شبكة النبأ: لايزال الشعب الافغاني
يعاني مرارة الحياة ويتذوق طعم الموت بأشكال والوان مختلفةتنوعت مع
تنوع اسلحة تلك الاطراف المتصارعة واختلاف خططهم لغرض احراز النصر
واثبات الوجود، يضاف الى كل ذلك قسوة الطبيعة وبرودة اجواء فصل الشتاء
التي عاونها الفقر والفساد وارتفاع الاسعار، مشاكل اقتصادية واخرى
امنية اتحدت لتفتك بهذا الشعب وسط وعود وتعهدات من قبل ساسته
والمسؤولية بتغير ذلك الواقع، والتي يصفها بعض المراقبين بانها مجرد
شعارات سياسية واحلام بعيدة عن الواقع خصوصا مع ازدياد اعداد الضحايا
في هذه البلاد والتي تثبتها العديد من التقارير الدولية هذا بالإضافة
لما تقدمة بعض المنظمات الانسانية من احصائيات مستحدثة، فقد اعلنت بعثة
الامم المتحدة للمساعدة في افغانستان ان 3021 مدنيا قتلوا في اعمال
العنف في افغانستان في 2011، مشيرة الى انه عدد قياسي منذ بدء المعارك
بين القوات التابعة لحلف شمال الاطلسي وحركة طالبان نهاية 2011.ويشكل
عدد الضحايا المدنيين في 2011 ارتفاع نسبته ثمانية بالمئة عن 2010 حيث
قتل 2790 مدنيا. وهي السنة الخامسة على التوالي التي يسجل فيها ارتفاع
في عدد المدنيين القتلى في افغانستان. ومنذ 2007، قتل حوالى 12 الف
شخصا في هذا النزاع. وقال المسؤول الجديد للبعثة يان كوبيس ان "الاطفال
والنساء والرجال الافغان ما زالوا يقتلون في هذه الحرب بمعدلات عالية"،
داعيا "الاطراف المشاركة في النزاع" الى "تعزيز جهودها بشكل كبير"
لحماية المدنيين. واوضحت البعثة ان المتمردين بما فيهم حركة طالبان
ومجموعة صغيرة اخرى، مسؤولون عن 77 بالمئة من هذه الخسائر وبينما تتحمل
القوات الموالية للحكومة (من قوات افغانية واجنبية) مسؤولية مقتل 14
بالمئة. وتابع ان تسعة بالمئة من الضحايا سقطوا في حوادث لا يمكن ان
تنسب الى اي طرف. وادت العبوات اليدوية الصنع التي تزرع على طول الطرق
وتفجر عن بعد، وهي السلاح المفضل لطالبان، الى مقتل حوالى الف شخص.
وسقط 15 بالمئة من المدنيين في هجمات انتحارية. وقالت البعثة ان عدد
هذه الهجمات لم يرتفع لكنها اصبحت اعنف.
عدو جديد
في سياق متصل يواجه آلاف الأفغان الذين هجروا بلداتهم هربا من عنف
حركة طالبان وهجمات حلف شمال الأطلسي والذين وجدوا لهم ملجأ في مخيمات
العاصمة كابول، عدوا جديدا.. هو البرد الذي يأتي قارسا بشكل استثنائي
في فصل الشتاء هذا، فيقتل أطفالهم. وترك دل آغا مزارع من مقاطعة قندهار
معقل حركة طالبان في الجنوب، أرضه قبل أربعة أعوام بعدما أدى قصف قوات
حلف شمال الأطلسي إلى قتل عدد من القرويين. وتوفيت ابنته البالغة من
العمر ثلاثة أعوام فيخبر من أمام منزله "كان البرد شديدا في تلك الليلة.
عندما استيقظت كانت قد فارقت الحياة". ومنزله هو كناية عن حفرة في
الأرض تحيط بها جدران من الطين ترتفع مترا واحدا وتعلوها بعض الأقمشة
البالية وقطع ممزقة من الخيم التي تشكل سقف "المنزل". ويعيش دل آغا في
شراهيكامبر أحد مخيمات اللاجئين في كابول. هو يستهجن الحياة "القاسية
جدا"، ويسر قائلا "أخشى على ولدي الثاني" وهو رضيع يبلغ بضعة أشهر، كان
يسعل بالقرب منه. أما خير محمد البالغ من العمر 12 عاما، فقد هرب قبل
أربع سنوات من جنوب أفغانستان. وكانت عائلته قد قررت الرحيل عندما اتهم
عمه بالتجسس لصالح القوات الأجنبية، فتم شنقه بعد تعليقه على شجرة وبقر
بالسكين. ويعاني محمد من عواصف ثلجية وهواء قارس تخترق كوخه ، تضاف
إليها درجات حرارة متدنية تصل إلى 16 درجة مئوية تحت الصفر خلال الليل.
