سوريا ومؤتمر اسطنبول... مرحلة جديدة للإدارة الصراع

 

شبكة النبأ: فيما تسعى قوى غربية وعربية من التدخل المباشر في القتال بسوريا حذر محللون الرئيس الأمريكي باراك أوباما لعدم الانصياع للدعوات الدولية المتزايدة لتسليح المعارضة السورية والسعي للتعاون مع روسيا الحليف الوثيق لدمشق في إقصاء الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم عن طريق التغير السلمي، وذلك لتجنب نشوب حرب أهلية في البلاد، خصوصا بعد ان تعهد كل من الدوحة والرياض بتقديم مائة مليون دولار لمقاتلي المعارضة وقرار أميركا بإرسال أجهزة اتصالات حديثة، وسط مخاوف من حرب بالوكالة.

تلك الخطوات تعكس الإجماع المتنامي على الأقل بين المسؤولين الذين اجتمعوا في مؤتمر  اسطنبول (أكثر من 70 دولة) على أن جهود الوساطة التي يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي أنان فشلت في وقف العنف.

فمع تعطيل روسيا والصين إجراءات الأمم المتحدة، التي تفتح المجال أمام التدخل العسكري، سعت الدول التي اصطفت ضد نظام الرئيس بشار الأسد لتعزيز المعارضة السورية عبر وسائل من شأنها أن توسع نطاق تعريف المساعدات الإنسانية وتطمس الخط بين ما يسمى الدعم القاتل وغير القاتل.

ولفتت صحيفة نيويورك تايمز في تحليل نشرته مؤخرا النظر إلى أن الاتفاق على تسليح الثوار لم يتحقق بعدُ بسبب الغموض بشأن هوية الجهة التي ستتلقى تلك الأسلحة.

فيما تشير الصحيفة الى إن العرض لتوفير الرواتب وأجهزة الاتصال لمقاتلي المعارضة تحت مظلة المعارضة أملا في تشجيع جنود النظام على الانشقاق يقرب من حافة حرب بالوكالة ضد حكومة الأسد ومؤيديه الدوليين، ولا سيما إيران وروسيا.

الأهداف الأميركية المعلنة تجاه مؤتمر اسطنبول تعكس القيود التي تواجه الولايات المتحدة والدول الأخرى في ظل غياب الدعم الدولي لتدخل عسكري يشبه التدخل في ليبيا العام الماضي.

فيما اعتبر محللون تحذير أميركا وحلفائها في إسطنبول للأسد بدعم الثوار بالأسلحة إذا لم يطبق خطة أنان، خطوة تمنح واشنطن بموجبها الرياض المباركة للقيام بتسليح الثوار.

فبحسب اولئك المراقبين بات الموقف الأميركي الجديد مختلفا عما كانت تتبناه واشنطن في السابق من التحذير من انزلاق سوريا إلى حرب أهلية. فبينما استبعد مسؤولون أميركيون إرسال بلادهم أسلحة إلى الثوار السوريين لسبب بسيط هو القرار الأممي بحظر الأسلحة على سوريا، أشاروا إلى أنهم قد يرحبون بالجهود القطرية والسعودية لتقديم الأسلحة لما يسمى بالجيش الحر. وكان وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل أكد قبل الاجتماع ضرورة دعم بلاده لتسليح الثوار، وهو ما أيّده أيضا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في المؤتمر.

على ذات الصعيد عد آخرون خطة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان لحل الأزمة في سوريا وقبولها من قبل النظام السوري لا تعني أن الصراع قد انتهى، بل دخل مرحلة جديدة.

معللين فيما ذهبوا إليه بجملة من المعطيات، منها أن الخطة لا تحدد جدولا زمنيا لوقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي للصراع الى جانب ان الخطة لا تطالب الرئيس بشار الأسد بالتنحي حسب طلب المعارضة، كما انها لا تشكل برنامجا للتسوية بين النظام ومعارضيه، أو وسيلة لحل الخلافات بينهما، بل تهدف إلى نزع السلاح من الصراع وحصره في الوسائل السياسية.

حيث توفر خطة أنان صيغة لإدارة الصراع على السلطة ضمن القوانين التي تحدّ من سفك الدماء، ووقف لإطلاق النار بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة بإشراف الأمم المتحدة، مع السماح بالتظاهر سلميا وإرغام الطرفين على التفاوض.

ويعتقد مراقبون أن الأسد قبل بالخطة لأسباب منها الضغوط من قبل حلفائه الأساسيين مثل روسيا والصين للمضي قدما في إجراء نوع من الإصلاحات السياسية، وكذلك اعتقاده بأنه بذلك يستطيع أن يهيئ الظروف لبقائه في السلطة.

ويرى المحلل في الشؤون السورية جوشوا لانديز من جامعة أوكلاهوما أن تقبل الأسد لخطة أنان "خطوة نحو استعادته للقبول الدولي لحكومته"، أما ممثلة المجلس الوطني السوري المعارض بسمة قضماني فقد أكدت أن الانتقال السلمي يعني أن النظام يجب أن يتغير.

وتشير المعطيات أن السبب الوحيد الذي جعل خطة أنان تخرج إلى الوجود هو أن جهود المعارضة ومؤيديها من الخارج لم تكن كافية للإطاحة بالأسد بعد عام من الثورة، وحتى لو أن المعارضة انضمت إلى الأسد في خطة أنان، فمن غير المرجح أن القتال يقترب من نهايته، بل هي بكل بساطة تدخل مرحلة جديدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/نيسان/2012 - 12/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م