النفط الايراني... حاجة واقعية وعقوبات تتحول الى افتراضية

 

شبكة النبأ: ملف العقوبات الاقتصادية المفروض على ايران بسبب برنامجها النووي مثار الجدل يشكل اليوم مصدر قلق بين بعض البلدان التي تعتمد بشكل كبير على النفط الايراني والتي تتخوف من ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية الامر الذي قد يسبب لها خسائر اقتصادية كبيرة خصوصا وانها اليوم مستفيدة بسبب ذلك التعاون مع هذا البلد الحليف ، لكن ورغم تلك التوقعات فقد أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلنتون، أن محصلة الدول التي خفضت مستورداتها من النفط الخام الإيراني وصل الى 11 دولة. وقالت كلينتون في خطاب لها أمام الكونغرس الأمريكي، "أن الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل هذه الدول لم يكن سهلا، حيث كان يتحتم عليها إيجاد مخارج ومصادر أخرى للتزود بالطاقة، وخصوصا في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يشهدها العالم." وأضافت كلينتون: " تمكنا من إحراز تقدم جيد بعد مضي شهرين على بدء تنفيذ العقوبات الاقتصادية على إيران والتي قلصت بالفعل حجم الواردات سواء من النفط الخام أو مشتقاته إلى الأسواق العالمية." وأشارت إلى أن الدول التي خفضت مستورداتها النفطية بشكل كبير هي: اليابان وبلجيكا والجمهورية التشيكية وفرنسا وألمانيا واليونان بالإضافة إلى ايطاليا وهولندا وبولندا وأسبانيا والمملكة المتحدة. وتبلغ صادرات إيران من النفط 2.2 مليون برميل يومياً، يتجه نحو 18 في المائة منه نحو الأسواق الأوروبية، وفق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي قدرت حجم الاستهلاك العالمي بقرابة 89 مليون برميل في اليوم. ويتوقع الخبراء مواصلة إيران بيع نفطها إلى دول مثل الصين والهند ودولاً آسيوية أخرى بحسومات تتراوح بين 10 - 15 في المائة. وتصدر الجمهورية الإسلامية نحو 35 في المائة من إنتاجها النفطي لكل من الصين والهند.

الايرانيون لا يبالون بالعقوبات

على صعيد متصل لم يبد مسؤولو النفط الايرانيون اي علامة على القلق في الوقت الذي تخشى فيه أسواق النفط من فقد الامدادات من بلادهم بسبب العقوبات الدولية قائلين ان عملاءهم الاسيويين لا يزالون على ولائهم وانه لا يوجد بديل سهل وسريع للخام الايراني. ويقولون ان الغرب غير واقعي في اماله بأن السعودية -الدولة الوحيدة في العالم التي يمكنها زيادة الانتاج بسرعة- ستساعد في تعويض الجزء الاكبر من النفط الايراني. ويرون أن الساسة الغربيين الذين يتجهون هذا العام الى انتخابات للفوز بفترة ثانية يفتقدون الشجاعة لمواجهة مزيد من الصعود في اسعار النفط.

وقال مسؤول نفطي ايراني على هامش المنتدى الدولي للطاقة أكبر تجمع للدول المنتجة والمستهلكة للنفط "لا تظنوا اننا لم نحسب حساباتنا.. كل ما يستطيع السعوديون فعله هو زيادة الانتاج بصورة طفيفة." وحتى لو كان هذا التعليق مجرد رأي ومحاولة للتهوين من العقوبات الغربية فانه في صميم المخاوف الرئيسية لاسواق النفط.. هل سيتمكن السعوديون من سد النقص في الامدادات اذا تصاعدت المواجهة بشأن برنامج ايران النووي..

وقد يوقف ارتفاع أسعار النفط التعافي الاقتصادي العالمي وقد أصبح صداعا للساسة حول العالم وبينهم الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي يسعى للفوز بفترة ثانية هذا العام ويواجه غضبا شعبيا بشأن ارتفاع اسعار البنزين. وفرض الاتحاد الاوروبي حظرا على استيراد الخام الايراني سيدخل حيز التنفيذ في أول يوليو تموز. وصعبت العقوبات المالية الامريكية والاوروبية على الدول المستوردة سداد المدفوعات النفطية.

وتنتج ايران قرابة 3.5 مليون برميل يوميا تصدر منها نحو 2.2 مليون برميل يوميا للاسواق االعالمية بما يعادل 2.5 في المئة من الطلب العالمي. وفي حين لم تتطرق الحلقات النقاشية في المنتدى الدولي للطاقة بالكويت للازمة الايرانية بصورة كبيرة وملا وزير النفط الايراني رستم قاسمي جدول اعماله بلقاءات مع وفود من تركيا والهند وفنزويلا والجزائر وعمان وجنوب افريقيا.

