شبكة النبأ: بدا الرئيس الايراني احمد
نجاد خلال الانتخابات البرلمانية الجارية كمن يسقى السم بذات الكاس
التي سقى بها خصومه في الانتخابات الرئاسية التي اعتلى بفضلها السلطة
قبل سنوات.
حيث استطاع قائد الثورة الايرانية علي خامنئي من ازاحة معظم مؤيدي
نجاد عن كراسي البرلمان بسهولة ويسر في ما اعتبره بعض المراقبين ضربة
قاضية للرئيس لن يستطيع ان يجاريها في المستقبل ونهاية محتومة لمستقبلة
السياسي في النظام القائم
واجتاح المحافظون نتائج الانتخابات محققين اعلى نسبة من الاصوات، مع
مقاطعة الحركات الاصلاحية لها، محققين اغلبية شبة مطلقة ومريحة لمفتي
الثورة الحليف السابق لنجاد وخصمه اللدود حاليا.
فقد اظهرت اولى نتائج الانتخابات التشريعية الايرانية التي توافرت
ان مجلس الشورى الجديد سيبقى خاضعا لهيمنة المحافظين الذين ينتقدون
الرئيس محمود احمدي نجاد لكنها اظهرت ايضا تجددا كبيرا في اعضائه.
وكانت "جبهة المحافظين المتحدة" التي تعبر بوضوح عن معارضتها لاحمدي
نجاد متقدمة على التحالف المحافظ الاخر "جبهة ثبات الثورة الاسلامية"
التي تدعم الرئيس بحسب وسائل الاعلام فيما كان 190 من اصل النواب ال290
في المجلس الجديد معروفين مسبقا.
ويتوقع ان يكون الاصلاحيون الذين قاطعوا انتخابات احتجاجا على القمع
الذي تعرضوا له منذ 2009، شبه غائبين عن البرلمان المقبل. والتوازن بين
مختلف فصائل المحافظين التي كانت تهيمن على مجلس الشورى المنتهية
ولايته كان من الصعب تحديده لان المعلومات التي قدمتها المجموعات
المتنافسة ووسائل الاعلام كانت متناقضة وملتبسة. والاعلانات الرسمية لا
تذكر انتماء النواب.
وكانت الانتخابات جرت لشخصيات في الدوائر الريفية الصغيرة وللوائح
في المدن الكبرى. ويعتبر تحليل النتائج امرا معقدا لان اسماء عدد من
النواب تظهر في الوقت نفسه على عدة لوائح. وبالاضافة الى ذلك فان حوالى
نصف النواب الذين عرفوا بحسب وسائل الاعلام، هم "مستقلون" ولم يحظوا
بدعم ابرز تحالفات المحافظين، ويبقى ولاءهم السياسي غير اكيد. واخيرا
فان اكثر من نصف النواب، هم من النواب الجدد.
ورغم الشكوك فان المحافظين الذين ينتقدون الرئيس احمدي نجاد يبدو
انهم حققوا فوزا كبيرا. وبعد فرز نصف بطاقات الاقتراع فان "الجبهة
المتحدة" فازت بعدد من المقاعد اعلى من منافستها الرئيسية "جبهة الثبات"
وكانت متقدمة بفارق كبير في طهران. ويمكن ان يحقق تحالف اخر محافظ
ينتقد احمدي نجاد "جبهة المقاومة" بقيادة الرئيس السابق للحرس الثوري
محسن رضائي ايضا نتيجة جيدة في المحافظات الايرانية. بحسب فرانس برس.
وازعج احمدي نجاد و"تياره المنحرف" معسكر خامنئي المحافظ بالتأكيد
على موضوعات وطنية في التاريخ والثقافة الايرانية فيما يخص النظام
الاسلامي الحاكم الذي ادخله الزعيم اية الله الخميني . وخلف خامنئي
الخميني الذي توفه في عام 1989.
وقالت بعض وسائل الاعلام الايرانية ان احمدي نجاد يأمل في ضمان ان
يخلفه في المنصب مدير مكتبه اصفنديار رحيم مشائي. ويرغب خامنئي في
تعيين احد الموالين له للحيلولة دون وقوع اي انقسامات اخرى داخل
الدائرة الحاكمة.
وشكلت جماعات المؤسسة الحاكمة ومن بينها رجال دين والحرس الثوري
الايراني وتجار كبار تحالفا لدعم الموالين لخامنئي في الانتخابات
البرلمانية.
وليس من حق الجميع الترشح للانتخابات البرلمانية. ويقوم مجلس صيانة
الدستور المتشدد والمكون من ستة من رجال الدين وستة قضاة بفرز المرشحين.
