روسيا وامريكا... صراع قديم متجدد

عبد الامير رويح

 

شبكة النبأ: تشهد العلاقة الروسية الامريكية شيء من التوتر الحذر بسبب عودة بعض الخلافات القديمة والتي تجددت بعد اعلان امريكا نيتها بناء نظام الدرع الصاروخي بهدف الحماية، الامر الذي يثير مخاف روسيا وتعتبره تهديدا صارخا لأمنها واستقرارها خصوصا مع تنامي حدة الخلاف في المنطقة واتساع لغة التهديد بين بعض البلدان، فقد ذكر تقرير أصدره مسؤولون كبار سابقون من جانبي المحيط الاطلسي ان الدفاع الصاروخي وهو القضية التي سممت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا يمكن أن "يغير من قواعد اللعبة" ويحول مجرى العلاقات اذا ما تعاون الجانبان على بناء نظام مشترك. وتعيد عناوين الصحف الرئيسية بالبلدين في الآونة الاخيرة الى الاذهان ذكريات الحرب الباردة مع تهديد الروس بنشر صواريخ تهدف الى مواجهة درع صاروخية امريكية مقترحة بينما يرد الامريكيون بأنهم سيبنون النظام مهما حدث. وفي اطار الدرع الامريكية المقترحة والمدعومة من حلف شمال الاطلسي ستنشر الولايات المتحدة صواريخ اعتراضية في اوروبا وحولها فيما تصفها واشنطن بانها حماية متعددة المستويات ضد الصواريخ التي يمكن أن تطلق من قبل دول مثل ايران. وتقول موسكو ان هذا قد يقوض أمنها اذا اصبحت الدرع قادرة على ابطال الرادع النووي الروسي.

والان وضعت لجنة دولية تعمل على هذه القضية منذ سنتين مفهوما أساسيا للتعاون بمساعدة عسكريين محترفين من كلا الجانبين. وينص الاقتراح الجديد الذي توصلت اليه لجنة الامن الاوروبية الاطلسية على ان الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي وروسيا قد يتبادلون البيانات من الرادارات والاقمار الصناعية بشأن الهجمات الصاروخية وبالتالي يزود كل جانب الاخر بصورة اكثر اكتمالا حول أي هجوم من الصورة التي قد تصل اليها كل دولة بمفردها. لكن سيبقى كل طرف مسؤول عن اسقاط أي صواريخ تهدده. فكل طرف سيبقى صاحب السيادة والقيادة والسيطرة على صواريخه الاعتراضية.

وقال ستيفن هادلي وهو رئيس مشارك لمجموعة العمل التي قدمت هذا الاقتراح "في حين ان الروس متشككون نوعا ما بشأن ما اذا كانت ايران تشكل تهديدا... فان الروس جادون جدا فيما يتعلق بمخاوفهم بشأن باكستان التي تملك صواريخ ذاتية الدفع واسلحة نووية.". واضاف هادلي الذي شغل منصب مستشار الامن القومي للرئيس الامريكي السابق جورج بوش وهو عضو بالحزب الجمهوري ان مجموعة عمل تضم خبراء من الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا خلصت الى انه هناك ما يكفي من التهديد من انتشار قدرات الاسلحة النووية والصواريخ ذاتية الدفع التي يصل مداها الى 4500 كيلومتر وبالتالي فان هناك حاجة لدفاعات.

وقال "بناء الدفاعات يستغرق وقتا طويلا واخر شيء تود ان تكون فيه - اذا كنت تبني دفاعات هو الوصول متأخرا الى الحفل." وترأس هادلي مجموعة الدفاع الصاروخي بالاشتراك مع فولكر روهي وهو وزير دفاع سابق لالمانيا وفياتشيسلاف تروبنيكوف وهو نائب وزير خارجية سابق لروسيا وجنرال متقاعد.

