التعليم العالي والتكنولوجيا الصناعية

تراجع وبطالة مقنعة

د. علي عبد داود الزكي

ان الدراسات العليا العراقية اليوم بحاجة الى وقفة تأمل شجاعة يتم من خلالها التبصر بحقيقة الامر وواقع الحال العراقي وما نرجوه من مستقبل لبلدنا لكي يتم وضع اسس سليمة تنهض بالتعليم العالي فعلا لخدمة الاقتصاد المحلي العراقي وليس خلق بطالة مقنعة ذات كلفة كبيرة على ميزانية البلد.

ان كلف ارسال البعثات الى الخارج يجب ان يكون وفق خطة تنموية واستراتيجية تهدف الى الحصول على خبرات علمية تكنولوجية عالية توظف بشكل صحيح لكي تدعم عملية النهوض بالتكنولوجيا العراقية وتنهض بالقطاع الصناعي والنفطي والخدمي والزراعي في العراق. لا وجود حقيقي لقاعدة تكنولوجية صناعية انتاجية في العراق لاستيعاب الكفاءات والخبرات العلمية والتقنية العراقية.

كما ان التعليم العالي العراقي منذ سنوات وهي تخرج عشرات الاف من الطلبة لكي يحصلوا على الوظائف الحكومية وغالبيتهم يمثلون بطالة مقنعة ولا يتم الاستفادة من تعليمهم في دعم الاقتصاد العراقي.

 مما يلاحظ بعد سقوط صنم بغداد اصبح هناك سباق لنيل الشهادات الجامعية والشهادات العليا لغرض الحصول على الوظائف كبطالة مقنعة او لغرض الحصول على مكاسب وظيفية اكثر بدون تقديم خدمات افضل واكثر. كما ان الكثير من الانتهازيين اصبحوا اليوم يبحثون عن الشهادات الجامعية لغرض ان تخدمهم وتسهل لهم عملية التسلق والحصول على المناصب.

 ان التقييم العلمي والبحث العلمي ضعيف جدا محليا لانه لا يخدم اقتصاد البلد وما لا يخدم الاقتصاد سيصعب تقييمه كما ان البحث العلمي ما دام لا يوجد له تطبيق ولا يخدم الصناعة المحلية فانه سيبقى ضعيف واشبه بالكذبة او الكلمات الرنانة التي يتم ترديدها هنا وهناك بدون فائدة. ان اي عضو في جسد الانسان لا يستخدمه سيضعف ويضمر تدريجيا ويصبح بلا فائدة ويفقد قدرته على انجاز وظيفته التي خلق لاجلها وهذا ما يمكن ان نصف به البحث العلمي والابداع في العراق اليوم. فان الابداع يتناقص ويقل تدريجيا ويكاد يكون معدوم ان انتفت الحاجة له وكما يقال الحاجة ام الاختراع وفي بلدنا اليوم لسنا بحاجة الى الاختراع فان ما يتم استيراده اقل كلفة واكثر جودة مما يمكن انتاجه محليا كما ان اي مشكلة وحاجة تكنولوجية لا يتم البحث عن حلها في مؤسسات البحث العلمي المحلي وذلك لضعف التكنولوجيا الصناعية وعادة ما يتم سد النقص والعوز باستيراد ما يحتاجه البلد من الخارج وهذا بدوره ادى الى حصول ضعف كبير في التقييم العلمي محليا.

يجب اذن ان تكون هناك دراسات حقيقية لغرض وضع اسس صحيحة للنهوض باقتصاد البلد ووضع اسس وشروط تقييم صحيحة للبحث العلمي. ويجب ان لا تمنح براءة اختراع ولا تمنح جائزة علمية لاحد ما لم توظف انجازاته في خدمة اقتصاد البلد بشكل فعلي او يتم الاستفادة منها عالميا او يتم التعاقد عليها مع شركات عالمية. كما يجب تفعيل دور المؤسسات البحثية بالاتفاق والتعاون مع المؤسسات البحثية والعلمية والشركات الصناعية العالمية لغرض دعم البحث العلمي داخل العراق وجعله فعالا ومواكبا لما يجري في العالم ومؤسساته العلمية والصناعية.

