فلاديمير بوتين ... (جوكر) روسي وحيد

 

شبكة النبأ: مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في روسيا تزداد حدة المنافسة بين المرشحين وتعلوا الاصوات وتتعدد الوعود والشعارات بمستقبل زاهر وحياة كريمة، فقد وعد رئيس الوزراء فلاديمير بوتين برفع ايرادات الروس ووقف التراجع السكاني في روسيا، وذلك في تصريحات لم تقنع كثيرا المحللين. ووعد رجل روسيا القوي الذي يسعى الى الترشح لولاية رئاسية ثالثة بعد ولايتي 2000-2008 وينشر مقالا اسبوعيا منذ اكثر من شهر حول جزء من برنامجه الانتخابي، برفع الرواتب وبتقديم مساعدات اجتماعية كبيرة بحلول نهاية ولايته المقبلة.

ويؤكد بوتين ان في عهده، سترتفع رواتب اساتذة الجامعات والاطباء ب200% بين عامي 2013 و2018. كما يضمن زيادة كبيرة للمنح الدراسية ورواتب التقاعد. ومن خلال تطوير قطاع البناء وخفض اسعار مواد البناء ومعدلات الفائدة، يراهن بوتين على خفض اسعار العقارات بنسبة 20 الى 30% لتسوية بحلول العام 2030 مسألة السكن لتأمين المساكن للجميع باسعار معقولة. ويعتبر ايضا انه بحلول 2050 ستسمح سياسته بان يصل عدد سكان روسيا الى 154 مليونا وتفادي بالتالي تحويل روسيا الى "دولة فارغة" من السكان، بسبب النمو السلبي المسجل منذ سنوات للزيادة السكانية.

وقال بوتين في مقاله الطويل الذي نشر في صحيفة "كومسو مولسكايا برافدا" ان "143 مليون نسمة يعيشون اليوم في روسيا. وبحسب تقديرات خبراء اذا بقيت الظروف الحالية على حالها سيبلغ عدد السكان 107 ملايين في 2050". واضاف "اذا وضعنا وطبقنا استراتيجية فعالة للحفاظ على التوازن الديموغرافي سيترفع عدد سكان روسيا الى 154 مليونا. الثمن التاريخي لتحركنا من عدمه سيكون 50 مليون نسمة خلال 40 عاما". ولذلك يراهن بوتين على رفع المخصصات للاسر وتطبيق سياسة هجرة تسمح بدخول 300 الف شخص سنويا البلاد، اما من الروس المقيمين في الخارج او اليد العاملة المتخصصة. كما يقترح لاغراض الصحة العامة ادراج انشطة رياضية مجانية والتصدي لاستهلاك الكحول الذي يعد من ابرز اسباب الوفيات في روسيا.

وخسرت روسيا اكثر من خمسة ملايين نسمة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، وبحسب معهد روس ستات للاحصاءات ستتسارع هذه الوتيرة. وهذا نتيجة لتراجع الولادات في التسعينات والذي سيترجم في العقود المقبلة بتراجع عدد الروس الذين هم في سن الانجاب في وقت تبقى فيه الولادات متدنية جدا. بحسب فرنس برس.

وشكك المراقبون والناشطون في الحياة السياسية بهذه الوعود التي تغطي اهدافا حتى العام 2050. ونقلت وكالة انباء انترفاكس عن النائب الشيوعي سيرغي اوبوخوف قوله بسخرية "ردي على ذلك بان البرلمان سيدعو بالتأكيد بوتين في 2050 ليعرض علينا تقريره حول هذه الاهداف المذهلة". واضاف "موازنة (الدولة) لا تنص على مبلغ ال177 يورو المخصص لكل ولد ولا على زيادة رواتب الاطباء والاساتذة والعلماء". ورأى مدير المعهد الديموغرافي في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو اناتولي فيشنيفسكي ان المقترحات المعلنة صعبة التحقيق في المجال الديموغرافي. وقال "الحفاظ على عدد السكان بالمستوى الحالي سيكون امرا جيدا، ورفعه الى 150 مليونا غير واقعي. وروسيا في مرحلة تشهد تراجعا في عدد سكانها وهي وتيرة ستستمر".

