سألت صديقي رئيس تحرير إحدى الصحف المستقلة عن رأيه في أحداث سوريا
فأبدى عدم قناعته بما تنشره وسائل الإعلام عما يجري في هذا البلد إلا
أنه أكد عدم قدرته على التحدث بصورة مغايرة لأن التيار المناهض للنظام
السوري (عالي) وليس هناك من يقدر على المخاطرة بإبداء وجهة نظر أخرى
حتى لو كانت محايدة ولذا فقد آثر صديقنا الصمت التام خوفا من الموت
الزؤام وتشهير المرتزقة اللئام.
اليوم وفي خطوة انتحارية جريئة أقدمت بوابة الأهرام الإلكترونية على
نشر تقرير منقول عن صحيفة (ايدنلك) التركية اليوم الثلاثاء، ذكر فيه أن
ازدياد العمليات الإرهابية في سوريا جاء بعد الزيارات المتعددة لكبار
المسئولين الأمريكان إلى تركيا، حيث قتل العديد من المواطنين السوريين
في انفجاري دمشق وحلب بعد زيارة مدير المخابرات الأمريكية "ديفيد
باتريوس" إلى تركيا.
وقالت الصحيفة، في تعليق لها، إن زيادة العمليات الإرهابية في سوريا
مؤشر على وضع أمريكا خطتها في حيز التنفيذ لكسر تحدي مقاومة النظام
السوري لأمريكا، وحسب المعلومات الواردة ستزداد العمليات الإرهابية في
سوريا بالأيام القريبة القادمة.
لا جديد في الأمر من وجهة نظر المراقبين للحدث السوري فالبصمات
الأمريكية الفرنسية الإسرائيلية القطرية واضحة تماما في الحدث السوري
حيث راهن الصهاينة والأمريكان في البدء على تكرار النموذج الليبي أي
انطلاق العمليات المناهضة للنظام من حمص كما انطلقت من بنغازي إلا أن
هذه المحاولة منيت بالفشل بعد اندحار الجماعات الإرهابية المسلحة في
معركة بابا عمرو والممكن الوحيد الآن هو النموذج العراقي وهو نموذج
تدمير المجتمع السوري من الداخل أو شن حرب استنزاف وصولا لإجبار النظام
على الرضوخ للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية.
ولأن الفجور والتبجح هو إحدى سمات السياسة الأمريكية مقابل الغفلة
والبلاهة وربما التبجح بالخيانة التي هي إحدى سمات من يصفون أنفسهم
بالإسلاميين فقد نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى دراسة بتاريخ 21
فبراير الماضي أعدها رجل الاستخبارات الأمريكي جيفري وايت تحدث فيها
بصراحة ووضوح عن الخطط الأمريكية لشن حرب غير مباشرة على سوريا.
في هذه الدراسة دعا رجل الاستخبارات الأمريكية لتدمير البنية
الأساسية للدولة السورية من خلال تدمير محطات توليد الطاقة الكهربائية
ونسف خطوط نقل الطاقة وقطع خطوط الهاتف فضلا عن إشعال الفتنة المذهبية
بين أبناء الشعب السوري.
أما منفذو عمليات التخريب فهم جماعات القاعدة التي أرسلت بها الدول
الراعية للإرهاب وعلى رأسها السعودية وقطر فضلا عن مسلحي الإخوان
المسلمين ويبقى ذلك التنظيم الهامشي المسمى بالجيش السوري الحر
والممولون هم ذات الدول ومن ضمنهم النظام السعودي صاحب (الفكرة
الممتازة بتسليح ما يسمى بالجيش السوري الحر).
لو كان النزاع طائفيا أو مذهبيا من الأساس لما احتاج الشيطان الأكبر
للتأكيد على استغلال هذه الورقة وتثميرها كما تقول الورقة ولكن الهدف
الأساسي هو إسقاط النظام السوري وما يمثله في دومينو السياسة الدولية
وصولا لإعادة تأكيد الهيمنة الأمريكية المطلقة على شئون المنطقة
والعالم بأسره.
الصراع الدائر الآن على سوريا هو صراع على امتلاك العالم وليس صراعا
إقليميا ولا مذهبيا على من يملك دمشق وهو تكرار شبه حرفي للصراع الذي
أشعله الغرب في أفغانستان هذه المرة مع اختلاف الظروف والملابسات ومع
دخول الصين وإيران كقوى تسعى لتأكيد صعودها في مواجهة الهيمنة
الأمريكية ورغبتها في الهيمنة على موارد الطاقة لأن من يملك الشرق
الأوسط يملك العالم بأسره.
أما عن العناصر المكلفة بتخريب وتدمير الدولة السورية فهي نفسها
التي أبلت بلاء (حسنا) في حربها على السوفييت لصالح سيدهم ومالك رقابهم
الأمريكي المبجل حيث نال هؤلاء مكافأتهم في السابق بقضاء عطلة نهاية
العمر في معتقل جوانتنامو أما كبار المحرضين والمفتين فيجري الحفاظ على
حياتهم في انتظار فتنة أخرى يؤدون فيها دورهم في إصدار فتاوى التكفير
والقتل وإباحة عمليات التخريب استجابة للتعليمات التي يصدرها جيفري
بنوعيه: وايت وفيلتمان.
أحد دعاة تخريب سوريا وقتل رئيسها كان الأخ/ صفوت حجازي الذي أطلق
فتاواه الأفغانية الطالبانية الأمريكية في حفل إخواني بهيج قال فيه (أن
فتاوى العلماء صدرت بوجوب إهدار دم بشار الأسد، وأن قتله فرض عين على
كل مسلم ومسلمة، وهذه فتاوى رابطة أهل السنة والجمعية الشرعية للحقوق
والإصلاح ووقَّع عليها أكثر من 400 عالم ومن يستطيع أن يقتل بشار الأسد
فليقتله وأتحمل عنه الدم ولو استطعت قتله الآن لفعلت، وأتمنَّى أن
أتنكَّر في القريب لأقتل بشار الأسد خلال الأيام المقبلة لإراحة الشعب
السوري من ظلمه وفساده وطغيانه، داعيًا الشباب السوري إلى العودة إلى
سوريا، ومواجهة بشار بالقوة ومقاتلة زبانيته، مضيفًا أن الثورة السورية
عربية مسلمة، وستنتصر، وسيكون مصير بشار الأسد كمصير من سبقه من الحكام
الطغاة).
لا أدري كيف ولماذا سيتنكر الشيخ وهل هناك تنكر أكثر من هذا للعروبة
والعقل والدين وقد أصبح متماهيا مع الأهداف الصهيونية الأمريكية أكثر
من الأمريكيين أنفسهم؟!.
الآن تزداد الخطط الأمريكية وضوحا وجلاء وهي واضحة في الأصل إلا على
من أعمى الله بصره وبصيرته عن رؤية الحقائق وعن الحفاظ على وحدة الأمة
وتماسكها في مواجهة التحالف الغربي الصهيوني الذي يريد أن يحيل عالمنا
العربي إلى أرض محروقة ليس فيها قوة يمكنها التصدي لهم (وإذا خفيت على
الغبي فعاذر ألا تراني مقلة عمياء).
ثم يزعمون أنهم يريدون تحرير فلسطين واستنقاذ الأقصى!!.
www.elnafis.net |