لعنة الفضائح الاخلاقية تلاحق الكنيسة

قضايا التحرش الجنسي بأطفال

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعد اتهامات التحرش الجنسي بأطفال المعضلة الرئيسية، التي يواجهها البابا بندكتس السادس عشر بشكل خاص والكنسية بشكل عام، أذ في الوقت الذي يسعى الفاتيكان و مجموعة من زعماء الكاثوليك الى مكافحة استغلال الأطفال جنسيا وتبرئة الكنيسة من تهمة "التحرش الجنسي" بأطفال، يستمر مسلسل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.  حيث مثل كاهن كاثوليكي أمام محكمة بريطانية بدعوى الاعتداء الجنسي على 8 أطفال، كما ألقت الشرطة في كوريا الجنوبية القبض على قس وزوجته اللذين قتلا اطفالا في محاولة لتطهيرهم من الإمراض والآثام، ناهيك عن انضمام الفاتيكان الى لائحة الدول التي يطالها تبييض الأموال حسب ما جاء في تقرير نشرته وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن.

فيما حصل "تقدم جوهري" خلال اجتماع عقد في القدس حول المسائل الضريبية والاقتصادية المتعلقة بممتلكات الكنيسة الكاثوليكية في الأراضي المقدسة، في حين اظهر استطلاع في امريكا مؤخرا يفيد بأن أغلبية الأميركيين يفضلون عدم التدخل الكنيسة في السياسة، بينما يحاول البابا بنديكتوس السادس عشر تعزيز دور الكنسية حيال النظام الشيوعي. لكن تبقى الكنيسة اليوم في ظل الاتهامات على أكثر من صعيد بوضع مقلق حول مستقبل هذه الفئة الدينية، على الرغم من  المعالجات التي يقوم بها الفاتيكان.

تهم التحرش الجنسي

فقد سعى أحد أبرز الكرادلة في الفاتيكان إلى تبرئة البابا بندكتس السادس عشر، من تهمة "التحرش الجنسي" بأطفال، وهي الاتهامات التي وجهتها جمعيات حقوقية إلى البابا بشكل خاص، وللكنيسة الكاثوليكية بشكل عام، وخلال افتتاحه للمؤتمر الصحفي لحماية الأطفال من التحرش، أكد الكاردينال ويليام ليفادا، رئيس "مجمع عقيدة الإيمان، أنه "لابد للعالم من تقديم شكره وامتنانه للأب بندكتس، على جهوده الكبيرة في مجال حماية الأطفال، بدلاً من توجيه الإعلام في العديد من البلدان اتهامات باطله لا أساس لها من الصحة، لمؤسسة دينية تتنافى هذه الاتهامات مع كل مبادئها، جاءت هذه التصريحات على خلفية ازدياد الضغوط على الكنيسة من قبل العديد من الأطراف، حيث قامت جمعية أمريكية تمثل ضحايا التحرش الجنسي على أيدي كهنة، برفع دعوى ضد البابا ومسئولين آخرين في الكنيسة الكاثوليكية، أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. بحسب السي ان ان.

واتهم رافعو الدعوى مسئولين في الفاتيكان بالسماح والتستر بشكل منهجي عن جرائم جنسية واغتصاب لأطفال على مستوى الفاتيكان بشكل خاص، وعلى مستوى العاملين باسم الفاتيكان في العالم أجمع، يذكر أنه وعلى خلفية هذه الأحداث، استدعى الفاتيكان مبعوثه إلى جمهورية أيرلندا رسمياً، بعد صدور تقرير يدين أسلوب تعامل الكنيسة الكاثوليكية مع قضية التحرش الجنسي بالأطفال على يد قساوسة، أواسط العام المنصرم، وذكر راديو الفاتيكان أن القاصد الرسولي الكاردينال جيوزبي لينانزا قد استدعي إلى روما، لبحث تداعيات ذلك التقرير، الذي كان سبباً في الانتقادات القاسية التي وجهها رئيس الوزراء الأيرلندي، إندا كيني، لمؤسسة الفاتيكان أمام البرلمان الأيرلندي.

كاهن يعتدي جنسياً

فيما مثل كاهن كاثوليكي، أمام محكمة بريطانية بدعوى الاعتداء الجنسي على 8 أطفال، وقالت صحيفة (ديلي ميرور) البريطانية، إن الكاهن بيدي والش (58 عاماً) استغل وضعه واعتدى جنسياً على 8 أطفال خلال الفترة من 1975 إلى 1991، وأضافت الصحيفة، أن الإدعاء العام في محكمة التاج في مدينة ستوك أون ترنت، أشار إلى أن الكاهن بيدي، قدّم كوكتيلاً قوياً من الكحول إلى أحد ضحاياه زاعماً بأنه "دم المسيح"، قبل أن يعتدي عليه جنسياً، وأشارت الصحيفة إلى أن الإدعاء أبلغ المحكمة بأن وضع الكاهن بيدي داخل الكنيسة الكاثوليكية سمح له بالاقتراب من الأطفال وإغوائهم قبل الاعتداء عليهم، ونفى الكاهن بيدي، 27 تهمة من جرائم الفحشاء والاعتداء الجنسي الخطير، حين عمل في مدارس وأبرشيات مقاطعة ميدلاندز الغربية وستافوردشاير، ولا تزال المحكمة تنظر في القضية. بحسب يونايتد برس.

