النظام الدولي الجديد... هل تحقق؟

عباس النوري

بعد الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بدأ التحضير الفعلي لتحقيق هذه المقولة التي أطلقها الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عندما ألقى خطاباً بخصوص إرسال القوات الأمريكية للخليج في أغسطس في عام 1990 وقد أشار بوضوح عن فكرة (عصر جديد وحقبة للحرية وزمن للسلام لكل الشعوب)، والآن وبعد مرور أكثر من عشرون عاماً نلاحظ أن الخطط الأمريكية التي تضع لها جداول زمنية قد تحقق الكثير من مشروعها في شرق أوسط جديد وأن من أواخر هذا المشروع ما يسمى بالربيع العربي.

أغلب الحروب التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط والتي في طريقها اليوم وبعد غد لها صلة وثيقة بالمشروع الأمريكي الذي يرمي لسيطرت قوة عظمى وحيدة تحكم العالم وما وراء العالم من أعماق المحيطات والفضاء...وعلى شعوب الكرة الأرضية أن تنصاع لهذه الحقيقة الأمريكية برضى ومضض أو جبراً من خلال ما حل في أوروبا الشرقية وأفغانستان والعراق وليبيا والدور على دولتين مرشحتين لضربات عن بعد وهي سوريا وإيران.

السؤال المحير الذي احاول التوصل لإجابة مقنعه له...أو عدد من الإجابات القريبة لما تفكر به الإدارة الأمريكية وأي بدائل وضعت لخططها الاستراتيجية خلال الأعوام العشرين القادمة، لأنه من غير المنطقي أن نقول بأننا وجدنا حلولاً لرموز الخطط السرية للإدارة الأمريكية... ولا أتفق مع البعض الذين يقولون بأن سياسة هذا الرئيس الأمريكي أفضل أو أسوء من سابقه أو لاحقه...لأننا لو أمعنا النظر والتفكير ومحاولة التحليل المحايد نلاحظ أن المشروع الأمريكي قائم وأن الاستمرارية في تطبيق فقراته ملحوظ على أرض الواقع للبلدان المعنية والمرسومة وفق خارطة أمريكا لما سماها بدول الشر...أو الدول المساندة للإرهاب...وأغلب رؤساء أمريكا أعلنوا بالحرب على الإرهاب وإن لم يوضحوا معالم ومعاني وتفسيرات المقولة...وعلى أساسه بدلت دول قوانين أو أضافت قوانين يعزز المقولة ويدعم الخطط الأمريكية للسيطرة على العالم دون أي رادع من قوى قد يضعها البعض في ميزان تعادل القوى أو ظهور تحالف بين الصين وروسيا من أجل توازن القطبين وهذا يعد ضربٌ من الخيال.

السؤال...هل حان الوقت بأن الدول التي ترى أنها هدف ملحوظ ومرسوم وفق المخططات الأمريكية أن تستسلم للواقع وتشرع في بدأ حوار وتفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية لتفادي الحرب وما يؤدي من دمار وهدر في الأرواح والأموال؟

وهنا أحدد الموضوع بمسألتين مهمتين:

الأولى – الدول التي استهدفت والتي مستهدفة

الثانية – آثار الحرب القادمة على العراق وموقف العراق من الحرب

وأرجو أن أفهم بأنني أدعو للاستسلام (الانبطاح) أو على هذه الشاكلة دون شروط واتفاقيات وتفاوض من أجل حماية الشعوب وخصوصياتها ومستقبل أجيالها... وعلى من يريد أن يتقد هذا السؤال ويحوله لفهم خاطي أن يرى حراك الدول الخليجية وكيف تطورت خلال أربعين عاماً...وكيف وإلى أي مستوى متدن تراجع العراق كمثال قريب...وليس الحال أفضل لا في دول أخرى لعبت أدوار البطولة والتعنت ولا حتى هناك اليوم وجود للاتحاد السوفيتي القوى العظمى الهشة...وكيف تجزأت لعدد من الدول التي عانت الكثير من الحروب الداخلية والمشاكل الاقتصادية...وما أشبه اليوم بالبارحة.

هذا مجرد سؤال أطرحه لمعرفة أجوية قريبة للحقيقة ولا أبحث عن كل الحقيقة...لأن الظروف تغير كثير من السياسات، وليس مستبعدا بأن لدى الادارة الأمريكية خطة ألف وباء وخطط بديلة واحتياطية لضمان نجاح مشروع يعد حلم أكبر الامبراطوريات عبر التاريخ... والرأي الشخصي بكيفية تفعيل أمريكا مشروعها ألخصها بأربعة نقاط.

1. هناك دول لا بد من تغييرها بالعمل العسكري أمثال يوغوسلافيا، أفغانستان، العراق وليبيا...والدول المرشحة حالياً هي سوريا وإيران.

2. دول تغير من خلال الاستخبارات الأمريكية وعملائها والمتعاونين بشكل مباشر أو من خلال سماسرة وبصورة غير مباشرة وكانت لها دور في تونس ومصر وسوريا وإن لم تكشف للرأي العام حالياً.

