السينما الأمريكية... حضور متواصل لا يخلو من المنافسة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: على غير العادة حدثت مفاجآت غير مسبوقة في موطن الفن السابع، وذلك من خلال حصد الفيلم الفرنسي "ذي أرتيست" على جائزة الأوسكار وهي من أرفع الجوائز السينمائية في الولايات المتحدة ويعدها البعض أهم جائزة سينمائية في العالم.

إذ بات هذا الفلم على كل شفة ولسان في فرنسا واعتبره البعض نصرا تاريخيا على السينما الأمريكية، وذلك لانه اول فليم يفوز بهذه الجائزة في فرنسا، فمن الواضح أن أهل الأوسكار بدوا هذا العام أكثر إنصافاً منهم في أي عام سابق بل أقل هوليوودية، إذ أعطوا فرنسا مكانة غير معهودة للتنافس مع امريكا بالفن السابع من قبل، وكذلك ترشيح إيران لجائزة الاوسكار عن فيلمها انفصال من إخراج أصـــغر فرهــادي بـــسيزار وفاز بجائزة أفضل فيلم أجنبي، بعدما فاز بجائزة «الدب الذهبي» في مهرجان برلين 2011 وبجائزة غولدن غلـــوب أفضـــل فيلم أجنبي في 2012، وهو مرشح في الفئة ذاتها للأوسكار، وتعتبر هذه النتائج انتصارات تكاد تكون غير مسبوقة، في حين يتساءل الخبراء بهذا الشأن هل سيحقق فيلم "أنتوشابل" النجاح عينه الذي حصده فيلم "ذي آرتيست" الذي جمع أكثر من 32 مليون دولار في الصالات الأميركية وخمس جوائز أوسكار في هوليوود؟

ويعد حفل الاوسكار من الأحداث التي تحظى بتغطية اعلامية واسعة ومشاركة الكثير من الشركات الكبرى التي تحاول استخدام ليلة المهرجان لترويج منتوجاتها من الملابس والزينة، وفي بعض الأحيان يستخدم المهرجان للتعبير عن أراء سياسية مثيرة للجدل من قبل الحائزين على الأوسكار. مثل رفض الممثل الشهير مارلون براندو الحصول على جائزة أفضل ممثل بسبب موقف حكومة الولايات المتحدة من الهنود الحمر، وأيضا أثناء حفل توزيع الجوائز عام 2003 حينما ندد العديد من الفائزين بالحرب على العراق لاسيما المخرج مايكل مور الذي حاز على جائزة أفضل فيلم وثائقي. ويبقى السؤال قائما بعد كل هذه المفاجآت هل يشهد الفن السابع منعطفا جديدا وينهي حكر السينما الأمريكية على العالم؟

أربعون مليون مشاهد

فقد ذكرت مجلة "فاراييتي" أن أربعين مليون مشاهد تقريبا تابعوا على شاشات التلفزيون البث المباشر لحفل توزيع جوائز الأوسكار السنوي في هوليوود الذي شهد فوز الفيلم الفرنسي "ذي أرتيست"، وقد شاهد 39,3 ملايين شخص تحديدا سهرة الأوسكار التي بثتها قناة "أيه بي سي" مباشرة أي أكثر من السنة الماضية بنسبة 4%، على ما أوضحت المجلة الأميركية مستندة إلى أرقام شركة "نيلسن"، وعزت المجلة ارتفاع نسبة المشاهدين إلى عودة الممثل المخضرم بيلي كريستال بطل فيلم "وين هاري مت سالي" (1989) كمقدم للحفل. وكان الحفل التاسع الذي يتولى الممثل البالغ من العمر 63 عاما تقديمه، وقد حاولت أكاديمية الأوسكار التغيير السنة الماضية على أمل استقطاب المشاهدين الشبان فكلفت الممثلين آن هاثاواي (29 عاما) وجيمس فرانكو (33 عاما) مهمة تقديم الحفل لكن الثنائي تعرض لانتقادات لاذعة. بحسب فرانس برس.

