الصين... تهيمن وتتحدى وتنافس

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: ينظر كثير من المراقبين إلى الصين باعتبارها "قوة عظمى صاعدة"، مع تنامي الدور الخارجي للعملاق الآسيوي، سواء سياسياً أو اقتصادياً، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إلى متى سوف تستمر هذه النظرة؟.. ومتى ينظر العالم إلى الصين باعتبارها قوة عظمى حقيقية؟، فعلى صعيد القارة الآسيوية تكاد تكون الصين بالفعل هي القوة الكبرى الوحيدة، على الرغم من بعض المنافسة التي قد تواجهها من قبل اليابان أو الهند، أما على الصعيد العالمي، فقد بدأ النفوذ الصيني يتسع إلى مناطق مختلفة من العالم، من بينها القارة الأفريقية، وأمريكا اللاتينية، بل امتد أيضاً إلى بعض المناطق في القارة الأوروبية، إلا أن العديد من الخبراء والمحللين السياسيين يرون أنه حتى تصبح الصين قوة عظمى حقيقية، فإن نفوذها الخارجي لا يجب أن يقتصر فقط على القطاعات الاقتصادية، بل ينبغي أن يتضمن أيضاً وجوداً عسكرياً ملموساً يؤثر في الأحداث والتطورات السياسية الجارية، لكن الصين تنتهج اليوم سياسية جديد في إنتاج وتصدير العناصر النادرة، فهل تستغل ذلك لصعود على عرش العالم؟  

حيث إن القيود التي فرضتها الصين على مواردها من المعادن النادرة، إلى جانب الزيادة غير المحددة في الطلب العالمي، قد تسببت بحدوث خلل جديد في الاقتصاد العالمي، ومن المرجح أن يستمر بالحدوث طوال السنوات القليلة المقبلة، ويبقى النقاش حول مستقبل الصين يواجه خطر أن يصبح ذا طابع استقطابي عديم الهدف. ويجادل أحد المعسكرات بأن الصين هي القوة العظمى العالمية الناشئة. ويصر المعسكر الآخر على أن الصين غير مستقرة في جوهرها، وأنها عرضة لأزمة اقتصادية وسياسية. والحقيقة أن الجانبين على صواب. ستكون الصين قوة عظمى غريبة.

العالم يخشى حالة التعبئة القومية في الصين

في سياق متصل يشعر الجميع بالفضول إزاء الطريقة التي ستتعامل بها الصين، القوة العظمى، مع بقية دول العالم. ويتعين على أي شخص ينوي الاطلاع على المستقبل، أن يبدأ بالنظر الى الماضي، على الاقل النسخة الرسمية من الماضي الصيني. وتبدو الرسالة المبعوثة منها غير مطمئنة، إذ إن تلاميذ المدارس في الصين يتعلمون نسخة من التاريخ مغالية في التعصب القومي. وتشير الرواية الرسمية الى ان الصين تم استغلالها بصورة بشعة من قبل غرباء جشعين وطماعين. ولا يمكن تصحيح هذه الاخطاء التاريخية إلا من خلال الصين القوية التي تردع الاعداء، وفي واقع الامر فإن هذه القصة الرسمية تحوي كثير من الحقيقة، إذ كانت الصين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين ضحية لهيمنة الغرباء. والمشكلة ان التاريخ الرسمي للصين يفتقر الى ميزة كانت الفلسفة الماوية تشدد عليها وهي النقد الذاتي. وعند زيارة المعارض في المتحف الوطني الفسيح في ساحة تياننمين، يمكن ان يرى المرء ويقرأ عن الافعال المرعبة التي ارتكبها الغرباء بحق الصينيين. وليس هناك اي شيء تقريبا عن الافعال الاكثر رعباً التي ارتكبها الصينيون بحق بعضهم بعضا، ويرجع ذلك الى ان معظم هذه الجرائم تم ارتكابها من قبل الحزب الشيوعي، الذي لايزال يحكم الدولة.