ان الناتج من الدراسات العليا العراقية عادة ما تكون الحصول على تدريسين اكاديميين فقط ويلاحظ هنا وهناك محليا الكثير من الكلام حول التكنولوجيا والدراسة والبحث المحلي بدون حاجة تطبيقية فعلية لذلك محليا. ان البلد اليوم بحاجة ماسة لتوفير فرص العمل في المؤسسات الانتاجية وخصوصا الصناعية والنفطية والزراعية لذا يجب الاهتمام بالتطبيقات الصناعية والتكنولوجية. كان العراق في زمن الطاغية المقبور يمتلك خبرات صناعية وتكنولوجية كبيرة في مؤسسة الطاقة الذرية وشركات التصنيع العسكري المنحلة ولكن للاسف بعد السقوط تم تحويل اغلب كوادر هذه المؤسسات الجبارة الى كادر اكاديمي في الجامعات العراقية واصبحوا اكاديميين فقط لا يعملون على دعم اقتصاد البلد بخبراتهم وامكانياتهم التكنولوجية.

كما انهم اصبحوا غير قادرين على بناء مؤسسات تكنولوجية انتاجية في الجامعات العراقية لان الجامعات العراقية لا تمتلك امكانيات صناعية وانتاجية الا بحدود ضيقة جدا. لذلك لكي ينهض التعليمي العراقي ويساهم في دعم اقتصاد البلد يجب دعم الكفاءات العلمية في مؤسسات التكنولوجيا والصناعة العراقية ويفعل التعاون العلمي الجاد بين هذه المؤسسات مع التعليم العالي.

يجب اعادة فتح مؤسسات التصنيع السابقة وتطويرها لخدمة الصناعة المحلية في انتاج السلع الاستهلاكية للاغراض المدنية وانتاج ما يمكن انتاجه من احتياجات الجيش والشرطة العراقية. يجب ان يتم دعم رواتب موظفي المؤسسات الانتاجية خصوصا الخبراء وحملة الشهادات العليا بما يفوق نظرائهم في مؤسسات التعليم العالي العراقي لكي لا يهرب الخبراء والتكنولوجيين من المؤسسات الصناعية ليبحثوا عن فرص عمل في التعليم العالي، كما ان ذلك سيساهم في استقطاب حملة الشهادات العلمية العليا للعمل في هذه المؤسسات.

 ان التعليم العالي العراقي اليوم وصل حالة التخمة من حيث عدد منتسبيه ومع ذلك نرى البعض اليوم يتباكى على الخبرات العراقية التي هاجرت الى الخارج وهذا التباكي ما هو الا تباكي سياسي كاذب يراد منه الاساءة للعصر الديمقراطي الجديد والحقيقة هي ان العراق اليوم يمتلك من الشهادات العليا ما يمكنه من ادارة اكثر من ضعفي الجامعات العراقية الموجودة حاليا (باستثناء الكليات الطبية). بينما الجامعات العراقية عوزها الحقيقي يتركز في عدم توفر المستلزمات والاجهزة والمختبرات الحديثة.

يتحدث البعض اليوم وكأن العراق معوق بدون الخبرات التي فضلت الهجرة على البقاء في العراق. بينما الحقيقة هي ان العراق بحاجة حقيقة الى قاعدة صناعية وتكنولوجية حديثة يتم من خلالها تطوير التعليم العالي العراقي وتوفير فرص عمل للخريجين في المجالات الانتاجية. وللاسف القاعدة الصناعية لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص لازالت هزيلة ولا تقوى على دعم اقتصاد البلد وتوفير فرص عمل حقيقية. ان تطور التعليم العالي لا يتم بزيادة حملة الشهادات العليا فيه حتى لو كانت هذه الشهادات من ارصن الجامعات العالمية وانما تطور التعليم العالي محكوم بتطور القاعدة التكنولوجية في البلد. لذلك لكي يتم تطوير التعليم العالي والبحث العلمي يجب ان يكون هناك تطوير وتوسع في التكنولوجيا الصناعية والبحثية في الوزارات الانتاجية مثل الصناعة والمعادن والعلوم والتكنولوجيا والنفط والاتصالات وغيرها من الوزارات.

