الامن والقانون في العراق... بين التحدي واثبات الوجود

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: شهد العراق بعد 2003 مجموعة تحديات سياسية وامنية اتت على خلفية سقوط نظام الرئيس السابق واحتلال العراق الذي اصبح فيما بعد مقر رئيسي لبعض المقاتلين الاجانب الذين نفذوا العديد من العمليات الارهابية والتي اسهمت في سقوط العديد من الضحايا الأبرياء، ويرى بعض المراقبين ان تلك العمليات الاجرامية والتي نفذتها تنظيمات القاعدة اخذت تتضاءل في الآونة الاخيرة، خصوصا مع تسلم الحكومة العراقية للملفات الأمنية والتي عمدت ايضا في خطوة وصفت بالمهمة الى كشف بعض القضايا فيما يخص بعض العمليات التي مارستها بعض القوى السياسية المتنفذة ، هذا بالإضافة الى التطورات السياسية التي شهدتها المنطقة والتي تؤكد تغير بعض خطط تنظيم القاعدة فقد اعلن وكيل وزارة الداخلية العراقية عدنان الاسدي ان "جهاديين عراقيين" ينتقلون من العراق الى سوريا للقتال الى جانب المعارضة السورية، موضحا ايضا ان السلاح يهرب من العراق الى سوريا. وقال الاسدي وهو الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية "لدينا معلومات استخباراتية تفيد بان عددا من الجهاديين العراقيين توجهوا الى سوريا". كما اكد هذا المسؤول الامني ان "عملية تهريب السلاح مستمرة" من العراق الى سوريا. واضاف "في السابق، كان السوريون يأتون للقتال في العراق، لكنهم يقاتلون الآن في سوريا". ويملك البلدان الجاران حدودا مشتركة يبلغ طولها حوالى 600 كلم.

واوضح ان "السلاح يهرب من بغداد الى محافظة نينوى" في الشمال وعاصمتها الموصل، مضيفا ان "سعر السلاح في الموصل (350 كلم شمال بغداد) ارتفع كثيرا لانه يرسل الى الجانب الآخر (سوريا)، واسعار الكلاشينكوف ارتفعت من بين 100 و200 دولار الى ما بين 1000 و1500 دولار". وتابع الاسدي ان "السلاح يهرب من الموصل عبر معبر ربيعة الى سوريا لان العائلات في هذه المنطقة مختلطة بين الجانبين كما ان هناك بعض التهريب من معبر قرب البوكمال (غرب) علما ان التهريب من محافظة الانبار اصعب لان المسافة بعيدة جدا". ومنذ منتصف آذار/مارس 2011.

وتتهم السلطات السورية "عصابات ارهابية مسلحة" ومجموعات سلفية بارتكاب اعمال العنف، وبينها هجمات انتحارية وتفجير سيارات مفخخة استهدفت مقرات امنية في دمشق وحلب وقتل فيها العشرات. وكانت السلطات السورية اعلنت عند بداية الحركة الاحتجاجية انها ضبطت اسلحة مهربة من العراق، فيما قال مصدر امني سوري في تشرين الثاني/نوفمبر ان "نحو 400 جهادي عراقي وصلوا الى سوريا آتين من العراق". ويذكر ان النظام السوري كان يواجه في السابق اتهامات بانه قدم دعما ماليا وعسكريا ولوجستيا لجماعات "جهادية" متمردة في العراق.

وشدد الاسدي على ان معدلات العنف في العراق انخفضت "لان عددا كبيرا من عناصر القاعدة باتت لديهم اماكن اخرى يقاتلون فيها". واشار الى ان الرئيس المصري السابق "حسني مبارك كان يرسل الجهاديين الى العراق ويعطيهم اموالا للقتال في العراق وكذلك (العقيد الليبي الراحل معمر) القذافي"، مضيفا ان "الغالبية العظمى من المعتقلين الجهاديين لدينا هم من السعودية".

واعلن الاسدي ان في العراق حاليا "650 الف عنصر شرطة وهو رقم كبير جدا"، مضيفا ان هناك "40 الف عنصر امن يحمون الحدود"، فيما يبلغ عدد افراد الشرطة الاتحادية 145 الفا واعداد افراد حماية المنشات الحيوية بين 45 و50 الف عنصر.

من جهة اخرى، اعلن الاسدي المسؤول الاعلى في وزارة الداخلية التي لا تزال من دون وزير منذ تشكيل الحكومة قبل اكثر من عام، ان العراق يعمل حاليا على "خفض الشركات الامنية، ولا نعطي اجازات جديدة"، لافتا الى ان "الشركات الغربية لا تثق بقواتنا الامنية وكذلك السفارات".

