سوريا... معركة خاسرة

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يدرك معظم المراقبين للمشهد السوري ان تلك الدولة تحولت الى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية أولا والدولية ثانيا، بعد ان زج أكثر من طرف أنفه عنوة في ما يحدث دون استئذان او شرعية تتيح لهم ذلك.

فمشاهد القتل والتهجير والعنف المتبادل يعكس في حقيقته ضراوة العداء القائم بين شرق الخليج العربي وغربه من جهة، والصراع الأيدلوجي السني الشيعي من جهة أخرى.

حيث نجحت الدويلات الخليجية المتربصة منذ فترة طويلة بدمشق في إذكاء الفتن والقتال بين صفوف المجتمعات السورية المتآخية منذ قرون، ملبسة على مواطني تلك الدولة مطالبهم المشروعة بإجندات مشبوه كانت ولا تزال تسعى في النيل من تلك الدولة مجتمعة، حكومة وشعب.

وبرزت قطر والسعودية وأبواقهما الاعلامية في سياسة التحريض والتحشيد الطائفي على القتال بين الفرقاء السوريين المتعطشين الى مساحة أكبر من الحرية المفقودة والإصلاحات التي أهملتها قيادة الأسد على مدى عقود.

وعلى الرغم من بوادر استعادة قوى الامن السوري لسيادة القانون في المناطق المضطربة، الا ان الكثير من المراقبين يؤكدون ان تلك الدولة ستتكلف فاتورة أخطاءها بشكل فادح ومؤثر، على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

الشاعر ادونيس يوجه انتقادات لاذعة

فقد وجه الشاعر السوري المقيم في الخارج ادونيس انتقادات لاذعة الى المعارضة السورية والربيع العربي، منددا بالدعوات التي توجهها هذه المعارضة الى الغرب لدعمها. وقال الشاعر علي احمد سعيد اسبر المعروف باسم ادونيس في مقابلة مع مجلة بروفايل النمساوية نشرت مقتطفات منها "كيف يمكن بناء اسس دولة بمساعدة نفس الاشخاص الذي استعمروا هذا البلد؟" في اشارة الى الانتداب الفرنسي على سوريا من عام 1920 الى العام 1946.

واضاف ادونيس "انا لا ادعم المعارضة" السورية ضد الرئيس بشار الاسد، معتبرا ان اي تدخل عسكري غربي في سوريا ستكون له نفس عواقب غزو العراق عام 2003، "وسيدمر البلد".

كما اعطى ادونيس صورة قاتمة للربيع العربي. وقال انه اعجب ببداية الثورات في العالم العربي لكنه تحول الى انتقادها مع وصول الاسلاميين الى الحكم في تونس ومصر اثر الانتخابات الاخيرة التي جرت في هذين البلدين.

وقال "لا توجد اسلاموية معتدلة" مشبها الاخوان المسلمين الفائزين بالانتخابات المصرية ب"الفاشيين". واعتبر ان الثورات في العالم العربي لا يمكن ان تنجح الا اذا قامت على "اسس علمانية".

ويبلغ ادونيس الثانية والثمانين من العمر وهو علوي يتحدر من منطقة اللاذقية، انتقل للعيش في لبنان عام 1956 قبل ان يقرر الاقامة في فرنسا عام 1985 حيث عمل استاذا في جامعة السوربون.

تدفق بطيء لمقاتلين عراقيين

الى ذلك يقول مسؤولون عراقيون وتجار اسلحة ان اسلحة ومقاتلين سنة يتسللون من العراق الى سوريا وهو أمر من شأنه أن يؤجج العنف في بلد كان يوما يرسل الاسلحة والمتشددين في الاتجاه الاخر.

ولاقت الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الاسد صدى لدى العشائر السنية في محافظتي الانبار ونينوى العراقيتين الحدوديتين حيث تتيح العلاقات العائلية القوية عبر الحدود التي لا تحظى بحراسة قوية مناخا مواتيا لرواج التهريب.

والان يقول مسؤولو امن عراقيون انه توجد علامات على ان مسلحين سنة بدأوا يعبرون الحدود لينضموا الى معارضي الاسد ويحقق مهربو الاسلحة ارباحا مع تضاعف اسعار الاسلحة التي ترسل مخبأة في شحنات تجارية.

ومن الصعب قياس تدفق المقاتلين العراقيين والاسلحة غير المشروعة على سوريا لكن حركة المقاتلين عبر الحدود كانت يوما نشطة في الاتجاه العكسي مع تدفق المقاتلين الاجانب لمهاجمة الاهداف الامريكية والعراقية بعد الغزو.

