت وطأة تهديد انفجار حروب أهلية وطائفية وإقليمية وعرقية ويمكن في هذا السياق أن يشار إلى وضعية تركيا وكوسوفو وقبرص واليونان.

فالحروب التي تأخذ من حيث المظهر أشكالا دينية طائفية تنتشر في بقاع واسعة من العالم وتشكل تهديدا متواصلا للحياة البشرية، ويضاف إلى ذلك موجة التعصب العرقي التي تجد لها مكانا في البلدان الغربية اليوم والتي تهدد الملايين ومن البشر والأطفال في العالم.

لقد أنفق العالم سنة 1960 ما يزيد عن 425 مليار دولار في بناء التكنولوجيا العسكرية وارتفع هذا الرقم إلى 900 مليار دولار عام 1985. لنتصور أن هذه الأموال وزعت على مشاريع التنمية في الدول الفقيرة. وبناء على ما سبق يترتب على البشرية أن تتخلص من كابوس الحروب ومن انتشار الأسلحة وتخفيض نفقات التسلح([6]).

ويقدر الخبراء أيضا أن 25 مليون من البشر يرتدون الزي العسكري تحت السلاح، وهم على أهبة الاستعداد للقيام بأعمال التدمير بدلا من البناء. ويضاف إلى ذلك أن الطاقة التدميرية للأسلحة الجديدة المتطورة اليوم تعادل مليون وثلاثمائة ألف ضعف للقوة التدميرية للقنبلة النووية التي ألقيت على مدينة هيروشيما أثتاء الحرب العالمية الثانية([7]).

إن نظرة واحدة يلقيها المرء على حجم النفقات المالية والاقتصادية التي توظف في خدمة آلة الحرب تبين لنا بكل وضوح أنه يمكن للإنسانية أن تتجاوز آلامها ومصائبها وويلاتها لو أن جزءا من هذه الأموال الطائلة (مليار دولار يوميا) تكرس للقضاء على المجاعات والأمية والفقر والفاقة التي تعانيها الشعوب الإنسانية في مختلف قارات الدنيا. وهناك من يقدر بأن هذه الأموال والثروات التي توظف في خدمة أدوات التدمير يمكنها أن تجعل من الإنسانية جنة حقيقية لسكانها وللأجيال القادمة.

لقد أدى وجود الأسلحة الإلكترونية والذرية والبيولوجية والكيميائية إلى تغيرات راديكالية في معطيات قضية الحرب والسلام. فالصراعات التي تنشب في مكان ما من الكرة الأرضية يمكن أن تمتد إلى أمكنة أخرى ولذا فإن اللجوء إلى الحرب اليوم هو أشبه بعملية انتحار جماعية فاعلة.

ويأتي حجم المشكلات الاجتماعية التي يواجهها عالم اليوم بحجم التطورات المذهلة على المستوى العلمي والمعرفي والتكنولوجي للإنسانية. فالتكنولوجيا المتطورة التي وجدت في الأصل من أجل خدمة الإنسان تتحول إلى أداة الإنسان في عملية القتل والتدمير. ففي الحروب الأهلية والطائفية والعرقية والدينية توظف صفوة نتاج الإنسانية من التكنولوجيا في مجال الاتصال والتدمير والمعلوماتية. وبالتالي فإن التقدم الكبير الذي شهدته الإنسانية في مجال الطاقة النووية يضع الإنسانية أمام خطر وجودي ومأساوي لا يتمثل في الكوارث الخاصة بالحروب النووية فحسب بل في كوارث البيئة المتعلقة بالنَّفايا النووية والمشعّة والتي بدأت تشكل واحدة من كبريات المخاطر التي تهدد وتقض مضاجع البشر في عالمنا المتحول.

واليوم كما هو الحال بالأمس فإن الصراعات الدموية تشكل جزءاً من صورة الحياة اليومية للعالم. حيث لم يسبق أبداً للعنف أن شهد هذه الفصول الدموية التي يعيشها عصرنا في أي مرحلة من مراحل التاريخ الإنساني السابقة.