فيقول "منذ أن بدأ البرد، قضى أطفال كثر". يضيف "ندفنهم هناك"، مشيرا
إلى هضبة صغيرة. وتم إحصاء "15 ضحية" سقطوا جراء البرد و"جميعهم تقريبا
من الأطفال" في ثلاثة مخيمات للاجئين في كابول، بحسب ما يقول غلام
ساخيكرغارنوروغلي وهو متحدث باسم وزارة الصحة. يضيف أن نصف أعداد
الوفيات سجلت في مخيم شراهيكامبر. لكن، بعض سكان المخيم يشيرون إلى أن
حصيلة الضحايا هي مرتين أكبر من ذلك. بحسب فرنس برس.
وكانت الحرب بين المتمردين الاسلاميين والقوات الموالية للحكومة
المدعومة من قوات حلف شمال الأطلسي التي أطاحت بحكم حركة طالبان أواخر
العام 2001، قد دفعت بنحو 447 ألف أفغاني إلى هجر منازلهم، بحسب
المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وخلال العام 2011 حصرا،
اضطر 185 ألف شخص غالبيتهم من الجنوب، إلى ترك قراهم. ويسجل ذلك زيادة
بنسبة 45% مقارنة مع العام الذي سبق، بحسب نادر فرهاد متحدث باسم
المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويعيش نحو 18 ألف شخص
في مخيمات كابول ومحيطها. من بين هؤلاء، 1500 مهجر "مرتبط بالنزاع" في
حين أن الآخرين تركوا منازلهم لأسباب إقتصادية، بحسب المصدر نفسه. إلى
ذلك، يتألف ربع الشعب الأفعاني من لاجئين كانوا منفيين سابقين في كل من
باكستان وإيران وقد عادوا إلى البلاد بعد التدخل العسكري الغربي. وعلى
الرغم من مليارات الدولارات التي أغرقت البلاد منذ سقوط نظام طالبان،
إلا أن أفغانستان تبقى أحد البلدان الأشد فقرا في العالم.
وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، كان بيتر نيكولاوس رئيس
المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العاملة في أفغانستان،
قد صرح قائلا "أخطأنا.. هو الخطأ الأكبر الذي ارتكبته المفوضية العليا
للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تاريخها". وذلك في ما يتعلق
باستراتيجية منظمته التي لم تول أهمية للمجالات المهنية الواجب توفيرها
للاجئين، فحكمت عليهم بالبؤس. في العام 2009، كانت أفغانستان تحتل
المرتبة الثانية عالميا بعد تشاد، في ما يتعلق بنسبة الوفيات الأكبر
بين الأطفال دون الخامسة من عمرهم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة.
وقد قدرت "اليونيسف" هذه النسبة في العام 2009 ب199 وفاة لكل ألف طفل
دون الخامسة. فكان طفل واحد من بين خمسة أطفال يقضي قبل بلوغه الخامسة
من عمره. وبحسب وزارة الصحة التي ترتكز على دراسة حديثة، فإن هذه
النسبة انخفضت إلى النصف تقريبا، لتسجل 97 وفاة لكل ألف طفل في العام
2011. وبالتالي، فإن طفلا واحدا من بين عشرة أطفال يقضي في أفغانستان
قبل بلوغه الخامسة من عمره.
الى جانب ذلك قال مسؤولون ان 11 شخصا قتلوا وأُصيب عشرات آخرون في
ثلاثة تفجيرات في اقليم قندهار في جنوب افغانستان في احدث حلقة من
سلسلة هجمات في المنطقة. وقال زلماي ايوبي المتحدث باسم حاكم الاقليم
ان أربعة اطفال وشرطي قتلوا في الهجوم الاول عندما فجر انتحاري نفسه
قرب نقطة تفتيش أمنية في مدينة قندهار. وأضاف أيوبي "كان المفجر يركب
دراجة نارية وفجر عبوته الناسفة قبل ان يصل الى هدفه." وقال ان هدف
المفجر كان نقطة التفتيش الامنية ولكن القنبلة انفجرت قبل الوصول الى
الهدف. واصيب 16 شخصا اخرين بينهم ستة اطفال وثلاثة من أفراد الشرطة.
