البحرين... سلمية ثورة وعنف سلطة

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: في احد الكواكب الذي لا يبدو ضمن المجموعة الشمسية التي تنتمي اليها الارض التي نسكنها، كون المجتمع الدولي لم يستطع حتى الان رصد ما يجري، هناك شعب يقمع في دولة اسمها البحرين، يتعرض مواطنيها لشتى انواع الانتهاكات الحقوقية، وهنا لن نستطيع ان نطلق عليها حقوق انسانية لوكنهم ينتمون كما اسلفت الى كوكب آخر وجنس كما يبدو مختلف عن الجنس البشري.

فعلى مدى أكثر من عام خلى يواجه البحارنة اجراءات تعسفية ترافقها عقوبات جماعية بسبب اصرارهم على انتزاع كرامتهم من سلطة ديكتاتورية طائفية تمارس كافة انواع التمييز العنصرية اتجاه مواطنيها، دون ادراك منها ان التأخر في تلبية المطالب يؤتي لا محالة بعواقب وخيمة على الجميع.

فيما يلتزم المجتمع الدولي ومجلس حقوق الانسان الصمت حيال ما يتعرض له المدنيين العزل من كبت واعتقالات غير شرعية، يندى لها جبين كل من اطلع عليها وإن كان له قدر ضئيل مما يعرف بالضمير.

مقتل شاب بالرصاص

فقد اعلنت جمعية الوفاق الاسلامي، اكبر احزاب المعارضة الشيعية في البحرين، مقتل شاب برصاص "ميليشيا تابعة للسلطات" جنوب المنامة. واضافت الوفاق في بيان ان "احمد اسماعيل حسن (22 عاما) تعرض لطلقة رصاص من ميليشيات تابعة للسلطة اثناء مسيرة سلمية في منطقة سلماباد للمطالبة بالتحول نحو الديموقراطية وإنهاء الدكتاتورية".

وتابعت "وفقا لشهود عيان كان احمد قرب الشارع العام وبيده كاميرا للتوثيق، فيما تتواجد دوريات شرطة مدنية معهم مليشيات مسلحة (...) واطلق احد المتواجدين رصاصا حيا على المتظاهرين واصاب احمد قرب خاصرته (...) وتوفي لاحقا".

من جهتها، اعلنت وزارة الداخلية "ادخال مصاب الى المستشفى"، قبل ان تؤكد وفاته لاحقا دون تفاصيل. وكانت الوفاق اعلنت في 24 الشهر الحالي وفاة امراة وشاب خلال يومين اختناقا بالغاز المسيل للدموع الذي تستخدمه قوات الامن لتفريق المتظاهرين.

وتطالب حركة احتجاجية في البحرين يقودها الشيعة الذين يشكلون الغالبية باقامة نظام ملكي دستوري في المملكة الخليجية الصغيرة التي تحكمها سلالة آل خليفة من العرب السنة منذ حوالى 250 عاما.

وادى قمع الحركة الذي استمر من منتصف شباط/فبراير الى منتصف اذار/مارس 2011، الى سقوط 35 قتيلا بينهم 30 مدنيا وخمسة قضوا تحت التعذيب وخمسة من الشرطة.

كما اعلنت حركة الوفاق الوطني وفاة امراة وشاب خلال اليومين الماضيين اختناقا بالغاز المسيل للدموع الذي تستخدمه قوات الامن لتفريق المتظاهرين.

واكدت الوفاق في بيان نقلا عن اقارب المراة ان عبدة علي عبد الحسين توفيت اثر تنشقها الغاز المسيل للدموع. كما توفي احمد عبد النبي (31 عاما) بحسب عائلته للاسباب ذاتها جنوب المنامة على ان يدفن اليوم، وفق بيان اخر.

اعتصام ضد استخدام الغاز المسيل للدموع

فيما اعتصم مئات البحرينيين امام مقر الامم المتحدة في المنامة وطالبوها بالتحرك حيال استخدام الشرطة "المفرط" للغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين. وقالت جمعية الوفاق الاسلامية التي تعتبر حزب المعارضة الرئيسي في بيان انها دعت الى الاعتصام. ووضع المتظاهرون من رجال ونساء اقنعة بيضاء وعبوات غاز مسيل للدموع سبق ان استعملتها الشرطة لتفريق المتظاهرين بحسب صور قدمتها المعارضة. كما وضع المتظاهرون عشرات عبوات الغاز المسيل للدموع المستخدمة امام مكاتب الامم المتحدة بحسب المصدر.

