صناعة السيارات الفاخرة... تجارة رائجة رغم الازمة الدولية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: لقد تأثرت العديد من الصناعات والشركات الكبرى بتداعيات الازمة الاقتصادية العالمية بعد ان بارت الكثير من المنتجات والسلع وتغيرت رغبة المستهلك بعزوفه عن اغلب المعروضات واقتصاره على الضروريات والاساسيات.

وقد اضافت هذه الازمة تحديات جديدة لتلك الشركات -وخصوصاً لصناعة السيارات الفارهة- تجلت بإمكانيتها في احداث الفرق وتغير المعادلة الحالية لصالحها والاستمرار في صناعتها الفاخرة مستعينة بذلك على خبرتها الطويلة ومنتجها الراقي وترغيب الزبون.

ويبدوا ان الشركات العالمية المصنعة للسيارات ذات المواصفات الخاصة والتي تلبي اغلب الأذواق والميول، والتي تختلف بين الرياضية والدفع الرباعي المقاومة للاماكن الوعرة وسيارات الصالون الفارهة وغيره، ما زالت صامدة وماضية في عملها بعد ان تمكنت من تجاوز الازمة الاقتصادية بأقل الخسائر بحسب ما اكد الخبراء.    

كما ساهمت، من جهة اخرى، المعارض الدولية السنوية والتي تقام في دولاً مختلفة من العالم في ايصال احدث الطرازات واخر التصاميم لكبرى الشركات المتنافسة فيما بينها على سباق الريادة والحداثة كـ(بورش وفيراري وبي ام دبليو وبنتلي وبوغاتي) وطرحها تحت تصرف الزبون ورغبته من اثبات الوجود وتحقيق الارباح وتجاوز رياح الازمة الاقتصادية.  

السيارات الفاخرة والمنافسة من جديد

اذ عصفت الأزمة الاقتصادية العالمية بجميع شركات السيارات الفاخرة، وأثرت سلباً في مبيعاتها وخططها المستقبلية لتطوير الموديلات لفترة من الزمن، لكن عالَم الماركات الفارهة أدار ظهره للأزمة، وعاد ليشهد طفرة كبيرة مرة أخرى ويمر بمرحلة ازدهار جديدة، فقد عادت هذه الشركات إلى إطلاق العنان لأفكارها لتجريب بعض التصميمات المبتكرة التي تراعي متطلبات العصر، إذ تعتزم هذه الماركات الفاخرة توسيع باقة موديلاتها القياسية من خلال طرح سيارات جديدة تنتمي إلى فئات غير تقليدية تماماً، مثل الموديلات المُخصصة للأراضي الوعرة، وخير مثال على ذلك ما تشهده شركة «بنتلي» البريطانية، إذ يؤكد الرئيس التنفيذي للشركة التابعة لمجموعة فولكس فاغن الألمانية فولفغانغ دورهايمر، عزم الشركة طرح أول سيارة رياضية متعددة الأغراض من الفئة الفاخرة، ومن المتوقع طرح سيارة الدفع الرباعي، التي لم يتحدد اسمها حتى الآن، في الأسواق في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام، والتي ستحدد المعايير القصوى في العديد من جوانب الفخامة والرقي، وبكل ثقة يَعد فولفغانغ دورهايمر عملاء الشركة البريطانية، قائلاً «ستكون أكبر وأفخم وأقوى من جميع الموديلات الموجودة ضمن هذه الفئة حتى الآن»، وسيتولى مهمة دفع هذه الأيقونة البريطانية محرك مكون من 12 أسطوانة بسعة 6.0 لترات وبقوة 423 كيلووات/575 حصانا، مستمد من السيارة الكوبيه Continental GT، كما أنه من المقرر أيضاً طرح موديل مجهز بمحرك ديزل. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وإلى جانب «بنتلي»، يتولى دورهايمر مسؤولية إدارة شركة بوغاتي الفرنسية، التي تنوي هي الأخرى طرح موديل جديد يساير روح العصر، فبدلاً من السيارة السوبر الرياضية Veyron تعتزم بوغاتي طرح سيارة الصالون Galibier على الطرقات بشكل قياسي، والتي تظهر في معارض السيارات حتى الآن باعتبارها نموذجاً اختباري، وبخلاف السيارة السوبر الرياضية Veyron، يدور الحديث داخل الشركة الفرنسية عن سيارة فارهة رباعية الأبواب بطول 5.36 أمتار، ولن تفتقر إلى خصائص الطابع الرياضي المميزة لشركة بوغاتي عند انطلاقها على الطرقات، وسيتم دفع سيارة الصالون الفاخرة بسواعد محرك W61 الشهير المكون من 16 أسطوانة، والذي يولد بالفعل قوة 736 كيلووات/1001 حصان في السيارة السوبر الرياضية Veyron، ومن المخطط أن تزداد قوته في السيارة Galibier أيضاً، وأوضح فولفغانغ دورهايمر، أن الأسواق ستشهد طرح هذه السيارة خلال الأعوام القليلة المقبلة، وعلى الدرب نفسه تسير شركة «لامبورغيني» الإيطالية المتخصصة في إنتاج السيارات السوبر الرياضية فقط حتى الآن، وقد أوضح المدير التنفيذي للشركة التابعة لمجموعة فولكس فاغن الألمانية شتيفان فينكلمان، أن هناك نقاشات مكثفة وعميقة تدور حالياً حول طرح طراز جديد ليحل محل السيارات Gallardo h Aventador، وفي الوقت الجاري تنتشر تكهنات داخل أوساط الشركة الإيطالية عن إحياء سيارة الأراضي الوعرة LM002، التي ترجع إلى حقبة الثمانينات من القرن الماضي، ومن المتوقع أيضاً طرح إصدار قياسي من سيارة الصالون الرياضية Estoque، التي تم عرضها بالفعل نموذجاً اختبارياً خلال عام 2008.