ويعتبر اجراء نقاش نزيه عن الماضي مسألة ضرورية في رحلة الصين الى نظام سياسي اكثر انفتاحاً. ومن شأن اعتماد وجهة نظر التاريخ الصيني، التي تذهب الى ما هو ابعد من التركيز على ان الصين كانت الضحية، ان يجعل الصين تحلق قوة عظمى على نحو اكثر سلاسة. ويطلق على الصالات المتخصصة بالتاريخ الصيني الحديث في المتحف الوطني «طريق التجدد»، وفي الغرفة الاولى يواجه الزائر بمقدمة مكتوبة وبارزة تقول: «الامة الصينية هي امة عظيمة، شعبها نشيط وشجاع وذكي ومحب للسلام»، ومن ثم يؤكدون لك انهم سيظهرون لك كيف نهض الشعب الصيني «بعد ان كان مقهوراً في الفترة الاستعمارية وسيطرة المجتمع شبه الاقطاعي منذ حرب الافيون عام ،1840 الى المقاومة ضد الاذلال والبؤس، وبذل كل ما أمكن من جهد لتجديد الامة»، ويجري عرض المتحف الوطني بصورة جيدة، وهو يعج بالامور القيّمة والمثيرة للاهتمام، ولكن الرسالة السياسية التي يبعثها فجة. وتترافق الاجنحة المخصصة لحرب الافيون مع الشرح الذي يقول: «انقضّت القوات الامبريالية على الصين مثل سرب من النحل، ونهبت نفائسنا وقتلت شعبنا»، وهناك مكان فسيح للجناح الذي يروي قصة الاجتياح الياباني في ثلاثينات القرن الماضي، ولكن الحرب الاهلية بين القوميين والشيوعيين لم يتم منحها الكثير من الاهتمام. وقال الدليل معلقا على ذلك: «انه ليس امراً مهماً، انه مجرد قتال بين الصينيين أنفسهم». وكانت مرحلة الصين تحت الحكم الشيوعي اكثر ابهاماً، وكان ذكر مجرد «عقبات» في السنوات الاولى من الحكم الشيوعي، هي كل ما هو موجود عما يطلق عليه الصينيون «الزحف العظيم»، ولم يتم التحدث عن المجاعة التي كانت من صنع الصينيين انفسهم.

تجارة الصين للأتربة النادرة

فقد رفعت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأووروبي واليابان رسميا يوم الثلاثاء شكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية ضد الصين بسبب القيود التي تفرضها بكين على صادراتها من المعادن النادرة والمعروفة باسم "الأتربة النادرة" بدافع حماية البيئة، وتعد هذه المرة الأولى التي تشترك فيها أمريكا وأوروبا واليابان في رفع دعوى مشتركة أمام، وتعتبر هذه "الأتربة النادرة" ضرورية في تصنيع مجموعة واسعة من المنتجات التكنولوجية مثل الهواتف النقالة حيث يتم الحصول على أكثر من 95 في المائة من إمدادات العالم من هذه المواد من الصين، وتقول الولايات المتحدة إن تقييد الصادرات الصينية من هذه الأتربة قد دفع الأسعار إلى الارتفاع. ومن المحتمل أن تؤدي أية قيود إضافية تفرضها بكين على صادراتها إلى المزيد من الارتفاع في الأسعار العالمية، وهناك مخاوف من أن بكين قد قامت بتطبيق هذه القيود في محاولة منها لضمان أن تظل أسعار هذه العناصر منخفضة داخل الصين، ويقول الغرب إن هذه القيود تعطي للصناعات الصينية أفضلية في الأسواق تمثل انتهاكا لمعايير المنافسة التي وضعتها منظمة التجارة، وقد نفت الصين هذه المزاعم وقالت إنها فرضت حصصا للصادرات لضمان عدم حدوث أضرار بيئية ناتجة عن التوسع المفرط في حفر المناجم.لكن يعتقد الكثيرون أن هناك المزيد من الجهود التي يجب أن تبذل في هذا الشأن من أجل توفير الاحتياجات العالمية من منتجات الأتربة النادرة، وقد أكد وزير الصناعة الصيني مياو وي أن بلاده تعد حاليا ملف الدفاع عن موقفها للرد على الاتهامات الأمريكية أمام منظمة التجارة العالمية، وتضم هذه الأتربة النادرة 17 عنصرا مهما تدخل في صناعات متعددة متعلقة بالمنتجات ذات التكنولوجيا العالية، من أجهزة الآي بود إلى القذائف، وحددت الحكومة الصينية حصة الصادرات لعام 2012 من الأتربة النادرة بنحو ثلاثين ألف طن، وهي نفس الحصة التي حددتها لعام 2011. بحسب البي بي سي.

