
شبكة النبأ: في كل يوم تصدر تصريحات
من الجانب الإيراني والإسرائيلي ينم عن تحديات مستقبلية، وتشير تقارير
عن استعدادات عسكرية، ولاشك أن مظاهر التصعيد السياسي والعسكري بين
ايران واسرائيل يعبر عن مخاطر عدة. وبالرغم من اعلان ايران عن رغبتها
في العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن أزمة برنامجها النووي هناك غموض
يلف البرنامج، فأن إيران تعيش حالة من التحدي تواجهها من خلاله دول
المنطقة التي تريد ان تحد من نفوذها من جانب وحالة الصراع مع التقدم
العلمي.
وأفادت تقارير استخبارية امريكية بأن ايران لم تعمل على الحصول على
القنبلة النووية لكن ما يصر عليه ويتحدث به باستمرار مسؤولين أميركيين
وإسرائيليين وبشكل علني عن ضرورة شن هجوم عسكري على المنشآت النووية
الإيرانية، ايران من جهتها أكدت أنها لن تسع لامتلاك سلاح نووي. لكنها
تؤكد مواصلة نشاطاتها النووية بعد مغادرة وفد الوكالة الدولية للطاقة
الذرية طهران عقب محادثات فشلت في تبديد المخاوف من مساعي ايران
لامتلاك سلاح نووي.
وبالرغم من عجز الأدارة الأمريكية أمام البرنامج النووي الإيراني،
يبقى الخيار العسكري مطروح من خلال القيام بغارات جوية لأسابيع متتالية
ومتعددة ضد المنشآت النووية الإيرانية، لكن بعد ان يقدم المسؤولين
العسكريين خيارات أفضل.
وهناك أسئلة مطروحة تتعلق بمدى احتياج ايران إلى القنبلة النووية،
فهي قدمت انجازات نووية أعلنت عنها طهران مؤخرا، مما صعد التوتر بين
إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة والغرب عموما من جهة أخرى.
ويرى محللون سياسيون إن إيران تسير على خطى دول مثل الصين وفيتنام،
لكن ما تواجهه من تحديات وتآمر يتحتم عليها مواجهة ما يجري والصمود من
أجل تحقيق أهدافها. وهناك نظرة داخل ايران نفسها للبرنامج النووي وينظر
بعض القادة الإيرانيين الإصلاحيين إلى الأسلحة النووية باعتبارها أدوات
ردع، فإن المحافظين ينظرون إليها بوصفها وسيلة حاسمة لترسيخ التفوق
الإيراني بالمنطقة.
واعتبر محللون ومسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية بنتاغون أن مهمة
الغارة على المنشآت النووية الإيرانية ستكون كبيرة بالنسبة للطائرات
الإسرائيلية التي ستواجه جملة من العقبات.
ويرى خبراء أن هذا التقييم جاء من مسؤولين عسكريين أميركيين ومحللين
مقربين من البنتاغون قالوا إن الهجوم الإسرائيلي الذي يهدف إلى تقويض
البرنامج النووي الإيراني سيكون عملية كبيرة ومعقدة.
وأن ذلك يختلف عن الضربات الجراحية التي شنتها إسرائيل على ما قيل
إنه موقع المفاعل النووي السوري عام 2007، ومفاعل تموز أوزيراك في
العراق عام 1981.
ويرى الفريق ديفد ديبتولا -الذي تقاعد العام الماضي من القوات
الجوية بعد أن خطط لحملات 2001 في أفغانستان وحرب الخليج 1991- قال إن
المهمة ليست بهذه السهولة. وفي مؤشر على القلق الأميركي من شن إسرائيل
هجوما على إيران، التقى مستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون يوم
الأحد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد يوم من تحذير رئيس
الأركان المشتركة مارتن ديمبسي من أن الضربة الإسرائيلية في الوقت
الراهن ستكون مزعزعة للاستقرار.
وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ليس من
الحكمة في شيء أن تقوم إسرائيل الآن بهجوم على إيران. بحسب صحيفة
نيويورك تايمز.
ويرى مراقبون أن الخطوط العريضة المحتملة لهجمة إسرائيلية باتت مصدر
جدل في واشنطن، حيث أخذ بعض المحللين يتساءلون عما إن كانت إسرائيل
تملك القدرة العسكرية اللازمة لتنفيذ المهمة. ويخشى محللون أن تضطر
الولايات المتحدة إلى المشاركة لإنهاء العملية، وهو ما يتطلب منها
أسابيع للقيام بذلك رغم ما تملكه من ترسانة عسكرية أكبر، كما يخشون أن
تقوم إيران برد انتقامي.
