شبكة النبأ: وافق نظام بيونغ يانغ على
تقديم بضع تنازلات لواشنطن رغبة منه في الحصول على المساعدة الغذائية
لسد النقص الغذائي الذي تعاني منه كوريا الشمالية، ويرى بعض المراقبين
ان النظام الجديد لن يتخلى عن ورقته التفاوضية وهي السلاح النووي. فبعد
وفاة الزعيم كيم جونغ ايل الذي خلفه نجله الاصغر كيم جونغ اون، اعلنت
بيونغ يانغ تعليق انشطتها النووية تجارب وتخصيب اليورانيوم مقابل
الحصول على 240 الف طن من المساعدة الغذائية. وقد وافقت كوريا الشمالية
ايضا على عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من تجميد
البرنامج النووي. ولفت بيتر بيك الاخصائي في الشؤون الكورية في "اجيا
فاونديشن" الى ان البراغماتية هي التي غلبت. وقال "ان افضل ما يمكن
الحصول عليه في الوقت الحاضر هو تجميد البرنامج النووي".
وراى البرفسور يانغ مو جين من جامعة الدراسات حول كوريا الشمالية
"انه اتفاق مربح للجانبين"، مضيفا "بالنسبة للولايات المتحدة يتعلق
الامر بطرح الاسس لوضع مسالة كوريا الشمالية تحت المراقبة لبعض الوقت.
وبالنسبة لجونغ اون يتعلق الامر بالحصول على مكسب مادي بشكل مساعدة
غذائية".ىوفي 15 نيسان/ابريل ستحتفل كوريا الشمالية بالذكرى المئوية
لمولد كيم ايل سونغ جد الزعيم الحالي اي والد الزعيم الراحل ومؤسس
كوريا الشمالية. وقد تعود النظام على توزيع حصص غذائية اضافية اثناء
الاحتفالات بمولد زعمائهم، ولهذه الذكرى المئوية وعد ب"امة عظيمة قوية
ومزدهرة". لكن النقص الغذائي يبقى مزمنا في هذا البلد وتؤكد الامم
المتحدة ان ربع السكان بحاجة عاجلة للمساعدة الغذائية. واكدت بيونغ
يانغ ان الطرفين اعترفا باتفاق 2005 بين الدول الست كاساس لاستئناف
المحادثات. وينص ذلك الاتفاق على التخلي عن البرنامج النووي الكوري
الشمالي مقابل الحصول على مساعدة اقتصادية خاصة في مجال الطاقة. بحسب
فرانس برس.
لكن كثيرين من المحللين يشككون بان يوافق النظام الكوري الشمالي
يوما على التخلي عن برنامجه النووي الذي يستخدمه كورقة مقايضة منذ
سنوات في مفاوضاتها مع واشنطن. وراى ريتشارد بوش الباحث في مؤسسة
بروكينغ بالولايات المتحدة "ان ذلك قد يكون خدعة للحصول على مساعدة
غذائية والتدخل بشكل غير مباشر في الشؤون الكورية الجنوبية".
وكانت كوريا الشمالية وافقت في 2007 على البدء بتفكيك برنامجها
النووي مقابل مليون طن من الوقود وشطبها عن اللائحة الاميركية للدول
المساندة للارهاب، قبل ان تعود الى موقف اكثر عدائية بعد سنة من ذلك.
في نيسان/ابريل 2009 انسحبت بيونغ يانغ رسميا من المفاوضات السداسية
حول برنامجها النووي، ثم اجرت بعد شهر من ذلك تجربة نووية ثانية. وقال
بيتر بيك "ان هذا الاتفاق يشكل في الوقت الحاضر تطورا مرحبا به. التحدث
هو افضل من عدم التحدث وتجميد البرنامج افضل من توسعه بدون توقف".
الصين تدعم
من جهتها اشادت الصين بالاتفاق الذي اعلنت عنه كوريا الشمالية حول
تعليق نشاطاتها النووية مقابل الحصول على مساعدة غذائية اميركية،
معتبرة انه يمكن ان يحد من التوتر مع بيونغ يانغ في ظل الزعيم الجديد.
ورحبت كوريا الجنوبية واليابان ايضا بالتزام كوريا الشمالية تعليق
برنامجها لتخصيب اليورانيوم وتجاربها على الصواريخ البعيدة المدى
والسماح لمراقبي الامم المتحدة بالاشراف على تنفيذ الاتفاق.
