
شبكة النبأ: صراع انتخابي ام تخبط
سياسي ذلك الذي تشهده تركيا اليوم التي تتجه وبحسب اراء بعض المراقبين
نحو ازمة سياسية جديده بسب تصريحات بعض المسؤولين فيها والتي تواجه
الكثير من الانتقادات من قبل معارضيهم وخصومهم السياسيين ،فقد اثار
رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مخاوف المدافعين عن العلمانية،
الذين يتهمونه بالعمل شيئا فشيئا على اسلمة المجتمع التركي، وذلك بعد
ان ابدى رغبته في ظهور "نشء متدين". وكان اردوغان، الاسلامي التربية
الذي يتزعم حزبا منبثقا عن التيار الاسلامي، قال في كلمة امام النواب
"نريد تربية نشء متدين". واضاف متوجها الى المعارضة "هل تنتظرون من حزب
محافظ وديموقراطي مثل العدالة والتنمية (الحاكم) ان ينشىء جيلا من
الملحدين؟ ربما يكون هذا شانكم ورسالتكم، لكنه ليس شأننا. سننشئ جيلا
ديموقراطيا محافظا يؤمن بقيم ومبادئ امتنا".
ولم يتاخر رد حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، الذي اسسه
اتاتورك والذي يدافع عن المبادىء العلمانية على هذا الخطاب. وقال زعيم
هذا الحزب كمال كيلشدار اوغلو ان "اجتذاب الاصوات باستخدام الدين خطيئة"
واصفا اردوغان بانه "احد تجار الهيكل".
من جانبه كتب الصحافي الشهير حسان جمال في صحيفة ميلييت الليبرالية
متسائلا "اطرح السؤال على رئيس الوزراء: ماذا علي ان افعل اذا كنت لا
اريد ان ينشأ طفلي على الدين والتربية المحافظة؟". كما تساءل الكاتب
الصحافي المعروف محمد علي بيراند في صحيفة حرييت ديلي نيوز "ماذا يعني
القول بان الدولة ستنشىء جيلا متدينا؟ هل يكون ذلك الخطوة الاولى نحو
دولة دينية؟". من جهة اخرى اعتبر سميح ايديز في صحيفة حرييت انه لا
يمكن فرض اي قالب سياسي او ديني على تركيا مشيرا الى ان ملايين الاتراك
"اتبعوا اسلوب حياة علمانيا" حتى قبل قيام الجمهورية عام 1923. بحسب
فرنس برس.
وقد بدأ حزب العدالة والتنمية، الذي يتولى الحكم منذ 2002، ولاية
تشريعية ثالثة بعد فوزه الكاسح في انتخابات حزيران/يونيو الماضي. وفي
السنوات الاخيرة فقد العسكريون، الذين يعتبرون انفسهم حماة الاسس
العلمانية للجمهورية، وزنهم السياسي مع اعتقال العشرات من كبار الضباط
بتهمة التامر على النظام. وتتهم المعارضة السلطة بالاستبداد وبالعمل في
الخفاء على اسلمة المجتمع التركي. وكشفت ان العديد من المطاعم ترفض
تقديم الخمور خلال شهر رمضان. كما تحتج على تعديل للقانون يسمح لخريجي
المدارس الدينية بالالتحاق بجميع الكليات في حين ان دراستهم تقتصر حتى
الان على العلوم الفقهية.
وتساءل محمد علي بيراند عن المدى الذي يمكن ان تذهب اليه هذه
التغييرات. وابدى تخوفه من ان تتعرض هيئة الرقابة على البرامج الاذاعية
والتلفزيونية التركية قريبا ل"الممثلين الذين يتبادلون القبلات" امام
عدسات الكامير. واضاف "بعد ذلك سياتي دور المؤسسات الدينية ثم البلديات
وستشهد كل اشكال تعليم القرآن، المشروعة وغير المشروعة، ازدهارا".
ويشير بعض المعلقين الى وجود تعارض بين خطاب اردوغان هذا وبين
الخطاب الذي اتبعه خلال زيارته الى مصر في ايلول/سبتمبر الماضي. وكان
اردوغان قال انذاك في حديث لقناة تلفزيونية مصرية نشرته صحيفة وطن
التركية "بصفتي الشخصية فانا مسلم ولست علمانيا. لكنني رئيس وزراء دولة
علمانية. وللناس في النظام العلماني حرية الاختيار بين ان يكونوا
متدينين ام لا". واضاف ان "الدستور التركي يعرف العلمانية على ان
الدولة تقف على مسافة واحدة من كل الاديان" وهو ما اثار غضب الاخوان
المسلمين في القاهرة والدهشة في تركيا.
