قطيعة النفط الإيراني... أجندات الخصوم وحسابات الاقتصاد العالمي

عبدالأمير رويح

 

شبكة النبأ: لا تزال ايران وملفها النووي محور النقاش الاساسي الذي يشغل بال الكثير خصوصا بعد تنامي حده الصراع واتساع رقعة الخلاف وبين الخصوم، والتي بدأت بوادرها المزعجة بعد قرار تشديد العقوبات الاقتصادية على ايران، ويرى بعض المراقبين ان تلك العقوبات هي اولى اوراق الضغط الامريكي الأوربي لإجبار ايران على التخلي عن ملفها مثار الجدل، لكنهم في نفس الوقت يتخوفون من عناد ايران واصرارها على عدم الخضوع لقرارات امريكا العدو الاول لها. ويقولون ان اي عقوبات غير مدروسة بشكل صحيح ستؤثر سلبا على الجميع.

فبعد تشديد العقوبات النفطية على ايران والتي اقرتها مجموعة الدول الاوربية ازدادت المخاوف من ارتفاع اسعار النفط العالمية خصوصا وان لإيران ثقلها المعروف بهذا الجانب، ويرى بعض اصحاب الاختصاص ان تشديد تلك العقوبات سيخلق ازمة نفطية جديدة يسهم في ارتفاع الاسعار حتى مع وجود ضمانات من بعض الدول العربية المعادية لسياسة ايران والتي طرحت نفسها كبديل اساسي، تلك الورقة وبحسب البعض قد تكون من صالح ايران المحاصرة ستستخدمها في حرب المواجه النفطية المقبلة، فقد أفادت وكالة أنباء مهر الايرانية شبه الرسمية أن مندوب ايران الدائم لدى أوبك توقع أن تحقق أسعار النفط العالمية مزيدا من الصعود لاسباب من بينها العقوبات الغربية المفروضة على صادرات النفط الايرانية. ونقلت الوكالة عن محمد علي خطيبي قوله "في ظل الظروف الحالية سترتفع أسعار النفط نتيجة برودة الطقس وأيضا الاثر النفسي للعقوبات الغربية المفروض على صادرات النفط الايرانية." وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي عقوبات جديدة مشددة على ايران يبدأ سريانها في وقت لاحق هذا العام وتهدف فعليا الى وقف صادرات ايران النفطية. وتستهدف عقوبات الاتحاد الاوروبي على ايران بشكل مباشر قدرة ثاني أكبر مصدر للنفط في أوبك على بيع الخام. وردا على ذلك حذرت ايران من قطع صادرات النفط لاوروبا قبل الاول من يوليو تموز موعد بدء العمل بالعقوبات الاوروبية. وهددت طهران كذلك باغلاق مضيق هرمز الحيوي لشحنات النفط في خطوة قالت واشنطن انها لن تقبلها. واشترى الاتحاد الاوروبي 25 بالمئة من مبيعات النفط الايراني في الربع الثالث من 2011. لكن المحللين يقولون ان سوق النفط العالمية لن تتأثر بدرجة كبيرة اذا قطعت ايران الامدادات عن أوروبا. بحسب رويترز.

وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها ايران بالعمل على انتاج سلاح نووي تحت غطاء برنامجها النووي. وتنفي ايران ذلك وتقول انها تحتاج للتكنولوجيا النووية لانتاج الكهرباء. وانتقد خطيبي بعض الدول العربية لاقتراحها أنها يمكنها تعويض النفط الايراني في حال تعطل امداداته. وقال "ارتفاع أسعار النفط يظهر أن السوق لا يسودها التفاؤل بشأن الحديث عن تعويض النفط الايراني." وقالت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم ان بامكانها ضخ المزيد من النفط فورا بعد أن حذرت ايران منتجي منطقة الخليج من تعويض أي تعطل في امداداتها. وقال وزير البترول السعودي علي النعيمي ان المملكة قادرة على سد أي نقص في سوق النفط مستقبلا نظرا لمستويات استثمارها المرتفعة في المحافظة على الطاقة الانتاجية.

