تدهور الاقتصاد العالمي... شيخوخة مبكرة أم داء يتعذر شفاءه؟

شبكة النبأ: يواجه الاقتصاد العالمي تحديا كبيرا بسبب تلك المشاكل وازمات سياسية التي القت بضلالها على الكثير من الجوانب الاقتصادية المهمة وقالت الامم المتحدة ان الاقتصاد العالمي يتأرجح على حافة فترة انكماش كبير جديد وان العامين 2012 و2013 سيشهدان على الارجح نموا اقتصاديا ضعيفا للغاية. وجاء في تقرير اصدره مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية (يونكتاد) ان "النمو تباطؤ بشكل كبير خلال العام 2011" محذرا من ان "المشاكل التي يواجهها الاقتصاد العالمي متعددة ومترابطة". وقال التقرير ان "اصعب التحديات تكمن في مواجهة ازمة الوظائف المستمرة وانخفاض احتمالات حدوث نمو اقتصادي خاصة في الدول المتقدمة". واضاف التقرير ان اخفاقات صانعي السياسة وفرض برامج تقشف مالي في انحاء اوروبا بسبب ازمة الديون السيادية تثير احتمالات حدوث ركود عالمي اخر. وقدر تقرير "وضع واحتمالات الاقتصاد العالمي في 2012" للامم المتحدة ان النمو في دول الاتحاد الاوروبي لن يتعدى 0,7% في العام 2012، اي اقل بكثير عن نسبة 1,6% في التي سجلت في العام 2011. وصدر التقرير بالتعاون ما بين ادارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الامم المتحدة ومؤتمر يونكتاد وخمس مفوضيات اقليمية تابعة للامم المتحدة.

في السياق ذاته قال صندوق النقد الدولي ان أزمة ديون منطقة اليورو تتفاقم وتؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي وخفض بشدة توقعاته للنمو العالمي داعيا الى تطبيق سياسات لاستعادة الثقة. وخفض الصندوق توقعاته للنمو العالمي في 2012 الى 3.3 بالمئة من أربعة بالمئة قبل ثلاثة أشهر قائلا ان التوقعات تدهورت في معظم المناطق. وتوقع ان يرتفع النمو العالمي الى 3.9 بالمئة في 2013.

وقال الصندوق الذي مقره واشنطن ان النشاط الاقتصادي يتباطأ لكنه لا ينهار. لكنه حذر من أن النمو العالمي قد ينخفض نقطتين مئويتين تقريبا عن المستوى المتوقع حاليا اذا سمح زعماء أوروبا بتفاقم الازمة. ولاول مرة منذ بداية أزمة الديون قبل عامين قال صندوق النقد انه يتوقع انزلاق منطقة اليورو -التي تضم 17 دولة- الى ركود خفيف في 2012 مع توقع انكماش الناتج الاقتصادي حوالي 0.5 بالمئة. وقال الصندوق في أحدث تقرير لتوقعاته الاقتصادية العالمية "التعافي الاقتصادي مهدد بالضغوط المتزايدة في منطقة اليورو وعوامل هشاشة في مناطق أخرى."

وأضاف قائلا "التحدي الاكثر الحاحا للسياسات هو استعادة الثقة ووضع حد للازمة في منطقة اليورو عن طريق دعم النمو ومواصلة التكيف واحتواء خفض الاقتراض وتقديم مزيد من السيولة والتيسير النقدي." وأبقى صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد الامريكي في 2012 مستقرة عند 1.8 بالمئة لكنه خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الياباني الى 1.7 بالمئة من 2.3 بالمئة في سبتمبر. وقال ان النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة سينمو 1.5 بالمئة في المتوسط في 2012 و2013 وهو معدل أبطأ من أن يحدث تأثيرا كبيرا في نسب البطالة المرتفعة.

