
شبكة النبأ: يزداد الصراع وتشتد حدة
المنافسة بين المرشحين في الولايات المتحدة الامريكية لأجل الفوز
بمقاليد الحكم، ويرى يعض المراقبين ان هنالك تغير مهم فيما يخص بعض
البرامج الانتخابية بين المرشحين بعد ان تدخل اصحاب المال والثروة بشكل
مباشر في مجريات هذا الحدث المهم، فقد انقلبت موازين السباق للحصول على
ترشيح الحزب الجمهوري الى الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2012 في
الولايات المتحدة بعد ضخ عدد من الاثرياء ملايين الدولارات في معركة
تتحول الى حرب طاحنة بين رفاق الصف الواحد. واستفاد المانحون من اداة
جديدة اتاحتها لهم المحكمة العليا في كانون الثاني/يناير 2010 وهي
ال"سوبر باكس" (اللجان العليا للعمل السياسي). وهذه الهيئات يمكنها جمع
الاموال بكميات غير محدودة من شركات ونقابات وجمعيات وافراد لاعادة
توزيعها على المرشح الذي يؤيدونه.
وقدم خمسة مانحين ربع الاموال البالغة 130 مليون دولار التي تضخها
هذه الهيئات في الحملة الانتخابية. ومؤخرا اضطر ميت رومني الذي تصدر
حيزا كبيرا من السباق مواجهة مرشحين اعادتهم اموال "السوبر باكس" الى
الواجهة. فبعد نيوت غينغريتش، ينافسه حاليا ريك سانتورم على موقعه في
الصدارة.
فقد احرز الاخير فوزا مدويا في ثلاث ولايات (ميزوري، كولورادو،
مينيسوتا) في 7 شباط/فبراير الماضي في السباق الى الترشح للرئاسة في كل
ولاية. وقال انتوني كورادو الخبير في تمويل الحملات الانتخابية في
كولبي كولدج في ولاية ماين "كان يفترض بالسباق الجمهوري ان يكون منتهيا
الان". واضاف "لكن المانحين الاثرياء قدموا تمويل الحملات الاعلانية
الانتخابية التي ساعدت غينغريتش على الفوز في كارولاينا الجنوبية (21
كانون الثاني/يناير) وابقت سانتوروم في السباق". واوضح كورادو ان حوالى
72% من الاعلانات التلفزيونية التي مولتها الهيئات تنتقد خصوم المرشح
الذي تؤيده. واوضح "بالتالي لقد ساهموا الى حد كبير في النبرة السلبية"
في الحملة.
وقدم الصناعي من تكساس هارولد سيمونز ومالك الكازينوهات شلدون
ادلسون اكبر المبالغ حتى اليوم وهي بالتوالي 14,2 مليون دولار و10
ملايين دولار. وسيمونز الذي يمنح الاموال للحملات بانتظام قدم المال
لعدد من المرشحين. لكن هدفه الرئيسي هو خسارة باراك اوباما في انتخابات
6 تشرين الثاني/نوفمبر. وقدم رجل الاعمال 12 مليون دولار الى مجموعة "امريكان
كروسرودز" وهي احدى ال"باكس" الساعية الى "انقاذ اقتصادنا من سياسة
اوباما" على ما افاد احد مسؤوليها ستيف لو. بحسب فرنس برس.
اما ادلسن وزوجته ميريام فقدما المنح للهيئة التي تدعم غينغريتش
"وينينغ اور فيوتشر". وقال ادلسن الذي تقدر ثروته ب25 مليار دولار في
مقابلة مع مجلة فوربس "انا ضد محاولة او تمكن الاثرياء من التاثير على
الانتخابات. لكنه اضاف انه قد يقدم حتى 100 مليون دولار. ومع تقدم
سانتوروم اتجهت الانظار الى فوستر فرايس المستثمر من وايومينغ (غرب)
الذي حرر شيكا بقيمة 415600 دولار الى "السوبر باك" الداعم لسناتور
بنسلفانيا السابق بعد فوزه على ميت رومني في ايوا في 3 كانون
الثاني/يناير.
وقال المحلل السياسي في مركز الابحاث امريكان انتربرايز انستيتوت
نورم اورنستين ان المنح المالية ستتواصل بعد ان يختار الجمهوريون
مرشحهم ما سيؤول الى "حملة شديدة العدائية" ضد اوباما. وتابع "اتوقع ان
يضع اثرياء الديموقراطيين المزيد من المال في السوبر باكس كذلك".
