شبكة النبأ: جددت سلسلة التفجيرات
التي هزت بغداد وست محافظات أخرى راح 60 شخصا وأصيب أكثر من 250 آخرين
المخاوف من احتمال تقويض الأمن النسبي وزيادة نسبة الانقسامات السياسية
والطائفية.
لكن ما يقلق أن الهجمات الإرهابية جاءت في وقت تحدثت فيه تقارير عن
هجرة الجماعات الجهادية الى سوريا التي تريد ان تثبت وجودها من خلال
هذه الهجمات وان تثبت أنها موجود وتعمل في العراق. ويشهد العراق تجارة
رائجة يعتاش البعض عليها من خلال صناعة الإرهاب والتجارة في أمن الدولة
والمواطن.
ومن الملاحظ أن التنظيمات الإرهابية تعمل وفق تكتيك مدروس حيث توجه
ضربات موجعة متتالية بدلا من الهجمات المتفرقة التي لا تحدث ضجة
إعلامية وسياسية. ولاشك فان خريطة الأمن المتبعة من قبل الأجهزة
الأمنية عبارة عن خطوط بيانية متبعثرة فوضوية ومعقدة ، وهناك صراعات
داخل الأجهزة الأمنية، مما يصعب تحديد الجهة التي تقف خلف أحداث العنف.
وهناك رؤى مختلفة وتفسيرات حول طبيعة التفجيرات ومن يقف خلفها فانها
جاءت في وقت أعلنت فيه المحكمة الخاصة بقضية الهاشمي عن محاكمتها
الهاشمي غيابيا. وكذلك موضوع القمة العربية التي يراد عدم انعقادها.
ولكن الأمر الأكثر أهمية والذي يعتبر أصل الموضوع هو التكتيك المنظم
والهدف من هكذا عمليات إرهابية فان الطرق المستخدمة في توجيه ضربات
كبيرة تحمل تحليلات كثيرة حول طبيعة إدارة هذه الهجمات ومن يقف خلفها.
دولة العراق الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة من جهتها أعلنت عن
تنفيذ هذه الأعمال الإجرامية فقد نفذث ثلاثين هجوما في أنحاء العراق
كانت أكثرها في بغداد، حيث شهدت سلسلة من التفجيرات والهجمات بالأسلحة
النارية.
القوات الحكومية من جهتها بدت تقف في زاوية حرجة ولم تسلم من تعرض
نقاط التفتيش ودوريات للشرطة للمهاجمة. أعضاء البرلمان العراقي من
جهتهم متخوفون نتيجة التدهور الأمني لذا قرر البرلمان تخصيص 50 مليون
دولار لشراء سيارات مصفحة لأعضائه رغم ان المشاكل الأمنية تعصف بالبلد
وتحصد أرواح الناس، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الشارع العراقي
ويتساءل مواطنون عن مصيرهم في وقت يتخوف فيه المسؤولون وشرائهم سيارات
مصفحة.
وتعد هذه الهجمات مؤشراً خطراً ودليلاً يدل على عدم جهوز القوات
الأمنية. مما يتطلب إعادة النظر في عمل المنظومة الاستخبارية والى
اتخاذ إجراء تغييرات مدروسة من حيث الخطط والقيادات الأمنية. وان يعمل
السياسيون من أجل ضمان تحقيق تقدم سياسي من شأنه أن يوفّر تحسينات
حقيقية في الأمن، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم للعدالة.
وتبنى تنظيم القاعدة في العراق، التفجيرات التي شهدتها بغداد وعدد
من المحافظات، واكد أنها جاءت انتقاماً لما يتعرض له أهل السنة في
العراق وايران. ويرجح مراقبون أن تلك الهجمات تحمل بصمات تنظيم
القاعدة، وتهدف إلى الاستفادة من الفراغ الذي تركه انسحاب القوات
الأميركية من العراق، بالإضافة إلى عزفها على التوتر المذهبي. ومن أجل
اشعال فتيل الأزمة السياسية واثارة الفتنة الطائفية.
وأكد التنظيم أن التفجيرات نفذت بصورة متزامنة وعلى أهداف تمّ
استطلاعها وانتخابها بدقّة، لافتا إلى أنها تضمّنت مقرّات أمنيّة
ودوريّات عسكرية ورؤوس قيادات أمنية وقضائية وإدارية.
واعتبر التنظيم أن الهجمات كانت ردا سنيا على ما اسماها الجرائم
التيترتكبها الحكومة العراقية بحق ابناء السنة حسب قول بيان التنظيم.
ويعتبر بيان تنظيم القاعدة من اسرع البيانات التي تصدر عنه فقد اعتاد
التنظيم على التأخر في إصدار اي بيان له. ولاشك ان تفاقم الصراعات
السياسية يهدد الاستقرار الهش ويشهد البلد أزمة في ظل تصاعد معدلات
العنف ومن عدم الاستقرار السياسي وسط الصراع على السلطة بين الكتل
السياسية.
ان ثمن العنف أدى الى الخسائر في الأرواح على الرغم من التفاوت
الكبير بين التقديرات المختلفة. حيث تعكس الارقام معاناة إنسانية. ان
ما حصل من اعمال عنف يعكس رؤية قاتمة. وإن العنف ليست له علاقة
بالقرارات المتخذة في دول الجوار بشكل مباشر. وبالرغم من دفع جميع
الكتل السياسية باتجاه عقد مؤتمر وطني لحل الأزمة السياسية يبدو أن
الجميع ايضاً له شروط وهناك انقساماً بين السياسيين.
ويمكن القول أن التدهور الأمني قد يعمق من خلال تجانس الأحداث
المتعلقة بين الانسحاب العسكري الأمريكي ونهج الولايات المتحدة من جانب
وبين الخلافات السياسية التي تعصف بالبلد من جانب آخر. وان ما يحدث من
تدهور أمني يأتي في وقت يحتاج فيه العراقيون إلى الاستقرار الذي يأتي
بطبيعته من خلال ان تضبط الجهات الحكومية نفسها.
وينبغي على قادة البلد من زعماء دينين وسياسيين الكف بشكل علني عن
قبول سلوك السياسيين. ويتوجب على الجميع اتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه
الأزمة السياسية والأمنية. |