اعتقال قائد سابق
على صعيد متصل يشكل وضع رئيس الاركان العامة السابق للجيش التركي
الجنرال ايلكر باشبوغ في الحبس الاحتياطي بتهمة السعي لاطاحة الحكومة
الاسلامية المحافظة على رأس "منظمة ارهابية" المرحلة الاخيرة في النزاع
القائم بين الجيش والسياسيين الاسلاميين المحافظين في السلطة. ونقلت
وكالة انباء الاناضول عن المحامي ايلكاي سيزر الموكل الدفاع عن الجنرال
"ان الرئيس ال26 لهيئة الاركان العامة للجمهورية التركية وضع للاسف في
الحبس الاحتياطي بتهمة انتمائه الى منظمة ارهابية وقيادتها، ومحاولته
الاطاحة بالحكومة". وسجن عشرات الضباط -- في الخدمة او التقاعد -- خلال
السنوات الاخيرة في اطار تحقيقات حول مؤامرات مفترضة تستهدف الحكومة،
لكنه اول توقيف لقائد سابق للجيش. ويعتبر الجيش نفسه حامي النظام
العلماني في تركيا وسبق ان اطاح باربع حكومات في 50 عاما من بينها عام
1997 حكومة رئيس الوزراء الاسلامي نجم الدين اربكان وهو المرشد السابق
لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان.
واستدعت النيابة العامة في اسطنبول الجنرال ايلكر باشبوغ الذي ترك
رئاسة الاركان وتقاعد في 2010، بصفته مشتبها به في تحقيق حول حملة ترمي
الى تشويه سمعة حزب العدالة والتنمية الحاكم. وبعد استجوابه لسبع ساعات
احيل ايلكر باشبوغ الى احدى المحاكم مع طلب وضعه في الحبس. ثم نقل الى
سجن سيليفري حيث يعتقل العديد من المتهمين بالتآمر كما ذكرت وكالة
انباء الاناضول. ويتابع التحقيق تشعبات عدة لا سيما اتهامات لضباط
بانشاء مواقع على الانترنت لبث دعاية معادية للحكومة وزعزعة استقرار
تركيا. بحسب فرنس برس.
ورفض باشبوغ في شهادته الاتهامات الموجهة اليه معتبرا ان الوضع "مضحك
مبك"، وصرح امام المدعين ان "مواجهة اتهامات مماثلة يشكل بالنسبة الي
اسوأ العقوبات. بعد ذلك، مهما كانت العقوبة التي سادان بها، فلن يطال
ذلك مني"، واضاف "لو كانت لدي نوايا سيئة مماثلة كقائد يسيطر على قوة
من 700 الف رجل، لكانت هناك طريقة اخرى للتصرف".
وقال محامي باشبوغ انه سيطالب بالافراج عن موكله وبمحاكمته امام
المحكمة العليا، وهي التسمية التي تعتمد للمحكمة الدستورية عندما تقاضي
قادة كبار في الدولة، عوضا عن محكمة الحق العام. ويرى مراقبون ان
التحقيقات حول محاولات انقلابية تعرف بتسمية "قضية ارغينيكون" تكشف عن
الصراع القائم بين الجيش الساعي الى حماية قيم العلمانية وحزب العدالة
والتنمية الضاربة جذوره في الاسلام السياسي.وانتقدت المعارضة العلمانية
قرار المحكمة. وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار اوغلو
لصحافيين في انقرة "سبق ان قلت ان المحاكم الاستثنائية لا تحكم بالعدل
بل تنفذ قرارات السلطة السياسية. ما زلت على رأيي"، على ما نقلت
الاناضول.
وانقسمت وسائل الاعلام حول معنى هذا الحدث. وقال محمود اوفور في
صحيفة "صباح" الموالية للحكومة "ان مجرد التحقيق مع ايلكر باشبوغ الذي
كان في السابق يرسم حدود القضاء بحركة من اصبعه يشكل تغييرا للنظام".
اما صحيفة "حرييت" الواسعة الانتشار فتساءلت ان كان القضاء سيتدخل غدا
بالزخم نفسه ليدافع عن المجتمع امام عمليات انتقام محتملة يجريها حزب
العدالة والتنمية الذي يثير تسلطه المتزايد قلق الكثير من المراقبين.