وياتي اعلان كوريا الشمالية بعد وفاة الزعيم كيم جونغ ايل في كانون
الاول/ديسمبر وانتقال الحكم الى نجله الاصغر جونغ اون وقبل احتفالات
ضخمة مقررة في كوريا الشمالية الشهر المقبل في الذكرى المئوية لولادة
مؤسس الامة كيم ايل سونغ. وجاء الاتفاق بعد محادثات جرت بين الجانبين
في بكين ، لتكون الاولى منذ تولي جونغ اون الذي يفتقر الى الخبرة،
زعامة البلاد.
ورحبت الصين الحليفة الوحيدة لكوريا الشمالية بتحسن العلاقات بين
كوريا الشمالية والولايات المتحدة.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي ان "الصين مستعدة
للعمل مع الاطراف المعنيين من اجل دفع المحادثات السداسية قدما، وللعب
دور بناء من اجل ارساء سلام طويل الامد واحلال الاستقرار في شبه
الجزيرة الكورية وشمال شرق اسيا". وتوقفت المحادثات السداسية حول نزع
السلاح الكوري الشمالي النووي منذ ثلاث سنوات تقريبا الا ان الدول
المشاركة فيها تقوم بمشاورات منذ اشهر لإعادة اطلاقها. وزادت هذه الدول
جهودها الدبلوماسية بعد الكشف عن برنامج التخصيب النووي الكوري الشمالي
في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 يمكن ان يتيح لها صنع قنبلة ذرية.
كما رحبت كوريا الجنوبية التي لا تزال علاقاتها باردة مع الشمال
بالاتفاق الذي اعلنت عنه كوريا الشمالية والولايات المتحدة في الوقت
نفسه. وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية ان "الاعلان
الاميركي الكوري الشمالي يعكس الجهود المكثفة التي بذلتها سيول وواشنطن
من اجل حلحلة الازمة النووية". واعتبر وزير الخارجية الياباني كويشيرو
غيمبا ان الاتفاق "خطوة مهمة"، لكنه دعا الى عمل ملموس مشيرا الى ان
بلاده لا تزال تطالب ب"نزع السلاح النووي الكامل وبشكل يمكن التحقق منه
في شبه الجزيرة الكورية". بحسب فرانس برس.
ونزع السلاح النووي بشكل كامل هو ايضا هدف المحادثات السداسية التي
بدات في العام 2003 وتشارك فيها الكوريتان واليابان والصين وروسيا
والولايات المتحدة. ويرى محللون ان الاتفاق يمكن ان يعيد اطلاق
المفاوضات الا ان كثيرين لا يزالون يشككون في ان كوريا الشمالية لن
تتخلى ابدا عن برنامجها النووي. وصرح بيتر بيك ممثل كوريا في مؤسسة "ايجا
فاونديشن" "افضل ما يمكن القيام به في هذه المرحلة هو تعليق البرنامج
النووي". وتابع "الاتفاق امر جيد والتفاوض افضل من عدمه وتعليق
البرنامج النووي افضل من ان يستمر دون مراقبة". واضاف بيك ان كيم جونغ
اون الزعيم الكوري الشمالي الجديد قرر ان "اطعام شعبه اهم من توسيع
منشآته النووية".
وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم 240 الف طن من الاغذية مخصصة
للاطفال والنساء الحوامل من الصعب ان يستحوذ عليها الجيش الكوري
الشمالي. وعانت كوريا الشمالية من نقص متكرر ومتواصل في الاغذية منذ
تسعينات القرن الماضي الا انها واصلت انفاق مبالغ كبيرة على برنامجها
النووي الذي يعتقد انه انتج ما يكفي من البلوتونيوم لتصنيع ستة او
ثمانية اسلحة.
وتقول كوريا الشمالية انها بحاجة لبرنامجها النووي لردع عدائية
الولايات المتحدة. وقالت نولاند في بيانها ان الولايات المتحدة "تؤكد
مجددا انه ليست لديها اية نوايا عدوانية تجاه كوريا الشمالية وانها
مستعدة لاتخاذ خطوات لتحسين العلاقات الثنائية بروح من الاحترام
المشترك والسيادة والمساواة". واعلنت بيونغ يانغ انها ستسمح للوكالة
الدولية للطاقة الذرية بمراقبة تعليق عمليات تخصيب اليورانيوم. واعتبر
مدير الوكالة يوكيا امانو ان الاتفاق "خطوة مهمة نحو الامام" وان
مفتشيه مستعدون للعدوة الى كوريا الشمالية.
