شرعية الحاكم في الدولة الاسلامية

المؤهلات الحقيقية

الشيخ فاضل الصفّار

تتوقف شرعية الحاكم على أمرين:

أحدهما: المؤهلات الحقيقية.

ثانيهما: المؤهلات الحقوقية.

أما المؤهلات الحقيقية فيراد بها الصفات التي ينبغي توفرها في شخص الحاكم بدنياً ونفسياً وعقلياً حتى يستحق الترشيح والتأهيل لهذا المنصب. هذا من حيث المقتضي، وقد ذكر الفقهاء في مجمل كلامهم منها: البلوغ والعقل والحرية والاختيار والذكورة والعلم والكفاءة ونحوها، مضافاً إلى الأدلة النقلية والعقلية الخاصة التي ذكرت لكل واحدة منها، فإن هناك أصلا أوليا ثبوتيا عاما يحكم بلزوم توفرها في الحاكم الأعلى، بغض النظر عن الأدلة الإثباتية في ذلك، وهذا الأصل عقلي عقلائي فطري؛ إذ من الواضح أن العقلاء إذا أرادوا أن يفوّضوا أمراً من الأمور إلى شخص منهم فلا محالة يراعون فيه أموراً.

منها: أن يكون الشخص المفوّض عاقلاً.

ومنها: أن يكون عالماً بكيفية العمل وفنونه حتى يحقق أغراضه.

ومنها: أن يكون قادراً على إيجاده بنحوه الاحسن.

ومنها: أن يكون أميناً يعتمد عليه، فإن في عدم وجود مثل هذه الأمور الأربعة يستلزم نقض الغرض.

ومن الواضح أن هذه الشروط ارتكازية فطرية تتبادر إلى ذهن كل من يريد أن يولّي أحداً أو يوكله أو يفوضه على أموره الخاصة، فما بالك بالأمور العامة؟ والولاية وإدارة شؤون الأمة من أهم الأمور وأدقها وأصعبها، فلا محالة يشترط في الحاكم بحكم العقل والفطرة والسيرة العقلائية أن يكون عاقلاً عالماً بالعمل، قادراً على تنفيذه، أميناً يعتمد عليه، وموثوقاً به، وهذا الأصل جار حتى بالنسبة إلى العلم والكفاءة، فان الذين يفوضون الولاية إلى شخص منهم، وكانوا يعتقدون بدين أو مذهب أو عقيدة أو فكرة خاصة تتضمن قوانين مخصوصة في نظام الحياة وتكوين الدولة وإدارة المجتمع وأرادوا إدارة شؤونهم السياسية والاجتماعية على أساس فكرتهم أو مذهبهم وعقيدتهم فإنهم لا محالة ينتخبون من يعتقد بهذا المبدأ، ويعلم بمقرراته وشروطه، بل ينتخبون من يكون أعلم وأكثر اطلاعاً من غيره عليه عادة، اللهّم إلاّ أن يقعوا في مزاحمة جهة أقوى واهم، وكذلك الحال بالنسبة للحاكم في الدولة الإسلامية وأعضائه في السلطة التنفيذية، أو نواب المجالس في السلطة التقنينية والتأطيرية، أو القضاة في السلطة القضائية، وهذا أمر طبيعي فطري لا يعدل عنه العقلاء بفطرتهم وارتكازهم، كما أن هذه الامور مما يحكم بها العقل ويلزم برعايتها مع الإمكان.

وعليه فإن هذه الشرائط واعتبارها في حاكم المسلمين وزعيمهم بما هم مسلمون أمر قد يقال فيه: إنه لا يحتاج إلى التعبد الشرعي، بل هو مما يدركه الإنسان بعقله وفطرته، ومن الواضح أن الإسلام دين الفطرة، وما يستقل بحكمه العقل يحكم به الشرع أيضاً، لقانون الملازمة، وقد مرّ في بعض الروايات ما يدلّ أو يشير إلى ذلك. منها صحيحة عيص بن القاسم عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:«وانظروا لأنفسكم، فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي فإذا وجد رجلاً هو أعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه، ويجيء بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها»[1] والرواية ظاهرة بل صريحة في أن الإمام (عليه السلام) أرجع السائل إلى فطرته وارتكازه، وإلى أمر التزم به العقلاء، وقامت عليه سيرتهم في تدبير أمورهم، إذ أن الاختيار للراعي لا يكون إلا على ضوء شرائط منها: العلم والكفاءة والأمانة والوثاقة وما أشبه ذلك، والتي قد يلخصها قوله سبحانه:{ان خير من استاجرت القوي الامين}[2] فما بالك بشؤون الدولة والحكم وتدبير أمور المجتمع؟ هذا من حيث الأصل الثبوتي، وأما من حيث الادلة الاثباتية على الشروط المذكورة فيمكن التعرّض إلى جملة منها على النحو التالي:

أولاً: البلوغ

 وهو من الشرائط العامة للتكليف؛ إذ لا يتوجه الخطاب الشرعي إلى من لم يصل حد البلوغ من الرجال والنساء، وهذا الحد هو إنهاء خمس عشرة سنة للذكر وتسع سنوات للأنثى إذا لم يسبق ذلك إمناء أو حيض أو نبات شعر العانة.

والظاهر أن هذا الشرط موضع وفاق بين المسلمين وان اختلفوا في السن الذي يصل إليه الإنسان إلى مرتبة البلوغ ذكراً أو أنثى، ولا يخفى أن هذا الشرط يختص بغير المعصومين (عليهم السلام) ؛ لعدم اشتراط البلوغ في الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، بداهة إعطاء الله عز وجل منصب الإمامة ليحيى وعيسى عليهما السلام ولصاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف قبل البلوغ كما هو صريح الآيات[3] والروايات الشريفة، والوقوع الخارجي يدل عليه[4].

ويستدلّ على هذا الشرط مضافاً إلى الإجماع بأن آيات التكليف كلها موجهة إلى من بلغ سن التكليف الشرعي، وبما أن الحكومة هي تكليف شرعي أيضاً فإن الحاكم لابد وأن يكون بالغاً، وربما يستدلّ عليه أيضاً بحديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) المروي عن مولانا امير المؤمنين (عليه السلام):«رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ»[5] والمقصود من إدراك الصبي هنا هو الإدراك الجسدي، بمعنى وصوله إلى مرتبة البلوغ، والإدراك العقلي بمعنى نضوج الفكر وحسن التدبير والتصرّف، ومن الواضح أن الصبي قاصر عقلاً؛ ولذا جعل الله سبحانه وتعالى عليه ولياً، فكيف يجوز أن يكون ناظراً في أمور الأمة وولياً عليها؟

ثانياً: العقل

 والمقصود هنا هو العقل الكامل الذي يتسم بالرشد في مقابل السفاهة، واشتراطه بديهي؛ لكونه من الشرائط العامة للتكليف، وقد دلّ عليه الإجماع والعقل الحاكمان بعدم صحة إمامة الصبي والمجنون، ومن الواضح أن مهمة الحكومة هي سياسة الرعية وإدارة شؤون البلاد؛ لذلك لابد وأن يكون الإمام عاقلاً، بمعنى أن لا يكون سفيهاً أو مجنوناً، وقد دلّ على ذلك الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تبارك وتعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً}[6] وسواء أكان المراد من الأموال في الآية هي الأموال العامة المتعلقة بالمجتمع أو الأموال الخاصة المتعلقة بالأفراد فإن الذي يتولّى شؤون الأموال ينبغي أن لا يكون سفيهاً.

وعليه فإن إطلاق الآية يشمل كلا الموردين، وعلى فرض الإشكال بحجة أن الآية منصرفة إلى الأموال الشخصية الخاصة فإنه يدلّ حينئذٍ على عدم ولاية السفهاء على الأموال العامة بالأولوية القطعية، ومن هنا ورد في بعض الروايات عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):«يحتاج الإمام إلى قلب عقول، ولسان قؤول، وجنان على إقامة الحق صؤول»[7] إذ جعل من أولى شرائط الإمام وحاجاته هو العقل النير الذي يمكّنه من اتخاذ القرارات الصائبة في قبال سفهاء الأمراء الذين ابتلي بهم المسلمون ردحاً من الزمن، فبذروا في موارد الأمة بلا حساب ولا كتاب، فتراجعوا بها إلى الوراء في مجالات الحياة المختلفة.