 وفي هذا الخصوص تعلق مؤسسة آنتي أنترناسيونال Amnetcy International وهي مؤسسة للدفاع عن حقوق السجناء السياسيين: " أنه لم يسبق أبداً للعنف بصورته أن شهد هذه الفصول الدموية في أي مرحلة من مراحل التاريخ الإنساني. فهناك اليوم اختصاصيون بالتعذيب يتنقلون من بلد لآخر، لتدريب الجلادين على أحدث فنون الإرهاب والتعذيب. وخبراء التعذيب هؤلاء لا يحتاجون أبداً إلى ما يتعلمونه من محققي محكمة التفتيش في العصور الوسطى، أو من الجلادين الهتلريين. وهناك دائما من يشهد على فظاعة ما يستطيعونه من إيقاع الرعب والتعذيب بسجنائهم، وهنا يمكن هنا استعراض شهادات السجناء السياسيين البرتغاليين الذين حصلوا على حريتهم في 25 ابريل 1972، وشهادات السجناء الذين ينتمون إلى منظمة الشباب المسيحي البرازيلي، أو السجناء الفيتناميين الذين سجنوا داخل الأقفاص الرهيبة الأمريكية الملقبة بأقفاص النمور. ولا ننسى اليوم سجون "الغواتيمالا" الرهيبة التي تشكل أكثر أقفاص هذا العالم رعبا وفتكا بأبناء الشعوب المقهورة والمغلوبة على أمرها.

ويبدو اليوم أن الأنظمة الفاشية لا تحتكر بمفردها التقنيات المتطورة للتعذيب. فعلى سبيل المثال احتل الاتحاد السوفيتي سابقا مكان الصدارة في المرحلة الستالينية وفيما بعدها في تطوير طرق التعذيب وأساليبه. وتشير الشهادات التي تزداد تدريجياً على أن الرؤوس العنيدة - الأشخاص الذين يرفعون أصواتهم مطالبين باحترام حقوق الإنسان- تُعذَّب بتوسط اختصاصين في مجال علم النفس ([8]). وبالتالي فإن رجال البوليس -هؤلاء الذين يرتدون الجبة البيضاء- يعذبون وبطريقة علمية فئة المرضى العقليين هؤلاء الذين يطورون أفكارهم حول مفاهيم التحرر والاستقلال.

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى بعض الممارسات التي تتنافى مع مبدأ حقوق الإنسان والتي تتصل بالتستر على مجرمي الحرب وإغفال جرائمهم التاريخية وذلك من قبل مؤسسات تدّعي السهر على قانون العدالة والحق، ففي 25 أيلول /سبتمبر 1974 أبطل القاضي الفيدرالي الأمريكي قرار المحكمة العسكرية التي حكمت على الملازم الاول كاليW.Calley الذي قام بإبادة أربعمائة وخمسين طفلا وامرأة وشيخا في إحدى قرى جنوب فيتنام عام 1968. لقد حكم هذا المجرم في البداية بالسجن مدى الحياة، ثم عدل الحكم ليصبح عشرين عاماً ثم إلى عشر سنوات من السجن وذلك بناء على حكم عدم توفر الأدلة. حيث يقول قاضي التحقيق أن كالي لم يتلق تعليمات عسكرية كافية تجعله قادراً على رفض أمر عسكري غير شرعي.

إن تطور القوى العسكرية يجعل من الصراع بين الأمم أكثر قدرة على الدمار والموت والإفناء. كتب موريس D.morris وهو عالم حيوانات شهير يقول: إن أقل ما يمكن أن يقال اليوم هو إننا أصبحنا في ورطة رهيبة، وأنه لمن المحتمل جداً، بدءاً من هذه اللحظة نفسها حتى نهاية القرن الحالي أن نفني بعضنا البعض ([9]). وفي محاضرة له بعنوان: زمن نهاية العالم، يعلن ايما نويل مونييه Immanuel Monier: " أن الإنسانية قد وصلت إلى مرحلة نضجها اليوم، وكانت الإنسانية قبل هيروشيما محكومة بالمستقبل، أما اليوم وبعد ظهور الأسلحة الهيدروجينية، فإن الإنسانية تجد نفسها أمام خيارين هما العدم أو الحياة، وهو خيار يفرض على الإنسان أن يصبح أكثر إنسانية.

ويعلم الجميع اليوم أن العدوان والتعذيب ليسا حكراً على الطغاة والدول والأنظمة الشمولية بل يأخذ صورة عامة. فالتكنولوجيا الحديثة التي توجد اليوم مع عصابة من القتلة والمجرمين هي أكثر فعالية وقوة تدميرية من هذه الأدوات الحربية التي يمتلكها أبطال الأساطير.