وقال بيتر ستانو المتحدث باسم المفوض المكلف التوسيع ستيفان فولي ان
الاتحاد الاوروبي رأى في هذه العملية "فرصة" لتركيا "لترسيخ دولة
القانون". لكن الولايات المتحدة الحليفة الاستراتيجية لانقرة في حلف
شمال الاطلسي، طلبت بان يحظى الجنرال بمحاكمة "شفافة". وقالت المتحدثة
باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند "دعونا الحكومة التركية الى
التأكد من ان التحقيقات في هذا النوع من القضايا تجرى بشفافية وان كل
المتهمين يتمتعون بمحاكمات مطابقة للمعايير الدولية".
وفي تركيا لم يكن واردا قبل سنوات اعتقال ضابط بهذه الرتبة. الا ان
نفوذ الجنرالات تراجع تدريجيا مع اجراء انقرة اصلاحات لتعزيز السلطة
المدنية ومحاولتها الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.
وكتبت رحات مينغي في صحيفة "وطن": "بالطبع اذا كان هناك جريمة هناك
عقاب. لكن الاعتقاد بانه يمكن لمثل هذه الشخصية الفرار وايداعه السجن
يعني اسقاط افتراض البراءة".
واضافت ان سجن شخصية تولت منصبا مهما يعني سوء تفسير القانون الذي
لا ينص على الاعتقال الا اذا كان هناك امكانية فرار المشتبه به. وتابعت
ان الحرية هي المبدأ والحبس الاحترازي الاستثناء. ويقول الخبراء ان
الاستثناء اصبح القاعدة. وتساءل ايدين انغين الصحافي والكاتب الذي
انتقل الى المانيا بعد انقلاب العام 1980 "لا اتعاطف اطلاقا مع
الجنرالات ولا مع باشبوغ لكن لماذا اودع السجن كمجرمي الحق العام؟".
وقال سينان اولغن المحلل في مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة
الاجنبية "يمكن بسهولة انتقاد هذه الاعتقالات لانها غير مبررة فالجميع
يعلم ان هؤلاء المشتبه بهم لن يفروا". واضاف "ما يثير الصدمة هو اننا
نلاحظ ان هذه المحاكم الخاصة تقرر بصورة منهجية ومن دون استثناء بوضع
هؤلاء المشتبه بهم في السجن"، مشيرا الى ان القضاة الذين يعارضون سجن
المشتبه بهم يحالون على محاكم اخرى.
هذا وذكرت وسائل الاعلام الرسمية التركية أن زعيم المعارضة الرئيسية
في تركيا يخضع للتحقيق بشأن تصريحات انتقادية ادلى بها عن سجن قرب
اسطنبول وعن نزاهة القضاة المشرفين على محاكمات شبكة "ارجينيكون"
الانقلابية. وبدأ التحقيق في تصريحات كمال قليجدار اوغلو زعيم حزب
الشعب الجمهوري بعد ثلاثة ايام من اعتقال رئيس اركان القوات المسلحة
السابق في اطار التحقيق الموسع في مؤامرات مزعومة للاطاحة بالحكومة على
ايدي شبكة ارجينيكون السرية. ونقلت وسائل الاعلام الرسمية عنه قوله ان
سجن سيلفري مثل "معسكرات التعذيب." وفي انتقاده للمحاكم الخاصة التي
تشكلت بشأن محاكمات ارجينيكون قال قليجدار اوغلو "هيئة المحاكم الخاصة
ليست منصفة كما قلت من قبل. انها محاكم توافق على القرارات التي تتخذها
السلطة السياسية. لم اغير موقفي." وذكرت وكالة انباء الاناضول الرسمية
ان ممثل الادعاء طلب من وزارة العدل رفع الحصانة البرلمانية عن قليجدار
اوغلو ويحقق معه للاشتباه في اهانته مسؤولي الدولة ومحاولة التأثير على
نزاهة المحاكمة.
الى جانب ذللك يحاكم الرئيس التركي الاسبق كنعان ايفرن أمام محكمة
لمحاسبته على جرائم تتعلق بالانقلاب العسكري الذي وقع في البلاد عام
1980 والذي أسفر عن إعدام نحو خمسين شخصا فضلا عن اعتقال مئات الالاف.