وأضاف أيوبي أن انفجارين منفصلين تسببا في مقتل ستة اشخاص واصابة 19
اخرين في المدينة نفسها في وقت لاحق. وقال المتحدث "وقع انفجار وبمجرد
ان هرعت الشرطة وأبناء المنطقة لنجدة الضحايا وقع انفجار اخر قتل فيه
مدنيان واربعة من أفراد الشرطة." ومن بين المصابين سبعة من أفراد
الشرطة ووقع الانفجاران في شوق مدد وهي منطقة تجارية بالمدينة الساعة
1500 بتوقيت جرينتش. وقال ايوبي ان الانفجار الاول كان صغيرا نسبيا.
ووقع الانفجار الاخير في دراجة نارية ذات ثلاث عجلات ولا تزال الشرطة
تحقق في الطريقة التي فجرت بها العبوة الناسفة. ولم تعلن اي جهة حتى
الان مسؤوليتها عن الهجمات. ويعد اقليم قندهار مهد حركة طالبان وأحد
المواقع التي تركزت فيها العمليات الامريكية بعد تعزيزها بقوات اضافية
لتغيير دفة الحرب. وقتل مفجر انتحاري رئيس المجلس البلدي في قندهار في
يوليو تموز العام الماضي بعد اسبوعين فقط من مقتل الاخ غير الشقيق
للرئيس الافغاني حامد كرزاي داخل منزله في المدينة نفسها. بحسب رويترز.
ورغم وجود عشرات الالاف من الجنود الاجانب في افغانستان تقول الامم
المتحدة وغيرها من وكالات المساعدات ان العنف وصل الى اعلى مستوياته
منذ الاطاحة بحركة طالبان في غزو قادته الولايات المتحدة قبل نحو عشرة
اعوام. وكان عام 2011 من اشد الاعوام دموية بالنسبة الى المدنيين
الافغان حيث قتل الالاف في حوادث مرتبطة بالتمرد وعمليات قامت بها
القوات الافغانية والاجنبية في أفغانستان
واعلن الرئيس الافغاني حميد كرزاي في وقت سابق ان الاعتداءين اللذين
استهدفا شيعة في كابول ومزار الشريف اسفرا عن سقوط ثمانين قتيلا، في
اخطر هجوم طائفي في افغانستان منذ اكثر من ثمانين عاما. وقال كرزاي في
مؤتمر صحافي ان "الحصيلة بلغت ثمانين قتيلا"، بدون ان يذكر عدد الجرحى.
وكانت الحصيلة السابقة للهجومين تشير الى سقوط 55 قتيلا و134 جريحا في
كابول واربعة قتلى واربعة جرحى في مزار الشريف كبرى مدن شمال افغانستان.
وكان الهجومان متزامنين تقريبا واستهدفا موكبين للشيعة خلال احياء ذكرى
عاشوراء. واتهم كرزاي متطرفين باكستانيين بالوقوف وراء اعتداء كابول.
جاهزية الجيش الافغاني
على صعيد متصل يخص الجانب الامني في افغانستان اعتبر جنرال اميركي
رفيع المستوى في قوات التحالف الدولي، ان الجيش الافغاني سيصبح جاهزا
للوقوف في الخطوط الامامية في العمليات التي تستهدف عناصر طالبان في
2013 حتى لو ان عددا صغيرا من وحداته تستطيع في الوقت الراهن العمل
بمعزل عن قوات حلف شمال الاطلسي. وقال الجنرال الاميركي
كورتيسسكاباروتي قائد القوة المشتركة في قوة ايساف، المسؤولة عن عمليات
التحالف في افغانستان ان "هؤلاء الجنود سيقاتلون .. لا شك في ذلك.
وسيتمتعون بالجهوزية الكافية لضبط الامن في بلادهم والتصدي للتمرد".
واضاف الجنرال سكاباروتي "احض القادة على وضعهم في الخطوط الامامية في
اقرب وقت ممكن. وسرعان ما سيجدون انفسهم في الخطوط الامامية، وسرعان ما
سنعرف كيف سيخرجون سالمين وكيف نستطيع دفعهم قدما". بحسب فرنس برس.