الا ان مسؤولي الادارة الاميركية الذين يواجهون ضغوطا كبيرا من
منافسيهم الجمهوريين قبل الانتخابات الرئاسية ابدوا حذرا ازاء الاعلان.
وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان الاعلان "يمثل خطوة
اولى متواضعة على الطريق الصحيح"، مؤكدة ان الولايات المتحدة "ستراقب
الامر عن كثب، وستحكم على قادة كوريا الشمالية الجدد من خلال افعالهم".
الا ان جون كيل ثاني ابرز الجمهوريين في مجلس الشيوخ الاميركي اعرب عن
"خيبة امله" واتهم الادارة بالتراجع عن وعودها المتكررة بعدم ربط
المساعدات الانسانية بالملف النووي الكوري الشمالي.
حرب مقدسة
من جانب اخر هددت كوريا الشمالية بشن "حرب مقدسة" ضد كوريا الجنوبية
في تجمع حاشد بالعاصمة بيونجيانج من توصل الدولة المنعزلة لاتفاق مع
الولايات المتحدة على تعليق تجاربها النووية والسماح بعودة المفتشين
النوويين. وتجمع عشرات الالاف من الكوريين الشماليين في بيونجيانج
ورددوا الشعارات وتعهدوا بالقضاء على "الخونة" التابعين للرئيس الكوري
الجنوبي لي ميونج باك الذين يتهمونهم بتشويه سمعة زعيمهم الجديد كيم
جونج اون والقيام بمناورات حربية تحريضية مع الولايات المتحدة. وهتف
نحو 15 الف محتج بينهم كثير من الجنود والطلاب قائلين "دمروا لي ميونج
باك" و"لندافع عن الزعيم الاعلى كيم جونج اون". والتجمع الذي نقله
التلفزيون الحكومي على الهواء مباشرة هو أضخم حدث فيما يبدو منذ تولي
كيم الاصغر السلطة بعد وفاة والده كيم جونج ايل في ديسمبر كانون الاول.
وقرأ ري يونج هو وهو جنرال عسكري يعتقد انه من اقرب المقربين للزعيم
الجديد في الجيش بيانا اصدره الجيش امس الجمعة هدد فيه مرة اخرى بشن "حرب
مقدسة" ضد الجنوب. وقال ري "القائد الاعلى لجيش الشعب الكوري يعلن
رسميا مرة اخرى انه سيشن بشكل عشوائي حربا مقدسة على طريقته للقضاء على
مجموعة الخونة". وانتهى التجمع بسلسلة من المسيرات العسكرية شاركت فيها
مجموعات بالالاف مع محتجين يلوحون بلافتات واعلام كبيرة على وقع هتافات
الحشود. ولا تزال الكوريتان في حرب من الناحية النظرية بعدما انتهى
صراعهما بين عامي 1950 و 1953 بهدنة وليس اتفاقية سلام. بحسب رويترز.
وصعدت وسائل الاعلام الحكومية في بيونجيانج من لهجتها ضد الرئيس
الكوري الجنوبي وقادة جيشه واتهمتهم بالسماح لوحدة من الجيش بتعليق صور
لكيم الراحل والحالي ومكتوب تحتها "كلمات تشهيرية لا توصف". كما اتهم
الشمال لي "بالقيام بعمل شائن يستهدف تصعيد المواجهة" خلال جنازة كيم
جونج ايل. وتقول وسائل الاعلام الكورية الجنوبية ان جنودا في قاعدة
عسكرية في مدينة اينشيون بغرب البلاد لصقوا صورا لكيم جونج اون ووالده
الراحل داخل مبنى وعليها عبارة "لنقتل كيم جونج اون". وتحذر كوريا
الشمالية سول وواشنطن بانتظام من انها سترد على التدريبات العسكرية
المشتركة والتي تراها استفزازا لا يغتفر. ويجري البلدان تدريبات حاليا.
