الجامعة العربية... نسق سياسي يأخذ بالانحلال!

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: كالمعتاد انقسم الجميع الى قسمين في النظر الى القمة العربية في بغداد التي اطفأت اضواء صالات استقبالها، ولملمت مناضدها وكراسيها، وغادر الجمع الغفير من رجالات السياسة والاقتصاد والاعلام الى بلدانهم.

اقول كالمعتاد يحدث هذا الانقسام وهو جزء من حالة انقسام اوسع بين العرب على مستوى القادة او الشعوب، وعلى مستويات البنى السياسية والثقافية والاقتصادية، ليس كل ما يتبدى للمؤيدين ذهبا خالصا من عيار 24 قيراط، وليس جميع ما يتبدى للمعارضين حديدا او حلي تقليدية لا تساوي شيئا.. انها بين الحالتين، رغم اعتقاد كاتب السطور ان الحالة الاولى هي الاكثر وضوحا.. كيف؟

لو عدنا الى القمم السابقة فان اكبر قاسم مشترك لها هو الوجوه المستديمة الحضور في كراسي الرؤساء، والاستثناءات الوحيدة هي حالة الغياب البيولوجية التي تحدث عبر موت احدهم بعد سنوات طويلة من الجلوس على عروش الطغاة.

هذه القمة غاب عنها اكثر من ديناصور، صدام حسين (الذي اعدم) علي عبد صالح (الذي تنحى) حسني مبارك (الذي عزل) زين العابدين بن علي (الذي هرب) معمر القذافي (الذي قتل).. وحل مكان هؤلاء من كان مطاردا او سجينا او منفيا لكل حاكم من هؤلاء الحكام.

شيء اخر، لم تتعود القمم السابقة الحديث عن حقوق الانسان والدفاع عنها، ولم تتعود على رؤساء يقدمون اعتذارهم لما قام به مواطنوهم تجاه دولة اخرى، انه خطاب جديد اخذ يتردد في جنبات واروقة جدران الحاضرين من حكام ومحكومين.

وهو خطاب ايضا انضافت اليه مفردات جديدة، اخذت تنشر عدواها في محيطنا السياسي العربي، من مثل الديمقراطية، الدستور، المعارضة، التعددية، المساواة، العدالة، وغيرها وهي مفردات كانت قبل سنوات محل سخرية وتندر اغلب الحاضرين لتلك القمم، وهي ان ذكرت بسيماء الجد والعبوس احيانا الا انها لا تعني غير ما يريده الحاكم الاوحد لأنه العالم والعارف بكل شيء، وهو الخبير بما يفيد محكومية وعبيده.

هذه القمة عقدت على صيحات المتظاهرين رغم، اقول رغم ان الكثير من تلك التظاهرات سرقت أو في طريقها للسرقة من قبل المتطرفين وحملة السلاح والمولعين بالقتل والتخريب، رغم هذه هناك كسر لحاجز الخوف وهواجسه التي اكلت عقودا طويلة من حياة المحكومين في بلاد العرب من محيطه الى خليجه.. هذا في الاطار العام، ماذا عن القمة داخليا؟

ايضا انقسم العراقيون ازاءها الى فسمين رئيسيين بين مؤيد وعارض على المستويات الشعبية، وقسم ثالث لا يهمه شيء من تلك القمة، او انه في المنطقة الضبابية، بناءا على مقاييس الخسارة والارباح الشخصية.

على مستوى الساسة العراقيين لا تخلوا المواقف ايضا من الانقسام: هناك المؤيدون، وهناك الممتعضون، وهم من ايد بتحفظ مقرنا تأييده هذا بتلك الكلمة الشهيرة (لكن) او (لو) والتي كثيرا ما ترد خلفها العجائب والمصائب، او التسفيه والتسخيف.. وهو لا يستطيع الاعتراض خوفا من منزلق سياسي لا يرتضيه له من له اقل المام في الف باء السياسة، وهو ايضا لا يستطيع ان يكون شعبويا ويتنازل عن مكانته النخبوية التي اوصلته اليها مدارات الجدي او السرطان في غفلة من اصابع الناخبين.

الممتعضون كعادتهم دوما يبنون مواقفهم السياسية على وبالتناغم مع عواطفهم الشخصية تجاه رئيس الوزراء نوري المالكي.. وهم ممتعضون لان اي نجاح سيكون مجيّرا لصالح رئيس الوزراء وليس للعراق، او لمكون واحد، كما يزعمون.. وهم ممتعضون لان هذا النجاح هو لهم ايضا، فالجميع شارك فيه كل من موقعه.. النجاح له اباء متعددون.

ماذا عن الفشل؟ انه يتيم، فقط شخص واحد خلف جميع الفشل الذي تعاني منه العملية السياسية والحكومة والدولة العراقية، وهو فشل سيقود، حسب حجج الممتعضين الى العودة الى المربع واحد.

انتهت قمة بغداد باعتراف عربي كامل بالوضع السياسي العراقي الجديد الذي بدأ منذ العام 2003 وسقوط صدام حسين الذي تبعه اخرون غيره، بدأ التغيير في العراق، وانتقل الى دول اخرى، وهذا التغيير هو الذي يقود العرب الان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/نيسان/2012 - 11/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م