الحالمات بغد افضل كل عام

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: نحتفل بك كل عام، ونحن كل يوم نبدد اعوامك، ما بين كلمة غاضبة او متحرشة، بين صفعة واخرى، بين غضبة على شرف رفيع يستبيح دماءك، نحن الذين لا تمتع بالشرف، شرف الضمير او الصدق.

نحتفل كل عام، ونحن نبدد ايامك واحلامك، مابين ذكرى زوج ضيعته الحروب تحت الرمال، او ضيعت ما تبقى من عقله، وبين شاب تسكعت به الايام المدلهمات في سجون الامن والمخابرات، زاده صرخات المعذبين والآه، وانت صابرة، يتشقق قلبك كتربة ما لامسها الماء منذ دهور.

نحتفل كل عام، ونحن لا نحفل بما تكابديه، رغم دورات حياتك التي تتقلبين فيها وحولها، غائبة، مستلبة، مغبونة، محاربة، محرومة، متشردة، لاجئة، نائحة، عاملة، مسالمة، صامدة.

هل تسمع؟

اجل اسمع يا أماه

انه المطر من جديد

المطر فوق محياك.

ام عبد الرحمن تحمل صورته واسمه، تأكلها حالة مؤثثة بالالم، ما بين البحث عن ابنها وبين فضح صدام وجرائمه، يهدّها التعب احيانا، لتردد مع نفسها: كم من السنين كنت اشق صدري وادعو: اعطنا هذا الولد.. اعطنا ولدا والا خربت الدار.

اعطانا هذا الصغير، عبد الرحمن، هكذا سميته، لان الرحمن وحده الذي جلبه لنا بعد ان عجز الاطباء، ربيناه على الصلاة والسلام، ومن هدوئه لا تكاد تسمعه، ابني عبد الرحمن، لم يفعل شيئا، هو لا يستطيع ان يفعل ما يغضب احدا اعرفه، لا يهتم سوى بأمه وبالبيت وبكتبه وسجادة صلاته، لم يزعج حتى من يعتدي عليه، ابعد ما يمضي اليه جامعته، لا ادري ماذا فعلوا به.

غادرنا بهذا العمر، له 22 سنة وفي الصف الثاني في الكلية، ما الذي يمكن ان يفعله هذا الطفل؟ ها انا انتظره منذ 22 سنة، كلنا ننتظره، هل علي ان انبش كل مقابر العراق لكي اتشمم عظام صغيري.. كل يوم اصبّ سهمه من الغذاء، لم اغير مكان جلسته في الغداء، اصبّها وارميها فلا احد يستطيع مس صحونه وغذائه، انظر اليه، هل يستطيع ايذاء احد؟

انها ام المعدوم، هكذا تتحدث وغيرها الالاف من نساء العراق، قلوب مؤثثة بالالم، والفجيعة.

كل عام، نحتفل مع المراة في يومها، وننسى طوال بقية العام ان نحميها من الانتحار، او نحميها من النحر، على عتبات استبدادنا الرجولي، ذلك الاستبدادونح،ن نقاد مع كل طاغية ومستبد الى حتوفنا.

رجال على اولئك الضعيفات، الرقيقات، الحالمات، الصابرات، واغنام في مسالخها امام من يمتلك شروط القوة والاستبداد وعصا السلطة الغليظة.. اليوم غافلتني دموعي وانا اسمع احد المراهقين يقول: هل نذهب يمّه؟ ما احلى تلك الكلمة (يمه) وأنا الذي افتقدها لان امي بعيدة عني، لا يؤنس وحشتي غير صوتها على الهاتف كل اسبوع، وكم اخرين غيري يعيشون هذه الوحشة، وهذه الوحدة؟ مؤكد الاف من العراقيين في بلدان اللجوء.

نحتفل كل عام، وتسخر منا الحقائق والارقام... يشير تقرير اليونيسيف السنوي العالمي بأن عدد الأسر التي ترأسها الأناث في العراق بلغ (11%) وهي نسبة آخذة بالازدياد بسبب العنف في العراق ففي كل يوم تترمل عشرات النساء حيث بلغ عدد اليتامى في صفوف العراقيين منذ الاحتلال الأمريكي 4 ملايين يتيماً يعيلهم 1,5 مليون امرأة.

في حين أن إحصاءات منظمة الصحة العالمية (الصادرة في ابريل /2007) تشير إلى وجود مليوني امرأة و 900 ألف طفل معاقاً وأن مكتب المنسق الأنساني للأمم المتحدة يقول في تقريره في (ابريل/2007) أن 400 طفل يصبحون أيتاماً بسبب العنف كل يوم في بغداد وحدها.

*انخراط المرأة في عالم البطالة حيث تشكل نسبة (90%) من نسبة البطالة الكلية التي قدرت بـ (75%).

* قدر المسح الذي أجراه برنامج الغذاء العالمي عام 2006 أن نسبة النساء العاملات حاليا من اللواتي تتراوح أعمارهن بين (16-60) سنه تبلغ (14%) فقط مقابل (86%)من الرجال.

كما أن مغادرة المنزل بحثا عن العمل يعرض المرأة وأطفالها إلى خطر محقق وبدافع اليأس اتجه الكثير من النساء إلى المؤسسات الخيرية بحثا عن الرعاية لهن ولأطفالهن وانتشرت ظاهرة التسول بين النساء والأطفال. وهذا ما أكدته احصائيه وزارة التخطيط والتعاون الأنمائي الصادرة في (مايو/2007) حيث تشير إلى أن هناك 9 ملايين عراقياً يعيشون تحت خط الفقر.

* تشير منظمة اليونيسيف في تقريرها السنوي لعام 2006 إلى أن الكثير من الفتيات اليوم يواجهن مصاعب جمة للوصول إلى المدرسة في مناخ يسوده العنف والاضطهاد , وتتزايد التهديدات الموجهة لطالبات المدارس كما ارتفع عدد العائلات التي باتت تؤثر سلامة بناتهم في التعليم وأشار المسح الوطني الذي أجري بين عامي (2003-2004) إلى أن (600) ألف طفل في العراق لا يذهبون إلى المدارس وأن (74%) من هذا العدد فتيات ويؤكد تقرير اليونيسيف الصادر (14/ ابريل /2007) أن (30%) فقط من تلاميذ العراق يذهبون إلى المدارس. وأن (40%) من النساء انقطعن عن اكمال مرحلة التعليم الثانوي أو الجامعي بسبب عدم الامكانية أو الوضع الأمني وافتقاد الرغبة في الاستمرار.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/آذار/2012 - 16/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م