الى أين تمضي بنا الصحافة؟ وهل الصحيح أن نقول: الى أين نمضي بها
نحن؟ أو لنقل: ماهي الظروف الموضوعية التي تحيط بنا، وستجبرنا على
تغيير وجهتنا من حين لآخر، وتؤثر في الصحافة بشكل عام، وتدفع بها
لتغيير الوجهة، مع كل هذا التطور التقني، والتبدل، والتحول في أشكال
العمل الصحفي، وحاجاته وأساليبه، ومايستتبع ذلك من إنتقال من عصر الى
آخر؟
خلال السنوات القليلة الماضية حصل مايمكن تسميته (الإنفجار
المعلوماتي، أو التقني)، وكان من نتيجته أن تغير شكل الحياة في
مجالاتها المختلفة، وعلى صعد الإنتاج والتصنيع والإقتصاد، وصار
للإستخدام الإلكتروني الحصة الأكبر من الإهتمام خاصة وإن العمل
والتجارة، وإنتقال الأموال، والبضائع والتواصل المصرفي والتبادل
المعرفي لم يعد ممكنا دون إستخدام تقنيات الإتصال الحديث، وبالإفادة
القصوى من أجهزة الكمبيوتر، والشبكات المعلوماتية في مجال الأنترنت،
وإستقبال المعلومات، وتحويلها الى منتج ذات مردود إقتصادي كبير.
في العمل الصحفي كان للورق السيادة، ثم بدأ البث الراديوي وصار هو
السيد، ثم التلفزيون الذي مايزال يحكم بقوة، ثم فجأة حصل الإنفجار
الكبير(الانترنت، الكمبيوتر، اللاب توب، غوغل، ياهو، فيس بوك، تويتر)
وسواها من أشكال التقنيات الحديثة.
معضلة الصحافة الورقية إنها تواجه تحديات جديدة متنامية، ومن بينها
جملة التطورات التي حصلت خلال العقود الماضية، وهو ما أفقدها الكم
الهائل من القراء الذين وجدوا إنهم يمتلكون فرصا كبيرة للحصول على
المعلومات دون النظر في الصحيفة.
يمكنهم الآن أن ينظروا الى التلفاز، أو يسمعوا للراديو، أو يتصفحوا
الأنترنت بكل مايوفره من كم المعلومات، والصور، ومقاطع الفيديو، عدا عن
الميزة التي يمنحها لمستخدميه الذين تحولوا بين ليلة وضحاها الى صحفيين
دون أن يسجلوا أسماءهم في صحيفة، أو في كشوفات قناة فضائية، أو إذاعة،
وماعليهم سوى أن يقوموا بالتسجيل على الياهو، ويؤسسوا لبريد إلكتروني،
ويزوروا مواقع وسائل الإعلام المختلفة على الانترنت، ويكتبوا ما شاؤا
من عبارات، وتعليقات ومقالات في شؤون مختلفة ليكونوا كتابا، ومحللين
سياسيين، ومحرري أخبار، وصحفيين، ثم صار بإمكان كل واحد منهم أن يؤسس
لإذاعة، أو جريدة، وتلفزيون، وسينما في وقت واحد، وكلها مسجلة بإسمه من
خلال عمل صفحة على (الفيس بوك)!.
صفحة الفيس بوك توفر لمستخدمها أن يؤسس لقناة فضائية، حيث يسجل أي
مقطع فديو لأي حدث يواجهه سواء كان شخصيا، أو عاما، ويبثه للملايين عبر
العالم ويتلقى عليه الردود.
بامكنه ايضا أن يؤسس لإذاعة عبر صفحته، مستخدما تقنيات صوت حديثة،
هناك أيضا إمكانية إستخدام تلك الصفحة لعمل جريدة إلكترونية تستخدم
فيها أحدث تقنيات الصورة، واللون، والتصميم، والكلمة.
وإذن فالصحافة الورقية تحتضر، ولم يعد ممكنا الجزم بأن من يعمل في
صحيفة ورقية هو الوحيد الذي يسمى صحفيا. أليس كذلك؟
Zainab_media2007@yahoo.com
|