ومفهوم النظام المشترك وضعه هنري اوبرينج الرئيس السابق لوكالة الدفاع الصاروخي الامريكية وفيكتور ايسين الرئيس السابق لهيئة اركان قوة الصواريخ الاستراتيجية الروسية. واقتراح الدفاع الصاروخي جزء من تقرير أكبر للجنة الامن الاوروبية الاطلسية والذي قال انه ينبغي على الولايات المتحدة ودول حلف شمال الاطلسي وروسيا التعاون فيما يتعلق بقضية القطب الشمالي وقضايا الطاقة والنزاعات الاقليمية الى جانب الدفاع الصاروخي. وكشف عن هذا التقرير مطلع الاسبوع الجاري في مؤتمر سنوي بشأن الامن الدولي في المانيا. وقال المقترح "من شأن هذا التعاون الناجح في الدفاع الصاروخي تغيير قواعد اللعبة سيقطع شوطا طويلا نحو التغلب على تركة من الشكوك التاريخية وتحقيق التحول الاستراتيجي المطلوب." واضاف "التعاون في مجال الدفاع الصاروخي يؤسس نمطا للعمل الجماعي وبناء الثقة ويشجع على مزيد من التعاون في مجالات أخرى." بحسب رويترز.

وكانت المناقشات حول الدفاع الصاروخي مصدرا للتوتر منذ تسمية فكرة رونالد ريجان لحماية الولايات المتحدة من هجمات الصواريخ الباليستية "بحرب النجوم" قبل نحو ربع قرن من الزمان. ومؤخرا اتسم الخطاب الروسي بالحدة. وقال جيمس كلابر رئيس المخابرات الامريكية امام الكونجرس "اعتقد انه من المعروف جيدا أن لدى الروس جنونا بالشك فيما يتعلق بالدفاع الصاروخي وتبعاته." واضاف "انهم يفرطون في التحليل والاستنتاج بأنه يشكل تهديدا عميقا لوضعهم كقوة وطنية."

وشكا الروس مؤخرا بمرارة من خطط لنشر عناصر من نظام الدفاع الصاروخي الامريكي على مقربة من بلادهم في بولندا ورومانيا وتركيا وهي دول في حلف شمال الاطلسي حيث يفترض ان تكون الرادارات هناك قادرة على رؤية ما بداخل الاراضي الروسية. وعلى الجانب الامريكي هناك قدر من القلق بشأن التعاون مع الروس على الرغم من تفضيل وزير الدفاع الامريكي السابق روبرت جيتس للتعاون على صعيد الدفاع الصاروخي في اوروبا وتم مناقشة ذلك الامر خلال مفاوضات تمت في عهد الرئيس الامريكي الحالي باراك اوباما. وشغل جيتس منصب وزير الدفاع في عهدي اوباما وبوش.

وفي الكونجرس كان بعض المشرعين قلقين للغاية من أن ادارة اوباما ربما تقدم معلومات حساسة لموسكو واصدروا مؤخرا قانونا يحظر تبادل البيانات السرية الا بعد ان تخطر الحكومة الكونجرس اولا. وقال النائب مايكل تيرنر رئيس لجنة القوات الاستراتيجية الفرعية التابعة للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الامريكي "النواب الجمهوريون في مجلس النواب لن يسمحوا بأي تأخير في الجهود الرامية الى نشر الدفاعات الصاروخية التي تحمي الولايات المتحدة. ولن نسمح بتبادل معلومات سرية حول دفاعنا الصاروخي مع روسيا." وقال هادلي ان اقتراح اللجنة من شأنه ان يحمي التقنيات الحساسة من خلال السماح لكل جانب بوضع شاشات لتنقية بيانات الرادارات والاقمار الصناعية قبل تبادلها. واضاف "نحن نتحدث عما يتم عرضه لذا فان الناس ستعرف ما لم تحصل عليه. نحن نفعل ذلك طيلة الوقت اثناء التعاون مع البلدان في جميع أنحاء العالم."

