
شبكة النبأ: لاتزال الاوضاع في سوريا
محط اهتمام وترقب بعد ان نجحت بعض الدول العربية في تدويل هذه القضية
بدوافع طائفية يضاف الى ذلك استخدام وسائل التضليل والفبركة الاعلامية
المأجورة لتحشيد الرأي العام العالمي، ويرى بعض المراقبين ان كل تلك
التخطيطات التأمريه هي بمباركة إسرائيل التي تتمنى زوال النظام السوري
والذي يعتبر حاجز عثرة في طريق مخططاتها التوسعية في المنطقة باعتباره
احد اهم الاعداء لها، ويؤكدون ايضا ان تلك الدول العربية ستمضي قدوما
في تأجيج الصراع الداخلي ودعم فصائل تنظيم القاعدة وغيرهم من المعارضين
بشتى الوسائل والطرق لعرض ضمان وصول حلفائهم الى دكة الحكم غير ابهين
بدماء ابناء الشعب السوري وفي هذا الشأن فقد صرح نائب وزير الخارجية
السوري فيصل المقداد ان الاحداث التي تمر بها سوريا تهدف الى وصول
"المتشددين الاسلاميين" الى الحكم لبسط سيطرتهم على جنوب وجنوب شرق
اسيا، مطالبا تركيا بتغيير موقفها الذي يصب في خانة "مساعدة
الارهابيين". وقال المقداد امام وفد اعلامي ايراني في تصريح نشرته
جريدة الوطن المقربة من السلطة ان الاحداث التي تشهدها بلاده هي بقصد
"وصول الإسلاميين المتشددين في الحكم". وتابع "انهم يدركون تماما انهم
اذا نجحوا في سوريا فبإمكانهم ان يسيطروا على جنوب وجنوب شرق آسيا"،
مضيفا "اذا لم يستطع المتشددون الإسلاميون الوصول الى الحكم في سوريا
فلن يوفقوا في بقية الدول".
واتهم المقداد "اطرافا مختلفة مثل القاعدة والاخوان المسلمين
ومجرمين" بارتكاب "عمليات خطيرة يحملون الحكومة السورية مسؤوليتها".
ووصف المقداد مواقف تركيا من سوريا منذ بدء الأحداث بأنها "عدائية"،
مطالبا اياها "بتغيير موقفها". وقال "ان تركيا تحتضن الآن قيادات من
يسمون انفسهم بـ الجيش الحر و المجلس الوطني الذي يدعم هذا الجيش
بالمال والسلاح. وبما ان هذه الاعمال تم الاعلان عنها رسميا، فان هذه
الأمور يجب ان تكون بمثابة تحذير لتركيا". وتابع "هذه الاعمال من قبل
تركيا هي بمثابة مساعدة للارهابيين، وخطر على تركيا وسورية، ويجب أن
تتوقف". واشار المقداد الى ان "بعض دول المغرب العربي حاليا تسيطر
عليها أحزاب دينية وفوز هذه الاحزاب السلفية تم بدعم مالي من دول عربية
مثل السعودية وقطر"، لافتا الى انه "لا يمكن لمثل هذه الأحزاب أن تحكم
في سوريا".
كما اعتبر ان احد مشاكل الحكومة السورية هو في "عدم وجود معارضة
حقيقية"، مشيرا الى وجود "اشخاص معارضين لكنهم لا يتمتعون بقاعدة شعبية".
من جهة ثانية، طالب المقداد "دول الجوار بمنع دخول الأسلحة الى البلاد"،
وطالب لبنان ب"ملاحقة الأشخاص الذين هربوا الصحافيين الأجانب من سورية
بطريقة غير مشروعة". بحسب فرنس برس.
واحتجزت مجموعة من الصحافيين الاجانب كانت دخلت الى سوريا بطريقة
غير شرعية في حي بابا عمرو في حمص لايام عديدة الشهر الماضي. وقتل
اثنان منهما، ماري كولفن وريمي اوشليك، في قصف من قوات النظام على الحي
في 22 شباط/فبراير، بينما اصيب اثنان آخران، اديت بوفييه وبول كونروي،
بجروح. وتمكن هذان الاخيران، مع زميليهما، وليام دانيالز وخافيير
اسبينوسا، من الخروج من حمص الى لبنان على دفعات، بمساعدة ناشطين
وعناصر من "الجيش السوري الحر". ودخلت قوات النظام حي بابا عمرو بعد
انسحاب منه الجيش الحر.
وتحاول ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما مع حلفائها العرب
والاوروبيين الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد لكن مسؤولين أمريكيين
يقرون بأنهم لا يرون مرشحا صالحا يحل محله سواء من داخل الحكومة أو من
المعارضة المتشرذمة. ويرى المسؤولون والخبراء بالشأن السوري أن هذا
يرجع بدرجة كبيرة الى اصرار الاسد على تحصين حكمه من الانقلابات لضمان
عدم ظهور أي منافس من الداخل. وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه "المؤسسة
الحاكمة هناك مترسخة للغاية وهي منكبة على الاهتمام بمصالحها.. فحتى
اذا أطاحوا بالاسد وهذا محض تكهن فليس من الواضح ما اذا كان خليفته
سيعجبنا أكثر منه... ليس هناك خليفة محتمل." وأضاف المسؤول أنه بين
قوات المعارضة "ليست هناك شخصية معارضة يمكن أن تخرج وتصبح وجها
للمقاومة السورية."