وأفادت وكالة مهر الايرانية للانباء أن وزير النفط الايراني رستم قاسمي قد انتقد بعض الدول العربية لاشارتها الى أنها قد تعوض عن الخام الايراني اذا تعطلت امدادات النفط. وزادت التوترات بين ايران والغرب حين وافق زعماء الاتحاد الاوروبي على حظر استيراد النفط الايراني بدءا من يوليو تموز وتجميد أصول البنك المركزي الايراني متعاونين مع الولايات المتحدة في مجموعة جديدة من العقوبات التي تهدف لكبح البرنامج النووي الايراني. ونقلت الوكالة عن قاسمي قوله في رسالة الى رئيس منظمة أوبك عبد الكريم لعيبي "بعض دول أوبك ينبغي أن تتبع سياسات معقولة." وأضاف "مصالح دول المنطقة تعتمد على التعاون المشترك." فيما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن نائب وزير النفط الايراني قوله ان أسعار النفط قد تصل الى 150 دولارا للبرميل بسبب الحظر الذي فرضه الاتحاد الاوروبي على استيراد النفط من ايران. وقال أحمد قلعه باني "رغم صعوبة توقع أسعار النفط بدقة لكن يبدو أننا سنشهد سعرا للنفط من 120 الى 150 دولارا للبرميل في المستقبل."

في سياق متصل أكد خبراء اقتصاديون أن العقوبات الأوروبية الجديدة على الجمهورية الإيرانية، ستشعل فتيل أزمة اقتصادية تشمل دول المنطقة بشكل عام وتحديدا دول الخليج، وخصوصا بما يتعلق بأسعار النفط وتسويقه. وقال الخبير الاقتصادي هاني الخليلي، إن العقوبات الأوروبية على النفط "ستدفع الجمهورية الإيرانية إلى إيجاد بدائل لتصريف منتجاتها النفطية، وبأسعار مغرية." وأضاف الخليلي: "هناك العديد من الدول التي لا مانع لديها من استغلال أسعار النفط الإيراني المنافسة، وبالأخص الصين وروسيا، وبالتالي فإن شراء هذه الدول للنفط الإيراني المقدم بأسعار مغرية سيؤدي إلى زعزعة الأسعار العالمية، الأمر الذي سيؤثر على مداخيل دول الخليج النفطية." وأشار الخليلي إلى أن أسعار الذهب سترتفع طرديا مع بدء تنفيذ العقوبات، بسبب قلة الثقة بالدولار واليورو، ولجوء الدول إلى الاستعانة بالذهب لدعم عملاتها، عوضا عن الدولار واليورو، الذي من المتوقع تأثر أسعار صرفه مع دخول العقوبات حيز التنفيذ.

من جانبه، أكد المحلل قاسم الحموري، "أن دخول العقوبات على النفط الإيراني حيز التنفيذ سيؤدي إلى نشوء أسواق سوداء إيرانية لتصريف الناتج النفطي، الأمر الذي سيجده عدد من الدول فرصة لا تعوض لدعم مخزوناتها، في ظل حالة عدم الاستقرار وتذبذب أسعار النفط العالمية." وأضاف قائلا "لابد من إعادة النظر في العقوبات النفطية على إيران، إذ أن وجود منافذ أخرى للدولة يؤدي إلى إحداث حالة من عدم الاستقرار والتوتر في سوق النفط العالمي، وبالتالي لن يحقق الأهداف المرجوة بالضغط على إيران." وأشار الحموري إلى أن النفوذ الإيراني سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي لا يمكن الاستهانة به، وعليه فمن السهل أن تجد (إيران) مخارج أخرى للتهرب من التأثير المباشر لمثل هذه الضغوطات." بحسب .CNN

وتبلغ صادرات إيران من النفط 2.2 مليون برميل يومياً، يتجه نحو 18 في المائة منه نحو الأسواق الأوروبية، وفق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي قدرت حجم الاستهلاك العالمي بقرابة 89 مليون برميل في اليوم. وتعتبر إيران ثالث أكبر مصدر للنفط بعد السعودية وروسيا، بحسب الإدارة الأمريكية، وتمثل الصادرات النفطية 50 في المائة من عائدات الحكومة الإيرانية.

