
شبكة النبأ: تشهد الساحة التونسية
تحرك موسع من قبل الجماعات الاسلامية لاعتماد مشروع دستور جديد للبلاد
يكون الاسلام مصدر التشريع الاساسي، ويرى بعض المراقبين ان تلك
التحركات تثير مخاوف العديد التونسيين مع رفضها المطلق من قبل الاحزاب
العلمانية التي تتخوف من اعتماد بعض الافكار السلفية المتشددة التي تحد
من حرية التعبير خصوصا بعد انتشار بعض الجماعات السلفية المتشددة والتي
اثرت في بعض الاوساط التونسية، مؤكدين ان فرض مثل تلك الافكار سيتسبب
في الكثير من المشاكل. وفي هذا الشأن اقترح تيار (العريضة الشعبية) وهو
القوة الثالثة في المجلس التأسيسي في تونس مشروع دستور يكون الاسلام
مصدر تشريعه الاساسي في خطوة قد تزيد من مخاوف العلمانيين في البلاد.
وقال بيان خاص للتيار ان مقترح الدستور الذي قدم رسميا لرئيس المجلس
التأسيسي "ينص في فصله الاول على أن تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة
الاسلام دينها والمصدر الاساسي لتشريعاتها والعربية لغتها والجمهورية
نظامها."
ويملك تيار (العريضة الشعبية) الذي يتزعمه الهاشمي الحامدي المقيم
في لندن حيث يملك تلفزيون المستقلة 26 مقعدا في المجلس التأسيسي بعد
المؤتمر من اجل الجمهورية وله 29 مقعدا والنهضة التي تحتل 89 مقعدا من
مجموع 217 مقعدا في المجلس التأسيسي. وذكر البيان ان "اعتماد الشريعة
الاسلامية كمصدر اساسي للدستور يضمن الحرية والعدل والعدالة الاجتماعية
والشورى وحقوق الانسان وكرامة جميع البشر من الرجال والنساء وحق جميع
التونسيين في العمل والصحة والتعليم وضمان استقلالية القضاء ونزاهة
الانتخابات."
وقال الهاشمي الحامدي زعيم التيار من لندن "الجمهور الذي صوت لنا
جمهور محافظ ويريد التشريع الاسلامي مصدرا اساسيا للدستور." واضاف "أريد
ايضا كسر الحاجز النفسي الذي جعل زعماء سياسيين يخشون من الاعلان عن
افكارهم التي تؤيد ان يكون الاسلام مصدرا اساسيا للتشريع." بحسب رويترز.
ويعزز هذا المقترح من مخاوف العلمانيين في تونس الذين يطالبون
بدستور حداثي يعبر عن تطور نمط الحياة في البلاد بينما يرغب تيار من
الاسلاميين في سن دستور يكون مصدره الاساسي الشريعة الاسلامية. وينص
القانون على انه في حالة حصول مشروع على 60 بالمئة يتم اقراره بينما
يطرح للاستفتاء الشعبي اذا حصل على 50 بالمئة. ولم يحسم حزب النهضة بعد
موقفه النهائي بشأن مشروع الدستور لكن الصادق شورو عضو النهضة في
المجلس التأسيسي دعا الى اعتماد دستور مصدره الشريعة الاسلامية. وتسيطر
حركة النهضة الاسلامية وتيار العريضة على اكثر من 50 بالمئة من مجموع
المقاعد في المجلس التأسيسي بينما تتقاسم احزاب علمانية باقي المقاعد
الاخرى.
فرض تعاليم الاسلام
في سياق متصل قال مؤسس اول منظمة دينية في تونس ان جماعته (الوسطية
والاصلاح) تسعى الى فرض تعاليم الاسلام عبر النصح والارشاد والضغط على
الحكومة لسن قوانين تتماشى مع هذه التوجهات في البلاد التي كان ينظر
اليها على من ابرز قلاع العلمانية في العالم العربي. ومنحت الحكومة
التي تتزعمها حركة النهضة الاسلامية المعتدلة ترخيصا لاول منظمة دينية
في تونس هي (هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) التي غيرت اسمها
لتصبح (هيئة الوسطية والاصلاح) لتثير بذلك جدلا واسعا بين العلمانيين
الذين يرون ان هذه الجماعة تسعى لفرض نمط عيش معين في المجتمع وتهدد
قيم الحداثة.