وقال قاسمي "انتم تعرفون ان العالم لا يمكن ان يعيش بدون الخام الايراني" مضيفا ان صادرات النفط الايرانية لم تتغير عن مستواها في 2011 حتى بعد أن توقفت شركات نفطية كبرى مثل توتال ورويال داتش شل عن شراء الخام لان عملاء اخرين يشترون.

وسيضطر الاتحاد الاوروبي الى التخلي عن شراء نحو 600 الف برميل يوميا من النفط الايراني بدءا من يوليو ويتوقع العالمون بأمور السوق أن تحاول ايران تحويل هذه الامدادات الى زبائنها الرئيسيين في اسيا وتركيا. وتواجه الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا ضغوطا امريكية متزايدة لخفض المشتريات النفطية من ايران مقابل الحصول على اعفاء من واشنطن ليتمكنوا من مواصلة الشراء. لكن هذه الضغوط تواجه مقاومة. بحسب رويترز.

وقال وزير الطاقة التركي تانر يلدز "نحن الدولة الحدودية (مع ايران) ونحصل على نصف امداداتنا تقريبا من ايران. لذلك فان وضعنا مختلف عن الدول الاخرى مثل بريطانيا او فرنسا التي يشكل ما تشتريه من النفط الايراني واحدا او اثنين بالمئة فقط من اجمالي وارداتها." واضاف "نحن مستمرون حتى اليوم في الشراء من ايران وسنواصل الشراء من ايران." وأعلن المسؤولون الهنود موقفا مماثلا. وقال سودهير بهارجافا المسؤول بوزارة النفط "لم نخفض (الواردات النفطية من ايران) كثيرا. بعض المصافي خفضت مشترياتها بواقع شحنتين لكن الخام الايراني رخيص. من الصعب ان نستبدله ... وحيث انه لا توجد عقوبات من الامم المتحدة على ايران فاننا لا نعتزم الخفض."

على صعيد متصل اتهم أعضاء البرلمان الايراني حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد بعدم إيداع مليارات الدولارات من عوائد النفط لدى الخزانة العامة الأمر الذي يشير الى ان الرئيس تنتظره أوقات صعبة مع البرلمان الجديد الذي يُهمين عليه متشددون منافسون له. و قالت وكالة مهر للأنباء شبه الرسمية ان لجنة الموازنة في البرلمان وافقت على إحالة قضية إيرادات النفط المفقودة الى القضاء. ونقلت الوكالة عن مهدي فتحي المتحدث باسم لجنة الموازنة قوله "بناء على تقديراتنا فان قيمة صادرات الخام والمكثفات بلغت بحلول نهاية الصيف (من 21 مارس الى 22 سبتمبر) 53.2 مليار دولار كان يتعين إيداع 6.4 مليار دولار منها في صناديق خزانة الدولة." وقال فتحي "مع ذلك لم يودع البنك المركزي سوى 2.4 مليار دولار لدى الخزانة."

وقالت وكالة مهر انه خلال اجتماع للجنة الموازنة حضره أعضاء البرلمان المنتهية ولايته وافق 113 من بين الأعضاء الحاضرين الذين بلغ عددهم 195 على تقرير ينتقد الرئيس ويحيل القضية الى القضاء مقابل رفض اثنين وامتناع 22 عن التصويت. وقال علي مطهري أحد أشد منتقدي أحمدي نجاد في البرلمان ان أعضاء البرلمان ربما يسعون لمساءلة الرئيس اذا فشل في تهدئة قلقهم بشأن مجموعة من القضايا. وقال مطهري لصحيفة ماردومسالاري اليومية "اذا لم يقدم الرئيس إجابات مقنعة على تساؤلات أعضاء البرلمان... من الممكن ان يبدأوا في إجراءات مساءلته."