قلنا كلمات قد تكون حروفها بلا نقاط نتمنى ان يساهم الاخرين في وضع النقاط الذهبية على هذه الحروف لاغناء النقاش الهادف..

تطوير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي

ان ارسال البعثات الى خارج العراق يكلف البلد مبالغ كبيرة جدا وكما هو معروف فان دراسة طالب الدكتوارة في خارج العراق يكلف ما لا يقل عن 1500 دولار شهريا. كان من الممكن دعم الدراسات العليا العراقية بدلا من ارسال الطلبة بشكل كبير الى خارج العراق كما يمكن الاستفادة من المبالغ الكبيرة المخصصة للبعثات الدراسية في بناء مختبرات بحثية متطورة في الجامعات العراقية لتخدم التعليم العالي والبحث العلمي داخل العراق. والعمل على تقليص اعداد البعثات والاستعاضة عن ذلك بارسال الايفادات والدورات التدريبية بشكل منظم يساعد على تطوير الكفاءة البحثية للاكاديميين العراقيين. ان وزارة التعليم العالي العراقي منذ عدة سنوات مضت عملت على وضع شروط تحدد من امكانية تطوير التعليم العالي العراقي بدلا من تنشيطه محليا حيث انها وضعت شروط وقرارات معقدة وصعبة ومتناقضة احيانا تحدد من تطوير التعليم العالي وتعقد عملية الدراسة والبحث العلمي في العراق وسنتطرق الى بعض هذه المعوقات في ملاحظاتنا ادناه.

يمكن ان تقوم وزارة التخطيط بالتعاون مع كل الوزارات التي تخدم القطاع الانتاجي والصناعي في البلد بوضع خطط استراتيجية للنهوض بالواقع التكنولوجي في البلد. ووضع مشاريع استراتيجية تعمل على توفير فرص عمل حقيقية وتوفير اساس تكنولوجي حديث يمكن بتعاون هذه الوزارات مع وزارة التعليم العالي البحث العلمي ان يتم تطوير التعليم العالي وتحديد الخطط البحثية للتعليم العالي بما يخدم قطاع الانتاج المحلي. ان التعليم العالي العراقي لا يمكن تطويرها بزيادة حملة الشهادات او زيادة عدد الخريجين فيها وانما تطويرها سيتم من خلال تفاعلها مع الوزارات الاخرى لغرض رفع مستوى الانتاج وهذا التعاون سيفتح افاق جديدة للتطوير والابداع. هناك عدة نقاط يجب الانتباه لها لغرض تطوير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي وهي كما يلي:

1. اجور الاشراف على طالب الدراسات العليا دكتوراة بحدود 50000 دينار شهريا والماجستير بحدود 40000 دينار شهريا وهذه مبالغ زهيدة جدا. بينما طلبة البعثات الدراسية العراقيين الذي يدرس في الخارج مشرفيهم يتقاضون ما لا يقل عن 600 دولار شهريا كأجور اشراف عن الطالب الواحد.

2. ان تخريج طالب الدراسات العليا في العراق لا يكلف الدولة كثيرا مقارنة مع ما تصرفه الدولة لغرض ان يحصل الطالب العراقي على نفس الشهادة من خارج العراق. لذا يجب على الدولة ان تقوم برصد مبالغ كافية لمشاريع الطلبة الذين يدرسون داخل العراق وتقلل الروتين والتعقيدات في الصرف وتسهل وتبسط الاجراءات لكي لا يكون الروتين الإداري عامل مكبل للبحث العلمي العراقي.

