العرب وعلاقة الحركة النسوية والثورات العربية

صالح الطائي

مؤخرا أخذ الحديث عن آفاق الحركة النسوية العربية بعد الثورات الشبابية، ودعوات المطالبة بحقوقها ووجوب مساواتها الكاملة مع الرجل في كافة المجالات أبعادا امتدت إلى مديات ابعد مما هي عليه حتى في العالم الغربي الذي كان السباق في هذا المضمار تبعا لما يتساوق مع طرائق عيشه وتفكيره وتدينه وموروثه الفكري وعاداته وتقاليده والانفتاح المذهل والمرعب الذي أحدثته الثورات الشبابية في مطلع ستينات القرن الماضي يوم فضل الشباب التشبه بالصراصير وتسموا بإسمها (البيتلز) على إنسانيتهم فلم يجدوا من يعترض عليهم أو يقف بوجههم، فابتدعوا ما عرف في حينه بحياة (الهيبيز) ومن توسع هذا الحديث جاء هذا الموضوع.

من بوادر النجاح أن يكون المرء قادرا على العمل مع الآخرين ضمن فريق متجانس، وإن كان يحتفظ باختلافات محددة مع بعض الأعضاء أو مع بعض مفردات البرنامج. والبادرة الأهم من ذلك أن يكون المرء متوازنا وموازنا بين عقيدتي الفناء والبقاء، الدنيا والآخرة كما علمنا الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان (رض) بقوله: "ليس خياركم من ترك الآخرة للدنيا، ولا من ترك الدنيا للآخرة، ولكن من خذ من هذه لهذه"

نفهم من هذه المقدمة البسيطة أن كلية الحياة حتى وإن ألهتنا عن النظر إلى الجزئيات بنفس درجة الاهتمام بالكلية، يجب أن لا تجعلنا نهمل أكثر الجزئيات صغرا ولكن بما لا يجعلنا نعطيها أكثر من استحقاقها الطبيعي.

إن انشغال الناس بالجزئيات في وقت تجتث فيه البشرية رجالا ونساء من جذورها بالحروب والتجويع الممنهج وتحويل البشر إلى سلع رخيصة تحدد أسعارها في سوق البورصة من أعظم الخيانة لها وللمنهج الرباني الذي كلف الله سبحانه الإنسان بحمله.

الانشغال بالجزئيات دون النظر إلى علاقتها بالكليات يبدو حجر عثرة يقف أمام النهوض الحضاري وبالتالي يعيق صيانة كرامة وحرية ووجود الإنسان.

إن البشرية لا تحتاج اليوم إلى نظريات متهالكة بعيدة عن الواقع وإنما هي بحاجة ماسة إلى مشروع بنائي صالح لبقائها وتقدمها وتطورها وتمدنها، أما إشغال الفكر والجهد بالجزئيات الصغيرة فيكاد لا يغير شيئا من حجم المخاطر المحتملة والقائمة بقدر كونه يضع عوائق جديدة أما حركة التحرر من الروح النزاعية. أما السعي وراء الحلول الجزئية حيال بعض الأزمات المستعصية فهو كفيل بأن يصنع مع تقادم الزمان تحسسا ملموسا وإثارة غير مقبولة وربما تشنجات انفعالية وحالات من الهستيريا يمتد أثرها إلى كثير من قضايانا المصيرية.

وعليه أرى أن الحديث عن جزئيات الصراع الجندري بما فيه حرية المرأة ومساواتها مع الرجل واستحقاقاتها السيادية والقيادية في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ الإنسانية إنما يبغي التأكيد على جزئية لا تمثل خطرا يعترض الحراك الإنساني بقدر كونها ملهاة تشغل عن متابعة باقي الجزئيات الأهم، وأنا هنا لا أريد الإبقاء على الموروث المتخلف أو طرائق التعامل غير الإنساني مع حقوق المرأة بحجة الحرص على الكليات فكلاهما (الموروث والتعامل) لا يمتان إلى العقائد الدينية بصلة تذكر، وإذا ما كان في الأديان الأخرى ما يبدو متساوقا معهما فإن الإسلام يتعارض ويعترض على كل سلوك فيه عدوان أو تطاول من جنس على جنس ومن قوم على قوم ومن أمة على أمة ومن رجل على امرأة.