واطلق المتظاهرون هتافات تطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف من "هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة للسلطات البحرينية ضد (اشخاص) غير مسلحين" بحسب البيان. وسلم ممثلو المعارضة رسالة موجهة الى امين عام الامم المتحدة بان كي مون للمطالبة بتدخله.

وقالت الرسالة ان "الاستخدام المتزايد (للغاز المسيل للدموع) يعتبر انتهاكا واضحا وصريحا يحدث بصورة يومية لوثيقة المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين الصادرة عن الأمم المتحدة".

الى ذلك اشتبكت الشرطة البحرينية مع محتجين مناهضين للحكومة في بلدة شيعية حاول فيها السكان التظاهر ضد اقامة البحرين سباق فورمولا1 للسيارات الشهر المقبل. وقال شهود عيان ان مئات من افراد شرطة مكافحة الشغب المدعومين بمركبات مدرعة وسيارات جيب جابوا شوارع سترة وهي منطقة فقيرة تقع جنوب شرقي المنامة حيث القى شبان قنابل بنزين وحجارة على قوات الامن التي ردت باطلاق عبوات من الغاز المسيل للدموع.

وتعد سترة منطقة ساخنة منذ فترة طويلة حيث يصب الشبان الشيعة غضبهم على حكومة يشعرون بانها تهمشهم سياسيا واقتصاديا. وصاح شبان "تعالوا هنا ايها المهاجرون" في اشارة الى السنة الاجانب الذين يتعاقدون للعمل مع شرطة مكافحة الشغب . وهتف البعض ضد الملك حمد بن عيسى ال خليفة ملك البحرين. بحسب رويتروز.

وقال علي منصور وهو سائق سيارة اجرة يبلغ من العمر 45 عاما وكان يحتمي مع زوجته في سيارة مع بدء تصاعد الادخنة من عبوات غاز القيت في مكان قريب "تعرفون ان الامر يسير على هذا النحو منذ 30 عاما ومازالوا لا يريدون منحنا حقوقنا."

وتنتشر في سترة كتابات كثيرة على جدران الأبنية تصف الملك بانه طاغية وتمجد قادة المعارضة السجناء. واستشهدت احدى اللافتات بإدانة الزعيم الايراني اية الله علي خامنئي للنظام الملكي بانه غير اسلامي. وتتناثر في العديد من الشوارع قطع من الحجارة والاخشاب وصناديق القمامة لمنع سيارات الشرطة من دخول الازقة الجانبية.

وعلى صعيد متصل اشتبك محتجون بحرينيون مع شرطة مكافحة الشغب قرب العاصمة المنامة بعد جنازة امرأة تقول اسرتها انها توفيت بعدما دخل الغاز المسيل للدموع منزلها مرتين. وتدخلت الشرطة بمدفع مياه وعربات مدرعة لتفريق مئات المحتجين لدى اقترابهم من نقطة تفتيش قرب "دوار اللؤلؤة" الذي كان مركزا لاحتجاجات العام الماضي.

وحملت الرياح بعض الغاز المسيل للدموع بعيدا مما سمح للشبان بقذف العربات بالقنابل الحارقة من مدى قريب لتصيب بعضها. واطلق مدفع المياه مياها ساخنة خلال الاشتباكات التي درات على اطراف العاصمة وحمل المحتجون لافتات باسم ائتلاف شباب 14 فبراير وهو حركة تشكلت منذ انتفاضة العام الماضي تقول انها تريد الاطاحة بحكم اسرة ال خليفة.

وجلبت الشرطة لاحقا تعزيزات تضم ما لا يقل عن عدة مئات من قوات مكافحة الشغب مزودين بالهراوات والدروع واطلقت الغاز المسيل للدمع على الحي بينما كان الشبان يسخرون منهم من بعيد واحيانا يمسكون بعبوات الغاز ويردونها عليها. وردت الشرطة ليمتليء سوق للخضروات بالغاز المسيل للدموع.

وفي وقت سابق دفن السكان جثة عبدة علي عبد الحسين (59 عاما) التي قال ابنها علي انها توفيت بعدما أصيب منزلها بالغاز المسيل للدموع. وقال انه يعتبرها ضحية للاشتباكات مضيفا أنها خرجت من المستشفى وكانت لا تزال تعاني من التهاب الرئة بعدما دخل الغاز المنزل في وقت سابق.