ونقلت وكالة أنباء الاناضول التركية عن حسين جوروسن وكيل النائب العام
قوله ان محكمة قبلت عريضة اتهام بحق ايفرن البالغ من العمر 94 عاما
لارتكابه "جرائم في حق الدولة." ولم يكن من المتصور مقاضاة ايفرن قبل
اقدام حكومة حزب العدالة والتنمية - التي ينظر اليها قادة الجيش بتشكك
بسبب جذور الحزب الاسلامية - على تقليص نفوذ الجيش الذي أطاح باربع
حكومات من السلطة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. بحسب رويترز.
ولاتزال ذكريات مريرة عالقة بأذهان الكثيرين من افراد الشعب التركي
عن حملة القمع التي اعقبت الانقلاب العسكري الذي وقع في 12 سبتمبر
ايلول عام 1980 والذي جاء في أعقاب سنوات من اعمال العنف التي عمت
الشوارع بين جماعات يسارية واخرى يمينية. والى جانب احكام الاعدام
والاعتقالات الجماعية تعرض كثيرون للتعذيب ومات مئات رهن الاحتجاز فيما
اختفى آخرون. وقال ايفرن انئذ ان الانقلاب انقذ البلاد من براثن الفوضى.
وتقدم ضحايا انقلاب 1980 بالتماسات الى النائب العام التركي في سبتمبر
ايلول من عام 2010 بعد ان قامت حكومة رجب طيب اردوغان بتعديل الدستور
ليتضمن سحب الحصانة التي يحظى بها قادة الانقلاب.
الصراع الكردي في تركيا
من جانب اخر طالبت منظمة بحثية تركيا بالمضي قدما في اجراء اصلاحات
قانونية لانهاء عقود من الصراع مع الاقلية الكردية وحثتها على تفادي
الحلول العسكرية ومنها عملية برية محتملة ضد الاكراد في شمال العراق.
وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "لم تحل الحرب الساخنة
والتكتيكات العسكرية المشكلة الكردية في التسعينات ولن تحلها الان."
وأضافت "على السلطات التركية ان تطبق اجراءات حاسمة قضائية واجتماعية
وسياسية تقنع كل الاكراد الاتراك بأنهم يلقون الاحترام الكامل كمواطنين."
وبعد فوزه الحاسم في يونيو حزيران تعهد رجب طيب اردوغان رئيس
الوزراء التركي بالمضي قدما في الاصلاحات السياسية والثقافية للتعامل
مع مظالم الاقلية الكردية في تركيا ويقدر عددهم بما يصل الى 12 مليونا.
لكن سلسلة الهجمات التي شنها حزب العمال الكردستاني جددت مخاوف العودة
الى التشدد في الصراع الكردي المستمر منذ 27 عاما وحذر اردوغان مؤخرا
من انه أصبح نافد الصبر من حزب العمال الكردستاني. وأوصت المنظمة رئيس
الوزراء التركي بتقنين استخدام اللغة الكردية في كل المدارس واصلاح
قوانين الارهاب المشددة والتي أدت الى وضع أكثر من 3000 نشط كردي في
السجون لصلتهم بحزب العمال الكردستاني كما نصحت بخفض نسبة الاصوات التي
يجب على الاحزاب الحصول عليها لدخول البرلمان وهي عشرة في المئة. بحسب
رويترز.
ودعت المنظمة أيضا حزب العمال الكردستاني الى القاء السلاح وحثت حزب
السلام والديمقراطية أكبر الاحزاب الممثلة للاكراد في تركيا على انهاء
مقاطعته للبرلمان والمشاركة في مناقشة الاصلاحات الدستورية المقترحة مع
الحكومة. وتعهد حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه اردوغان
بالعمل مع المعارضة لوضع ميثاق جديد يحل محل الميثاق الذي وضع في تركيا
بعد الانقلاب العسكري عام 1980.
في سياق متصل فقد قدم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اعتذارا
في وقت سابق عن مقتل اكثر 13 الف كردي على يد الجيش التركي في
الثلاثينات من القرن الماضي. واصبح اردوغان اول زعيم تركي يتقدم
باعتذار بهذا الصدد. وقد وقعت عمليات القتل عندما قام الجيش التركي
بقمع تمرد كردي في منطقة ديرسم بقصف جوي واستخدم الغاز السام. ويأتي
الاعتذار في وقت يتصاعد فيه التوتر بين تركيا والاقلية الكردية القاطنة
فيها. وتقدم أردوغان بإعتذاره بشكل مفاجئ خلال اجتماع مع مسؤولين في
حزب العدالة والتنمية الحاكم في العاصمة التركية أنقرة. وقال اردوغان:
إذا كان لابد من الاعتذار نيابة عن الدولة، واذا كانت مثل هذه الممارسة
مذكورة في الكتب، فأنني ساعتذر.. وانا اعتذر.. ويقول مراسل بي بي سي
اسطنبول جوناثان هيد ثمة عدد من الفصول السوداء في تاريخ تركيا بقيت
مغلقة امام مواطنيها، الا أن رئيس الوزراء قد فتح الان واحدا منها،
بتقديم اعتذار نيابة عن الدولة التركية.