هنا أريد القول أني مع كوني لا أدعي تنصيب نفسي مُعلما للآخرين، ولا أريد إملاء المواقف عليهم، لكني أؤكد كذلك أننا بحاجة اليوم للاعتناء ـ بدرجة أكبر ـ ببناء أدوات الوعي لدى الإنسان رجلا كان أم امرأة، وتنويع طرائق اكتساب المهارات التي تعينه على تحدي صعاب الحياة، أكثر من حاجتنا إلى التوجيه المباشر وإملاء المواقف. فالإنسان متى ما تسلح بالإيمان، وأنا أقصد الإيمان المطلق، الإيمان بكل قيم الخير الموجود في الحياة، وليس الإيمان الديني وحده.. متى ما تسلح بالإيمان يصبح مستعدا لمجابهة أقوى الظروف حتى بدون حاجة إلى معلم أو معين أو مدافع، إلا أني في ذات الوقت أحمل يقينا لا يتزعزع بأن دور المعلم، والمرشد، والمفكر، لا يقتصر على إرشاد الناس إلى ما عليهم أن يفعلوه، بل عليه قبل ذلك أن يقنعهم بأهمية ما يفعلوه، ويقنعهم بخطورة تركه أو التهاون بشأنه.

 فالتجربة رصيد فكري ضخم يصقل المواهب ويزيد المرء خبره وحنكه. ومن خلال تجاربه الشخصية يستطيع الإنسان القيام بالأمور والمهام الملقاة على عاتقه على أفضل وجه، وأن يزنها بميزانها الدقيق من خلال ما مر به من أحداث. وينبغي على الإنسان العاقل أن لا يستعيد الماضي ليفتح جروح الذكريات السابتة في اللاوعي، وإنما يفتحها ويستعيدها ليستفيد من ثراء تجاربه لئلا تذهب تجربته الحياتية الشخصية التي وفرها عبر معاناته التاريخية هباء.

أقول هذا لأننا وفق ما يجري في العالم اليوم لا نستطيع تغيير أنماط الحياة البشرية المعقدة بعصا سحرية أو بمقالة أو كتاب أو شعار أو ملف، لا نحو الأحسن ولا نحو الأسوأ، وربما لهذا السبب بالذات ندعو الإنسان رجلا كان أو امرأة إلى الإيمان بأن أي تغيير في حياته يجب أن يبدأ أولا من داخله هو، من الأنا العليا (الضمير) تبعا لقوله تعالى {لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} أنت ممكن أن تغير حياة إنسان ولكنك لا يمكن أن تضمن استمراه بالسير على النهج الجديد إلى النهاية.

وكما لا يمكن عقلا ومنطقا صنع القائد إلا إذا ما كان يمتلك الصفات القيادية الفطرية المدعومة بالتحصيل العلمي والنضالي، كذلك لا يمكن صنع نساء قائدات ضمن المواصفات الجاهزة، واعتقد أننا لا نختلف حول هذه الحقيقة، فكيف نعتقد بأن المرأة ستحقق من جَرّاء ما يسمى ظلما بـ (الربيع العربي) أكثر مما كانت قد حققته؟ كيف لها أن تستفيد من التغيرات الحاصلة، والتغيرات نفسها جاءت عن طريق صناديق الانتخاب بالقوى الدينية المتطرفة إلى سدة الحكم في أول ثلاثة بلدان مر بها الربيع المزعوم وخرج؟

إن الذين يبغون تشويه صور الألق الحياتي وسنن الوجود لأنهم يرون أنفسهم قادرين ومقتدرين بما حبتهم به الحضارة الحديثة من مال وعلوم وفكر، عليهم أن يتذكروا قولا لأحد التابعين الكرماء وهو مفكر وعالم شهير اسمه الحسن البصري جاء فيه: "لا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن أنظر إلى قدرتك غدا، وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في جمع من الملائكة والنبيين والمرسلين وقد عنت الوجوه للحي القيوم"

