(فورميلا) البحرين... عقلية السلطة للهروب من الأزمة

متابعة: عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي تستعد فيه السلطات البحرينية لاستضافة سباق الفورمولا1 لايزال المواطن البحريني يعاني من قسوة الاجراءات الامنية التي يفرضها النظام الحاكم في هذا البلد, فلاتزال القوات الامنية تمارس سياستها المعروفة بانتهاك حقوق الانسان وذلك من خلال الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين المطالبين بأجراء بعض الاصلاحات الدستورية الهادفة الى تغير واقع التهميش والاقصاء الذي تعانيه الاغلبية، ويرى بعض المراقبين ان الفبركة والتحايل اصبح اليوم سمه من سمات الحكومة البحرينية التي تعمد الى تشوية الواقع وتغير الحقائق متجاهلة كل النداءات الدولية والانسانية التي تدعو الى احترام ارادة الشعب وتقديم مطالبه على باقي القضايا، حيث وتسعى هذه السلطات الى تناسي جراح المواطن وتجاهل قضاياه المهمة واشغال الرأي العام بقضايا ثانوية مثل سباق الفرمولا1 الذي يواجه انتقادات حادة من قبل الكثير من المراقبين والمهتمين خصوصا انه يقام في مثل هكذا ظروف حرجه، ويذكر في هذا الشأن ان الشرطة البحرينية قد اشتبكت مع محتجين مناهضين للحكومة في بلدة شيعية حاول فيها السكان التظاهر ضد اقامة البحرين سباق فورمولا1 للسيارات. وقال شهود ان مئات من افراد شرطة مكافحة الشغب المدعومين بمركبات مدرعة وسيارات جيب جابوا شوارع سترة وهي منطقة فقيرة تقع جنوب شرقي المنامة حيث القى شبان قنابل بنزين وحجارة على قوات الامن التي ردت باطلاق عبوات من الغاز المسيل للدموع.

وتعد سترة منطقة ساخنة منذ فترة طويلة حيث يصب الشبان الشيعة غضبهم على حكومة يشعرون بانها تهمشهم سياسيا واقتصاديا. وتنحي الحكومة التي يقودها السنة باللائمة على رجال الدين الشيعة في الصراع الطائفي قائلة انهم يؤلبون الناس ضد الدولة ويحرضون الشيعة لزيادة درجة الحرارة في الشوارع قبل السباق. وارتفع الغضب في شوارع سترة في كل مرة تمر فيها الدوريات وتهكم السكان على قوات الامن بالصياح من داخل المنازل والقرع على صناديق القمامة.

وقال علي منصور وهو سائق سيارة اجرة يبلغ من العمر 45 عاما وكان يحتمي مع زوجته في سيارة مع بدء تصاعد الادخنة من عبوات غاز القيت في مكان قريب "تعرفون ان الامر يسير على هذا النحو منذ 30 عاما ومازالوا لا يريدون منحنا حقوقنا." ويسود الانقسام البحرين بشدة منذ ان قادت الاغلبية الشيعية احتجاجات العام الماضي من اجل اصلاحات يأملون بان تحد من سلطات عائلة ال خليفة الحاكمة واعطاء البرلمان قوة تشريعية وضم شخصيات معارضة الى الحكومة. ودعا البعض الى التخلص من النظام الملكي تماما مما اثار غضب بعض السنة الذي يعتبرون العائلة الملكية قوة من اجل الحماية ضد تمكين الشيعة.

وسحقت السلطات الحركة الاحتجاجية التي استلهمت الثورات التي اسقطت رئيسي مصر وتونس من خلال فرض فترة من الاحكام العرفية واستدعاء قوات سعودية وخليجية اخرى للمساعدة في استعادة السيطرة على الشوارع . ولكن بعد مرور اكثر من عام ادى استمرار الاضطرابات الى الحاق ضرر بالاقتصاد البحريني وجعل الحلفاء الغربيين يشعرون بقلق. ويعتبر الحلفاء الغربيون البحرين حليفا مهما في مواجهتهم مع ايران بشأن برنامجها النووي ولكنهم يريدون ان تحل الحكومة الصراع من خلال التوصل لاتفاق مع المعارضة

وتنتشر في سترة كتابات كثيرة على جدران الأبنية تصف الملك بانه طاغية وتمجد قادة المعارضة السجناء. واستشهدت احدى اللافتات بإدانة الزعيم الايراني اية الله علي خامنئي للنظام الملكي بانه غير اسلامي. وتتناثر في العديد من الشوارع قطع من الحجارة والاخشاب وصناديق القمامة لمنع سيارات الشرطة من دخول الازقة الجانبية.