ووعد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين باعادة تسليح روسيا بشكل "غير مسبوق" مؤكدا ان ذلك اصبح ضروريا نظرا لسياسة الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي. وفي مقال طويل نشرته صحيفة روسيسكايا غازيتا خصصه للمسائل العسكرية، ابرز بوتين ضرورة الرد على نشر الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي الدرع الصاروخية في اوروبا. وقال بوتين ان "المرحلة تقتضي سياسة حازمة وتعزيز نظام الدفاع الجوي والفضائي للبلاد، ان سياسة الولايات المتحدة والحلف الاطلسي في مجال الدفاع الصاروخي هي التي تدفعنا الى ذلك". واوضح ان "23 الف مليار روبل (590 مليار يورو) ستخصص في المجموع لتلك الاهداف (اعادة التسليح) خلال العقد المقبل" مؤكدا انه "في هذا المجال ليس هناك ابدا مبالغة في الوطنية. واضاف "يجب ان نبني جيشا جديدا حديثا، قادرا على التعبئة في اي حين".

وتابع "اننا نرى نزاعات محلية واقليمية تندلع بدون انقطاع ومناطق ينعدم فيها الاستقرار، يتلاعبون فيها بالفوضى ويدفعونها الى الاستمرار، ونرى محاولات اثارة مثل تلك النزاعات قرب حدودنا وحدود حلفائنا" مستعيدا اتهامات متكررة في روسيا تستهدف الغربيين. وقال بوتين "اننا نرى الى اي درجة تنحط مبادئ القانون الدولي" في حين تظل روسيا اكبر داعم لسوريا في وجه الغربيين الذين ينددون بقمع النظام السوري الذي يخلف الاف القتلى. واضاف بوتين "وفي هذه الظروف لا يمكن روسيا ان تكتفي بطرق دبلوماسية واقتصادية لتسوية النزاعات، من واجبنا تطوير قدرات روسيا العسكرية". وكتب بوتين "يزعم البعض احيانا ان اعادة احياء المجمع العسكري الصناعي عبء على الاقتصاد، وثقل لا يحتمل يقال انه ادى الى افلاس الاتحاد السوفياتي في ما مضى، انا على يقين بان هذا خطا كبير". وخلص بوتين الاوفر حظا للعودة الى الكرملين في الرابع من اذار/مارس ، الى القول ان "تحديث المجمع العسكري الصناعي سيتحول الى قاطرة لتنمية عدة قطاعات". وقد اعلنت الحكومة الروسية قبل سنة خطة واسعة لتحديث الجيش بنحو 500 مليار يورو بحلول 2020.

وعد بالنصر

في سياق متصل وعد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في خطاب هجومي امام حشد هائل من انصاره بانه سيوصلهم الى "النصر" خلال "المعركة من اجل روسيا"، ودان "التدخل الاجنبي" من الانتخابات الرئاسية التي يرجح فوزه فيها. وقد جرى هذا التجمع الكبير دعما لرجل روسيا القوي في ستاد لوجنيكي في موسكو. قالت الشرطة انه ضم حوالى 130 الف شخص. وقال بوتين للجموع التي رفعت الاعلام الروسية ولافتات تحمل عبارات الدعم للسلطة "اليوم نحن المدافعون عن الوطن". واضاف ان "المعركة من اجل روسيا مستمرة والنصر سيكون لنا". واضاف "لن نسمح لاحد بالتدخل في شؤوننا الداخلية ولن نسمح لاحد بفرض ارادته علينا".

وتتهم روسيا الغرب بدعم المعارضة التي تقف وراء حركة احتجاج لا سابق لها منذ وصول فلاديمير بوتين الى السلطة في نهاية 1999. وبدأت حركة الاحتجاج بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الاول/ديسمبر وشهدت عمليات تزوير كما تقول المعارضة.