ووقعت عمليات القتل في الفترة من 1936 الى 1939 وسط السكان من
الاكراد العلويين في منطقة ديرسم جنوب شرق تركيا - تعرف الان باسم
تونجلي- والذين قاوموا محاولة الدولة التركية الجديدة حينذاك فرض
سلطاتها في المنطقة. وتمثل هذه الحادثة قضية حساسة بالنسبة للقوميين
الاتراك لأن مؤسس تركيا الحديثة كمال أتاتورك كان رئيسا في تلك الفترة،
كما ان ابنته بالتبني كانت أول امرأة طيارة وساهمت في قصف هذه المنطقة.
ويقول المراسل إن اعتذار أردوغان ما زال ينظر اليه بشك من قبل بعض
الاكراد، الذين يرون فيه خطوة انتهازية ضد حزب المعارضة الرئيسي حزب
الشعب الجمهوري العلماني. وكان حزب الشعب في السلطة في وقت عملية ديرسم،
وقد اثيرت ضجة كبيرة داخل اوساط الحزب مؤخرا عندما طلب احد نوابه وهو
من المنطقة ذاتها من الحزب الاعتراف بمسؤوليته في عمليات القتل تلك.
وبدا اعتذار أردوغان جزءا من حرب مع زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي
كمال كيليتشدار أوغلو الذي ترتبط عائلته بجذور قوية مع المنطقة ذاتها.
وقال أردوغان إن ديرسم واحدة من اكثر الاحداث تراجيدية في تاريخنا
الحديث. إنها كارثة التي يجب البحث فيها الان بشجاعة . وان الحزب الذي
يجب عليه مواجهة هذه الحادثة ليس حزب العدالة والتنمية الحاكم، انه حزب
الشعب الجمهوري الذي كان وراء هذه الكارثة الدموية والذي يجب عليه
مواجهة هذه الحادثة .
وقد قامت حكومة أردوغان ببعض المحاولات للفوز برضا الاقلية الكردية
الواسعة في تركيا التي تتركز بشكل رئيسي جنوب شرق تركيا، وذلك بتحسين
واقع حقوقهم القانونية والثقافية. بيد أنها في الوقت نفسه اتخذت موقفا
متشددا ضد حركات التمرد الكردية ومن يدعمونها بقيامه باعتقال المئات من
الناشطين الأكراد في الاشهر الاخيرة.
الى جانب ذلك فرضت محكمة دنمركية غرامة صغيرة على أصحاب محطة
تلفزيون كردية الا انها لم تغلقها على الرغم من تأكدها من ضلوعها في
نشر الارهاب وهو الحكم الذي نددت به تركيا التي تقاتل الانفصاليين
الاكراد. وقال ممثلو الادعاء ان (روج تي في) - وهي محطة فضائية دولية
تتخذ من الدنمرك مقرا لها - يديرها حزب العمال الكردستاني وتتلقى
تمويلا منه وهي الجماعة التي تصفها تركيا والولايات المتحدة والاتحاد
الاوروبي بانها ارهابية. وتسعى تركيا منذ وقت طويل لحظر محطة (روج تي
في) الا ان محكمة كوبنهاجن لم تلجأ الى الغاء ترخيص المحطة وقررت بدلا
من ذلك تغريم كل من الشركتين المسؤولتين عن المحطة 65 الف كرونة
دنمركية (11100 دولار). ورحب عشرات من المتظاهرين الاكراد بالحكم بعد
ان تجمهروا خارج مبنى المحكمة الا ان تركيا نددت بالحكم لانه يمنح
تأييدا "لارهابيين". وقال ايجيمن باجيس وزير شؤون الاتحاد الاوروبي في
الحكومة التركية في بيان "انه قرار غير مسؤول بالمرة وبعيد عن الصواب."