وهنا لا يفوتني تذكير المرأة التي تجاهد للخروج من شرنقة العادات الموروثة إلى دنيا الحرية المنفلتة ومن عالم التقاليد الدينية والأسرية والعشائرية والمجتمعية إلى عالم اللاقيد، وأقول لها: يا نصفي الأحلى، يا من أسهمت في خلق الوجود، فلولاك ما كانت الحياة لتستمر، والدنيا لتتقدم، والبشرية للتكاثر وتنمو، يا أحلى كائنات الوجود وألطف الموجودات: جميل أن تحرصي على انتقاء كل جميل، جميل أن تدافعي عن حقك في الحياة الحرة الكريمة والعيش السعيد، جميل أن تتخلقي بالخلق الكريم وفاضل الخصال ولكن كوني على ثقة أن لكل ما يصدر عنا من قول أو فعل أو سلوك أو رأي آثار تعود إلينا قبل غيرنا في إيجابها وفي سلبها، قبل أن تترك أثرا على الطرف أو الأطراف الأخرى. فلا تغتري بنشوة ما تحقق من نجاح ظاهري محدود أو ما يبدو وكأنه نجاح رغم الإخفاقات المتكررة والمآسي التي رافقته، فما تحقق في بداية الطريق، طريق الحرية المنفلتة المزعومة وتداعياتها يحجب عن عينيك العثار والحفر والمخاطر في بقية الطريق، والطريق أطول كثيرا مما تعتقدين، وما فيها من صعاب ومخاطر لا يكفي للصمود أمامه لمجرد تحقيق نجاح باهت يشمل المظهر دون الجوهر.

النجاح يجب أن يبدأ من الجوهر، من الأساس، ويصب في مصلحة الجوهر والأساس، خروج المرأة بسبب الضغوطات التي تمارس عليها عن المتعارفات التي لا تؤثر على مجمل حريتها العامة ودخولها في متاهة اللامحدود يجعلها عرضة للمسخ إلى كائن جديد لا يشبه بروعته وجماله المرأة مطلقا، ودعوة بعض الرجال إلى ضرورة تحرر المرأة من جميع القيود المجتمعية بما فيها العقيدة الدينية، وعملهم الدءوب على خداعها بالمناصب الزائفة الفانية لا يعني أنهم يريدون تحريرها من التبعية، بقدر كونهم يريدون استغلالها بأسلوب بشع دوني فيه الكثير من الحقارة والعبودية، إن ما يطرحونه من أفكار لا يعدو ـ في أعلى مراتب التوصيف ـ أن يكون مجرد تفاهات أكل التاريخ عليها وشرب.

ولو كانت دعوتهم هذه صحيحة ما كان الأفاضل والعلماء منهم قد اعترضوا على دعوة التحرر الكلي غير المشروط ، يقول المؤرخ الأمريكي ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة : "لقد شكل القرآن أخلاق المسلمين، وحضهم على الاعتدال لدرجة لا يوجد لها نظير في أي بقعة يسكنها الرجل الأبيض، وعلمهم مواجهة الحياة، دون شكوى أو دموع" بما يعني أن فيما يبدو في فكر العقائد الدينية وكأنه قيدا ثقيلا ليس قيدا بمعناه الأوسع بقدر كونه دعوة إلى الحرية بشكل أسمى، وإذا ما كان في العقائد الدينية ـ وأنا هنا لا أتكلم عن الإسلام وحده ـ ما يبدو وكأنه تقييد لبعض جوانب الحياة، فإنه في واقعه دليل حرص لا أكثر، الحرص على كرامة ومستقبل ومصير الإنسان الناعم الجميل (المرأة)، يقول ابن حجر: "فينبغي للمرء ألا يزهد في قليل من الخير أن يأتيه، ولا في قليل من الشر أن يجتنبه، فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها، ولا السيئة التي يسخط عليه بها"

أما إذا أردتُ التحدث عن الإسلام فأقول: إن ما يدعون المرأة إليه إنما هو دعوة للعودة إلى الجهل المطبق والأمية الفاشية، فتاريخيا لم يكن هم الإسلام القضاء على الأمية بمعناها الضيق المتمثل بالجهل بالقراءة والكتابة، وإنما كان ولا زال همه الأكبر محاربة الأمية الفكرية، الأمية التخنيعية ، التجهيلية، الداعية إلى الاستغلال والمفضية إلى العبودية، عبودية من نوع جديد يحيي موروثا قديما.

