امريكا وايران... خلافات تلهب ضفاف الخليج

 

شبكة النبأ: تزداد المخاوف من احتمال نشوب حرب جديدة في منطقة الخليج العربي بسبب تصاعد حدة التوتر والخلاف بين امريكا وحلفائها الغرب وايران والتي تولدت على خلفية برنامج ايران النووي ويرى بعض المراقبين ان اي اجراء عسكري استباقي لشل وارباك العدو تقوم به اسرائيلي او امريكي او ايراني على حد سواء ، ربما سيقود الى حدوث كارثة كبيرة تسبب دمارا لجميع بلدان الخليج العربي التي ستكون من الاهداف الاولية في حسابات ايران والاقرب لساحة النزال ، كما ان نتائج تلك الحرب ستنعكس سلبا على جميع دول العالم وستتسبب بخلق ازمة اقتصادية خطرة وذلك لجود منابع النفط في منطقة النزاع والذي يعتبر شريان الحياة تلك الدول هذا بالإضافة الى سيطرة ايران على اهم ممر مائي يضاف الية قدرت ايران العسكرية وامتلاكها لتقنيات متطورة والتي اعلنت عنها في اكثر من موقف، وفي سياق الرد على التهديدات الامريكية والاسرائيلية نشرت ايران مقاتلات وصواريخ في "مناورات" تهدف الى حماية مواقعها النووية المهددة بالتعرض لهجوم اسرائيلي محتمل، وهددت بانها ستوقف صادراتها النفطية لمزيد من دول الاتحاد الاوروبي بعد ان اوقفت الامدادات لكل من فرنسا وبريطانيا. وقلل الاتحاد الاوروبي من اهمية تهديد ايران بوقف صادرات النفط مؤكدا انه يستطيع احتواء اي نقص في صادرات النفط. ويعد موقف طهران تصعيدا في تحديها للمجتمع الدولي الذي يشتبه في برنامجها النووي، ويشير الى استعدادها لاية مواجهة محتملة. ورغم عرضها استئناف المحادثات مع دول العالم الكبرى، الا ان ايران اكدت انها لن تتخلى عن تطلعاتها النووية التي تؤكد انها سلمية، رغم اشتباه اسرائيل والعديد من الدول الغربية في انها تخفي ابحاثا لانتاج اسلحة نووية. وشددت الولايات المتحدة واوروبا عقوباتها الاقتصادية ضد القطاع النفطي الايراني، فيما زادت اسرائيل من التكهنات حول احتمال شنها هجمات جوية على المنشاة النووية الايرانية.

وقال الجيش الايراني في بيان انه بدأ مناورات في جنوب البلاد بهدف تعزيز دفاعاته المضادة للهجمات الجوية وذلك لحماية مواقعها النووية. ويستخدم الجيش في هذه المناورات التي تحمل اسم "انتقام الله" الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات والرادارات والمقاتلات. وجاء في البيان ان "هذه المناورات تهدف الى تعزيز التنسيق بين الجيش والحرس الثوري لتوفير التغطية الكاملة للمنشات الحساسة في البلاد خاصة المواقع النووية". بحسب فرنس برس.

وفي سياق متصل ذكرت صحيفة وول ستريت جرنال ان وزارة الدفاع الاميركية ابلغت اعضاء الكونغرس بخطط لتعزيز الوسائل الدفاعية الاميركية في مضيق هرمز وحوله استعدادا لاي رد عسكري على ايران. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الدفاع ان الخطة تشمل نشر معدات لكشف الالغام وازالتها وقدرات للمراقبة. ويريد البنتاغون ايضا تعديل انظمة تسلح السفن بطريقة اكثر فاعلية لمواجهة الاسطوال الايراني في المضيق، كما قالت الصحيفة.

وهدد مسؤولون ايرانيون مرارا بإمكانية اغلاق المضيق ردا على العقوبات المتزايدة على الجمهورية الاسلامية. واعلن سفير ايران لدى الامم المتحدة في وقت سابق ان بلاده لن تسعى الى اقفال مضيق هرمز الاستراتيجي الا اذا حاولت قوة اجنبية "تضييق الخناق" على طهران في ملفها النووي. ومضيق هرمز هو الممر الاستراتيجي البحري لنقل النفط حيث يعبر 35% من النفط المنقول بحرا في العالم، ويربط منطقة الخليج حيث دول عربية غنية بالنفط ببحر عمان.

