سوريا... بين مبادرة انان واحقاد الشر الثلاثي

شبكة النبأ: لاتزال القضية السورية محط اهتمام وترقب الكثير خصوصا بعد المبادرة الدولية الاخيرة لكوفي انان والتي اسهمت بشكل كبير في فضح الدور التأمري لبعض دول المنطقة وبالخصوص ثلاثي الشر المؤلف من (قطر والسعودية وتركيا )، فقد سعت تلك الى تأجيج الفتنه بين ابناء الوطن الواحد باستخدام كافة وسائل التضليل والفبركة الاعلامية المأجورة لتحشيد الرأي العام العالمي واسهمت في سقوط الكثير من الضحايا، ويرى بعض المراقبين ان الاصرار السعودية وقطر على تسليح بعض اطراف المعارضة سيسهم في نشوب حرب اهلية طويلة الامد قد تؤثر على امن واستقرار المنطقة بصورة عامة ويؤكدون ايضا ان تلك الدول ستمضي قدوما في تنفيذ مخططاتها العدائية في تأجيج الصراع الداخلي ودعم فصائل تنظيم القاعدة وغيره لأجل كسب الرهان، لكن موقف الحكومة السورية الاخير وموافقتها على شروط المبادرة الدولية كان عامل مهم في احباط بعض تلك المخططات العدائية تجاه الشعب السوري.

وقد رأت الصحف السورية ان مؤتمر "اعداء سوريا" يرمي الى ضرب مبادرة المبعوث الخاص كوفي انان الى سوريا وتحدثت عن دور للسعودية وقطر في "تاجيج" الازمة في البلاد.

واعتبرت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم ان انعقاد المؤتمر "تكالب اقليمي ودولي للبحث في وسائل قتل المزيد من السوريين وتخريب مجتمعهم ودولتهم من خلال ادامة الارهاب واعادة الحياة اليه كلما اتضحت نجاحات الدولة في ضبط الامن ولاحت ملامح حل سياسي يقوده اليوم كوفي انان". واضافت ان "الاتراك وبعض العرب كانوا من أشد الممتعضين من نجاح المبعوث الأممي في وضع ما يشبه خارطة طريق للحل سارعت دمشق لملاقاتها املا بطي صفحة مؤلمة من تاريخها".

واشارت الى ان الزخم الذي ناله أنان من موسكو وبكين وقبلهما من دمشق "جعل طريقه للحل السياسي للازمة مبشرا، ما وجه صفعة كبيرة تهدد بفشل كل المخططات والتحركات الرامية لابقاء الجرح السوري نازفا". ورأت الصحيفة ان ما يجري في اسطنبول "همروجة جديدة لن تستطيع مهما ارتفعت عقيرة المشاركين فيها القفز فوق مهمة انان والاهم من ذلك لن تستطيع تحقيق شيء على الأرض في ظل عودة مناخات الاستقرار تدريجيا الى ربوع سوريا". واعتبرت ان "الدعوة المعلنة من (وزير الخارجية السعودية) سعود الفيصل لتسليح الإرهابيين والتشجيع على المزيد من سفك الدماء تجعل المؤتمر منصة لاعداء الشعب السوري بامتياز".

كتبت صحيفة تشرين الحكومية "في كل مرة يخرج فيها سعود الفيصل متحدثا عن الازمة السورية تزداد قناعة السوريين بالدور السلبي الذي تلعبه السعودية في تأجيج ازمتهم والحيلولة دون نجاح اي مبادرة لمعالجتها". وقالت "في الوقت الذي تنصب فيه جهود الدول الحريصة على وقف اراقة الدماء السورية وتوفير الظروف الملائمة لحل الأزمة، تعمل الرياض والدوحة على تبديد أي آمال بحل قريب والمفترض ان يتراجعا إفساحا في المجال لمهمة المبعوث الأممي

وجهوده".  واعتبرت ان موقف السعودية "جزء من المشكلة التي تهدد أي مبادرة تصون لسوريا الاستقرار والاستقلالية وتحفظ لها كرامتها وخياراتها الوطنية والقومية".