وقال عادل العلمي ذو اللحية الكثيفة ان الجماعة تسعى لمواجهة
التصرفات الغريبة عن الاسلام مثل ارتداء الملابس المثيرة او تقديم وشرب
الخمر او نشر صور لنساء عاريات وذلك عبر الاتصال المباشر بالمواطنين
وتقديم النصح لهم وحثهم على التقيد بتعاليم الدين الاسلامي. واضاف
العلمي مؤسس الجماعة "جهودنا تبدأ بمحاورة من يرتكب تصرفات منافية
للاسلام ولكن يمكن ان تصل الى حد الضغط على الحكومة عبر التظاهر
والاعتصام لسن قوانين في هذا الاتجاه." واثارت هذه الجماعة جدلا واسعا
في البلاد حينما أجبرت اقبال الغربي مديرة اذاعة الزيتونة على التنحي
من منصبها بدعوى انها "لا تلبس حجابا وغير مؤهلة لادارة اذاعة للقران
الكريم."
وانتقد حقوقيون في تونس هذا التصرف واعتبروه تدخلا في عمل الحكومة.
ووصفت هذه الجماعة في الصحافة المحلية بانها اول جماعة شرطة دينية في
البلاد. ولكن العلمي الذي عانى من ملاحقة نظام الرئيس السابق زين
العابدين بن علي له ومنع من الحصول على جواز سفره واعتقل عدة مرات نفى
هذا وقال ان الامر لا يتعلق بشرطة دينية وان هذه التسميات تهدف الى
تشويه عمل جماعته التي تهدف ان نشر تعاليم الاسلام الذي عانى من
التضييق طيلة فترة حكم بن علي. ويقول العلمي انه لم يسافر ابدا الى
الخارج وانه غير متاثر بتيار ديني محدد ولكنه يستعد للسفر خارج البلاد
للتعريف بجماعته وتقديم دروس.
ويرفض مؤسس جماعة الوسطية والاصلاح تشبيه هيئته بهيئة الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية التي تلجأ لاستعمال العنف احيانا
لفرض تعاليم الاسلام ويضيف "لا يمكن فرض الشعائر الدينية بالقوة
والاكراه. هذا قد ينفر من الدين ويصبح كل ممنوع مرغوبا." ويضيف متحدثا
عن امثلة مهام الجماعة "قد يعمد صاحب شركة مثلا لاشهار منتجه عبر صورة
عارية لامرأة. ردنا يكون بمحاولة اقناعه بالتخلي عن هذه التصرفات. واذا
رفض نتجه للحكومة للضغط عليه لرفض مثل هذه الافعال." بحسب رويترز.
وذكر العلمي ان جماعته ستضغط بقوة حتى يكون الاسلام مصدرا اساسيا في
الدستور الجديد للبلاد الذي سيبدأ المجلس التأسيسي في صياغته في الفترة
المقبلة. وقال ردا على سؤال عن تصور دستور البلاد "نعم.. سنضغط وبقوة
حتى يكون التشريع الاسلامي مصدرا اساسيا للدستور الجديد. قد ننظم
اعتصامات ومظاهرات."
ويخشى العلمانيون من ان تزيد هذه التصرفات من مشاكل الاقتصاد
التونسي المعتل اصلا من خلال المساس بقطاع السياحة وهو اكبر قطاع مشغل
بعد القطاع الزراعي ومع بدء الاعداد لكتابة اول فصول الدستور الجديد
اشتد الجدل بين الطرفين عن امكانية ان يكون الاسلام مصدر تشريع اساسيا
في الدستور الجديد وينتظر ان يكون دستور تونس الجديد جاهزا خلال عام.
وفي السياق ذاته تظاهر الاف التونسيين امام مقر الجمعية الوطنية
التأسيسية في تونس مطالبين بتطبيق الشريعة الاسلامية في الدستور الجديد
للبلاد. وصعد بعض المتظاهرين على سقف المبنى وعلقوا لافتة كتب عليها "الشعب
ينتمي الى الله". وهتف المتظاهرون الذين ينتمي بعضهم الى الحركة
السلفية "الشعب يريد تطبيق الشريعة" و"قرآننا دستورنا" و"لا دستور دون
الشريعة".
ولبى هؤلاء دعوة الجبهة التونسية للجمعيات الاسلامية. وقالت هاجر
بودالي احدى منظمات التحرك "ليس الهدف دعم (حزب) النهضة (الاسلامي الذي
يهيمن على الجمعية التأسيسية) ولا حزب التحرير (الذي يطالب بتطبيق
الخلافة) ولا السلفيين، نحن هنا لتوحيد جميع التونسيين بفضل الشريعة".