3. دول تدخل في محور الدول المتعاونة وهنا يمكن تصنيف أغلب دول الخليج بالاضافة لدول مثل المغرب والاردن.

4. دول مساندة وشريكة فعلية في تنفيذ المخطط الأمريكي ويمكن تلخيصها بشكل عام دول السوق الاوروبية وبشكل خاص الدول الصناعية.

ولا أريد الدخول في تفاصيل هذا النقاط الأربعة لكي لا يتشعب الموضوع وأكتفي بالقول أن الأحداث منذ عام 1990 ولهذا اليوم يضع بعض الدول أمام خيارين لا ثالث لهما أما القبول بالحوار والتوصل لحلول ناجعة تقي شرور الحرب والدمار...وأما كتب عليها كما كتب على سابقتها من دول...ومن المنطقي الاشارة بأن أي حرب سيكون لها مردود سلبي ليس فقط على الدول القريبة أو التي تشارك فعلياً في الحرب بل على العالم بسره بشكل وآخر ولعل موضوعة أن سلاح العرب هو النفط بات في خبر كان كما هي مقولة الأمة العربية الواحدة، وما نراه من تسابق الدول لنيل رضى أمريكا ومنها من تتسابق لنيل رضى إسرائيل بعد أن كان إسرائيل العدو المشترك والقضية الفلسطينية القضية المصيرية...ولم يعد محلل إحصائيات الخسائر البشرية والمادية ومدى تأخر البلدان لعصور ما قبل التاريخ نتيجة لسياسات العضلات والابتعاد عن استخدام العقل والمنطق ووضع مصالح شعوبها فوق مصالحها الضيقة.

آثار الحرب القادمة على العراق وموقف العراق من الحرب

قد لا يحتاج الموضوع للكثير من التفسيرات والمبررات فأن أي دولة مجاورة لدولة تدخل الحرب فأنها تتأثر بشكل واضح وكبير من جميع النواحي، ولعل المعلوم بأن أكثر صادرات العراق من النفط هو عبر مضيق هرمز وأن أغلب السلع الضرورية تدخل للعراق من ذات المكان – والذي لا يقبل للجدل هو أنه لو اندلع الحرب فأنها تعد كارثة على الشعب العراقي.

الحكومة العراقية ليس لديها أي استعدادات وقائية لحرب مهددة بإشعاعات نووية، فليس لدينا في العراق ملاجئ محصنه وفق معايير تقي شر حرب من هذا النوع.

وليس لدى الحكومة أي احترازات ضرورية مثل مخازن للأدوية والمواد الغذائية الضرورية لمدة معينة تعتبر مخازن للكوارث بمستوى بعض البلدان القريبة التي أنشأت أمثال هذه المخازن من أم ليس بالقريب.

الحكومة العراقية ليس لديها سياسة تعويضية عن منافذ قد تتعرض بالتأكيد للغلق أو الاعتداء وبذلك كان من الأولى على الحكومة العراقية إعادة النظر بسياستها الخارجية وبالخصوص بالمملكة العربية السعودية ودولة الكويت وبالتحديد إعادة أنابيب النفط الممتدة بين العراق والسعودية.

القوى السياسية العراقية النافذة في السلطة والتي هي خارج العملية السياسية أن تضع في حساباتها أن فترة ما قبل الحرب المتوقعة لابد أن تكون فترة التلاحم من أجل درء مخاطر الحرب المحتملة وتتحمل المسؤولية بالاجماع والتوقف عن جميع المماطلات والعداءات وتوحيد الصف لوقاية الشعب العراقي الكارثة المحتملة.

الشعب العراقي بكل أطيافه ومن خلال منظمات المجتمع المدني عليها الشروع في مؤتمرات وورش عمل للتصدي لمخاطر الحرب المحتملة – وهذه العملية سوف تؤدي لدعم الوحدة الوطنية بشكل طبيعي وحقيقي بعيداً كل البعد عن التوحيد المصطنع.

على الحكومة العراقية وجميع القوى الوطنية أن يكون لهم موقف موحد من الحرب القادمة وأن يكون العراق محايداً بشكل واضح وجلي...ولدى الدبلوماسية العراقية مهمة كبيرة هو بيان هذا الموقف الحيادي بكل الطرق والوسائل.

العراق وفق الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها طلب حماية الشعب العراقي من نتائج الحرب – وعلى القادة معرفة موقف الولايات المتحدة من هذا الأمر المهم لكي لا تصب ويلات الحرب على العراق بشكل مباشر أو غير مباشر، لأننا رضينا أم ابينا لقد بات العراق جزءا من المعادلة التي تدعم النظام الدولي الجديد ذات القطب الأوحد والعراق جزء مهم من تحقيق المشروع الأمريكي ومن غير المنطقي أن يقال بأن أمريكا تخلت أو سوف تتخلى عن العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/شباط/2012 - 26/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م