وهناك تخوف من أن يدفع التحرك الأوروبي بأسعار النفط للاتجاه صعوداً، حيث يرى مراقبون بوجود العديد من الثغرات في تلك العقوبات، رغم أنها من أشد العقوبات الدولية التي توقع على إيران جراء تمسكها ببرنامجها النووي.

مشروع المنع الامريكي

من جهة اخرى كشفت مجموعة من 17 عضوا بمجلس الشيوخ الامريكي عن مشروع قانون يدعو الى منع الشركات التي تتاجر في النفط الايراني من شراء الخام من الاحتياطيات الاستراتيجية الامريكية في مسعى لدعم مجموعة من العقوبات الجديدة تهدف الي تقييد ايرادات ايران النفطية. واستند المشروع الي مخاوف المشرعين بعد مبيعات نفطية من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة الي شركتي فيتول وترافيجورا العام الماضي في اطار سحب دولي من مخزونات الطواريء بعد ان تسبب الاضطرابات في ليبيا في صعود حاد لاسعار الخام. وقالت ليزا موركوفسكي العضوة الجمهورية البارزة بلجنة الطاقة بمجلس الشيوخ للصحفيين "كان هناك كيانان تمكنا من شراء النفط من الاحتياطي البترولي الامريكي.. هاتان الشركتان لهما انشطة تجارية معروفة مع ايران." وشاركت موركوفسكي في تبني المشروع مع العضوة الديمقراطية ماريا كانتويل. وانضم 15 عضوا اخرين بمجلس الشيوخ الى دعم مشروع القانون. ومن المتوقع ان يدرس مجلس الشيوخ بكامل هيئته نطاقا من الاجراءات الجديدة بهدف خفض ايرادات يعتقد المشرعون ان ايران تستخدمها لتطوير اسلحة نووية. وتنفي طهران السعي الى امتلاك اسلحة نووية. بحسب رويترز.

ووافقت اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الامريكي على مشروع قانون يستهدف قدرة ايران على استلام المدفوعات الالكترونية الخاصة بالنفط وقد ينتج عنه ايضا عقوبات على البنوك التي تمول الصفقات لحساب شركة النفط الوطنية الايرانية.

ايران وقرار الرد

على صعيد متصل بعثت ايران باشارات متضاربة في النزاع مع الغرب بشأن طموحاتها النووية وتعهدت بوقف الصادرات النفطية قريبا الى "بعض" الدول وارجأت في الوقت نفسه مناقشة برلمانية بشأن اقتراح بوقف بيع النفط الخام للاتحاد الاوروبي. وعبرت ايران عن تفاؤلها بشأن زيارة وفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكنها طالبت ايضا المفتشين بأن يقوموا بعملهم بطريقة "مهنية" والا قلصت تعاونها مع الوكالة في الشؤون النووية.

واثار النواب احتمال قلب الطاولة على الاتحاد الاوروبي الذي سينفذ حظرا من جانبه على النفط الايراني. ولكن الهند رابع اكبر مستهلك للنفط في العالم قالت انها لن تتخذ خطوات لقطع واردات البترول من ايران على الرغم من العقوبات الامريكية والاوروبية ضد طهران. وسيسعى وفد الوكالة التابعة للامم المتحدة الى تحقيق تقدم في جهود حل الخلاف مع ايران بشأن نشاطها النووي الذي تقول طهران انه مدني تماما ويشتبه الغرب في انه يهدف الى صنع أسلحة نووية.