وكتبت صحيفة الثورة الحكومية "على الطاولة التي عدلت من استدارتها وغيرت من اتجاهاتها، سيقف الاعداء على اطلال المواقف السابقة التي بطلت سياسيا سيعبثون في الأوراق التالفة من جديد، وسيعيدون تدوير الزوايا بحثا عن مخارج تحفظ ماء الوجه". واضافت "سنسمع التصويب مباشرة على مهمة انان بعد ان كان يتم بالمواربة. واليوم سيكتشف الاعداء ان جحور ظلامييهم وارهابيهم لم تعد صالحة للاختباء وان كواليس تآمرهم لم تعد تتسع للمزيد من حياكة الفبركات".

 في السياق ذاته دعا المعارض السوري البارز رياض الترك المعارضة السورية الى القبول بخطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان من اجل "حقن دماء" السوريين، كما دعا الى حوار وطني تشارك فيه شخصيات من النظام "ممن لم تلوث ايديهم الدماء". على حد وصفه وقال الترك البالغ من العمر 82 عاما ويلقب ب"مانديلا سوريا "ان حرصنا على وصول الثورة السورية الى اهدافها وادراكنا لضرورة ايقاف مسلسل القتل والمجازر واستباحة المدن والقرى وتهجير سكانها الذي تقوم به القوات التابعة للنظام يدعواننا اليوم الى القبول الاولي لبنود خطة كوفي انان".

وينتمي الترك المقيم في سوريا والمتواري عن الانظار منذ اشهر، الى المجلس الوطني السوري الذي لم تقبل قياداته بوضوح بعد بخطة انان. وقال الترك ان "قبولنا من داخل سورية لهذه الخطة نابع من مسؤوليتنا الوطنية. بحسب فرنس برس.

وقال انه "حرصا على حقن دماء الشعب السوري وتجنيب البلاد المزيد من الاهوال، فانني ارى ان الحل السياسي الذي يتلاءم مع هذه المرحلة ينطلق بحوار وطني لايستثنى منه أحد من المكونات السياسية للشعب السوري، بما فيها أهل النظام ". وبحسب الترك، فانه سيكون الهدف من الحوار "قيام حكومة انتقالية محايدة ومستقلة تنقل البلاد ضمن مهلة زمنية محددة نحو النظام الوطني الديمقراطي من خلال انتخاب جمعية تأسيسية تحت اشراف عربي ودولي وتنتخب رئيسا للبلاد وينبثق عنها حكومة بديلة، وتضع دستور اللبلاد".

الخشية من سيطرة الاخوان

 من جانب اخر اتفق زعماء المعارضة السورية على توسيع واعادة تنظيم المجلس الوطني السوري وهو جماعة المعارضة الرئيسية التي تحظى بتأييد دولي في الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الاسد في خطوة قد تقلل نفوذ الاسلاميين في المجلس.

وقالت مصادر من المعارضة ان الاخوان المسلمين وافقوا بضغط من تركيا على تشكيل لجنة من عشرة أشخاص لاعادة هيكلة المجلس الوطني السوري المؤلف من 350 عضوا يشكل الاسلاميون نحو 270 من أعضائه. وأصدر المجلس الوطني السوري اعلانا وعد فيه ببناء دولة ديمقراطية والسعي الي المصالحة بمجرد الاطاحة بالاسد. وقال نجاتي طيارة عضو اللجنة " نحن مجرد لجنة تمهيدية والهدف هو الوصول خلال ثلاثة اسابيع الي منظمة أكثر شمولا -على غرار مؤتمر وطني- قد تحل محل المجلس الوطني السوري." والهدف من هذا الاعلان هو أن تظهر المعارضة السورية للعالم أنها قادرة على تشكيل بديل حقيقي للحكومة الحالية.

