العراق في مواجهة الارهاب... تفكيك الفكر بالفكر

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تعد الهجمات المنظمة من العمليات الخطيرة التي تساهم في أرباك الأمن بشكل واضح مما يؤثر سلباً على الحياة العامة، ويعد العراق واحد من البلدان التي تعاني من هذه الهجمات التي أصبحت محصورة بعد أن شكلت منعطفاً خطيراً وجعل العراق ساحة للحرب والجريمة.

إن تزايد النفوذ في مختلف قطاعات الدولة للمجموعات الارهابية أصبح مصدر قلق حكومي فقد أصبح الارهاب يركز في أعماله على استهداف مؤسسات الدولة وهذا يتم عبر الدعم للمجاميع الإرهابية من داخل هذه المؤسسات مستغلا انتشار الفساد وضعف الحكومة.

ولاشك أن ما حصل من هجمات منظمة شكل تصاعداً جديداً في مستوى العنف فقد أستهدفت مدن عراقية كثيرة وآخرها في قضاء حديثة والتي قتل فيها 27 شرطيا عراقيا في هجمات منسقة شنها أكثر من 50 مسلحاً، على نقاط تفتيش للشرطة ومنازل مسؤولين أمنيين، ما تسبب بإقالة قائد عمليات الأنبار في القوات الأمنية العراقية.

ولاشك أن هذه الهجمات جاءت بشكل منسق ومنظم ودقيق فأن مسلحين يرتدون زي الجيش ويقودون سيارات عسكرية مسروقة هاجموا المدينة في وقت واحد، أما الجهة التي تقف خلف الحادث فقد أعلن تنظيم دولة العراق الإسلامية وأن التنظيم تبنى 43 هجوماً في بغداد بين شهري كانون الثاني وشباط.

وكان تنظيم دولة العراق الإسلامية تبنى في 24 شباط سلسلة الهجمات التي استهدفت مناطق متفرقة من العراق وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 42 شخصاً وإصابة أكثر من 260 آخرين بجروح.

أن مايحدث هو تكرارا لنفس السيناريو الذي اعتاد عليه التنظيم لكن المهم هو كيف عملت هذه التنظيمات الإرهابية بطرق مكنتها من تنفيذ أهدافها بدقة عالية، ويرى خبراء أمنيون أن هذه التنظيمات تزدهر أعمالها بسبب الدعم والتأييد من المجتمعات التي تعيش داخلها حيث يعمل التنظيمات الإرهابية على إفساد المجتمع عن طريق تقديم المساعدات والرشوة للمسؤوليين وعمليات الإبتزاز والأعمال التجارية والتعامل مع أصحاب القرار في المناطق التي تحدث فيها العمليات الإرهابية من أفراد الأمن والقضاة والمسؤولين الذين يتعاطون الرشوة. كما أن لهذه المجاميع الإرهابية أذرع من الرجال والنساء ولها قوانين.

ان مثل هذه الجرائم هي خطيرة  كثيرا ما تنطوي على استخدام العنف في سبيل تحقيق غاياتها. وإنها ليست جرائم فردية، بل تقوم بها جماعات إجرامية لها علاقات وهيكلية تنظيمية يكون هدفها تحقيق منافع سياسية ومالية. لأنها مبنية على حسابات المخططات الدولية.

وتتسم الجرائم الإرهابية بقدرتها على أختراق الأجهزة الأمنية والتعامل مع المجتمع بشكل غير مكشوف وتعمل على تجنيد بعض طبقات المجتمع، وتنظيم شبكات إرهابية تعمل على المستوى الدولي.

الارهاب يعتمد على تنظيمات سرية تضفي نوع من السرية في العمل، فالجماعات الإرهابية قد تعتمد إلى تجنيد إتباعها في دولة، وتدريبهم في دولة أخرى. فالارهاب يهدف إلى تحقيق مطالب سياسية، والإرهابيون يرفضون في كثير من الأحيان الاعتراف بجرائمهم، وقد يصدرون شعارات سياسية.

ويرى مراقبون أن من الأولويات دراسة موضوع الإرهاب بشكل دقيق لأنه أصبح هاجس مخيف بالنسبة المواطن والدولة وهو مطروح بقوة على الساحة العالمية، فالأمر أصبح في غاية الأهمية. وبالتالي يتطلب تبادل الخبرات وطرق حديثة لمعالجة آفة الإرهاب من أجل  إجهاض المؤامرات.

لقد أصبح موضوع الارهاب قضية بارزة لصانعي السياسة ولن يبقى أي مجال من مجالات الحياة إلا كان الإرهاب عاملا حاضرا. مما يتطلب ذلك سلاحا فعالا لمواجهة هذا المد عبر  تبادل المعلومات الاستخباراتية حول انشطة الارهابيين. ويجب استحداث طرق جديدة لمكافحة الإرهاب تكون فعالة ووقائية وقاسية. كما أن مواجهة التمويل وتجفيف منابع الإرهاب والحصول على دعم مادي ولوجستي ومعنوي من الدول التي لها خبرة في مواجهة التنظيمات الإرهابية يعد من المواضيع الإستراتيجية.

ولايخفى أن تحقيق التعاون في مواجهة الجرائم الإرهابية بين القوى والأجهزة الأمنية له دور كبير في مواجهة الإرهاب فعندما تستغل المناسبات بشكل صحيح يتم من خلالها إدانة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله له أهمية كبرى في التأثير الإيجابي. كذلك فان تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بمكافحة والقرارات الدولية ذات العلاقة منها أمر مطلوب وأن إنشاء مركز دولي لتبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية أمرُ أهم.

وهناك مكونات رئيسية لمكافحة الارهاب تتم عبر تعزيز قدرة الاجهزة الامنية، وإنزال ضربات موجعة بالارهابيين وتدمير شبكاتهم، كذلك أعتماد برنامج المنح المالية لكل من يساهم بتقديم معلومة عن الإرهابيين، كذلك تطوير الثقافة والتعليم والإقتصاد، ودعم العامل الأخلاقي والروحي للمجتمع.

الحكومة العراقية اليوم مطالبة أن تشرك جميع مؤسسات المجتمع في تنفيذ استراتيجية مواجهة الإرهاب، كل في مجاله،  حتى على مستوى التعليم فينبغي التوعية لجميع المراحل الدراسية بخطورة الأعمال الإرهابية وحرمتها ومنعها على مستوى الدين والمجتمع والوطن. كذلك التركيز على تعزيز الأمن الفكري، لأن الإرهاب جاء نتيجة الأفكار المنحرفة. وغالبًا ما يعتمد الإرهابيون على نشر الأفكار التي تؤثر على الرأي العام العالمي للحصول على الدعم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/آذار/2012 - 17/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م