الخشية من الزوارق الصغيرة

 في السياق ذاته سادت حالة من التوتر عندما اقترب زورق دورية ايراني من حاملة الطائرات الامريكية ابراهام لينكولن بسرعة كبيرة. وحلقت طائرة هليكوبتر تتولى حراسة الحاملة فوقها في علامة تحذيرية على عدم الاقتراب اكثر الامر الذي دفع الزورق الرمادي الصغير جدا اذا ما قورن بحاملة الطائرات الضخمة الى الاستدارة ليعود ادراجه في اخر الامر. وتبرز المواجهة التي ضمت زوارق امريكية وايرانية وتكررت في الاسابيع الاخيرة تصاعد التوتر في منطقة الخليج بين القوى المتنافسة منذ هددت طهران باغلاق مضيق هرمز.

وقال الاميرال مايك فوكس قائد القوات البحرية الامريكية في منطقة الخليج في مؤتمر صحفي في البحرين قبيل رحلة الاسطول "اتابعه صباحا وظهرا وليلا. اخذه (تهديد اغلاق هرمز) على محمل الجد." ويقوم الاسطول الامريكي بجولات في مضيق هرمز برغم التهديدات الايرانية.

ويقول مسؤولون امريكيون ان الاسطول الامريكي لا يدخل المضيق الا عندما تقتضي الحاجة في محاولة لتجنب "تصعيد الاعمال العدائية والحسابات الخاطئة" نتيجة لعبوره. ودخلت الحاملة هرمز بينما كانت اربع طائرات هليكوبتر تحلق فوقها ومدمرتان تسيران امامها ويتجمع في غرفة تحكم صغيرة لكن مزدحمة ببرج المراقبة نحو سبعة من قادة البحرية واجهزة المخابرات وخبراء قانونيون.

وراقبوا مياه الخليج باهتمام. ورصد قائد الاسطول الاميرال تروي شوميكر زورقين صغيرين يعتقد انها لمهربين وقد مزقتهما الامواج العاتية. وقال شوميكر "تسير الامور بشكل جيد جدا وهادئ نسبيا. لدينا طائرتا استطلاع وطائرة هليكوبتر وطائرة دون طيار لكن لا يوجد شيء في طريقة النشاط الظاهري" في اشارة الى النشاط الايراني. وتمثل جغرافية المضيق الذي يمر به ثلث التجارة النفطية البحرية في العالم تحديا لاسطول بهذا الحجم. فعرض المضيق عند اضيق نقطة فيه يبلغ 34 كيلومترا وبعبورها الخليج تدخل حاملة الطائرات في مرمى نظام الدفاع الصاروخي الساحلي لايران.

وكانت ايران قد حذرت حاملة طائرات امريكية اخرى وهي جون سي. ستينيس الا تعود الى الخليج بعدما مرت عبر المضيق. لكن ذلك لم يمنع ابراهام لينكولن من المرور. وقال شوميكر "نعمل بشكل روتيني قريبا منهم في الخليج العربي. "لديهم سفن يمكن ان تخرج وتراقبنا كما يمكنكم توقع ان نفعل ذلك في مياهنا الاقليمية في الولايات المتحدة لذلك فان جميع هذه المشادات كانت مهنية للغاية." ويشعر الايرانيون الامريكيين بوجودهم في كل مرة تعبر فيها القوات الامريكية المضيق بمرافقة شبه تامة للاسطول اما بالطائرات او بزوارق الدورية. وفي المقابل تعيد الولايات المتحدة تقييم التهديد الايراني بانتظام عن طريق دراسة النشاط الايراني. بحسب فرنس برس.

ويقول خبراء عسكريون ان الاسطول الامريكي الخامس الذي يجوب الخليج ودائما ما يضم حاملة طائرات عملاقة على الاقل يرافقها عشرات الطائرات المقاتلة واسطول من الفرقاطات والمدمرات اكثر قوة بكثير من البحرية الايرانية. لكن الزوارق الصغيرة هي اكثر ما يقلق البحرية الامريكية. وقال الاميرال فوكس ان امريكا بنت قواتها البحرية في الخليج وجهزت زوارق يمكن استخدامها في هجمات انتحارية. ويعتقد ان ايران زادت عدد الزوارق الصغيرة في المضيق حول الجزر الايرانية ويمكن لبعض الزوارق حمل صواريخ كروز وصواريخ اخرى.

ويعيش خمسة الاف بحار على متن ابراهام لينكولن التي تتألف من 20 طابقا. ويجري تجهيز ما بين 15 الفا و 20 الف وجبة يوميا حيث يستهلك كل يوم 800 رطل من الخضراوات و 900 رطل من الفاكهة و 630 رطلا من الهامبورجر. ولا يبد كثير من البحارة اهتماما دائما بالتهديدات الايرانية. فكثيرا ما يرون ان مهمتهم بسيطة. وقال الطيار التابع للبحرية مات دريسكيل (33 عاما) والذي قاد في الاونة الاخيرة طائرات مقاتلة فوق ليبيا وفوق العراق في 2004 "نريد ان يمر النفط الى وجهته المقررة في العالم. نريد ان يتمكن الناس في هذه المنطقة من الحصول على المنتجات التي يمكنهم شراءها من اوروبا وامريكا ومناطق اخرى في العالم."