وحاولت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الاستفادة من
الانقسامات داخل النخبة السورية خاصة القوات الامنية. وقالت كلينتون "رفضهم
مواصلة القتل سيجعلهم أبطالا ليس فقط في عيون السوريين بل في عيون
أصحاب الضمير في كل مكان. يمكنهم المساعدة في اسكات صوت السلاح." لكن
في الاحاديث الخاصة يقول مسؤولون أمريكيون ان الاسد وأفراد عائلته
المقربين والدائرة المقربة سيحاولون جميعا التمسك بالسلطة لأطول وقت
ممكن. وينتمي الاسد والكثير من أصحاب السلطة في دمشق للطائفة العلوية
الشيعية التي تمثل 12 في المئة من سكان سوريا. ويرتبط مصير الطائفة
هناك بمصير الاسد.
شقاق داخل صفوف المعارضة
في سياق متصل شكل اعضاء بارزون في المجلس الوطني السوري منظمة منشقة
ليكشفوا بذلك اخطر شقاق في صفوف المعارضين للرئيس السوري بشار الاسد
واعلن 20 شخصا على الاقل من الاعضاء العلمانيين والاسلاميين في المجلس
المؤلف من 270 عضوا والذي انشيء في اسطنبول العام الماضي تشكيل مجموعة
العمل الوطني السوري. ويرأس المجموعة الجديدة هيثم المالح وهو محام
وقاض سابق قاوم حكم عائلة الاسد منذ بدايته في عام 1970 . وانضم اليه
كمال اللبواني وهو زعيم للمعارضة سجن ست سنوات وافرج عنه في ديسمبر
كانون الاول ومحامية حقوق الانسان كاترين التللي والمعارض فواز تللو
الذي له صلة بالجيش السوري الحر ووليد البني الذي كان من بين اكثر
الشخصيات جرأة في المجلس المسؤول عن السياسة الخارجية.
وقال بيان للمجموعة "لقد مضت أشهر طويلة وصعبة على سوريا منذ تشكيل
المجلس الوطني السوري .. دون نتائج مرضية ودون تمكنه من تفعيل مكاتبه
التنفيذية أو تبني مطالب الثوار في الداخل ."وقد بات واضحا لنا أن
طريقة العمل السابقة غير مجدية لذلك قررنا أن نشكل مجموعة عمل وطني
تهدف لتعزيز الجهد الوطني المتكامل الهادف لا سقاط النظام بكل الوسائل
النضالية المتاحة بما في ها دعم الجيش الحر الذي يقع عليه العبء الاكبر
في هذه المرحلة."
وصدر هذا البيان في تونس حيث كان اعضاء المجلس الوطني السوري يحضرون
مؤتمر "اصدقاء سوريا" الذي شاركت فيه 50 دولة. بحسب رويترز.
ويتعرض المجلس الوطني السوري لضغوط متزايدة من داخل سوريا بسبب عدم
دعمه صراحة المقاومة المسلحة ضد الاسد والتي يقودها الجيش السوري الحر.
ويرأس المجلس برهان غليوني وهو استاذ علماني يدافع عن الديمقراطية في
سوريا منذ السبعينات. وتجدد فترة رئاسته للمجلس بشكل شهري مع حصوله على
دعم اساسي من اعضاء جماعة الاخوان المسلمين بالمجلس. وانضم العديد من "الاسلاميين
الجدد" والذين يعتبرون اكثر تحررا الى حد ما من الاخوان المسلمين الى
مجموعة العمل الوطني السوري ومن بينهم عماد الدين الرشيد وهو واعظ سجن
في بداية الانتفاضة.
شيعة لبنان يشككون
من جانب اخر يغلي الغضب الشعبي في جنوب لبنان الذي تسكنه أغلبية
شيعية بسبب الضغوط الغربية والعربية للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد
الذي يعتبره الغالبية هناك حصنا في مواجهة اسرائيل. ويرى الكثيرون
ازدواجية في المعايير في دعوات حكام السعودية وقطر للاطاحة بالاسد بسبب
حملته على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية ويشتبهون أيضا في أن دوافع
الغرب لازاحته عن السلطة ليست الا تعزيز اسرائيل حليفة الولايات
المتحدة. وقال ابو مصطفى (49 عاما) ويعمل بناء بينما كان واقفا في سوق
مدينة صيدا الجنوبية "لماذا لا يسمح بهذه المظاهرات في السعودية في حين
يجب تأييدها في سوريا.. اين ديمقراطيتهم.." ولا تتسامح السعودية مع اي
معارضة في الداخل وارسلت مع قطر ودول خليجية اخرى قوات لسحق الاحتجاجات
المطالبة بالديمقراطية في البحرين العام الماضي. واقترحت الدولتان
تسليح المعارضة السورية مما اثار شبح نشوب حرب أهلية يخوضها وكلاء بناء
على مصالح طائفية يمكن ان تجر حزب الله اللبناني وايران. ويحصل حزب
الله على السلاح وغيره من الدعم من ايران عبر سوريا التي يهيمن عليها
الشيعة العلويون.