وجرت هذه التظاهرة فيما يعكف مندوبو الجمعية على صياغة الدستور. وتثير
مطالبة الاسلاميين باعتبار الشريعة "مصدرا اساسيا للتشريع" جدلا حادا
داخل الجمعية التي انتخبت في نهاية تشرين الاول/اكتوبر الماضي ويهيمن
عليها حزب النهضة. وقال مروان (24 عاما) "نحن هنا لنطالب سلميا بتطبيق
الشريعة في الدستور الجديد. لا نفرض شيء بالقوة، نريد ان يقتنع الشعب
بنفسه بهذه المبادىء".
المرزوقي يندد بالتكفير
من جانب اخر أصدر الرئيس التونسي منصف المرزوقي بياناً دعا فيه إلى
"الكف عن استعمال لغة التكفير" بين المواطنين، وحذر من تأثيره على "السلم
الأهلي" بعد جدل واسع حول تكفير أحد الدعاة للأكاديمية إقبال الغربي،
على خلفية مواقفها من قضايا دينية. وقال بيان المرزوقي إن التكفير "أسلوب
خطير في التعبير عن الاختلافات الفكرية لما يمثله من تهديد للسلم بين
مواطني البلد الواحد وبث الفتنة بينهم." كما دعا المروزقي رئيس المجلس
الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر، وأعضاء المجلس إلى "البت في هذه
المسألة عن طريق الإسراع بسن قانون يجرم التكفير ويجعل من يستعمله عرضة
للتتبعات القانونية ويحفظ تعايش التونسيين وتوادهم وتراحمهم."
وعبرت الرئاسة التونسية في هذا البيان عن "انشغالها الشديد" بتعمد
بعض الأشخاص تكفير الآخرين، مؤكدة أنه "ليس من حق أي أحد أن يكفر
مواطنا آخر بالنظر إلى أن ذلك يمكن أن يشكل مقدمة للعنف"، وهو ما
اعتبرته "أمرا مرفوضا ومدانا بصفة مبدأية ومطلقة،" وفقاً لوكالة
الأنباء التونسية الرسمية. وتأتي هذه الدعوات من المرزوقي بعد الجدل
الواسع في البلاد بسبب مجموعة من القضايا التي برزت بعد فوز القوى
الإسلامية بالانتخابات، ووصولها إلى مراكز القرار مؤخراً، في أعقاب
سقوط نظام الرئيس السابق، زين العابدين بن علي. وكان آخر تلك القضايا
المقابلة التي نشرتها صحيفة "الصباح" الواسعة الانتشار مع عادل العلمي،
مؤسس جمعية ""الوسطية للتوعية والإصلاح" ذات الطابع الإسلامي، والذي
تعهد فيه بـ"التصدي لكل قانون يتعارض مع الشريعة الإسلامية."
وقال العلمي خلال المقابلة ، إن جمعيته ستعمل وفق أسلوب "الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر،" وإن كانت قد تجنبت استخدام هذه التسمية.
ولدى سؤاله عن حقيقة تدخله في قضية تعيين الأكاديمية إقبال الغربي على
رأس إذاعة الزيتونة للقرآن، واعتبارها "غير مؤهلة" للمهمة، قال العلمي
إنه اعترض على اختيار الغربي لأنه ليس لديها الكفاءة "في مسألة قراءة
القرآن،" رغم امتلاكها لشهادة دكتوراه في الحضارة الإسلامية.
واعتبر العلمي أن الغربي "ذهبت في عدد من كتاباتها إلى قول أخرجها
من ملة (النبي) محمد،" واتهمها بكتابات "ضد منهج القرآن الكريم وضد
منهج رسول الله وعلماء الإسلام." ولدى استفهام الصحيفة حول هذا الموقف،
وماذا إذا كان يكفر عبره الأكاديمية المعروفة، قال العلمي: "نعم وأنا
أتحمل مسؤوليتي في ذلك وأعي ذلك." بحسب CNN.
وكان رئيس الوزراء التونسي السابق، الباجي قائد السبسي، قد عين
الغربي في إدارة الإذاعة الدينية الطابع ضمن حملة تعيينات واسعة أجراها
قبل تسلم حركة النهضة الإسلامية للسلطة، حيث أثار الأمر آنذاك حفيظة
التيار الديني نظراً لمواقفها حول قضايا الحجاب والنقاب وفهم الآيات
القرآنية. وقام أنصار التيار الديني باحتجاجات ضد الغربي، كما أشارت
تقارير إلى اعتراضات داخل الإذاعة نفسها، واستمر الخلاف حول القضية
ووصل إلى القضاء، حتى جرى تنحيتها عن منصبها مؤخراً وتعيين رشيد طباخ
على رأس الإذاعة.