وسيبلغ عديد الجيش الافغاني 195 الف رجل، والشرطة 157 الفا، اي 352
الف رجل بالاجمال، كما يفيد الحلف الاطلسي الذي قرر وضعهم في الصفوف
الاولى للعمليات في 2013 للقيام بدور داعم. وحتى الان، يعتبر 29 فوجا
افغانيا وسبع وحدات من الشرطة قادرة على التحرك "بمعزل" عن القوات
الدولية، حسب تصنيف الحلف الاطلسي. وقال الجنرال سكاباروتي ان ذلك يشكل
1% من اجمالي القوات الافغانية.
الى جانب ذلكألغى الرئيس الافغاني حامد كرزاي مهلة حددها بحلول مارس
اذار 2012 لانهاء عمل شركات الامن الخاصة وأمهلهم حتى سبتمبر ايلول
2013 للعمل داخل البلاد. وكان كرزاي الذي كثيرا ما انتقد شركات الامن
الخاصة قد حدد في السابق اكثر من مهلة لإنهاء عمل هذه الشركات في
أفغانستان ولكن المهلة كان يتم تمديدها في كل مرة. ولم يذكر كرزاي
السبب في منح الشركات 18 شهرا إضافيا لكن النصف الثاني من هذا العام
شهد بعضا من أكثر الهجمات دموية على المدنيين والجنود خلال السنوات
العشرة المنصرمة. وقال كرزاي "نسمح لهم (بمواصلة العمل) لمدة اخرى تبلغ
عاما ونصف العام. وبعد عام ونصف العام سيقوم وزراؤنا (في سبتمبر 2013
)... باغلاقها جميعا." وقال كرزاي ان انتشار المتعاقدين الامنيين اضعف
الدولة من خلال تقديم الكثير من الخدمات التي كان سيقدمها القطاع العام.
وقال "سبب اخر يجعل الحكومة الافغانية غير قادرة على معالجة قضية
الفساد هو وجود ادارة موازية للحكومة الافغانية." وأضاف "شركات الامن
الخاصة تمثل العائق الاكبر امام انفاذ القانون وتطوير عمل وزارة
الداخلية والشرطة." وفي اغسطس اب 2010 قال كرزاي انه يريد اغلاق شركات
الامن الخاصة بحلول نهاية ذلك العام باستثناء الشركات التي يقوم
افرادها بالحراسة داخل مجمعات تستخدمها سفارات اجنبية ومؤسسات دولية
ومنظمات الاغاثة والمنظمات الخيرية. ومدت المهلة بعد ذلك حتى مارس اذار
2012. وقال مصدر امني أفغاني ان حكومة كرزاي حاولت في عام 2009 تسجيل
الشركات ومعرفة كمية الاسلحة التي بحوزتها ومصدر هذه الاسلحة والقيمة
المالية لهذه الصناعة بيد ان هذه المحاولة باءت بالفشل. بحسب رويترز.
وتقوم القوات الاجنبية في أفغانستان بنقل المسؤولية عن الامن في
البلاد الى الجيش والشرطة الافغانية وسوف تغادر معظم القوات الاجنبية
المقاتلة والبالغ قوامها حاليا اكثر من 100 الف جندي أفغانستان بحلول
نهاية 2014. ورغم ان كرزاي والقوى الدولية الداعمة له يريدون ان تتولى
القوات الافغانية المسؤولية الامنية الا أن أفغانستان تقول انها لن
تكون قادرة على تجهيز قوات الجيش والشرطة التي تحتاجها بعد عام 2014
بدون مساعدة دولية.
زيادة أعداد حراس القرى
الى جانب ذلك أقر رئيس القوات الأمريكية الخاصة خطة مثيرة للجدل
تهدف إلى زيادة أعداد الأفغان الذين يقومون بحمل السلاح لحماية قراهم
بتمويل من حلف شمال الأطلسي "ناتو،" مرجحاً أن تزداد الأعداد بواقع
ثلاثة أضعاف خلال العامين المقبلين، مع إمكانية تجاوز هذه النسبة في
السنوات اللاحقة. وفي لقاء نادر مع الصحفيين، قال الأميرال وليام
ماكريفن، الذي يعتبر "مهندس" عملية تصفية زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن
لادن، إن عدد أفراد تلك القوة حالياً يبلغ 9800 رجل، ولكن الخطط
الجديدة سترفع العدد إلى 30 ألف رجل بنهاية عام 2013، على أن يواصل حلف
الأطلسي تمويل هذه العملية حتى ما بعد عام 2015.