وقال انها سقطت مغشيا عليها في المرحاض وانهم اتصلوا بمستشفى عسكري قريب لارسال سيارة اسعاف لكن لم يكن لديهم أي عربات متاحة. وقال انه عندما جاءت عربة اسعاف بعد فترة من المستشفى العام الرئيسي توفيت والدته التي قال انها كانت تعاني من السكري.

وانفصل محتجو ائتلاف شباب 14 فبراير عن احدى تلك الاحتجاجات الرسمية متجاهلين منظمي جمعية الوفاق الذين كانوا يرتدون سترات برتقالية عليها شعار الجمعية ويوجهون حركة السير.

الخواجة معتقل الحرية

من جهتها دعت منظمة العفو الدولية الجمعة السلطات في البحرين الى الافراج عن ناشط حكم عليه بالسجن مدى الحياة، مؤكدة ان حياته في خطر بعد مرور خمسين يوما على اضرابه عن الطعام.

واعتقل عبد الهادي الخواجه (52 عاما) المنسق السابق لمنظمة فرونتلاين غير الحكومية، في نيسان/ابريل 2011 وحكم عليه في حزيران/يونيو من السنة نفسها لدوره في تظاهرات مناهضة للحكومة. وتعرض للتعذيب اثناء احتجازه، بحسب منظمة العفو الدولية.

وكتب فيليب لوثر مدير منظمة العفو الدولية للشرق الاوسط وشمال افريقيا "يتعين على البحرين ان تفرج عن الخواجه فورا ودون شروط". وتعتبر منظمة العفو الدولية هذا الناشط بمثابة سجين سياسي حكم عليه بسبب التعبير عن آرائه.

واعتقل قرابة ثلاثة الاف شخص في البحرين اثناء حركة احتجاج اندلعت في 14 شباط/فبراير 2011 ولا يزال نحو 400 شخص على الاقل قابعين في السجن، بحسب لجنة تحقيق مستقلة.

فيما بدأت البحرين في وضع كاميرات فيديو في مراكز الشرطة لمحاولة تحسين صورتها في مجال حقوق الانسان. لكن الكاميرات -التي وضعت بعد تحقيق قاده قضاة دوليون كشف عن مقتل خمسة تحت التعذيب العام الماضي- لن يتم تركيبها في خمس قواعد على الاقل لشرطة مكافحة الشغب قال نشطاء ان الشبان تعرضوا للضرب فيها.

وفي مركز شرطة الحورة ذي الجدران الرمادية بالمنامة ستسجل دائرة تلفزيونية مغلقة التحقيقات التي تجريها الشرطة. وتخصص غرف بدون كاميرات للمحتجزين للتشاور مع محاميهم. كما ستكون مناطق اخرى بالمركز خاضعة للمراقبة.

وقال اللواء منصور الهاجري وهو ضابط شرطة رافق الصحفيين في جولة "اخترنا اللون الرمادي لانه من المعايير الدولية وله أثر مهدئ. أي شخص في حالة عنف لابد من تهدئته." وأضاف أن هناك سبعة مراكز أخرى يجري الان تزويدها بنظام للمراقبة وأن جميع المراكز الثلاثة والثلاثين ستتم تغطيتها بحلول أكتوبر تشرين الاول.

وقال طارق الحسن قائد الشرطة معلقا على غياب كاميرات في القواعد التي تنطلق منها شرطة مكافحة الشغب مستخدمة السيارات الجيب والمدرعات للتعامل مع الاحتجاجات "لا يحتجزون احدا.. أي معتقلين سيجري تسليمهم الى الشرطة."

وأرجأت الولايات المتحدة التي تعتبر البحرين حليفتها في صراعها مع ايران مبيعات سلاح بما في ذلك صواريخ مضادة للدبابات ومدرعات الى أن تحقق المنامة تقدما في الاصلاحات بمجال حقوق الانسان.

وتقول الشرطة انها تظهر ضبطا للنفس في مواجهة "مثيري الشغب" الذين يهاجمون رجالها بقنابل حارقة وقضبان معدنية ويتلفون السيارات ويصيبون أفراد الامن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/نيسان/2012 - 10/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م