فصور العنف اليومية التي تطالعنا في كل يوم عديدة ولا حصر لها مثل: العنف في الجزائر، حرب البوسنة، الحرب الأهلية في افغانستان والحرب على افغانستان، والجرائم التي تفوق حدود الخيال التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. و الرعب الذي يسود بعض المدن الكبرى (المواطن الذي يسكن في نيويورك أو واشنطن لا يجرؤ على الخروج من مسكنه بهدوء فيما بعد الساعة العاشرة مساءً) والحق يقال انه لا يمكن لنا أن نحصي الأشكال الجديدة للعنف نظرا لاتساعها وشمولها. فمشكلة العنف تشهد نموا كبيرا، وتعاظما مستمرا في المستوى الإنساني، فهناك ملايين الأفراد الذين يجدون مصرعهم تحت تأثير الغارات والإبادة الجماعية والحروب والطائفية والمجازر السياسية. وفي هذا الصدد تقدم أعمال كاستون بوتول Gaston Bouthoul وهو عالم اجتماع الحرب، صورة مروعة لهذه الشهية الخاصة بالتدمير عند الإنسان. وما هو مثير للدهشة هو أن المجتمعات الأكثر تطوراً هي المجتمعات أكثر نزوعا للتدمير في كل المستويات وذلك بدءاً من القياديين حتى أبسط المواطنين.

تبين الإحصائيات عام 1980 أن مخزون السلاح النووي قد بلغ أكثر من خمسين ألف شحنة تفوق قدرتها التفجيرية الإجمالية خمسة آلاف مرة قدرة المواد المتفجرات التي استخدمت خلال مجمل تاريخ الحروب على الأرض، وبفرض حدوث كارثة نووية، سيتحول نصف البشرية إلى عصف مأكول، وسيقعد النصف الآخر كسيحا يتلظى بآثارها. فلكل فرد منا أربعة أطنان من المتفجرات الذرية، وهي تحمل طاقة تكفي لإرسال كل واحد من سكان الأرض في رحلة فضائية خارج كوكبنا ([10]). وإذا كانت هذه الإحصائية النووية المرعبة في هذا الحجم فكيف لنا أن نتصور هذه الكميات المذهلة بعد مرور ربع قرن على هذه الإحصائية. وليس خافيا اليوم على أحد دخول عدد كبير من الدول في النادي النووي ولا سيما إسرائيل والهند وباكستان.

فالأنظمة الاستبدادية، والفوضى السياسية العدمية، واستمرارية الحروب المحلية، وخطر التدمير الجاثم على صدر الإنسانية، مسائل تطرح نفسها في مركزية التفكير الإنساني المعاصر. ومن المدهش اليوم أن نجد بان هذه المشكلات تمنع عدداً من الفلاسفة ورجال الدين من الاستمرارية في صفائهم الفكري من اجل التخطيط لما بعد هذه الحروب والصراعات. في هذه الاتجاه يعلن رومانو كياردينيRomano Guardini: بأن جوهر عصرنا ومهمته الأساسية تكمن في تنظيم القوة الكامنة فيه بطريقة يستطيع فيها المرء أن يستخدمها بعقلانية وموضوعية([11]).

ومن الملفت للانتباه أيضا أن أكثرية هذه الحروب والكوارث يجري في البلدان النامية أيضا وقلّما نجد بعضها في البلدان المتقدمة صناعيا وعلميا. ويمكن لنا أن نذكر على سبيل المثال الحروب التي دارت وتدور من مثل: الحرب العراقية الإيرانية، والحرب الخليجية الثانية، والحرب الأهلية اللبنانية، والحرب العربية الإسرائيلية، والحرب الأهلية الصومالية، وحركات الإبادة الجماعية التي تشهدها الجزائر وغيرها، وهي كما يتضح من أسمائها ويلات عربية تضع العرب والأمة العربية في مواجهة مرحلة دامية ربما لم يسبق لها أن شهدتها أبدا في تاريخها القريب والبعيد. وفي ذلك إشارة إلى الأعباء التنموية العربية التي تجعل العرب وهم أغنى أمم الأرض أمة تعيش أزمة وجود وتنمية بالغة الخطورة والأهمية.

والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: هل من قبيل المصادفة أن تكون البلدان العربية والإسلامية هي موطن أغلب هذه الحروب الأهلية والدموية والممارسات الإرهابية مثل: الجزائر، الصومال، العراق، لبنان، تركيا، افغانستان، الباكستان، الشيشان، مصر، فلسطين، إيران في حربها مع العراق...الخ.