وقد حذر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من إمارة السفهاء كما في الخبر الشريف: «إذا أراد الله بقوم خيراً ولّي عليهم حلماءهم، وقضى عليهم علماؤهم، وجعل المال في سمحائهم، وإذا أراد الله بقوم شراً ولّي عليهم سفهاءهم، وقضى بينهم جهالهم، وجعل المال في بخلائهم»[8] وفي رواية الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام):«لا يكون السفيه إمام التقي»[9] وفي نهج البلاغة:«ولكنني آسي أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولاً، وعباده خولاً، والصالحين حرباً، والفاسقين حزباً»[10].

ومن الواضح أن هذا النوع من الممارسات يضيع الحقوق، ويسلب الأمة كرامتها، كما أن المال هو الأساس الذي يبنى عليه النظام الاقتصادي الذي تقوم عليه الأنظمة والدول، فلو أدركنا أهمية هذا الأساس لأدركنا أهمية السياسة الإنفاقية التي تتبعها الدول في نفقاتها والتي هي من أهم أمارات قوة الدول وضعفها، ولأدركنا بالتالي خطورة وجود السفهاء في الحكم وتوليهم لشؤون السلطة والنظام.

ثالثا: الإسلام

 والمراد منه العملي لا القولي، وبه نجمع بين شروط الإيمان والعدالة؛ فإن الإسلام قول وعمل، أما القولي منه فهو إظهار الشهادتين على ما ذكره الفقهاء في الكتب الفقهية،[11] وهذا وإن كان يدخل قائله في جماعة المسلمين فتلزمه حقوق الإسلام كما عليه واجباتهم إلا أنه في مقام الإمرة والحكومة لا مجال للاكتفاء به؛ لما قد يترتب عليه من أضرار وأخطار كما ستعرفه في العدالة، فإن الضرر الموهوم أو المحتمل في الأمور الخطيرة مما يجب دفعه عقلاً.

 وعليه فإن المراد من الإسلام هنا هو معناه الأخص، أي الإيمان المتضمن للإقرار باللسان والاعتقاد بالجنان والعمل بالأركان، ويدل على وجوب توفّر هذا الشرط مضافاً إلى الإجماع النصوص من الآيات والروايات، فمن الأول قوله سبحانه وتعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}[12] بداهة دوران الأمر في الخارج ـ بحسب الدليل والاعتبار الشرعي ـ بين المسلم والكافر، فإذا لم يكن الحاكم مسلماً كان كافراً، وقد نفى الله سبحانه وتعالى سبيل الكفار على المسلمين، والمراد من السبيل كل ما يوجب هيمنة وقدرة للكافر على المسلم، ومن أجلى مصاديقها السلطة والحكومة.

 وحيث إن الآية الشريفة إما في مقام الإنشاء الصرف أو هي خبرية في مقام الإنشاء استفيد منها حرمة تولّي الكفار، فيتعيّن المسلم للولاية قهراً لعدم وجود الضد الثالث لهما، ويعضد ذلك ما دلّ على حرمة اتخاذ الكفّار وأهل الكتاب أولياء كقوله سبحانه وتعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين}[13] والنهي في الآية يشمل كل الكفار كما هو مقتضى العموم الاستغراقي، ومنها قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء}[14] والآية تشمل في نهيها أهل الكتاب، وخصوصاً اليهود والنصارى؛ بداهة عدم الخصوصية لليهودية والنصرانية في ذلك، والمعنى أي لا يتخذ أحد منكم أحداً منهم ولياً، بمعنى لا تصافوهم مصافاة الأحباب والاخلاء، ولا تستنصروهم.

 ومن الواضح أن الله عز وجل إذا منع من مجرّد إسداء المحبة والنصرة لهم دلّ ذلك بالأولوية القطعية على عدم جواز اتخاذهم حكاماً ورؤساء؛ لما يترتب على ذلك من اللوازم العقلية أو العرفية أو العادية من المحبة والنصرة والطاعة.

 ومن الروايات النبوية المشهورة رواية وعملاً «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه»[15] وتقريب الاستدلال بها: أن الجملة في الحديث الشريف إما خبرية في مقام الإنشاء أو إنشائية صرفة، وهو الأظهر لمكان النفي المستفاد من «لا» في الحديث الشريف، فيدل في ظاهره على نفي كلّ ما يوجب علوّ غير الإسلام عليه.

 ومن الواضح أن الإسلام يشمل المسلمين أيضاً؛ بداهة وجود التلازم العادي أو العرفي أو العقلي بين ما يترتب على الإسلام من آثار وما يترتب على المسلمين وبالعكس، ومن البين أن سلطة الكافر على بلاد المسلمين من أجلى مصاديق العلوّ، وهو مرفوع ومنهي عنه شرعاً، ويعضد ذلك الاعتبار؛ بداهة أن الحكومة مسؤولة في تطبيق الأحكام الشرعية والقوانين الإسلامية فكيف يتولاها غير المؤمن بها؟ هذا وقد ورد هذا الشرط في كلام كثير من الفقهاء لكن جمعاً منهم أهملوه، ولعلّ إهمالهم ناشئ من بداهته أو من جهة الأولوية المستفادة من باب القضاء، فإن من المتفق عليه ـ بل قامت عليه الضرورة[16] ـ أن من شروط القاضي هو الإسلام، فكيف به إذا كان حاكماً أعلى للبلد؟

رابعاً: الذكورة

 ويدلّ عليه أولا: إجماع المسلمين القائم على عدم جواز إمامة المرأة في شؤون الحكم والولاية وإن اختلفوا في جواز توليها القضاء، فقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على عدم جواز تولّي المرأة لشؤون القضاء، وهذا ما صرّح به الشيخ الطوسي رحمه الله في الخلاف والمبسوط[17] وكذا المحقق الحلي رحمه الله في الشرائع[18] والشهيدان في الدروس[19] والمسالك[20] وكذلك في الرياض[21] والجواهر[22] والفقه[23] ومهذب الأحكام[24] وغيرها من كتب الأعلام[25]. وثانياَ: السيرة؛ إذ لم يولّ النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أحد من الأئمة (عليهم السلام) امرأة في شؤون القضاء فضلاً عن الولاية في بلد من بلاد المسلمين[26]، وهو من قبيل ما لو كان لبان؛ لتضافر الدواعي على نقله، ولم ينقل لنا التأريخ في مورد من الموارد أنهم نصبوا امرأة في هذه الأمور، بل حتى الحكومات التي انحرفت عن مسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في شؤون الدولة والحكم لم يعهد عنها أنها عينت امرأة في هذه المناصب.

 فإن الأمويين والعباسيين مع أنهم حكموا هذه الأمة أكثر من ستة قرون وكانوا مولعين ومغرمين بالنساء والإماء كثيراً وكان لنسائهم وبناتهم وأخواتهم نفوذ مشهود في الحكم والدولة، وكان يوجد فيهم أهل الفضل والعلم أيضاً لكنهم لم يعهد عنهم أنهم ولوا الأعمال للنساء مع أنهم ولوا في كثير من الأحيان من لا يليق بهذه المقامات من عبيدهم ومن صبيانهم وضعاف الرجال منهم[27]، مع أن الدواعي لتولية النساء في هذه المقامات كانت كثيرة عندهم، مما ربما يكشف عن أن هذا لم يعهد من قبل لا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا عن غيره.

وثالثا: ارتكازات المتشرعة القاضية بالعدم إما لجهة انعدام المقتضي أو وجود المانع.