موسم جوائز الأوسكار

وفي موسم الأوسكار الذي يبلغ ذروته مع حفل توزيع الجوائز، يبسط السجاد الأحمر على كيلومترات عدة وتمتد طوابير سيارات الليموزين في حين تكثر الحاجة إلى مصممين وطباخين وتقنيين... فيشكل ذلك انتعاشا اقتصاديا كبيرا للوس أنجليس، والسجاد الأحمر لا يعتبر أمرا استثنائيا في عاصمة السينما العالمية، فابتداء من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، يشهد كل أسبوع تسليم جوائز بالإضافة إلى عروض أولى للأفلام، لكن شهر شباط/فبراير الذي يتوج بحفل توزيع جوائز الأوسكار، يأتي ك"جائزة كبرى" للعاملين في مجال عالم الاستعراض. وعلى سبيل المثال، شركة "ريد كاربيت سيستم" التي تزود الجهة المعنية بالسجاد الأحمر. فهي تبيع كيلومترا واحدا منه في شباط/فبراير مقابل 500 متر في آب/أغسطس عندما تكون الأعمال في أدنى مستوياتها، ويشرح مدير الشركة الفرنسي طوني أدزار أنه "خلال موسم تسليم الجوائز، نسجل رقم أعمال يتراوح ما بين 150 ألف و250 ألف دولار، في حين يتراوح هذا الرقم ما بين 100 ألف و125 ألف دولار في شهر هادئ" نسبيا. وتجدر الإشارة إلى أن شركته تقدم خدماتها لحفلات توزيع جوائز "غرامي" و"غولدن غلوبز" و"أوسكار"، وبناء على طلب الزبائن، يمكن للشركة أن توفر أيضا ملصقات وستائر مخملية ومصورين وطاولات لاستقبال الشخصيات المهمة وحواجز لتحديد نطاق الحشود، والمهاجرون هم الذين يطأون أولا السجاد الأحمر عندما يقومون ببسطه، وليس النجوم.

فغالبية اليد العاملة التي تعتبر موسم "القطاف" الهوليوودي مصدر رزق لها تأتي من أميركا اللاتينية، بحسب ما يؤكد طوني أدزار من دون الكشف عن أعداد هؤلاء، ومن القطاعات الأخرى التي يعود عليها موسم الجوائز بأرباح كثيرة، نجد قطاع تأجير سيارات الليموزين. بحسب فرانس برس.

وتقول جوانا سابروف رئيسة شركة "إنتيغريتيد ترانسبورتيشن سيرفيسيز" أن أكبر الشركات التي تملك 25 سيارة فارهة "تسجل حجوزات تتخطى طاقتها، فتضطر إلى الاستعانة بمصادر خارجية". تضيف "ينبغي الاستعانة بشركات تأجير سيارات الليموزين جميعها في منطقتي لوس أنجليس وأورانج لتلبية الحاجة الهائلة خلال الموسم". وتشير إلى أن السائقين أيضا يعملون ساعات إضافية في هذا الموسم، تصل إلى 10 ساعات في اليوم، وتقدم شركة "إنتيغريتيد ترانسبورتيشن سيرفيسيز" خدماتها لشركة "سيكويا بروداكشينز" لتنظيم الحفلات التي تتولى منذ 23 عاما تنظيم مأدبة العشاء الخاصة ب"حفلة الحكام" والتي تقيمها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة منظمة "الأوسكار" على شرف 1500 مدعو عند انتهاء حفل تسليم الجوائز، وبغية التحضير لهذه الحفلة فقط، تستعين الشركة ب 150 تقنيا و400 طباخ و30 منتجا، بحسب ما صرح غاري ليفيت نائب رئيس المؤسسة، وقد كشفت الأكاديمية عن ديكور الحفل وقائمة المأكولات التي ستقدم خلال مأدبة العشاء والتي سيعدها كبير طهاة النجوم فولفانغ بوك.

الفخر الوطني يجتاح فرنسا

فيما عمت فرنسا احتفالات بجوائز الاوسكار وفاز فيها فيلم (الفنانThe Artist) الفرنسي بالجائزة الكبرى وهي جائزة أحسن فيلم الى جانب أربع جوائز أخرى من بينها جائزة أحسن ممثل التي ذهبت لممثل فرنسي مما أثار شعورا عاما بالفخر الوطني، وتدور أحداث الفيلم الصامت الرومانسي (الفنان) وهو على غرار الافلام الصامتة القديمة بالابيض والاسود حول نجم افلام صامتة تخبو نجوميته مع ظهور الافلام الناطقة ويجد الخلاص في علاقة رومانسية، وفاز بجائزة أحسن اخراج المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيشوس وهذه اول مرة يفوز فيها بالاوسكار واول مرة يرشح فيها للجائزة بينما نال جائزة أحسن ممثل الممثل الفرنسي جان دوجاردان (39 عاما) وهو اول ممثل فرنسي يفوز بجائزة الاكاديمية الامريكية للعلوم والفنون السينمائية لاحسن ممثل، وقال المخرج الفرنسي وهو يتسلم الجائزة في الحفل الذي زخر بنجوم هوليوود وتصدرهم جورج كلوني وميشيل ويليامز وانجلينا جولي وبراد بيت "أنا الان أسعد مخرج في العالم. شكرا لكم على هذا، ولم يقل دوجاردان عنه حماسا وقال لدى تسلمه جائزة أحسن ممثل "أحب هذه البلد" وشكر الاكاديمية الامريكية للعلوم والفنون السينمائية وزوجته وقال ان ممثل الافلام الصامتة الشهير دوجلاس فيربانكس كان ملهمه. بحسب رويترز.