3. مدة الدراسة لنيل شهادة عليا في العراق هي كما يلي: الماجستير فترة الدراسة سنتان وهي سنة دراسة كورسات والسنة الثانية البحث، والدكتوراة سنة كورسات ثم ستة اشهر للامتحان الشامل ثم سنة ونصف للبحث. لذا فان البحث عادة ما يكون ضعيف مقارنة مع ما ينجز في الجامعات العالمية الرصينة التي تعطي ما لا يقل عن سنتان او ثلاث سنوات بحثية للماجستير و4 الى 6 سنوات بحثية للدكتوراة. اذن يجب تعديل ذلك فيمكن ان يتم قبول الطلبة في الدراسات العليا بإجراء امتحان تنافسي عام للطلبة ثم اجراء اختبار تخصصي للطلبة الناجحين منهم في التخصصات التي يرغبون باكمال دراستهم فيها لكي يقوم المشرف الذي سيحدد مشروع البحث بتحديد الكورسات والدروس الاساسية التي يحتاجون اليها. ليقوم طالب الدراسات بعد ذلك بدراسة فقط ما يحتاجه اليه من كورسات وان يكون ذلك ضمن فترة بحثه. لكي يكون هناك وقت كافي لانجاز البحث. كما يجب ان يكون هناك تساهل في فترة البحث ومدته. كأن تكون فترة الماجستير محددة من سنة واحدة الى 3 سنوات بحثية والدكتوراة من 3 سنوات الى 5 سنوات بحثية.

4. لغرض تقليل الصرف المالي في الجامعات العراقية!!! تم استصدار قانون يمنع الاستاذ الجامعي (الاستاذ و استاذ مساعد) من الاشرف على اكثر من طالبي دكتوراة وثلاثة طلبة ماجستير بنفس الوقت وهذا غير منصف بحق الاستاذ الجامعي العراقي لان اجور الاشرف زهيدة مقارنة مع اجور الاشرف في الجامعات غير العراقية كما اشرنا في الفقرة 1. وكان الاجدى بوزارة التعليم العالي العراقي ان تقوم بتعديل اجور الاشراف بشكل معقول يتناسب مع حجم الجهد الذي يبذله المشرف. كما يجب تحديد عدد الطلبة الذين يمكن ان يشرف عليهم المشرف وفقا لكفاءته وانجازاته البحثية والعلمية المحلية والعالمية. ويجب ان يكون التحديد في الاشراف للاساتذة الاداريين الذي اغلبهم لا يجد الوقت الكافي للاشراف على طلبة الدراسات العليا الا بشكل رمزي.

5. يجب ان تقوم وزارة التعليم العالي بتحديد التعيينات في التعليم العالي فقط للطلبة المتفوقين الأوائل في مرحلة البكلوريوس. كما يجب ان تحرص الوزارة على ان يكمل الاوائل دراستهم العليا مباشرة وان تحصل الكليات والاقسام على خريجين يحملون الدكتوراة واعمارهم صغيرة لكي يخدموا التعليم العالي اقصى ما يمكن فمثلا من يحصل على الدكتوراة بعمره 28 سنة او اقل سيخدم التعليم العالي اكثر بكثير من الذي يحصل على الدكتوراة وعمره اكثر من 45 سنة.

6. يجب ان تعمل التعليم العالي العراقي على الغاء قانون تخيير الاوائل بين التعيين او الدراسات العليا ويجب ان تعمل الوزارة على تعيين الاوائل ومنحهم حق الدراسة مباشرة. فمن الافضل ان يكمل الأوائل دراستهم بشكل متتابع الى ان يحصلوا على الدكتوراة وهم بأعمار صغيرة ستمكنهم من خدمة التعليم العالي بشكل اكبر وافضل. بحيث تكون اغلب خدمتهم في التعليم العالي وهم يحملون شهادة الدكتوراة. للاسف الكثير من الأوائل الذين يتم تعيينهم حاليا لديهم خياران اما التعيين والانتظار على الاقل سنتين لإكمال الدراسة او يتنازلون عن التعيين ويكملوا الدراسة.