وإذا ما كانت الأيديولوجيات الأخرى تدعو إلى إحداث القطيعة الكلية مع كل الفكر الموروث حسنه وسيئه، ونزع ثوب التاريخ الشخصي وإلقائه في القمامة، فإن الإسلام بالمقابل يدعو إلى اخذ العبرة من كل تجارب التاريخ، فكيف يأخذ المسلم رجلا كان أم امرأة العبرة من التاريخ ومن الحوادث التي تدور حوله، إذا كان عاجزا عن الاعتبار بتاريخه الشخصي الخاص، وتجنب العثرات التي سبق له وللبشرية السقوط فيها؟

وهنا اذكر بموقف نبوي مهم جدا لأقول من خلاله: إذا كان النبي محمد صلى الله عليه وآله قد أستعمل أعلى معايير الإنصاف مع من يفصل بينه وبينهم الخلاف العقدي الديني فنحن اليوم أحوج إلى استعمال هذا الفصل مع إخواننا في الإنسانية الذين يجمعنا معهم أكثر مما يفرقنا، نحن أحوج إلى استعماله مع نصفنا الأحلى والأطيب والأجمل (المرأة). فالكريم قد يبخل أحيانا ويغتفر له بخله ،والشجاع قد يجبن أحيانا ويغتفر له جبنه ، ولكن الشرف والعرض لا تبعيض فيهما أبدا ولا غفران في أخطائهما، ولا غفران لمن يبغي التلاعب بهما أبدا، ونحن كلما اتجهنا نحو الأصول والكليات وجدنا أنفسنا أقرب إلى الاتفاق منا إلى الخلاف والفرقة، وعليه نجد أنْ لا صعوبة في بناء شخصية الإنسان (الجنسين) الحر طبقا لما هو معروف من العقائد، ونحن لكي نستطيع بناء الإنسان الحر المستقيم الفعال مطلوب منا العمل على التغيير الايجابي وتنمية العقل أولا ومن ثم نبحث عن باقي الكمالات بما فيها حرية القيادة والحقوق الأخرى، والتي لم تتحقق بعد في أكثر الدول رقيا وثقافة وتحررا، علما أن العقل لا ينمو إلا بثلاث : إدامة التفكير، ومتابعة آراء المفكرين، واليقظة، أي ليس بينها ما له علاقة بنوع السلوك والملبس والحركة والاختلاط والمناصب، فتلك ليست من تجارب الحياة. فدعوا الحياة تسير على سليقتها المعهودة ولا تتدخلوا في تغيير ما لا يمكن تغيره إلا إذا ما كانت لكم قدرة تغيير الجينات الوراثية أولا.

لا يوجد هناك إسلام سياسي وإسلام غير سياسي، الإسلام الحقيقي واحد، ولكن هناك (إسلامات) أخرى تفرعت من الإسلام، بينها وبينه فاصل وسد يعيق التواصل، وما يعرف بالأحزاب الإسلامية إنما هي واجهات لقوى سياسية تبحث عن شرعية زائفة يوفرها لها إيمان القاعدة الشعبية بالدين وبالعقائد، وعليه لا تجد إسلاما ليبراليا، ولن تجد احتمالا للتفاؤل بإمكانية شمول حقوق وحريات المرأة ضمن البرنامج السياسي الإصلاحي الاحتمالي لما أسميتموه (قوى الإسلام السياسي) فهذه القوى ممكن أن تعمل وفق قاعدة (السياسة فن الممكن) وتعطي بداية بعض الحقوق لبعض الأطراف المغبونة، ولكنها سرعان ما ستنقلب على هذه القاعدة بعد أن تستحلي المنصب وتستذوق عذب ميزاته العظيمة.