واشار بوتين الى معركة بورودينو او معركة موسكوفا التي تحتفل روسيا هذه السنة بمرور مئتي عام عليها. وقد انتصر جيش نابوليون الاول فيها لكنه ضعف الى درجة انها اعتبرت بداية فشل حملته في روسيا. واستشهد بوتين بقصيدة للشاعر ميخائيل ليرمونتوف تقول "لنمت امام موسكو.. مثل اخوتنا قبلنا". وتعتبر هذه التظاهرة ردا من السلطات على تجمعات المعارضة التي تنظم في موسكو بانتظام منذ كانون الاول/ديسمبر. ويرى المعارضون ان انتخابات الرئاسة ستشهد عمليات تزوير ايضا. بحسب فرنس برس.

من جهته، يرى النظام الروسي ان انتخاب بوتين هو الضمان الوحيد للاستقرار في البلاد. وقالت المحللة السياسية ماريا ليبمان من مركز كارنيغي في موسكو ان "الشعور بوجود قلعة محاصرة يتعزز. نحن في بلد يتم العمل على اضعافه وحتى تدميره. بوتين هو الوحيد الذي يستطيع انقاذنا وبدونه كل شىء سينهار لاننا محاطون باعداء". واضافت انه "مع رؤية كهذه للعالم، يبدو تحديث روسيا مستحيلا".

من جهة اخرى، اتهمت المعارضة ووسائل الاعلام المستقلة السلطات بدفع مكافآت مالية للمشاركين في تظاهرة اليوم او الضغط على موظفي القطاع العام ليتظاهروا. وقال احد المتظاهرين فلاديمير نيكولايفيتش وهو سائق في شركة عامة "اليوم عيد ميلادي واجبروني على القدوم". الا ان معظم المتظاهرين اكدوا انهم مؤيديون متحمسون للنظام. وقال محمد تادجييف (21 عاما) "جئت لدعم بوتين منذ ان جاء لدينا الاستقرار وروسيا محترمة في الخارج". واضاف "لا ارى شخصا يستطيع ان يحل محله وليست هناك معارضة. حاليا ليس هناك سوى بوتين".

 مؤيدون ومعارضون

 من جانب اخر اعلن بطريرك الكنيسة الارثوذكسية كيريلوس دعمه الكامل لرئيس الوزراء فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال البطريرك اثناء لقاء بين بوتين وقادة مختلف الطوائف الدينية في روسيا "لعبتم دورا شخصيا هائلا لتصحيح مسار التاريخ في بلادنا. واود ان اشكركم". وتمكنت روسيا من تجاوز الفوضى التي عمت في تسعينات القرن الماضي "بفضل معجزة الهية والمساعدة الناشطة لقادة بلادنا"، كما اضاف البطريرك متوجها الى فلاديمير بوتين الذي ترأس البلاد بين العامين 2000 و2008 قبل ان يتولى رئاسة الحكومة في 2008 حتى الان. وبعد اول تظاهرة كبرى للمعارضة في كانون الاول/ديسمبر في موسكو دعا البطريرك كيريل الى تجنب تكرار ثورة 1917 التي اغرقت البلاد في "حمام دم"، في تحذير موجه على ما يبدو الى المتظاهرين المناهضين لبوتين. واستطرد البطريرك قائلا ان "الارثوذكس لا يعرفون التظاهر. فصوتهم ليس مسموعا. وهم قلقون مما يحدث ويجرون مقارنة مع لااخلاقية سنوات ما قبل الثورة"، الفوضى وتدمير البلاد في التسعينات. ولفت الكسي بيغلوف المؤرخ المتخصص بشؤون الكنيسة الارثوذكسية "ان الكنيسة بامكانها ان تشجع على اجراء حوار بين المعارضة والحكم لكنها لم تغتنم الفرصة لتصبح قوة ثالثة. ويؤكد حوالى 70% من الشعب الروسي انهم ارثوذكس، حتى وان كان عدد الذين يمارسون الشعائر الدينية بانتظام لا يتجاوز 5 او 7% بحسب استطلاعات رأي مختلفة. بحسب فرنس برس.