وقال صاحب متجر للالكترونيات في صور يدعى محمد فيتوري (45 عاما) "انها
مؤامرة أوروبية تبدأ من اسرائيل بهدف القضاء على الانتفاضة" في اشارة
الى صراع حزب الله مع اسرائيل. وأضاف متحدثا في سوق مزدحمة قريبة من
الساحل ويمكن منها مشاهدة اسرائيل "المسؤولون عن أعمال القتل في سوريا
هم من يأخذون أموالا من أوروبا .. المرتزقة الذين أرسلوا لاسقاط النظام."
ويصف البعض اللقطات التي تصور الجيش السوري وهو يطلق النار على
المحتجين وصور القتلى المدنيين على أنها خدع اعلامية في حين يشعر من
يصدقون تلك الانباء بالقلق من استغلال جهات خارجية للاضطرابات السورية
ويريدون حلا داخليا.
وقال زين فاقهي (53 عاما) وهو صاحب محل للحلي في صور "الصور مزيفة
ومبالغ فيها. الحل الوحيد هو توقف العرب عن التدخل. هذه مؤامرة قطرية
تدعمها اسرائيل." وقال عدنان بتروني (35 عاما) وهو عامل صحي في صيدا
انه يدين أعمال القتل في سوريا لكنه لا يريد أن يحدث نفس التدخل الغربي
الذي ساعد في الاطاحة بمعمر القذافي. واضاف "ارفض ما يحدث للشعب. انها
همجية. ينبغي أن يتحاور الطرفان.. ينبغي أن يكون هناك حل سياسي. أمريكا
واوروبا لهما أجندتهما الخاصة."
الدروز متحفظون
من جهة اخرى يبدو ابناء الطائفة الدرزية في سوريا كانهم يتحفظون
حيال الحراك الشعبي المناهض للرئيس السوري بشار الاسد، وذلك خشية وقوع
حرب اهلية وتصم هذه الطائفة التي يبلغ تعدادها نحو 700 الف نسمة والتي
تقيم بشكل اساسي في السويداء، المنطقة الجبلية (100 كلم جنوب دمشق)،
وفي جبل حرمون، وفي الضاحية الجنوبية لدمشق (جرمانا وصحنايا)، آذانها
حتى الآن عن دعوات الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط للمشاركة في
حركة الاحتجاجات، رغم وجود بعض المبادرات من هنا وهناك.
وقال شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا حمود الحناوي "نحن مع
الوحدة الوطنية ومع السلم الأهلي ومع تجاوز المحنة وضد الاقتتال لأن
الخاسر الأول والاخير هو الشعب السوري".
واضاف "نحن لا نحبذ اسلوب الاقتتال في حل الامور الوطنية. لذلك،
نطالب بالحوار والاصلاح من دون اللجوء الى البندقية وننادي بالاحتكام
الى العقل والحكمة والوعي في معالجة الامور بين النظام والمعارضة".
واكد شيخ العقل انه حاول "رأب الصدع" بين افراد الشعب السوري في
الاحداث الجارية ودعا السوريين الى "العمل على تضميد الجراح والمصالحة
الوطنية على اسس ثابتة ترضي الجميع، بتحقيق الديموقراطية الحقيقية
والعدالة الاجتماعية وحرية المواطن وكرامته".
ويمثل الدروز في سوريا 3% من الشعب السوري اي نحو 700 الف نسمة وهي
اعلى نسبة في المنطقة، وثمة 250 الف درزي في لبنان ونحو 125 الفا في
اسرائيل. بحسب فرانس برس.
ويعود وجود الدروز في السويداء الى العام 1711، عندما قدمت مجموعة
من هذه الاقلية من جبال لبنان واستقر عدد كبير منهم كمزارعين في هذا
السفح البركاني. وارتفع عددهم مع وصول اعداد ضخمة من الدروز من جبل
لبنان خلال الحرب بين الدروز والموارنة في 1860، وباتت المنطقة تعرف
باسم "جبل الدروز". وصمد الدروز الذين انتصروا على القوات المصرية
بقيادة محمد علي باشا بين 1830 و1840 كذلك في وجه القوات العثمانية
التي لم تتمكن من اخضاعهم. واعلنوا الثورة في عام 1925 ضد الانتداب
الفرنسي، ما مهد الطريق، بعد بضع سنوات، لتوحيد "دولة" جبل الدروز مع
دمشق وحلب و"دولة" العلويين في دولة واحدة هي سوريا. |