أما شركة «مازيراتي» فقد وصلت في هذا المضمار إلى مرحلة متقدمة، حيث كشفت الشركة التابعة لمجموعة فيات الإيطالية عن النموذج الاختباري Kubang، الذي ينتمي إلى فئة الموديلات الرياضية المتعددة الأغراض (SUV) أثناء مشاركتها في فعاليات معرض فرانكفورت الدولي للسيارات خلال فصل الخريف الماضي، وليس هناك شك في النوايا الجدية للشركة الإيطالية، حيث يؤكد المتحدث الإعلامي باسم مازيراتي لوكا ديل مونت، ذلك بقوله «على الرغم من عدم تحديد جدول زمني، إلا أنه سيتم إنتاج هذه السيارة في جميع الأحوال»، وتشترك سيارة الدفع الرباعي هذه في الجوانب التقنية والتجهيزات مع الموديل Grand Cherokee من شركة جيب التابعة هي الأخرى لمجموعة فيات الإيطالية، لذلك ستأتي سيارة مازيراتي مجهزة بمحرك ثماني الأسطوانات V،8 الذي يتم إنتاجه في مصانع شركة فيراري التي تتبع مجموعة فيات أيض، وعلاوة على ذلك هناك شائعات مفادها أن شركة «مازيراتي» تنوي تطوير موديل نوتشباك ثانٍ أصغر حجماً، إلى جانب الموديل الجديد من سيارة الصالون الفاخرة Quattroporte المقرر طرحه في الأسواق مع حلول نهاية 2012، وأوضح نيك مارغيتس، من مؤسسة «غاتو دايناميكس» لدراسة وتحليل السوق في مدينة ليمبورغ غرب ألمانيا، الاعتبارات المحتملة في عالم ماركات السيارة الفارهة، بقوله «يمكن من خلال طرح موديلات جديدة زيادة المبيعات في الأسواق المستقرة، من دون أن تفقد السيارات الموجودة تفردها وخصوصيتها».

وتوضح سيارة بورشه Cayenne على سبيل المثال مدى إمكانية اقتحام شركة السيارات الفارهة قطاعات وفئات جديدة في عالم السيارات، لكن المتحدث الإعلامي باسم الشركة الألمانية يعترف بأنه يتعين على الشركة المنتجة أحياناً قبول بعض التغييرات على صورتها العامة، فعلى سبيل المثال تشتهر شركة بورشه الألمانية في الصين، باعتبارها ماركة فارهة لسيارات الأراضي الوعرة (SUV) أكثر من كونها أيقونة بارزة في عالم السيارات الرياضية، لكن مثل هذه التأثيرات في سمعة الماركة، لم تدفع شركة بورشه التي تتخذ من مدينة زوفنهاوزين الألمانية مقراً لها، إلى عدم تطوير طرز جديدة، بل يؤكد مدير الشركة ماتياس موللر، ذلك بقوله «سنقدم ابتكاراً جديداً كل عام»، وإلى جانب الإصدارات الجديدة من الموديلات المعروفة مثل Boxster h Cayman، سيشهد عام 2013 طرح طراز جديد من السيارات الصغيرة المخصصة للأراضي الوعرة، ويأتي هذا الطراز في فئة أقل من الموديل Cayenne، وتدور تكهنات منذ أشهر عدة حول هذه السيارة التي تحمل اسم Cajun، ويرجع سبب ذلك إلى تراجع مبيعات سيارة مايباخ 57 و،62 التي تبلغ كلفتها نصف مليون يورو تقريباً، إلى 3000 نسخة فقط خلال آخر 10 سنوات، ومع ذلك سيستمر إنتاج هذه الموديلات فترة من الوقت، إلى أن تقوم شركة مرسيدس-بنز بطرح موديلات جديدة من الفئة S في الأسواق مع حلول عام 2013، حيث من المقرر طرح ستة موديلات من هذه الفئة الفاخرة.