لكن محللين اخرين يقولون ان النهج المقترح يركز على التهديد من الصواريخ المتوسطة المدى ويتجنب القضية الحرجة الخاصة بالقدرات النووية بعيدة المدى. وقال توم كولينا مدير الابحاث لجمعية مراقبة التسلح في واشنطن ان السبب الرئيسي في فشل الجهود الرامية الى التعاون في مجال الدفاع الصاروخي حتى الان هو قلق موسكو من أن بعض الصواريخ التي تعتزم واشنطن نشرها او تطويرها يمكن أن تستهدف الصواريخ الاستراتيجية الروسية. واضاف "حتى تتم معالجة هذه المخاوف من غير المرجح أن تبدأ موسكو عملية بناء الثقة التي يقترحها (التقرير)."

واقر سام نان وهو سناتور سابق شارك في رئاسة لجنة الامن الاوروبية الاطلسية بأن الاقتراح لا يتناول جميع القضايا التي يمكن أن تثار لكنه قال "أعتقد انه بمقدورك حل مشاكل أخرى بينما تمضي على الطريق." وأضاف "اذا عمل الناس معا في المراحل الاولى من هذا فان المصابيح الكهربائية ستعمل (و) سيقول الناس 'مرحى/ نحن بحاجة للعمل معا على مراحل اخرى ايضا."

وبخلاف ذلك قال نان ان الروس قد يستفيدون من التهديدات للجوء الى بناء نظام صاروخي هجومي اكبر. وأضاف "هذا ما قالوا انهم سيقومون به وأجدني اصدقهم."

التوتر يهدد العلاقات

من جانب اخر يهدد التوتر بين واشنطن وموسكو بشأن الانتخابات البرلمانية الروسية المتنازع عليها سياسة "اعادة ضبط" العلاقات التي يتبناها الرئيس الامريكي باراك اوباما وقد يتصاعد التوتر في ظل وهج الانتخابات الرئاسية المقبلة في كلا الدولتين. وأشار هجوم رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين على وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون لتشكيكها في صحة الانتخابات التي اجريت الى نهاية محتملة لاتجاه تحسن العلاقات الذي وصفه معاونو اوباما بانه أحد انجازاته في مجال السياسة الخارجية. ويقول محللون انه مع سعي اوباما لانتخابه لفترة ولاية ثانية في ظل التوقعات واسعة النطاق بترشح بوتين لانتخابات الرئاسة الروسية في مارس اذار فمن المرجح ان يتسم الموسم السياسي بلهجة متشددة بين عدوي الحرب الباردة السابقين.

وقد يساعد اتباع الولايات المتحدة نهجا اقوى اوباما في مواجهة اتهامات الجمهوريين بأن سياسته تجاه روسيا تصل الى حد الاسترضاء كما ستعزز موقفه بين اعضاء حزبه الديمقراطي الذين يريدون نهجا اكثر حزما بشأن حقوق الانسان. وربما يأمل بوتين الضابط السابق في المخابرات الروسية ان يصرف حديثه الصارم الانتباه عن مشكلاته السياسية الداخلية التي بدأت تطفو على السطح وان تثير النزعة الوطنية لدى الناخبين.

وقال ماثيو روجانسكي خبير الشؤون الروسية بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي بواشنطن "نحن عند نقطة ارتداد بعد فترة من المصالحة وقد تسير الامور بشكل سيء من الان فصاعدا." يأتي التحول الاخير في اعقاب انتكاسة انتخابية شديدة لحزب بوتين الحاكم. ويقول المعارضون السياسيون ان اداء حزب روسيا المتحدة كان سيسوء عن ذلك لولا التزوير الواسع النطاق في صناديق الاقتراع وردوا على ذلك بالاحتجاجات.

ودفع تأكيد كلينتون ان الانتخابات لم تكن حرة ولا نزيهة بوتين الى اتهامها بالتحريض على التظاهر. وتظهر الاضطرابات التي من غير المرجح ان تسقط زعيما لا تزال شعبيته مرتفعة ان قبضته على السلطة ليست قوية مثلما يفترض الكثيرون. واتهم بوتين كلينتون بتشجيع اعداء الكرملين "المرتزقة". وقال "لقد هيأت الاجواء لبعض ناشطي المعارضة واعطتهم اشارة واستجابوا لهذه الاشارة وبدأوا العمل بهمة." ويعرف بوتين منذ فترة طويلة بلهجته المناهضة للولايات المتحدة لكنه نادرا ما يوجه لمسؤول امريكي رفيع على هذا النحو مثل هذا النقد المباشر والشخصي. بحسب رويترز.