والى جانب سيمونز وادلسن وفرايس قدم رجلا الاعمال بيتر ثايل وبوب
بيري مبالغ كبيرة. وساعد ثايل رون بول المرشح المحافظ الانعزالي حيث
قدم 2,6 ملايين دولار الى هيئة "اندورس ليبرتي" الداعمة له. اما بيري
فقدم 3,6 ملايين من بينها 2,5 ملايين الى "امريكان كروسرودز".
الى جانب ذلك قرر الرئيس الاميركي باراك اوباما تشجيع المانحين
الديموقراطيين الاثرياء على المساهمة في صندوق لجمع ملايين غير محدودة
من الدولارات لدعم ترشيحه لولاية ثانية مخالفا بذلك المسار الذي اعتمده
حتى الان، ما يشكل منعطفا اساسيا في حملة 2012. وقال جيم ميسينا مدير
حملة اوباما ان الرئيس الاميركي سيسمح لاعضاء الحكومة ومستشارين بارزين
بتنظيم تجمعات كبرى لجمع اموال بحجة انه لا يمكن للديموقراطيين ان
يبقوا بدون امكانات مالية في مواجهة الجمهوريين المتمولين. وقد انتشرت
"لجان التحرك السياسي" هذه المعروفة باسم "سوبر باكس" باعداد كبرى منذ
حكم صدر عن المحكمة العليا عام 2010 سمح للمؤسسات والافراد بتقديم
مبالغ غير محدودة من المال الى مجموعات تدعم المرشحين.
ومنذ صدور الحكم تدفقت اموال كبرى في السباق الرئاسي الجمهوري، وكان
اوباما ليصبح متاخرا جدا في السباق لو لم يقدم دعمه لهذه اللجان. وبعض
المجموعات اطلقت سيلا من الدعاية السلبية والمسيئة وبالتاكيد ستستهدف
اوباما في سعيه لولاية ثانية في تشرين الثاني/نوفمبر. وقال ميسينا في
رسالة الى مؤيدي اوباما "ان حملتنا يجب ان تواجه واقع القانون كما هو
حاليا" مشيرا الى ان اللجان الداعمة للجمهوريين انفقت 40 مليون دولار
في الشهرين الماضيين فقط.
واضاف "مع وجود الكثير من الامور على المحك، لا يمكننا السماح
بمجموعتي قوانين في هذه الانتخابات، في حين ان المرشح الجمهوري يستفيد
من انفاق غير محدود والديموقراطيين يحرمون انفسهم من جانب واحد".
وقالت مصادر ديموقراطية ان اوباما يعتقد بان دور هذه اللجان شكل
تاثيرا سلبيا على عالم السياسة الاميركية الذي يطغى عليه المال وانه
كان مترددا في خوض هذا المجال. لكن ميسينا قال ان الحملة ستدعم لجنة
"اولويات التحرك الاميركي" التي شكلت لدعم اوباما لكنها لم تتمكن حتى
الان من جمع اموال في الحملة مماثلة لتلك التي جمعها المرشحون
الجمهوريون. ورغم ان المساعدين في البيت الابيض ومسؤولين سيحضرون
الحفلات التي تنظمها اللجنة، الا ان اوباما والسيدة الاولى ميشال
اوباما ونائب الرئيس جو بايدن سيركزون على جمع الاموال لحملة اوباما
الرسمية.
وهذا القرار سيعرض اوباما لانتقادات تتهمه بالنفاق كما هو انتقد
اعضاء المحكمة العليا اثر قرارها بخصوص التمويل، معتبرا انهم فتحوا
المجال امام اموال المصالح الخاصة للتدفق في السياسة، خلال خطابه حول
حالة الاتحاد في 2010. كما يذكر بتغير مواقف اوباما سابقا، حيث انتقد
تاثير المال على السياسة لكن خلال حملته عام 2008 اصبح اول مرشح بارز
منذ فضيحة ووترغيت يرفض تمويلا عاما. بحسب فرانس برس.
واتاح القرار انذاك لاوباما برفع حدود انفاق المرشحين وجمع رقما
قياسيا بلغ 745 مليون دولار لحملته الرئاسية. لكن ميسينا اكد انه رغم
تعزيز قدرات لجنة "اولويات التحرك الاميركي"، الا ان حملة اوباما لا
تزال تعتقد بان انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر يجب الفوز بها على اسس
سياسية بدعم محدود من افراد مانحين. وفي احد تجمعات جمع الاموال. وقد
جمع اوباما 125 مليون دولار لحملته حتى نهاية كانون الاول/ديسمبر
مقارنة مع رومني الذي نال 56 مليونا في الوقت نفسه فيما يخوض سباق نيل
ترشيح الحزب.