المواجهة بشأن النقاب مستمرة
من جانب اخر ما زال الوضع على حاله في كلية الآداب في المنوبة قرب
العاصمة التونسية، المؤسسة التي تعكس كل اشكال التوتر بين الاسلاميين
و"التقدميين". ومنذ الثامن والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ،
يوم بدء اعتصام للطلاب والسلفيين للمطالبة بتسجيل طالبات منقبات ومنع
الاختلاط، لم تشهد هذه الكلية التي يدرس فيها حوالى 13 الف طالب اي
استقرار.
واغلقت الكلية لمدة شهر تقريبا وتعرض الاساتذة للشتم وقاعات الدراسة
للتخريب.. وأجج التوتر انعقاد مجلس تأديبي الجمعة قرر معاقبة ستة طلاب
بتوجيه انذارات لهم او ابعادهم (لمدة عام للشاب الذي يتزعم حركة تأييد
النقاب).
وجرت مشادة كلامية بين شابتين منقبتين من جهة وعميد الكلية حبيب
كاسدغلي من جهة اخرى في مكتب العميد. ودارت بعدها مواجهات عنيفة في بعض
الاحيان، بين سلفيين وطلاب نقابيين في حرم الجامعة. وخلال هذه
المواجهات، تعرض شاب فرنسي يدرس الصحافة للضرب وكسرت الكاميرا التي كان
يحملها، كما قال احد مدرسيه.
وقالت استاذة اللغة الفرنسية سعيدة علايا "منذ تشرين الثاني/نوفمبر
تجري حوادث كل يوم. لكن الوضع يتدهور. قد تكون هناك سبع او ثماني
منقبات يدعمهن بعض الملتحين في الكلية، لكن من الواضح انهم يتلقون دعما
خارجيا". ورأت ان المطالبة بالسماح بالنقاب وتخصيص قاعة للصلاة وهما
مطلبان رئيسيان للمحتجين، هما ذريعتان. وقالت "لديهم مشروع مجتمع سلفي
يريدون اقامته وهم يستهدفون منوبة لانها كلية تقدمية". واكد استاذ
التاريخ في منوبة علية علاني ان "العلوم الانسانية التي نتعلم فيها
الفلسفة والنقض والعقلانية هدف للسلفيين بالتأكيد". وذكر بان زعيم
الحركة محمد البختي كان في التيار "الجهادي" للسلفيين.
ورأى محمد امين احد مسؤولي الحركة المؤيدة للنقاب ان "منوبة كلية
لليساريين". واتهم الرجل بلحيته المشذبة ودشداشته البيضاء الطويلة، وهو
في سنته الثالثة في المعلوماتية، عميد الكلية بالقيام "باعمال
استفزازية" و"الوقوف ضد الاسلام" وبانه "يريد اسقاط الحكومة التونسية".
وبالقرب منه، وقفت منقبة اسمها ايمان بروحة الطالبة في السنة الاولى
ادب عربي، لتتهم العميد "بضربها" خلال مشادة كلامية وتعرض تقريرا طبيا
يثبت ذلك. وتقول غاضبة "في كل الكليات الاخرى يسمح للمنقبات بحضور
الدروس. هنا عندما ادخل الى القاعة يخرج الاستاذ"، قبل ان تنضم اليها
طالبة ثانية غير محجبة لتتهم العميد "بالتعنت". بحسب فرانس برس.
لكن حبيب كاسدغلي الذي انتخب عميدا في حزيران/يونيو الماضي، ينفي كل
هذه التهم، ويكرر "نسمح للمنقبات بدخول حرم الجامعة والذهاب الى
المكتبة، لكن لاسباب امنية وتربوية من غير الوارد تدريس طالبات يغطين
وجوههن". ووافق المجلس العلمي في الكلية على قرار العميد، لكن هيئة
التعليم تشعر بان السلطة التي ترعاها، تخلت عنها. ولم يعبر وزير
التعليم العالي الاسلامي المنصف بن سالم عن اي موقف واضح في هذا الشأن.
وقال علية علاني "يجب ان تخرج الوزارة عن صمتها وتفرض احترام قرارات
المجلس العلمي والا لن تحل هذه المشكلة". يتابع الطلاب عبثا هذه
المواجهة ويخشون سنة دراسية سيئة. وقالت حنان هشوري التي جاءت من
القصرين (وسط) لدراسة اللغة الفرنسية في الكلية ان "الدراسة هنا اصبحت
مستحيلة".
