
شبكة النبأ: برغم من التحديدات امنية
والتجاذبات السياسية التي يشهدها العراق فما تزال الآمال معقوده على
استضافة قمة الجامعة العربية في بغداد والمقرر عقدها في اواخر شهر اذر
مارس كما تؤكد الحكومة العراقية التي تواجه الكثير من التحديات في هذا
الجانب والتي بدت عازمة على تذليل كل العراقيل والصعوبات لأجل انجاح
هذه القمة وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن قمة الجامعة
العربية ستعقد في موعدها المقرر في بغداد وجاء اعلان المالكي هذا بعد
ان هدد جناح تنظيم القاعدة في العراق بشن موجة جديدة من الهجمات ضد
الشيعة الذين يتهمهم باضطهاد المسلمين السنة في العراق بعد انتهاء عهد
صدام حسين. وأعلنت دولة العراق الاسلامية وهي مظلة للمسلحين السنة
المرتبطين بالقاعدة مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات المنسقة التي
استهدفت في الاساس قوات الشرطة في مناطق شيعية. وسلط العنف الضوء على
التهديد الذي لا تزال تمثله القاعدة وجماعات متشددة اخرى لقوات الامن
بعد انسحاب القوات الامريكية في منتصف ديسمبر كانون الاول. وتأجلت
القمة العربية مرتين بسبب اضطرابات اقليمية وحالة من الجفاء بين بغداد
وبعض دول الخليج السنية بسبب حملة البحرين ضد المحتجين الشيعة.
وقال المالكي إن جميع الدول العربية وافقت على حضور القمة التي
ستعقد في 29 مارس اذار بما في ذلك 13 ملكا ورئيسا. وقال المالكي في
كلمة القاها امام باحثين عراقيين انه يوجه الشكر للدول العربية التي
قال بعضها انها ستتوجه الى بغداد على اي حال. وأضاف انه حتى بعد
الهجمات التي وقعت قبل بضعة ايام والتي كان الهدف منها توجيه رسالة
لمنع انعقاد القمة فانه "والحمد لله" لم يكن لها اي تأثير. وقال
المالكي إن الجامعة العربية تفقدت الاجراءات الامنية التي اتخذتها
بغداد لتأمين سلامة الشخصيات المشاركة في القمة ابتداء من الوصول الى
المطار وحتى مكان انعقاد القمة والعودة مشيرا الى ان الجامعة اعربت عن
رضاها عن هذه الاجراءات والموافقة عليها. بحسب رويترز.
وحذرت دولة العراق الاسلامية من ان الحرب بين السنة والشيعة لا مفر
منها. وقال ابو محمد العدناني المتحدث باسم دولة العراق الاسلامية في
رسالة صوتية نشرتها المجموعة المخابراتية "سايت" ومقرها الولايات
المتحدة لا مفر منها او لا يمكن تفاديها. واضاف ان المرحلة القادمة
ستكون مرحلة مواجهة حقيقية وحرب ضد الشيعة سواء ارادوا ذلك ام لا.
وستعقد القمة في بغداد في الوقت الذي تتنافس فيه القوى السنية والشيعية
على النفوذ في منطقة تتزايد فيها الانقسامات على اساس طائفي بسبب
الاضطرابات في سوريا والعقوبات الغربية ضد ايران. والعراق له علاقات
قوية مع سوريا ويتمتع المالكي بتأييد قوي من ايران الشيعية.
العلاقة مع السعودية
من جهتها اعلنت وزارة الداخلية العراقية ان وفدا امنيا عراقيا رفيع
المستوى اجرى مؤخرا في السعودية "محادثات مهمة" في اشارة اضافية على
التقارب بين بغداد والرياض. واوضحت الوزارة في بيان نشر على موقعها
الالكتروني ان "وفدا عراقيا رفيع المستوى برئاسة مستشار الامن الوطني
فالح الفياض يرافقه الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية عدنان الاسدي زار
المملكة العربية السعودية مؤخرا. واضاف البيان ان الوفد "اجرى لقاءات
مهمة مع المسؤولين السعوديين تناولت قضايا المعتقلين السعوديين لدى
العراق وسبل تحسين العلاقات الثنائية وجهود العراق في مكافحة الارهاب
وقضايا اخرى ذات اهتمام مشترك". ولم يعلن البيان عن اسماء المسؤولين
السعوديين الذين التقوا الوفد العراقي. وتمثل هذه الزيارة اشارة اضافية
مهمة على التقارب بين البلدين الجارين، بعدما قدمت المملكة الى السفارة
العراقية لدى الرياض ترشيح سفيرها لدى الاردن فهد عبد المحسن الزيد
ليكون سفيرا غير مقيم في بغداد. وتعيد هذه الخطوة العلاقات الدبلوماسية
المقطوعة منذ العام 1990 بين الرياض وبغداد. بحسب فرنس برس
ولم تكن علاقة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي (شيعي) بالرياض
جيدة في السنوات الماضية، وبدت الرياض اقرب الى منافس رئيس الحكومة
الشيعي اياد علاوي، وهو شيعي ايضا ذات توجهات علمانية ويدعمه السنة.