وكان بوتين اعلن لدى وصوله الى الكرملين في العام الفين "ان الكنيسة الارثوذكسية هي حارس القيم الاخلاقية والروحية في روسيا". ومنذ ذلك الحين يلتقي بوتين الذي عمل سابقا في اجهزة الاستخبارات السوفياتية البطريرك بشكل منتظم، وتلتقط له الصور وهو يحمل شمعة بيده في كنيسة ويحضر القداديس اثناء الاعياد الكبرى. ورأى الكسندر فرخوفسكي من مركز الابحاث سوفا "ان السلطات بحاجة للشرعية الرمزية التي يمكن ان تمنحها اياه الكنيسة". من جهتها استعادت الكنيسة الارثوذكسية من الدولة الكنائس والاديرة التي صودرت ابان الحقبة السوفياتية وبات هناك وجود للكهنة في الوحدات العسكرية وحصص لتعلم الثقافة الارثوذكسية في المدارس.

واعتبر بوريس فاليكوف من مركز الدراسات المقارنة بين الديانات "ان هذا التحالف مع الحكم يحد من هامش المناورة لديها، فالبطريرك رهينة علاقاته مع السلطات". وقد عبرت شخصيات عدة من الكنيسة الارثوذكسية بوضوح عن دعمها لفلاديمير بوتين ورفضها للمعارضة. واعرب الاب فسفولود تشابلين مسؤول العلاقات بين الكنيسة والمجتمع في البطريركية عن ارتياحه لعودة بوتين المحتملة الى الكرملين، الذي اعلن بحسب قوله "فترة طويلة من السلام والاستقرار واستبعد اي خطر للثورة". وبرز الاب تشابلين بموقف متميز عندما اقترح ارسال ناشطي المعارضة الى الجيش "ليصنع منهم رجالا".

من جهته وصف الاب الروحي للبطريرك، الارشمندريت ايليا التظاهرات بانها "استفزاز لاناس يسعون الى اثارة الفتن في روسيا". والمح ايضا الى ان المتظاهرين يتقاضون اموالا مكررا بذلك اتهاما اطلقه قبله فلاديمير بوتين. لكن صدرت ردود فعل مختلفة جدا من كهنة ارثوذكس اخرين على المدونات وشبكات التواصل الاجتماعية على الانترنت. وقال الكسي اومينسكي وهو كاهن من موسكو على موقع "الارثوذكسية والعالم" "ان القول ان المتظاهرين يتقاضون اموالا من الغرب ومن اولئك الذين يريدون تنظيم ثورة جائر. الناس يحتجون لاسباب اخلاقية". واضاف ان الكنيسة يجب ان تسمع صوتها "لدعم البحث عن الحقيقة ورفض العيش في الكذب".

الى جانب ذلك و بحسب التلفزيون الروسي الرسمي، هناك مرشح واحد للانتخابات الرئاسية قادر على تقديم مقترحات ملموسة للبلاد هو رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين. وخصصت القناة الاولى الروسية اكثر من سبع دقائق قرأ خلالها صحافيون مقتطفات طويلة من مقال خاص لبوتين. ويقول صحافي في الختام "حتى الاشخاص الذين ينتقدون بوتين يقرون بان مستوى المامه بالمسائل الاجتماعية اعلى من منافسيه". وسيضطر ثلاثة من المرشحين الاربعة الاخرين الشعبوي فلاديمير جيرينوفسكي والشيوعي غينادي زيوغانوف ومرشح الوسط سيرغي ميرونوف، الى الانتظار لتخصص نشرة الاخبار بعض الوقت لحملتهم رغم انهم ليسوا من المنتقدين الشرسين للنظام.

ويظهر زيوغانوف في تحقيق يستمر اربع دقائق ونصف الدقيقة لدعوة انصار النظام ومعارضيه الى تفادي المواجهة. ويتطرق ميرونوف الى عمل مجلس الشيوخ الروسي في حين يظهر جيرينوفسكي وهو يتحدث عن الحيوانات. ويقول جيرينوفسكي امام طلاب في معهد زراعي "في طفولتي كان لدي ارانب وحمامات ودجاجات وماعز. لكنني مع الماعز خدعت ووالدتي بعد شراء ذكرين وبالتالي لم يكن بوسعنا الحصول على حليب". وفي اليوم التالي قال جيرينوفسكي خلال مؤتمر صحافي غاضبا "كنت في اكاديمية الزراعة وتبث القناة الاولى فقط ما اوردته عن الارانب في مرحلة طفولتي. ما معنى ذلك؟ ان هذا هو كل ما اتحدث عنه مع الناخبين؟". ثم قال متوجها الى الكاميرات "هل تصورون؟ لكن هناك من يراقب ويختار اللقطات في الاستوديو ولهذا السبب لا ينشر التلفزيون كل شيء".