وفي وقت سابق رحب سفير تركيا لدى الدنمرك بالحكم الذي يفيد بأن المحطة
تدعم الارهاب الا انه قال ان الامر متروك الان للمجلس المسؤول عن البث
الاذاعي كي يغلق المحطة.
وقال محامي المحطة التلفزيونية انه سينصح المحطة بالتقدم بطلب
استئناف للطعن على الحكم.
وقالت المحكمة انه خلال الفترة بين فبراير شباط 2008 وسبتمبر ايلول
عام 2010 قامت المحطة التلفزيونية "ببث رسائل احادية الجانب.. تخص حزب
العمال الكردستاني بما في ذلك التحريض على التمرد والانضمام الى
المنظمة." ويرفض حزب العمال الكردستاني - الذي خاض كفاحا مسلحا لما
يقرب من 30 عاما - وصمه بانه منظمة ارهابية ويقول انه يقاتل من اجل
استقلال الاكراد ونيل حقوقهم.
أكراد تركيا قد ينتفضون
من جهته قال شقيق زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله اوجلان الذي
يقضي عقوبة السجن حاليا إن فشل تركيا والحزب في التوصل الى نهاية سلمية
لصراعهما الممتد منذ 27 عاما قد يؤدي الى انتفاضة الشبان الأكراد الذين
ضاقوا ذرعا بالجانبين على غرار الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي.
وأسفر الصراع في جنوب شرق تركيا عن سقوط نحو 40 الف قتيل ونزوح عدد
أكبر من هذا بكثير وشوه صورة تركيا التي تحاول تقديم نفسها كمدافعة عن
الديمقراطية والاستقرار في الشرق الاوسط وتسعى الى الانضمام لعضوية
الاتحاد الاوروبي.
ومنذ ألقت تركيا القبض على أوجلان عام 1999 أعلن حزب العمال
الكردستاني هدنة من جانب واحد أكثر من مرة لكن أنقرة تجاهلتها كلها.
وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الحزب كتنظيم ارهابي.
بحسب رويترز.
من ناحية أخرى منح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بعض الحقوق
الثقافية واللغوية لاكراد تركيا الذين يمثلون نحو 20 في المئة من
سكانها في محاولة لاجتثاث الدعم للتمرد ووقف الاشتباكات التي تتكرر
بشكل شبه يومي.
وقال عثمان اوجلان شقيق عبد الله اوجلان الاصغر ببلدة كويسنجق في
منطقة كردستان شبه المستقلة في شمال العراق "حزب العدالة والتنمية تحت
قيادة أردوغان أحدث أملا في الدوائر الكردية." وأضاف عثمان الذي ترك
حزب العمال عام 2004 لعدم رضاه عن طبيعته التي تفتقر الى الديمقراطية
"الاكراد ساندوا حزب أردوغان ظنا منهم أن هذا سيؤدي الى حل سلمي... قدم
الناس دعما كبيرا ايضا للحزب المدعوم من حزب العمال الكردستاني وهو حزب
السلام والديمقراطية. رسالة الناس كانت 'حلوا المشكلة'." وأضاف "لا حزب
العمال الكردستاني ولا حزب العدالة والتنمية يقران هذه الرسالة بشكل
صحيح... أساء حزب العدالة والتنمية استغلال تأييد الناس ليقمع الحركة
المسلحة واعتقد حزب العمال ان الناس يدعمونه وبالتالي يستطيع الاستمرار
في أعمال العنف." وأضاف "يسيء الجانبان استغلال دعم الناس."
واستبعدت الحكومة وحزب العمال كل الأصوات السياسية الكردية المعتدلة
تقريبا في تركيا مما أحدث فجوة كبيرة ينبغي تضييقها اذا كانت هناك اي
فرصة لتحقيق السلام.
وقال عثمان الذي كان يجلس أسفل صورة ملونة لشقيقه الاكبر المسجون
حاليا في تركيا وهو يخرج من بين السحب مبتسما مادا ذراعيه نحو طفل
يرتدي الزي الكردي التقليدي "الان فهم الناس أن الجانبين أخفقا في هذا
الاختبار." وأضاف "كما انتفضت شعوب الشرق الاوسط وأطاحت بالانظمة
الدكتاتورية بالطبع لن يترك الاكراد هذا القمع دون رد." ومضى يقول
"الشعب الكردي سيبدأ انتفاضة مثل التي وقعت في تونس ومصر وسوريا
وغيرها. من المستحيل تحديد ما اذا كان هذا سيحدث خلال ستة اشهر أم خلال
عام." |