ولفت ماكريفن إلى أن القرار الأخير في هذا السياق يعود إلى قائد
قوات التحالف، اللواء جون ألن، والرئيس الأفغاني حامد كرزاي، ولكنه
أشاد بالمشروع الذي قال إنه ترك انطباعاً جيداً لدى السكان. واعتبر
ماكريفن أن تلك القوات التي تعمل حالياً في 57 مديرية في البلاد قادرة
على التوسع لتشمل 99 مديرية بنهاية 2013، مضيفاً أنها توفر للسكان
القدرة على حماية مناطقهم والرد بسرعة على مصادر التهديد، والاستفادة
من ذلك في الوقت نفسه. بحسب CNN.
وكان القائد السابق للقوات الدولية في أفغانستان، ديفيد بتريوس، أول
من اقترح إقامة تلك الوحدات وتمويلها، وذلك قبل 17 شهراً، غير أن عملها
تعرض لبعض الانتقادات، إذا اتهمتها منظمة "هيومنرايتسووتش" بارتكاب "خروقات
جدية لحقوق الإنسان" دون أن تخضع للمحاسبة من قبل السلطات الأفغانية.
وأبدت تقارير أخرى خشيتها من انقلاب تلك المجموعات المسلحة ضد سكان
المناطق التي تتولى حالياً حمايتها، وذلك في حال انقطع عنها التمويل
الدولي، أو الانصراف عن قتال حركة طالبان والتنظيمات المتشددة لأجل
الدخول في صراعات داخلية أو قبلية.
في السياق ذاته اقر تقرير عسكري اميركي ان افرادا من جهاز جديد
ينضوي تحت الشرطة الافغانية وتموله الولايات المتحدة انتهكوا حقوق
الانسان، ولكن التقرير اصر على ان قوات الامن الافغانية تقدم "اسهامات
جبارة" بشكل عام. وجاء التقرير عقب تحقيق اوردته منظمة هيومنرايتسووتش
المدافعة عن حقوق الانسان وجه انتقادات شديدة في ايلول/سبتمبر حيث قال
ان افراد تلك القوات يمارسون انتهاكات كثيرة تشمل الاغتصاب والقتل
ويفلتون من المحاسبة. وكان جهاز شرطة المناطق الافغانية قد انشئ العام
الماضي باعتباره ركيزة اساسية لنجاح عملية تسليم المهام الامنية من
قوات الحلف الاطلسي الى القوات الافغانية ما يسمح باتمام انسحاب كافة
القوات القتالية الاجنبية التي تتزعمها الولايات المتحدة من افغانستان
بنهاية 2014 على الاقل نظريا. ويتكون جهاز شرطة المناطق من ميليشيات
محلية بهدف حماية التجمعات السكنية في المناطق التي لا يمكن للجيش
الافغاني وقوات الشرطة النظامية الوصول إليها.
ولا تملك تلك القوات صلاحيات تنفيذ القانون، ومن المتوقع ان يزداد
عددها لاكثر من ثلاثة اضعاف وصولا الى 30 الف فرد، ويشير المنتقدون لها
باعتبار انها لا تختلف عن اي من الميليشيات التابعة لامراء الحرب في
البلاد. وقد امر الجنرال جون آلان قائد القوات الاميركية في افغانستان
باجراء تحقيق شمل 46 من الادعاءات بارتكاب انتهاكات كان المتهم فيها
اما شرطة المناطق او غيرها من الجماعات المسلحة ووجد التحقيق ان سبع
حالات وقعت فعلا بينما شكك في عشرة منها وقال ان 15 حالة "يمكن الوثوق
بها جزئيا".