ويرى محللون ان الخوف الاكبر للسعودية بالنسبة للعراق هو ازدياد النفوذ
الايراني، خصوصا عقب اتمام الانسحاب الاميركي نهاية العام الماضي.
وتاتي زيارة الوفد الامني الى السعودية قبل اسابيع قليلة من انعقاد
القمة العربية.
وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان المملكة العربية
السعودية عينت أول سفير لها في بغداد منذ الغزو العراقي للكويت عام
1990 . وقال زيباري "لاول مرة منذ 1990 يعين السعوديون سفيرا للعراق.
هذا تطور إيجابي للغاية." وجاءت خطوة تحسين العلاقات بين بغداد والرياض
في الوقت الذي يواجه فيه الشرق الاوسط انقساما بين القوى الشيعية
والسنية حول أزمة سوريا والضغط الغربي على ايران.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السعودية أسامة نقلي ان المملكة
عينت سفيرها بالاردن سفيرا لدى العراق أيضا لكنه لن يكون سفيرا مقيما
بالعراق. ومن شأن نجاح قمة بغداد أن يساعد في استعادة مكانة العراق
بالعالم العربي وقد يساهم في تبديد قلق دول الخليج ازاء النفوذ
الايراني في عراق ما بعد الحرب. وقال معلقون سعوديون ان الدافع وراء
الخطوة الجديدة هو في الاغلب رغبة المملكة في تعزيز علاقتها مع العراق
قبل القمة العربية. ودعا العراق السعودية طويلا لتعيين سفير لها في
بغداد. وقال المعلق السعودي البارز جمال خاشقجي "العراق سيستضيف القمة
العربية ومن ثم سيكون هناك الكثير من النشاط الدبلوماسي. "ربما هذه هي
طريقتنا في قول 'حسنا والان لدينا سفير' دون ايفاد واحد الى هناك
بالفعل. لكن الموقف الامني ليس جيدا."
وكثيرا ما اتهم العراق السعودية وتركيا بالتدخل في شؤونه خاصة بعد
انتخابات 2010 التي أبقت رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي في منصبه
بموجب اتفاق للمشاركة في السلطة بين السنة والشيعة والاكراد.
سوريا والقمة العربية
من جانب اخر وفيما يخص المسألة السورية اكد وزير الخارجية العراقي
هوشيار زيباري في مقابلة تلفزيونية ان سوريا "ليست مدعوة" الى القمة
العربية المقبلة في بغداد، مستبعدا ايضا دعوة المعارضة السورية للحضور.
وفي موازاة ذلك، اعلن زيباري ان الحكومة العراقية "اعطت التزامات"
بانها قادرة على حماية المناطق التي ستعقد فيها القمة العربية المقبلة.
وقال زيباري في المقابلة المسجلة مع تلفزيون "العراقية" الحكومي ان "القرار
حول مشاركة سوريا في القمة ليس قرارنا بل قرار الجامعة العربية،
والعراق ملتزم بقرار الجامعة". واوضح ان "سوريا ليست مدعوة ولم نوجه
دعوة اليها بما يعني انها ليست مشمولة بالدعوات التي سنوجهها" الى
الدول العربية لحضور القمة. وذكر انه "من الآن وحتى موعد عقد القمة ومن
خلال المشاورات سنتوصل الى وضوح في هذا الموضوع". واستبعد زيباري دعوة
المعارضة السورية لحضور القمة، قائلا "من خلال ملاحظتي للقمم الاخرى،
لم تدع المعارضات الى القمم السابقة وخصوصا ان القمة تجري على مستوى
زعماء".