فالأنظمة الاستبدادية، والفوضى السياسية العدمية، واستمرارية الحروب المحلية، وخطر التدمير الجاثم على صدر الإنسانية، مسائل تطرح نفسها في مركزية التفكير الإنساني المعاصر. ومن المدهش اليوم ان نجد بان هذه المشكلات تمنع عدداً من الفلاسفة ورجال الدين من الاستمرارية في صفائهم الفكري من اجل التخطيط لما بعد هذه الحروب والصراعات.

ولا بد في هذا السياق من القول بأن هذه الحروب ولا سيما الأهلية والطائفية منها تعود بصورة رئيسة إلى غياب الحياة الديمقراطية، وإلى غياب مفاهيم حقوق الإنسان في البلدان التي تندلع فيها، وغياب الديمقراطية يعني في النهاية الظلم والاستبداد والقهر الذي يؤدي إلى جحيم الحرب والقتال وحمامات الدم من أجل استعادة الحقوق ومن أجل العدالة الاجتماعية. ومن يتأمل في وضعية هذه الحروب والنزاعات يجدها غاليا ما تكون في البلدان التي تغيب فيها القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وفي البلدان التي تخيم فيها أنظمة ديكتاتورية وشمولية تقوم على أساس قيم الاغتصاب والقهر والقوة والعدوان.

لقد علمتنا التجربة أن أغلب البلدان الديكتاتورية والشمولية مرشحة لحروب أهلية وطائفية دموية لا مفر منها. ومثال ذلك ما حدث في إيران أثناء حكم ديكتاتورية الشاه، وما حدث ويحدث في العراق في مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية، وما حدث في لبنان، وما يجري في الجزائر وافغانستان والباكستان، وبوادر النزيف الدموي في تركيا وغيرها من البلدان التي تعتمد الأنظمة الديكتاتورية في الحكم والتي تعمل على تغييب كل إمكانيات حقوق الإنسان. وهذا يعني أن البلدان الديمقراطية التي تسود فيها قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم التسامح هي البلدان التي تمتلك الحصانة السياسية والثقافية ضد قيم الحرب والفناء. ولذلك فإن طريق مختلف البلدان إلى السلام هو الطريق إلى الديمقراطية التي تعني العدالة والمساواة وقيم الحق والخير والأمن والسلام وحقوق الإنسان.

إن الحروب التي نشبت بزعامة بعض المغامرين تحت تأثير مجموعة من الأوهام الأسطورية من أجل السيطرة على العالم، ومن أجل المزيد من القوة والتسلط، أدت بالإنسانية إلى تقصف وجودي تجسد في ويلات الحروب الأهلية والتصفيات العرقية، والحروب الكونية التي أتت على آفاق الحلم الإنساني في مزيد من التقدم، ومن أجل المزيد من القدرة على ضبط البيئة والسيطرة العلمية المنظمة على مقدراتها، وتحقيق السلام والأمن للوجود الإنساني برمته.

وفي إطار هذه الدوامة المرعبة من المخاطر والمشكلات يعاود الإنسان تنظيم نفسه والنظر في دفاتر حساباته الجديدة من أجل حياة تتقلص فيها دواهي الخطر الوجودي الجاثم على صدر الإنسانية. وعلى رغم الطاقات الأسطورية التي يملكها الإنسان لا يجد أمامه من أجل المواجهة غير إمكانيات التنمية Le développement والتي تشير إلى منظومة من الجهود الإنسانية السياسية والإدارية والثقافية والاقتصادية المتكاملة الساعية إلى حماية الإنسان والنهوض به إلى أرقى مستويات الوجود والتكيف والاستمرارية.

والسؤال الأخير الذي يطرح نفسه والذي يمثل جوهر هذه المقالة هل يمكن للإنسانية أن تعيش بسلام أم أنها مرشحة للفناء؟ قد يكون هذا السؤال هو السؤال الوجودي الذي يشغل كل إنسان في هذا العالم. وهو السؤال الذي حيّر فاهمة الحكماء وصفوة المفكرين والفلاسفة. فالأحداث التي تجري ترجح أن العالم يسير إلى الهاوية وإن طاقة التدمير التي توجد فيه لا تستطيع أن تدمر البشر والحجر والشجر في هذا الكون فحسب بل قد تستطيع أن تدفع الكرة الأرضية خارج مدارها وهذا قد يحدث كارثة كونية في مستوى النجوم.

