البحرين عام على الثورة والقمع

عبدالأمير رويح

 

شبكة النبأ: لاتزال السلطات البحرينية تمارس نهجها المعروف بقمع الاصوات المطالبة بإجراء بعض الاصلاحات الدستورية في البلاد, ومازالت قوى الامن البحريني تستخدم القوة المفرطة ضد المتظاهرين والمحتجين والتي كانت سببا في سقوط العديد من الضحايا، وسط تنديد خجول من قبل بعض الاوساط ومنظمات حقوق الانسان, تلك الانتهاكات وتلك القسوة لم تثني عزيمة المطالبين بالاستمرار في مطالبهم المشروعة فقد حول بعض النشطاء قطعة أرض نائية الى ساحة شبيهة بدوار اللؤلؤة قلب الانتفاضة التي استمرت شهرا وسحقتها الحكومة في مارس اذار 2011 . وكانت الحكومة قد سمحت للأحزاب المعارضة بإقامة تجمعاتها على هذه الساحة بينما دفعت بقوات الشرطة لفض مظاهرات ليلية نظمها الشبان في أحياء أخرى. وبعد أن أطلق المحتجون على الساحة اسم "ميدان الحرية" لاستعادة روح دوار اللؤلؤة الذي أغلقته السلطات الان أصبحت الساحة مكانا لتجمعات ليلة حيث ألقي المتحدثون الخطب السياسية الحماسية وترددت فيها اغنيات البوب التي تعد بالانتصار اضافة الى منافذ بيع الطعام والاعلام التي ترفرف في المكان بينما يردد الاطفال على أبواق لعبة هتاف "يسقط (الملك) حمد". وتجاهلت وسائل الاعلام الحكومية التجمعات وان كانت وزارة الداخلية سمحت بإقامتها بناء على طلب أحزاب المعارضة. وتقام التجمعات في منطقة خارج المنامة حيث تحظى المعارضة بتأييد قوي. وتعهد النشطاء بتنظيم مسيرة في 14 فبراير شباط ذكرى اندلاع الانتفاضة الى دوار اللؤلؤة المغلق حاليا أمام حركة المرور والذي يخضع لحراسة مشددة من جانب قوات الامن. وتصاعدت حدة العنف بين الشرطة والنشطاء في الاسابيع القليلة الماضية حيث يلقي المحتجون قنابل البنزين على الشرطة ويقومون بإغلاق الطرق بالاطارات المشتعلة. ويقول نشطاء ان شخصين على الاقل توفيا رهن الاحتجاز لدى الشرطة كما توفي اخرون فيما يبدو من اثار الغازات المسيلة للدموع. وتشكك الحكومة في أسباب الوفاة.

وقالت أحلام الخزاعي أمام حشد من عشرة الاف شخص "نبينا محمد الذي علمنا طريق السلام الحق جمعنا في دوار اللؤلؤة العام الماضي. والان هو يقودنا الى ميدان الحرية ويجمعنا في حب واخاء." ووصفت الخزاعي كيف اوقفها رجال شرطة باكستانيون يتحدثون الانجليزية عند نقطة تفتيش لعدة ساعات بينما سمحوا لاجانب بالمرور وتساءلت باستنكار "هل سمعتم من قبل عن شخص يكون غريبا في بلده؟".

وتمثل التأكيدات -التي تنفيها الحكومة- بشأن جلب مسلمين سنة أجانب مثل الباكستانيين الى البحرين لتعويض الزيادة العددية للشيعة في المملكة الذين يقودون المعارضة محور المطالب باجراء اصلاحات سياسية واقتصادية. ومنحت الحكومة البرلمان مزيدا من السلطات لمساءلة الوزراء والتدقيق في الميزانية. وتخشى دول الخليج التي تحكمها أسر سنية وتدعمها الولايات المتحدة من ان تشكل مطالب المعارضة بأن يمنح البرلمان المنتخب في البحرين الثقة للحكومات ضغطا على نظم الحكم بها. كما أن زيادة نفوذ الشيعة في البحرين سيمنح ايران - وهي قوة اقليمية شيعية- موطيء قدم على الضفة الاخرى من الخليج. وتنظر واشنطن والسعودية الى البحرين باعتبارها حليفا على خط المواجهة مع ايران. وأظهرت تجمعات في "ميدان الحرية" انقساما داخل المعارضة بين الاحزاب المستعدة للتنسيق مع السلطات والنشطاء الذين ينضوون تحت اسم ائتلاف شباب 14 فبراير والذين يخوضون مناوشات بانتظام مع شرطة مكافحة الشغب. وفي احدى الخيام احتدم الجدل بين نشطاء شبان بشأن جدوى العودة الى دوار اللؤلؤة الذي اعادت الحكومة تسميته باسم "ساحة الفاروق" وتنظيم تجمعات غير مرخصة. وجادل البعض بأن العودة الى الدوار تمثل مقامرة تنطوي على خطورة كبيرة.

