رفع الاصفار عن العملة العراقية... المنافع والتكاليف

تقرير: المهندس لطيف عبد سالم العكيلي

 

شبكة النبأ: برعاية الأستاذ الدكتور رحيم طاهر الساعدي رئيس الجامعة المستنصرية وبحضور النائب الدكتور سلمان الموسوي والنائب المهندس عبد العباس الشياع أعضاء اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب والأستاذ الدكتور مظهر محمد صالح قاسم نائب محافظ البنك المركزي العراقي والسادة ممثلي المنظمات المهنية ومنظمـــــــــــات المجتمع المدني وعدد من عمـــــداء الكليات والتدريسيين والكتاب، اضافة الى حشد من المثقفين والمهتمين بالشأن الاقتصادي، أقام قسم الدراسات الاقتصادية في مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، ندوته السنوية حول الأبعاد الاقتصادية لرفع الاصفار عن العملة العراقية.

وقد أدار الجلسة الأستاذ الدكتور ستار البياتي الذي افتتح الندوة مرحبا بالسادة الحضور، ومعرفا بطبيعة الندوة والأهداف المرجوة منها، إضافة إلى إشارته إلى ضرورة العمل على إنجاح السياسات النقدية في العراق؛ لإسهامها بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ثم ارتقى المنصة الدكتور احمد الراوي مدير مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية لإلقاء كلمته التي ضمنها ترحيبه بالسادة الحضور وشكره مساهمتهم في الندوة العلمية التي يقيمها قسم الدراسات الاقتصادية في المركز، حول الأبعاد الاقتصادية والسياسية لسياسة رفع الاصفار من العملة العراقية التي أثارت جدلا واسعا بين المتخصصين والسياسيين حول ايجابيات وسلبيات إعادة هيكلة العملة العراقية.

وأردف قائلا: من أجل وضع الأمور في نصابها والوقوف على حقيقة هذه الأبعاد، يتشرف المركز باستضافة عدد من المتخصصين في اتخاذ القرار سواء من السلطة النقدية الممثلة بالبنك المركزي وممثلي السلطة التشريعية الممثلة بالسادة نواب البرلمان، فضلا عن آراء المختصين والأكاديميين، بغية الخروج برؤى وتصورات تساعد على إنجاح السياسة النقدية في العراق وتعزيز دورها في إرساء أساسيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في عراقنا الحبيب. وفي نهاية كلمته جعل الدكتور الراوي جمهور الحاضرين مدهوشا حين أخرج من حقيبته حافظة شفافة تحوي عدة إصدارات للعملة العراقية من فئــة الدينار، كان يتشرف في الاحتفاظ بهــــا منذ سنوات طويلة، بوصفها أحد رموز السيادة الوطنية.

في هذه الندوة الرائعة التي أقيمت على قاعة المركز وحظيت باهتمام إعلامي واسع، جرى عرض ثلاثة ورقات بحثية، أولهما دراسة الأستاذ المساعد الدكتور فلاح حسن ثويني من كلية الإدارة والاقتصاد – الجامعة المستنصرية الموسومة (رفع الاصفار عن العملة... المنافع والتكاليف) والتي تضمنت مباحثها: المنافع المتوقعة لعملية رفع الاصفار، تكاليف عملية رفع الاصفار ومتطلبات النجاح لعمليــة رفع الاصفار. وقد خلصت الدراسة إلى انه: إذا لم يكن هناك قطاع إنتاجي قادر على توفير السلع والخدمات بصورة مستدامة، فان مسالة المحافظة على قيمــــــة العملة بعد إعادة تسميتهـا (رفع الاصفار)، قد تكون تكاليفها مضاعفة على الاقتصاد وعلى قيمـــة العملة بالذات، وبخاصة إذا ما تعرض القطاع النفطي إلى صدمة خارجية كما حصل في الأزمة المالية الأخيـــــــرة عندما انخفضت أسعار النفط من 147 دولار للبرميل إلى اقل من 45 دولار للبرميل الواحد، وما ينجم عن ذلك من تراجع أرصدة الاحتياطات النفطية الداعمة والساندة لاستقرار قيمة العملة العراقية.