وذكر ان هناك "109 شركات امنية في العراق بينها 36 شركة اجنبية، وهناك 36 الف حارس امن بينهم 18500 اجنبي"، معتبرا ان اعداد عناصر الامن والشركات "تمثل خطرا كبيرا على الامن، ونحن سنعمل على الحد من ذلك من خلال الاجازات وتراخيص الاسلحة". وتابع انه على الشركة الامنية ان تدفع في السابق مبلغ 25 الف دولار كضمانة، الا انه سيكون عليها في حال اقرار قانون جديد خاص بالشركات الامنية ان تدفع 250 الف دولار قبل الحصول على رخصة العمل. بحسب فرانس برس.

وتطرق الاسدي الى قضية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المطلوب للقضاء بتهم تتعلق بالإرهاب، قائلا "حصلنا على اعترافات من احد الضباط الذين كانوا يتعاونون مع الهاشمي حيث قال لنا نحن نعمل مع حزب البعث تحت قيادة طارق الهاشمي". وحزب البعث حزب منحل في العراق، وهناك قرار بموحب القانون باجتثاث عناصره من الحياة السياسية. واعلن ان "عدد افراد الشبكة" المرتبطة بالهاشمي المقيم في اقليم كردستان العراق حاليا "بلغ حتى الآن 60 شخصا، بينهم افراد من حمايته، الى جانب جنرالين من وزارة الداخلية كانا يتعاونان معه". كما ذكر المسؤول العراقي ان هناك "16 اخرين معه في كردستان، وهؤلاء يواجهون ايضا اوامر قضائية". وكشف ان اعداد افراد حماية كل من الرئاسات الثلاث تبلغ 250 فردا، فيما ان كل نائب لاحد الرؤساء الثلاث يحصل على حماية من حوالى 60 الى 100 رجل، علما ان هؤلاء لا يتبعون وزارتنا انما وزارة الدفاع". وتابع ان "حماية الوزراء من مسؤوليتنا، وقد خصصنا لكل وزير 30 حارسا، وهو العدد نفسه المخصص للنواب".

فرق موت مدعومة

الى جانب ذلك لاتزال قضية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي محط اهتمام جميع العراقيين المترقبين بشكل دائم الى ما ستؤول الية النتائج القضائية خصوصا مع ازدياد اعدد العمليات الارهابية التي اعلن عنها ونسبت اليه، فقد قدمت لجنة تحقيق مشكلة من تسعة قضاة تفاصيل 150 هجوما قالوا ان فرقا للموت تعمل تحت قيادة طارق الهاشمي نفذتها. وقدم القاضي عبد الستار البيرقدار المتحدث باسم مجلس القضاء الاعلى وهو أعلى هيئة قضائية في العراق قائمة تشمل 150 تفجيرا وعملية اغتيال ترجع بداياتها الى عام 2005 استهدفت بشكل أساسي قوات الامن وأهدافا شيعية في بغداد. وقال أحد القضاة لصحفيين على هامش مؤتمر صحفي عقد في احد مباني المحاكم الرئيسية في بغداد "هذه البداية وحسب. التحقيق مستمر وعدد الجرائم قد يصل الى 500." والقضاة التسعة الذين يشكلون لجنة التحقيق هم من السنة والشيعة والتركمان والاكراد. ورفضوا الكشف عن اسمائهم لدواع أمنية وبعضهم قال انهم تلقوا تهديدات بالقتل. ولم يسمح بدخول أي كاميرات لتصوير القضاة. وقال قاض اخر ان أكثر من 70 شخصا من المرتبطين بالهاشمي أو حراسه احتجزوا. وأطلق سراح تسعة اخرين لعدم وجود أدلة. وقال قاض اخر "معظم أنشطة هذه المجموعة كانت في بغداد. والى الان التحقيق يركز على بغداد." بحسب رويترز.