 إلا أن المصدرين الصينيين استخدموا فقط نصف هذه الحصة تقريبا في العام الماضي، وقال ليو ويمن المتحدث باسم الخارجية الصينية: "نحن نؤمن أن هذه الإجراءات تلتزم بقواعد منظمة التجارة العالمية، ودافع ويمن عن القيود التي قال عنها إنها "تقوم على حماية البيئة، وتحقق التنمية المستدامة، وانتقدت وكالة الأنباء الصينية الرسمية شينخوا الدعوى وقالت الوكالة في تعليق لها:"هذا أمر متهور وغير عادل بالنسبة للولايات المتحدة أن تقوم برفع قضية ضد الصين أمام منظمة التجارة العالمية، وهو ما قد يضر بالعلاقات الإقتصادية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، وكانت وسائل الإعلام الصينية قد ذكرت أن الصين تستعد إلى تسهيل القيود على الأتربة النادرة بعد أن حكمت منظمة التجارة العالمية بأن فرض القيود على مثل هذه المواد الخام المهمة يخالف قواعد التجارة، وقد دعت الصين إلى توسيع استخدام الأتربة النادرة في الصناعة المحلية داخل الصين، وهي الخطوة التي أثارت مخاوف مختلفة في الغرب، وتدخل العناصر الموجودة في الأتربة النادرة في العديد من التطبيقات في قطاعات الصناعة العسكرية والتكولوجية على وجه التحديد، فهي تدخل في منتجات مثل أجهزة الكمبيوتر، ومشغلات إم بي ثري، ومحركات الأقراص، وأجهزة التلفاز المسطحة، والهواتف المحمولة، والصواريخ، وقد دعا الرئيس الأمريكي أوباما، الصين عدة مرات إلى اللعب وفقا لـ "قواعد الطريق"، حيث أصبحت الصين الآن من بين الدول التي تهيمن على الاقتصاد العالمي.

انهاء الاعتماد على الاقمار الامريكية

فيما خطت الصين خطوة جديدة باتجاه انهاء اعتمادها على تقنية الاقمار الاصطناعية الامريكية لاغراض الملاحة وتحديد المواقع، وذلك باطلاقها العمل التجريبي لنظام "بايدو" الصيني، وكان المشروع الصيني قد بدأ في عام 2000، باطلاق زوج من الاقمار الاصطناعية المخصصة لتحديد المواقع الى الفضاء الخارجي، وقال ران تشينغتشي، الناطق باسم النظام الجديد، للصحفيين إن نظام "بايدو" سيغطي معظم منطقة آسيا والمحيط الهادئ بحلول العام المقبل، وسيغطي الكرة الارضية باكملها عام 2020، واضاف ان الصين قد اطلقت بالفعل عشرة اقمار اصطناعية في نطاق برنامج "بايدو"، وانها بصدد اطلق ستة اقمار اخرى في العام المقبل، ويقول الاعلام الصيني الحكومي إن النظام سيشمل 35 قمرا تستخدم في شتى المجالات بما فيها صيد الاسماك والانواء الجوية والاتصالات، يذكر ان للصين خطط فضائية طموحة تشمل انشاء محطة مدارية وارسال بعثة مأهولة الى القمر. بحسب البي بي سي.

تبادل مباشر للعملة مع اليابان

كما كشفت الصين واليابان عن خطط لتعزيز عمليات تبادل العملة بين الدولتين بصورة مباشرة خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا إلى الصين اجتمع خلالها مع نظيره الصيني ون جيا باو، ويسمح الاتفاق للشركات بتبادل عملتي الصين واليابان بصورة مباشرة بهدف تعزيز التجارة الثنائية وتقليل التكاليف، وتحتاج الشركات بكلا الدولتين حاليا إلى شراء الدولار الأمريكي ثم تحويله إلى عملة الدولة الأخرى لتمشية التعاملات التجارية بين البلدين، وقال رن شيانفانغ، من مؤسسة "آي إتش إس غلوبال إنسيت" لوكالة "بلومبرغ نيوز": "يحظى الاتفاق بأهمية أكبر من أي اتفاق آخر بين الصين ودولة أخرى بسبب حجم التجارة بين الصين واليابان اللتان تمثلان أكبر اقتصادين في آسيا"، وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر لليابان، حيث تقول منظمة التجارة الخارجية اليابانية إن حجم التجارة بين الدولتين وصل إلى 26.5 تريليون ين (339 مليار دولار)، "يحظى الاتفاق بأهمية أكبر من أي اتفاق آخر بين الصين ودولة أخرى بسبب حجم التجارة بين الصين واليابان اللتان تمثلان أكبر اقتصادين في آسيا"، واتفق رئيس الوزراء الياباني مع نظيره الصيني على السماح لبنك اليابان للتعاون الدولي بإصدار سندات باليوان داخل الصين، وهذه أول مرة تتيح فيها الصين ذلك لكيان حكومي أجنبي، وأعلنت اليابان إنها ترغب في شراء سندات حكومية صينية مما سيعود بالنفع على كلا الطرفين، وفق ما ذكره محللون، ويقول تاكوجي أوكوبو، من "سوسيتيه جنرال" في طوكيو: "استخدام السندات الصينية كجزء من احتياطي عملة أجنبية رسمي يعني أن اليابان تتعامل مع السندات الصينية على أنها أصل استثماري"، وأضاف أوكوبو: "من المتوقع أن يعزز ذلك استثمارات القطاع الخاص الياباني في السندات الصينية وعملات آسيوية أخرى ناشئة"، مؤكدا أن هذه الخطوة ستساعد على تعزيز انفتاح أسواق الصين المالية. بحسب البي بي سي.