ضمان حرية الابداع
من جهته تعهد وزير الثقافة التونسي بضمان حرية الابداع الفني دون أي
قيود في ظل حكومة تسيطر عليها حركة اسلامية وبابقاء الثقافة محايدة
خارج الصراع المحتدم بين الاسلاميين والعلمانيين في البلاد منذ الاطاحة
بالرئيس السابق. وأثار وصول حركة اسلامية مخاوف العلمانيين من المساس
بالحريات والتغاضي عن التشدد الديني الذي يهدد الابداع الفني في
السينما والمسرح والرسم. لكن مهدي مبروك وزير الثقافة التونسي وهو
أستاذ في علم الاجتماع قال ان وزارته ستكفل حرية الابداع الفني وستتصدى
لكل ما من شأنه ان يمس هذه الحريات. وقال مبروك "بالفعل هناك مخاوف
حقيقية للعلمانيين من التشدد الديني ونحن نتفهمها ولكن بعضها حقيقي
والبعض اخر مبالغ فيه." وأضاف "لن نصمت على أي تجاوز ضد حرية الابداع
بمختلف اشكالها وسندين أي اعتداء على الابداع ولن نفرض أي رقابة ادارية
للافلام والمسرح لكن على منظمات المجتمع المدني ايضا مساندة جهود
الوزارة عبر التظاهر السلمي والقيام بدورها". ومضى يقول "أفضل ان اكون
متسامحا وان اشتم على ان امس باي شكل من حرية الابداع.. ليست هناك قيود
لحرية الابداع ..هذا الامر غير وارد مادمت انا وزيرا للثقافة." بحسب
رويترز.
وأثارت اعتداءات متشددين العام الماضي على قاعة سينما مخاوف على
حرية الابداع. وهاجم سلفيون بيت مدير قناة نسمة التلفزيونية الخاصة
بقنابل مولوتوف احتجاجا على بث فيلم ايراني.
وقال وزير الثقافة "تم مؤخرا تهشيم منحوتة في تطاوين وتم حرق لوحة
زيتية من حمام سوسة ونحن لا ننكر ان هناك حوادث تشير الى التشدد الديني
لكنها معزولة وسنتصدى لها بالالتجاء للقضاء وقد بدأنا بالفعل تحقيقات
قضائية ضد المعتدين على المنحوتة في تطاوين." وانتقد مبروك سعي بعض
النخب العلمانية الى تضخيم الاحداث وقال "بعض مثقفينا يريدون بناء
مشروعية على قاعدة صناعة الخوف وهو نوع من الاقتصاد السياسي لادارة
المخاوف."
واحتدم الصراع بين الطبقة العلمانية والاسلامية في البلاد منذ سقوط
نظام بن علي وبعد وصول حركة النهضة للحكم مما أتاح لجماعات اسلامية
متشددة حرية التحرك بعد سنوات من القمع في ظل نظام بن علي.
وتعهد الوزير بان تكون الوزارة بعيدة عن اي استقطاب سياسي وديني
مهما كان نوعه مضيفا انه منع الداعية الاسلامي وجدي غنيم من استغلال
مركب ثقافي لاقامة خطبة دينية. وقال ان وجوده ضمن حكومة محافظة تسيطر
عليها حركة النهضة الاسلامية لايعني المساس بحرية الابداع في مختلف
القطاعات الثقافية لان هناك التزام كبير في هذه الحكومة بدعم حرية
الابداع.
وكان مبروك قال انه يرفض مشاركة بعض الفنانات مثل هيفاء وهبي ونانسي
عجرم في مهرجان قرطاج مما أثار تكهنات بان الحكومة الاسلامية تسعى الى
فرض نمط موسيقي ملتزم. لكنه نفى ان يكون تحفظه على بعض الاسماء لدوافع
دينية او اخلاقية وقال "مبرراتنا في اتخاذ هذه القرار هي فنية جمالية
بحتة وليست اخلاقية مثلما يتم تدواله ولا علاقة له بالتزام الحكومة او
لانها حكومة اسلامية هذا خاطئ تماما". وأضاف مفسرا "لم استشر أي طرف في
الحكومة حول اي قرار وهم يعتقدون ان لي بعض الكفاءة تؤهلني لاتخاذ اي
قرار وهذا امر ايجابي".
وكشف الوزير ان هناك لائحة من الاسماء الكبيرة يتم التفاوض معها
للمشاركة في مهرجان قرطاج بغية اعادة بريق هذا المهرجان العريق. وقال
ان من هذه الاسماء المطروحة سيلين ديون والتون جون وربما ايضا الفنانة
اللبنانية فيروز. وأضاف ان مهرجان قرطاج وكل المهرجانات ستظل مفتوحة
امام المبدعين السوريين ولن نعمد الى اي مقاطعة ثقافية. وكانت تونس اول
بلد يطرد السفير السوري احتجاجا على قمع القوات السورية للمدنيين
المستمر منذ اشهر. |