وكان مدير وكالة المخابرات المركزية في الفترة ما بين 2006 و2009
مايكل هايدن قال الشهر الفائت إن الهجمات الجوية التي تستطيع أن تقوض
البرنامج النووي الإيراني بعيدة عن قدرات إسرائيل، عازيا ذلك إلى
المسافة التي ستقطعها الطائرات لتنفيذ المهمة.
وبما أن إسرائيل ستسعى إلى استهداف المواقع النووية الرئيسية
الأربعة في إيران، فإن المشكلة -حسب محللين عسكريين- تكمن في كيفية
الوصول إليها. فهناك ثلاثة مسارات محتملة: إلى الشمال من تركيا، وإلى
الجنوب من السعودية، أو المسار الذي يمر عبر الأردن والعراق.
ويقول محللون إن الممر عبر العراق هو المرجح لأن ذلك البلد لا يملك
الآن قوات دفاعية جوية، وأن الولايات المتحدة لم تعد ملتزمة كانون
الأول الماضي بتوفير الحماية الجوية. أما المشكلة الثانية بعد سماح
الأردن بالمرور فهي المسافة. فإسرائيل ستضطر لاستخدام طائرات خاصة
للتزويد بالوقود، ولكن تل أبيب لا تملك ما يكفي من هذه الطائرات التي
تحتاج هي أيضا إلى حماية، الأمر الذي يتطلب طائرات مقاتلة أخرى.
والمشكلة الأخرى هي أن الصواريخ الإيرانية قد تدفع الطائرات الحربية
الإسرائيلية للمناورة وهو ما يضطرها لاستخدام ذخيرتها قبل أن تصل إلى
أهدافها. كما أن إيران قد ترد بإطلاق صواريخ على إسرائيل فتفتح جبهة
جديدة في الشرق الأوسط.
لكن هناك حلول أخرى لتفادي وقوع أية حرب فقد يرى محللون سياسيون ان
المخاوف الغربية زائفة إزاء البرنامج النووي الإيراني، وإن الحلول
المنطقية للأزمة بين إيران والغرب من شأنها تجنب إزهاق آلاف الأرواح
بشكل غير ضروري.
حيث أشار الكاتب البريطاني جون مولر إلى ما وصفها بالحرب الخفية بين
إيران وإسرائيل، وإلى ما وصفه بالرد الإيراني على سلسلة الاغتيالات
التي تعرض لها علماؤها النوويون، موضحا أن طهران وحلفاءها ربما ردوا عن
طريق استهداف إسرائيليين في الهند وجورجيا وتايلند.
وقد يكون القادة الإيرانيين صادقين في زعمهم المتمثل في أن برنامجهم
النووي هو للأغراض السلمية، مضيفا أنه حتى لو امتلكت إيران أسلحة نووية
أسوة بإسرائيل، فسرعان ما تكتشف أنها عديمة الجدوى، وأنها مجرد مضيعة
للوقت والمال ولمهارات الخبراء.
أن الأسلحة النووية ربما ليس بمقدورها منع حرب عالمية ثالثة في
العالم، خاصة وأن التاريخ يخبر بأن الاتحاد السوفياتي السابق لم يخطط
أبدا لعدوان بالأسلحة النووية ضد أوروبا أو الولايات المتحدة. وإن ما
ينطبق على أوروبا والعالم ينطبق على إيران، ففي حال امتلاك طهران
للقدرة النووية، فإنها لن تستخدمها سوى للشهرة والهيبة والردع.
ويرى محللون سياسيون أن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية قد
يسفر عن تعثر وتأخير البرنامج النووي الإيراني، ولكن الرد الإيراني
سيتمثل في التصميم على المضي قدما للحصول على الأسلحة النووية.
كما أن إيران قد تجعل الحياة أكثر صعوبة أمام جنود حلف شمال الأطلسي
والجنود الأميركيين في أفغانستان المجاورة. وهناك دعوة إلى التمهل
ومحاولة حل الأزمة النووية الإيرانية عبر المفاوضات، فذلك ما يجنب
الجميع إزهاق آلاف الأرواح بلا مبرر. |