وسجل الحزب الشيوعي هذا الخلل، فمن الفترة الممتدة من 2 الى 11 شباط/فبراير خصصت خمس قنوات 680 دقيقة لبوتين مقابل 146 دقيقة لجيرينوفسكي و65 دقيقة لزيوغانوف. وتسيطر ثلاث قنوات على الوسائل السمعية-البصرية في روسيا هي قناتا بيرفي كانال وروسيا العامتان وان تي في الخاصة التي تسيطر عليها مجموعة غازبروم. اما القنوات الاخرى فتبث برامج ترفيهية او لا يغطي بثها الا المدن الكبرى.

وان كانت القنوات الثلاث الرئيسية تغطي بعض انشطة المعارضة منذ اطلاق مطلع كانون الاول/ديسمبر تظاهرات الاحتجاج في روسيا، تبقى هذه المواضيع نادرة. ووجهت رابطة الناخبين، التجمع الذي يضم شخصيات معارضة في مجالي الثقافة او الصحافة المستقلة، رسالة الى اللجنة الانتخابية انتقدت فيها هذا التمييز. وقالت المنظمة "اي معلومات يقدمها رئيس الوزراء تعرض على انها الحقيقة المطلقة. ليس هناك تعليقات خبراء وملاحظات المعلقين فيها نبرة اخلاص لبوتين". ولا مجال لمواجهة بين بوتين وخصومه لان رئيس الوزراء رفض المشاركة في مناظرات تلفزيونية. ويعتبر انصار بوتين ان هذه الشكاوى تدل على ضعف خصومه. وقال سيرغي نيفيريوف القيادي في الحزب الحاكم "ان ممثلي المعارضة يسعون مسبقا الى تبرير اخفاقاتهم المقبلة لانهم يعلمون جيدا انه لا يمكن لاي مرشح الوقوف في وجه بوتين".

من جهة اخرى وضع محتجون صفوفا من لعب الاطفال مصنوعة من البلاستيك على شكل أفيال ونمور وأشخاص يحملون لافتات ضد حكم رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الممتد منذ 12 عاما (كرئيس ورئيس وزراء) في مدينة بارناول السيبيرية التي حظرت المظاهرات قبل الانتخابات الرئاسية. ورفضت السلطات المحلية منح تراخيص لتنظيم مظاهرات احتجاج على نتائج الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في ديسمبر كانون الاول وفاز فيها حزب روسيا المتحدة بقيادة بوتين بأغلبية ضئيلة وعلى خطة بوتين للترشح للرئاسة. وظهرت اللعب الصغيرة على الجليد في الميدان الرئيسي للمدينة في احدث أشكال المظاهرات "متناهية الصغر". وذكر مسؤولون ان طلبا قدم في وقت سابق لتنظيم المظاهرة بلعب الاطفال رفض استنادا الى أنها لا ينطبق عليها وصف "مواطنين روس". وقال سيرجي مامييف انه يمثل حركة "ديسمبريستس بارناول" "سلطاتنا لا تفهم حرية التعبير." ويسلط الاحتجاج بلعب الاطفال الضوء على القيود التي تواجهها جماعات عدة في أنحاء روسيا تعاني من أجل الحصول على تصاريح لتنظيم المظاهرات. بحسب رويترز.

في سياق متصل شارك مئات المواطنين الروس في مظاهرة بالسيارات في شوارع العاصمة موسكو ضد رئيس الوزراء الروسي. وتحركت السيارات المُزينة بالأشرطة البيضاء والبالونات التي أصبحت رمزا لأكبر حركة احتجاجية ضد حكم بوتين في شوارع المدينة ردا على مسيرة نظمها أنصاره. وقال مواطن يدعى ديمتري (29 عاما) أثناء وقوفه بجانب سيارة حمراء مُزينة بأشرطة بيضاء "هناك الكثير من الاشخاص الذين لا يؤيدون السلطات الحالية. خرجنا لنوضح... اننا لا نوافق على (الوضع الراهن) كما نريد ان يعرف آخرون حجم أعدادنا."