وأضعفت الانتخابات البرلمانية التي أُجريت مؤخرا نفوذ أحمدي نجاد بصورة أكبر في برلمان وزاد عدد خصومه المتشددين الذين يرون انه ابتعد كثيرا عن الزعيم الأعلى الايراني آية الله علي خامنئي. وبرز الخلاف بين الرئيس والزعيم الأعلى في ابريل نيسان بعد ان أعاد خامنئي تعيين وزير الاستخبارات حيدر مصلحي الذي أقاله أحمدي نجاد. وزاد البرلمان هجومه منذ ذلك الحين على أحمدي نجاد وهدد بمساءلته وعرقل اختياره لوزراء. ومازال أحمدي نجاد يواجه استدعاء أصدره البرلمان قبل الانتخابات لحضور جلسة لم يسبق لها مثيل للإجابة عن أسئلة تركز على الاقتصاد والسياسة الخارجية. ويواجه أحمدي نجاد تساؤلات بخصوص عملية احتيال مصرفي تشمل 2.6 مليار دولار وبشأن التضخم الذي يرتفع بشكل مطرد

المقايضة مقابل النفط

من جانب اخر اعلن مسؤولون ايرانيون ان ايران التي تواجه حصارا مصرفيا غربيا يعرقل تعاملاتها بالعملات الاجنبية القوية، باتت تقبل الذهب والعملات المحلية او حتى المقايضة مقابل نفطها، كما نقلت وسائل الاعلام. واعلن رئيس البنك المركزي الايراني محمود بهماني ان "ايران لا تتعامل في مبادلاتها التجارية مع الدول الاخرى بالدولار فقط، فيمكن لكل دولة ان تدفع بعملتها الخاصة او بواسطة الذهب". وفي مجال تسديد قيمة صادراتها "تتلقى ايران ايضا من الصين او الهند منتجات بدلا من العملات، وهذا لا يمثل اي مشكلة"، كما اضاف بهماني.

وايران ثاني مصدر للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، تجني 80% من مواردها من العملات الاجنبية من بيع النفط او المشتقات النفطية، وبينها الدولار الذي يشكل عموما العملة المرجعية. الا ان طهران تعاني اكثر فاكثر من ادخال العملات الاجنبية القوية التي تجنيها من صادراتها وذلك بسبب الحصار المصرفي الذي تطبقه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي تدريجيا منذ 2010 لمعاقبة رفض ايران التفاوض مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي المثير للجدل. بحسب فرنس برس.

من جهته، اوضح نائب وزير الخارجية عباس اراقشي لوكالة فارس "وجدنا وسائل لالغاء الدولار في مبادلاتنا مع الدول الاخرى وذلك عبر استخدام العملات المحلية او المقايضة للالتفاف على العقوبات". واعلنت طهران منذ اشهر عدة انها مستعدة لقبول الذهب مقابل تسديد ثمن نفطها، وتلجأ منذ العام الماضي ايضا الى اشكال من المقايضة المباشرة وغير المباشرة مع زبائن اسيويين رئيسيين مثل الصين واليابان او كوريا الجنوبية، بحسب الاوساط المتخصصة.

في المقابل، رفضت ايران لفترة طويلة الدفع بالعملات المحلية ما ادى خصوصا في 2011 الى تراكم مليارات الدولار من متاخرات الدفع على الهند التي تصدر كميات قليلة الى ايران وكانت عاجزة عن مواصلة تحويل دولاراتها الى ايران عبر القنوات المصرفية التي كانت تسخدمها سابقا.

وصدرت طهران بما يفوق 140 مليار دولار من المنتجات في 2011، بينها اكثر من 100 مليار دولار من النفط و25 مليارا من المشتقات النفطية.

صعوبة العثورعلى مشترين جدد

على صعيد متصل ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن ايران تجد صعوبة في العثور على مشترين لنفطها فيما بدأت العقوبات تؤثر عليها. وذكرت الصحيفة مستندة لمسؤولين تنفيذيين مطلعين على المحادثات ان طهران تعرض بيع 500 ألف برميل اضافيا يوميا أي نحو 23 في المئة من حجم صادرات العام الماضي لمصاف صينية وهندية. واضافت ان الخام جاهز للتسليم من بداية ابريل نيسان. ونقل التقرير عن احد المصدرين قوله ان ايران لم تعرض خصما على سعر النفط. وحسب التقرير فانه في حالة فشل ايران في العثور على زبائن بحلول منتصف مارس اذار ستضطر أما لتخزين الخام في صهاريج عائمة أو خفض الانتاج.

وأعلنت ايران ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك وقف مبيعاتها لبريطانيا وفرنسا ردا على تشديد عقوبات الاتحاد الاوروبي فيما لا يزال التوتر يعتري العلاقات مع الغرب بشان برنامجها النووي المثير للجدل. وقالت ايران انها ستبيع النفط لعملاء جدد.