وتولى العاهل البحريني الملك حمد السلطة في عام 1999 وتعهد بإصلاح البرلمان وتطبيق اصلاحات ديمقراطية. وقد اطلق العاهل البحريني سراح سجناء بعد توليه السلطة ولكنه تعرض لضغوط لتطبيق اصلاحات اكثر في اعقاب احتجاجات العام الماضي. وبات الآن مصير سباق جائزة البحرين الكبرى ضمن سباقات فورمولا1 المقرر في الفترة بين 20 و22 ابريل نيسان مرهون بوضع الاضطرابات خاصة بعد تعهد المعارضة بتكثيف الاحتجاجات. وأزالت الشرطة ملصقات من على بنايات في سترة ترفض تنظيم الفورمولا1 في البحرين.

وقال ميرزا رابية وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 41 عاما "يدفعون كثيرا لفورمولا1 بينما يموت الناس كل يوم." ويقول نشطاء ان 33 شخصا على الاقل قتلوا منذ يونيو حزيران في اشتباكات يومية بالمناطق الشيعية خلال محاولات الشرطة وقف الاحتجاجات والحيلولة دون تنظيم اي حركة ضخمة في المنامة. وتقول الشرطة انها تمارس ضبط النفس وقال ضابط صف رفض الكشف عن هويته "نحن الحكومة وهؤلاء حثالة ان (قنابل) المولوتوف ليست سلمية. انهم يجعلونها تمطر مولوتوف." واضاف قائلا انه يصعب تخيل دمج أفراد من الشيعة في قوة الشرطة رغم ورود ذلك في التوصيات الرئيسية لقائد شرطة ميامي السابق جون تيموني الذي يقوم بتقديم النصح لوزارة الداخلية فيما يخص تحسين الاداء.

من جانب اخر اشتبك محتجون بحرينيون مع شرطة مكافحة الشغب قرب العاصمة المنامة يوم بعد جنازة امرأة تقول اسرتها انها توفيت بعدما دخل الغاز المسيل للدموع منزلها مرتين وتدخلت الشرطة بمدفع مياه وعربات مدرعة لتفريق مئات المحتجين لدى اقترابهم من نقطة تفتيش قرب "دوار اللؤلؤة" الذي كان مركزا لاحتجاجات العام الماضي التي قادتها الاغلبية الشيعية احتجاجا على التهميش. وحملت الرياح بعض الغاز المسيل للدموع بعيدا مما سمح للشبان بقذف العربات بالقنابل الحارقة من مدى قريب لتصيب بعضها. واطلق مدفع المياه مياها ساخنة خلال الاشتباكات التي درات على اطراف العاصمة وحمل المحتجون لافتات باسم ائتلاف شباب 14 فبراير وهو حركة تشكلت منذ انتفاضة العام الماضي تقول انها تريد الاطاحة بحكم اسرة ال خليفة. وجلبت الشرطة لاحقا تعزيزات تضم ما لا يقل عن عدة مئات من قوات مكافحة الشغب مزودين بالهراوات والدروع واطلقت الغاز المسيل للدمع على الحي بينما كان الشبان يسخرون منهم من بعيد واحيانا يمسكون بعبوات الغاز ويردونها عليها. بحسب رويترز.

وفي وقت سابق دفن السكان جثة عبدة علي عبد الحسين (59 عاما) التي قال ابنها علي انها توفيت بعدما أصيب منزلها بالغاز المسيل للدموع. وقال انه يعتبرها ضحية للاشتباكات مضيفا أنها خرجت من المستشفى وكانت لا تزال تعاني من التهاب الرئة. وقال انها سقطت مغشيا عليها في المرحاض وانهم اتصلوا بمستشفى عسكري قريب لارسال سيارة اسعاف لكن لم يكن لديهم أي عربات متاحة. وقال انه عندما جاءت عربة اسعاف بعد فترة من المستشفى العام الرئيسي توفيت والدته التي قال انها كانت تعاني من السكري. وقالت مفوضية الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان انها تريد التحقيق في استخدام محتمل للقوة بشكل غير متناسب ضد المتظاهرين في البحرين مشيرة الى الاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع وزيادة عدد المتوفين. ويقول نشطاء ان 33 شخصا على الاقل قتلوا منذ يونيو حزيران وسط اشتباكات يومية. وتشكك الشرطة في أسباب الوفاة.