تسابق على الساحة العالمية

في سياق متصل شهد عالم السيارات في العالم ربيعه الخاص، من خلال أفكار وتصاميم وصفها عدد من النقاد بأنها تُشكل ثورة في عالم صناعة السياراة، وفي شهر يناير الماضي، تم تنظيم أول معارض السيارات الكبرى خلال هذا العام في مدينة ديترويت الأميركية، وأعلنت الشركات عن تحقيقها أرقاماً قياسية جديدة، كما تم إزاحة الستار عن العديد من الأيقونات الجديدة ذات القوة الحصانية الفائقة، وعلى النقيض من ذلك يتعين على شركات السيارات التعامل مع حالة مزاجية وأوضاع أكثر سوءاً أثناء مشاركتها في فعاليات معرض جنيف الدولي للسيارات، الذي فتح أبوابه أمام الجمهور في الفترة من 8 إلى 18 مارس الماضي، إذ يقول فرديناند دودينهوفر من جامعة دويسبورغ إيسن الألمانية «لقد انكمش الاقتصاد في أوروبا بشكل ملحوظ، كما أنه من المتوقع تراجع أعداد الموديلات الجديدة في الكثير من البلدان»، ولذلك تسعى شركات السيارات إلى إشاعة أجواء جيدة وتحسين الأوضاع في صناعة السيارات مع بداية فصل الربيع، عن طريق كشف النقاب عن باقة كبيرة من الموديلات الجديدة في إطار المعرض الذي يُقام على ضفاف بحيرة جنيف.

أوضح الخبراء أن معرض جنيف السويسري يحظى بأهمية كبيرة في عالم السيارات، لأنه يقام على أرض محايدة، ويقول نيك مارغيتس من مؤسسة جاتو دايناميكس لمراقبة الأسواق، «تتقابل شركات السيارات الأوروبية والأميركية على قدم المساواة في بلد لا يوجد فيه صناعة سيارات، وهو ما يتيح إلقاء نظرة عامة على مجال السيارات من دون أي اعتبارات إقليمية»، ولكن الأهم من ذلك هو الموعد المناسب، إذ يمثل معرض جنيف بداية فصل الربيع في صناعة السيارات، وتتميز هذه الفترة بأنها الوقت الذي يقوم فيه العملاء باتخاذ قرار شراء سياراتهم الجديدة، وأضاف الخبير الألماني «الشركة التي لا تظهر بشكل جيد في معرض جنيف، ربما ستظل تندب حظها السيئ بقية العام»، وتهدف الشركات العالمية إلى تحقيق مزيد من التوازن بين جوانب التعقل ومتعة قيادة السيارات، من خلال تقديم الكثير من الموديلات الصغيرة الجديدة والسيارات التي تنتمي إلى الفئة المتوسطة، وكذلك الأيقونات الفاخرة التي تخاطب أذواق أصحاب الفخامة والرقي وعشاق القوة الحصانية الجبارة، وإلى جانب كل هذه الموديلات سيكون بانتظار الزوار أيضاً العديد من الموديلات المخصصة للعرض فقط، والكثير من النماذج الاختبارية.

