اريد ان اصبح ارهابيا

أسد علي

الارهاب لادين له، عبارة طالما سمعناها او شاهدناها، لكننا كما يبدو نحتاج ان نضيف اليها: ان السياسة التي لا اخلاق لها ارهاب.

لقد افزعني كثيرا خبر سماح سلطات الاكراد في شمال العراق للمتهم بقضايا ارهابية ( طارق الهاشمي ) بالسفر الى احدى الراعية للديمقراطية والسلام ( النسواني ) في الخليج، لا لاهمية شخص طارق الهاشمي، بل لان السلطات الكردية جزء رئيسي من منظومة الدولة العراقية، حكوميا واداريا وقضائيا وامنيا. ولا يمكن احتساب هذا الاجراء الكردي الا على اساس خيانة الوطن.

ان ثبوت او عدم ثبوت التهم ضد الهاشمي شأن قضائي، واذا ادعى الساسة الاكراد عدم نزاهة القضاء، فهم مسؤولون بشكل رئيسي عن اصلاح هذا الانحراف المهني، لان رئاسة هذه البلاد تحت ايديهم، وجزء كبير من البرلمان خاضع لارادتهم، كما ان نسبة القضاة الاكراد جيدة في المنظومة القضائية العراقية.

 ثم ان هذا الامر يستدعي ايقاف كل الاجراءات القضائية في عموم البلاد، وضد اي مواطن عراقي، حتى يقوم القادة الاكراد بتصفية القضاء وتخليصه من الاثر السياسي، لاننا لا يمكن لنا ان نتقبل بعد اليوم اية حكم قضائي، وعلى اي مستوى، لعدم ثبوت مصداقية القاضي، بدليل اتهام مكون رئيسي في الدولة العراقية للمنظومة القضائية.

ان مجرد استضافة القيادة الكردية للهاشمي هو تعدي على السلطة القضائية، وعلى مجمل سيادة الدولة على اراضيها. لقد كان بامكان القادة الكرد تسليم الهاشمي، وحفظ هيبة الدولة، ومن ثم الاشراف المباشر على سير الاجراءات القضائية، لمنع تدخل السياسة في القضية.

وانا أتساءل: متى كانت القيادة الكردية مهتمة بمهنية القضاء وفصل السلطات، وهي التي اعتقلت العشرات من العاطلين عن العمل لمجرد التظاهر السلمي، دون اوامر قضائية؟!

ان اللعب على وتر الخلافات العربية – العربية بات منهجا واضحا للسياسة الكردية، وهو سلوك مقيت ويدل على نوايا خطيرة. بالاضافة الى ذلك انني طالما تساءلت عن هوية المنظومة الكردية: هل هي عراقية؟، كل الدلائل والتصريحات والسلوكيات تشير الى خلاف ذلك، بل تدل على عكسه تماما، ام هل هي منظومة اسلامية؟، وهي غارقة في بحر من العلمانية، يصل في بعض الاحيان الى الافراط، ام انها منظومة اشتراكية؟، وهي الحليف الاشهر لأعتى صيغ الامبريالية، ام انها منظومة ديمقراطية؟ وهي تدعي الانتماء للاشتراكية، وتمارس ابشع صور الدكتاتورية، الحزبية والعائلية. ان المنظومة الكردية باختصار تائهة في بحر من الامتدادات الدولية والفئوية، والتي افقدتها الانتماء الوطني بشكل واضح.

لقد ادعى السيد طالباني انه يرفض التوقيع على احكام اعدام الارهابيين لانه ينتمي الى جهات ترفض مبدأ الاعدام، وبالتأكيد انهم يرون الاعدام امر غير انساني، لكن السيد طالباني غفل انه اصبح بذلك مساهما في اعدام الآلاف من الابرياء، بسبب نجاة هؤلاء الارهابيين، كما انه نسي ان القتل كان هو لغة الحوار بينه وبين خصومه الكرد في التسعينات.

ان تطفل القيادة الكردية على الخزينة العراقية، والتي تنبض من الجنوب، وعملهم عكس مصالح الارادة الوطنية، يلقي تبعات ضخمة على ممثلي الشعب العراقي في البرلمان، لوضع النقط على الحروف في قضيتي الانتماء والسيادة. فهل المدن الواقعة في شمال العراق خاضعة للدولة العراقية، متمثلة بالمؤسسات الوطنية، ام لا؟.

ذات مرة سألني احدهم: هل حمية السيد برزاني تجاه الهاشمي جاءت لانه ربما يكون احد ضباط الجيش الصدامي الذي ادخله برزاني في التسعينات لتحرير اربيل من يد الطالباني؟، لم اجبه، لاني لا اعرف الجواب، لكن قلت: ربما.

ان ممارسات الاكراد في قضية طارق الهاشمي جعلتني اتمنى انني كنت ارهابيا، لأحظى بهذا القدر من الاهتمام والحماية وحسن الضيافة، بدل كوني مواطنا ملتزما بقانون لم يستطع تلبية حاجاته الضرورية.

Asdali05@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/نيسان/2012 - 12/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م