وقد يؤدي نجاح بوتين في الانتخابات الرئاسية القادمة الى بقائه في السلطة حتى عام 2024.

ونقلت وكالة ايتار تاس للانباء عن مسؤول بالشرطة قوله ان 150 سيارة شاركت في الاحتجاج ضد بوتين للمطالبة باجراء انتخابات نزيهة. كما نقلت اذاعة راديو ايكو موسكفي الليبرالية عن المنظمين قولهم ان 2000 شخص شاركوا في المسيرة الاحتجاجية.

لوحات جدارية

الى جانب ذلك يعتبر فلاديمير بوتين المفضل لدى زبائن مصنع يقع بالقرب من سان بطرسبورغ وينتج منذ اثنتي عشرة سنة لوحات جدارية من النسيج تحمل صورا لرجل روسيا القوي الذي وصل إلى الحكم في العام 2000. وتقول بولينا فاسيلييفا المسؤولة عن معمل أوزور في فيريتسا الواقع على بعد خمسين كيلومترا من مدينة سان بطرسبورغ مسقط رأس بوتين "نصنع لوحات جدارية لفلاديمير بوتين بشكل مستمر منذ العام 2000". وتضيف "لدينا زبائن من مدن روسية أخرى ومن بلدان أخرى أيضا"، ولا سيما في الجمهوريتين السوفياتيين السابقتين أوكرانيا وبيلاروسيا.

ويبيع المصنع ست لوحات جدارية مختلفة مؤلفة من صور بالأبيض والأسود للرئيس الروسي السابق إلى زبائن متنوعين من المتاجر الكبيرة إلى الأفراد مرورا بدوائر محلية. وينتج المصنع أيضا لوحات جدارية من القماش تحمل صورا لشخصيات سياسية روسية أخرى لكن فلاديمير بوتين هو "القائد المطلق" بالنسبة إلى الزبائن، يليه الرئيس ديمتري ميدفيديف. وتضيف المسؤولة أن المصنع باع في غضون اثنتي عشرة سنة 600 ألف لوحة تقريبا تحمل صور شخصيات من العالم السياسي ومن عالم السينما. ويبيع المتجر التابع للمصنع اللوحات التي تمثل بوتين بثمن يتراوح بين 450 و850 روبل (بين 11 و21 يورو تقريبا) وفقا لحجمها. بحسب فرنس برس.

الى جانب ذلك نفى متجر للمجوهرات في سان بطرسبورغ امتلاك تمثال نصفي لفلاديمير بوتين مصنوع من الذهب، بحسب ما جاء في خبر تناقلته وسائل الإعلام المحلية. وكانت صحف وإذاعات محلية عدة في سان بطرسبورغ قد أفادت بأن متجر مجوهرات "زولوتوي" سيقدم تمثالا نصفيا مصنوعا من الذهب يزن 16 كيلوغراما لرئيس الوزراء الروسي

كان من المتوقع تذويب هذا التمثال لصناعة مجوهرات تعود أرباح مبيعاتها إلى أطفال مصابين بالسرطان، بحسب معلومات عزي مصدرها إلى متجر المجوهرات. وصرحت شركة "زولوتوي" في بيان خاص"لا صلة لنا بهذه القصة. فنحن لا نعتزم المشاركة في حملات مؤيدة لفلاديمير بوتين أو معارضة له".