وايد البيت الابيض كلينتون في انتقادها للطريقة التي اجريت بها الانتخابات البرلمانية لكنه هون من شأن اي تهديد للعلاقات الامريكية الروسية في مجملها. وشدد المتحدث باسم البيت الابيض جاي جارنر على انه في الوقت الذي تسعى فيه بلاده للتعاون مع روسيا بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك فان الولايات المتحدة تحتفظ بحق التعبير العلني اذا رأت روسيا تنتهك حقوق الانسان. وكانت الادارة الامريكية تستعد لان تؤدي عودة بوتين المحتملة للكرملين العام المقبل الى تعقيد عملية اعادة ضبط العلاقات التي بدأها اوباما في العام 2009.

وتخوض واشنطن حاليا مخاطرة محسوبة وهي ان تغيير القيادة في روسيا لن يؤدي الى فقدان اكبر المكاسب وهي اتفاقية جديدة لخفض الاسلحة النووية واستخدام الاراضي الروسية لتزويد القوات الامريكية التي تقاتل في افغانستان بالامدادات. ومع اعتبار واشنطن ان بوتين هو الشخصية القيادية منذ ان تخلى عن الرئاسة لديمتري ميدفيديف واصبح رئيسا للوزرء فلن يتسنى اعادة ضبط العلاقات دون مساندة بوتين.

كما يتعين على بوتين ان يضع في اعتباره دور واشنطن المهم في تمهيد الطريق لانضمام روسيا لمنظمة التجارة العالمية والذي تسعى اليه منذ فترة طويلة. لكن لا تزال هناك اختلافات كبيرة بشأن نظام الدرع الصاروخية الذي تقترح الولايات المتحدة اقامته في اوروبا والذي تشدد واشنطن على انه يهدف الى الحماية من التهديد الايراني لكن موسكو تراه تهديدا لامنها. ويضاف الى ذلك ان الرئيس الامريكي اوباما لا يعتبر نظيرا مرجحا لبوتين صاحب الشخصية الزئبقية وهو ما يجعل من الصعب ان يكون الاثنان علاقة شخصية قوية.

وقال جيمس جولدجير عميد مدرسة الخدمة الدولية في الجامعة الامريكية في واشنطن "نحن ننظر الى فترة اقل انسجاما في العلاقات لكن ايا من الجانبين لا يريد ان تنهار الامور." ولا يريد اوباما ان ينظر اليه على انه يطوي صفحة اعادة ضبط العلاقات التي تصفها ادارته بانها احدى اهم اولوياته في السياسة الخارجية. ورغم ان الاقتصاد والوظائف سيتفوقان على السياسة الخارجية في مسعى اوباما الصعب لانتخابه لفترة ثانية فان معاونيه يريدون ان يتأكدوا من ان جهوده على الساحة العالمية لا تزال تصب في صالحه. ويرى مرشحو الرئاسة الجمهوريون وكبار النواب ان روسيا نقطة ضعف في سجل اوباما خاصة مع عودة بوتين المتوقعة الى الرئاسة. وتساءل السناتور الجمهوري جون ماكين في خطاب بمجلس الشيوخ "ماذا كانت نتيجة الرغبة حسنة النية للادارة في اعادة ما يعرف بضبط العلاقات مع روسيا.." واضاف "الاجابة اخشى الا تكون سوى القليل."

في سياق متصل اعلن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف انه قال لنظيره الاميركي باراك اوباما في اتصال هاتفي ان رأيه بشأن الانتخابات التشريعية التي جرت في روسيا وانتقدتها واشنطن بشدة ليست له "أي اهمية" بالنسبة لموسكو. وقال مدفيديف امام مسؤولي حزب "روسيا الموحدة" الحاكم في معرض حديثه عن الاتصال الهاتفي الذي جرى بينه وبين نظيره الاميركي "بالطبع كان علي ان اقول له شيئا: يمكنكم ان تعتبروا انتخاباتنا كيفما شئتم، هذا شأنكم. ولكن بصراحة نحن لا نوليه أي اهمية". واضاف بحسب ما نقلت عنه وكالة انترفاكس للانباء "نحن بلد كبير وقوي ويتمتع بالسيادة". بحسب فرنس برس.