وتضم اللجنة أربعة أعضاء من المجلس الوطني منهم برهان غليون رئيس المجلس الوطني وهو أكاديمي يقيم في باريس يتهم بأنه رئيس شكلي في حين يمسك الاخوان المسلمون بمقاليد السلطة الحقيقية في المجلس. وانتقد الزعيمان المعارضان وجيل جديد من النشطاء الشبان المجلس قائلين انه لا يضم سوى القليل ممن يمثلون الشارع العربي وحركة المعارضة. ورفض طيارة -الذي غادر سوريا بعد أن قضى تسعة أشهر في السجن أثناء الانتفاضة- الانضمام للمجلس الا بعد اعادة هيكلته.

وقال ناشط سوري بارز اخر "اذا سمح للجنة بأن تؤدي عملها سيخسر الاخوان المسلمون نفوذهم على مركز صنع القرار في المجلس وسيتم ابعاد من يعيشون في المنفى ولا تربطهم صلة قوية بسوريا." لكن عضوا في الاخوان المسلمين قال ان هناك حاجة لتوسيع اللجنة مضيفا أن خصوم الاخوان "يخطئون اذا ظنوا أن قلة من الافراد ليس لهم وزن سياسي كبير يستطيعون الانقلاب على ارادة الاغلبية."

و يندد بعض المنشقين في المعارضة بالمجلس الوطني السوري الذي تعترف به دول غربية وعربية على انه "المحاور الشرعي" --  كواجهة للاخوان المسلمين الذين تمولهم دول خليجية مثل قطر.

ووصف كمال اللبواني وهو طبيب وزعيم معارض بارز استقال من المجلس الوطني السوري المجلس بأنه معارضة  تحت عباءة متعصبين يختبأون وراء مظهر خادع من الليبراليين الاغبياء. ووفقا للبواني فان المجلس الوطني السوري العلماني التعددي ليس سوى واجهة للاخوان المسلمين وهو زعم ينسجم مع رأي الاسد في ان الانتفاضة المستمرة منذ عام هي مؤامرة اسلامية ستحرم طوائف الاقليات في سوريا من حريتها. وقال اللبواني ان الاخوان المسلمين قوة مهيمنة في المجلس الوطني وانه يوجد فصيل في حماة ومجموعة دمشق وفصيل حلب من الاخوان المسلمين وان قطر وتركيا تدعمان وتمولان فصيل حماة. و قال اللبواني ان الاخوان المسلمين يضعون شروطا لمن يقومون بتسليحهم. واولئك الذين ليسوا اسلاميين أو متدينيين لا يزودونهم بالسلاح. وكانت جماعة الاخوان المسلمين الفائز الاكبر في انتفاضات الربيع العربي في مصر وتونس بعد الاطاحة برئيسي البلدين في العام الماضي ويحققون تقدما في دول عربية أخرى من المغرب وحتى ليبيا. بحسب رويترز.

ونشر فرع الاخوان في سوريا وثيقة "العهد الوطني" التي تعد بدستور مدني يعطي حقوقا متساوية لجميع الاقليات الدينية وللنساء. وقال ملحم الدروبي من جماعة الاخوان المسلمين في سوريا انهم ليس لديهم خطة لاستبعاد الآخرين أو الاحتكار. وأضاف انه قد تكون هناك خلافات لكن الهدف للجميع هو اسقاط نظام بشار الاسد. وانسحب هيثم المالح وهو شخصية معارضة تحظى باحترام كبير من اجتماعات المجلس الوطني السوري بعد أن ندد بعادات برهان غليون رئيس المجلس. وقال المالح وهو قاض سابق في الثمانينات من العمر وسجن في عهد الاسد ووالده حافظ الاسد انه يريد ان يرى المجلس يتصرف بطريقة ديمقراطية وانهم حتى الان يتصرفون مثل حزب البعث الحاكم. واضاف ان غليون كتب خطابه الأخير في اسطنبول ولم يطلع أحدا عليه وذهب لمقابلة الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان الذي يقوم بدور مبعوث خاص لسوريا في انقرة ولم يبلغ باقي اعضاء المجلس. وقال انه لا يمكنه ان يبقى في مكان يعامل فيه على انه لا وجود له. ودعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون المعارضة السورية الى تقديم التزام صريح باشراك كل السوريين وحماية حقوقهم في اطار عملية سياسية انتقالية. ودعا وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه المعارضة الى ان تكف عن المشاحنات. وقال في مقابلة مع صحيفة لو موند الفرنسية "هناك بعض المعارضين الذين تضعف توجهاتهم المعارضة طالما استمروا في تمزيق أنفسهم والصراع فيما بينهم." واضاف "نبذل قصارى جهدنا لمحاولة توحيد المعارضة حول المجلس الوطني السوري واقناعهم بأن يكونوا أكثر شمولا والترحيب بالعلويين والمسيحيين.