علمتني تجاربي أنه في خضم الملمات يبقى للتفاؤل مصدران: الثقة بوعد الله، والثقة بما نمتلك من قدرات. فمن اليأس أن لا نثق بقدراتنا، والأكثر منه يأسا أن ننسى وعد الله أو لا نثق به، لكن أين تقف المرأة الشرقية في هذه المعادلة؟ هل تملك قدرات تفوضها لتولي مناصب لا زالت أختها الغربية محرومة منها؟ وهل تؤمن بقدراتها هذه التي ستميزها حتى عن المرأة الغربية؟ الجواب متروك لنسائنا الشرقيات، ولكن أذكر أن أمريكا بكل عظمتها وعنجهيتها لم تحكمها من قبل امرأة، ولا زالت أهم المناصب السيادية فيها بيد الرجال، كذلك نجد في الدول الأوربية ودول العالم المتقدم الأخرى المواصفات نفسها، فبماذا نمتاز نحن عنهم لكي نتقدم عليهم في هذا المضمار من دون كل المضامير الأخرى؟

تعالوا ننظر أولا إلى ما موجود في داخل العقيدة الأكثر اتهاما وتعرضا للهجمات وأعني بها (دين الإسلام) ونتأكد من أنماط التعامل المعاصرة بين الجنسين من أتباعه لنعرف فيما إذا كانت هذه الأنماط من جوهر عقيدته أم هي طارئة عليه؟

إن الحديث في هذا الباب ممكن أن يتشعب ويمتد ليؤلف عدة مجلدات ولكني ممكن أن اختصره بكلام قليل، أقول من خلاله: ثقوا أن ما يتحكم بالعلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمعات الإسلامية والشرقية اليوم وفي الماضي البعيد أيضا ليس من روح الإسلام، ولا من جوهر مبادئه، ولو راجعنا النصوص المقدسة (القرآنية والحديثية) لا نجد فيها دعوة للتسلط الذكوري على المرأة، ولا نجد فيها مصادرة لحقوقها وحريتها وفق الفهم النمطي التقليدي السوي الموزون الذي تعودت عليه البشرية منذ بدايتها وإلى ستينات القرن الماضي. وأنا هنا أحدد الستينات لأنها أفرزت أنماطا جديدة من الحريات التي تدعو إلى وجوب توفيرها للمرأة.

ومن الممكن للمتتبع الذكي أن يجد في الإسلام إلماحات كثيرة تعطي للمرأة سلطة تفوق سلطة الرجل، يكفي أن هناك نساء مسلمات قدن الإمبراطوريات الإسلامية في وقت بقيت فيه المرأة الأمريكية عاجزة عن قيادة بلادها إلى هذا التاريخ.

في عرف الإسلام هناك نظرة واحدة تقول: رحم الله رجلا محمود السيرة طيب السريرة سهلا رفيقا لينا رءوفا رحيما بأهله حازما في أمره لا يكلف شططا ولا يرهق عسرا ولا يهمل في مسؤولية. ولكم أن تتأملوا في عظم حق الأسرة في شريعة الإسلام، فالشريعة الإسلامية الحقيقية جعلت خيرية الإنسان المطلقة مرهونة بما يقدم لأسرته ولزوجته وفق معادلة نبوية سامية تقول (خيركم، خيركم لأهله) وهذا ما لا تجده في أي عقيدة أخرى بما فيها العقائد التي يتشدق بمضمونها دعاة الحرية المزعومة المنفلتة.

لقد جاءت الأعمال الخيرة متمثلة بالرسالات السماوية تالية لتلك الأعمال الهمجية التي مورست عبر التاريخ والتي كان فيها الإنسان يفترس أخيه الإنسان، وكانت فيها المرأة مجرد أداة وملهاة، وقد نجحت العقائد بالحفاظ على الجنس البشري وأوصلته إلى ما هو عليه اليوم من تقدم ورقي من خلال العلاقة المتوازنة بين الرجل والمرأة، وكل عمل يستهدف العقائد يهدف إلى إعادة تلك العمال الهمجية إلى الواجهة يحكم على البشرية بالفناء ما دام البشر يحملون هذا الكم الكبير من الكراهية لبعضهم البعض، وما دامت البشرية تملك خزينا من الأسلحة الفتاكة التي تكفي لتدمير الكرة الرضية عدة مرات.

إن العبرة ليس فيمن يتولى المراكز القيادية في الشرق الإسلامي، وإنما فيمن يستطيع ملء مركزه وتقديم المنفعة للناس وتوفير احتياجاتهم وإشباع رغباتهم المشروعة والحقيقية، أما الذين يتكالبون عليها ويسعون لتوليها أو لتولية من يحبون عليها فإنهم لا يبغون سوى منفعة أنفسهم وإرضاء طموحهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/آذار/2012 - 11/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م