وذكر الصندوق أن من المرجح ألا تسلم الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة من التداعيات اذا تفاقمت أزمة أوروبا. وانهارت المحادثات بين حملة السندات اليونانية من القطاع الخاص وبين الحكومة اليونانية مما زاد من مخاطر عجز أثينا عن سداد الديون وهو ما قد يسبب أزمة أعمق. وحثت رئيسة صندوق النقد كريستين لاجارد أوروبا على تعزيز صناديق الانقاذ لاقامة عازل يحول دون انتشار الازمة المالية.

وقال الصندوق "الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الاخرى معرضة لتداعيات تفاقم محتمل لازمة منطقة اليورو ولديها تحديات داخلية ... منها التغلب على العوائق السياسية." وتوقع الصندوق تباطؤا حادا في وتيرة النمو في الاقتصادات الناشئة والنامية وحثها على أن تركز سياساتها على تحفيز الاقتصاد. وخفض توقعاته لنمو الاقتصادات الناشئة في 2012 الى 5.4 بالمئة من 6.1 بالمئة في سبتمبر. كما خفض توقعاته للنمو في الصين الى 8.2 بالمئة من تسعة بالمئة. وأضاف أن من المتوقع ان يتعافى النمو في الصين الى 8.8 بالمئة في 2013. وخفض الصندوق توقعاته للنمو في الاقتصادات الناشئة في اسيا بوجه عام الى 7.3 بالمئة من ثمانية بالمئة. بحسب رويترز.

وقال الصندوق ان النمو في الشرق الاوسط وشمال افريقيا سيتسارع بدعم من التعافي في ليبيا بعد الحرب التي استمرت تسعة أشهر وانتهت بمقتل معمر القذافي في أكتوبر تشرين الاول. وقال صندوق النقد ان من المرجح ألا تتراجع أسعار النفط العالمية الا قليلا في 2012 رغم تباطؤ النمو العالمي. وأضاف أنه لم يغير توقعاته لسعر النفط منذ سبتمبر حين توقع 100 دولار للبرميل. وتوقع الصندوق ان تتراجع أسعار السلع الاولية عدا النفط بنسبة 14 بالمئة هذا العام وقال ان أسعار معظم هذه السلع تواجه ضغوطا.

وفي افريقيا من المرجح أن يقتصر التباطؤ العالمي على جنوب افريقيا وأن تنمو المنطقة بأكملها حوالي 5.5 بالمئة هذا العام. وقال صندوق النقد ان التباطؤ سيكون أشد وطأة على منطقة وسط وشرق أوروبا التي لها علاقات تجارية قوية مع اقتصادات منطقة اليورو. وخفض الصندوق توقعاته للنمو في المنطقة في 2012 الى 1.1 بالمئة من 2.7 بالمئة في السابق. وقال ان النمو من المتوقع ان يرتفع الى 4ر 2 بالمئة في العام القادم.

مؤشرات على استقرار الاقتصاد

 من جانب اخر تحدثت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في بكين عن "مؤشرات على استقرار" الاقتصاد العالمي مع انه ما زال يواجه بعض الصعوبات في معالجة "بعض نقاط الضعف". وقالت ان "السنوات الاخيرة كانت صعبة جدا في مناطق كثيرة من العالم وفي الاشهر الاخيرة كان الوضع نكبة". واضافت "ومع ذلك نرى اليوم مؤشرات على الاستقرار، مؤشرات على ان السياسات المتبعة تؤتي ثمارها. ظروف الاسواق تحسنت والمؤشرات الاقتصادية الاخيرة بدأت تتحسن بما في ذلك في الولايات المتحدة". ورحبت لاغارد "بالتقدم المهم في تجديد الدعم لليونان من قبل صندوق النقد الدولي والشركاء الاوروبيين". واضافت "بعد هذا الجهد الجماعي لم يعد الاقتصاد على حافة هاوية ولدينا اسباب تدعونا الى التفاؤل". الا انها اكدت انه "ما زالت هناك نقاط ضعف اقتصادية ومالية كبرى يجب مواجهتها" مثل هشاشة الانظمة المالية والمديونية العامة والخاصة التي تبقى مرتفعة جدا في كثير من الاقتصادات المتطورة او اسعار النفط المرتفعة. بحسب فرنس برس.