أما الأولى فلانصراف أدلة الإمامة والولاية عندهم عن المرأة، وأما الثانية فلما يستلزم من توليها لشؤون الحكم والدولة من المخالطة مع الرجال والمعاشرة والسفر والحضر معهم[28]، وهو إن لم يكن بذاته عنواناً محرماً كما قد يراه البعض الا انه يشتمل على المحرم عادة، وحينئذٍ يدور الأمر بين احتمالات عدة لا تخلو من توال فاسدة عقلاً وشرعاً؛ لأنها إما تقدم على ارتكاب المخالطة ونحوها لأجل تولي الحكومة والولاية فتقع في الحرمة شرعاً، وهذا يوجب خروجها عن أهلية الولاية حينئذٍ، وهو يستلزم المحال العقلي؛ لأن ما يلزم من وجوده عدمه محال؛ وذلك لأن الإصرار على فعل الحرام حتى لجهة الحكومة يوقع صاحبه في الفسق وبالكبيرة على مبنى المشهور الذين فسروه بفعل الكبائر أو الإصرار على الصغائر، وما تفعله المرأة في تولي شؤون الحكومة من التوالي المحرمة شرعاً لايخرج من الاثنين.

إن قلت: يمكن القول بجواز توليها حتى مع ارتكاب الحرمة وذلك للأهم والمهم.

 فأنه يقال: في الفرض المذكور لا يتحقق موضوع التزاحم؛ بداهة أنه لا يتحقق إلا إذا انحصر الامتثال بين تكليفين مع عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما، فيقدّم الأهم منهما على المهم للابدية العقلية في ذلك، وفيما نحن فيه لا انحصار ولا عجز عن الامتثال؛ لوجود البديل عن المرأة لان في الرجال ما يكفي في تولي هذه المقامات بما يسقط عنها التكليف بوجوب التصدي على فرض القول به فيما نحن فيه.

 وعليه فحتى على القول بجواز توليها ذلك كما قد يزعمه البعض فإنها تبطل ولايتها من جهة العدالة، أو يقال بأنها لا تخالط الرجال فتخلّ حينئذٍ بنظام الإدارة وتضيع الحقوق لغلبة الرجال في مثل هذه الأعمال والشؤون، ولا يمكن استعاضة الرجال بالنساء في مثل هذا، وذلك إما لعدم القدرة، أو لعدم الوجود، أو للمفاسد الأعظم المترتبة عليه، او يقال بانها تستعين بغيرها في ذلك، وحينئذ ان كان الغير من النساء قيل فيه ماقيل فيها. وان كان من الرجال عاد الاشكال من جديد، وعليه فما ربما يحتمل من جواز تولّي المرأة لهذا المقام من دون محذور شرعي أو عقلي منظور فيه.

إن قلت: من أين تقولون بأن مخالطة المرأة الرجال من العناوين المحرّمة أو يشتمل على المحرم؟

فالجواب: من الدليل، فإنه مضافاً إلى الإجماع والسيرة يدلّ عليه قوله سبحانه وتعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}[29] والآية صريحة في الأمر بلزوم مقارنة المرأة للبيت وملازمتها له وحرمة تبرجها كتبرج الجاهلية في المجتمع، والتبرج في اللغة اظهار المرأة محاسنها مأخوذ من البرج وهو السعة في العين[30]، وقيل: البروج جمع واحدها البرج وهو القصر. يقال: ظهرت المرأة من برجها اي من قصرها[31]، والمراد لاتخرجن من البيوت باديات الزينة كما كانت تفعل نساء الجاهلية[32].

ومن الواضح أن تصدي المرأة لمقام الحكومة والولاية أو القضاء يتلازم عادة مع ذلك كما يستدعي خروجها من البيت واختلاطها بالرجال وإسماع صوتها لهم وغير ذلك من الأمور المرغوب عنها شرعاً؛ ولذا لام جمع من الصحابة عائشة حينما خرجت إلى البصرة كما ذكرته روايات الفريقين؛[33] وذلك لارتكاز الأمر عندهم من أن المرأة لا ينبغي لها التصدي لمثل هذه الموارد، ولا يقال إن الآية مختصة بنساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه يقال إن المورد لا يخصص الوارد. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فان عدم فهم الخصوصية عرفاً، أو فهم عدم خصوصية لزومية لنساء النبي على عموم نساء المسلمين يوجب تعميم الحكم لغيرهن. نعم ربما يكون التكليف في نساء النبي أشد وآكد، لكن هذا لا ينفي وجوب ذلك وحرمته على نساء المسلمين أيضاً.

ورابعا: النصوص من الآيات والروايات، أما الآيات فربما يستدلّ بطائفة منها على ذلك.

منها: قوله سبحانه وتعالى: {الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض}[34] وقوّامون صيغة مبالغة يراد منها التكثير كما هو واضح، والمقصود من القيمومة هنا هو السلطنة والتدبير. قال الطبرسي رضوان الله عليه في مجمع البيان: الرجال قوّامون: قيّمون على النساء مسلطون عليهن في التدبير والتأديب والرياضة والتعليم[35].

وفي بعض التفاسير: أن المراد بالقيام هنا هو الرياسة التي يتصرف فيها المرؤوس بإرادته واختياره، وليس معناها أن يكون المرؤوس مقهوراً مسلوب الإرادة لا يعمل عملاً إلا ما يوجهه إليه رئيسه [36].

في افضلية الرجال على النساء

لا يخفى أن التفضيل في الآية بين الرجل والمرأة معلول لسببين:

أحدهما: تكويني؛ وذلك لأن التفضيل التشريعي مناف للحكمة لعدم وجود المائز من حيث الأحكام والتكاليف بين الرجل والمرأة، والأصل هو الاشتراك بينهما، وبعض التكاليف الخاصة بالنساء هي ميزة لها لا عليها، فلم يبق إلا التفضيل التكويني، أي بما ميز الله سبحانه وتعالى الرجل عن المرأة تكويناً برجاجة العقل وقوة البدن والتدبير.

 ثانيهما: الإنفاق في المال كما صرّحت الآية بقوله سبحانه وتعالى: {بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}[37] وهذا أيضاً معلول للتفضيل التكويني؛ لأن الرجل اقدر على كسب المال وتوفير الرزق عادة بسبب ما لديه من رجاحة عقل وقوة بدن وحسن تدبير.

 ومن هنا قال الطباطبائي في الميزان: وعموم هذه العلة يعطي أن الحكم المبني عليها - أعني قوله: {الرجال قوامون على النساء}[38] - غير مقصور على الأزواج، بأن تختص القوامية بالرجل على زوجته، بل الحكم مجعول لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامة التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعاً، فالجهات العامة الاجتماعية التي ترتبط بفضل الرجال كجهتي الحكومة والقضاء مثلاً اللتين تتوقف عليهما حياة المجتمع، وإنما يقومان بالتعقل الذي هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء، وكذا الدفاع الحربي الذي يرتبط بالشدة وقوّة التعقل، كل ذلك مما يقوم به الرجال على النساء، وعلى هذا فقوله: {الرجال قوامون على النساء} ذو إطلاق تام.[39]

وفي مجمع البحرين قال: لهم عليهن قيام الولاء والسياسة، وعلل ذلك بأمرين:

 أحدهما: موهبي من الله وهو أن الله فضّل الرجال عليهن بأمور كثيرة من كمال العقل وحسن التدبير وتزايد القوة في الأعمال والطاعات؛ ولذلك خصّوا بالنبوّة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر والجهاد وقبول شهادتهم في كل الأمور ومزيد النصيب في الإرث وغير ذلك.

 وثانيهما: كسبي، وهو أنهم ينفقون عليهن، ويعطونهن المهور مع أن فائدة النكاح مشتركة بينهما.[40] إلى غير ذلك من كلمات الأعلام الدالة على أن التفضيل هو تمييز من حيث الخلقة والتكوين وليس من ناحية الحقوق والواجبات.