وقال مسؤول امني رفيع في بغداد طلب عدم نشر اسمه لانه غير مصرح له بالتحدث الى وسائل الاعلام "نحن نعتقد ان مقاتلين على صلة بالقاعدة وبعض الجماعات المسلحة السنية ترسل مقاتلين الى سوريا للمشاركة في القتال هناك كنوع من الدعم المعنوي."

وقال "مسؤولون فاسدون يعملون في نقاط العبور في الموصل والانبار ولذلك يمكننا ان نتوقع ان يستغل اشخاص هذا في تهريب اسلحة ومقاتلين لكننا لا نعتقد انه يتم على مستوى مؤثر."

ويقول مسؤولون محليون ان المسلحين يعاودون الظهور في معاقلهم القديمة الان بعد ان غادرت القوات الامريكية البلاد. وانسحابها قلل ايضا قدرات جمع معلومات المخابرات.

وقال حامد الهايس رئيس مجلس الصحوة في الانبار وهو هيئة عشائرية ساعدت ميليشيا الصحوة التابعة لها على تغيير اتجاه القتال في المحافظة ضد المتشددين المرتبطين بالقاعدة ان تجار الاسلحة كانوا أكثر نشاطا في الاونة الاخيرة وخصوصا عندما اشتدت الاشتباكات في سوريا بين النظام والمعارضة.

وتقول حكومة الاسد انها تحارب "ارهابيين" قتلوا أكثر من 2000 من أفراد قوات الامن. ويقود الجيش السوري الحر وهو مجموعة فضفاضة من المنشقين على الجيش والميليشيات المحلية المعارضة المسلحة للاسد. وطالبت سوريا بالفعل بأن يحد لبنان من تهريب الاسلحة عبر الحدود واتهمت تركيا بعدم القيام بما يكفي لوقف تدفق الاسلحة عبر حدودها.

وفتحت الجامعة العربية الباب امام الحكومات لتسليح المعارضين المناهضين للاسد عندما اصدرت قرارا في القاهرة يحث العرب على تقديم كل اشكال الدعم السياسي والمادي الى المعارضة.

وقال تاجر سلاح في الموصل ذكر ان اسمه أبو محمد ان الاسعار تضاعفت في الشهر الاخير حيث يطلب المهربون السوريون مزيدا من الاسلحة وخصوصا البنادق الهجومية مثل الكلاشنيكوف. وأضاف "لا يوجد طلب كبير على المسدسات لانهم يعتبرونها سلاحا شخصيا. لكن هذا لا يعني انه حتى اسعار المسدسات لم ترتفع ايضا."

لكن زعيما عشائريا بارزا في الانبار قال ان الطلب المحلي على الاسلحة يتزايد ايضا لان العشائر السنية تحاول استعادة القوة العسكرية التي فقدتها عندما كانت القوات الامريكية ما زالت ترابط في العراق. وقال "يوجد طلب على السلاح في الانبار لكن ليس للتهريب. انه للاستعمال الداخلي." وأضاف "الناس في الانبار يتطلعون لاستعادة اسلحتهم بعد ان اخذها الامريكيون منهم."

جهاديون سنة

من جهتهم يؤكد "جهاديون" سنة عبر منتديات حوارية على الانترنت ان "مجاهدين" عربا كانوا يطالبون قبل اسابيع بارسالهم الى سوريا لمواجهة قوات نظام الرئيس بشار الاسد، اصبحوا يقاتلون بالفعل في مناطق مختلفة هناك.

وتحت عنوان "آساد الشام تجمعت ثغرها البسام - اخبار الجهاد في سوريا الامجاد"، ينقل موقع "انصار المجاهدين" اخبار هؤلاء المقاتلين وخصوصا العراقيين منهم "كما تصل من الاسود في سوريا".

واعلن احد اعضاء المنتدى ويطلق على نفسه اسم ناصر الدين الحسني عن "مقتل الامير ابي اسامة المهاجر على الحدود العراقية السورية بعد التمكن من تهريب عتاد".

وتناولت الصفحة اخبار "ارتقاء (وفاة) ابي حمزه الشامي في عملية عسكرية في الزبداني (غرب دمشق)"، وتحدثت كذلك عن "ارتقاء ابو البراء السلطي اول مهاجري الاردن في حلب".

وذكرت ان "اول الرجال الراحلين عبد الله الدليمي (ابو تبارك) ارتقى في البوكمال" عند الحدود مع العراق. كما اشارت الى وصول "ابو حذيفة الكويتي الى الشام من بلده، فكانت اول الساحات تباركا به".