ووافق المجلس على اكثر من 3400 مرشح من اصل 5382 متقدما.
وقال بعض الساسة ان المجلس منع كثيرين من مؤيدي احمدي نجاد
المعروفين من خوض الانتخابات مما اضطره الى اختيار مرشحين شبان غير
معروفين.
وظهر الخلاف بين خامنئي واحمدي نجاد الى العلن في ابريل نيسان 2011
عندما اجبر القائد الاعلى الرئيس على اعادة تعيين وزير المخابرات الذي
كان الرئيس مصرا على عزله.
وفي الاشهر القليلة الماضية اعتقل عشرات من حلفاء احمدي نجاد او
أقيلوا من مناصبهم لارتباطهم بصلات "بتيار منحرف" يقول خصومه انه يهدف
الى تهميش رجال الدين.
وصدر حكم بسجن المستشار الاعلامي لاحمدي نجاد لمدة عام لاهانته
خامنئي. وهو الحكم الذي ايدته محكمة استئناف يوم الاربعاء.
مشاركة بلغت 64%
وقد ادلى 64% من 48 مليون ناخب ايراني باصواتهم لاختيار 290 نائبا
لمجلس الشورى الجديد، كما قال وزير الداخلية مصطفى محمد نجار، مقدما
بذلك اول "تقدير" رسمي عن تلك المشاركة. وشكر الوزير الذي كان يتحدث
على شاشة التلفزيون "للشعب الايراني" هذه المشاركة القوية التي "خيبت
مرة اخرى آمال الاعداء"، كما قال. وكانت السلطة الايرانية المحافظة
التي تبحث عن شرعية شعبية بعد الازمة الخطيرة التي تلت اعادة انتخاب
الرئيس محمود احمدي نجاد المثيرة للجدل في 2009، توقعت مشاركة كثيفة في
هذه الانتخابات على رغم مقاطعة قسم كبير من المعارضة الاصلاحية. وعادة
ما تتأرجح المشاركة في الانتخابات النيابية بين 50 و70%، وبلغت 55,4%
في انتخابات 2008، كما تفيد الارقام الرسمية.
وقال نجار ان المشاركة في طهران التي عادة ما تكون اضعف من المشاركة
في بقية انحاء البلاد، قد تناهز 48% لتسجل ارتفاعا بنسبة 15% مقارنة ب
2008. واضاف وزير الداخلية انه تم حسم نتائج 135 من 290 مقعدا في
المجلس وخصوصا في الدوائر الصغرى، فيما يتواصل فرز الاصوات في المدن
الكبرى.
من جهة اخرى، اشادت الصحافة الايرانية المحافظة بالمشاركة
"التاريخية" في الانتخابات. واكدت صحيفة ايران الحكومية ان التصويت
"الكثيف" ل "30 مليون ايراني يوجه صفعة قوية لصورة الغرب القذرة
والدنيئة"، ملمحة بذلك الى الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية التي
تمارسها البلدان الغربية واسرائيل على البرنامج النووي الايراني المثير
للخلاف. واشادت صحيفة كيهان اليومية المحافظة من جهتها ب "الحضور
التاريخي للشعب في اكثر المنعطفات خطورة في تاريخ" البلاد.
وفيما لن تعرف النتائج الكاملة لا تتيح النتائج الجزئية الاولية
التي كشفت رسم صورة عن ميزان القوى بين مختلف الفئات المحافظة، وخصوصا
بين انصار احمدي نجاد وخصومه، الواثقة من استمرار هيمنتها الكبيرة على
المجلس الجديد.
الا ان احصاء اغلب الاصوات في الانتخابات البرلمانية الايرانية تشير
الى ان الموالين للزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي فازوا
بأكثر من 75 في المئة من الاصوات الامر الذي يترك الرئيس محمود احمدي
نجاد غير قادر على ادارة الامور الى حد بعيد وسط منافسة بين الفصائل
المحافظة.
فيما يرجح البعض بان لن يكون لنتيجة الانتخابات أثر كبير على
السياسة الخارجية لايران او نزاعها النووي مع الغرب لكنها ستعزز من فرص
معسكر خامنئي قبل الانتخابات الرئاسية في 2013. وقاطع الانتخابات اغلب
الاصلاحيين الذين يوضع زعماؤهم قيد الاقامة الجبرية في منازلهم.
وفاز انصار خامنئي في مدينتي قم ومشهد الشيعيتين وتقدموا في مدن
اقليمية كبرى مثل اصفهان وتبريز حيث ساند 90 في المئة من الناخبين
احمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية التي اجريت في 2009.