في سياق متصل قالت مصادر بقطاع النفط ان كبار مشتري النفط الايراني في أوروبا يخفضون مشترياتهم قبل شهور من بدء تطبيق عقوبات الاتحاد الاوروبي حيث خفضوا الامدادات الى اوروبا في مارس اذار بأكثر من الثلث أو اكثر من 300 الف برميل يوميا. وأوقفت توتال الفرنسية بالفعل شراء الخام الايراني الذي يواجه عقوبات الاتحاد الاوروبي بدءا من اول يوليو تموز وتقول مصادر بالسوق ان رويال داتش شل خفضت مشترياتها بشدة. ومن المعتقد أيضا ان موتور اويل هيلاس اليونانية أوقفت استيراد النفط الايراني كلية في حين خفضت هيلينك بتروليوم اليونانية وسيبسا وريبسول الاسبانيتان الواردات.

وقال عميل لا يزال حتى الان أحد اكبر مشتري الخام الايراني من الاتحاد الاوروبي "خفضنا بشدة مشترياتنا بسبب الوضع السياسي. ما زلنا نشتري ولكن بكميات اقل كثيرا منها قبل نحو شهرين." وبالنسبة لصغار العملاء الاوروبيين لاسيما في ايطاليا فالامور تمضي كالمعتاد. وقالت مصادر بقطاع النفط ان ايران وردت أكثر من 700 ألف برميل يوميا للاتحاد الاوروبي وتركيا في عام 2011 لكن الواردات انخفضت مع بداية العام الى حوالي 650 الف برميل يوميا حيث خفض بعض العملاء مشترياتهم توقعا للحظر الذي فرضه الاتحاد الاوروبي.

ومن بين تلك الكمية خفضت الشركات ما لا يقل عن الثلث طوعا بدءا من شحنات مارس اذار وفقا لحسابات مصادر بالقطاع النفطي. وقالت بعض المصادر التجارية ان القيود الذاتية ستقلص الامدادات الايرانية بدرجة أكبر وتقيد الامدادات لاوروبا الى حوالي 350 ألف برميل يوميا. وقلصت الشركات وارداتها حاليا لان تشديد العقوبات الغربية زاد من صعوبة تمويل المشتريات. ويمكن أن تتباطأ الصادرات من ايران بدرجة أكبر خلال الشهور القادمة مع زيادة الصعوبات المتعلقة بالنقل والتأمين. وفي الوقت نفسه وفر خفض المشتريات قدرا من الحماية للشركات التي تشعر بالقلق من أن تستبق طهران الحظر الاوروبي وتوقف تصدير الخام لعملاء في الغرب. بحسب رويترز.

وقال كريستوف دو مارجيري الرئيس التنفيذي لتوتال ان الشركة الفرنسية أوقفت شراء الخام الايراني لكن شل تجنبت التعليق العلني بشأن وضعها. وقالت مصادر في القطاع ان شل الانجليزية الهولندية من اكبر مشتري النفط الايراني في العالم حيث تورد نحو 100 الف برميل يوميا لاوروبا ونفس الكمية تقريبا لاسيما بموجب اتفاق مع شوا شل اليابانية ينتهي في مارس اذار. وامتنعت سيبسا وريبسول عن التعليق بشأن وضعيهما. وتعوض الشركات التي خفضت وارداتها الايرانية النقص من بائعين بينهم السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم والعراق وروسيا.

وقال مسؤولون تنفيذيون بقطاع النفط ان السعودية مستعدة لتوريد كميات اضافية من خلال تعويض العقود الاجلة الحالية أو البيع في السوق الفورية.

ولم يغير بعض صغار المشترين للنفط الايرانيين وبصفة اساسية الشركات الايطالية اوضاعهم حتى الان. ومازالت ايني الايطالية تتسلم شحنة واحدة من الخام الايراني شهريا وهي كمية مستقرة منذ عامين. وتوقعت الشركة أن يستمر هذا بعد اول يوليو تموز حيث ستتسلم النفط كمدفوعات مقابل أعمال قامت بها في ايران بموجب اتفاقات ابرمت قبل أكثر من عشر سنوات.

وقال مصدر مطلع "نواصل عملنا كالمعتاد في الوقت الحالي. لدينا كثير من الديون ينبغي استردادها." وقال تجار نفط ان الخام الايراني رخيص نسبيا مقارنة مع خامات منافسة مثل خام الاورال الروسي.

الاتحاد الاوروبي يقلل

من جانب اخر قلل الاتحاد الاوروبي من اهمية تهديدات طهران بوقف تصدير نفطها الى دول اوروبية اخرى "عدائية" وقال ان الاتحاد قادر على احتواء اي وقف لامدادات النفط الايراني. وصرح سيباستيان برابانت المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون انه "من حيث امن المخزونات الحالية فان الاتحاد الاوروبي لديه مخزون جيد من النفط ومنتجاته يمكنه من مواجهة اي توقف محتمل في الامدادات".