وأعادت محطات التلفزيون الفرنسية مرارا وتكرارا الكلمة التي قالها الممثل الفرنسي لدى تسلمه الجائزة وكتبت صحيفة لوموند الفرنسية في صفحتها الاولى أسفل صورة دوجاردان وهو يرفع تمثال الاوسكار في انتشاء "نصر فرنسي في هوليوود" بينما سعى سياسيون الى الاستفادة من اللحظة في حملاتهم الانتخابية، ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اداء دوجاردان بأنه "مبهر" بينما قال منافسه الاشتراكي في سباق الرئاسة فرانسوا هولاند ان جوائز الاوسكار الخمس التي حصل عليها فيلم الفنان جعلته "اسطورة السينما الفرنسية، وفاز الفيلم بخمس جوائز اوسكار هي جائزة احسن فيلم وجائزة احسن اخراج وجائزة احسن ممثل بالاضافة الى جائزتي الموسيقى التصويرية والملابس، وقال الممثل الفرنسي لاذاعة (ار.تي.ال) "أحسست كمن يأخذ حماما ساخنا ولا يريد ان يخرج منه. الضغط يتلاشى ويحل محله شعور ممتع للغاية، وفي الاسبوع الماضي نشرت مجلة باري ماتش لقاء مطولا مع الكسندرا لامي زوجة دوجاردان -التي تنتظر عرض ثلاثة أفلام تشارك فيها- قالت فيه ان سلوك الفرنسيين اختلف منذ ترشيح زوجها لنيل الاوسكار، وقالت "كانوا يشجعون جان كانوا يريدونه ان يفوز من اجلهم من أجل فرنسا. نتصور وكأننا عدنا الى عام 1998 خلال مباريات كأس العالم" لكرة القدم حين فازت فرنسا بالكأس، وعرض فيلم الفنان في دور السينما الفرنسية في وقت سابق من الشهر وزاد من اقبال المشاهدين عليه الضجة المثارة حول جوائز الاوسكار وشعبية دوجاردان الذي عمل في مجال السينما لاكثر من عشر سنوات.

مفاجآت غير مسبوقة

الى ذلك من المعروف أن أكاديمية فنون السينما وعلومها التي تنظم حفل الأوسكار تكره المفاجآت لكن أحداثا كثيرة غير متوقعة هذه السنة وضعت صبر هذه المؤسسة العريقة تحت الاختبار، ففي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تفوه المخرج السينمائي برت راتنر الذي كان قد اختير لإنتاج حفل الأوسكار للعام 2012 بعبارات مناهضة للمثليين جنسيا، وبالتالي، قررت الأكاديمية الاستغناء عن خدماته لكنها خسرت في الوقت نفسه الممثل إيدي مورفي المقرب من برت راتنر والذي كانت الأكاديمية قد طلبت منه تقديم الحفل على أمل التعويض عن الفشل الذي مني به الثنائي آن هاثاواي وجيمس فرانكو السنة الماضية، وتوخيا للحذر، قررت الأكاديمية أخيرا الاستعانة بالممثل بيلي كريستال الذي يملك خبرة طويلة في تقديم حفلات الأوسكار. وبعد بضعة أيام، قدمت مديرة قسم العلاقات العامة في الأكاديمية استقالتها من دون أي تبرير ومن دون بديل حتى اليوم، لكن المفاجأة الأسوأ بالنسبة إلى المنظمين كانت طبعا تجريد مسرح كوداك الشهير الذي يستقبل حفل الأوسكار سنويا من اسمه بعد إعلان شركة كوداك المتخصصة في التصوير إفلاسها وحصولها على أمر من محكمة الإفلاس في نيويورك يسمح لها بفسخ العقد الذي كان من المفترض أن يستمر عشر سنوات إضافية. بحسب فرانس برس.

