بغداد على كف عفريت

وسام سامي

تعمدت صباحاتنا هذه الأيام بأكثر حالات الإحباط والتوتر النفسي وبغداد تموج بأشد أنواع الزحام الذي تطير منه عقول العراقيين ويصيبهم بأشد الإحباط ويضيف لهم هماً يومياً جديداً، بعد أن أضحى الموظف يقضي أكثر من ثلاثة ساعات في الوصول الى محل عمله ومثلها وأكثر في العودة الى منزله فست ساعات تذهب، على أقل تقدير، من جدول حياتنا اليومي سدى بلا فائدة تذكر ميتة على أرصفة الطرقات معلقة في أعمدة الإشارات المرورية العاطلة..

أي وقت هذا الذي تقتله العشوائية في التنظيم والغباء المطلق في التعامل مع الخطط المرورية في تلك المدينة والتي لم يعد تنفع معها أية وسيلة نقل مهما كان نوعها إلا المشي والهرولة لغرض اللحاق بركب حياتنا اليومية المملة بحثاً في زوايا المدينة وعن اسباب رزقنا المقطوعة إلا من رحمة الله التي تدفع عنا القضاء موتاً وتقطيعاً، أما أشد المتضررين من تلك الحالة المزرية هم أصحاب التكسيات ووسائل النقل الجماعية والتي تعطلت ارزاقهم وأصبحوا يندبوا حظهم العاثر امتهانهم تلك المهنة التي قطعت الزحامات المرورية الرهيبة بها أرزاقهم وعوائلهم.

الغريب في الأمر بأن تلك الحالة تعتبر هذه الأيام سابقة في تأريخ العراق حين ترى آلاف السيارات متجمعة للدخول بنقطة أشبه بعنق الزجاجة فيتقاتل العراقيون ويتسابقوا بشكل بشع وبعصبية للدخول اليها حرصاً على إستغلال الوقت لا سيما وإن تلك الحالة لم ولن تساهم في التقليل من العمليات الإرهابية..

فبعد ساعات من عرض إحدى القنوات الفضائية برنامجاً عن السيطرات الأمنية عند مداخل مدينة الكاظمية حدثت مجموعة من الانفجارات عن طريق العبوات اللاصقة في المدينة وبعد حدوثها ترتفع وتيرة التشدد الأمني الى أقصاها لتنخفض بعض إيام وتعود الأمور الى طبيعتها وكأن شيئاً لم وبالضبط حال إنتهاء العزاء على أرواح شهداء العمليات الإرهابية من الأبرياء!

ما يجري هذه الأيام لايمثل إلا رد فعل سلبي وغير مبرر كناتج أخر مؤثر تأثيراً كبيراً إضافة الى تأثير العمليات الإرهابية وما تثيره من توترات قاسية فبعد التفجير يبدأ الاقتصاص من أبناء الشعب عن طريق تلك الطريقة البشعة في غلق الطرق وإقامة السيطرات لزيادة شدة توتر المواطنين.

أما القمة العربية المزمع إقامتها في بغداد نهاية الشهر الجاري فلا أهلاً ولا سهلاً بها لكوننا على يقين تام بأنها سوف لن تضيف لنا شيئاً ولنستقرأ جميعاً مبررات إقامة مؤتمر القمة العربية في بغداد وما ستضيفه تلك القمة لأبناء الشعب العراقي بكافة شرائحه؟.. ماذا ستضيف للطالب والموظف وصاحب سيارة الأجرة وللعتّالة والنباّشة وأصحاب الدخل المحدود؟

 ماذا ستضيف لأصحاب بيوت الصفيح وسكان المقابر؟ وماذا ستضيف للأرامل والأيتام والمعوزين والمتجاوزين في بيوت الشعر والخرائب والعوائل التي انهكها العمل في معامل الطابوق والفحم بل ولكل الفقراء؟ ماذا ستضيف لمرضى السرطان في البلاد ؟

 انها ليست سوى النقمة العربية على الشعب العراقي ولاتمثل إلا واجهة إعلامية ما يجري في العراق من ظلم واستهتار بحقوق المواطنين اليومية البسيطة.. وإذا كانت الحكومة ستستمر بتلك الإجراءات العقيمة فالأفضل أن تعلن الفترة القادمة ولحين انتهاءها عطلة رسمية لتفرغ الشوارع من الناس وتترك لرجالها يخوضون بها بموكبهم كيفما يشاؤون وأنى يشاؤون.. اننا اليوم جميعا على كف عفريت وليست بغداد وحدها.

Sami.wisam133@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/آذار/2012 - 14/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م