لا يفعلون ما يكفي

ووسط تلك المشاحنات تخشى أغلب البلدان الغربية والعربية أن تفتح الازمة الدموية في سوريا المجال أمام المتشددين مثل أعضاء القاعدة الذين همشتهم الانتفاضات العربية الماضية ولكن أتيحت أمامهم الان فرصة للعودة الى الساحة. وربط مسؤولو مخابرات امريكيون تنظيم القاعدة بتفجيرات في الاونة الاخيرة ضد اهداف للنظام في دمشق وحلب. وقال باتريك سيل الخبير في الشؤون السورية وكاتب السيرة الذاتية للرئيس الراحل حافظ الاسد والد الرئيس الحالي بشار "مبعث القلق الرئيسي في الغرب هو تسلل الجهاديين الاسلاميين بما في ذلك احتمال دخول القاعدة عبر الحدود من العراق." وأضاف "لدى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا شكوك بشأن المعارضة لان تلك الدول لا تريد أن تتحالف مع القاعدة." وقال سيل انه في نهاية المطاف فانه رغم ان نظام الاسد تحت الحصار فهو في وضع أفضل مما كان متوقعا لان المعارضة متشرذمة والغرب وأغلب البلدان العربية مترددون في تزويدها بالسلاح. واضاف "اخترقت جماعة الاخوان المسلمين المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر" المشكل في أغلبه من منشقين عن الجيش. واضاف "اتخذوا الاسلام شعارا في قضيتهم وهذا سبب خوف الاقليات." واضاف "في المعارضة الوضع فوضوي وهم يتشاجرون. المشكلة هي أن الكل يريد ان يكون المسؤول الاول."

تحذير من تسليح المعارضة

في السياق ذاته حذر الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن من تسليح المتمردين السوريين معتبرا ان ذلك قد يؤدي الى "انتشار خطير للسلاح في المنطقة". وقال راسموسن في مؤتمر صحافي في بروكسل "لا اعتقد ان الحل السليم يكون في تزويد المجموعات (المتمردة) بالسلاح". واضاف "هناك خطر كبير في ان يؤدي تقديم السلاح لمجموعات في سوريا الى انتشار خطير محتمل للاسلحة في المنطقة". وقال راسموسن انه يامل في "التوصل الى حل سياسي ودبلوماسي على اساس المهمة التي قام بها المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان" لهذا البلد. واطلقت دعوات الى تسليح المعارضة السورية خلال مؤتمر اصدقاء سوريا الذي عقد في اسطنبول حيث دعا رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون من جديد الى تسليح الجيش السوري الحر. واكد راسموسن ان الحلف الاطلسي "لا ينوي على الاطلاق" التدخل في سوريا رغم انه وصف من جديد القمع الدامي الذي يقوم به نظام الرئيس بشار الاسد ب"المشين جدا". بحسب فرنس برس.

في سياق متصل حذر وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو من أن تسليح المعارضة السورية يمكن أن يؤدي الى حرب أهلية شاملة ودعا الى اعطاء فرصة لخطة كوفي عنان المبعوث الدولي للسلام. وتدعو قطر والسعودية لتسليح المتمردين الذين يسعون للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد. وتشعر مصر وبعض الدول العربية الاخرى بالقلق ازاء مثل هذه الخطوة.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية المصرية عن وزير الخارجية محمد كامل عمرو قوله "تسليح المعارضة السورية حسبما ترى مصر سيزيد من معدلات القتل وسيحول الوضع في سوريا برمته الى حرب أهلية كاملة." وأضاف عمرو "نريد أن نعطي فرصة لمهمة كوفي عنام مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا لنرى ما ينتج عنها." وقال عمرو انه دعا الى اجتماع مع المعارضة السورية في مقر الجامعة العربية بالقاهرة لكن وكالة أنباء الشرق الاوسط لم تذكر متى سيعقد الاجتماع.