وعلى الأرجح سيدور الحديث بمعرض جنيف الدولي للسيارات حول الموديلات الصغيرة من مجموعة «فولكس فاغن». فبعد قيام الشركة الألمانية بكشف النقاب عن سيارتها الصغيرة Uِ كموديل ثلاثي الأبواب فقط ضمن فعاليات الدورة الماضية لمعرض فرانكفورت، تعتزم «فولكس فاغن» تقديم موديل خماسي الأبواب من هذه الأيقونة الصغيرة في إطار معرض جنيف، وستقدم الشركات الأخرى التابعة لـ«فولكس فاغن» موديلات صغيرة مستمدة من الموديل Uِ، إذ ستكشف شركة سيات الإسبانية النقاب عن الموديل Mii، بينما تحمل هذه السيارة اسم Citigُ لدى شركة سكودا التشكية، ومن المتوقع أن تحوز الموديلات المُعدلة في فئة السيارات الصغيرة على قدر أقل من الاهتمام، ومنها على سبيل المثال تويوتا Aygُ وستروين C1 وبيجو .107ويعتبر جناح شركة «بيجو» محط أنظار في فئة السيارات الأعلى من الموديلات الصغيرة، إذ تنوي الشركة الفرنسية التوقف عن إنتاج السيارة ،207 وطرح سيارة جديدة تحمل رقم 208 لتنافس بها موديل «فولكس فاغن» Polo والسيارات الأخرى في هذه الفئة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وتجدر الإشارة إلى أن مزايا هذه السيارة لا تقتصر على التصميم الرياضي أو المحركات الاقتصادية فقط، لكنها تتميز أيضاً بموقعها الجديد بين باقة الموديلات، وخلافاً لما هو معهود عن تغيير الموديلات التي عادة ما تأتي بحجم أكبر، قامت شركة بيجو بتقصير طول وريث السيارة 207 بمقدار سبعة سنتيمترات، وتقدم شركة «مرسيدس - بنز» سيارتها من الفئة A بثوب جديد أثناء مشاركتها في فعاليات معرض جنيف الدولي للسيارات، وأوضح مدير قسم التصميم بالشركة الألمانية غوردون فاغنر، أن هذه السيارة الصغيرة أصبحت أكثر عصرية ورياضية بشكل واضح، إذ تخلت عن العديد من الملامح القديمة ومنها السقف المرتفع، غير أن هذه النجمة الألمانية لن تقف بمفردها في فئة الموديلات الصغيرة في أجنحة معرض جنيف، حيث تنوي شركة «أودي» كشف النقاب عن الجيل الجديد من سيارتها A3، حيث تنتشر معلومات داخل أوساط الشركة الألمانية عن عزمها تقديم موديل ثلاثي الأبواب من هذه السيارة الصغيرة، كما تخطط «أودي» لطرح موديل خماسي الأبواب وموديل صالون صغير لأول مرة من السيارة A3 في وقت لاحق.

تشهد فئة السيارات المدمجة انطلاق العديد من الموديلات الجديدة مثل الجيل الثاني من سيارة «كيا»، وموديل «فولفو» الجديد، ومن خلال هذا الموديل خماسي الأبواب ترغب الشركة السويدية في طرح إصدار عملي في الأسواق من السيارة الكوبيه C30، بحيث يتيح مزيداً من الرحابة في المقصورة الداخلية مع زيادة سعة حيز الحمولة، وبالتأكيد سيظهر أهم الموديلات الجديدة في فئة السيارات ذات الأحجام الكبيرة، لكن القطاعات الأخرى أيضاً ستشهد مزيداً من الازدهار، إذ ترغب شركة «أوبل» من خلال السيارة Mokka في أن تكون أول شركة ألمانية تطرح موديلا ينتمي إلى فئة السيارات الرياضية الصغيرة متعددة الأغراص (Mini-SUV)، وتعتمد سيارة الأراضي الوعرة الصغيرة على قاعدة الموديل «أوبل» Corsa، ومن المقرر طرحها في الأسواق بدءاً من فصل الخريف المقبل، بعد إطلالتها الأولى على الجمهور بمعرض جنيف، كما تنوي شركة فورد الأميركية تقديم الإصدار الأوروبي من السيارة Kuga الجديدة، إضافة إلى كشف النقاب عن الموديل القياسي من السيارة B-Max بعد مرور عام على ظهور النموذج الاختباري منه، وتأتي هذه السيارة الفان الصغيرة مزودة بباب جرار في الخلف ومن دون عمود أوسط ((B، وترغب شركة فورد من خلال هذه السيارة الجديدة منافسة الموديلات الأخرى من الفئة نفسها مثل أوبل Meriva.

وتقدم شركة «داتشيا» سيارتها Lodg بحجم أكبر بكثير، إذ يمكن تجهيزها بما يصل إلى سبعة مقاعد، وهي تعتير أول موديل فان من الشركة الرومانية التابعة لمجموعة رينو الفرنسية. وتشهد فعاليات معرض جنيف الدولي للسيارات تسليط الأضواء على السيارات الرياضية والموديلات «الكابريو» بشكل تقليدي، إذ تدور تكهنات حول رغبة شركة «فيراري» الإيطالية في عرض سيارتها الفاخرة الجديدة، ولكن المؤكد بشكل رسمي هو قيام شركة «بورشه» الألمانية بإزاحة الستار عن السيارة Boxster الجديدة، وإضافة إلى ذلك تنوي شركة «بي إم دبليو» عرض الجيل الجديد من السيارة M6 وكذلك أول موديل ديزل من الفئة M، وتعتزم شركة AMG، المتخصصة في تعديل موديلات «مرسيدس- بنز»، طرح إصدار رياضي من سيارة الفئة SL، بعد ثلاثة أشهر فقط من إزاحة الستار الموديل «الرودستر».

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/نيسان/2012 - 12/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م