إن قلت: شأن النزول في الآية في المرأة الأنصارية التي نشزت عن زوجها فلطمها زوجها واشتكاه أبوها عند النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أورده في مجمع البيان[41]، والسياق شاهدان على كون المراد من القيمومة في الآية هو قيمومة الرجال بالنسبة إلى أزواجهم؛ إذ لا يمكن الالتزام بأن كل رجل بمقتضى عقله الذاتي وبمقتضى إنفاقه على خصوص زوجه له قيمومة على جميع النساء حتى الأجنبيات، ولو سلّم الشك أيضاً فصرف الاحتمال يكفي في عدم صحة الاستدلال.

 فالجواب: مضافاً إلى ماعرفت من أن خصوص المورد لا يخصص الوارد فانه يقال فيه:

أولاً: أن الاحتمال ما لم يخلّ بالظهور لا يبطل الاستدلال في موارد الظهورات العرفية وإن أبطله في الاستدلالات العقلية، والآية فيما نحن فيه ظاهرة في التفضيل من حيث الطبيعة العامة السارية في جنس الرجال والنساء.

ثانياً: أن عموم العلّة يقتضي ذلك، فيؤخذ به إلا فيما ثبت خلافه.

ثالثا: أن مفاد الآية بمقتضى الانصراف ومناسبة الحكم والموضوع هو خصوص موارد القيمومة كالولاية ونحوها لا مطلقاً، فيكون مفاد الآية أن في الموارد التي يحتاج فيها إلى القيمومة للابدية التولي والرئاسة والاحتكام إلى شخص يعود إليه أمر القرار، فالرجال قوامون على النساء دون العكس.

رابعاً: لو سلمنا الخصوصية الأسرية في الآية فإن الأولولية العقلية تعمم الدليل؛ بداهة أن الآية الشريفة صريحة في عدم ولاية المرأة في شؤون أسرتها مع وجود الزوج، فعدم ولايتها وقيمومتها في شؤون المجتمع والأمة مع وجود الرجال الأكفاء أولى.

وبذلك يظهر وجه الجواب عمن احتمل ولايتها على النساء بدعوى انحصار دلالة الآية على عدم ولايتها على الرجال؛ وذلك لأنه مع وجود الرجال الأكفاء لا يبقى موضوع لولاية المرأة، والآية شرعت حكماً في نفي هذه الولاية، والحكم مجعول على نحو القضية الحقيقية وبالعموم الاستغراقي الذي لا يختلف فيه زمان أو مكان. هذا مضافاً إلى الإجماع والسيرة وارتكازات المتشرعة القائمة على عدم الفصل في نفي ولاية المرأة في شؤون القضاء والولاية بين الرجال والنساء.

ومنها: قوله سبحانه وتعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم}[42] وإطلاق الآية لا ينحصر بعلو الدرجة بالمال، بل ظاهر في علو الرتبة والشأنية في موارد التشارك بين الاثنين، سواء كان في شؤون المال أو تدبير المنزل أو العمل الخارجي فضلاً عن تولي الحكومة والقضاء ونحوه، وهذا أيضاً ليس تفضيلاً في الحقوق والواجبات، بل هو تمييز ناشئ من الخصوصيات التكوينية والوظيفية؛ بداهة أن الحقوق والواجبات نص عليها صدر الآية الشريفة بقوله عز وجل: {ولهن} أي من الحقوق {مثل الذي عليهن} أي من الواجبات، لكن في إطار المعروف وهو العدل والتوازن وليس المساواة؛ لاستلزام القول بالمساواة المحال من جهات عدة، وأما التمييز فطبيعي وظيفي، ولعلّ هذا التمييز الدقيق استدعى ختم الآية الشريفة بالعزة لعدم الضعف والحاجة إليه والحكمة لدقته ومراعاته لخصوصيات الطرفين، ويظهر ذلك في وجهين:

أحدهما: إعطاء المرأة من الحقوق على الرجل مثل ما له عليها بعد أن كانت مهضومة الحقوق عند العرب وجميع الأمم.

ثانيهما: جعل الرجل رئيساً عليها، فكأن من لم يرض بهذه الأحكام الحكمية الناشئة من العالم الخبير الذي خلق المرأة والرجل وعلم بدقائق خصوصياتهما يكون منازعاً لله تعالى في عزه وسلطانه، وهذا ما يقتضيه العقل أيضاً؛ وذلك لدوران الأمر بين حلول عدة بعد الفراغ من الاعتقاد بأنه لا بد للحياة وتدبير شؤونها ـ سواء في الأمور الخاصة كالبيت والمنزل أو في الأمور العامة كالدولة والمجتمع ـ من مدير ومدبّر ورئيس، وهو لا يخلو حينئذٍ من احتمالات ثلاثة:

الأول: أن تكون المرأة هي الرئيس والرجل المرؤوس، فتغلب الحياة العاطفة، ويدبّ في كثير من أركانها ضعفها أمام الالتواءات والأزمات، كما يضيع المجتمع لتركه المرأة وهي الحامي والمربي والمعلم من ساحات التربية والتعليم الأسرية، كما يستلزم إخلال النظام لتوظيف الرجل في غير مجالاته وترك الأسرة بلا راع، وهذه مفاسد عظيمة.

الثاني: أن يكون الرجل هو الرئيس، وهو الحق.

الثالث: أن يكون كلاهما رئيساً على نحو التشريك، فان كان على نحو التقابل او الندّية استلزم التنازع ونقض الغرض؛ خصوصاَ وان الذاتي لا ينفك عن ذاته، وحيث إن المرأة ذاتيها الرحمة والعاطفة والنعومة والرجل ذاتيه الشدة والمنطق المنطلقان عن الطاقة العقلية والبدنية الكاملة فيه فيقع النزاع والتخاصم في تقييم الأمور، أو في اتخاذ القرارات، فإن القرار يتأثر بشخصية صاحبه من الناحية العاطفية ومن ناحية الشدة من حيث اللطافة أو الصرامة والعقلانية أو الشعورية.

وعليه فإن غلبنا جانب الرجل ثبت المطلوب، أو المرأة انتقض الغرض، أو كلاهما فيعود الإشكال من جديد، وان كان على نحو التشاور مع بعضهما والرأي الحاسم حينئذٍ يكون للرجل لما فيه من كفاءة وتجربة وعقلية تمنحه هذه الصلاحية، وهذا لا مانع منه، وينتهي إلى توزيع المسؤوليات، فحينئذ ينبغي أن يكون التوزيع حكيماً بمقتضى ما تقتضيه خصوصية كل طرف من الطرفين.

 ومن الواضح أن في مثل هذه الموارد ينبغي أن يكون الرجل الكفوء هو الرئيس، والمرأة تتولى الشؤون في غير الدولة والقضاء والحكومة؛ لما عرفت من المفاسد المترتبة على ذلك، وحينئذ يثبت المطلوب أيضاً.

 ولعل هذا ما تعضده الروايات، ففي الخبر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها»[43] وبذلك يظهر أن هذا لا يعد هضماً لحقوق المرأة، ولا منعاً لمشاركتها في الأمور السياسية؛ إذ المرأة تستطيع أن تمارس كل الأدوار التنفيذية والسياسية والاجتماعية ونحوها التي تنسجم مع خصوصياتها وطبيعتها ما عدا الرئاسة والقضاء لما عرفت.

في أسباب منع المرأة من القضاء والحكومة

قد عرفت مما تقدم بعض ذلك، وربما يعضده بعض الآيات والروايات الدالة على أن المرأة إنسانة لطيفة المشاعر، رقيقة العاطفة، تتناسب مع الجوانب الرحيمة والرائعة في الحياة، من العطوفة والجمال والزينة، لا مع الجوانب الخشنة من صرامة القرار وصلابة المواقف وخشونة التنفيذ وشدته. قال سبحانه وتعالى: أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين[44] استنكاراً على المشركين الذين جعلوا لله سبحانه وتعالى البنات واختاروا الذكور، ففي جوابهم أشار الباري عز وجل إلى بعض الخصوصيات التكوينية في المرأة؛ إذ إن المرأة بطبعها الأولي ميالة إلى الزينة وميالة إلى العيش فيها.