الورقة البحثية الثانية التي أعدها الدكتور عبد الرحمن نجم المشهداني رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في مركز المستنصرية ووسمها بـ (مشروع تغيير العملة في العراق وأثاره الاقتصادية) تضمنت المحاور الآتية: أهداف عملية تغيير العملة، مبررات عملية حذف الاصفار من الدينار العراقي (فنية وإدارية)، الآثار الاقتصادية الايجابية المتوقعة لعملية التغيير وحذف الاصفار، الآثار السلبية المتوقعة لعملية التغيير، إضافة إلى التوصيات. وقد خلص الباحث إلى أن عملية التغيير وحذف الاصفار من العملة العراقية خطوة مهمة للإصلاح النقدي وإصلاح نظام إدارة العملة النقدية من خلال هيكلتها للسيطرة على تدفق الكتلة النقدية وإدارة كلفتها على نحو امثل، فضلا عن دورها في تعزيز ثقة المواطن والمستثمر بالاقتصاد الوطني، وبخاصة مع استمرار فاعلية السياسة النقدية في السيطـرة على معدلات التضخم ضمن المعدلات المقبولة، إلى جانب استقرار سعر الصرف للدينار العراقي.

ونوه الدكتور المشهداني إلى أن عمليــــــــــة التغيير تسهم بتشجيع المستثمــــرين الأجانب للاستثمـــــــار في العراق؛ بالنظر لإمكانية تحسن مناخ الاستثمار مستقبلا. وأضاف الباحث أن عملية حذف الاصفار من العملة تقود إلى كفاءة أفضل بتبسيط العمليات المحاسبية، وتفضي إلى خفض كلف الحجم الكبير للمعاملات المتأتي من عمليات العد والفرز والتدوين في السجلات المحاسبية قبل تغيير العملة، فضلا عن خفض كلف الحمل والنقل وتقليص مخاطر السرقة. ومن الآثار الايجابية الأخرى لعملية التغيير وحذف الاصفار التي أشار إليها الباحث هو إنهاء ظاهــرة (الدولرة) في التعاملات اليومية، وبخاصة مع شروع البنك المركزي العراقي إصدار عملـة جديدة من فئات كبيرة، إضافة إلى إمكانية إدخال التقنيات الحديثة في التعاملات اليومية مثل مكائن الصرافة الآلية.

وبعد أن أنهى الدكتور المشهداني عرض ورقته البحثية، انيطت مهمة إدارة الجلسة بالأستاذ الدكتور مظهر محمد صالح قاسم نائب محافظ البنك المركزي العراقي لزيادة مساحة حديثه حول هذا الموضوع، الذي بدأه بعرض دراسته الموسومة (إعادة هيكلة العملة العراقية).

وقد خلص الباحث إلى إعداد البنك المركزي العراقي إستراتيجية بعيدة الأجل قابلة للتطبيق مستقبلا عند توافر الفرصة الملائمة وبصورة تدريجية وفق تعليمات واضحة ولوائح إرشادية توفر الحماية للحقوق والمصالح المختلفة بما يتلاءم ومرحلة الازدهار المقبلة والنمو الاقتصادي المتوقع ؛ لزيادة متوسط دخل الفرد خلال السنوات القادمة إلى أكثر من مرة، إضافة إلى ما يتطلبه تقدم الاقتصاد العراقي من خطوات لإصلاح مخلفات مراحل التضخم، وبخاصة إصدار بعض التشريعات بهذا الشأن.

وفي أعقاب محاضرة الدكتور صالح كان للأسئلة والمداخلات نصيبا جيدا من حصة زمان الندوة التي تعد من الندوات المهمة التي تعالج احد المواضيع الاقتصادية التي تستلزم وعيا مجتمعيا بأهميتها.

لقد كان قسم الدراسات الاقتصادية في مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية موفقا باختياره لموضوع الندوة التي حققت نجاحا متميزا بشهادة النخب الاقتصاديــــة والأكاديميـــــة والمثقفة التي تابعت مجرياتها باهتمام بالغ. انه جهد رائع يستلزم منا الثناء على جهود مركز المستنصرية وقسم الدراسات الاقتصادية ومباركتها.

[email protected]

www.iiairaq.org

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/آذار/2012 - 16/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م