تخصيصات الضيافة هدر للمال العام

اسعد عبدالله عبدعلي

في يوم بغدادي مشمس دخلت إلى احدى دوائرنا الحكومية بسبب معاملة روتينية مملة ومتعبة، فوجدت الحراس الامنيين للسيد المدير منشغلين في حمل اكياس الطعام الفاخر والحلويات التي تطرب لها النفس ومختلف انواع العصير والمشروبات الغازية والاكياس تحمل ماركة مطاعم معروفة تدلل على قيمة ما تم صرفه!! فقلت لاحد موظفي الاستعلامات هل هناك حفلة ما؟ قال لا، بل ان المدير عنده ضيوف!! وهذا واجب الضيافة!! قلت مسكين مديركم يبدد امواله على الولائم!! فضحك من كان في الاستعلامات وقال لي احدهم انها توضع على تخصيصات الضيافة!! يا اخي ان المدير لا يصرف فلس واحد من جيبه على ضيوفه!!

غريب امر بلدنا فأموال كثيرة وكثيرة جدا يتم هدرها يوميا تحت مسميات عدة. فالقانون شرع للهدر!!هكذا حالة قانون لا ينصف المحرومين ويفتح الباب للمفسدين والفاشلين!!. فقوافل الفقراء والبطالة في مديات واسعة ومن دون برامج حقيقية للحل، فكل ما يفعله الساسة تسكين لآلام المحتاجين!! فهناك طبقة واسعة ممن يجلسون على كرسي ادارة مؤسسة ودوائر الدولة يعملون على تبديد المال العام، فهم اشبه بالارضة (وهي حشرة تنخر جسد الاشجار) فاذا لم يتم علاج الوضع ماتت الشجرة وتساقطت الاغصان والاوراق!! وتخصيصات الضيافة من ابواب الهدر التي تم تشريعه!! فالملايين تضيع على ملذات وشهوات المدراء وبطانتهم من دون مقابل!ومن دون رقيب يحاسب!

فما الغاية من ان يتم تخصيص مبالغ لوجبات فاخرة للأكل والشرب وفي مستوى مفتوح يصل إلى الملايين؟ وهل تحولت مكاتب المدراء إلى مكاتب لتجمع الاصدقاء للأكل والشرب؟!! وبسبب تخصيصات الضيافة قام المدراء بتهيئة مطابخ متكملة فيها كل شيء يخطر على البال!! وكل شيء يصرف من اموال العراق!! فقط لكي يشبع السيد المدير وبطانته من جيش السكرتارية وحمايته الخاصة بأموال العراق!!

بل الامر اكثر من هذه الصور فبعض المدراء يتمادى فيصبح يعيش عالة على خزينة الدولة فأي مناسبة لبيته يتم الصرف لها من تخصيصات الدائرة التي يرأسها مهما كانت عرس او مأتم ام صيانة لبيته و حتى أي عمل خيري يقوم به!!

فمن يدافع عن اموال العراق التي تهدر يوميا على امور لا تهم المواطن؟ وهذه التخصيصات لا تقدم خدمة للعراق ولا تفعل العمل، فقط تملأ بطون المدراء والمقربين منهم!! وقد قرأت خبراً قبل ايام عن قيام مجلس محافظة ديالى بالدعوة إلى الغاء تخصيصات الضيافة لكل دوائر محافظة ديالى باعتبارها هدراً لأموال المحافظة... ويمكن الاستفادة منها في جانب اخر.. فهي خطوة جريئة وجيدة جدا تضع الاخرين في موقع الراضي والمتمسك باستمرار الهدر، او ان يقوم باتخاذ خطوات مماثلة حفاظا على المال العام والاستفادة من هذه المبالغ الضخمة في مورد اخر اهم مثلا حل مشاكل الفقراء او العاطلين او الارامل والمطلقات فالموارد كثيرة كلها اهم من الضيافة ومطبخ السيد المدير!! نحتاج لتنظيم صرف الاموال العامة بشكل صحيح ومفيد، ومراجعة اداء السادة المدراء، ومحاسبتهم على كل دينار صرفوه في السنوات السابقة. والغاء بعض ابواب الصرف ومنها الضيافة التي تعبر عن باب للهدر ليس الا.. فهل من يسمع الصوت؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/آذار/2012 - 6/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م