وبما أن لافتة كوداك لم تكن قد أزيلت بعد الأحد عن واجهة المسرح الواقع في قلب هولييود، يتحضر المنظمون لتسليم جوائز الأوسكار في مسرح لا يحمل اسما جديدا، ومن بين المفاجآت أيضا اعتبار فيلم "ذي أرتيست" من المرشحين الاوفر حظا للفوز بجائزة أفضل فيلم. فهو فيلم فرنسي صامت بالأبيض والأسود يحاكي الأفلام الصامتة التي طبعت عصر هوليوود الذهبي لكنه بعيد كل البعد عن الإنتاجات الأميركية، فمن كان ليتوقع لهذا الفيلم مصيرا مماثلا، باستثناء هارفي واينشتاين "ساحر" الأوسكار وموزع الفيلم الأميركي، وفي حال نال "ذي أرتيست" جائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم، سيكون فوزه سابقة تاريخية. فما من فيلم أجنبي فاز بهذه الجائزة في تاريخ الأوسكار. إلى ذلك، فإن الفيلم مرشح في عشر فئات أي أنه يحل بعد فيلم "هوغو" للمخرج مارتن سكورسيزي الذي جمع أحد عشر ترشيحا، وخلال الحفل الذي سيضم عرضا استثنائيا لبهلوانيين كيبكيين من "سيرك دو سولاي"، ستعلن شخصيات بارزة عدة عن الفائزين، منها بن ستايلر وبرادلي كوبر وبينيلوبي كروث وأنجيلينا جولي وكامرون دياز وتوم كروز وتوم هانكس وجينيفر لوبيز، وبالإضافة إلى "ذي أرتيست" و"وور هورس" و"هوغو"، تتنافس على جائزة أفضل فيلم التي تعتبر الجائزة الأهم في الحفل أفلام "موني بول" و"ذي ديسندنتس" و"ذي تري أوف لايف" و"ميدنايت إن باريس" و"ذي هالب" و"اكستريملي لاود أند اينكردبلي كلوس"، أما بالنسبة إلى الممثلين، فيدخل الممثل جان دوجاردان في مناسفة صعبة مع كل من جورج كلوني وبراد بيت، وفي فئة أفضل ممثلة، تملك ميريل ستريب حظوظا كبيرة بالفوز عن دورها في فيلم "ذي آيرون ليدي" الذي تؤدي فيه شخصية مارغريت تاتشر ، علما أنها حطمت الرقم القياسي في كل الفئات بترشيحها للأوسكار للمرة السابعة عشرة. وتنافسها على الجائزة الممثلة غلين كلوس عن دورها في "ألبرت نوبس"، ومن المتوقع أن يفوز الممثل الكندي كريستوفر بلامر بجائزة أفضل ممثل في دور ثانوي عن دوره في "بيغينرز" والممثلة أوكتافيا سبنسر بجائزة أفضل ممثلة في دور ثانوي عن دورها في "ذي هالب"، خصوصا أنهما فازا بكل الجوائز التي تم تنظيمها في الشتاء في هوليوود، أما جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي فيرجح ان يفوز بها الفيلم الايراني "انفصال" الذي حقق نجاحا عالميا وحصد جوائز في كل أنحاء العالم.