 ويعد الاتفاق "دليلا على مستوى أعلى من الالتزام من جانب الصين بالإصلاح القائم على الانفتاح، وسيضفي مصداقية على تجربة اليوان خارج الصين"، وأعلنت الصين واليابان عن إحراز تقدم فيما يتعلق باتفاق تجارة حرة بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وذلك بهدف تعزيز التجارة بين الدول الثلاث. وتضغط الصين من أجل تسريع وتيرة المحادثات والإجراءات، ولاسيما بعدما أبدت اليابان اهتماما بالمشاركة فيما يُعرف باتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي، ويسعى الاتفاق إلى إلغاء الرسوم الجمركية وغيرها من العوائق أمام السلع والخدمات بين الدول الأعضاء، التي تشمل الولايات المتحدة واستراليا وبروناي ودار السلام وشيلي وماليزيا ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة وفيتنام.

هل تصبح الصين أكبر قوة عسكرية ؟

وبحسب لورنس سايز، أستاذ العلوم السياسية في مركز الدراسات الشرقية والأفريقية بالعاصمة البريطانية لندن، فإن "الصين حينما تقرر أن تضم تايوان إليها، فعند ذلك تكون قد أصبحت قوة عظمى.. ولا مجال للشك أو التساؤل.. فإنه سيكون هو ذلك اليوم، وتعتبر الحكومة الصينية المركزية تايون جزءاً من أراضي "البر الرئيسي" للصين، كما تهدد بكين باستخدام القوة العسكرية لضم الجزيرة، في حالة إذا ما أقدمت على إعلان استقلالها عن "الوطن الأم، وبينما يعتقد سايز أن الصين قد تصبح القوة العسكرية الأولى في العالم بعد 20 عاماً، فإنه يشدد على أن "النقطة المحورية هي القوة العسكرية، أن تكون لديك القدرة على تهديد جيرانك، التهديد بعمل عسكري مع القدرة على مواجهة التحديات، الصين تدرك حتى اللحظة أنها ستخسر أي حرب مع الولايات المتحدة اليوم، من جانبه، يرى ألكسندر نيل، الباحث في الشؤون الآسيوية بمعهد "رويال يونايتد سيرفسيز" في لندن، أنه "عندما يصبح بإمكانها أن تشكل تحدياً حقيقياً (عسكرياً) للولايات المتحدة، فإنه سيكون ذلك اليوم الذي تصبح فيه قوى عالمية عظمى، تكون لدى قواتها القدرة على الوصول والانتشار في أماكن مختلفة من العالم. بحسب السي ان ان.

 مع القدرة على حماية مصالحها، وعادةً ما ينفي كبار القادة العسكريين في الصين أن تكون بلادهم تسعى لأن تصبح قوة عسكرية عظمى، ومؤخراً وجه رئيس الأركان العامة للجيش الصيني، الجنرال تشن بينغ ده، رسائل واضحة إلى نظرائه في الولايات المتحدة، بأن هناك "فجوة تتسع بازدياد" بين الجيشين الأمريكي والصيني، وقال الجنرال الصيني، خلال زيارة نادرة قام بها إلى واشنطن في مايو/ أيار الماضي، إن العلاقات بين البلدين تعاني المشاكل عندما "يتم تجاهل بكين"، وقال في خطاب ألقاه في كلية الدفاع العسكري بالعاصمة الأمريكية: "من الطبيعي والضروري حصول تعاون بين الجيشين في طريق السلام والاستقرار"، وأكد أن بلاده لا يمكنها مجاراة القدرات العسكرية الهائلة للولايات المتحدة، ويبدو أن تصريحات رئيس الأركان الصيني جاءت رداً على تقارير سابقة، لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، جاء فيها أن الصين تطور قدراتها العسكرية، عبر صواريخ بالستية بعيدة المدى، وأخرى مضادة للسفن، يمكن أن "تغيير ميزان القوى في المنطقة"، وتساعد بكين على تسوية نزاعات إقليمية.