وقد علق العديد من اعضاء المنتدى على هذه الاخبار، التي يصعب التاكد من صحتها، بالدعاء لمن قتل في سوريا ولمن توجه اليها للقتال، وبينهم "مسلم سوري حلبي حر" الذي كتب "نريد دعم المجاهدين بكل شيء حتى لا تضيع الشام".

وقد شهدت سوريا في الاسابيع الماضية هجمات انتحارية وتفجير سيارات مفخخة ضد مراكز امنية في دمشق وحلب قتل فيها العشرات.

وفي مقال حمل عنوان "لن نخذلكم" على منتدى "انصار المجاهدين"، كتب ناصر الدين الحسني "ابشروا فرجال الدولة (الاسلامية، فرع تنظيم القاعدة في العراق) قد هبوا (...) وبدأت تقذف بأحب رجالها، وبدأت دمائهم الطاهرة تسقي ارض وثرى الشام".

وفي منتدى "حنين" الذي يعنى ايضا باخبار الجهاديين، كتب خالد بن الوليد تعليقا على موضوع يحمل عنوان "ماذا اذا انهزمت الثورة في سوريا"، ان "اسود الاسلام بالشام" يخوضون معركة مع "نظام ميت".

وكتب ابو عبد الله المخزومي من جهته "جاء القتال يا اهل التوحيد (...) ابواب الجنان فتحت، فهل من مشمر؟ حي على الجهاد، حي على الجهاد". ويسال حيدر الانصاري "والله امنيتنا النفير لاي ساحة ولكن الطريق شلون؟ هل هو سالك؟"، فيرد "الصادع بالحق" "نعم اخي سالك وهناك رجال قد ذهبوا بأذن الله وهم الآن في ساحات الوغى".

وتعليقا على آخر المستجدات في سوريا، كتب ابو القعقاع انه "حسب علمي ومن مصادر مقربة لهم ان مجاهدين من دولة الاسلام (...) ومن جماعة راية الحق والجهاد هم منذ فترة مع اخوانهم في سوريا لقتال هذا الكافر بشار".

وتدخل "المجاهد في سبيل الله" ليكتب "سمعنا ان مجموعة من المجاهدين (...) موجودون منذ فترة في سوريا لمناصرة اهلنا من السنة والجماعة".

واعطى اعضاء منتدى "حنين" اسماء اسلامية للمجموعات التي تقاتل الجيش السوري، وبدا مؤخرا في نقل بياناتها. وبين هذه البيانات، قيام "كتيبة ذو النورين بتحرير حاجز البياضة (في حمص شمال دمشق) بشكل كامل وفجرت الحاجز تفجيرا كاملا وقتلت اكثر من 10 عناصر من الامن والشبيحة بفضل الله وحده".

وهناك بيانات آخرى عن عمليات مماثلة تحمل تواقيع كتائب مختلفة مثل "كتيبة الفاروق" و"كتيبة العرباض بن سارية" و"كتيبة ابو ذر الغفاري" في حمص، و"كتيبة حمزة بن عبد المطلب" في الزبداني.

الظواهري

في السياق ذاته اعلن زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري في تسجيل مصور جديد دعمه "للانتفاضة" في سوريا، داعيا "اسود الشام" الى "الجهاد" وعدم الاعتماد على العرب والغرب وتركيا. وقال الظواهري في التسجيل الذي نشر على مواقع جهادية عدة واعلن عنه ايضا موقع "سايت" الاميركي لمراقبة المواقع الاسلامية "لا زالت سوريا الجريحة تنزف والجزار ابن الجزار بشار ابن حافظ لا يرتدع"، في اشارة الى الرئيس السوري بشار الاسد. واضاف "لقد هب الشعب السوري المجاهد الباسل ولن يقبل باقل من النصر على الجزارين المجرمين ليقيم في شام الرباط والجهاد باذن الله وقوته دولة تحمي حمى الاسلام".

وذكر ان "ابطالنا الاشاوس المجاهدين يزدادون كل يوم ثباتا وصبرا وصمودا واستبسالا ويخوضون معركة العزة والكرامة ضد النظام العلماني الطائفي". ومنذ منتصف آذار/مارس 2011، تتعرض حركة احتجاجية في سوريا تطالب باسقاط النظام للقمع على ايدي القوات الامنية، وقد قتل فيها اكثر من ستة آلاف شخص وفقا لارقام الناشطين.

ودعا الظواهري الشعب السوري الى "عدم الاعتماد على الغرب ولا على امريكا ولا على حكومات العرب وتركيا فانتم اعلم بما يدبرون لكم". وتابع "يا اهلنا في سوريا لا تعتمدوا على الجامعة العربية وحكوماتها التابعة الفاسدة فان فاقد الشيء لا يعطيه".