وبعد المرور كان المزاج على متن ابراهام لينكولين اكثر استرخاء بدرجة كبيرة. فقد تم تخزين الطائرة المقاتلة التي كانت على ظهر السفينة خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية ومتجهة نحو ايران على استعداد لإطلاق النيران في 15 دقيقة.

وقال الاميرال ان نفس الاستعدادات تتخذ كل مرة يمر فيها الاسطول من المضيق. لكنه اعترف ان الاسطول يمكن اعتباره استعراضا للقوة. وقال شوميكر "من اسباب وجودنا هو ان نكون موجودين في انحاء العالم وظاهرين حتى اذا كانت حاملة الطائرات نفسها والطائرات وكل شيء اخر على متنها استعراضا للقوة." واضاف انه اذا هاجمت ايران فان الولايات المتحدة مستعدة للدفاع. واضاف "من المحتمل بالتأكيد ان يقوموا ببعض الافعال لمحاولة اغلاق المضيق لكننا مستعدون لهذا ولدينا قدرات في هذه القوة وفي هذه المجموعة الهجومية للرد اذا حدث ذلك."

توقعات أجهزة المخابرات

من جهة اخرى قال مسؤول في المخابرات الامريكية ان أجهزة المخابرات الامريكية تتوقع أن ترد ايران اذا تعرضت للهجوم لكن من غير المرجح أن تبدأ صراعا كما تعتقد أن اسرائيل لم تتخذ قرارا بمهاجمة ايران بسبب برنامجها النووي. وأجاب اللفتنانت جنرال رونالد بيرجس مدير وكالة مخابرات الدفاع بهذه التصريحات على سؤالين يتعلقان بالتوترات المتزايدة مع ايران بعد زيادة العقوبات الامريكية ضدها بسبب برنامجها النووي. وأضاف بيرجس أنه بالرغم من تعزيز العقوبات على ايران الا أنه من غير المرجح أن تتخلى عما يشتبه الغرب في أنه برنامج لانتاج أسلحة نووية. وقال بيرجس في جلسة لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ "بامكان ايران اغلاق مضيق هرمز مؤقتا على الاقل وربما تطلق صواريخ ضد القوات الامريكية وعلى حلفائنا في المنطقة اذا تعرضت لهجوم." واضاف "ويمكن لايران أن تحاول أيضا استخدام ارهابيين في جميع أنحاء العالم لكن في تقدير الوكالة من غير المرجح أن تبدأ ايران أو تتعمد اثارة صراع."

وفي رد على سؤال واضح عما اذا كانت أجهزة المخابرات تعتقد أن اسرائيل اتخذت قرارا بمهاجمة ايران قال بيرجس "في حدود معلوماتنا اسرائيل لم تقرر مهاجمة ايران." وفيما يتعلق بالعقوبات قال ان ايران ليست قريبة الان من التخلي عن طموحاتها النووية. واضاف قائلا "ايران تمتلك اليوم القدرة الفنية والعلمية والصناعية كي تنتج أسلحة نووية في وقت لاحق. وبينما يتزايد الضغط الدولي على ايران بما في ذلك العقوبات الا أن تقييمنا هو أن طهران ليست على وشك الموافقة على التخلي عن برنامجها النووي." بحسب رويترز.

وأعلنت ايران عن احراز تقدم في الخبرة النووية بما في ذلك امتلاك أجهزة طرد مركزي جديدة قادرة على تخصيب اليورانيوم بمعدلات أسرع بكثير وهي خطوة قد تؤدي الى تسريع الاندفاع نحو مواجهة مع الغرب بسبب برنامجها النووي. وتقول أجهزة المخابرات الامريكية ان القيادة الايرانية لم تقرر الى الان انتاج أسلحة نووية. وقال جيمس كلابر مدير المخابرات القومية في الجلسة ذاتها "انهم يجعلون أنفسهم في وضع يتيح لهم اتخاذ ذلك القرار لكن هناك أشياء تؤكد أنهم لم يفعلوا ذلك وانهم لم يفعلوه لبعض الوقت." ولم يقدم كلابر تفاصيل. ولكنه قال ان التقييمات الامريكية والاسرائيلية متفقة بشكل عام .