ولا يستطيع أحد اليوم أن ينكر أو أن يتجاهل بأن معسكر الخير يمارس فعله الإنساني. لا يستطيع أحد أن ينكر اليوم بأن الخير ينبع من صلب الشر. لقد كان موقف فرنسا وألمانيا وبلجيكا وروسيا والصين إلى حدّ ما في جانب الخير في قضية الحرب ضد العراق والإنسانية. ولا يمكن أحد أن ينكر الجهود العظيمة التي تبذلها الشعوب الحرة في العالم وأهمية الضمائر الحية التي تبذل نفسها في سبيل السلام. ولكن يبقى السؤال قائما هل تتجه الإنسانية نحو حتفها وفنائها؟ وهل يمكن للإنسانية حقا أن تنتصر للسلام وأن يسودها السلام؟

وفي معرض التأمل في هذه الأسئلة نعود إلى الوراء قليلا مستعرضين جدلا فكريا تاريخيا مفصليا في شأن هذه القضية وهو الجدل الذي دار بين فرويد وأينشتاين في عام 1932..

كتب ألبيرت انشتاين A.Anstien في أعقاب الحرب العالمية الأولى ([12])، وكانت نذر الحرب العالمية الثانية تحوم في السماء، خطابا مفتوحا إلى فرويد لا يخلو من سخرية مبطنة، يقول فيه ما الذي يمكن فعله لحماية الجنس البشري من الحرب ولعنتها؟ ثم يسأل فرويد: هل يمكن لنظريتك في التحليل النفسي أن تقدم شيئا لمنع أي حرب عالمية في المستقبل وتعمل على إيقاف التدمير والعنف في المجتمع الإنساني؟ وفي معرض الرد على هذه الرسالة المفتوحة لإينشتاين يعترف فرويد بصعوبة هذه المسألة ولكنه حسم أمره وقدم إجابته المشهورة التي تتقطر تشاؤما قائلا: للأسف هذا مستحيل لأنني رأيت جذور الحرب في طبيعة الإنسان نفسه([13]). ولم تذهب نبوءة فرويد عبثا فلم تمضي عدة سنوات حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية، وأعلن هتلر حربا ضروسا ضد الإنسان والإنسانية وكانت حربا متوحشة مجنونة أدت إلى تدمير منجزات الحضارة الإنسانية وثرواتها الهائلة وانتهت إلى جبال من جثث البشر من شيوخ وأطفال ونساء ([14]).

لقد كان فرويد يعتقد أن المظالم الإنسانية ستستمر وأن العداء الناجم عن الحسد والتنافس الاقتصادي سيتواصل، مهما كانت ظروف الحضارة وشروطها (…) مهما كانت الطريق التي تختارها الحضارة، فإنما لسمة الهدامة للطبيعة البشرية (العدوانية) ستسير وراءها دائما ([15]). وفي هذا كله كما يتجلى في عبقرية فريد إدانة للحضارة الغربية ووضع لحداثتها في قفص الاتهام ([16]).

لقد نبه فرويد في كتابه مستقبل وهم إلى: أن الحضارة، عندما تتخطى المرحلة التي يكون إشباع قسم من أفرادها، مشروطا بقمع الآخرين، ربما قمع الأكثرية، وهذا هو حال جميع الحضارات الراهنة، حيث يغدو ممكنا فهم تعاظم العداء في قلب المسحوقين للحضارة التي صارت ممكنة بفضل كدحهم، ولكنهم لا يجنون من مواردها سوى نصيب ضئيل جدا. لا يمكن عندئذ ارتقاب وجود استبطان للمحظورات الثقافية لدى هؤلاء المقهورين، فهم بالأحرى أشد استعدادا لعدم الاعتراف بهذه المحظورات، وينزعون إلى تحطيم الحضارة نفسها، وحتى إلى الإنكار المحتمل للأسس التي تقوم عليها([17]).