وكان الكرملين اعلن الجمعة ان الرئيس الاميركي اتصل بنظيره الروسي لتهنئته بانضمام بلاده الى منظمة التجارة العالمية. بدوره اكد البيت الابيض اجراء اوباما اتصالا هاتفيا بمدفيديف، لكنه اكتفى بالاشارة الى ان الحديث تناول ايضا "الانتخابات (التشريعية) الاخيرة في روسيا والتظاهرات التي اعقبتها". وقالت الرئاسة الاميركية ان اوباما "تحدث عن المعلومات حول عيوب شابت طريقة اجراء الانتخابات واشاد بالتزام الرئيس مدفيديف التحقيق في هذه الاتهامات". وكان مدفيديف قد تعهد باجراء تحقيق حول الادعاءات بعمليات تزوير بعد التظاهرات غير المسبوقة التي عمت روسيا احتجاجا على نتائج الانتخابات التشريعية التي فاز بها الحزب الحاكم.

 الرد الروسي

 من جهتها وفي رد مماثل اتهمت روسيا الحكومة الامريكية في أول تقرير تفصيلي لها بشأن مزاعم انتهاكات حقوق الانسان بارتكاب انتهاكات من بينها التعذيب والتنصت على الهواتف. وقالت روسيا متهمة الولايات المتحدة بازدواجية المعايير ان الرئيس باراك اوباما تقاعس عن اغلاق السجن العسكري في خليج جوانتانامو واتهمت البيت الابيض بحماية مسؤولين وضباط بوكالة المخابرات المركزية (سي. اي.ايه) من الملاحقة القضائية. ويحذو تقرير وزارة الخارجية "عن اوضاع حقوق الانسان في مجموعة من دول العالم" حذو الصين في ابراز أوجه القصور الامريكية ردا على انتقادات وزارة الخارجية الامريكية بشأن انتهاكات لحقوق الانسان في الدولتين.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في تقرير من 63 صفحة نشرته في موقعها الالكتروني "الوضع في الولايات المتحدة ابعد ما يكون عن المثل التي تنادي بها واشنطن. المشكلة الرئيسية التي لم تحل بعد هي السجن البغيض في خليج جوانتانامو." واضاف التقرير "البيت الابيض ووزارة العدل يحميان من الملاحقة القضائية ضباطا من السي.اي.ايه ومسؤولين رفيعي المستوى يتحملون المسؤولية عن انتهاكات جماعية وسافرة لحقوق الانسان." بحسب رويترز.

وتنشر وزارة الخارجية الامريكية سنويا منذ عام 1976 تقريرا مفصلا عن حالة حقوق الانسان في العالم كثيرا ما يتضمن انتفادات لاذعة لانتهاكات في الصين وروسيا. ووبخت واشنطن في تقريرها روسيا على "مشكلات وانتهاكات حكومية ومجتمعية لحقوق الانسان خلال العام".

ومن غير المرجح ان يحدث التقرير الروسي المضاد ضررا بالعلاقات مع الولايات المتحدة رغم أن محاولات اوباما لتكوين علاقات اكثر ودية مع الكرملين أصابها الفتور منذ اعلان بوتين في سبتمبر ايلول انه يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية في مارس اذار.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مارك تونر "هذا النوع من تقارير حقوق الانسان يمكن ان يكون آلية مفيدة. "نحن بالتأكيد لا نعتبر تعليق حكومات او افراد او منظمات اجنبية على ممارسات حقوق الانسان الامريكية او انتقادها تدخلا في شؤوننا الداخلية."

كما انتقدت روسيا دول الاتحاد الاوروبي على المعاملة التي تلقاها الاقليات الدينية وخصت بريطانيا بالنقد لانتهاك حقوق الانسان في اعقاب اعمال الشغب التي وقعت في اغسطس اب. وركز التقرير على الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي ولم يذكر الصين الا مرة واحدة على نحو عرضي.