انتهاء معركة اسقاط الدولة

من جانب اخر اعلنت سوريا ان "معركة اسقاط الدولة" في البلاد انتهت "بلا رجعة" مؤكدة على رغبتها بانجاح مهمة المبعوث الخاص اليها، فيما تستمر العمليات العسكرية في عدد من المدن السورية التي ربطت السلطات ايقافها عند "احلال السلام والامن" فيها.

وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي في تصريحات نشرتها وكالة الانباء السورية (سانا) السبت ان "معركة اسقاط الدولة في سورية انتهت بلا رجعة"، بعد سنة على بدء الحركة الاحتجاجية التي تقمعها السلطات. واضاف ان "سوريا تخوض معركة دبلوماسية مع عالم غربي معاد لها لكن من مصلحتها انجاح مهمة مبعوث الامم المتحدة كوفي عنان دبلوماسيا من باب سحب الذرائع وتعزيز مواقف حلفائها الدوليين وتكريس الانطباع بأن النظام السياسي في سوريا منفتح وليس خائفا من الواقع وهو متأكد مما يقوله".

واكد مقدسي ان "الجيش ليس فرحا بالتواجد في الأماكن السكنية وسيغادر ما أن يتم إحلال الأمن والسلم دون اتفاقات". واوضح المتحدث ان "تحقيق سحب المظهر المسلح يتم عندما يتاح لأي منطقة العودة إلى الحياة الطبيعية وعندما يستطيع المواطنون إرسال أولادهم للمدارس واستعادة حياتهم الطبيعية وليس من أجل أن يؤخذ المواطنون رهائن وتفجر مراكز الطاقة ويقتل الناس في الشارع ويزداد التسليح". ولفت مقدسي إلى أن "وجود العنصر المسلح المضاد لشرعية الدولة في الأزمة السورية بات أمرا موثقا قانونيا ودوليا ومعترفا به وفق تقرير بعثة المراقبين العرب وهو الذي يعطل الحل السياسي وإكمال مسيرة الإصلاح والانفتاح". وكشف المتحدث ان "الجانب السوري نجح بالتفاهم المشترك مع (المبعوث الخاص كوفي) عنان عندما أقر الأخير بحق الدولة في الرد على العنف المسلح كمنطق سياسي وسيادي وهو ما لم يكن موجودا في موضوع بعثة المراقبين العرب". واكد ان "بوصلة القيادة السورية في أي اتفاق أو مبادرة هي حماية الاستقرار وحفظ سيادة الدولة والمحافظة على ما تم استخلاصه من عبر في مبادرات وتجارب سابقة". وتابع ان "سوريا تطالب العالم بان يساعدها بدلا من الضغط عليها واذا كان هدف اي مبادرة مساعدة سوريا في تثبيت الاستقرار وتحقيق الاصلاحات فسوريا ترحب بها". وقال مسؤولون في الامم المتحدة ان المنظمة الدولية تخطط لارسال بعثة لمراقبة وقف اطلاق النار في سوريا عند توقف اعمال العنف. وصرح مسؤول في الامم المتحدة طالبا عدم كشف هويته ان هذه البعثة تحتاج الى 250 مراقبا على الاقل. بحسب فرنس برس.