واعتبر ان "كل هؤلاء لا يريدون سوريا مسلمة حرة مستقلة قوية مجاهدة ضد اسرائيل ولكنهم يريدون سوريا تابعة مستضعفة (...) تعترف باسرائيل وتتماشى معها وتخضع للظلم العالمي".

وراى زعيم تنظيم القاعدة ان "النظام (السوري) الفاسد المتعفن قد بدا في الترنح وبلغ فيه الانهاك مبلغه فواصلوا انتفاضكتهم وغضبكتم ولا تقبلوا الا بحكومة شريفة مستقلة تحكم بالاسلام".

وناشد "كل مسلم وكل شريف حر في تركيا والعراق والاردن ولبنان ان يهب لنصرة اخوانه في سوريا بكل ما يملك"، مشيرا الى انه "من حق اهلنا في سوريا ومن حق الامة كلها ان تستخدم ما تراه من وسائل لاستئصال" النظام السوري. وتوجه كذلك الى "اسود العرب وليوث الاكراد وابطال الشركس وصناديد التركمان" طالبا منهم بان يتوحدوا "تحت راية لا اله الا الله".

التدخل الدولي

من جانبه حذر رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي من ان الازمة "الكارثية" في سوريا باتت تنذر "بمواجهات اهلية" فيها و"بتدخل دولي" قد يؤدي الى "تقسيم البلاد". واعرب النجيفي خلال لقائه وفدا من منظمة المؤتمر الاسلامي في بغداد عن "قلقه حيال الازمة في سوريا"، واصفا اياها "بالكارثية".

وحذر النجيفي حسبما نقل عنه بيان صادر عن مكتبه الاعلامي من ان هذه الازمة "تنذر بمواجهات اهلية وتدخل دولي قد يتسبب بتقسيم البلاد". واوضح البيان ان رئيس البرلمان استعرض خلال اللقاء مع وفد المنظمة الاسلامية الذي تراسه مهدي فتح الله مدير عام شؤون التعاون في المنظمة "الاوضاع في سوريا وانعاكاساتها الخطيرة على المنطقة وعلى العراق بشكل خاص".

وقد اعرب النجيفي وهو سني عن تاييده لفكرة عقد مؤتمر حول "التسامح وقبول الاخر والتعايش السلمي والحوار بين مكونات الشعب" وذلك بهدف "معالجة الاختناقات الطائفية والدينية في المنطقة بأسرها"، وفقا للبيان.

ومنذ منتصف آذار/مارس 2011، تتعرض حركة احتجاجية في سوريا التي تسكنها غالبية سنية وتحكمها اقلية علوية، للقمع على ايدي القوات الامنية، وقد قتل فيها اكثر من ستة آلاف شخص وفقا لارقام الناشطين.

وعلى الصعيد الرسمي، يتبنى العراق الذي يحاول منذ اشهر انجاح مبادرة لحل الازمة السورية، موقفا حيادا حيال الاحداث في سوريا التي تتشارك مع العراق بحدود تمتد لحوالى 600 كلم.

في مقابل ذلك، تتناقل وسائل الاعلام العراقية تقارير عن انتقال عناصر من جيش المهدي بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر للقتال الى جانب النظام السوري.

شمال لبنان

من جانب آخر اكد مصدر امني لبناني ان ثلاثة اشخاص قتلوا وجرح 23 آخرون في صدامات بين لبنانيين سنة معادين للنظام السوري وآخرين علوين مؤيدين له في طرابلس كبرى مدن شمال لبنان.

وقال هذا المسؤول طالبا عدم كشف هويته ان "سنيا وعلويا قتلا كما توفيت امراة سنية في الثالثة والعشرين من حي باب التبانة متأثرة بجروح اصيبت بها نتيجة صدامات مستمرة بين مجموعة من حي جبل محسن (العلوي) واخرى من باب التبانة (السني) بالرصاص والقذائف الصاروخية" موضحا ايضا ان 23 شخصا اخرين اصيبوا بجروح. واوضح المسؤول ان من بين المصابين عشرة عسكريين. وكان خمسة اشخاص اصيبوا بجروح في هذه الاشتباكات.

ويسجل حضور قوي للجيش اللبناني في المنطقة الفاصلة بين الحيين وخاصة في شارع سوريا. واعلن الجيش اللبناني في بيان ان قواته "واصلت تعزيز الاجراءات الامنية في منطقة باب التبانة - جبل محسن، والقيام بعمليات دهم دقيقة لاماكن الذين شاركوا بالاشتباكات حيث تمكنت من توقيف عدد من المسلحين، وضبط كميات من الاسلحة والذخائر الموجودة بحوزتهم".