وقال ضابط التحقيق الجنرال جيمس مارز من القوات الجوية الاميركية ان
الاتهامات التي وجهها تقرير هيومنرايتسووتش تحديدا الى شرطة المناطق
امكن التثبت من احداها بالكامل مشيرا الى صعوبة تمييز شرطة المناطق عن
غيرها من الجماعات المسلحة. كما اشار التحقيق الذي اجراه الجيش
الاميركي الى مزاعم اخرى اشير الى مصداقيتها تضاف الى تلك التي وردت في
تقرير هيومنرايتسووتش، اذ وجد التحقيق العسكري ان شرطة المناطق سرقت من
سكان القرى و"اعتدت" على المشتبه بهم، وضربت طفلا بالعصى. وقد اثار
تقرير هيومنرايتسووتش مخاوف من الدور الذي تضطلع به الميليشيات
المدعومة من الحكومة تحت امرة زعماء محليين، اذ اشار تقرير المنظمة
المدافعة عن حقوق الانسان الى تورط تلك الميليشيات في عمليات اغتصاب
وتهريب وابتزاز وقتل. ومن المفترض ان الميليشيات هي المجموعات الصغيرة
التي تتبع امراء حرب بعينهم ممن تجذر وجودهم خلال ماضي افغانستان
الدامي، بينما "شرطة المناطق" وحدات تتلقى رواتب ويجمعها زي موحد وقد
انشأت العام الماضي فقط. بحسب فرنس برس.
ووجد مارز انه يمكن الوثوق بالاتهامات بأن الميليشيات، المعروفة
باسم اربكاي، تورطت في جبي الاتاوات وارتكاب اعتداءات جنسية وعمليات
نهب. كما قتلت الميليشيات حارسا يعمل مع احد فرق اعادة الاعمار، حسبما
ترجح الادلة. وقال التقرير الاميركي انه "من الضروري" تلقين وحدات شرطة
المناطق دروسا في حقوق الانسان، واقر التقرير بوجود "خلافات سياسية
وصراعات على السلطة، فضلا عن الفساد، كتحديات عدة يتعين التغلب عليها".
ولكن التقرير الاميركي قال ان تقرير هيومنرايتسووتش "يتجاهل الخدمات
الحيوية اليومية التي تقدمها شرطة المناطق وافراد عمليات أمن القرى
لمساعدة الافغان في الخروج من صراع مستمر منذ ثلاثين عاما والعيش بأمن
وسلام". وقال التقرير ان "شرطة المناطق وعمليات امن القرى تقدم إسهامات
جبارة". يذكر ان عدد قوات الجيش والشرطة الافغانية تزايد بسرعة ليصل
الى 300 الف فرد وقد تلقت تلك القوات مليارات الدولارات كتمويل من
الولايات المتحدة لانشائها وتعزيزها تمهيدا لانسحاب القوات القتالية
لاجنبية في 2014.
وتحدث قائد القوات الاميركية الخاصة الادميرال ويليام ماكريفين
للصحافيين في وقت سابق عن خطط لزيادة قوام شرطة المناطق لتصل الى 30
ألف فرد. غير ان براد آدامز مدير شؤون آسيا في هيومنرايتسووتش قال "بدلا
من التعجل لمضاعفة شرطة المناطق ثلاثة اضعاف حري بالحكومتين الاميركية
والافغانية انتهاج آليات لضمان التزام تلك القوات بالقانون". وقالت
هيومنرايتسووتش انه منذ صدور التقرير وردت اتهامات اخرى عديدة
بانتهاكات تتعلق بالشرطة المحلية، بما في ذلك اشتباك مسلح اسفر عن قتلى
وكانت الشرطة الوطنية طرفا فيه، فضلا عن عمليات اعتداء وابتزاز وترهيب
وفرض إتاوات. وقال آدامز "بات من الملح التفكير على الامد الطويل".
وتابع "ماذا سيحدث حينما يكف المانحون عن دفع رواتب شرطة المناطق
وغيرها من قوات الامن؟ كيف سيكون الوضع مع عشرات الالاف من الرجال
الذين جرى تسليحهم بشكل جيد بافتراض انضوائهم تحت زي موحد؟".
وقال متحدث بلسان القوات الاميركية "ينبغي التأكيد على ان شرطة
المناطق ليست ميليشيات".
وتابع "ان شرطة المناطق قوة دفاع لحماية السكان تنضوي تحت امرة
الحكومة الافغانية بهدف الدفاع الذاتي وتأكيد التواجد الحكومي واتاحة
الفرصة للتنمية الاقتصادية في المناطق الريفية من افغانستان". واضاف "يشير
الاتهام الوحيد الموثوق به المتعلق بشرطة المناطق إلى صعوبة التمييز في
كثير من الاحيان بين قوة شرطة المناطق الرسمية وغيرها من الجماعات
المسلحة".