الصين للهند: العالم كبير ويتسع لكلينا

من جهته قال رئيس الوزراء الصيني وين جيباو لنظيره الهندي مونموهان سينج إن هناك "مساحة كافية" في العالم لتنمية بلديهما، وجاءت تعليقات جيباو خلال لقاء مشترك على هامش قمة الآسيان في العاصمة الفايتنامية هانوين يذكر أن الصين هي أكبر شريك تجاري للهند، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين 50 مليار دولار، وكان الجانبان خاضا حربا محدودة عام 1962 انتهت بانتصار الصين. بحسب السي ان ان.

لكن العلاقات الاقتصادية أخذت في التحسن بعد ذلك، غير أن التوتر لا يزال قائما بين القوتين الاقليميتين بسبب الحدود المشتركة التي يبلغ طولها 3500 كيلومترا، وتعتبر إقامة الدالاي لاما الزعيم الروحي للتبت في الهند سببا آخر للخلاف بين البلدين، وقال جيباو خلال اللقاء المشترك مع نظيره الهندي "هناك مساحة كافية في العالم للهند والصين لتحقيق تنمية مشتركة"، ودعا جيباو إلى ضرورة العمل من أجل تعزيز علاقات الجانبين. وذكرت تقارير في الصحافة الهندية أن جيباو سيزور الصين في 16 من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وأكد رئيس الوزراء الصيني أن الجانبين سيتوصلان إلى "توافق بشأن بعض الجوانب لوضع أساس للزيارة"، ويعتبر لقاء جيباو وسينج الأول من نوعه منذ النزاع الذي نشب العام الماضي بين الجانبين بسبب تأشيرات دخول منحتها الصين لمسافرين من القسم الهندي من كشمير.

عائدات تكنولوجيا المعلومات

في حين سجّلت الصين خلال العام 2011 زيادة في عائداتها من صناعة خدمات تكنولوجيا المعلومات والبرامج بنسبة 32.2% على أساس سنوي حيث بلغت قيمتها 292.23 مليار دولار، ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" الأحد عن وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات أن عائدات البلاد من صناعة خدمات تكنولوجيا المعلومات والبرامج الحاسوبية ازدادت في العام الفائت إلى 1.84 تريليون يوان "292.23 مليار دولار"، أي بنسبة 32.2% عن العام 2010، وزادت صادرات البلاد 18.5% على أساس سنوي إلى 30.4 مليار دولار.

أعلى مطار في العالم

كما ستبدأ في العام القادم في إنشاء أعلى مطار في العالم في منطقة ناغقو بالتبت. وسيكون المطار الجديد أعلى بمئة متر عن المطار الذي مازال يحرز الرقم العالمي والموجود حاليا في المنطقة ذاتها، مطار ناغقو سيكون على ارتفاع 4 آلاف و436 مترا فوق مستوى سطح البحر، وذلك أعلى قليلا من المطار الموجود في مدينة قامدو والذي يبلغ ارتفاعه 4 آلاف و334 متران سيتكلف مشروع المطار الجديد 1.8 مليار يوان، أي ما يعادل 280 مليون دولار، ومن المقرر أن يفتتح بعد ثلاث سنوات، ويوجد حاليا في منطقة التبت خمسة مطارات مدنية، اثنان منها على الأقل يفتحان لأشهر قليلة خلال السنة بسبب ظروف الطقس القاسي الذي يجعل الطيران مهمة مستحيلة خلال بقية شهور السنة، وكانت الصين قد شرعت في السنوات الأخيرة في برنامج يتكلف بضعة مليارات دولار لتحديث المطارات القديمة وبناء مطارات جديدة، خاصة في مناطق غرب البلاد النائية، كوسيلة لإنعاش الاقتصاد. بحسب رويترز.

كما أغدقت الحكومة مليارات الدولارات على منطقة التبت على أمل كسب قلوب السكان وعقولهم في منطقة يديرها الحزب الشيوعي بقبضة من حديد منذ ستة عقود، وتقول الحكومة إن المطارات الجديدة وشبكة الطرق والسكك الحديدية للتبت سوف تساعد على التنمية وزيادة مستوى المعيشة، لكن النشطاء في التبت يقولون إن المشروعات الجديدة ستساهم في الإسراع في عملية هجرة الصينيين إلى المنطقة وإذابة الثقافة البوذية في التبت.