من جهة اخرى، قالت لاغارد انه على الصين "مواصلة اعادة توجيه محركات نموها الاقتصادي من الاستثمار والتصدير الى الاستهلاك الداخلي" خصوصا من اجل ضمان تقاسم افضل لثمار النمو. وردا على سؤال عما اذا كانت ترى ان اليوان "قريب من التوازن" او ما زال ادنى من قيمته "الى حد كبير"، قالت لاغارد في لقاء مع صحافيين ان الصندوق "يواصل تقييمه" لهذه المسألة التي ستعرف بوضوح "في وقت لاحق هذه السنة". الا انها اشارت الى ان الصين لديها ميزان حسابات جارية متوازن اكثر بكثير مما كان قبل الازمة المالية. وقالت لاغارد ان "ميزان الحسابات الجارية الذي انتقل من فائض يبلغ 10 بالمئة قبل الازمة الى اقل من 3 بالمئة اليوم يشكل ردا واضحا على الذرائع التي نسمعها بشأن اليوان". وميزان الحسابات الجارية هو اوسع مقياس لمبادلات دولة مع العالم. وعندما يسجل الميزان فائضا، يؤدي ذلك الى زيادة سعر العملة. وارتفع اليوان التي يعتبر شركاء الصين ان قيمته اقل من سعره الحقيقي، بنسبة 30 بالمئة مقابل الدولار منذ 2005. لكن سعر الصرف هذا يتحكم به المصرف المركزي.

الاقتصاد الأقوى

على صعيد متصل أطلق قسم الأبحاث الدولية التابع لبنك HSBC تقريرا يتضمن توقعات بشأن أبرز الدول التي ستشهد ارتفاعا وهبوطا خلال السنوات الأربعين المقبلة. وخلص التقرير إلى أن الصين ستتربع على قائمة الدول ذات الاقتصاد الأقوى، وتأتي من بعدها الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى ذلك، يقدم التقرير مجموعة من المفاجآت لعل من أبرزها صعود الفلبين 27 مرتبة ليصبح اقتصادها في المرتبة الـ16. وأفاد التقرير أن اقتصاد البيرو، الذي ينمو بنسبة 5.5 في المائة سنويا، سيصعد 20 مرتبة ليصل إلى المرتبة 26، متجاوزا كلا من إيران وكولومبيا وسويسرا. ومن الدول الأخرى التي ستشهد تطورا اقتصاديا كبيرا: مصر، ونيجيريا، وتركيا، وماليزيا، وأكرانيا. أما الخاسر الأكبر خلال الأربعين سنة المقبلة فسيكون القارة الأوروبية، فقائمة الدول العشرين الأكبر لن تحتوي سوى على خمس دول أوروبية.

وتضمنت قائمة الدول العشر الأوائل التي أصدرها البنك:

1. الصين

2. الولايات المتحدة الأمريكية

3. الهند

4. اليابان

5. ألمانيا

6. بريطانيا

7. البرازيل

8. المكسيك

9. فرنسا

10. كندا

وأكد التقرير أن اقتصاد هذه الدول ينمو بطريقتين، إما عن طريق زيادة أعداد المشاركين في القوى العاملة، أو زيادة إنتاجية الفرد الواحد في المجتمع. وأشار التقرير إلى أن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى تعطيل النمو الاقتصادي، ومنها: الحروب، وعوائق إنتاج الطاقة، والتغيرات المناخية، وصعوبة حركة الناس بين حدود الدول.