يقول الطباطبائي رحمه الله في تفسير الميزان: قوله تعالى: {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} أي او جعلوا لله سبحانه وتعالى من ينشأ في الحلية، أي يتربى في الزينة، وهو في المخاصمة والمحاجة غير مبين لحجته لا يقدر على تقرير دعواه، وإنما ذكر هذين النعتين لأن المرأة بالطبع أقوى عاطفة وشفقة وأضعف تعقلاً بالقياس إلى الرجل، وهو بالعكس، ومن أوضح مظاهر قوة عواطفها تعلقها الشديد بالحلية والزينة وضعفها في تقرير الحجة المبني على قوة التعقل.[45]

وعليه فإن من الواضح أن التربية في حواضن الزينة والحلية والجمال والعواطف الرقراقة والأحاسيس المرهفة هذه جميعاً تتنافى مع مسؤولية القضاء والحكم، وهذا ليس نقصاً في المرأة، بل هو تنزيه لها وتعلية لشأنها وصيانة لجوهرها؛ لما فيه من تجنيب المرأة المرهفة الحساسة من التلويث الذي قد ينجم عن أزمات المجتمع التي ترفع قضاياه إلى الحاكم أو القاضي لكيلا تنعكس هذه التشويهات والتلوثات على روحها وعاطفتها فتؤثر على أولادها في حالات التربية المختلفة التي تمر بها المرأة مع الأولاد، والتي هي من أسمى المهام الإنسانية في الحياة التي قد تسمو على مهمة الحاكم والقاضي، فإن من الواضح أن الشفاف الرقيق سرعان ما يخدشه الخشن العنيف، وفي الحديث عن مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) في وصيته لمولانا الحسن (عليه السلام): «ولا تملك المرأة ما جاوز نفسها، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة»[46].

 وفي الروايات النبوية: «رفقاً بالقوارير»[47] وهي جمع قارورة، وهو الزجاج، وقد وصفت المرأة بذلك لشباهتها بها في حسنها وصفائها وشفيفها[48]. وفي تاج العروس: من المجاز القارورة حدقت العين على التشبيه بالقارورة من الزجاج لصفائها، وان المتأمل يرى شخصه فيها[49]، ووجه التشبيه بالمرأة فيه ظاهر.

 ومن المعلوم أن القضاء هو أحد الأمور الخارجة عن شؤونها الخارجة عن حيطة قدرتها، والمنافية لطبعها وطبيعتها، وربما يؤيد ذلك بمثل قوله سبحانه وتعالى في قضية سليمان وبلقيس عن لسان الهدهد: {إني وجدت امرأة تملكهم}[50] بناء على أنها ليست للإخبار الصرف، بل في مقام الإنشاء الكاشف عن مبغوضية سلطنة المرأة وملوكيتها على الأمة، فتكون ظاهرة في ذم ذلك واستهجانه. نعم إلا أن يقال: ان وجه الذم لو كان فعلى ملكيتها لهم لا على سلطتها، لكنه خلاف الظاهر؛ لدلالة السياق والظهور التبادري على السلطة والحكم.

 وأما الروايات فقد دلت في مجملها على حظر تولي الولاية والحكم على المرأة.

 منها: ما عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي اشتهر نقله في كتب الفريقين أنه قال: «لا يفلح قوم ملكت عليهم امرأة»[51] وهذا رواه الجمهور أيضاً بأكثر من طريق، كما يظهر من الترمذي والمتقي الهندي وابن الأثير بصيغ مختلفة، فعن الترمذي: «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» [52] وعن المتقي الهندي: «لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة»[53] وبهذا النص روي في تحف العقول[54]، وعن ابن الأثير في النهاية: «ما أفلح قوم قيّمهم امرأة»[55].

هذا وقد ذكر الحديث الشيخ الطوسي رحمه الله في الخلاف والفاضل النراقي قدس سره في المستند والشهيد الثاني رحمه الله في المسالك، لكن في الخلاف بصيغة: «لا يفلح قوم وليتهم امرأة»[56] وفي المستند: «لا يصلح قوم ولتهم امرأة»[57] وفي المسالك: «لن يفلح قوم وليتهم امرأة»[58] وإطلاق الحديث يشمل كل امرأة؛ لكونه على نحو القضية الحقيقية، كما أن الولاية ظاهرة في مثل الحكومة والسلطة والرئاسة العليا للبلاد، فاستظهار بعضهم أنه من قبيل القضية الخارجية لكون المراد منه هو امرأة خاصة وهي التي خرجت على أمير المؤمنين (عليه السلام) في واقعة الجمل يمكن دفعه بأن المورد لا يخصص الوارد؛ ولذا روى بعض العامة كما في البخاري من حديث أبي بكرة أنه قال: نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أيام الجمل بعدما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم. قال: لما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أهل فارس ملّكوا بنت كسرى قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»[59] وزاد الترمذي والنسائي بقولهم: فلما قدمت عائشة إلى البصرة ذكرت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فعصمني الله تعالى به[60]، كما أورده القلقشندي في الفصل ومآثر الأنافة[61].

وكيف كان، فالحديث مشهور وإن اختلفت عباراته، ولعلّ الشهرة تجبر ضعفه سنداً بل في تحف العقول نسبه بن شعبة الحرّاني رحمه الله قولاَ الى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) [62] وعن مثلهما مصنّفا ومصنّفا يكفي الاطمئنان بالصدور[63] وكذا رواه الشهيد الثاني رحمه الله في المسالك[64]، واختلاف الالفاظ بين ماروياه لايخل؛ لامكان ورود أكثر من رواية فيه، بل القرائن الحالية تعضد ذلك، خصوصا في مثل تولي منصب القضاء الذي يتطلع اليه الناس، مما يستدعي الى اكثر من بيان، وبضميمة سعة اطلاع الشهيد قدس سره وخبرويته يطمأن الى انه وثق بصدور مارواه مغايرا لما في التحف، فنسبه قولا، ولعله ظفر به في مثل مدينة العلم او غيره من المصادر الروائية المعتبرة التي ليست هي الان بايدينا.[65] هذا من حيث السند، واما دلالته فظاهرة.

ومن الروايات ما رواه الصدوق رحمه الله في الخصال بسنده عن جابر بن يزيد الجعفي. قال في حديث طويل في بيان خصوصيات المرأة في بعض الأحكام، ومنها: «ولا تولّى المرأة القضاء، ولا تولّى الإمارة»[66] وفي الوسائل رواه «ولا تلي الإمارة»[67] وظاهر النهي هو الوضع لا التكليف فقط حتى عند المشهور من الأصوليين القائلين باستقلالية الجعل الوضعي عن التكليفي، وأما عند القائلين بانتزاعية الوضع عن التكليف فالأمر فيه أجلى.

 وعليه تكون الذكورة شرطاً في الإمارة والقضاء، فإن ظاهر النفي المراد به النهي هنا؛ لكونه في مقام الإنشاء هو الحرمة والفساد، إلا فيما ثبت خلافه، وقريب منه ما رواه في آخر الفقيه بإسناده عن حماد بن عمر وأنس بن محمد عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن آبائه في وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) ذلك أيضاً، لكن ورد فيه: «ولا تولى القضاء»[68] فحينئذ يدل على حرمة توليها لمقام الحكومة وبطلان هذه الولاية بالأولوية القطعية.

 ومنها: ما في نهج البلاغة في كتاب مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مولانا الحسن (عليه السلام): «وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى افن، وعزمهن إلى وهن، واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن، فإن شدة الحجاب أبقى عليهن، وليس خروجهن بأشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن، وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل، ولا تملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة»[69] وورد هذا المضمون بتفاوت يسير في الكافي بإسناده عن عمر بن أبي المقدام عن أبي جعفر (عليه السلام) [70] وكذا أورده الصدوق في بعض نوادرالفقيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه إلى محمد بن الحنفية[71] والأفن بالسكون ويروى بالتحريك ضعف الرأي،[72] وفي لسان العرب بسكون الفاء: النقص، ورجل افين ومأفون اي ناقص العقل،[73] وكلاهما ينسجمان مع عاطفة المرأة.