واضاف البيان ان "قيادة الجيش اذ تؤكد قرارها الحاسم بالتصدي للعابثين بالامن الى اي جهة انتموا، ومتابعة ملاحقة جميع المتورطين في الاحداث حتى توقيفهم وتسليمهم الى القضاء المختص، تحمل العناصر المسلحة ومن يقف خلفهم، مسؤولية اي خسائر جسدية ومادية تقع في صفوف المدنيين او العسكريين".

وغادر المقيمون في محيط "خط التماس" هذا المنطقة، وشهدت طرابلس، ذات الاكثرية السنية، في السنوات الاخيرة عدة صدامات مسلحة بين السنة الذين يدعمون المعارضة اللبنانية المناوئة للرئيس السوري، والعلويين المقربين من حزب الله الشيعي، حليف ايران وسوريا. واشتد التوتر في اذار/مارس 2011 مع انطلاق حركة التظاهرات ضد الرئيس السوري بشار الاسد.

وتثير الثورة في سوريا، ذات الغالبية السنية التي تحكمها اسرة الاسد العلوية منذ اكثر من 40 عاما، المخاوف من اندلاع ازمة في لبنان المجاور المتعدد الطوائف والذي عاش حربا اهلية مدمرة بين 1975 و1990.

مخزونات الاسلحة الكيميائية

فيما اعرب عدد من المسؤولين الاميركيين عن قلق واشنطن بشان مصير مخزونات الاسلحة الكيميائية والاف الصواريخ المحمولة على الكتف التي يعتقد ان سوريا تمتلكها، في حال سقوط النظام السوري.

وصرح عدد من مسؤولي وزارة الخارجية الاميركية للصحافيين ان الولايات المتحدة تعتقد كذلك ان روسيا وايران تنقلان اسلحة تقليدية الى نظام الرئيس بشار الاسد لمساعدته على قمع المناهضين للنظام.

وصرح توماس كنتريمان مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الامن الدولي وعدم انتشار الاسلحة ان "سوريا تشبه ليبيا في عدة اوجه، الا ان الوضع فيها اصعب بكثير".

وقال كنتريمان الذي يتولى مكتبه كذلك المسؤولية عن شؤون ليبيا، ان مخزونات الاسلحة الكيميائية الليبية تم تامينها حاليا. واضاف "نحن على علم ببرنامج سوريا للاسلحة الكيميائية. فسوريا هي من دول العالم القليلة التي لم توقع على اتفاق الاسلحة الكيميائية".

الا ان كنتريمان وكذلك روز غوتمولر، وكيلة وزيرة الخارجية بالنيابة لشؤون ضبط الاسلحة والامن الدولي، لم يكشفا عن عدد الاسلحة الكيميائية التي يعتقدان ان سوريا تملكها او عن مواقعها.

وقالت غوتمولر "لدينا افكارا عن الكمية. ولدينا افكارا عن اماكن الاسلحة"، الا انها لم تكشف عن تفاصيل. وتطرق كانتريمان الى بعض المخاوف بشان ما يمكن ان يحدث في حال انهيار نظام الاسد وقال "عندما يتغير النظام في سوريا .. فان الظروف مهمة للغاية من ناحية ان يكون الانتقال فوضوي او منظم".

الا ان كانتريمان قال "سنكون بكل تاكيد مستعدين للعمل مع اي حكومة تاتي بعده، للمساعدة على تامين وضبط هذه الاسلحة بهدف تدميرها".

وقال كانتريمان ان الولايات المتحدة تشتبه كذلك في حيازة سوريا على "عشرات الاف" الصواريخ التي تحمل على الكتف والتي يمكن ان تستهدف طائرات مدنية في حال وقعت في "ايد ارهابية". واضاف كانتريمان ان نحو 20 الف من تلك الاسلحة كانت متواجدة في ليبيا، وكان من المستحيل رصدها جميعا.

وتابع "في هذه المرحلة، نود من جيران سوريا ان يقوموا بنفس التخطيط الحكيم الذي قامت به الدول المجاورة لليبيا". وقال انه تماما مثلما تراقب الدول المجاورة لسوريا اللاجئين وتهريب الاسلحة، عليهم "ان يراقبوا كذلك وان يدركوا ان انتشار مثل هذه الاسلحة الكيميائية والصواريخ المحمولة على الكتف يمكن ان يمثل تهديدا على امنهم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/شباط/2012 - 28/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م