وفي تصريح يشير الى ان ايران ستقابل العقوبات بعقوبات قال وزير النفط رستم قاسمي انها ستوقف قريبا تصدير الخام الى "بعض" الدول. ولم يحدد قاسمي اسماء هذه الدول لكن تصريحاته تأتي بعد موافقة الدول السبع والعشرين الاعضاء في الاتحاد الاوروبي على وقف استيراد النفط الخام من ايران ابتداء من أول يوليو تموز. ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن قاسمي قوله "سنوقف قريبا تصدير النفط الى بعض الدول." واوضحت الهند وهي من الزبائن الرئيسيين للنفط الخام الايراني انها لن تنضم الى الجهود الدولية الاوسع للضغط على طهران من خلال خفض مشتريات النفط. وقال وزير المالية الهندي براناب موكيرجي للصحفيين خلال زيارة للولايات المتحدة "ليس من المحتمل ان تتخذ الهند اي قرار لخفض الواردات من الهند بشكل كبير لان من بين الدول التي يمكنها توفير حاجة الاسواق الناشئة تعد ايران بلدا مهما فيما بينها." وتريد الولايات المتحدة ان يخفض المشترين في اسيا التي تعد ثاني اكبر سوق للنفط الايراني وارداتهم للضغط بشكل اكبر على طهران. وكان من المقرر ان يناقش النواب الايرانيون مشروع قانون يقطع امدادات النفط عن الاتحاد الاوروبي في خطوة يقصد بها الاضرار باقتصاديات اوروبية متعثرة قبل ان يتاح لها التكيف مع الحظر الاوروبي للنفط الايراني بعد شهور.لكن أعضاء البرلمان ارجأوا مناقشة مشروع القانون. وقال عماد حسيني المتحدث باسم لجنة الطاقة بالبرلمان لوكالة مهر الايرانية للانباء "لم يوضع بعد مشروع بمثل هذا القانون ولم يطرح شيء على البرلمان. ما يوجد الان هو فكرة طرحها النواب ويجرى متابعتها بجدية للوصول بها الى نهاية حاسمة." ويقول مسؤولون ايرانيون ان العقوبات ليس لها تأثير على البلاد. وقال قاسمي "النفط الايراني له سوقه حتى اذا اوقفنا صادراتنا الى اوروبا." ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للانباء عن نائب اخر قوله ان مشروع القانون سيلزم الحكومة بقطع امدادات النفط الايراني للاتحاد الاوروبي ما بين خمس الى 15 سنة. بحسب رويترز.

ويأمل اعضاء البرلمان الايراني من خلال مشروع القانون في حرمان الاتحاد الاوروبي من مهلة مدتها ستة أشهر كان يخطط لمنحها لاعضائه الاكثر اعتمادا على النفط الايراني للتكيف مع الاوضاع الجديدة. وقال نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية هيرمان ناكيرتس قبل مغادرته مطار فيينا انه يأمل بأن تعالج ايران مخاول الوكالة "المتعلقة بالابعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الايراني." ونقلت وكالة مهر عن وزير الخارجية على أكبر صالحي قوله اثناء زيارة لاثيوبيا "نحن متفائلون للغاية بشأن نتيجة زيارة وفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لايران... ستتم الاجابة عن أسئلتهم خلال الزيارة." وأضاف "ليس لدينا ما نخفيه وايران ليس لديها أنشطة (نووية) سرية." لكن رئيس البرلمان علي لاريجاني حذر فريق الوكالة من أن عليه القيام بعمله بطريقة "منطقية ومهنية وفنية" أو تحمل العواقب. ونقل عنه الاعلام الرسمي قوله "تمثل هذه الزيارة اختبارا للوكالة الدولية للطاقة الذرية. سيكون الطريق مفتوحا امام مزيد من التعاون اذا نفذ الفريق مهمته بطريقة مهنية. "أما اذا تحولت الوكالة الى أداة (للقوى الكبرى للضغط على ايران) فلا سبيل لايران سوى البحث عن اطار جديد لعلاقتها مع الوكالة."

وسبق أن أقر البرلمان الايراني مشروعات قوانين تلزم الحكومة بمراجعة مستوى التعاون مع الوكالة لكن كبار المسؤولين شددوا دوما على أهمية الحفاظ على العلاقات معها. وقال مدير شركة النفط الوطنية الايرانية ان حظر الصادرات سيؤثر بشدة على المصافي الاوروبية مثل ايني الايطالية التي لها مستحقات نفطية لدى ايران في اطار عقود اعادة شراء طويلة الاجل تأخذ بموجبها نفطا خاما مقابل مستحقاتها المالية عن مشروعات سابقة في حقول النفط.

