القمة العربية وضمور النوايا

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: مازال مصير انعقاد القمة العربية المقبلة في بغداد غير واضح. وهناك جملة تعقيدات مصنوعة تواجه انعقاد القمة منها ما يتعلق بعلاقة العراق مع دول الجوار ومنها ما يخص سياسة الولايات المتحدة الامريكية وازماتها في المنطقة، فالعراق اليوم اصبح له رأي خاص بما يحدث من قضايا على الساحة الدولية وربما سببت هذه الآراء خلافات من ابرزها قضية البحرين وسوريا وايران وموقف العراق من طبيعة علاقتها مع الأحداث، فواشنطن ترى في رئيس الوزراء وسيطاً ناجحاً بحكم علاقاته الطيبة مع إيران وهي تبحث اليوم عن تهدئة للعلاقات بينها وبين ايران، ويمكن ان يلعب العراق دورا قد يقرب وجهات النظر بين الطرفين.

وشكك مسوؤل بالجامعة العربية في امكانية عقد القمة العربية. ونسبت مصادر إعلامية إلى الامين العام المساعد للجامعة العربية احمد بن حلي قوله إن القمة العربية لا يمكن أن تعقد من دون وجود توافق عربي على عقدها في العراق، وذلك في اشارة منه الى اعتراض اقطار عربية عديدة على عقدها في بغداد. وأضاف أن القمة العربية إذا ما انعقدت في بغداد، فإن التمثيل فيها لن يتعدى مستوى ممثلي الدول العربية في الجامعة.

القمة العربية القادمة في بغداد ستواكب تطلعات الشعوب العربية وما تمر به من احداث. وربما ستضع هذه القمة العراق على راس قيادة مسيرة العمل العربي فان التطورات في دول المنطقة ستكون مطروحة على جدول أعمال القمة. 

ويرى محللون سياسيون ان يوم انعقاد سيكون انفراج ومعالجة للازمات، وإذا تواصلت القمة سيتحمل القادة العرب مسؤولية معالجتها في الإطار العربي.

غياب البحرين عن القمة ربما سيضع اشكالا بسيطا لكن هذا الغياب لن يؤثر على نجاحها. فالبحرين التي تقول حكومتها ان العراق مصدر للشر يعتبر هذا التصريح ناتيج عن سوء النوايا تجاه انعقاد القمة ويمكن لما تريده البحرين يمكن مناقشته بسهولة لأن القمة مهمتها مناقشة القضايا العالقة. العراق ربما لا يهتم كثيرا لهذه التصريحات لأنه اعتاد على ذلك وهو اليوم بدأ يقف ويطلب ان ينظر الى المواقف بمرونة من أجل مصالحه.

ويرى مراقبون ان عقد القمة العربية في بغداد هو استحقاق عراقي يؤكد عودة العراق الى ممارسة دوره الطبيعي. وسيكون له مردودا ايجابيا لاستعادة البلد مكانته في الجامعة العربية والمنطقة.

كما ستكون للقمة رسالة للدول العربية والعالم بان الخلافات بين الكتل السياسية لا تنعكس على نشاطات وسياسات العراق الخارجية.

لكن أسئلة كثيرة تثار حول هذه القمة وجدواها ومدى رغبة القادة العرب في زيارة بغداد ومدى ترحيب العراقيين بهذه الزيارة. المراقب لما يجري يرى العرب اليوم أبعد ما يكونون عن الاتفاق، والقمم العربية غالباً كانت مخيبة للآمال، سواء في العراق أم في البلدان العربية، وهناك تساؤلات عن جدوى هذه القمة في هذا الوقت، وفي بغداد بالذات. كما أن أكثر من خمس دول عربية حصلت فيها تغييرات الربيع العربي وما زالت أمورها الداخلية لا تسمح لرؤسائها بحضور قمة في هذه الظروف بالذات.

ويرى محللون سياسيون ان الضغط على العراق لتقديم تنازلات من اجل حظور القمة امر غير منطقي، وان موقف العراق لما يجري من احداث في المنطقة أمر سيادي ولن يؤثر على مشاركت اية دولة. وأن كل من يعتقد ذلك يخالف المنطق.

وعما إذا كانت الظروف الأمنية والسياسية مواتية لعقد القمة، خاصة في ظل الخلافات السياسية التي يشهدها العراق بجانب التدهور بالوضع الأمني أكد مراقبون أن قرار عقد القمة أمر متفق عليه وأن كل الترتيبات والاستعدات جرت علي قدم وساق، بما في ذلك القصور التي سوف تستضيف القادة .

وبشأن الخلافات السياسية داخل النظام العراقي خاصة قضية نائب الرئيس طارق الهاشمي المتصاعدة يرى محللون سياسيون إن الوضع داخل العراق بما في ذلك النظام ليس ملتهبا، وأن هذه الأزمة بطريقها إلي العلاج والاحتواء ولن تؤثر بأي شكل من الأشكال علي عقد القمة أو نجاحها.

ونفى مسؤولون أن تكون الجامعة العربية، وخاصة عبر مهمة وفدها إلى بغداد قد تعرضت لهذه القضية أو أنها سعت للتوسط بها أو طلبت بتنحيتها وتجميد هذا الملف إلى ما بعد انتهاء القمة، مشددا علي أنه لم يتم التطرق إلي هذا الموضوع.

لقد برزت الكثير الأسئلة حول انعقاد القمة وهناك معطيات وتحديات اما المشاركون في القمة وقد اصبحت القمة اليوم وبعد التغيير الذي حدث في بعض البلدان العربية أن تخرج بقرارات وتوصيات تدخل في صلب المشاكل والتعقيدات ولا يمكن ان تكون القمة مجرد حدث يمر ولا قمة تحمل عبارات الشجب والاستنكار.

ان الواقع يطرح العديد من التساؤلات في هذه القمة وهي أمام مفترق طرق وإرهاصات خطيرة. فالوضع الذي تعيشه دول المنطقة قلق جدا وحمام الدم يسيل يوميا. وما زالت حالة الاحتقان بين الحكام والشعب مستمرة ولا يوجد في الأفق ما يزيح غبار الديكتاتورية ولا ريب إن قمة بغداد المقبلة تحمل العديد من القضايا والتي تهم أبناء العرب من هنا يجب ان تلتفت الشعوب الى دور القمة وما هو مخطط له مستقبلا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/شباط/2012 - 21/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م