وافادت الارقام التي اعلنتها وزارة التجارة الصينية ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الصين، قد ارتفعت 9,7% في 2011 الى مستوى قياسي بلغ 116 مليار دولار، لكنها تراجعت بقوة في كانون الاول/ديسمبر بسبب الازمة الاقتصادية في الدول المتطورة. ففي شهر كانون الاول/ديسمبر وحده، بلغت الاستثمارات الاجنبية المباشرة في ثاني اقتصاد عالمي، 12,2 مليار دولار، اي بتراجع 12,7% على امتداد سنة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، بلغت الاستثمارات الاجنبية المباشرة 8,76 مليارات دولار، اي بتراجع 9,76% على امتداد سنة. وكانت الاستثمارات الاجنبية المباشرة ارتفعت 17,4% في 2010 وبلغت 105,74 مليار دولار.

ويندرج اي تقدم طفيف للاستثمارات الاجنبية المباشرة في الصين هذه السنة في اطار حركة اشمل لتراجع الاستثمارات الاجنبية المباشرة في البلدان المتقدمة نحو البلدان الناشئة وتباطؤ النمو في ثاني اقتصاد عالمي.

وقد اعلنت الصين عن تباطؤ النمو بنسبة 9,2% في 2011 بعد ازدهار بنسبة 10,4% في 2010. فالاستثمارات الآتية من الولايات المتحدة تراجعت 26,7% في 2011 الى ثلاثة مليارات دولار. والاستثمارات الاتية من الاتحاد الاوروبي تراجعت ايضا 3,65% الى 6,35 مليارات دولار فقط. وفي المقابل، احرزت الاستثمارات الاتية من عشرة بلدان او مناطق آسيوية، منها اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ، تقدما بنسبة 14% وبلغت 100,4 مليار دولار، كما اوضحت الوزارة. واعلنت الصين في الفترة الاخيرة انها سترفع القيود المتصلة بالاستثمارات الاجنبية في بعض القطاعات وترفع قيمة المشاركة الاجنبية المسموح بها في قطاعات اخرى. وفي موازاة ذلك، اعلنت بكين عن وقف اجراءات الدعم للمستثمرين الاجانب في قطاع السيارات. وتبدي الحكومة قلقها من القدرات الهائلة في هذا القطاع. وحذر البنك الدولي من تباطؤ الاقتصاد العالمي مبديا خشيته من ان يؤثر بقوة على البلدان النامية. بحسب فرنس برس.

الى جانب ذلك أعلنت البرازيل رسميا أنها باتت سادس أكبر اقتصاد في العالم متخطية بريطانيا في نسبة النمو التي تحققت العام الماضي. و في تصريح لوزير المالية البرازيلي غويدو مانتيغا أوضح أن بلاده حققت نموا العام الماضي بنسبة 2.7 في المئة بينما حقق الاقتصاد البريطاني نموا بنسبة 0.8 في المئة ، و ان قيمة النشاط الاقتصادي تقدر حاليا بنحو 2.3 تريليون دولار ، مضيفا : " ليس من المهم أن نكون سادس أكبر اقتصاد، لكن الأهم أن نكون ضمن أكثر اقتصادات العالم ديناميكية مع نمو مستمر". ووفقا لتقديرات رسمية حققت البرازيل في الربع الأخير من العام الماضي نموا اقتصاديا بزيادة 0.3 في المئة مقارنة بالربع الثالث. لكن معدلات النمو الفصلية والسنوية التي تحققت جاءت أقل من التوقعات.

وبررت رئيسة البرازيل ديلما روسيف التباطوء في النمو العام الماضي بضعف الاقتصاد العالمي بصفة عامة، وضرورة تطبيق سياسات للحد من التضخم ومع اكتشاف المزيد احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في السواحل البرازيلية خلال السنوات الماضية أصبحت البلاد تاسع أكبر منتج للنفط في العالم ، وتخطط الحكومة لأن تصبح البرازيل ضمن أكبر خمسة منتجين. كما أظهرت تقديرات حكومية تراجعا في معدلات الفقر، وأشارت إلى أن نصف سكان البلاد زاد دخلهم بنحو 68 في المئة خلال العقد الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/آذار/2012 - 6/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م