قس وزوجته يقتلان اطفالهما

في حين ألقت الشرطة في كوريا الجنوبية القبض على رجل يبلغ من العمر 43 عاما نصب نفسه قسا وزوجته واعترفا بضرب اطفالهم الثلاثة الصغار حتى الموت في محاولة لتطهيرهم من الامراض والاثام، وقالت الشرطة في بيان ان الاطفال وأعمارهم خمس وثماني وعشر سنوات عثر على جثثهم حليقة الرأس وكان والداهم راكعين بجوارهم في منزل يستخدم ككنيسة. وعثر عليهم في قرية بوسيونج في الجنوب، وقال مسؤول بالشرطة في بوسيونج "لم يتم تحديد سبب الوفاة بعد لكننا نشتبه أن الاطفال توفوا نتيجة صدمة بعد أن حبسهم والداهم وضربوهم لانهم كانوا يعانون من ضعف المناعة بسبب المرض، وقالت وسائل اعلام كورية جنوبية ان "القس" وزوجته كان لهم عشرة أتباع وحبسوا أولادهم وهم ولدان وبنت في 24 يناير بعد اصابتهم بنزلة برد، وذكرت تقارير اعلامية أن الرجل قال انه أقام بنفسه "الكنيسة" التي لا تعترف بها الكنائس القائمة، وقالت الشرطة ان الرجل وزوجته حلقا شعر الاطفال لاعتقادهما أن هذا سيخرج الارواح الشريرة من أجسادهم، وكانا يضربان كل طفل بحزام ومضرب لقتل الذباب 39 مرة في الصباح ومثلها في المساء، وكانت أيدي الاطفال مكبلة، وقالت الشرطة ان "القس" حين اعترف بقتل الاطفال ذكر أنه كان "يتبع الكتاب المقدس". بحسب رويترز.

الانترنت لمكافحة استغلال الاطفال جنسيا

الى ذلك كشف زعماء كنيسة الروم الكاثوليك النقاب عن مشروع تعليمي على الانترنت لمساعدة رجال الدين في جميع أنحاء العالم على استئصال ظاهرة الاستغلال الجنسي للاطفال في صفوفهم وحماية الاطفال من المعتدين المحتملين، وبعد انتهاء مؤتمر استمر أربعة أيام عن اساءة معاملة الاطفال في روما قال الاب فرانسوا كزافييه دومورتير إن مشروعا بتكلفة 1.2 مليون يورو (1.60 مليون دولار) سيقدم المشورة بلغات متعددة ويتيح بحوثا عن استغلال الاطفال جنسيا وكيفية الاستجابة لهذه المشكلة، وقال دومورتير وهو رئيس جامعة بونتيفيشال جريجوريان حيث عقد المؤتمر "سيساعد ذلك على تطوير ثقافة الاستماع ... وجه مختلف لثقافة الصمت، ولم تعلق جمعية تدافع عن ضحايا الاعتداء بشكل مباشر على مشروع الانترنت لكنها رفضت المؤتمر ووصفته بأنه "تحريف للحقائق" وقالت انه ينبغي للفاتيكان أن ينشر وثائقه عن الاستغلال الجنسي وأن يسلمها للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، واتهمت الجماعات المدافعة عن الضحايا لسنوات بعض الاساقفة في الكنيسة بأنهم يفضلون الصمت والتستر بدلا من الاعتراف بالفضيحة التي اضرت بصورة الكنيسة في جميع أنحاء العالم. بحسب رويترز.

لكن المونسنيور تشارلز سيكلونا أكبر مسؤول في الفاتيكان للتعامل مع الاعتداء الجنسي على القصر قال ان الاختباء وراء ثقافة صمت المافيا سيكون مميتا للكنيسة، وجمعت الندوة بين حوالي 200 شخص بينهم اساقفة وقادة جماعات دينية وضحايا سوء الاستغلال الجنسي وعلماء نفس ورأى بعض المشاركين أن هذه نقطة تحول في نهج الكنيسة في التعامل مع الازمة، وقال بريندان جيري من طائفة الاخوة ماريست الدينية "الكنيسة لديها الان خط أساس لنبدأ منه، واضاف "نبدأ من خلال الاستماع الى الضحايا وسماع تجاربهم. ونتأكد من أن الكنيسة لديها أعلى المعايير لحماية الاطفال، وسيعمل "مركز حماية الطفل" على الانترنت مع المؤسسات الطبية والجامعات لتطوير ما تأمل الكنيسة أن يكون استجابة مستمرة لمشاكل الاعتداء الجنسي، وسينشر بالالمانية والانجليزية والفرنسية والاسبانية والايطالية ويساعد الاساقفة والعاملين الاخرين في الكنيسة على تطبيق مبادئ الفاتيكان التوجيهية لحماية الاطفال.