7. يجب على الوزارات التي تخلت عن حملة الشهادات لصالح التعليم العالي ان تعيد النظر بذلك وتعمل على استقطاب وارجاع ما فقدته بمنح رواتب ومخصصات مغرية لحملة الشهادات العليا فيها لكي يعود الكادر الذي كانت تمتلكه هذه المؤسسات لغرض بناء مجاميع تكنولوجية فعالة ممكن ان تقوم بتطوير التكنولوجيا في هذه الدوائر والمؤسسات.

8. يجب على التعليم العالي العراقي ان تمنح المنتقلين لها من الوزارات الاخرى او المتعينين فيها بعد ان استقالوا من وزاراتهم الحق في العودة الى وزراتهم اذا رغبوا في ذلك ويجب على الوزارات العراقية ان تمنح حملة الشهادات مخصصات وحقوق لا تقل عن مخصصات وحقوق نظرائهم في التعليم العالي كما اشرنا في الفقرة7.

9. يجب ان تقوم التعليم العالي العراقي ووزارتي الصناعة والمعادن والعلوم والتكنولوجيا بالتعاون وتأسيس جمعيات ومؤسسات علمية وبحثية ومنتديات فكرية وثقافية وترفيهية للاستفادة من الكوادر التعليمية والتكنولوجية من الذين تم احالتهم على التقاعد ومنحهم التسهيلات المناسبة للتعاون واقامة الدورات التعليمية او للعمل كخبراء استشاريين لمؤسسات الصناعة والتعليم في البلد.

10. يجب ان يتم ان خفض سن التقاعد للاستاذة الجامعيين الى سن 55 سنة مع منح المتقاعد نفس الحقوق التي تمنح للمتقاعدين في عمر 65سنة لكي يتم فسح المجال للشباب ليأخذوا مكانهم الحقيقي في العمل وتطوير مؤسسات البلد. ويجب ان لا يتم تطبيق هذه الفقرة الا بعد تطبيق الفقرة9.

11. يجب منع خريجي البكلوريوس من غير الاوائل من التقدم للدارسات العليا مباشرة وتحدد فترة سنتان على الاقل بعد تخرجهم لكي يسمح لهم بالتقدم لدراسة الماجستير. كما يجب مستقبلا ان يتم تحديد الذين ممكن ان يكملوا الدراسات العليا فقط للمتفوقين ومن العشرة الاوائل في اقسامهم. وتحديد اعمار الذين يكملون الدراسات العليا من الموظفين في دوائر الدولة بحيث يكون سن الذين يتقدمون للماجستير لا يتجاوز 30 سنة والدكتوراة لا يتجاوز 35 سنة. كما يجب الغاء القبول على قناة النفقة الخاصة وتحويل الذين تم قبولهم على هذه القناة ولازالوا في الدراسة من غير المتعينين في دوائر الدولة الى قناة القبول العام. كما يجب العمل على منح الفئات العمرية التي حرمت من التعليم العالي في زمن العهد المباد والتي تم اقصاءها من الدراسة الحق في اكمال الدراسات العليا استثناءا من شرط العمر.

12. يجب ان تقوم وزارة التعليم العالي بتوفير الكهرباء في الاقسام العلمية والمختبرات العلمية والبحثية بشكل مستمر ومتواصل.

13. يجب ان تتكفل الوزارة بصرف كل اجور البحث لطلبة الدراسات العليا في داخل العراق. ويجب ان يكون هناك تعاون بين الوزارات وتسهيل مهمات الطلبة وفحص عيناتهم ونماذجهم البحثية مجانا. وان كانت هناك رسوم فيجب ان تتحملها التعليم العالي العراقية. كما يجب تسهيل عملية صرف ما يحتاجه الطالب بسلف قبل الشراء وليس بعد الشراء لما يحتاجه الطالب من السوق.

14. يفضل دعم الجامعات الحكومية لكي تكون جامعات ذات اكتفاء ذاتي بفرض نسب مئوية تستقطع من رواتب خريجي هذه الجامعات المتعينين في مؤسسات القطاع العام والخاص لغرض خدمة هذه الجامعات. كما من الممكن ان يكون هناك قطاع صناعي وتكنولوجي تابع لهذه الجامعات يساعد على دعم عملية البحث العلمي في هذه الجامعات.