وبعد صدور مذكرة الاعتقال في ديسمبر استهدفت موجة من التفجيرات بغداد وأوقعت عشرات القتلى. ومن بين الهجمات التي تضمنتها القائمة تفجير انتحاري أسفر عن سقوط 18 قتيلا قرب مبنى حكومي في حي الكرادة الذي تسكنه أغلبية شيعية في بغداد. ووصف أحد القضاة هذا الهجوم بأنه "عمل انتقامي أراد الهاشمي أن يقول من خلاله.. عليكم أن تتفاوضوا معي والا سأحرق بغداد." وغادر الهاشمي بغداد الى المنطقة الكردية التي تتمتع بشبه حكم ذاتي في شمال العراق حيث من غير المرجح أن يعتقل. ولكنه قد يواجه مشكلات أخرى هناك حيث يحمله التحقيق أيضا مسؤولية اغتيال قاضي كردي. وقال البيرقدار انه يمكن لعائلات الضحايا توجيه اتهامات للمتهمين الذين يشملهم التحقيق.

مطالبة بتسليم الهاشمي للقضاء

 من جهة اخرى دعت عشيرة الرئيس العراقي جلال طالباني الى تسليم نائب الرئيس طارق الهاشمي المتواجد في اقليم كردستان والمطلوب للقضاء على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب الى العدالة. وقال عبد العزيز عبد الواحد طالباني وهو احد افراد عشيرة الرئيس العراقي النافذة لصحافيين عبر الهاتف ان "اجتماعا عقد بمشاركة 120 شخصية من وجهاء عشيرة طالباني في محلة سرجنار (شمال غرب السليمانية)". واضاف انه جرى الاتفاق "على مطالبة المسؤولين في اقليم كردستان العراق وبغداد بتسليم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الى العدالة" في بغداد. وذكر ان موقف العشيرة جاء بعد ان "ثبت لديها تورط افراد حماية الهاشمي في اغتيال قاض من العشيرة نفسها" يدعى نجم طالباني عام 2010، وهو شقيق عبد العزيز عبد الواحد. واشار طالباني الى ان العشيرة طالبت ايضا "بعدم تسييس القضية وفتح المجال امام المحاكم العراقية لتاخذ مجراها وتحاسب المتورطين". ويذكر ان الرئيس العراقي جلال طالباني اعلن في 24 كانون الاول/ديسمبر ان مثول الهاشمي امام القضاء "في اي مكان" مرتبط بالاطمئنان الى "سير العدالة والتحقيق والمحاكمة". بحسب فرانس برس.

صفحة جديدة

الى جانب ذلك دعت كتلة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المطلوب للقضاء بتهم متصلة بالارهاب، خلال لقاء مع رئيس الوزراء نوري المالكي ، الى "فتح صفحة جديدة". وذكر بيان صادر عن مكتب المالكي ان وفد كتلة تجديد (ثمانية نواب) دعا خلال اللقاء مع رئيس الوزراء الى "فتح صفحة جديدة من التعاون والتنسيق على مختلف الاصعدة السياسية والبرلمانية". وشدد اعضاء الوفد على "اهمية التواصل المباشر مع رئيس الوزراء، مؤكدين على سعيهم من اجل تعزيز الوحدة الوطنية والمحافظة على هيبة القانون وإستقلال القضاء". كما اعرب اعضاء الوفد عن "ثقتهم بنجاح مؤتمر قمة بغداد واستعدادهم التام للتعاون من اجل تحقيق ذلك". من جهته اكد المالكي على ضرورة "التعاون بين جميع الكتل والكيانات السياسية من أجل رفعة العراق وتعزيز وحدته واستقراره، بحسب بيان اصدره مكتبه. وقال "هناك تحديات تحيط بنا، وعلينا توحيد صفوفنا لمواجهتها"، مؤكدا ان "احترام القانون واستقلال القضاء يمثلان ركنين اساسيين في نظامنا، ويجب علينا ان نعمل جميعا لتعزيز ذلك". بحسب فرانس برس.

وكتلة تجديد هو كيان شكله الهاشمي بعد انشقاقه عن الحزب الاسلامي العراقي، وفاز بثمانية مقاعد ضمن كتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي. وصدرت مذكرة اعتقال بحق الهاشمي المقيم في اربيل (320 كلم شمال بغداد) عاصمة اقليم كردستان، في 19 كانون الاول/ديسمبر الماضي بتهمة دعم اعمال ارهابية نفذتها عناصر حمايته. وكان المالكي دعا في 21 كانون الاول/ديسمبر حكومة اقليم كردستان الى تسليم الهاشمي للقضاء، علما ان نائب الرئيس، الشخصية السنية النافذة، اكد انه لن يمثل الا امام القضاء في الاقليم الكردي او في كركوك. ويستعد العراق لاستضافة القمة العربية المقبلة في بغداد في 29 اذار/مارس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/آذار/2012 - 10/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م