ولا يخفى ما في تشبيه المرأة بالريحانة من كمال اللطف والظرافة؛ لكون المرأة للطافتها وظرافتها تتأثر بالعلاقات الخارجية والاحتكاكات التي تمارسها وتزاولها في الأمور المختلفة، فكمالها وبهاؤها أن تبقى في منبتها وروعتها وبيئتها فيلتذ بصفائها ومنظرها زوجها واولادها واهلها، وإلا ضاعت وتشوهت روحها الرقيقة.

 والقهرمان من القهر اي الغلبة والقدرة،[74] واريد به هنا المبالغة على المتبادر منه عرفا وان لم يكن على وفق الميزان في صيغ المبالغة، وكيف كان فهو كفاية لمن يحكم في الأمور ويتصرف فيها، وعلى نحو القوة والعلو والغلبة، وربما يمكن الاستشهاد للمقام بموارد من الرواية؛ إذ لو لم تصلح المرأة للمشاورة لضعف رأيها، فعدم صلاحها لتفويض الولاية أو القضاء المحتاج فيهما إلى الفكر والرأي الصائب القوي بطريق أولى، والأمر بحجابها والمنع من خروجها ومعرفتها غيرها وكذا إدخال غيرها عليها في بيتها دليل على عدم جواز تصديها لما يستلزم الظهور في أندية الرجال والمخالطة والمحاجة معهم، وتفويض الولاية إليها تمليك لها لما جاوز نفسها، إلا أن يقال: إن المنهي عنه هو تمليكها ما يكون من أمرها أي خصوص ما يكون بينها وبين زوجها وأولادها مثلا،ً فلا يشمل الأمور العامة.

في المراد من النهي عن مشاورة المرأة

هذا ولا يخفى أن النهي عن المشاورة وما أشبه لا يراد به الإطلاق الشامل لكل الأمور، بل هو اما يحمل على الشؤون العامة للدولة والمجتمع لانصراف النهي إليه لما عرفت من تخصص المرأة في غير هذه الشؤون وكفاية الرجال الذين هم أقدر وأكثر انسجاماً معها، فاللجوء إلى المرأة مع وجود الكافي من الرجال الأكفاء ترجيح للمرجوح، واما يحمل على حسب التلقي العرفي الذي يقتضي الجمع بين الأدلة، وهو النهي عن ترتيب الأثر على رأي المرأة بلا فكر ولا روية؛ وذلك لغلبة جانب العاطفة فيها.

وعليه فإن مناسبة الحكم والموضوع والجمع بين الأدلة القاضية باستحباب الشورى ولزوم الأخذ بها وبين عاطفة المرأة وعدم توليها لمقام الحكم والولاية هو التثبيت في الرأي، وتشخيص نقاط قوته، والوقوف عند ثباته، فإن رأي المرأة قد يكون منبعثاً من الطبيعة العاطفية فيها وقد يكون عن الحالة العقلانية، فإن كان من الأول فلا ترتب عليه الأثر، وإن كان من الثاني فينبغي الأخذ به، ويعضد ذلك تعليل النهي الوارد في الحديث الشريف، حيث علله (عليه السلام) «بأن رأيهن إلى أفن وعزمهن على وهن» وهذه سمة الرأي المنبعث عن العاطفة، وأما لو كان الرأي راسخاً ثابتاً دقيقاً مدروساً فينبغي الأخذ به لما يتصف به من مظاهر الحق والقوة.

واما يحمل على حصر المشورة بالنساء دون إشراك غيرهن كما يستظهر منه، ومن الواضح أن حصر المشورة بهن مع وجود غيرهن مناف للحكمة، بل هو ضعف ووهن وموجب لضعف الحكم وضعف السلطان، فإن من المصائب العظمى في السياسات والدول تدخل نساء الرجال والشخصيات السياسية والاجتماعية في شؤون الدولة والحكم، ورجوع أرباب الحوائج إليهن للشفاعة مع الإصرار، وقد وقع كثيراً نقض القوانين والضوابط عن هذا الطريق.[75]

وفي شرح ابن أبي الحديد المعتزلي أن الخيزران أم موسى الهادي العباسي كانت تتكلم معه كثيراً في حوائج المراجعين، فكانت المواكب تغدو إلى بابها، وآل الأمر بالأخرة إلى أن قال لأمه: لئن بلغني أنه وقف أحد من قوادي وخاصتي وخدمي وكتابي على بابك لأضربن عنقه، ولأقبضن ماله.[76]

واما يحمل النهي على المشاورة بالنسبة للنساء اللاتي ليس لهن اطلاع كاف في مورد المشورة فيخرج عن ذلك مشورة النساء اللاتي لهن تخصص ومعرفة وخبروية كافية في شأن الموضوع الذي يراد مشورتهن به، فإن ذلك خارج بالتخصص كما هو واضح، أو غير ذلك من المحامل التي تجمع بين الأدلة والحقوق. هذا ما يرتبط بالشؤون العامة.

وبذلك يظهر أيضاً أن مشاورة النساء فيما يرتبط بشؤونهن الخاصة وما لا يعرف إلا من قبلهن بنحو كلي أو إجمالي خارج عن مورد النهي بالتخصص؛ لكون ذلك منصرفا عنه الدليل، وربما يستدل على ذلك أيضاً بما ورد في نهج البلاغة من قول اميرالمؤمنين (عليه السلام): «ولا تهيجوا النساء بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم، فإنهن صفيفات القوى والأنفس والعقول، ان كنا لنؤمر بالكف عنهن وانهن لمشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالقهر او الهراوة فعير بها وعقبه من بعده».[77]

مما يكشف عن سيرة الناس في ذلك، وأن هذا الذم لا يلاحق الإنسان المباشر لضرب المرأة فقط، وإنما يلاحقه حتى في عقبه وذريته، ولا يخفى عليك أن الفهر هو الحجر قدر مايدق به الجوز ونحوه، وقيل هو حجر يملأ الكف،[78] والهراوة العصا،[79] وتناول المرأة بالفهر أو الهراوة كناية عن ضربها بهما، ومحلّ الشاهد في أن النساء ضعاف القوى والأنفس والعقول، وهذا الضعف لا يؤهّل المرأة ذاتياً لتولّي مقام القضاء والحكومة والولاية.

هذا وهناك روايات أخرى تعرّضت لجهات اكملية الرجل على المراة لها توجيهات هامة تنسجم مع روح الإسلام وطبيعة المرأة وخصوصياتها الذاتية لا يسعنا المجال للتعرض لها، فإن الأخبار الواردة في هذا الشأن متفرقة ومتوزعة في أبواب مختلفة ربما توجب القطع عند الفقيه بصدور بعضها إجمالاً، فضلاً عن صحة سند بعضها ودلالتها من حيث المجموع بعد ضمّها إلى بعض على عدم تناسب الولاية بشعبها، ومنها القضاء والحكومة ظاهرة، كما ان اختلافها مع طِباع المرأة وذاتياتها وخصوصياتها البدنية والنفسية والعقلية وتكليفها بالتستر والتحجب مما لا يخفى.[80]

وعليه فإن الأدلة الإثباتية لا تدل على جواز تولي المرأة لهذا المقام، بل الدليل قام على العدم، وعلى فرض المناقشة أو الشك في ذلك كله فإنه ينبغي التمسّك ٍ بالأصل حيث لا دليل، وهو فيما نحن فيه عدم جواز توليها؛ لأصالة عدم ثبوت ولاية لأحد على أحد ما لم يقم دليل عليه، ولم يقم عندنا دليل عام أو مطلق يمكن القول بشموله لجواز ولاية المرأة، وربما يستأنس لكل ذلك بالإجماع القائم على عدم جواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة،[81] بل للنساء أيضاً على فتوى البعض؛[82] لما في الإمامة من الاقتداء والتأسي اللذين يتوقفان على مزيد من التوازن والاعتدال.