أنتوشابل

في سياق متصل انطلق فيلم "أنتوشابل" الذي سجل نجاحا في فرنسا وأوروبا، في نيويورك، آملا أن يأسر بدوره أميركا، تم تقديم الفيلم في عرض أول خلال افتتاح الدورة ال17 من مهرجان "موعد مع السينما الفرنسية" (راندي فو ويذ فرانش سينما) السنوي الذي ينظم في مركز لينكولن وعدد من صالات نيويورك، وقد حضر العرض المخرجين إيريك توليدانو وأوليفييه نقاش، إلى جانب الممثل فرانسوا كلوزيه والمنتج هارفي وينشتاين، وقال فرانسوا كلوزيه "بالنسبة إلينا، أن نقصد الولايات المتحدة يعني أن نقصد موطن السينما. لدينا فيلم جيد، ونحن سعداء بعرضه، وتابع قائلا إن فيلم "أنتوشابل" هو "قصة عالمية، قصة حب وصداقة عن كيفية العطاء والتلقي. فآمل أن يطلع عليها أكبر عدد ممكن من الأميركيين، وسيتولى هارفي وينشتاين الذي يقوم بتوزيع فيلم "ذي آرتيست"، توزيع فيلم "أنتوشابل" أيضا الذي سيعرض في الصالات الأميركية ابتداء من 25 أيار/مايو المقبل، ولفت فرانسوا كلوزيه إلى أنه "نشهد حركة ربما.. اكتشاف السينما الفرنسية، وقبيل عرض الفيلم، كان إيريك توليدانو يبدو وكأنه يطير من الفرح على السجادة الحمراء المنبسط أمام مركز "لينكولن سنتر فور ذي بيرفورمينغ أرتس، فقال "كأنه حلم"، في إشارة إلى النجاح الذي حققه فيلم "أنتوشابل" خلال الأشهر الأخيرة، ولا تخفى عليه وعلى أوليفييه نقاش "الهوة الثقافية" بين فرنسا والولايات المتحدة لا سيما في ما يتعلق بالتمييز العنصري الذي قد يؤثر على تقبل الفيلم. بحسب فرانس برس.

لكن الرجلين يعلقان آمالا كبيرة على طرح الفيلم في السوق الأميركية. ومن المرتقب عرضه بداية في عدد من صالات نيويورك ولوس أنجليس قبل أن ينتقل إلى مدن كبيرة أخرى، في حال لقي النجاح المرجو، إلى ذلك، يبدوان مسرورين جدا بالنجاح الذي حظي به فيلم "ذي آرتيست"، وقد شرح إيريك توليدانو أن "الفيلم أتى في سياق سينما فرنسية محترفة وجريئة تعال مواضيع واقعية مستقطبة الجماهير.. ونحن نشعر بأن قوة ما تدفعنا للمضي قدما، أضاف أوليفييه نقاش "تشهد السينما الفرنسية في هذه المرحلة حركة ديناميكية تدفعها إلى الأمام"، وقد تخطى عدد مشاهدي هذا الفيلم في فرنسا 19 مليون مشاهد، في حين تتصدر مبيعاته شباك التذاكر في كل من ألمانيا والنمسا وإيطاليا، مرة جديدة، أتى حدس المنتج هارفي وينشتاين صائبا، فقال مبتسما "حاليا، ما من شيء أفضل من فيلم فرنسي، اكتفى المنتج في رده بالإشارة إلى أن الفيلم لقي نجاحا كبيرا في فرنسا وألمانيا، من دون أن يلجأ إلى التوقعات، أضاف "أظن أن حظوظه كبيرة" للفوز بأوسكار، "لكننا سنتكلم الأوسكار لاحقا"، وفي ذلك أشار هارفي وينشتاين إلى نسخة ثانية من فيلم "أنتوشابل". وقد كشف اوليفييه نقاش أن هذا المشروع "قيد الإنجاز".

الطلاق لعنة الأوسكار

من جهة أخر يتوجب على جان دوجاردان وميريل ستريب خصوصا مضاعفة اهتمامهما بالشريك إذا إرادا الإفلات من "لعنة الأوسكار" أي الطلاق، بحسب دراسة كندية راجعت الحياة الزوجية للفنانين الذين فازوا بهذه الجائزة العريق، وبحسب الباحثين في كلية روتمان لإدارة الأعمال التابعة لجامعة تورونتو، فإن الممثلات الفائزات بهذه الجائزة هن الأكثر عرضة للطلاق، وقد شملت الدراسة التي نشرت العام الفائت والتي ما زالت متوفرة على موقع كلية روتمان الالكتروني، 751 فنانا رشحوا لجائزة الأوسكار عن فئتي أفضل ممثل وممثلة من العام 1936 إلى العام 2010، وخلصت إلى أن معدل الحياة الزوجية لدى الممثلات الفائزات بالأوسكار هو 4,3 سنوات في حين يسجل لدى الممثلات الخاسرات 9,51 سنة. أما لدى الممثلين فالفرق ليس شاسعا إلى هذا الحد أي 12,56 سنة بالنسبة إلى الخاسرين و11,9 سنة بالنسبة إلى الفائزين، ومن بين الممثلات اللواتي انفصلن عن أزواجهن بعيد تسلمهن جائزة الأوسكار، نذكر جوان كروفورد وبيت دايفيس وهالي بيري وكايت وينسلت بالإضافة إلى ريز ويذرسبون وهيلاري سوانك وساندرا بولوك التي انفصلت عن زوجها السنة الماضية بعد ثلاثة أشهر من فوزها بجائزة أوسكار، أما سبب هذه اللعنة التي تلاحق الممثلات الفائزات فهو التوتر الذي يعيشه الثنائي عندما يحقق الزوج نجاحا أقل من زوجته أو يجني أموالا أقل منها، وكتبت تيزيانا كاسيارو وهي من معدي الدراسة "يبدو أن زيجات ممثلات هوليوود اللواتي بلغن القمة في مسيرتهن الفنية لا تنجو بدورها من العواقب التي تطال النساء اللواتي يتحدين المعايير الاجتماعية، لكن ميريل ستريب تعتبر حالة استثنائية لا تنطبق عليها هذه الدراسة. فهذه الممثلة التي فازت ثلاث مرات بجائزة الأوسكار متزوجة منذ أكثر من ثلاثين عاما من النحات دون غامر، أما جان دوجاردان فقد ارتبط اسمه بالممثلة ألكسندرا لامي منذ العام 2003 وقد تزوجها في تموز/يوليو 2009. فهل يبلغ المعدل الذي وصل إليه أسلافه؟