وأعلنت واشنطن وبيونجيانج ان كوريا الشمالية وافقت على تعليق
التجارب النووية وتخصيب اليورانيوم واطلاق الصورايخ بعيدة المدى وعلى
السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتحقق من تخليها عن
خططها النووية مقابل تلقي معونات غذائية. واشيد بالاتفاق بوصفه سبيلا
لاستئناف المحادثات السداسية التي تضم الى جانب الكوريتين الولايات
المتحدة واليابان والصين وروسيا والتي تهدف الى منع الشمال من تطوير
اسلحة نووية.
إلغاء ورقة مائة دولار
من جانب اخر دعا تقرير صحفي الولايات المتحدة إلى استخدام أساليب
جديدة للضغط على كوريا الشمالية، وذلك من خلال اتخاذ تدابير جديدة منها
إلغاء بعض الأوراق النقدية المستخدمة حالياً من فئتي خمسين ومائة
دولار، متهماً بيونغ يانغ بتزوير العملات الأمريكية على نطاق واسع
لتمويل احتياجاتها. وقال التقرير الذي أعده ديفيد ويلمان في مجلة
"تايم" إن الوفد الأمريكي الذي يزور كوريا الشمالية حالياً لبحث فرص
التفاوض مع قيادتها الجديدة قد يحصل على فرص أفضل للضغط على الدولة
الشيوعية من خلال ملف العملات المزورة. وأضاف أن كوريا الشمالية تنتج
ما يعرف بـ"الدولار الخارق،" وهو عبارة عن عملة أمريكية مزيفة ولكنها
تتمتع تقريباً بنفس خصائص الدولار الأصلي لناحية الأحبار المستخدمة
والأوراق وطريقة الطباعة. وبحسب التقرير فإن جهات محدودة للغاية حول
العالم قادرة على كشف هذا النوع من الأوراق المزورة، بينها المختبرات
الفائقة التطور لدى المصرف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في حين
ستعتقد المصارف العادية وشركات الصرافة أن الأوراق حقيقية. وأشار
التقرير إلى أن هذه النقود تطبع في كوريا الشمالية من خلال آلات حصلت
بيونغ يانغ عليها عبر تهريبها من ألمانيا الشرقية سابقاً، خلال فترة
انهيار الحكم الشيوعي فيها، وكانت تلك الآلات تستخدم من قبل الأجهزة
الأمنية في أوروبا الشرقية لتزوير جوازات السفر والعملات الغربية
والوثائق الرسمية.
كما تحصل كوريا الشمالية من الأسواق الدولية على الأوراق الخاصة
بطباعة الدولار بشكل عادي، والغريب أنها تبتاع الحبر المستخدم في
الطباعة من نفس الشركة السويسرية التي تقدم الحبر للولايات المتحدة
لطباعة الدولارات الرسمية.
وأشار معد التقرير إلى أن كوريا الشمالية تقوم بهذا العمل بدافع
العداء للولايات المتحدة من جهة، ولكن أيضاً بسبب الإفلاس الاقتصادي
للبلاد وحاجة بيونغ يانغ إلى تمويل نفسها، غير أن القانون الدولي قد
ينظر إلى هذا الإجراء على أنه "إعلان حرب" على المستوى الاقتصادي،
نظراً للأضرار التي يحدثها. ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة لم
تسكت على موضوع تزوير الدولار، وقد حاولت عام 2009 الطلب من أيرلندا
تسليمها الرئيس السابق لحزب العمال، شون غارلند، الذي تتهمه بالضلوع في
هذه العملية، ولكن القضاء الأيرلندي رد طلبها. وتخشى واشنطن أن تكون
كوريا الشمالية قد باشرت بتخزين الدولارات بهدف استخدامها لشراء مواد
محظورة من الأسواق الدولية، مثل الصواريخ والتكنولوجيا العسكرية. بحسب
CNN.
وتتراوح التقديرات حول المبالغ المزورة في كوريا الشمالية سنوياً ما
بين 25 مليون دولار وصولاً إلى عدة مئات من الملايين. وفي ختام
التقرير، دعا ويلمان، المتخصص في قضايا الأموال والتزوير، الحكومة
الأمريكية إلى إلغاء أوراقها النقدية من فئتي 50 و100 دولار، قائلاً إن
المصاعب التي ستترتب على ذلك محدودة مقارنة بالخسائر الكبيرة التي
ستلحق بكوريا الشمالية وتجار المخدرات والسلاح وشبكات التزوير الكبرى
حول العالم. |