بين الماضي والحاضر

على صعيد أخر وفي مجمع "القرية" التجاري الضخم في العاصمة الصينية بكين، يتزاحم المتسوقون الأغنياء إلى شراء الماركات الأجنبية غالية الثمن. وقد أصبح هذا المجمع التجاري ذو المباني الحديدية والزجاجية أثرا هاما لرؤية المستقبل المادي للصين، ولكن لم يكن امام المتسوقين الصينيين هذا التنوع الكبير من المنتجات في الماضي. فمنذ عقود قليلة مضت، كانت المنتجات غير الغذائية يتم شرائها في عدد محدود من المتاجر التقليدية التي كانت تبيع البضائع الصينية الرخيصة، وقد هجر العديد من الزبائن هذه المتاجر الآن لحساب المتاجر الحديثة ذات الأضواء الكثيرة، لكن بعض هذه المتاجر التقليدية ظلت تنافس وقد اجتذبت الآن اهتماما متزايدا من كثير من الناس في السنوات القليلة الماضية، وخصوصا من يبحثون عن شراء سلع تقليدية تذكرهم بالماضي، ومع التغيرات السريعة التي تشهدها الصين، هناك شعور بالحنين إلى عصر شيوعي يتآكل الآن بشكل سريع.

يعد متجر "شارع يونجان" واحدا من هذه المتاجر التقليدية التي شهدت رواجا في الفترة الأخيرة، وقد افتتح هذا المتجر أبوابه في عام 1958 في بناية مكونة من أربعة طوابق في منطقة متواضعة بجنوب بكين، وفي هذا المتجر، يتم عرض المنتجات وهي مكدسة فوق بعضها البعض فوق أرفف وفي حاويات زجاجية تقليدية، وهو عكس ما يحدث الآن في المتاجر الحديثة التي تميل إلى عرض عدد قليل جدا من المنتجات في نوافذ عرض ضخمة، وتعمل "لوي زيرونج" في هذا المتجر منذ 30 عاما، وهي تبيع أدوات المطبخ ومنتجات التجميل التقليدية التي لم تعد حديثة هذه الأيام. لكنها تقول أن الأمور بدأت تتغير مرة أخرى، وتضيف زيرونج – وهي في الرابعة والخمسين من العمر: "لم يعد هناك العديد من المتاجر التقليدية التي تبيع المنتجات المصنوعة في الصين، فالناس الآن تحب الذهاب إلى المتاجر الحديثة والضخمة، "لكننا الآن نشهد قدوم الكثير من الشباب إلى هذا المتجر لأنهم أدركوا أن منتجاتنا لها قيمة جيدة، وكانت "وانج زين" أحدى هؤلاء الشباب والتي كانت تشتري مرطبات للبشرة من النوع الذي اعتادت والدتها أن تشتريه في الماضي، وقالت وانج زين: "يتولد لدي شعور دافئ عند النظر إلى هذه المنتجات، وحتى الأغلفة لم تتغير منذ سنوات عديدة. بحسب البي بي سي.

الجميع يتحدثون عن الحنين إلى الماضي هذه الأيام، ويقدم متجر "شارع يونجان" العديد من الخدمات الأخرى التي بدأت تختفي سريعا من المجتمع الصيني. حيث يوجد هناك فني لريافة الملابس، وفني أخر لإصلاح الساعات وكلاهما يعمل في مكان ضيق جدا داخل المتجر، وهناك بائعة أخرى تدعى زانج، وهي تبيع الأحذية المصنوعة من القماش وتبيع الأحذية الرياضية من الطراز القديم الذي كانت ترتديه الأجيال الصينية في فترات سابقة قبل أن السماع عن الأحذية الرياضية من ماركة نايك، لكن في نفس الوقت، تضطرهم المنافسة الشديدة أن يخففوا من الطريقة التي يتبعونها حتى يستمروا في السوق.

وتقول زانج: "لكن الأمور تغيرت الآن كثيرا. فيتم تقديم الخدمة الآن مع 'ابتسامة، ويتنوع زبائن هذا المتجر، فالكثير منهم هم من السكان الفقراء في بكين، والذين يكافحون لشراء أرخض المنتجات وهي المنتجات المصنوعة في الصين، وبعضهم يعيش أو يعمل بالقرب من هذا المتجر ويجدون الأمر مقنعا بالنسبة لهم للتسوق منه، وهناك أيضا عدد من الزبائن الأوفياء، الذي يتوافدون على المتجر منذ سنوات طويلة، وكذلك مجموعة من الزبائن الذين يجذبهم الحنين إلى الماضي للتسوق في هذا المتجر الذي لا يزال يحتفظ ببعض ذكريات الفترة الشيوعية، حيث هناك صورة معلقة للزعيم الصيني الراحل ماو وهو يبتسم، وتقول إحدى الزبائن التي تدعى زيو شيزيا وهي أحد زبائن المتجر وتعمل في مجال الموسيقى أنها تسافر لمسافة طويلة عبر بكين لترى العروض التي يقدمها المتجر، وتضيف: "الآن أنا كبيرة في السن، وأفتقد لأشياء من فترة شبابي، فالأمر الآن أصبح مختلفا جدا عن الحياة في هذه الأيام، وتضيف أيضا: "الجميع يحبون التقدم، لكن ونحن نتطور لا أستطيع أن أمنع نفسي من التفكير في الماضي ،ولحسن الحظ بالنسبة إلى "زيو شيزيا" وآخرين لا يزالون يريدون مذاقا من هذا الماضي، هناك متجر "شارع يونجان" والمنتجات.

