الاسراف بالتدابير الامنية واثرها على الاقتصاد والمواطن

رياض هاني بهار

في الظروف غير العادية (الاستثنائية) كما هو الحال بعراقنا، فان الأجهزة الأمنية قد تلجأ إلى بعض التدابير الأمنية بحسبانها من مستلزمات مواجهة تلك الظروف والحد من خطورة أثارها وتداعياتها وتقترب تلك التدابير الأمنية - من حيث طبيعتها - من القرارات الإدارية، ووجه الاختلاف بينهما إنما يبدو في الأثر أو في الدرجة بمعني أن الاختلاف في الدرجة وليس في الطبيعة، ومن هذا المنطق، فإن التدابير الأمنية إنما تحظي بأهمية خاصة بالنظر إلى ظروف إصدارها، وما تنطوي عليه من قيود قد تحد من الحريات الشخصية للأفراد وكما هو الحال لدينا من تدابير نقاط التفتيش(السيطرات) وحظر التجوال وقطع الطرق وتفتيش الاشخاص وطلب المستمسكات الأربعة لأغراض امنية واعتداء قوافل المسؤولين على المواطنين بحجة فسح المجال للمواكب جميعها قيود وضعها المسؤول العسكري (مسؤول المنطقة امر فوج او امر لواء) ولايعرف مقدار الضرر الاقتصادي والنفسي على المواطن والسخط الذي يثأر ضد النظام السياسي ولو كانت هذه الاجراءات مجدية للأمن او تمنع الجريمة لتنازل المواطن عن حريته مقابل هدف الامن الحقيقي.

ولم تتوفر احصاءات دقيقه على النتائج المتحققة من هذه التدابير ولكن الواضح ان هذه الاجراءات لم تحد من منع الجرائم الإرهابية او الكشف عنها اما تقديرات الاثار على الاقتصاد فاصبح من الضروري ان يتناول الاقتصاديون حجم الخسائر التي تسببها هذه الاجراءات على الاقتصاد الوطني، ويعتبر حق الأمن من أهم الحريات الفردية، بل إنه يشكل الحرية الأساسية التي تتضمن وتكفل الحريات الأخرى، ومؤدي هذا الحق أنه لا يجوز إتهام أحد، أو القبض عليه، إلا في الحالات المحددة في القانون، وطبقاً للأشكال التي ينص عليها الدستور العراق وإمعاناً بالنظر، فإن الأمر يقتضي بيان ماهية تلك التدابير وأنواعها وأساسها وآثارها، وفرض ضوابط على إصدارها، على نحو يسهم في بسط حماية للحريات الشخصية للأفراد وبات من الهام ان نعرف التدابير الأمنية لما كانت التدابير الأمنية في طبيعتها من القرارات الإدارية.

فالقرار الإداري مؤداه " إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضي القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متي كان ذلك ممكنا وجائزاً قانونياً، وكان الباعث عليه ابتغاء المصلحة العامة والتدابير الأمنية لها صورها التي تتعدد بالنظر إلى موضوعها وظروف ومبررات إصدارها، أن التدابير الأمنية إنما تحد، بل تنتقص من الحريات الشخصية للأفراد، وإن تفاوتت – فيما بينها – في درجات التأثير من هنا تأتي أهمية فرض ضوابط على الإدارة في شان إصدار تلك التدابير، ولا يكون ذلك إلا لضرورة تقتضيها الظروف، وهي الوسيلة الوحيدة والمناسبة في هذا الصدد، إضافة إلي ضرورة التزامها بإجراء موازنة دقيقة بين تحقيق موجبات الأمن وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم، وتغليب هذا الإعتبار أو ذاك إنما ينبغي أن يكون مرده المصلحة العامة التي هي رائد تصرفات الإدارة عموماً.

ومن ناحية أخرى، فانه يتعين أن تكون التدابير مؤقتة وان تعاود الإدارة النظر فيها من وقت لآخر، لإلغاء بعضها إذا كانت الظروف قد خفت، وبالتالي الحد من آثارها بقدر الظروف الجديدة.

فان على القضاء ان يراقب تلك التدابير وإلغاء ما يكون منها مخالفاً للقانون، ورد الإعتبار إلى الأشخاص الذين صدرت التدابير في حقهم، وهناك الكثير مستفيدين من بقاء التدابير سارية واصبحت تقع ضمن الفساد المالي والاداري وهي ليست اجراءات امنية وانما اجراءات تعسفية واصبحت تشكل خطرا على الحريات العامة بل تصل احيانا الى تهديدا لكرامة الانسان.

* العراق-بغداد

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/آذار/2012 - 24/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م