جان دوجاردان وعالم هوليوود

من جانب أخر وبعد أن فاز جان دوجاردان قد تفتح له أبواب السينما الأميركية على الرغم من لكنته الانكليزية المتلعثمة، شريطة أن يكون راغبا فعلا في الالتزام بمعايير هوليوود، ويرفض الممثل حاليا التكهن بشأن عمله في السينما الأميركية فيقول "سنرى إن كان هناك مشاريع تحتاج إلى تطوير... لكنني لن أكون يوما ممثلا أميركيا. دعونا لا نحلم، وعلى الرغم من أن أميركا تستقبل برحابة صدر المواهب الأجنبية الجديدة إلا أنها ليست متساهلة. وعلى حد قول الناقد والمؤرخ السينمائي جان-ميشال فرودون، "ستؤمن له جائزته بالطبع نفاذا أسهل إلى السينما الأميركية. لكن مفعولها فوري وليس بالضرورة مستداما، ويذكر فرودون بأن عددا من الممثلات الفرنسيات مثل ماريون كوتيار وجولييت بينوش وسيمون سينيوريه وكلوديت كولبير حققن نجاحا دوليا، ويضيف "لكن اللواتي مضين بمسيرتهن الفنية هناك معدودات، باستثناء ماريون كوتيار التي ما زال من المبكر الحكم عليها، وبعد أن فازت كوتيار بجائزة أوسكار عن دورها في "لا في أون روز" سنة 2008، عملت تباعا مع كبار المخرجين.

وتقول فابريس لوكليرك مديرة تحرير مجلة "استوديو سينيه لايف" أنها "عملت لاحقا مع جوني ديب تحت إدارة مايكل مان ثم مع وودي آلن وكريستوفر نولان وستيفن سودربرغ... لكنها كانت مندفعة جدا إلى درجة أنها نقلت مكان إقامتها إلى هناك، وتضيف لوكليرك "ارتقى دوجاردان اليوم إلى مستوى النجوم بلا شك، فقد شتم على مسرح الأوسكار ورقص مع كلب. لكن الجمهور الأميركي ما زال لا يعرفه جيدا"، مشيرة إلى أنها تتنبأ له "بمسيرة تشبه مسيرة دودبارديو أو جان رينو" أي مسيرة فرنسية تتخلها بعض الأعمال الأميركية، يشار إلى أن جولييت بينوش بقيت ممثلة "أوروبية" أكثر منها أميركية بعد فوزها بجائزة أوسكار أفضل ممثلة في دور ثانوي عن دورها في "ذي إينغليش بايشنت" سنة 1997، وخلافا لكوتيار وبينوش، فإن جان دوجاردان لا يتكلم الانكليزية بطلاقة كافية تسمح له بخوض غمار السينما الأميركية من دون عوائق، ويعتبر أنطوان دو كليرمون-تونير رئيس هئية "أونيفرانس" المعنية بالترويج للسينما الفرنسية في الخارج أن "أداء جان دوجاردان كان رائعا ليس في التمثيل فحسب بل أيضا في حملته النموذجية من أجل الأوسكار"، أما المخرج جان-بول سالوميه الذي يترأس رابطة المخرجين والمنتجين فيعتبر أن لكنته الانكليزية تبقى "عائقا صغيرا"، ويضيف "يمكنه تحسينها. إنه ممثل جيد ولديه سحر يحبذه الأميركيون. سوف يتلقى عروضا بلا شك لكن لا يجوز أن يجد نفسه عالقا في أعمال غير مثيرة للاهتمام". بحسب فرانس برس.