مقتل شاب بالرصاص في البحرين

اعلنت جمعية الوفاق الاسلامي، اكبر احزاب المعارضة الشيعية في البحرين، مقتل شاب برصاص "ميليشيا تابعة للسلطات" جنوب المنامة واضافت الوفاق في بيان ان "احمد اسماعيل حسن (22 عاما) تعرض لطلقة رصاص من ميليشيات تابعة للسلطة اثناء مسيرة سلمية في منطقة سلماباد للمطالبة بالتحول نحو الديموقراطية وإنهاء الدكتاتورية". وتابعت "وفقا لشهود عيان كان احمد قرب الشارع العام وبيده كاميرا للتوثيق، فيما تتواجد دوريات شرطة مدنية معهم مليشيات مسلحة واطلق احد المتواجدين رصاصا حيا على المتظاهرين واصاب احمد قرب خاصرته وتوفي لاحقا".

من جهتها، اعلنت وزارة الداخلية "ادخال مصاب الى المستشفى"، قبل ان تؤكد وفاته لاحقا دون تفاصيل. وكانت الوفاق اعلنت وفاة امراة وشاب خلال يومين اختناقا بالغاز المسيل للدموع الذي تستخدمه قوات الامن لتفريق المتظاهرين. وقد نددت المفوضية العليا لحقوق الانسان ب"الاستخدام المفرط" للقوة بما في ذلك استخدام الغاز المسيل للدموع من قبل قوات الامن البحرينية ضد مدنيين. وتطالب حركة احتجاجية في البحرين يقودها الشيعة الذين يشكلون الغالبية باقامة نظام ملكي دستوري في المملكة الخليجية الصغيرة التي تحكمها سلالة آل خليفة من العرب السنة منذ حوالى 250 عاما.

في السياق ذاته اعتصم مئات البحرينيين امام مقر الامم المتحدة في المنامة وطالبوها بالتحرك حيال استخدام الشرطة "المفرط" للغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين. وقالت جمعية الوفاق الاسلامية انها دعت الى الاعتصام. وتواجه الشرطة بانتظام المتظاهرين الذين ينزلون للتظاهر في شوارع القرى الشيعية بالرغم من قمع النظام الدامي لحركة الاحتجاج عام 2011. ووضع المتظاهرون من رجال ونساء اقنعة بيضاء وعبوات غاز مسيل للدموع سبق ان استعملتها الشرطة لتفريق المتظاهرين بحسب صور قدمتها المعارضة. كما وضع المتظاهرون عشرات عبوات الغاز المسيل للدموع المستخدمة امام مكاتب الامم المتحدة بحسب المصدر. واطلق المتظاهرون هتافات تطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف من "هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة للسلطات البحرينية ضد (اشخاص) غير مسلحين" بحسب البيان.

وسلم ممثلو المعارضة رسالة موجهة الى امين عام الامم المتحدة بان كي مون للمطالبة بتدخله.

وقالت الرسالة ان "الاستخدام المتزايد (للغاز المسيل للدموع) يعتبر انتهاكا واضحا وصريحا يحدث بصورة يومية لوثيقة المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين الصادرة عن الأمم المتحدة". واكدت جمعية الوفاق مقتل رجل وامرأة مؤخرا بعد تنشقهما غازا مسيلا للدموع استخدمته قوى الامن لتفريق تظاهرات. في 20 اذار انتقدت المفوضية العليا لحقوق الانسان البحرين "لاستخدامها المفرط" للقوة معتبرة ان استخدام قوى الامن الغاز المسيل للدموع ادى الى وفاة اكثر من 30 شخصا في العام الفائت.