هذا ولا يخفى إمكان وجود بعض النساء ممن يتمتّعن بالعقل والخبرة والروية وغلبة الجهة العقلانية على الجهة العاطفية، بل وقع ذلك في الخارج، حيث تولّت بعض النساء الحكومات والسلطات في جملة من الدول، لكن الظاهر أن هذا استثناء لا أصل، ولا زال استثناءً حتى في الحياة العصرية التي سعت في بعض مناهجها الوضعية إلى مساواة النساء بالرجال، ومن الواضح أنا لا ننكر وجود هكذا نساء، إلا أن وجود اولئك النسوة المعدودات لا يدل على قدرة العنصر النسوي بعمومه على الإدارة والولاية والتحلي بهذه الخصيصة، وكلامنا في الأصل العام والقاعدة الغالبة الجارية في شؤون الحكم والدولة، وليس الموارد الشاذة أو النادرة، ومن الواضح أن التقنين يوضع بحسب الأكثرية الساحقة؛ لأنها هي الملاك في الخطابات القانونية، وهي أيضاً كذلك في الخطابات الشرعية.

الخامس: طهارة المولد

 ونعني به حلّية الولادة الناشئة من النكاح في مقابل الزنا، ولم نعثر في كلمات العامة تعرضاَ لهذا الشرط في كتبهم الفقهية حتى مايتعلق بالوالي والقاضي فضلاً عن الحاكم، لكن تعرض له أصحابنا في شروط القاضي، وكذا في الفقيه والمرجع، وربما ادّعوا عليه الإجماع، ففي قضاء الشرائع: لا ينعقد القضاء لولد الزنا مع تحقق حاله، كما لا تصح إمامته ولا شهادته في الأشياء الجليلة.[83] وفي الجواهر: العمدة الإجماع المحكي وفحوى ما دلّ على المنع من إمامته وشهادته وإن كان عدلا[84].

هذا مضافاً إلى الأولوية المستفادة من جملة من المسائل.

 منها: ما دلّ على اشتراطه في الشاهد، ففي الخلاف قال: شهادة ولد الزنا لا تقبل وإن كان عدلاً، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارها[85].

 ولعل من الأخبار ما في الوسائل بسنده عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عن ولد الزنا أتجوز شهادته؟ فقال: «لا» فقلت: إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز.. إلى آخر الحديث[86]، وكذلك بسند صحيح عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تجوز شهادة ولد الزنا»[87]، إلى غير ذلك من الأخبار.

ومنها: ما دلّ على اشتراطه في إمام الجماعة، كصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خمسة لا يؤمّون الناس على كل حال، المجذوم والابرص والمجنون وولد الزنا والأعرابي»[88] وكذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يصلين أحدكم خلف المجنون وولد الزنا»[89] إلى غير ذلك من الروايات، ويدل على ذلك العقل ايضا؛ وذلك لما يترتب على ولاية ولد الزنا من نقض الغرض من جهة الحكومة والدين معاً. أما الأول فلأن الحكومة والولاية تستلزم الطاعة والاحترام وتولّي ولد الزنا يوجب استهانة الناس به وتنفرهم منه كما يشهد به العُرف وسيرة العقلاء فيخلّ بالطاعة والحكم، وأما الثاني فإنه بعد أن حرّم الدين الزنا واستقبحه لا ينبغي أن يوليه المقام الأعلى للناس الذي يستلزم الاقتداء والاتباع؛ لأنه يوجب استهانة الناس بالأخلاق والأحكام الإلهية، وكلاهما نقض للغرض.

هذا ولا يخفى أن منع الإسلام لتولي ولد الزنا ينشأ من حِكم ومصالح عدة منها ما عرفت، ومنها أنه نوع من الوقاية والحيطة والحذر من الوقوع في المفاسد العظمى، ففي الأخبار عن مولانا الصادق (عليه السلام): «أنه ــ أي ولد الزنا ــ يحنّ إلى الحرام والاستخفاف بالدين وسوء المحضر»[90] وهذا أمر تثبته التحقيقات الاجتماعية والوقائع العلمية، والرواية تشير إلى مرض روحي أو استعداد له يمكن أن يهدّد المجتمع، فمثله مثل المبتلى بالأمراض المستعصية العداوئية، فيعزله المجتمع خوفاً من أضراره ومفاسده، وبذلك يرتفع الإشكال الذي ربما يخطر في ذهن البعض من قولهم بأن ولد الزنا لم يرتكب ما يوجب ذلك لجناية أبويه عليه، فإنه ينقض بعزل المريض جسديا بالمرض الخطير، وحلاً بأنه نوع وقاية للمصالح الأهم كما هو الشأن في مختلف الشؤون العقلائية، وهذا ما التزمت به طائفة من الدول المتحررة نسبياً لما رأته من دقة الحكمة فيه وإن لم تنص عليه بعضها في دساتيرها، كما أنه نوع من الردع من الوقوع في المنكر ولو بعض الشيء.

وكيف كان، فالظاهر أن الأدلة لا تنهض لجواز تولي ولد الزنا لمقام الحكم والدولة، ولا أقل من الشك، فيرجع الى التمسك بالأصل العملي القاضي بعدم ولاية أحد على أحد. هذا بعض ما يتعلق بالمؤهلات الحقيقية.

* فصل من كتاب فقه الدولة

وهو بحث مقارن في الدولة ونظام الحكم على ضوء الكتاب والسنة والأنظمة الوضعية

** استاذ البحث الخارج في حوزة كربلاء المقدسة

*** للاطلاع على فصول الكتاب الاخرى

http://www.annabaa.org/news/maqalat/writeres/fadelalsafar.htm

.........................................................

[1] الكافي: ج8 ص264 ح381 ؛ الوسائل: ج15 ص50 ح19964 باب13 من ابواب جهاد العدو

[2] سورة القصص: الآية 27

[3] قال تعالى: {يا يحيي خذ الكتاب بقوة واتيناه الحكم صبيا} سورة مريم: الآية 12، وقال عز وجل في شان عيسى (عليه السلام): {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال اني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبيا} سورة مريم: الآية 29 -30

[4] في الكافي: عن علي بن محمد، عن مهذب اسماعيل بن موسى بن جعفر، وكان اسن شيخ من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعراق، فقال: رايته بين المسجدين وهو غلام (عليه السلام) » ولعل المراد بالمسجدين بجدار مكة والمدينة. الكافي: ج1 ص330 ح2 ؛ الغيبة للشيخ الطوسي: ص268 ؛ الارشاد: ج2 ص351 ح230. وبهذا الاسناد عن ابراهيم بن ادريس قال: رايته بعد مضي ابي محمد (عليه السلام) حين ايقع، وقبلت يده وراسه».

 الكافي: ج1 ص331 ح8 ؛ الغيبة للشيخ الطوسي: ص268 ؛ الارشاد: ج2 ص353. وايفع الغلام اذا شارف الاحتلام ولم يحتلم. انظر مجمع البحرين: ج4 ص412 يقع؛ لسان العرب: ج8ص415 يفع وفي الارشاد كان سنه عند وفاة ابي محمد خمس سنين اتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب، وجعله اية للعالمين، واتاه الحكمة كما اتاه يحيى صبيا، وجعله اماما في حال الطفولية الظاهرة، كما جعل عيسى بن مريم (عليه السلام) في المهد نبيا، وقد سبق النص عليه في ملة الاسلام من نبي الهدى (عليه السلام)، ثم من اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، ونص عليه الائمة i واحدا بعد واحد الى ابيه الحسن (عليه السلام)، ونص ابوه عليه عند ثقاته وخاصة شيعته.، انظر الارشاد: ج2 ص339 -341 وانظر النصوص في الكافي: ج1 ص228 ح1 وح3؛ وص329 ح5 وح6 ؛ اعلام الورى: ص381.