وقال اوباما في مناسبة لجمع تبرعات في كاليفورنيا "عندما تفكرون
بشأن التغيير الذي يمكننا ان نؤمن به مع أخذ في الاعتبار السنوات
الثلاث الصعبة الاخيرة لا تقللوا من شأن التغييرات التي حققناها." وقال
"الالهام شيء رائع والكلمات اللطيفة رائعة والملصقات الجميلة شيء عظيم
لكن المطلوب في نهاية المطاف هو خلق نوع البلد الذي نريد ان نرتبط به.
انه التصميم. انه قول (نحن لا ننسحب)."
فرص اوباما في الفوز
من جهة اخرى اظهر الفوز المفاجىء للمحافظ ريك سانتوروم في ثلاث
ولايات حجم الانشقاقات في الحزب الجمهوري قبل الانتخابات الرئاسية حيث
لا يزال جناح اليمين يرفض تقديم دعمه لميت رومني رغم انه يعتبر الاكثر
قدرة على هزم الرئيس باراك اوباما. وعدم قدرة رومني على استمالة
القاعدة المحافظة في الحزب تبينت من خلال نسبة المشاركة الخفيفة في
المجالس الناخبة والانتخابات التمهيدية ما قد يؤدي في نهاية المطاف الى
تعزيز مواقع اوباما بالفوز بولاية ثانية اذا استمر الانقسام حتى
انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال مايكل ماكدونالد خبير التصويت في جامعة جورج مايسون "بالتاكيد
ان الانجيليين المحافظين لن يصوتوا باعداد كبرى لاوباما لكن ما يمكنهم
القيام به- وهذا ما فعلوه في 2008- هو ان يبقوا في منازلهم" ويمتنعوا
عن التصويت. والعنصر الاخر الذي لا يساعد رومني هو نسبة المشاركة
الضئيلة في صفوف الناخبين المعتدلين والمستقلين الذين غالبا ما يحسمون
نتيجة الانتخابات الاميركية رغم ان الانتخابات التمهيدية للجمهوريين
استرعت انتباها اعلاميا كبيرا كما اضاف ماكدونالد. وقال"اذا لم يتمكن
من اثارة حماسة هؤلاء الاشخاص الان، فهناك خطر ان يخسر اصواتهم صالح
اوباما".
واكد استطلاع للرأي نسبة المشاركة الضئيلة في الانتخابات حيث اظهر
ان 54% فقط من الجمهوريين "متحمسون جدا" للتصويت في الانتخابات
الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة مع 58% من الديموقراطيين.
واظهر الاستطلاع الذي اجراه معهد السياسة العامة ان 25% من المحافظين
"غير متحمسين على الاطلاق" للتصويت في تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة مع
16% من الليبراليين. حتى في صفوف ناخبي حركة حزب الشاي المحافظة
المتشددة فان الحماسة تراجعت تسع نقاط مقارنة مع تموز/يوليو الماضي
لتصل الى 62%. بحسب فرانس برس.
وقال معهد السياسة العامة "بالطبع ان هذا الامر قد يتغير حين يتفق
الجمهوريون على مرشح" لكنه اشار الى ان حظوظ اوباما "تبدو في افضل حال
الان مقارنة مع ما كانت عليه منذ فترة طويلة". وقالت نسبة كبيرة من
الذين استطلعت آراؤهم خلال المجالس الناخبة والتجمعات في مينيسوتا انهم
سيصوتون لاي مرشح جمهوري يخوض السباق من اجل هزم اوباما. لكن كثيرون
عبروا عن تحفظات كبرى ازاء رومني المليونير حاكم ماساتشوستس السابق
الذي يحاول جاهدا اثبات انه ينتمي الى المحافظين وصد الاتهامات بانه
متقلب وليس على تواصل مع الاميركيين من الطبقة العاملة.
وقال اريك ايفاندر (51 عاما) وهو فني في مجال الكمبيوتر ويؤيد
سانتوروم "قبل اربع سنوات قمت بالتصويت رغما عن ارادتي لجون ماكين
لكنني اعتبر ماكين اكثر ليبرالية". واضاف "ساواجه صعوبة كبرى بالتصويت
لرومني. لا يمكنني التصويت له او ضده، لكنني امل في الا يصل الامر الى
هذا الحد". وتقول ميلاني كوكون وهي ربة منزل بانها ستبقى في المنزل
بدلا من التصويت لرومني او نيوت غينغريتش لانها لا تثق باي منهما.