لكن المعلقين يشعرون بأن جان دوجادران المتزوج من الممثلة ألكسندرا لامي والذي يكرس وقته لعائلته وأصدقائه، لا يرغب في تغيير نمط حياته، فهو قال في حفل الأوسكار إن الجائزة "تعني مزيدا من الحرية. لا أريد أن تغير حدسي وخياراتي ورغبتي. لدي حياة جميلة ولا أريدها أن تتغير"، لكن الانخراط في عالم هولييود يتطلب "الامتثال للقواعد ولنظام كامل مؤلف من منتجين ومدراء أعمال ووسائل إعلام... يجب الانخراط في اللعبة حتى النهاية وبدوام كامل"، بحسب ما يقول جان-ميشال فرودون، ويضيف أن "الضغط كبير وعدد كبير من الممثلين الفرنسيين يفضلون أساليب أخرى في العمل".

مخرجة باكستانية

الى ذلك فازت المخرجة الباكستانية شارمين عبيد تشينوي بجائزة الاوسكار عن فيلمها الوثائقي عن ضحايا الهجمات بالاحماض وهي المرة الاولى التي ترشح فيها لهذه الجائزة كما أنها أول مرة يفوز بها فنان من باكستان، ويسلط فوزها الضوء على موضوع تتأثر به الاف النساء في باكستان وغيرها لكن نادرا ما يطرح للنقاش في الداخل، وأهدت تشينوي الجائزة لنساء باكستان وقالت في كلمة ألقتها لدى تسلمها الجائزة "الى كل النساء في باكستان اللاتي يعملن من أجل التغيير. لا تتخلين عن أحلامكن... هذه من أجلكن، ويروي فيلم "انقاذ الوجهSaving Face" قصة جراح التجميل البريطاني من أصل باكستاني محمد جواد الذي أجرى جراحات تجميلية لعدد ممن نجوا من هجمات بأحماض في باكستان، ويشوه اكثر من 100 شخص أكثرهم من النساء والاطفال في هجمات بأحماض كل عام في باكستان غير أن مجموعات تعمل في مجال مساعدة الناجين تقول ان حالات أخرى كثيرة لا يتم الابلاغ عنها، وتحتل باكستان المرتبة الثالثة بين الدول الاخطر على النساء بعد افغانستان وجمهورية الكونجو الديمقراطية بناء على دراسة مسحية أجرتها مؤسسة تومسون رويترز الخيرية العام الماضي وتمثل الهجمات بالاحماض وسيلة شائعة للمعاقبة على الاخطاء المزعومة. بحسب رويترز.

ونتيجة للهجمات كثيرا ما تصاب الضحية بالعمى ويمكن أن تصاب أنسجتهم بتسمم الدم او بالغنغرينا، وقالت تشينوي في مقابلة أجريت قبل فوزها بالاوسكار "النساء اللاتي قررن المشاركة في الوثائقي قمن بهذا لانهن أردن أن تسمع أصواتهن وأردن توجيه الاهتمام لهذا النوع من الهجمات وأضافت "السبب الرئيسي لوجودهن في فيلم (انقاذ الوجه) هو لتسمع حكاياتهن ويكون لها أثر، وكثير من الضحايا نساء هاجمهن أزواجهن وأخريات هوجمن لرفضهن عروضا بالزواج. وتصف فتاة في الفيلم الوثائقي كيف أحرقت بعد أن رفضت محاولات معلمها للتحرش بها. وكانت في الثالثة عشرة من عمرها انذاك، وظهرت في الفيلم امرأة أخرى تدعى روح سنا (25 عاما) ألقى زوجها حمضا عليها ثم غمرتها اخته في البنزين قبل ان تشعل والدته عود ثقاب وتوقد النار فيها، وقالت تشينوي انها تتعشم أن تلقى الحالات التي عرضتها في فيلمها صدى لدى أخريات في باكستان، وأضافت "انها قصة أمل تحمل رسالة قوية للجمهور الباكستاني. شعرت أن هذه ستكون طريقة رائعة لاظهار كيف يمكن للباكستانيين أن يساعدوا غيرهم من الباكستانيين للتغلب على مشاكلهم.