تهديد روسي

هدد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الغرب بنشر صواريخ على الحدود مع الاتحاد الاوروبي لضرب منشات الدفاع الصاروخية التي تنوي الولايات المتحدة نشرها في شرق اوروبا. وقال مدفيديف ان بلاده مستعدة لنشر صواريخ اسكندر التي يقول مسؤولون روسيون ان مداها يصل الى 500 كلم، في جيب كاليننغراد المحاذي لبولندا وليتوانيا. ورفض البيت الابيض ادخال اي تعديل على نشر درع الحلف الاطلسي المضادة للصواريخ في اوروبا، ونفى ان تكون هذه الدرع موجهة ضد روسيا . وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي تومي فيتور ان "المنظومات المضادة للصواريخ التي من المقرر نشرها في اوروبا لا تشكل تهديدا ولا يمكن ان تهدد الردع الاستراتيجي الروسي". واضاف "لن نعدل ولن نحد بأي حال من الاحوال من مشاريعنا لنشر" هذه الدرع الصاروخية.

وفي خطاب اشبه بما كان متداولا ايام الحرب الباردة، قال مدفيديف انه يمكن كذلك نشر انظمة الاسلحة في الجنوب بالقرب من جورجيا، عدوة روسيا، وتركيا العضو في حلف الاطلسي، واستخدامها للقضاء على انظمة الدفاع الصاروخية الاميركية. واضاف في خطاب متلفز انه "سيكون من بين تلك الاجراءات نشر بطارية صواريخ من نوع اسكندر في منطقة كاليننغراد".

ووافقت كل من رومانيا وبولندا على نشر جزء من الدرع الصاروخية الاميركية على اراضيها. وتقول واشنطن ان هذه الدرع تستهدف الدول التي خارج فلك الولايات المتحدة مثل ايران، الا ان موسكو تعتقد ان هذه الدرع تستهدف اراضيها كذلك. وقررت تركيا اقامة رادار للانذار المبكر في قاعدة عسكرية بالقرب من ملاطيا في جنوب شرق البلاد كجزء من نظام الدفاع الصاروخي.

وقال انه اذا قرر الغرب المضي في خططه فان "الاتحاد الروسي سينشر في غرب وجنوب البلاد انظمة هجومية حديثة يمكن استخدامها لتدمير الانظمة الاميركية للدفاع المضاد للصواريخ المنتشرة في اوروبا". وامر مدفيديف وزارة الدفاع الروسية الى وضع انظمة رادار في كاليننغراد التي تحذر من اية هجمات صاروخية، "فورا" في حالة الاستعداد القتالي. وقال انه سيتم تزويد الصواريخ البالستية الروسية بالقدرة على التغلب على انظمة الدفاع الصاروخي و"رؤوس حربية جديدة عالية الفعالية". بحسب فرنس برس.

وشكلت هذه الدرع عائقا امام اعادة بناء العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، وقال مدفيديف انها ستؤثر على التعاون من اجل نزع الاسلحة بين الدولتين اللتين كانتا عدوتين ايام الحرب الباردة. واكد مدفيديف انه "اذا لم يتطور الوضع بشكل جيد، فان روسيا تحتفط بحق وقف اية خطوات اضافية على طريق نزع الاسلحة وضبطها". واضاف ان المشكلة يمكن ان تدفع روسيا الى الخروج من معاهدة خفض الاسلحة الاستراتيجية (ستارت) الخاصة بتقليص الاسلحة النووية والمبرمة مع الولايات المتحدة والتي وقعها مدفيديف مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في نيسان/ابريل 2010. وقال "يمكن ان يكون هناك اساس لخروجنا مع معاهدة ستارت. وهذا مسموح به بموجب روح المعاهدة نفسها". وتاتي تصريحات مدفيديف المتشددة بعد لقائه اوباما لاجراء محادثات على هامش قمة عقدت في هاواي في وقت سابق.