وبلغ نصيب الاتحاد الاوروبي من مبيعات النفط الخام الايراني 25 في المئة في الربع الثالث من عام 2011. لكن محللين يقولون ان سوق النفط العالمية لن تتعطل بشكل مفرط اذا وافق البرلمان الايراني على مشروع القرار الذي سيوقف تصدير النفط لاوروبا. وربما يكون خطر تصاعد مواجهة ايران مع الغرب الى صراع عسكري تهديدا أكبر لاستقرار سوق النفط العالمية والامن العالمي.

وقال أحمد قلباني مدير شركة النفط الوطنية لوكالة الطلبة الايرانية للانباء "بصفة عامة الاطراف التي سيلحق بها اضرار من قرار الاتحاد الاوروبي في الاونة الاخيرة سيكون الشركات الاوروبية التي لديها عقود معلقة مع ايران." وقال "سيكون على الشركات الاوروبية الالتزام ببنود عقود اعادة الشراء". وأضاف "اذا تصرفوا على نحو مخالف سيكونوا هم الطرف الذي سيتكبد الخسائر المتعلقة بذلك وسيواجهون مشاكل في استعادة أموالهم".

وبموجب عقود إعادة الشراء وهي أمر شائع في صناعة النفط الايرانية يتم تسديد ديون الاستثمارات في مشاريع حقول النفط في شكل شحنات من النفط الخام وغالبا على مدى سنوات عديدة. وتقول شركة ايني الايطالية ان لها مستحقات نفطية بمبلغ يتراوح بين 1.4 و1.5 مليار دولار مقابل عقود في ايران يرجع تاريخها لعامي 2000 و 2001 وانها حصلت على تطمينات من قبل صناع القرار في الاتحاد الأوروبي بان عقود اعادة الشراء الخاصة بها لن تكون جزءا من الحظر الأوروبي لكن احتمال تحرك ايران أولا قد لا يضمن لها ذلك.

وقال بيتر فوسر الرئيس التنفيذي لرويال داتش شل ان الشركة ستطبق بنود الحظر الاوروبي على النفط الايراني لكنها ستحتاج فترة من الوقت لدراسة تفاصيل العقوبات التي من المتوقع أن تدفع أسعار النفط للارتفاع. وقال فوسر في المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في دافوس "نحن شركة اوروبية وبالتالي نتأثر بالعقوبات وبالطبع سنلتزم بالعقوبات ونطبقها. أحتاج لدراسة كل التفاصيل لكي أعرف كيف ستسير الامور في الاشهر القليلة المقبلة." واضاف قائلا للصحفيين حين سئل عمن سيربح أو يخسر من عقوبات الاتحاد الاوروبي على ايران "من الناحية التجارية البحتة.. الخاسرون هم المستهلكون لان هذا في نهاية المطاف يسبب لنا مزيدا من التقلب والضغط الصعودي على سعر النفط."

وتقول مصادر بصناعة النفط ان شل هي أحد أكبر مستهلكي النفط الخام الايراني اذ تورد حوالي 100 ألف برميل يوميا الى أوروبا ونفس الكمية تقريبا الى اسيا بموجب عقد مع شوا شل اليابانية ينتهي في مارس اذار. وقال فوسر انه أمضى بعض الوقت مع خالد الفالح الرئيس التنفيدي لشركة أرامكو السعودية على هامش المنتدى الذي يشارك فيه قادة السياسة والاعمال في سويسرا لكنه رفض الافصاح عما ان كان طلب من السعودية امداده بمزيد من النفط للتعويض عن الخام الايراني. واضاف قائلا "لدينا شراكة عظيمة مع أرامكو السعودية حول العالم." بحسب رويترز.

وقال كريستوف دو مارجيري الرئيس التنفيذي لشركة توتال النفطية الفرنسية العملاقة ان الشركة توقفت عن شراء النفط من ايران امتثالا للعقوبات الاوروبية على ايران. وأضاف "توقفنا بالفعل" مضيفا أن الشركة كانت تشتري نحو 80 ألف برميل يوميا من النفط الايراني. وقال دو مارجيري انه لا يزال غير موافق على العقوبات مضيفا "أعتقد أن النفط سيذهب الى مكان اخر... ربما تمنح ايران خصما ليكون أسهل وأسرع لكن ما من شيء سيتغير."