واعرب رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي عن امله في ان يحضر
الرئيس السوري بشار الاسد او من يمثله القمة العربية، الا انه شدد على
ان العراق سيلتزم بقرار الجامعة العربية حيال مسألة الحضور هذه. وكانت
الجامعة العربية علقت مشاركة دمشق في اجتماعاتها على خلفية الحركة
الاحتجاجية المستمرة في سوريا التي تتشارك مع العراق بحدود طولها 600
كلم.
في سياق متصل اعلن وكيل وزارة البشمركة في اقليم كردستان العراق
انور حاجي عثمان ان ثلاثين جنديا انشقوا عن الجيش السوري وصلوا الى
الاقليم الكردي، حيث لجات ايضا عائلات سورية. وقال انور حاجي عثمان في
تصريح ان "ثلاثين جنديا سوريا كرديا هربوا من الجيش السوري وصلوا الى
اقليم كردستان العراق ، وقد منحوا صفة لاجئين في الاقليم، وهم تحت
حمايتنا الآن". واوضح ان الجنود السوريين "وكلهم من الاكراد دخلوا من
منطقة حدودية بين سوريا والعراق واقليم كردستان وقد اسقبلناهم كوضع
انساني". وتابع "لن نسلمهم الى الحكومة السورية لانهم اكراد ومن حقنا
ان نحميهم". بحسب فرانس برس.
وهذه المرة الاولى التي يعلن فيها عن وصول جنود سوريين منشقين الى
العراق، علما ان اقليم كردستان يتمتع بحكم شبه ذاتي. من جهته، اعلن
بارزان برهم مراد عضو اللجنة الادارية لمخيمي القامشلي ومقبلي في
محافظة دهوك شمال العراق عن وصول عائلات وافراد متفرقين من اكراد سوريا
الى قليم كردستان العراق. وقال مراد "حتى الان، وصل الى اقليم كردستان
(العراق) خلال الفترة الماضية 15 عائلة و130 رجلا جميعهم اكراد وقد
هربوا من الملاحقات التي يتعرضون لها في سوريا". واشار الى "تواصل
توافد اكراد سوريا الى اقليم كردستان".
وذكر انه "تم توزيع هؤلاء على العائلات السورية التي تسكن في مخيمي
القامشلي ومقبلي" التي يعيش فيها نحو 1800 كردي سوري باشراف مفوضية
شؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في دهوك.
وكانت وزارة الداخلية العراقية اعلنت ان قوة من حرس الحدود تمكنت من
"صد مجموعات من المتسللين والمهربين" حاولوا العبور من سوريا نحو
العراق من منافذ عبر محافظة نينوى شمال العراق. واعلنت الحكومة
العراقية قبل ذلك انها اتخذت "التدابير اللازمة" لتعزيز السيطرة على
الحدود مع سوريا التي تشهد "احداثا واضطرابات" تنشط معها عمليات التسلل
والتهريب و"خصوصا الاسلحة". وذكرت انه "تم تشكيل لجنة لمراقبة هذه
الحدود واجراء تقييم شامل لها وتقديم رؤية بالاجراءات التي يجب اتخاذها
لمنع اية حركة على هذه الحدود، سيما في مجال تهريب السلاح". واعتمد
العراق موقفا رسميا محايدا من الازمة السورية.
مساعدة ليبيا
من جانب اخر ابدى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي استعداد بلاده
لتقديم المساعدة على كل المستويات الى ليبيا، معربا عن امله ان يتمكن
الشعب الليبي من فرض الامن والاستقرار وبناء الديمقراطية. واكد المالكي
الذي تسلم رسالة من نظيره الليبي عبد الرحيم الكيب نقلها اليه مستشاره
ناصر المناع، على "التشابه في حجم الخراب الذي تركه كلا النظامين
السابقين في كل من العراق وليبيا"، معربا عن امله بان "يتمكن الشعب
الليبي الشقيق من فرض الامن والاستقرار وبناء الديمقراطية". وبحسب بيان
المكتب الاعلامي للمالكي فان الكيب عبر في الرسالة عن "رغبة بلاده في
تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق وليبيا بالإضافة الى اعادة فتح
السفارة الليبية في بغداد". بحسب فرنس برس.