الغرب يفوز في أفغانستان
من جهته قال وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا ان الولايات المتحدة
وحلفاءها يفوزون في أفغانستان رغم انتشار العنف واستمرار التمرد وعدم
اليقين الذي يكتنف اتفاقا للسلام تطلع الغرب الى أنه قد ينهي حربا
مستمرة منذ عشرة أعوام. وقال بانيتا الذي كان يتحدث للجنود في قاعدة
عمليات متقدمة في شرانةباقليمبكتيكا في شرق أفغانستان "اعتقد حقيقة أن
كل التضحيات التي تقدمونها تؤتي ثمارها بالفعل. "نتحرك في الاتجاه
الصحيح ونفوز في هذه الحرب الضارية في أفغانستان." وعبر بانيتا عن نبرة
متفائلة أثناء معظم فترة الزيارة التي استغرقت يومين لافغانستان حيث
يعد القادة العسكريون الامريكيون مسارا لخفض الوجود العسكري الغربي في
أفغانستان بحلول عام 2014 ويتطلعون في النهاية الى انهاء حرب مكلفة
استمرت لفترة طويلة. وتأتي زيارة بانيتا لاقليمبكتيكا بينما يتسلل
متمردون ذهابا وايابا عبر الحدود التي يغيب فيها القانون الى مناطق في
غرب الاقليم الوعر الذي يقع في شرق البلاد وتكتسب الزيارة أهمية
متزايدة في أعقاب اضعاف حركة طالبان في معاقلها الجنوبية خلال الاشهر
الثمانية عشر الماضية. وقال بانيتا "هل هناك تحديات.. انتم على حق
تماما في أن هناك تحديات.. هل نحن قادرون على التعامل مع هذه التحديات..
انتم على حق تماما في اننا قادرون." ويقول قادة عسكريون أمريكيون من
أمثال الجنرال كيرتسسكاباروتي ان قرار الرئيس باراك أوباما ارسال ما
يزيد عن 30 الف جندي امريكي اضافي الى أفغانستان ساعد على وقف التدهور
في الوضع الامني ومنح قوات حلف شمال الاطلسي تفوقا.
وقال سكاباروتي الذي يقود العمليات اليومية في أفغانستان للصحفيين
في العاصمة كابول "اعتقد أننا ألحقنا بهم هزيمة تكتيكية في الجنوب."
وأضاف "لا يزال يتعين علينا تعزيز ذلك مرة أخرى." لكن كثيرا من
المراقبين ينظرون الى الوضع في أفغانستان على نحو مغاير تماما. فحركة
طالبان والتنظيمات المرتبطة بها لا تزال عدوا قويا وأساليب الحكم
السيئة والفقر المنتشر على نطاق واسع والفساد المستشري تثير شكوكا بشأن
الاستقرار. وبينما يسحب الغرب قواته تتبنى ادارة أوباما حلا سياسيا
للحرب في أفغانستان. ويسعى المسؤولون للتوصل الى اتفاق سلام بين
الحكومة الافغانية وطالبان لكن من غير الواضح ما اذا كانت المبادرة
ستنجح. ولكن نبرة بانيتا كانت أكثر حذرا بينما كان يتحدث الى
دبلوماسيين أمريكيين في وقت لاحق في كابول حيث أشاد بالتقدم الذي أحرز
ضد طالبان لكنه قال أن هناك المزيد الذي يتعين عمله. وقال "لا نقول ان
هذه المهمة أنجزت بأي معنى.. انها لم تنجز بعد."
وفي تصريحات له في مؤتمر صحفي مع الرئيس الافغاني حامد كرزاي قال
بانيتا ان من المُرجح أن تستمر الهجمات الخطيرة وغيرها من أعمال العنف
لكن الوضع الامني يظل إيجابيا. ومن جانبه قال كرزاي "ان تعاون القوات
الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي مع الافغان حقق الاستقرار في
افغانستان بوجه عام... (لكن) ما لم نحققه بعد بشكل كامل هو توفير الامن
الشخصي للشعب الافغاني."
ارتفاع الاسعار ومشكلة الفساد
من جهة اخرى ومع تراكم الثلوج أمام متجره الصغير في العاصمة
الافغانية كابول وقرار باكستان اغلاق الحدود الذي ادى الى رفع أسعار
المواد الغذائية وقطع شريان حياة لأفغانستان أصبح لعصمت الله متاعبه
الخاصة في هذا الشتاء وقال عصمت الله "فقدت 50 في المئة من زبائني"
وكان يحاول أن يرسم على وجهه ابتسامة بينما يلقي نظرة على متجره الخالي
من الزبائن والذي تحيط به صناديق البيض والحليب وعلب السجائر
والمشروبات والمياه المعبأة التي أصبحت مجمدة على الرصيف خارج المتجر
وسط أجواء الصقيع. ومضى يقول "الجميع قل دخله الان.. لذلك الناس غير
قادرين على الشراء. عندما تغلق الحدود.. ترتفع الاسعار." وكان يضع قبعة
سوداء وسترة جلدية في محاولة للتدثر في واحد من أكثر فصول الشتاء برودة
منذ سنوات طويلة.