تراجع الطلب على البنزين

من جهة اخرى تفيد وزارة النفط الايرانية أن استهلاك ايران من البنزين يتراجع سريعا بفعل ارتفاع الاسعار واستخدام الغاز الطبيعي المضغوط مما يخفف من أثر عقوبات غربية تحظر بيع الوقود الى طهران. وعرقلت الحكومات الغربية امداد ايران بالبنزين على مدى الاعوام القليلة الماضية للضغط على طهران بشأن برنامجها النووي. لكن ايران نجحت بدرجة كبيرة في الحد من اعتمادها على البنزين عن طريق استغلال ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم لانتاج الغاز الطبيعي المضغوط وخفض الدعم لترشيد استهلاك البنزين. ونتيجة لهذا تراجع استهلاك ايران من البنزين الى 55.8 مليون لتر يوميا في الفترة من 22 ديسمبر كانون الاول 2011 الى 20 يناير كانون الثاني 2012 مقارنة مع 58.3 مليون لتر يوميا في الفترة ذاتها قبل عام حسبما أفاد موقع وزارة النفط على الانترنت نقلا عن بيانات لشركة توزيع المنتجات النفطية الوطنية الايرانية. وحتى 2007 كان ضعف البنية التحتية لقطاع التكرير بايران وتنامي الطلب قد جعلاها أكثر اعتمادا على البنزين المستورد وهي نقطة الضعف التي استهدفتها القوى الغربية بقيادة واشنطن عن طريق منع الشركات من بيعها الوقود. بحسب رويترز.

وردت طهران على ذلك بخفض دعم الوقود وتقنين توزيع البنزين للحد من استهلاك وقود السيارات مع تزويد السيارات بنظم وقود مزدوجة وبناء محطات للتزود بالغاز المضغوط مستغلة احتياطياتها الضخمة من الغاز. وأدى هذا بحسب بيانات ايرانية الى تراجع حصة الواردات من امدادات البنزين الايرانية من حوالي 40 بالمئة الى أقل من خمسة بالمئة مما يدفع الحلفاء الغربيين الى البحث عن سبل جديدة للضغط على طهران بشأن ما يخشون أنه برنامج تسلح نووي بينما تقول ايران انه لانتاج الطاقة فحسب. ومع نجاح ايران في تحييد عقوبات الوقود بدرجة كبيرة تعمل واشنطن التي تحظر منذ فترة طويلة على الشركات الامريكية ابرام صفقات للنفط الايراني على نحو متزايد لمحاولة عرقلة تدفق أموال مبيعات النفط الى طهران. وشددت القوى الغربية العقوبات المفروضة على تجارة النفط والغاز مع ايران منتصف 2010 وهو ما أدى الى عزوف الكثير من موردي البنزين الى ايران لكن بعض الوقود مازال يتسرب من اسيا التي مازالت تشتري كميات كبيرة من الخام الايراني. وزاد استهلاك ايران من الغاز بدرجة أكبر بكثير من انتاجها على مدى الاعوام القليلة الماضية مدفوعا بمتطلبات التدفئة وتوليد الكهرباء واعادة الضخ في حقول النفط مما جعلها مستوردا صافيا في العقود القليلة الاخيرة. ومن المرجح أن يتسبب تزايد الاعتماد على الغاز الطبيعي المضغوط كبديل للبنزين في تنامي واردات الغاز الايرانية وأن يحد من الصادرات المحتملة التي تكبحها بالفعل عقوبات مفروضة على تقنيات مهمة لانتاج الغاز. وزاد استهلاك ايران من الغاز الطبيعي 14.9 بالمئة على أساس سنوي من 22 ديسمبر الى 20 يناير في حين زاد استهلاك زيت الغاز 14.6 مليون لتر الى 112.6 مليون لتر يوميا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/شباط/2012 - 23/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م