وفي روما قال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه ان التهديد الايراني "يدفع للابتسام" وانه خطوة "تدل على خيال واسع" في استفزاز الاخرين. واضاف "بلا شك فان ايران تتمتع بخيال واسع جدا عندما يتعلق الامر بالاستفزاز. فايران ليست هي التي قررت قطع امدادات النفط، بل نحن الذين قررنا وقف طلباتنا من النفط". وقال ان "هذا يدفع المرء الى الابتسام". واوضح جوبيه ان الامدادات النفطية الايرانية الى دول الاتحاد "هامشية عند مقارنتها باجمالي احتياجاتنا، والاتحاد الاوروبي هو الذي قرر فرض حظر على مبيعات النفط الايرانية".

وكان رئيس شركة النفط الوطنية الايرانية احمد قالباني اعلن في وقت سابق ان ايران ستوقف مبيعات النفط الى دول اوروبية اخرى غير فرنسا وبريطانيا اذا واصلت اوروبا "اعمالها العدائية" ضد طهران. ونقلت وكالة مهر عن قالباني اشارته خصوصا الى المانيا واسبانيا وايطاليا واليونان والبرتغال وهولندا على انها الدول التي قد يشملها هذا الاجراء. وهذه الخطوة تاتي ردا على الحظر الذي فرضه الاتحاد الاوروبي في كانون الثاني/يناير على مشتريات النفط الايراني ابتداء من تموز/يوليو المقبل في اطار تعزيز عقوباته بسبب البرنامج النووي المثير للجدل.

وكانت طهران اعلنت انها ستوقف كل مبيعات النفط الى فرنسا وبريطانيا، الدولتان اللتان كانتا في مقدمة البلدان الداعية لتشديد العقوبات على ايران. وفي المقابل فان ايطاليا واسبانيا واليونان التي تتسلم القسم الاكبر من صادرات النفط الايرانية الى اوروبا، يمكن ان تتضرر اذا نفذت طهران تهديدها. ويمثل النفط الايراني 30% من الواردات اليونانية و13% من الواردات الايطالية بحسب الوكالة الدولية للطاقة.

الحظر الاوروبي قد يفيد

في السياق ذاته قال خبراء نفط غربيون وايرانيون ان الحظر الاوروبي على النفط الايراني الذي يستهدف تصعيد الضغوط على ايران بسبب برنامجها النووي قد يبث الحياة من جديد في الحقول المتقادمة في البلاد. فاذا ما أجبرت ايران على وقف كل أو بعض امداداتها النفطية التي تصل الى زبائن في الاتحاد الاوروبي -والتي تقدر بنحو 500 ألف برميل يوميا- فقد تساعد هذه الخطوة في تجديد الحقول النفطية في الجمهورية الاسلامية وليس الحاق الضرر بها.

وتروج توقعات بين تجار النفط ووسطاء الشحن بأن طهران ستخزن معظم هذا النفط في ناقلات لانها لا تريد وقف الانتاج والحاق الضرر بالحقول. لكن في حقيقة الامر يقول جيولوجيون ان ابطاء الانتاج الايراني الحالي البالغ 3.5 مليون برميل يوميا سيكون أفضل شيء للاحتياطيات المنهكة. وفي الامد القصير قد يكون هذا ما ستفعله شركة النفط الوطنية الايرانية بينما تحاول البحث عن أسواق جديدة لنفطها.

وقال بيتر ويلز من نيفتكس بتروليوم للاستشارات الجيولوجية "بوسع ايران أن توقف بين 10 و20 في المئة من انتاجها دون أن تضر بالاحتياطيات.. في الواقع سيعود ذلك عليها بالنفع نوعا ما... اذا ما حدث ذلك بطريقة سليمة فان اغلاق الحقول سيكون مفيدا لانه سيسمح للضغط بالتزايد مرة أخرى." ولدى ويلز خبرة مباشرة بالحقول الايرانية من خلال عمله مع لاسمو وهي الان جزء من ايني الايطالية التي استثمرت في ايران. ويبدي ويلز ثقة في أن المهندسين الايرانيين سيكونون على قدر المهمة اذ انهم أغلقوا أجزاء من حقول البلاد من قبل لاجراء عمليات صيانة دورية. وقال مهدي فارسي من فارسي للطاقة ومقرها بريطانيا "اذا ما تعرضت ايران لضغوط يمكن أن توقف انتاج نحو 500 ألف برميل يوميا دون وقوع أي ضرر... لكن لو أجبرت على أن تخفض الانتاج لاقل من ثلاثة ملايين برميل يوميا فقد تكون هناك مشكلات في بعض الحقول."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 28/آذار/2012 - 7/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م