15. يجب ان تقوم الدولة بمنح كل من يتم قبوله في الجامعات العراقية عقد وفرصة عمل بعد التخرج. والا فانها تمنعه من الدراسة وتقوم بتعيينه على شهادة الاعدادية. كما يجب على الدولة ان لا تمنح مؤسسات وشركات القطاع الخاص وشركات الاستثمار العراقية وغير العراقية حق العمل في العراق الا ان وفرت فرص عمل للعراقيين وبنسب تقوم بتحديدها وزارة التخطيط. وتوفر فرص عمل لحملة المتوسطة اكثر منها لحملة الاعدادية، ولحملة شهادة الاعدادية اكثر من حملة الدبلوم ولحملة الدبلوم اكثر من البكلوريوس.

16. يجب على التعليم العالي ان تعمل على زيادة عدد خريجي التخصصات الطبية لان بلدنا بحاجة ماسة لهذه التخصصات.

17. كما يجب ان يتم دعم دراسات التخطيط والتنظيم وبناء المدن والحدائق والذوق لكي يتم تنشئة جيل جديد يحترم حقوق الانسان ويتصرف بذوق عالي ويرفض اي شيء فيه قلة ذوق وقلة احترام للإنسان. يجب اضافة درس ثقافة جامعية يتضمن التعلم على احترام القوانين والانظمة الجامعية واحترام القيم الاجتماعية وحسن التصرف والذوق والاستفادة من النت علميا وثقافيا وتعلم المناقشة الحضارية وكيفية المطالبة بالحقوق والثبات على المبدأ وكيفية احترام القانون الذي يتم الاتفاق عليه. وكيفية محاسبة من يفسر القوانين بشخصنة وروح استبدادية.

ان السلوك السلطوي في عراقنا الجديد ما هو الا ثقافة استمرار لما مضى وهو ان العراق بلد الممنوع بلا مناقشة الممنوعات كثيرة جدا. يجب ان يفهم الانسان العراقي لماذا هذا ممنوع وذلك مسموح ويجب ان تكون هناك عدالة في التطبيق ويجب ان تكون ثقافة الممنوع ليس اجتهادا وشخصنة لإذلال الانسان وفرض قيود عليه.

18. لغرض التخلص من مسالة المهاترات الاعلامية بخصوص الاجتثاث والمسائلة والعدالة يجب الاعتماد على الشباب في الادارة بشكل اكبر بكثير من الفئات العمرية التي على ابواب التقاعد لان اغلب الشباب (باعمار اقل من 40 عام) كانوا من المستقلين او بدرجات حزبية الصغيرة. قد يقول البعض ان الخبرة لها دور كبير في الإدارة ونقول هنا لو كان هذا الراي صحيح لما شكى احد ولراينا الكثير من مشاكلنا تحل في اغلب المؤسسات. ان الشباب لديهم الشجاعة في القرار ولديهم الجراءة على تغيير المسار بما يخدم سرعة التنفيذ وتقليل اهدار الوقت ولديهم فكر جديد سيسهم فعلا في توجيه المسار بشكل افضل مما نراه الان. وان لم يكن لدى الشباب الخبرة فلا نتمنى ان يتعلموها من الجيل المتشبع بفكر البعث بالادارة الذي يعتمد الدكتاتورية في الراي والتسلط القهري على الموظف والمواطن. نحتاج الى حزم واحترام نحتاج الى ادارات تحترم حقوق الانسان.