وحتى في المناطق الريفية التي تمثل المراكز التقليدية لتاييد أحمدي
نجاد اكتسح الموالون لخامنئي فيما يبدو 70 في المئة من المقاعد. وابلى
المستقلون والنساء بلاء حسنا في كثير من المدن الاقليمية حيث بنوا
حملاتهم على المخاوف الانية - واغلبها اقتصادي - لجماهير الناخبين.
ويعاني الاقتصاد الايراني القائم على الطاقة بشدة من العقوبات
الغربية التي اتسع نطاقها حاليا ليشمل الصادرات النفطية المربحة والتي
فرضت على البلاد بسبب رفضها وقف انشطتها النووية الحساسة والسماح
للمفتشين النووين للامم المتحدة بزيارة مواقعها.
ويقول منتقدون انه نجاد تسبب في ارتفاع التضخم بخفضه دعم الغذاء
والوقود واستبداله بتوزيعات نقديه قدرها 38 دولارا شهريا للفرد. وقد
يسائل البرلمان احمدي نجاد اذا كانت تفسيراته غير مقنعة لكن يلزم
الحصول على الضوء الاخضر من خامنئي. ورجح محللون ان يكمل احمدي نجاد
فترة ولايته لكن كرئيس غير قادر على ممارسة جميع صلاحياته.
وفي ظل الضغط الغربي المتنامي بشأن برنامجها النووي ومخاوف من هجوم
اسرائيلي تسعى القيادة الدينية الايرانية الى اصلاح ما لحق بشرعيتها من
ضرر بسبب القمع العنيف لثمانية اشهر من احتجاجات الشوارع بعد اعادة
انتخاب احمدي نجاد عام 2009 عندما سرت الاتهامات بتزوير الانتخابات.
الى ذلك الكثير لجئ من الاصلاحيين الى شبكة الانترنت لانتقاد
الانتخابات التي وصفوها بانها غير ذات جدوى ولا تمثل الجميع. وقالت
رسالة بين اثنين من المدونيين الايرانيين "اذا تذكرت قبل عامين كنا
نتساءل.. أين صوتي.. في الشوارع" وذلك في اشارة الى الاحتجاجات التي
شهدتها البلاد طيلة ثمانية اشهر بعد الانتخابات الرئاسية عام 2009
والتي قالت المعارضة انها زورت.
"ساحتفظ بصوتي امنا في بيتي هذه المرة ولن اعطيه لهؤلاء الاشخاص."
وقال مؤيد للمعارضة على موقع فيسبوك "اخر مرة صوتنا فيها تم دهسنا
بسيارة."
ردود فعل غربية
من جهته ووجه اوباما اشد تهديد مباشر حتى الان بشن ضربة عسكرية ضد
ايران اذا ما اقدمت على صنع اسلحة نووية ولكنه حذر في رسالته لرئيس
الوزراء الاسرائيلي من اي ضربة عسكرية اسرائيلية استباقية.
وقال في مقابلة مع مجلة نشرت "كرئيس للولايات المتحدة .. أنا لا
أخادع." وقال نتنياهو ان على القوى العالمية الا تقع في فخ اذا ما سعت
للمحادثات مع ايران وقال ان طهران ستستغل المناقشات لخداع العالم
ومواصلة برنامجها النووي.
ويقول مسؤولون اسرائيليون ان نتنياهو سيضغط على اوباما - الذي يواجه
انتخابات رئاسية - كي يشدد علنا على "الخطوط الحمراء" التي يجب الا
تتخطاها ايران في الشأن النووي.
وارتفعت اسعار النفط الى اعلى مستوى لها منذ عشرة اشهر بسبب التوتر
بين الغرب وايران ثاني اكبر مصدر للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط
(اوبك). بحسب رويترز.
وقال مسؤول امريكي ان ايران تضيق الخناق على المعارضة منذ
الانتخابات الرئاسية التي شابتها اعمال عنف قبل ثلاث سنوات تقريبا.
واضاف ماريو اوتيرو نائب وزيرة الخارجية الامريكية في كلمته امام مجلس
حقوق الانسان التابع للامم المتحدة خلال اجتماعه بجنيف "منذ ذلك الحين
زاد قمع النظام واضطهاد كل من أيدوا حقوق الانسان." وقال وزير الخارجية
البريطاني وليام هيج ان الانتخابات البرلمانية التي جرت في ايران لم
تكن حرة ولا نزيهة ولم تعكس ارادة الشعب. |