حزب البعث العلوي الإشتراكي!

هادي جلو مرعي

بقي نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بعيداً عن الأضواء منذ أن جرى حديث تداولته أوساط سياسية وإعلامية عن إمكانية قيادته لسوريا في الفترة الإنتقالية التي يتخلى بموجبها الرئيس بشار الأسد عن صلاحياته لنائبه المخضرم.

 لكن الأيام الأخيرة بينت أن الرجل ما زال داعماً للنظام في مواجهة إحتجاجات أبناء طائفته (السنة).

وكانت الشائعات التي سرت تقول، (إنه قيد الإقامة الجبرية). إبتسامته الصفراء توحي بأنه لم يتعرض الى ضغط من المؤسسة الحاكمة. ما تردد في حينه أن سبب الحديث عن شخصية الشرع كمرشح بديل للأسد يعود الى إنتمائه المذهبي (السني), وولائه السياسي بصفته قيادياً في حزب البعث، ويرى أصحاب فكرة توليه الصلاحيات, إن الشرع (السني) يمكن أن يهدئ من روع السنة, ويخفف من غلوائهم، مثلما إن لديه القدرة على طمأنة العلويين الذين يحكمون على مستقبلهم بعد التغيير كونه قيادياً في حزب البعث الحاكم.

وفي العراق, مثلما في سوريا كان حزب البعث هو الحاكم والسيد والماسك بأسباب السلطة والثروة، وكان حافظ الأسد مثلما صدام حسين الرجل الأوحد والحاكم الذي لا يعلو على قوله قول، الفرق إن الأسد بقي يحكم من قبره، بعد أن تجنب النهاية التي آل إليها صدام بعد العام 2003، وإستطاع أن ينفد بجلده من بين أفواه الأسود بعد أن لاعبها في سيرك غريب وعجيب.

مارس حزب البعث في العراق أبشع الجرائم طوال عقود أربع من حكمه ضد فئات من الشعب دينية وعرقية وبقي في السلطة رغم رفض (الشيعة والأكراد) لسطوته، وخلّف من ورائه مئات من الإنتهاكات وآلافا من المقابر الصغيرة والكبيرة المحشوة بجثث الأبرياء وسواهم من معارضيه. كان حزب البعث سنياً بامتياز، رغم إنه إعتمد في سطوته على بعض المرتزقة من الشيعة الذين ساندوه (خوفاً أو طمعاً).

كانت ردة الفعل جامحة وطافحة بالغضب ضد البعثيين بعد دخول القوات الأمريكية المحتلة للعراق، وصار إستهداف أعضاء الفرق الحزبية والشعب والرفاق الصغار والمتعاونين شائعاً وسقط الآلاف منهم في حوادث إنتقام متفرقة، بينما فر آخرون الى بلاد مجاورة عدا من إحتمى بعشيرته أو أبناء قوميته أو طائفته، أو من تسلل الى دوائر الحكم والقرار أو تخفى بأساليب تعلمها من تجربة الحكم الطويلة.

ليس خافيا على أحد أن حزب البعث السوري (علوي) بإمتياز, وفي حال كان العلويون محسوبين على الشيعة، فإنه مارس سياسة مشابهة لنظيره العراقي. كلاهما كان يقمع أبناء الطائفة المغلوبة على أمرها ,ويحكم بالنار والحديد حتى حانت لحظة الحقيقة، فالشيعة إنتهزوا فرصة الإحتلال الأمريكي لينقضوا على البعثيين وقيادتهم السنية، بينما فجر الربيع العربي الموهوم الرغبة لدى السنة في سوريا ليحاولوا إفتراس البعثيين وقيادتهم العلوية.

 ولن يكون بالإمكان أن تذهب سوريا الى شكل من الحلول مشابه للحالة الليبية، فيدخل الثوار زاحفين الى دمشق كما فعل ثوار ليبيا مع القذافي حين إجتاحوا طرابلس الغرب, ولا الى حل كالذي تحقق في اليمن حين فوّض علي عبد الله صالح صلاحياته الى نائبه الجنوبي عبد ربه منصور هادي, وربما ستكون حرباً عالمية بغطاء أهلي تشترك فيها أمريكا وأوربا ودول الخليج وروسيا والصين وإيران والعراق، وأشكال من الجماعات المسلحة حتى لا نعود نميز بين الكنة والحماة، ويذهب الأخضر بسعر اليابس، وتندلع حرب الفوضى التي لا يقر لها قرار.

هل سيذهب السوريون الى نموذج العراق في نهايته الدرامية، لنكون في مواجهة النهاية المتمثلة بسقوط ما يسميه المحتجون (حزب البعث العلوي الإشتراكي)؟

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/آذار/2012 - 26/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م