19. يجب ان تكون الجامعات العراقية هي الوجه الحقيقي للحضارة العراقية ويجب ان يكون المظهر الخارجي والداخلي للجامعة مستوحى من تراث وتاريخ العراق. كما يجب ان يكون التعامل داخل الجامعات العراقية قمة بالرقي والذوق الرفيع. ويجب ان يكون لكل موظف جامعي زي لائق به ويجب ان يكون المستخدمين من الشباب وان تكون لديهم بدلات عمل نظيفة ولائقة ويجب منع المتسولين من الدخول للجامعة او الوقوف قرب الجامعة. ويجب احترام الضيوف الزائرين للجامعة والذين لا يسيئون للقيم والاخلاق الجامعية ولا يتم منعهم من دخول الجامعة. كما يجب ان لا يتم تعيين اي شخص بالجامعة الا بعد ان يدخل دورة لا تقل عن شهران يتم فيها تعليمهم حسن التعامل والذوق وعدم التهور واحترام حقوق الانسان والالتزام بالقانون وتنفيذ الواجب. ويجب ان يكون هناك قانون صارم في ابعاد كل من لا يحترم حقوق الانسان او يتلفظ بالفاظ بذيئة داخل الجامعة.

20. يجب ان يكون هناك توقيتات زمنية للدراسات العليا ويجب ان لا تعطى العطلة الا بعد انتهاء امتحانات نهاية الكورس. لان اعطاء العطلة قبل امتحانات نهاية الكورس خصوصا اذا كانت العطلة مدتها اكثر من 15 يوما فان ذلك سيؤدي الى استرخاء وتماهل لدى الطلبة يجعلهم في حالة غير صحية علميا. ان العطلة تعطى للطلبة بعد انتهاء امتحانات الكورس لكي يسترخي الطلبة وترتاح ادمغتهم بعد الجهد الذهني الكبير الذي بذلوه في الامتحانات.

21. تسهيل العمل الإداري وتجاوز التعقيدات التي تفرضها ادارة الجامعة والكلية على قرارات الاقسام. ان القسم هو الإداري بشؤونه العلمية ومجلس قسم هو من يقرر ما فيه مصلحة القسم اكثر من غيره. لذا يجب ان يكون قرار القسم قبل اي قرار ويجب ان تحصل الموافقات والمصادقات فقط على قرارات القسم ولا داعي لان تتعطل بعض الامور التي تخص القسم بانتظار توقيع وموافقة العمادات او رئاسة الجامعة.

22. يجب توفير مطبعة حديثة وبمواصفات عالية في كل جامعة عراقية لغرض طبع الكتب والمجلات والإصدارات العلمية.

23. تسهيل معاملات الاساتذة الذين لديهم قبولات في مؤتمرات علمية خارج العراق. وتسهيل المعاملات المالية واختزال الروتين قدر الامكان لتسهيل انسيابية العمل في المؤسسات العلمية.

24. استصدار قوانين للترقيات العلمية لغرض تسهيل المعاملات وتسهيل عملية انجازها وتقليص الفترات الزمنية بحيث يمكن ان تحصل الجامعات على من يحملون لقب استاذ وهم باعمار صغيرة. كما يجب منع حملة شهادة الماجستير من التقدم للترقية الى مرتبة استاذ مساعد او استاذ لكي يكون الحافز الاكبر لحملة شهادة الماجستير هو اكمال الدراسة والحصول على الدكتوراة.

يجب ان يتم رصد مبالغ ضخمة لغرض بناء قاعدة صناعية ممكن ان تنهض باقتصاد البلد وتساهم في دعم التعليم العالي العراقي. ويجب ان يتم توفير فرص عمل لمن لا يحملون الشهادات الجامعية من الفنيين والصناعين اكثر مما تمنح للمهندسين والجامعيين لكي لا يحصل تسابق في الحصول على شهادات جامعية لا يحتاجها العراق خصوصا من قبل الموظفين. كما يجب نشر ثقافة تربوية جديدة يتم التثقيف بها الى ان العمل اقدس من الدراسة.

قلنا كلمات وبقية كلمات وننتظر كلمات... قلنا ما اعتقدنا ونتقبل النقد الهادف المخلص الذي يبتعد عن المصالح الشخصية والانانية وينظر في مصلحة وطن يئن تحت وطئت الصراعات والتشرذمية الداخلية والتدخلات الخارجية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 14/آذار/2012 - 20/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م