وقالت بعد تجمع لصالح سانتوروم في واكونيا الاحد "اعتقد ان ذلك قد يعني
اعادة انتخاب اوباما لكنني لا اعتقد ان مينيسوتا ستحدد نتيجة هذا
السباق".
وقالت ديب نلسون (51 عاما) وهي ربة منزل ايضا انها ستصوت لرومني
لكنها "لن تقوم بحملة له". واضافت "سيكون الامر مختلفا لو ان
سانتوروم-المحافظ الحقيقي- فاز بتسمية الحزب".
ورومني يقوم بالحملة الانتخابية الافضل تنظيما ويملك اعلى الامكانات
المالية كما يحظى بدعم القاعدة الحزبية التي تعتقد انه الوحيد القادر
على الفوز باصوات الناخبين المعتدلين والمستقلين.
لكن تاييد حاكم مينيسوتا السابق تيم باولنتي لم يقدم الكثير لرومني
في هذه الولاية الواقعة في وسط الغرب الاميركي. ونال سانتوروم 45% من
الاصوات فيما نال رومني 17% فقط وحل ثالثا خلف المحافظ رون بول. لكن
الامر الذي يثير قلق الجمهوريين بشكل كبير هو نسبة المشاركة.
فقد حضر اقل من 26 الف شخص المجالس الناخبة للجمهوريين في مينيسوتا
بتراجع من قرابة 63 الفا في العام 2008 حين هزم رومني منافسه جون ماكين
بعد حصوله على تاييد 41% من الناخبين. ويقول الخبير ماكدونالد ان الفوز
بانتخابات يتطلب اكثر من انفاق المال للاستعانة بخدمات موظفين محليين
ودفع تكاليف المحطات الدعائية. واضاف "يجب ان يكون هناك اشخاص يؤمنون
بما يقولونه وان يتحدثوا للناس وان يحاولوا اقناعهم". وتابع "يجب تامين
هؤلاء المتطوعين من اجل اثارة حماسة القاعدة الحزبية. يجب على رومني ان
يفكر في كيفية القيام بذلك، لان حملة اوباما تقوم بذلك".
قاض يعتذر من اوباما
من جانب اخر قدم قاض اميركي اعتذارا الى الرئيس الاميركي بعدما بعث
رسالة الكترونية الى ستة من زملائه تتضمن نكتة تشبه عائلة باراك اوباما
بالكلاب. وكان ريتشارد كيبل القاضي الفدرالي في مونتانا (شمال غرب) بعث
اواخر شباط/فبراير، عبر بريده المهني، رسالة الى "ستة زملاء" لاشراكهم
في نكتة تتسم بالعنصرية. واعترف القاضي بأن نكتته كانت عنصرية لكنه
دافع عن عنصريتها. وقال لصحيفة غريت فالز تريبيون المحلية "لم ارسلها
لأنها عنصرية على رغم انها عنصرية. لقد ارسلتها لانها ضد عائلة
اوباما".
وقد اتخذت هذه القصة التي تناوبت الصحافة على نشرها بعدا دفع
بالقاضي الى ان يبعث برسالة الى الرئيس اوباما وكتب القاضي "سيدي
الرئيس، اقدم اعتذاري الصادق، لك ولعائلتك بعد الرسالة التي بعثت بها.
اتحمل كامل المسؤولية. انا المسؤول الوحيد". واضاف "اؤكد لك ان هذا
التصرف لن يتكرر. طلبت ان يحقق المجلس القضائي في الدائرة التاسعة في
القضية. وبكل اخلاص، لا اعرف ماذا استطيع ان افعل بعد". وقال "ارجو منك
ان تعذرني، واكرر طلبي ان تقبل اعتذاري". وقدم القاضي الذي عينه الرئيس
السابق جورج بوش ويشغل منصبه في مونتانا منذ 2008، اعتذاره ايضا "الى
كل من يشعر بالاهانة" من النكتة. وطلب القاضي من رؤسائه "فتح تحقيق
لمعرفة هل قام بتصرف غير صحيح في السابق". وقال ان "المجلس القضائي
سيجري تحقيقا فعالا لحل هذه القضية". |