12 متفرجا فقط

من جهة أخرى حضر 12 متفرجا في بلغراد العرض الاول للفيلم الذي اخرجته الممثلة الاميركية انجلينا جولي حول العنف الذي تعرضت له النساء خلال حرب البوسنة (1992-1995) والذي اعتبره المعلقون الصرب "منحازا" على ما ذكرت الصحف المحلية، وخلافا للشائعات التي سرت في الاونة الاخيرة في الصحف العالمية فان فيلم "في بلاد الدم والعسل" لم يمنع في صربيا الا انه استقطب حفنة من الفضوليين فقط، ويروي الفيلم علاقة عاطفية بين امرأة مسلمة ورجل صربي يجدان نفسيهما في معكسرين متحاربين بعد اندلاع النزاع، وقد بدأ عرض الفيلم قبل اسبوع في ساراييفو امام خمسة الاف شخص تجمعوا في قاعة رياضية بحضور النجمة وشريكها براد بيت وقد وقف لهما الحضور مصفقا في ختام العرض. الا انه لم يثر الا اهتماما ضئيلا جدا في صربيا، ومن اصل 12 متفرجا "غادر اشخاص عدة القاعة قبل النهاية" على ما افاد موقع الاخبار الصربي "موندو"، واكتفى رجل مسن بقي حتى نهاية الفيلم بالقول "اعرف افضل من اي شخص اخر ما حصل هناك"، وقالت خبيرة اقتصاد متقاعدة كانت الاخيرة التي غادرت القاعة "كنت اخشى هذا الفيلم. لكن علينا ان ندرك اننا +الاشرار+ تماما كما سيبقى الالمان على الدوام +الاشرار+ بالنسبة لي" في اشارة الى المانيا النازية، وفي الصحف المحلية دان المسؤول في اكاديمية الفيلم في بلغراد ميركو بيوكوفيتش الفيلم على انه "منحاز" ويظهر "المسلمين (البوسنيين) على انهم متمدنون والصرب على انهم فلاحون وحوش"، وصورت انجلينا جولي الفيلم في العام 2010 مع ممثلين من يوغوسلافيا السابقة. بحسب فرانس برس.

 وقد اشادت جمعيات مسلمة لضحايا النزع البوسني بالفيلم فيما اعتبرته المنظمات الصربية "مناهضا للصرب"، وادت الحرب البوسنية الى سقوط نحو مئة الف قتيل وتعرض نحو 20 الف امرأة غالبيتهن من المسلمات وفق منظمات محلية، لاعتداءات جنسية خلال النزاع.

الكلب أغي سيتقاعد

على صعيد مختلف أعلن مروض الكلب أغي الذي شارك مع الممثل جان دوجاردان في فيلم "ذي أرتيست" الفرنسي الحائز جوائز أوسكار عدة أن أغي سيتقاعد من العمل في هوليوود في سن العاشرة ، وشرح عمر فون مولر غداة فوز "ذي أرتيست" للمخرج ميشال هازنافيسيوس في حفل الأوسكار بجائزة أفضل فيلم "الكلب الصغير يكبر، هو ليس على شفير الموت ولكنه عمل طوال حياته. لقد أعطاني الكثير وأعتقد أنه من المهم أن يتوقف عن قضاء ساعات طويلة في التصوير، وقد شكر مخرج الفيلم عند تسلمه جائزته أغي، قائلا "أعتقد أنه لا يبالي لأنه لا يفهم ما أقول، وكان أغي قد فاز بجائزة الطوق الذهبي الأولى وحصد أيضا بفضل فيلم "ذي أرتيست" جائزة سعفة الكلاب على هامش مهرجان "كان" الأخير، ويقول فون مولر إنه فخور جدا بكلبه لأنه يملك القدرة على الارتجال وعلى معرفة ما يتوقعه المخرجون منه، وقد كانت مسيرة أغي فريدة من نوعها. وقال فون مولر "المشاركة في فيلم مثل +ذي ارتيست+ والقيام بكل ما قام به... هذا نادر جدا. فنحن نشارك عادة في أفلام للأطفال من إنتاج +ديزني+. وهذا مسل لكنها المرة الأولى التي نصل فيها إلى الأوسكار، وأضاف فون مولر إن أغي سيكون متقاعدا نشطا وسيعمل على تعزيز حماية الحيوانات الاليفة. بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/آذار/2012 - 5/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م