وابدى المالكي من جانبه "استعداد العراق للتعاون مع التجربة الليبية
الجديدة وتقديم المساعدة اللازمة على كل المستويات". وحول السجناء
الليبيين في العراق اكد المالكي ان "موضوع السجناء يعود الى السلطات
القضائية التي لها وحدها حق النظر في هذا الموضوع. من جانبه اعرب الوفد
الليبي عن الامل "بتعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات سيما في
مجال اعادة بناء القوات المسلحة والاجهزة الامنية والهيئات الخاصة
برعاية الانتخابات وقضايا تنظيم الانتخابات" مؤكدا على ان "البلدين
مؤهلان لاقامة علاقات جديدة ومتطورة". وابدى الوفد الليبي رغبة ليبيا
بإنجاح القمة العربية القادمة في بغداد واستعدادها للمشاركة على اعلى
المستويات.
وتستضيف بغداد قمة الجامعة العربية في 29 اذار/مارس المقبل.
الى جانب ذلك اكد رئيس الوزراء الاردني عون الخصاونة في مقابلة
صحافية انه سيزور العراق بحثا عن بدائل لامدادات الغاز المصري
المتوقفة. وقال الخصاونة لصحيفة "الغد" اليومية المستقلة ردا على سؤال
حول بدائل الحكومة امام استمرار ازمة انفجارات خط الغاز المصري "بدأنا
بالتحرك مع قطر، لكني لااجد مجالا متاحا، على هذا الصعيد، سوى من
العراق". واضاف "سأزور العراق قريبا جدا، لبحث الامر". وتابع "ان
اتصالاتنا مع القطريين لا تزال مستمرة، كما نحاول البحث في موضوع الغاز
مع الاشقاء السعوديين". ويستورد الاردن حاليا حوالى 10 آلاف برميل من
النفط العراقي الخام يوميا تشكل 10% من احتياجاته النفطية التي يتم
استيراد معظمها من السعودية. ويأمل الاردن في زيادة هذه الكمية لتصل
الى 30 الف برميل من اجل تعويض النقص الحاصل بسبب انقطاع الغاز المصري.
وشدد الخصاونة على ان "ما يجب ان نقوم به لتدارك ازمة الغاز المصري هو
التقنين، واتباع سياسات ترشيدية في الاستهلاك. اما عن بدائل حقيقية
جاهزة حتى آلان فلا يوجد لدينا". وقال "نحن نحاول اليوم زيادة الطاقة
التخزينية لدينا الى جانب تحرير الاسواق، وفتح المجال امام اكثر من
شركة". بحسب فرنس برس.
وتوقفت امدادات الغاز المصري الى المملكة بعد تعرض خط الانابيب الذي
يزود الاردن واسرائيل بالغاز المصري لتفجير، هو الثاني عشر منذ الثورة
التي ادت الى تنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة. وقال الخصاونة في 30
كانون الثاني/يناير الماضي ان تكرار انقطاع امدادات الغاز المصري سيكلف
خزينة المملكة حوالى ملياري دولار سنويا. كان الاردن يستورد 80 بالمئة
من حاجاته من الغاز المصري لانتاج الكهرباء اي 6,8 ملايين متر مكعب من
الغاز المستورد يوميا. ويعتمد الاردن حاليا على السولار وزيت الوقود
لتأمين احتياجات محطات الكهرباء. ويلقى اتفاق بيع الغاز الطبيعي المصري
الى اسرائيل الذي ابرم في عهد مبارك، معارضة شديدة لدى الرأي العام
والطبقة السياسية في مصر بسبب حصول الدولة العبرية على الغاز المصري
بسعر اقل من سعر السوق. وتستورد اسرائيل 43 بالمئة من حاجاتها للغاز
الطبيعي من مصر وتنتج 40 بالمئة من الطاقة الكهربائية من الغاز المصري
المستورد.
هذا ويرى بعض المحللين ان العراق وفي الآونة الاخيرة بداء يستعيد
مكانته المهمة باعتباره احد اهم البلدان في المنطقة والتي تأثرت بسبب
تصرفات النظام السابق وما تلته من احداث ، هذا ويرج ايضا ان تستغل بعض
القوى السياسية في العراق انقاد هذه القمة لطرح بعض القضايا الخلافية
والمشاكل السياسية الداخلية في مسعى خاص للحصول على بعض التنازلات
ولإحراج الحكومة العراقية. |