ومع ذلك يمكن الإشارة إلى مخاطر النظريات التي تؤكد على فطرية العنف في طبيعة الإنسان، ومن الخطر أيضا إرجاع مشكلة العنف إلى مجرد عوامل طبيعية أو نفسية خالصة لأن ذلك يؤدي في نهاية المر إلى إسقاط بعض الاعتبارات الأخلاقية والاجتماعية. ومهما يكن الأمر فالعنف والعدوان يشكل مسألة ذات جوانب أخلاقية وسياسية واجتماعية. وإنه لمن المؤكد أن الأعمال العلمية الجارية في مجال العنف والعدوان لا تستطيع، وليس لها، أن تقدم حلولا لمشكلة الحرب والفاشية والإرهاب السياسي والتعصب بمختلف تجلياته. ولكن يمكن لها مع ذلك أن تسهم في اكتشاف العلاقات التي تسود أبعاد هذه الظاهرة والتي يمكنها أن تسهم بدورها في إلقاء الضوء على بعض الإمكانيات المعرفية التي تمكن الإنسان من السيطرة على بعض جوانبها. وأخيرا نختتم مع بول ليفي Paul Levey: الذي يقول بأن " السلام الكلي لا يسود إلا في داخل المقابر ([18]).

* جامعة الكويت- كلية التربية

..........................................

مراجع المقالة:

[1] سهيل العروسي، العنف مقدمات ونتائج، الفكر السياسي (اتحاد الكتاب العرب)، العدد الثالث عشر و الرابع عشر ربيع و صيف 2001، (موقع اتحاد الكتاب العرب- مجلة الفكر السياسي http://www.awu-dam.org/politic/ind-fkr13-14.htm).

[2] سهيل العروسي، العنف مقدمات ونتائج، الفكر السياسي المرجع السابق.

[3] Zoya A. Malkova: Les études sociales un moyen d’éduquer les enfants dans un esprit de paix et de compréhension mutulle entre les peuples , dans UNSCO: Manuel de l’UNESCO pour l’enseignement des programmes d’études sociales , NESCo, 1987, PP 93-120, P94.

[4] N.A. Kovalsky: Aspects sociaux de l ‘agression internationale , Revue inter.Sciences sociales , N 23 , 1971, p79.

[5] عبد الله عبد الدايم، التربية والقيم الإنسانية في عصر العلم والتقانة والمال، المستقبل العربي، السنة العشرون، العدد 230، نيسان /إبريل، 1998، (صص 64-86)، ص71.

[6] أحمد الحطاب: الصفات التي يجب أن تتسم بها التربية للاستجابة لمتطلبات القرن الواحد والعشرين مكتب اليونيسكو الإقليمي، العدد 35، يونيو، حزيران 989. ص29.

[7] [7] Zoya A. Malkova: Les études sociales un moyen d’éduquer les enfants dans un esprit de paix et de compréhension mutulle entre les peuples , dans UNSCO: Manuel de l’UNESCO pour l’enseignement des programmes d’études sociales , NESCo, 1987, PP 93-120, P94.

[8] V.Boukovski: Une nouvelle maladie mentale en U.R.S.S.: L’opposition. Tr. Le seuil A. Martin, Paris 1974.

[9] Morris. D.: Le signe nu , Livre de Poche , Crasset ,1968 , P.182.

[10]توماس بلاس، ستانلي ميلجرام، ليونارد بيركوتز، ريتشارد جوارنسن: العنف والإنسان، أربع دراسات حول العنف والعدوان،ترجمة عبد الهادي عبد الرحمن،بيروت، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، شباط 1990،ص7.

[11] Guirdini. R.: La puissance , Seuil , Paris, 1954, p.9.

[12] ألبرت أينشتاين) Albert Enstien -1879-1955(مؤسس علم الفيزياء وصاحب النظرية النسبية. كتب خطابه المذكور إلى فرويد في3/7/1932 في الوقت الذي تم فيه انتخاب النازي أدولف هتلر بالأكثرية الساحقة زعيما لألمانيا.

[13]Jacques Van Rillaer: L’agressivit Humaine , ED.Pierre Mardaga , Paris, 1988.

[14] علاء اللامي، خرافة العنف الدموي في ضوء العلوم الحديثة: رؤية تحليلية في غرائز التدمير والانتقام والحروب، مجلة الزمان الجديد، العدد 36،ديسمبر/كانون الأول، 2002، صص 68-81، ص69.

[15] أندريه هاينال، ميلوكس مولنار، جيرار دي بوميج، سيكولوجية التعصب، بحوث اجتماعية، ترجمة: خليل أحمد خليل، دار الساقي، ط1، 1990،ص68.

[16]Freud: MALAISE DANS La CIVILISATION (1930) PARIS,P.U.F.,1971.

[17] Freud, L`avenir d`une illusion, op.cit.,P18.

[18] Paul Lévey: Présentation académique de G.Bouthoul lors de la remise du doctorat Honoris Causa de l’Un. catholique de Louvain,13 Mars,1971.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/نيسان/2012 - 19/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م