المستثمرين الاجانب

وفي محاولة لتهدئة مخاوف المستثمرين الاجانب قال رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو ون ان الموردين الاجانب سيعاملون على قدم المساواة مع الشركات المحلية في المنافسة على عقود حكومية، وقال أمام اجتماع للمنتدى في مدينة تيانجين بشمال الصين "أود أن أؤكد من جديد على أن كل الشركات المسجلة في الصين وفقا للقانون هي شركات صينية، وأضاف "منتجاتهم تعتبر مصنوعة في الصين وابتكاراتهم نشأت في الصين .. الصين ستعامل الشركات ذات رأس المال الأجنبي والشركات المحلية بالعدل والمساواة في المشتريات الحكومية. بحسب رويترز.

وتقول الصين مرارا انها لن تتحيز ضد الشركات الاجنبية لكن مسؤولي شركات عالميين يخشون من أن قواعد جديدة لدعم الابتكار في الصين قد تجعل من الصعب الفوز بعقود في السوق سريعة النمو، كانت غرفة تجارة الاتحاد الاوروبي في الصين قالت في ورقة سنوية صدرت في وقت سابق هذا الشهر ان حواجز عديدة تمنع أعضاءها من التنافس على قدم المساواة مع شركات محلية،وقال ون إن الصين ستحسن اطار العمل القانوني بدرجة أكبر لتوفير مناخ أفضل للشركات الاجنبية.

قوة عظمى من نوع مختلف

على صعيد مختلف كيف سيكون الأمر حين تصبح الصين الاقتصاد الأول في العالم؟ ربما نعرف ذلك خلال فترة قريبة للغاية. فقد أصدر صندوق النقد الدولي قبل أسابيع قليلة تقريراً أفاد بأن الصين يمكن أن تحتل المرتبة الأولى خلال خمس سنوات.

والتوقعات التي تشير إلى أن الاقتصاد الصيني سيصبح أكبر من الاقتصاد الأمريكي بحلول عام 2016 تتضمن تعديلات للقوة الشرائية المحلية لعملتي البلدين. ويعتبر بعضهم هذا التفسير لبيانات صندوق النقد الدولي خطوة ملتبسة تعمل على زيادة حجم الاقتصاد الصيني بصورة مصطنعة. لكن حتى باستخدام أسعار صرف حقيقية، فإن ذلك لن يؤخر يوماً في إنزال أمريكا عن عليائها. وكانت توقعات من جانب مجلة ''ذي إيكونوميست''، وردت قبيل عيد الميلاد مباشرة، قد تنبأت بأن تحتل الصين تحتل المرتبة الاقتصادية الأولى بحلول عام 2019، إن صعود الصين سيغير الأفكار بخصوص ما يعنيه أن تكون قوة عظمى. وخلال القرن الأمريكي اعتاد العالم على فكرة أن البلد الأول اقتصادياً على صعيد العالم هو في الغالب البلد الأكثر غنى. وكان أكبر اقتصاد في العالم يعيش فيه أغنى الناس في العالم.، ومع بروز الصين قوة اقتصادية عظمى تحطم الربط بين الثراء القومي والثراء الشخصي. فالصين أغنى من العالم الغربي وأفقر منه أيضا. لديها احتياطيات بالعملة الأجنبية تعادل ثلاثة آلاف مليار دولار. ومع ذلك الأمريكي العادي، قياسا بأسعار الصرف الحالية، أغنى بواقع عشرة أضعاف من الصيني العادي، والغِنى النسبي للمجتمع الأمريكي أحد الأسباب في أن الصين لن تصبح أقوى دولة في العالم في اليوم الذي يحتل فيه اقتصادها المرتبة الأولى. واعتياد العالم النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها ''قوة عظمى وحيدة'' يجعل من المحتمل أن تمتد هيمنة أمريكا السياسية لفترة تتجاوز تفوقها الاقتصادي. ولدى أمريكا مركز راسخ في المؤسسات العالمية. ومن المهم أن الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، موجودة كلها في الولايات المتحدة – وأن حلف الناتو قائم حول أمريكا، إن لدى الجيش الأمريكي قدرات عالمية واسعة من حيث بعد الأماكن التي يستطيع الوصول إليها، إضافة إلى تقدم تكنولوجي لا تستطيع الصين معادلته. كذلك الولايات المتحدة متقدمة على الصين في مجال القوة الناعمة. يضاف إلى ذلك أن الصين ليست لديها بعد كيانات معادلة لهوليوود، ووادي السيليكون، أو ''الحلم الأمريكي''.