[5] الوسائل: ج1 ص20، مقدمة التحقيق ؛ عوالي اللآلي: ج1 ص209 ح48.

[6] سورة النساء: الآية 5.

[7] عيون الحكم والمواعظ: ص556.

[8] كنز العمال: ج6 ص7 ح14595 ؛ وانظر تحف العقول: ص43-44 ؛ وفي الغرر تولي الاراذل والاحداث الدول دليل انحلالها وادبارها» ؛ تصنيف غرر الحكم: ص345 رقم 7925.

[9] الكافي: ج1 ص175 ح2.

[10] نهج البلاغة: ص452 الكتاب 62.

[11] انظر العروة الوثقى: ج1 ص105 ؛ مستمسك العروة الوثقى: ج2 ص123 ؛ مهذب الاحكام: ج2 ص109

[12] سورة النساء: الآية 141.

[13] سورة النساء: الآية 144.

[14] سورة المائدة: الآية 51.

[15] عوالي اللآلي: ج3 ص495 ح15 ؛ الفقيه: ج4 ص243 ح778.

[16] انظر النهاية ونكتها: ج2 ص17-18 ؛ الشرائع: القسم الرابع، ص315 ؛ السرائر: ج2 ص155 ؛ الدروس: ج2 ص65 ؛ مسالك الافهام: ج13 ص327 ؛ الرياض: ج15 ص8-9 ؛ الجواهر: ج40 ص12 ؛ مهذب الاحكام: ج27 ص38- 39؛ الفقه كتاب القضاء: ج84 ص15.

[17] الخلاف: ج6 ص213-214 ؛ المبسوط: ج8 ص101.

[18] الشرائع: القسم الرابع ص315.

[19] الدروس الشرعية: ج2 ص70.

[20] مسالك الافهام: ج13 ص329.

[21] الرياض: ج15 ص15.

[22] الجواهر: ج40 ص 14.

[23] الفقه كتاب القضاء: ج84 ص30-31.

[24] مهذب الاحكام: ج27 ص41.

[25] انظر الروضة البهية: ج1 ص361 ؛ مفتاح الكرامة: ج20 ص15.

[26] الوسائل: ج27 ص16 ح33089 باب 2 من ابواب صفات القاضي؛ الفقيه: ج4 ص263 ح821.

[27] انظر في ذلك تاريخ التمدن الاسلامي: ج5 ص592-593 ؛ المصدر نفسه: ج4 ص455-458 ؛ مروج الذهب: ج3 ص384 -389.

[28] مسالك الافهام: ج13 ص327 -328.

[29] سورة الاحزاب: الآية33.

[30] مجمع البيان: ج8 ص355.

[31] مفردات الفاظ القران الكريم: ص115 برج.

[32] مجمع البيان: ج8 ص356 تفسير الآية 33 من سورة الاحزاب ؛ تفسير تقريب القران الى الاذهان: ج22 ص12 ؛ وفي مجمع البحرين: اي لاتبرزن محاسنكن وتظهرنها، والجاهلية الاولى هي القديمة التي يقال لها الجاهلية الجهلاء، وهي في الزمن الذي كان فيه ابراهيم (عليه السلام) كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ، وتمشي وسط الطريق، وتعرض نفسها على الرجال، وقيل: مابين ادم ونوح عليهما السلام، وقيل: جاهلية الكفر بعد الاسلام. انظر مجمع البحرين: ج2 ص277 -278 برج.

[33] المستدرك عن الصحيحين: ج3 ص118-119 ؛ البحار: ج32 ص359-361 ؛ الجمل: ص126 -128 وص230 ؛ تفسير نور الثقلين: ج6 ص42-43 ح82 ؛ مجمع البيان: ج8 ص357 ؛ الكامل: ج3 ص213 وص216.

[34] سورة النساء: الآية 34.

[35] مجمع البيان: ج3 ص43 ذيل الآية 34 من سورة النساء.

[36] تفسير الامثل: ج3 ص192-193 بتصرف.

[37] سورة النساء: الآية 34.

[38] سورة النساء: الآية 34.

[39] الميزان في تفسير القران: ج4 ص343 ذيل الآية 34 من سورة النساء.

[40] مجمع البحرين: ج6 ص142 قوم.

[41] مجمع البيان: ج3 ص43 ذيل الآية 34 من سورة النساء.

[42] سورة البقرة: الآية 228.

[43] كنز العمال: ج11 ص122 ح30868.

[44] سورة الزخرف: الآية 18.

[45] الميزان في تفسير القران: ج18 ص90 ذيل الآية 18 من سورة الزخرف.

[46] نهج البلاغة: ص405 الكتاب 31 ؛ الكافي: ج5 ص510 ح3.

[47] البحار: ج16 ص297.

[48] انظر مجمع البحرين: ج3 ص455 قرر.

[49] تاج العروس: ج3 ص487 قرر.

[50] سورة النمل: الآية 23.

[51] البحار: 43 ص442 ح15.

[52] صحيح الترمذي: ج4 ص527 ح2262.

[53] كنز العمال: ج6 ص79 ح14923.

[54] تحف العقول: ص31.

[55] النهاية لابن الاثير: ج4 ص135.

[56] الخلاف: ج6 ص213 مسألة 6.

[57] مستند الشيعة: ج17 ص36.

[58] مسالك الافهام: ج13 ص328.

[59] صحيح البخاري: ج1 ص1610 ح4163.

[60] صحيح الترمذي: ج4 ص527 ح2262 ؛ سنن النسائي: ج8 ص227.

[61] الفصل: ج4 ص166 ؛ مآثر الاناقة: 31.

[62] تحف العقول: ص31.

[63] انظر تحف العقول: ص5-7.

[64] مسالك الافهام: ج13 ص328.

[65] انظر الفقه كتاب القضاء: ج84 ص31.

[66] الخصال: ص58 ح12.

[67] الوسائل: ج20 ص220 ح25473 باب 123 من ابواب مقدمات النكاح.

[68] الفقيه: ج4 ص263 ح821.

[69] نهج البلاغة: ص405 الكتاب 31.

[70] الكافي: ج5 ص510 ح3.

[71] الفقيه: ج4 ص280 ح830.

[72] مجمع البحرين: ج6 ص201-202 افن.

[73] لسان العرب: ج13 ص19 افن.

[74] مجمع البحرين: ج3 ص464 قهر ؛ تاج العروس: ج3 ص512 قهر.

[75] انظر تاريخ التمدن الاسلامي: ج4 ص458 – 460.

[76] شرح نهج البلاغة: ج16 ص125.

[77] نهج البلاغة: ص373 الكتاب 14.

[78] لسا ن العرب: ج5 ص66 فهر ؛ مجمع البحرين: ج3 ص 445 فهر.

[79] لسان العرب: ج15 ص360 هرا.

[80] انظر في ذلك ماذكره السيد الشيرازي قدس سره من توجيه لذلك في الفقه كتاب القضاء: ج84 ص33-34.

[81] انظر العروة الوثقى: ج1 ص568 -569.

[82] انظر المصدر نفسه: هامش 4و5 وص 569 هامش7.

[83] الشرايع: القسم الرابع ص 315.

[84] الجواهر: ج40 ص13.

[85] الخلاف: ج6 ص 309.

[86].- الوسائل: ج27 ص 374-375 ح33983 باب 31 من ابواب كتاب الشهادات.

[87] الوسائل: ج27 ص 375 ح33985 باب 31 من ابواب كتاب الشهادات؛ الكافي ج7 ص 395- 396 ح6.

[88] الكافي: ج3 ص 375 ح1 ؛ الوسائل: ج8 ص321ح10783 باب14 من ابواب صلاة الجماعة.

[89] الوسائل: ج8 ص321 ح 10784 باب14 من ابواب صلاة الجماعة.

[90] الفقيه: ج4 ص 417 ح 5909.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/آذار/2012 - 18/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م