اغتيال البابا

كما نفى الفاتيكان صحة تقرير نشرته صحيفة ايطالية قالت فيه انه سيتم اغتيال البابا بنديكت السادس عشر خلال 12 شهرا، وقال الاب فدريكو لومباردي كبير المتحدثين باسم الفاتيكان "هذا هذيان بشكل واضح ولا يمكن اخذه على محمل الجد بأي شكل من الاشكال، وذكرت صحيفة ال فاتو كوتيديانو في صحفتها الاولى ان كاردينالا كتب مذكرة سرية لاحد رؤسائه بالفاتيكان قال فيها انه سمع عن مؤامرة لقتل البابا خلال عام، وقد أورد التلفزيون الرسمي ما نشرته الصحيفة، وقالت ال فاتو كوتيديانو ايضا ان نفس الكاردينال توقع ان يكون البابا المقبل من ايطاليا. وقد انتخب البابا الحالي الالماني الجنسية منذ عام 2005. بحسب رويترز.

تبييض الاموال

على صعيد أخر اضافت الولايات المتحدة "للمرة الاولى" الفاتيكان الى لائحة الدول التي يطالها تبييض الاموال، حسب ما جاء في تقرير نشرته وزارة الخارجية الاميركية في واشنطن، وجاء في التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول التصدي لتهريب المخدرات في العالم ان الفاتيكان انضم الى لائحة من 68 بلدا مصنفة في فئة "وضع مقلق" وتضم البانيا ومصر والبرتغال او اليمن، وهذه الفئة هي واجهة للائحة اميركية من 66 بلدا حيث يعتبر تبييض الاموال فيها "قلقا رئيسيا" وتضم افغانستان والولايات المتحدة والبرازيل والصين وروسيا والعراق وفرنسا وغيرها، وقال مسؤول اميركي فضل عدم الكشف عن هويته ان الفاتيكان شكل هيئة لمكافحة تبييض الاموال للمرة الاولى ولكن فعاليتها لا تزال موضع تقييم، واضاف ان الفاتيكان هو مكان قوي لتبييض الاموال بسبب الاموال الضخمة التي تنتقل بين الكرسي الرسولي وباقي العالم. بحسب فرانس برس.

كبير اساقفة كانتربري

من جهته اعلن كبير اساقفة كانتربري روان وليامز انه سيتخلى عن مهامه في اواخر العام 2012 ليتولى ادارة معهد ماغدالين كوليدج في جامعة كامبريدج البريطانية العريقة، وصرح وليامز الذي تولى مهامه في 2002 واثار جدلا في قضية تعيين نساء ومثليين اساقفة، في بيان انه "وافق على تولي ادارة ماغدالين كوليدج" الذي اسس في القرن الخامس عشر، وسيستقيل بالتالي من منصبه كرئيس لاساقفة كانتربري "في اواخر كانون الاول/ديسمبر 2012"، واضاف وليامز وهو الاسقف الرابع بعد المئة الذي يتولى المنصب في كانتربري ان "الرحيل لم يكن قرارا سهلا. لا يزال امامنا الكثير للقيام به (بحلول نهاية 2012) وارجو منكم الصلاة والدعم خلال هذه الفترة وما بعدها"، واشاد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالدور الذي يلعبه وليامز الذي "قاد الكنيسة خلال فترة تحديات وتغييرات" وسعى الى "التوحيد بين مختلف الطوائف"، واحيل قرار استقالة وليامز الى الملكة اليزابيث الثانية بصفتها راس الكنيسة في انكلترا ومن يعين رسميا كبير الاساقفة، وتعتبر كنيسة انكلترا مرجع الطائفة الانغليكانية التي تضم 77 مليون شخص في العالم، ونشات الكنيسة الانغليكانية بعد الانشقاق عن الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر اثر رفض البابا كليمنتوس السابع اعطاء ملك انكلترا هنري الثامن اذنا بالطلاق، وتحسنت العلاقات بين وليامز والبابا بنديكتوس السادس عشر. بحسب فرانس برس.

فهما متفقان لجهة الحوار بين الاديان والازمات الانسانية والنزاعات، وخلال زيارته الى بريطانيا في ايلول/سبتمبر 2010، كرر بنديكتوس السادس عشر مبادرات التهدئة مشددا على ان الكنيستين "تسيران معا ولم تعودا متنافستين"، وينتخب كبير اساقفة كانتربري من قبل لجنة من 16 عضوا برئاسة شخصية يعينها رئيس الوزراء البريطاني وتضم خصوصا ممثلين عن ابرشية كانتربري واسقف يورك الذي يعتبر المسؤول الثاني في الكنيسة الانغليكانية، ويشغل هذا المنصب حاليا جون سنتامو المتحدر من اوغندا والمعارض لزواج المثليين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/نيسان/2012 - 10/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م