دور المراقب

 من جهة اخرى وبرغم  من تحذيرات فلاديمير بوتين الذي اتهم المنظمات غير الحكومية بالتواطؤ مع القوى الاجنبية، يتوافد المتطوعون الى رابطة "المواطن المراقب" الروسية التي تعتزم مراقبة الانتخابات من اجل مكافحة التزوير. وقالت ايرينا برافنيتشنكو (37 عاما) منسقة الرابطة امام ثلاثين شخصا "انه مشروع تطوعي، لن نعطي اي اجر". قد توافد المتطوعون طوال النهار للاستماع طوال ساعة الى محاضرة ايرينا حول دور المراقبين. وسيتابع هؤلاء المتطوعون ايضا تدريبا لاربع ساعات قبل الحاقهم بمركز تصويت. وفي الرابع من اذار/مارس المقبل سيقومون بمراقبة عمليات التصويت والفرز ثم استسلام نسخة عن النتائج في النهاية. ولكي يحظوا بوضع المراقبين رسميا، ابرمت الرابطة اتفاقات مع احزاب سياسية او وسائل اعلام لديها امكانية اعتماد ممثلين في مراكز التصويت.

وقال مارينا زايتسيفا (28 عاما) وهي من المتطوعين الذين تم التقاؤهم في المكان انها تطوعت بعد عمليات التزوير التي نددت بها المعارضة في الانتخابات التشريعية التي جرت في الرابع من كانون الاول/ديسمبر الماضي وفاز بها حزب روسيا الموحدة الحاكم بحوالى 50 بالمئة من الاصوات. واضافت هذه العالمة البيولوجية "ان نتائج الانتخابات التي يبثها لنا التلفزيون، النتائج الرسمية، تبدو لي انها لا تعكس الحقيقة. اريد ان ارى بنفسي ما يحدث".

وقد نشرت المعارضة بعد الانتخابات اشرطة فيديو على الانترنت تتناول عددا من تقنيات التزوير مثل جولة على مراكز التصويت بالباص للتصويت مرات عدة مع توكيل مزور وشراء ناخبين بحفنة من الروبلات. ورفضت غالبية الشكاوى التي رفعت بعد تلك الانتخابات بحسب ايرينا. وحذرت المنسقة المتطوعين من احتمال تعرضهم للضغوط والتخويف وحتى الطرد بالقوة من مراكز الاقتراع. بحسب فرنس برس.

لكن عدد المتطوعين تضاعف عشر مرات قياسا الى الاقتراع الاخير ليرتفع من خمسمئة الى خمسة الاف في العاصمة وحدها بحسب ايرينا. وقد انشئت حركات عديدة بهدف تعبئة الروس للانتخابات الرئاسية منذ كانون الاول/ديسمبر. وفي اواخر كانون الثاني/يناير الماضي اسس عدد من المشاهير الروسي امثال الكاتبين ليودميلا اوليتسكايا وبوريس اكونين او نجم الروك المناهض للسوفيات يوري شفتشوك "رابطة الناخبين" التي من اهدافها تنسيق عمل المراقبين. كما انشأ المدون المناهض للفساد الكسي نافالني احد الوجوه البارزة في المعارضة حركة المراقبين روسفيبوري.

واعتبرت ليليا شيبانوفا مديرة منظمة غولوس وهي منظمة اخرى غير حكومية للمراقبين نشطت كثيرا اثناء الانتخابات التشريعية "ان الوضع يتغير بشكل جذري مع مراقبين جيدين". لكنها اضافت "للاسف ليس من الممكن مراقبة كافة مراكز الاقتراع ال95 الفا". وفي كانون الاول/ديسمبر الماضي وجدت غولوس الممولة باموال غربية نفسها مستهدفة من الحكم اذ شل هجوم الكتروني انذاك موقعها على الانترنت اثناء الاقتراع. وشبه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين المنظمات غير الحكومية الممولة من الخارج بيهودا.

وازاء تعبئة المعارضة وعد بعد ذلك بنصب كاميرات في جميع مراكز التصويت يمكن مشاهدة صورها عبر الانترنت. لكن شيبانوفا اعتبرت ان ذلك لن يكون كافيا اذ ان العديد من مراكز الاقتراع لا تحظى بخط انترنت كاف لنقل صور. اضافة الى ذلك فبسبب القانون الانتخابي في هذا البلد الذي يوجد فيه تسع مناطق زمنية، فان نقل الصور سيقطع عند نهاية التصويت في كل مركز حتى اقفال صناديق الاقتراع في المنطقة الواقعة في اقصى الغرب عند الساعة 20,00 في كالينينغراد، اي الساعة 21,00 في موسكو (17,00 ت غ).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/شباط/2012 - 6/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م