في سياق متصل قال الامين العام لحلف شمال الاطلسي أندرس فو راسموسن ان التقدم في المحادثات الرامية للتوصل الى اتفاق بشأن الدفاع الصاروخي بين الحلف وروسيا أبطأ مما كان متوقعا لكن روسيا ستهدر المال اذا استثمرته في اجراءات مضادة لتهديد وهمي من الغرب. وعلى الرغم من تصاعد انتقادات روسيا للحلف في الاشهر الاخيرة فقد قال راسموسن ان تقدما أحرز بشأن تطوير تعاون عملي مع روسيا في العام الاخير. وأضاف للصحفيين قبل اجتماع وزراء خارجية الدول الاعضاء في الحلف ونظيرهم الروسي سيرجي لافروف في بروكسل "أتوقع مزيدا من التقدم في العام المقبل." وتابع "لكن برغم أهمية الدفاع الصاروخي كان التقدم (بشأنه) أبطأ مما كنت ارجو أو أتوقع" مشيرا الى دعوة روسيا للتعاون مع حلف شمال الاطلسي فيما يتعلق بالدفاع الصاروخي والتي وجهت في قمة بلشبونة قبل عام.

وقال راسموسن أنه سعيد بترك الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الباب مفتوحا للحوار بشأن الدفاع الصاروخي لكنه أشار الى ان ميدفيديف حذر أيضا من اجراءات روسية مضادة اذا لم تسو الخلافات مع وحلف الاطلسي. واضاف "أتعشم ان نتوصل الى اتفاق في قمة شيكاجو (لحلف الاطلسي) في مايو... سيكون الامر اهدارا لمال له قيمة اذا بدأت روسيا تستثمر في اجراءات مضادة لعدو مصطنع لا وجود له. "المال يمكن استثماره من أجل الشعب الروسي في توفير وظائف وفي تحديث المجتمع الروسي."

وتطلب روسيا ضمانات قانونية من حلف شمال الاطلسي لئلا تستهدف منظومته الخاصة بالدفاع الصاروخي الحد من قدرتها النووية الاستراتيجية كما تطلب سيطرة مشتركة على استخدام مثل هذه المنظومة. ويريد حلف الاطلسي منظومتين منفصلتين ويقول ان روسيا والحلف لديهما بالفعل اتفاقا يلزم كلا منهما بالامتناع عن استخدام القوة ضد الاخر. بحسب رويترز.

وقال ميدفيديف انه سيسلح روسيا بصواريخ قادرة على مواجهة الدرع الصاروخية الامريكية وافتتح محطة رادار للانذار المبكر في كاليننجراد بمنطقة البلطيق التي تقع على حدود أراضي حلف شمال الاطلسي في مسعى للضغط على الولايات المتحدة لتقديم تنازل في النزاع. وفي الوقت نفسه قال ميدفيديف انه يمكن لحلف الاطلسي استخدام محطة الرادار في كاليننجراد كجزء من نظام الدفاع الصاروخي اذا جرى التوصل الى اتفاق للتعاون.

وقال لافروف في مؤتمر صحفي في فلنيوس انه يتعين أن تؤخذ مخاوف روسيا في الاعتبار.

وأضاف ان وضع أسلحة في كاليننجراد الواقعة بين بولندا وليتوانيا لن ينتهك أي قواعد دولية.

لكنه قال انه يجب ألا يقلق حلفاء الكتلة الشرقية السابقة الذين أصبحوا أعضاء في حلف الاطلسي الان مثل ليتوانيا. وقال "ما يقلقنا هو وضع أسلحة أجنبية وانشاء بنية تحتية عسكرية أجنبية حول الاتحاد الروسي في أراضي جيراننا" في اشارة الى خطط لنشر أجزاء من نظام الدفاع الصاروخي لحلف شمال الاطلسي في بولندا ورومانيا وتركيا. واتهم لافروف حلف الاطلسي بانتهاك اتفاقات تقضي بعدم تمركز قوات قتالية جوهرية بشكل دائم في أراض لاعضاء جدد كانوا جزءا من الكتلة السوفيتية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/شباط/2012 - 3/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م