 هذا نقلت وكالة فارس الايرانية شبه الرسمية للأنباء عن نائب قائد القوات المسلحة الايرانية قوله ان ايران ستتخذ اجراء استباقيا ضد أعدائها اذا شعرت أن مصالحها القومية تتعرض لخطر. وقال محمد حجازي للوكالة "استراتيجيتنا الان هي أنه اذا شعرنا بأن أعداءنا يريدون تعريض مصلحة ايران القومية للخطر ويريدون اتخاذ قرار بذلك فأننا سنتحرك دون انتظار تصرفهم." وتتعرض ايران لضغوط ولعزلة دولية متصاعدة بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل. وتهدف العقوبات الغربية الموسعة لتعطيل صادراتها النفطية وهي عصب الاقتصاد الايراني. وقالت ايران انها يمكنها ان ترد بأغلاق مضيق هرمز وهو ممر شحن حيوي لإمدادات الطاقة العالمية.

استخدام القوة

من جهة اخرى يسعى مشرع بريطاني يخشى أن يؤدي تصاعد حدة التوتر بشأن البرنامج النووي الايراني الى تحرك عسكري الى اقناع البرلمان بالتصويت على دعوته للحكومة البريطانية لاستبعاد استخدام القوة ضد ايران. وقدم النائب جون بارون من حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اقتراحا للبرلمان ينص على أن استخدام القوة ضد ايران "سيؤدي الى نتائج عكسية تماما ولن يؤدي الا الى تشجيع انتاج وتطوير أسلحة نووية." ويدعو الاقتراح الذي قدمه الحكومة الائتلافية في بريطانيا الى استبعاد استخدام القوة ضد ايران وخفض حدة التوتر بمضاعفة الجهود الدبلوماسية.

وقال في بيان "استخدام القوة من قبل اسرائيل أو أي طرف اخر سيكون كارثيا وسيعزز فقط وضع المتشددين داخل ايران. "اذا كانت ايران قد وضعت نفسها على طريق انتاج أسلحة نووية فلن يثنيها شيء. واذا لم تكن قد فعلت فان شن هجوم عسكري سيجعلها تفعل ذلك." وكان بارون استقال من منصبه كمتحدث باسم وزير الصحة في حكومة الظل لحزب المحافظين المعارض انذاك في عام 2003 لمعارضته حرب العراق وصوت أيضا ضد العملية العسكرية في ليبيا العام الماضي. ومن غير المؤكد أن يتم التصويت على اقتراح بارون لان 22 مشرعا من الاحزاب الرئيسية أيدوا تعديلا يدعم سياسة الحكومة تجاه ايران. بحسب رويترز.

ويقر التعديل "بأهمية أن تدرك ايران أن كل الخيارات للتعامل مع القضية لا تزال مطروحة على الطاولة." وقال متحدث باسم الخارجية ان بريطانيا تعمل من أجل التوصل لحل دبلوماسي للازمة مع ايران. وحتى اذا طرح اقتراح بارون للتصويت فانه على الارجح لن ينجح لان سياسة الحكومة تحظى بتأييد واسع ولكنه يكشف عن عدم الارتياح في صفوف بعض المشرعين بخصوص تكهنات متزايدة بأن إسرائيل أو الولايات المتحدة قد تشن هجوما لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.

الى جانب ذلك اعتبرت وزارة الخارجية الروسية ان القاعدة العسكرية الاميركية في قرغيزستان، الجمهورية السوفياتية السابقة في اسيا الوسطى، يمكن ان تستخدم في حال شنت الولايات المتحدة هجوما على ايران. وقال المتحدث باسم الوزارة الكسندر لوكاشيفيتش في تصريحات نقلها التلفزيون "لا يمكننا استبعاد امكانية استخدام هذه البنية التحتية في اطار نزاع محتمل مع ايران". وتستخدم حاليا قاعدة ماناس في مطار بيشكيك، عاصمة قرغيزستان، في نقل القوات الاميركية المنتشرة في افغانستان. وترى الخارجية الروسية ان الولايات المتحدة قد تسعى الى شن هجوم عسكري على ايران متذرعة ببرنامجها النووي المثير للجدل لتضع بعد ذلك يدها على الاحتياطات الضخمة من النفط والغاز في اسيا الوسطى المنطقة السوفياتية السابقة. واعتبر لوكاشيفيتش ان "الدعوات الى ضرورة ضمان عدم انتشار الاسلحة النووية ربما تخفي طموحات في احكام القبضة على الخريطة الجيوسياسية لمنطقة شاسعة غنية بموارد الطاقة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/آذار/2012 - 12/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م