العنف في سوريا... اسقط الاحتجاجات واجهض فرص التغيير

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: فيما يشتد القتال في بعض المدن السوري تتزايد الدعوات الدولية يوما بعد آخر من أجل ايقاف العنف يرى مراقبون من الضروري أن تتسم الحركات الإحتجاجية بالطابع السلمي و ينبغي ألا تفقد القوة المعنوية للأساليب السلمية التي استخدمت في دول من قبل.

أن استخدام الأساليب السلمية يشكل قوة في الأقناع إقناع لضمير المجتمعات، لينضموا جميعا إلى الاحتجاجات. فعلى سبيل المثال وفي ليبيا تحولت الاحتجاجات إلى العنف بعد انشقاق مجموعة من العسكريين، فكانت النتيجة تدخل حلف شمال الأطلسي، واستمرار مشكلة العنف من قبل المليشيات بعد حقبة القذافي.

الوضع في سوريا بلغ مرحلة حرجة تخلت فيها الاحتجاجات عن طابعها السلمي في ظل رغبة بعض الدول تسليح المعارضة. ويرى محللون سياسيون إذا كانت أي دولة بالشرق الأوسط بحاجة إلى ثورة سلمية، فهي سوريا. فأبناء الأقليات، يخشون من أن أي عنف قد تستخدمه المعارضة لتحقيق الديمقراطية قد ينقلب عليهم، ومن ثم تجر الحرب الأهلية.

وفي ظل غياب الالتزام بالعصيان المدني فإن المحتجين قد لا يستطيعون كسب تأييد المجتمع السوري والدولي ويثني خبراء على أسلوب إحدى الحركات الاحتجاجية التي تدعى أيام الحرية والتي تستخدم أساليب تبدو غريبة مثل دعوة المحتجين إلى ارتداء قمصان بيضاء.

ومثل هذه الأساليب يُعد جزءا من تاريخ طويل من اللاعنف الذي استخدم لجلب الحرية بدءا من الهند إلى حركة الحقوق المدنية بأميركا ثم الفلبين والصرب. ويستدل محللون سياسيون بدراسة لـ323 حركة تحرر تفيد بأن أكثر من نصف الحملات السلمية حققت النجاح.

وبما أن الولايات المتحدة تعتزم خلال الأيام المقبلة، أن تتقدم بمشروع قرار في مجلس الأمن تدعو فيه إلى توفير ممر آمن لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدن السورية المحاصرة، فيتعين على المحتجين الالتزام بالعمل سلميا لكسب تأييد الصين وروسيا، لأن ذلك سيحقق مزيدا من العزلة للأسد، ويستمر النموذج  السلمي للثورات العربية مدة طويلة.

الكاتب البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فيسك يرى أن البحث والتمشيط والتطهير كلمات تعبر عن قتل جماعي معفي من المسؤولية. ويعلق على ما هدد به مسؤول سوري من أن شهر الحسم قد بدأ، قائلا إن كل شهر في سوريا كان شهر حسم، ولكن ذلك امتد إلى عام حتى الآن.

رئيس وزراء الروسي فلاديمير بوتين من جهته انطوت عبارته على تحول مفاجئ ومثير في سياسة موسكو تجاه سوريا، وأكد فيها أن بلاده لا تربطها علاقة خاصة بالرئيس بشار الأسد، وأن الأمر متروك للشعب السوري لكي يقرر من يحكمه.

وأعرب بوتين قبيل الانتخابات الرئاسية في بلاده عن قلق موسكو إزاء أوضاع حقوق الإنسان المروعة في المدن السورية مثل حمص. وقال إن على الشعب السوري أن يقرر من يدير شؤون البلاد. وعلينا أن نتأكد من أنهم أوقفوا الاقتتال فيما بينهم.

وأوضح بوتين أن موسكو رُوِّعت بالطريقة الوحشية التي قُتل بها العقيد معمر القذافي و"الفظائع" التي ارتُكبت في سرت ومدن ليبية أخرى. وأضاف قائلا إن المطلوب في سوريا هو وقف لإطلاق النار ومفاوضات بين الأطراف المعنية، داعيا الغرب إلى الكف عن إبداء العواطف في الأزمة التي تشهد ارتفاعا بأعداد الضحايا وانتهاكا واسع النطاق لحقوق الإنسان وفق الروايات. بحسب صحيفة ذي تايمز البريطانية.

وقد ظلت روسيا حتى هذه اللحظة إحدى الدول القليلة المناصرة لسوريا، حيث سبق لها أن استخدمت حق النقض فيتو الشهر الماضي ضد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدين النظام السوري الحاكم.

غير أن موسكو ألمحت إلى تشدد في سياستها تجاه سوريا عندما صوتت لصالح إصدار بيان يستهجن قرار الحكومة السورية منع منسقة الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ البارونة آموس من زيارتها.

وعندما سئل بوتين عما إذا كان احتمال عودته للرئاسة يمثل تحديا للديمقراطية الناشئة بالبلاد، أشار بوتين لمستشار ألمانيا الأسبق هيلموت كول الذي قاد بلاده طيلة 16 عاما. كما استشهد برئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير الذي قرر التنحي عن منصبه لصالح غوردون براون دون إجراء انتخابات.

وتساءل بهذا الصدد هل كان ذلك تصرفا ديمقراطيا؟ نحن لا نفعل ذلك، بل نُجري انتخابات. وأوحى بوتين بكل ما تحمل العبارات من دلالات بأنه سيظل ممسكا بمقاليد الأمور، وسيظل يحكم البلاد عبر مجموعة متماسكة من المستشارين، اختير معظمهم من صفوف الشرطة السرية، وفق صحيفة ذي تايمز اللندنية.

بيد أن دبلوماسيين غربيين ومحللين روسا حذروا من أن المشهد السياسي بروسيا قد تغير، وأن بوتين سيعود رئيسا ضعيفا بحيث لم تعد هيمنته على الأوضاع مضمونة، ومن ثم سيتعين عليه تقاسم السلطة أو أن يثير عليه حركة معارضة متعاظمة تقوض سلطته منذ اليوم الأول.

وتكهن رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان أليكسي بوشكوف بأن بوتين لن يتمكن من حكم البلاد بالطريقة التي حكمها بها من قبل مشيرا إلى أن الطبقة الوسطى التي ساهم في تشكيلها لم تعد تقبل نهجه الاستبدادي في القيادة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 7/آذار/2012 - 13/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م