في متجر (فاينيست) المؤلف من ثلاثة طوابق والذي يرتاده الاجانب
والسكان المحليون والذي كان هدفا لتفجير انتحاري فتاك العام الماضي
يقول المالك مطيع الدين ان تكلفة استيراد حاوية من الاغذية ارتفعت من
ثمانية الاف دولار قبل اغلاق الحدود الى نحو 23 ألف دولار. وقال مطيع
الدين في مكتبه وهو يطرق بقبضته على الة الفاكس القديمة تعبيرا عن
الاحباط "انها مشكلة هائلة. الجميع يصرخ. اذا لم يحلوا هذه المسألة
قريبا سنضطر لاغلاق متجرنا." وأضاف "نضطر الى أن نترك الطعام بعد ان
تنتهي صلاحيته على الارفف على أمل أن يباع." ومنذ اغلاق الحدود ارتفع
سعر كيلو الدجاج من 200 أفغاني (دولارين) الى 250 أفغاني. كما ارتفعت
أسعار الطماطم اكثر من أربعة أمثال وتضاعفت أسعار الجبن. بحسب رويترز.
وقالت نادرة حبيبي (37 عاما) التي تعمل مديرة منزل انه حتى مع عمل
زوجها وابنها أصبح من الصعب للغاية اطعام أفراد أسرتها وعددهم سبعة.
وأضافت "قبل ذلك كنا ننفق نحو 20 ألف أفغاني شهريا (400 دولار) لكن
السعر الان يزيد عن 30 ألفا وهو ما لا نستطيع تحمله."
ومنذ أن أغلقت باكستان مسارات الامداد عن قوات حلف شمال الاطلسي في
أفغانستان بعد أن قتل الحلف 24 جنديا باكستانيا في غارة جوية عبر
الحدود في نوفمبر تشرين الثاني بدأ المواطنون الافغان والاجانب على حد
سواء يشعرون بارتفاع أسعار الغذاء. ويبرز اغلاق الحدود الذي وعدت
باكستان بانهائه في وقت لم يتقرر بعد اعتماد أفغانستان على واردات
الطعام عبر الحدود الشرقية الجبلية بدلا من ايران غربا أو مسارات أطول
واكثر تكلفة شمالا عبر دول اسيا الوسطى السوفيتية السابقة. ويأتي أغلب
الغذاء المستورد من الهند ودبي وباكستان ويشحن الى البلاد التي لا تطل
على أي سواحل من كراتشي ويدخل أفغانستان عبر اقليم قندهار المضطرب في
الجنوب وسبين بولداكوطورخام في اقليم ننكرهار شرقا. ومنذ اغلاق الحدود
الباكستانية تكلف الشحن أو النقل الجوي لامدادات القوات الامريكية في
أفغانستان من 17 مليون دولار شهريا الى 104 ملايين دولار طبقا لارقام
وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) والتي نشرتها وسائل اعلام أمريكية.
الى جانب ذلك اتهم الرئيس الافغاني حامد كرزاي "الاجانب" بتغذية
الفساد في افغانستان عبر منح عقود لاصحاب امتيازات وعرقلة مكافحة هذا
النوع من الاختلاسات في بعض الاحيان. وقال كرزاي في خطاب في كابول في
اليوم الدولي ضد الفساد "لدينا مشاكل مع الافغان والاجانب زملاؤنا
الاجانب لا يكتفون بعدم التعاون بل وضعوا عراقيل في بعض الاحيان".
وتابع ان "احدى وسائل خفض الفساد هي ان يكف الاجانب عن منح عقود
لاقرباء مسؤولين حكوميين. علينا اصلاح نظام العقود" الثانوية. واكد
كرزاي ان الافغان والاجانب "فقدوا الثقة ببعضهم". وهذه ليست المرة اولى
التي يتهم فيها كرزاي حلفاءه الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة
بالتسبب بالكثير من المشاكل في بلده بينها الفساد. |