لا اكراه في الانتخاب

محمد سيف الدولة

لكل مواطن مصري بالغ من العمر 18 عاما حق المشاركة في الانتخاب الحر لرئيس الجمهورية حتى لو كان عضوا في جماعة الاخوان او السلفيين او أحزابهم أو اي احزاب او جماعات أخرى.

ومن حق اي حزب او جماعة او هيئة ان تختار مرشحا للرئاسة، ولكن ليس من حقها الزام اعضاءها بانتخابه وتهديدهم باجراءات عقابية ان لم يفعلوا.

لا نريد ان تكون هناك تصفيات قبل نهائية للانتخابات تتم بعيدا عن الشعب، في غرف او جماعات مغلقة، يستأثر فيها بضعة افراد بتقرير مصير مصر والمصريين.

منذ شهور والناس في مصر مشغولة بالرئيس القادم، تتحاور وتتشاور وتراقب وتقيم وهي تشعر انها اكتسبت مع الثورة حقا جديدا لأول مرة في تاريخها، هو حق المشاركة في انتخابات رئاسية حرة نزيهة

وليس من اللائق ان يأتي لهم في اللحظات الاخيرة من يقول لهم: لا تشغلوا بالكم، فلقد قضي الأمر وتم اختيار الرئيس بمعرفة القادة أو الشيوخ، وانه شخص مخالف تماما لتوقعات الجميع بل انه ليس واحدا ممن تعلمونهم من المتنافسين الحاليين، و هو شخص مغمور ولكنه سينجح رغما عن انف الجميع لانه سيلقى دعمنا نحن اصحاب الاغلبية، وكأن هناك غرفة تحكم عن بعد تدير مصر من وراء الكواليس.

ان شعور المرشحين والناخبين ان المرشح الذي يرفضه الاخوان والسلفيون هو ساقط لا محالة وان لا حول لهم ولا قوة فيما يقرره اصحاب الاغلبية، هو شعور كريه سيدفع الناس دفعا الى سحب الثقة الغالية التي منحوها لهم في الانتخابات البرلمانية مما سيفقدهم اغلبيتهم في المستقبل القريب.

انها حالة شبيهة بقصة صكوك الغفران في العصور الوسطى التي كان مانحوها يدعون ملكية مفاتيح الجنة، جنة الله في الآخرة أو جنة الرئاسة في مصر المحروسة.

ان حقيقة ان هناك جهة واحدة صغيرة محدودة العدد هي التي تمسك بزمام الامور وهي التي تقرر في النهاية كل شيء هي حقيقة مرفوضة، سواء كانت هي مكتب الارشاد او المجلس العسكري او شيوخ الدعوة السلفية او زعماء الليبرالية أو مجلس رجال الاعمال او لجنة السياسات او غيرهم. فلا يجب ان يشعر الناس أبدا ان هناك افرادا او احزابا او جماعات فوق الجميع.

ان على اولئك الذين حصدوا اغلبية اصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية، الا يتباهوا ويختالوا طوال الوقت باغلبيتهم، والا يجعلوا منها سيفا مسلطا على رؤوس الجميع، بل عليهم ان يتعاملوا معها بحكمة وبروية حتى لا يستهلكون رصيدهم لدى محبيهم وجماهيرهم.

ان مثل هذه المواقف والسلوكيات تسبب ضررا بالغا وتثير مزيد من الفتن فيما بيننا، في وقت لم نتعافَ فيه بعد من الفتن السابقة، كما انها ستثير كثير من الشكوك حول حقيقة الأطراف التي شاركت في هذا الاختيار او هذا الترشيح، هل هو الجيش أم الولايات المتحدة ام من؟ فالاختيارات التي تتم في الظلام بعيدا عن الراي العام، تشعر الناس دائما ان وراءها نوايا شريرة وصفقات مريبة.

لقد رفضنا من قبل الفيتو الامريكي والدولي ضد التيار الاسلامي، وبنفس المقياس سنرفض الفيتو العسكري او الاخواني او السلفي او الليبرالي ضد اي مرشح أو معه.

لقد سقطت دولة عظمى مثل الاتحاد السوفيتي عندما تم استبدال سيادة الشعب فيها بسيادة الحزب الشيوعي ثم بسيادة اللجنة المركزية التي استقرت في النهاية في يد سكرتيرها العام ستالين وخلفاءه.

إخوتنا وأصدقاءنا أصحاب الأغلبية الكرام أفرجوا عن شبابكم وأعطوهم الأمان، اعطوهم حق الاختيار الحر بدون إكراه او تهديد، علموهم كيف يختارون ولكن لا تختاروا لهم، زكوا الاصلح ولكن لا تلزموهم به.

ربوهم على ان مصر فوق الحزب والجماعة، وان للانتماء الوطني امتياز واولوية على الانتماء الحزبي، وان يد الله مع جماعة الشعب وليس مع جماعة الحزب، وان الحق فوق الحزب والتنظيم، واننا سنحاسب امام الله افرادا وليس احزابا او جماعات، وان العقيدة الكريمة التي تؤمن بانه لا اكراه في الدين، لا يمكن ان تقر بالاكراه في الانتخاب.

وفقكم الله وسدد خطاكم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/آذار/2012 - 5/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م