وكشف مقدسي "توصلنا مع عنان في موضوع التهدئة وسنقوم بالتفاوض من أجل توقيع بروتوكول إطاري يحدد آلية ارتباط وهي كلمة عسكرية الطابع نوعا ما وهي تنسيق بين مجموعة من المراقبين يأتون إلى سوريا في مهمة محددة لدراسة الموضوع في إطار محدد تحت مظلة السيادة السورية". واضاف "لا شيء يضمن عدم تكرار ما جرى مع بعثة المراقبين العرب في مهمة عنان ونحن مضطرون للمضي قدما في لعبة سحب الذرائع من خلال الحكمة واستخلاص العبر تحت سقف ثوابت سيادة سورية وعدم المس باستقرارها وامنها". واشار " كما أن لدينا حلفاء في المجتمع الدولي يؤمنون بأن الحل في سورية سوري بحت ونحن نعمل على تعزيز تفهمهم وموقفهم المبدئي". ومنذ اندلاع الازمة في سوريا قبل عام لم تتمكن الدول ال15 الاعضاء في مجلس الامن الدولي من تبني قرار اذ استخدمت كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو) لمنع قرارين يدينان النظام السوري.

رفض استخدام القوة

في سياق متصل رأى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان النظام السوري "لن يسقط"، معتبرا ان محاولة اسقاط هذا النظام بالقوة ستؤدي الى "ازمة تراكمية في المنطقة". وقال المالكي في مؤتمر صحافي في بغداد ان "لغة استخدام القوة لاسقاط النظام (السوري) سوف لن تسقطه، قلناها سابقا وقالوا شهرين فقلنا سنتين، ومرت سنة الآن والنظام لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط". واضاف "المشكلة ان النظام يتشدد ويقاوم، والمعارضة تتشدد وتقاوم، والسلاح موجود ووظيفتنا نحن العرب هي اخماد نار الازمة لان تطورها سينعكس علينا وعلى لبنان والاردن وفلسطين والمنطقة وحتى الدول التي تتعامل مع هذه المسالة بلغة القوة".

وتابع رئيس الحكومة العراقي "نرفض اي تسليح وعملية اسقاط النظام بالقوة، لانها ستخلف ازمة تراكمية في المنطقة"، معتبرا ان "الخطر في سوريا ليس طبيعيا وليس كاي بلد آخر حصلت فيه ثورات بل يحتاج الى حلول من انواع آخرى". وكانت الازمة السورية هيمنت على اعمال القمة العربية التي استضافتها بغداد ، وسط تباين بين الدول العربية حول كيفية التعامل مع احداث سوريا حيث تدور احتجاجات منذ اكثر من عام يواجهها النظام بالقمع وقتل فيها الآلاف. وتتخذ السعودية وقطر موقفا متشددا حيال النظام السوري وتؤيدان تسليح المعارضة، بينما تدعو دول عربية اخرى بينها العراق الى حوار وحل سلمي. ووجه المالكي انتقادات الى الدول التي تدعو الى تسليح المعارضة السورية، وقال "عجيب امر هاتين الدولتين ان تدعوا الى التسليح بدل ان تعملا على اطفاء النار"، في اشارة محتملة الى السعودية وقطر.

وتابع "ستسمعان صوتنا باننا ضد التسليح وضد التدخل الخارجي"، مضيفا ان "الدول التي تتدخل بشؤون دول اخرى ستتدخل بشؤون كل الدول". وذكر ان الازمة السورية "من الموضوعات الحيوية التي تؤثر على استراتيجة العمل العربي المشترك"، مشيرا الى انه "كان واضحا ان البيان الختامي (للقمة العربية) يعارض عملية تسليح طرفي الصراع لانه كصب الزيت على النار، ويعارض تدخلات بعض الدول في الشان السوري".

وقد دعا القادة العرب في ختام القمة الى حوار بين السلطات السورية والمعارضة، مطالبين دمشق بالتطبيق الفوري لخطة كوفي انان المكونة من ست نقاط والهادفة الى وقف العنف. وكان المالكي الذي تتشارك بلاده بحدود بطول نحو 600 كلم مع سوريا حذر امام الزعماء العرب الذين شاركوا في قمة بغداد من ان تسليح طرفي الازمة السورية سيؤدي الى "حروب اقليمية ودولية بالانابة في سوريا". واعتبر ان "هذا الخيار سيجهز الارضية المناسبة للتدخل العسكري الاجنبي في سوريا ما يؤدي الى انتهاك سيادة دولة عربية شقيقة".