ومع ذلك، وبالرغم من وجود فرق بين القوتين السياسية والاقتصادية، إلا أنهما مرتبطتان بشدة. فكلما ازداد غنى الصين ازداد نفوذها. وخلال زيارة حديثة قمت بها إلى ساوباولو، سمعت دبلوماسياً برازيلياً رفيع المستوى يقول بصراحة إن الصين البعيدة التي هي الآن أكبر شريك تجاري لبلاده، أصبحت في الوقت الراهن أهم للبرازيل من الولايات المتحدة. وكانت أول زيارة خارجية قامت بها الرئيسة البرازيلية الجديدة، ديلما روسيف، إلى بكين. وأدت التجارة والاستثمار من جانب الصين كذلك إلى زيادة النفوذ الصيني عبر إفريقيا والشرق الأوسط بشكل كبير، والتساؤلات السياسية التي تثيرها قوة الصين الاقتصادية سيتم الشعور بها بصورة أكثر حدة لدى جيرانها الأقربين. فاليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا تجد الآن أن مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية تشير إلى اتجاهات مختلفة. فأهم علاقة اقتصادية لهذه البلدان الثلاثة مع الصين، في الوقت الذي تتركز فيه أهم علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة. وإذا ألقت الصين بثقلها أكثر من اللازم – مثلما أبدت علامات على ذلك في العام الماضي – فإن حلفاء واشنطن من الآسيويين يمكن أن يرتبطوا بأمريكا بصورة أوثق، ولفترة من الزمن. لكن بمرور الوقت، سترجح القوة الاقتصادية الصينية المتنامية وتصبح الثقل المؤثر، ويدور الآن نقاش حي حول كيفية التكيف مع منطقة نفوذ صيني متزايد في آسيا. بحسب الاقتصادية.

ويقول كيشور محبوباني، الذي كان وزيراً للخارجية في سنغافورة، إن الآسيويين ''يعرفون أن الصين ستكون موجودة في آسيا خلال الأعوام الـ 1000 التالية، لكننا لا نعرف ما إذا كانت أمريكا ستكون لا تزال موجودة بعد 100 عام''، إن قوة الصين ـ مصحوبة بالقلق حيال الديون العامة المرعبة التي تتراكم في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان ـ ستشكل تحديا للأفكار الغربية حول العلاقة بين الديمقراطية والنجاح الاقتصادي. فمنذ أن أصبحت الولايات لمتحدة أكبر اقتصاد في العالم، في أواخر القرن التاسع عشر، ظل أقوى اقتصاد في العالم في بلد ديمقراطي. لكن إذا استمرت الصين دولة يحكمها حزب واحد خلال العقد المقبل، فإن ذلك سيتغير. وسيصبح الشعار الغربي الواثق، القائل: ''الحرية تنجح'' أمام تحدٍ مع تحول الشمولية مرة أخرى إلى نمط سائد، لكن في مرحلة ما الصين نفسها ستواجه أزمة، لأن أمام نظاميها الاقتصادي والسياسي فترات انتقالية مخيفة. ولا يمكن للاقتصاد الصيني أن يستمر في تحقيق معدل نمو سنوي عند 8 – 10 في المائة إلى ما لا نهاية. كذلك تواجه الصين مشاكل ديمغرافية وبيئية هائلة، فضلا عن أن الشمولية الصينية تصبح أكثر شذوذاً في العالم الحديث ـ وهو ما يشهد عليه رد فعل الحزب الشيوعي المرعوب على الانتفاضات العربية. غير أن تطور نظام ديمقراطي يمكن في النهاية أن يهدد وحدة الأمة، بينما تبرز حركات الوطنيين التيبت والإيجور، إذا واجهت الصين أزمة اقتصادية وسياسية، أو حين تواجها، فإن الخطاب الغربي حيالها سيتغير على الفور. وسيجادل بعضهم بأن ''المعجزة الصينية'' خلال الأعوام الـ 30 الماضية كانت سراباً، لكن ذلك سيكون خطأً أيضاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/آذار/2012 - 9/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م