كاميرات في مراكز الشرطة

بدأت البحرين في وضع كاميرات فيديو في مراكز الشرطة لمحاولة تحسين صورتها في مجال حقوق الانسان بعد القضاء على انتفاضة مطالبة بالديمقراطية العام الماضي. لكن الكاميرات -التي وضعت بعد تحقيق قاده قضاة دوليون كشف عن مقتل خمسة تحت التعذيب العام الماضي- لن يتم تركيبها في خمس قواعد على الاقل لشرطة مكافحة الشغب قال نشطاء ان الشبان تعرضوا للضرب فيها. وفي مركز شرطة الحورة ذي الجدران الرمادية بالمنامة ستسجل دائرة تلفزيونية مغلقة التحقيقات التي تجريها الشرطة. وتخصص غرف بدون كاميرات للمحتجزين للتشاور مع محاميهم. كما ستكون مناطق اخرى بالمركز خاضعة للمراقبة.

وقال اللواء منصور الهاجري وهو ضابط شرطة رافق الصحفيين في جولة "اخترنا اللون الرمادي لانه من المعايير الدولية وله أثر مهدئ. أي شخص في حالة عنف لابد من تهدئته." وأضاف أن هناك سبعة مراكز أخرى يجري الان تزويدها بنظام للمراقبة وأن جميع المراكز الثلاثة والثلاثين ستتم تغطيتها. وقال طارق الحسن قائد الشرطة معلقا على غياب كاميرات في القواعد التي تنطلق منها شرطة مكافحة الشغب مستخدمة السيارات الجيب والمدرعات للتعامل مع الاحتجاجات "لا يحتجزون احدا.. أي معتقلين سيجري تسليمهم الى الشرطة." وتقول الشرطة انها تظهر ضبطا للنفس في مواجهة "مثيري الشغب" الذين يهاجمون رجالها بقنابل حارقة وقضبان معدنية ويتلفون السيارات ويصيبون أفراد الامن.

لكن نشطاء المعارضة وحقوق الانسان يقولون ان 32 مدنيا قتلوا من أثر الغاز المسيل للدموع أو من اصابات ناجمة عن عبوات الغاز المسيل للدموع أو قنابل الصوت. وقال محمد المسقطي رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الانسان "تعرض أكثر من 160 شخصا للضرب في تلك الاماكن" وقال ان أحد هذه المواقع هو نزل للشبان في السنابس وهو موقع تقر الشرطة أنه تم تحويله الى قاعدة لشرطة مكافحة الشغب. وقال المسقطي ان الانتهاكات انتقلت خارج نطاق الكاميرات. ومضى يقول "خلال الاشهر الاربعة الماضية لم أسمع عن أحد ارتكبت بحقه انتهاكات في مركز للشرطة. يجري ضربهم قبل وصولهم الى هناك.. هذه هي الطريقة التي يلجأون اليها الان." بحسب رويترز.

الى جانب ذلك برأت محكمة بحرينية خمسة أعضاء في نقابة المعلمين وجهت اليهم اتهامات بتهديد الامن القومي من خلال تنظيم اعتصامات أمام مدارس خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العام الماضي. لكن محسن العلوي وهو محام لاثنين من المدرسين الذين تمت تبرئتهم قال ان رئيس النقابة مهدي أبو ديب ونائبته جليلة السلمان ما زالا يحاكمان. وترغب مملكة البحرين التي تحكمها عائلة ال خليفة السنية في أن تظهر تقدما في اصلاحات تعهدت باجرائها بعد انتقادات دولية لقمعها للمظاهرات التي قادتها الاغلبية من الشيعة. واحتجزت المنامة الف شخص على الاقل خلال الاضطرابات قتل عدد منهم تحت التعذيب باعتراف السلطات البحرينية. وتقول أحزاب معارضة ان الحكومة تحاول فقط اثارة اعجاب الحلفاء الغربيين الذين ضغطوا عليها للسماح باجراء تحقيق مستقل حول طريقة تعاملها مع المحتجين والانتهاكات التي ارتكبت خلال فترة الاحكام العرفية. ووجهت السلطات لابو ديب والسلمان اتهامات بتعطيل المدارس ونشر أنباء كاذبة وتهديد الامن القومي وتشجيع المسيرات والاعتصامات. وأدانت جماعات لحقوق الانسان وحكومات غربية البحرين لمحاكمات اخرى متعلقة بالاضطرابات بما في ذلك محاكمة تجري حاليا لعشرين من العاملين في المجال الطبي كانوا يعالجون محتجين جرحى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/نيسان/2012 - 13/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م