وتزامنت تصريحات المالكي مع انعقاد مؤتمر "اصدقاء سوريا" في اسطنبول بمشاركة اكثر من 70 دولة بينها دول عربية بهدف تصعيد الضغوط على النظام السوري من اجل وضع حد لاعمال العنف وايجاد حل للازمة. وشارك العراق الذي تتراس بلاده الدورة الحالية لجامعة الدول العربية في هذا الاجتماع على مستوى وكيل وزارة الخارجية، علما ان دولا اخرى مثل قطر حضرت اللقاء على مستوى وزير الخارجية. وقد اعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ان المؤتمر سيعترف بالمجلس الوطني السوري بصفته "المحاور الرئيسي" عن سوريا. وجاء ذلك في وقت افاد المرصد السوري لحقوق الانسان في بيانات متلاحقة ان ستة عشرة شخصا بينهم ثمانية جنود قتلوا اليوم خلال اعمال عنف متفرقة جرت في عدد من المدن السورية.

في السياق ذاته قال الامين العام لحزب الله حسن نصر الله ان الرهان على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي يواجه اكثر من عام من الاحتجاجات قد انتهى ودعا المعارضة الى الحوار لحل الازمة. وقال نصر الله عبر شاشة عملاقة في احتفال اقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت "البعض تحدث بالحل السياسي في المرحلة الاولى ولكن وضع شروطا هي تساوي سقوط النظام على سبيل المثال تنحي الرئيس الاسد. اعتقد ان المناخ السياسي الدولي والاقليمي اليوم تجاوز هذه المرحلة. أضاف "اليوم الوضع الدولي والوضع الاقليمي وحتى القمة العربية امس في بغداد تجاوزت هذا الموضوع. باللحظة التي جاء فيها كوفي عنان مبعوثا من الامم المتحدة ومكلفا من مجلس الامن الدولي وممثلا لجامعة الدول العربية... ولم يستند الى مرجعية وطروحات ومبادرات جامعة الدول العربية معنى ذلك ان هذا الموضوع انتهى والامر الان في سوريا تجاوز هذه المرحلة."

ودعت الدول الغربية والعربية الرئيس الاسد الى التنحي ولكن روسيا حليفة سوريا منذ فترة طويلة لاتزال تدعم بقوة النظام السوري وتلقي بالمسؤولية على المعارضة المسلحة وانصارها في الخارج بتأجيج الازمة. وتقول الامم المتحدة ان اكثر من تسعة الاف سوري قتلوا منذ بدء اعمال العنف والسلطات السورية تلقي باللوم على "مجموعات ارهابية مسلحة" مدعومة من الخارج وتقول ان تلك الجماعات قتلت ثلاثة الاف فرد من الجيش والشرطة. بحسب رويترز.

واوضح نصر الله ان "التدخل العسكري الخارجي في سوريا كان خلال الشهور الماضية خطرا حقيقيا وكلنا نعرف انه كان سيؤدي الى تداعيات خطيرة على كل المنطقة. الحمد الله في هذه اللحظة نستطيع ان نقول انه من الواضح ان هذا الموضوع يمكن القول انه انتهى بشكل حاسم."

كما قال ان "حكاية ارسال قوات عربية الى سوريا هذا ايضا انتهى" واشار الى ان "تسليح المعارضة في سوريا من الواضح مخاطرة على مجمل الوضع السوري كذلك من الواضح ان هذا على المستوى الدولي تقريبا انتهى على المستوى العربي حتى امس بالقمة العربية كان واضحا انه لا يوجد تبني لخيار التسليح." وقال نصر الله "اليوم المطروح هو الحل السياسي القائم على قاعدتين الحوار بين السلطة والمعارضة والامر الثاني هو اجراء اصلاحات والتوافق على اصلاحات جدية وحقيقية وتنفيذ هذه الاصلاحات هذا ما يحل الوضع في سوريا." أضاف "الحل واحد هو الحل السياسي من خلال الحوار والاصلاح نقطة على اول السطر حل ثاني لا يوجد."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/نيسان/2012 - 16/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م