وقالت امرأة "نتوق الى يوم 14 فبراير وهناك عواطف جياشة للعودة الى الدوار. لكن يجب أن يحكم العقل عواطفنا". وقالت أخرى ان قدرات قوات الامن أقوى من رغبة المحتجين في العودة.

وقال حسين وهو نادل من منطقة سترة يحمل ذكريات مما تعرض له من احتجاز العام الماضي لرويترز "أنا مستعد للتضحية لكن ليس من أجل لا شيء... ليس عندي أي مشكلة في العودة الى الدوار لكن يجب أن يكون ذلك الامر منظما بشكل أكبر."

وقال طالب أمام حلقة نقاشية ان التعبئة في الشوارع أفضل من النشاط عبر الوسائل الالكترونية.

وأضاف "نحتاج الى تكثيف نشاطنا حتى لا يكون 14 فبراير يوما عاديا". وتابع انه يجب ابلاغ الشرطة فقط عن المسيرات وليس طلب ترخيص لتنظيمها. وتابع ان العنف الذي حدث خلال الاسابيع القليلة الماضية كان فقط ردا على أفعال الشرطة. وقال "نحن لا نريد مشكلة معهم (الشرطة). انهم أشقاؤنا اذا كانوا لا يريدون قتلنا. استخدمنا المولوتوف فحسب بعد انتهاك الكرامة." وقالت الشاعرة ايات القرمزي التي اصبحت احدى وجوه الربيع العربي عقب سجنها بعدما ألقت قصيدة تنتقد الملك في دوار اللؤلؤة ان هذا التجمع مجرد تجربة للعودة وان الاعتصام سينتقل سريعا الى دوار اللؤلؤة.

ودعا الشيخ علي سلمان الامين العام لجمعية الوفاق كبرى الجماعات المعارضة النشطاء الى الحفاظ على سلمية الاحتجاجات لكنه حذر وكالات المخابرات والميليشيات الموالية للحكومة من التحريض في الاسابيع المقبلة.

وطالب النشطاء باستخدام الاعلام البحرينية فقط خلال الاسبوع المقبل وبتجنب استخدام شعارات حزبية او طائفية. وحصلت جماعات المعارضة على دعم كبير من الاغلبية الشيعية في البحرين التي تتهم النخبة الحاكمة بالتهميش السياسي والاقتصادي. وتقول الحكومة ان الشيعة لديهم جدول اعمال طائفي بالتنسيق مع ايران وهو ما ينفيه الشيعة. وقال سلمان ان الحركة الاحتجاجية ستستمر بعد 14 فبراير شباط وان البلاد لن تعود الى حالتها الطبيعية الى ان تنهي النخبة الحاكمة احتكارها للسلطة وتطلق سراح 14 شخصية بارزة ادينت بقيادة الاحتجاجات. واضاف "لن يهدأ هذا الشعب ولا يمكن ان يكون هدوءا واستقرارا وجميع الرموز خلف القضبان ولن نسكت عن بقائهم." وتابع "لم يستخدم الرموز العنف ولم يدعوا الى العنف ..فهم حوكموا وصدرت بحقهم احكام جائرة ..طرحوا مطالب قد تختلف معها ولكنها داخلة في مساحة حرية التعبير التي يكفلها القانون المحلي والقانون الدولي. لقد مورس بحقهم التعذيب وانتزعت الاعترافات تحت التعذيب وصدرت الاحكام وفقا لها وهي وفقا للقانون المحلي والدولي هي احكام باطلة."

وتحاول احزاب المعارضة ان تميز نفسها عن الناشطين الشبان الذين يشتبكون بانتظام مع الشرطة عبر تنظيم مسيرات وتجمعات حاشدة بالتنسيق المسبق مع السلطات. ويقول كثير من الشبان الغاضبين مما يصفونها بالاجراءات القاسية التي تتبعها الشرطة ان هذا النهج لا يؤتي بنتائج. ويقول النشطاء ان العنف الجاري رفع العدد الاجمالي للقتلى على مدى العام المنصرم الى اكثر من 60 وان بعضهم لاقي حتفه جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع او من الصدم بالسيارات اثناء ملاحقة الشبان. وتشكك الحكومة في اسباب الوفاة.

في ذكرى الاحتجاجات

في سياق متصل يعود شريف بسيوني الاكاديمي الذي حقق في انتهاكات وقعت خلال قمع البحرين لاحتجاجات مطالبة بالديمقراطية العام الماضي الى المملكة التي ما زال يهزها العنف ليقيم الى أي مدى نفذت الحكومة الاصلاحات التي أوصى بها. وفاجأ بسيوني وهو أستاذ أمريكي من أصل مصري للعلوم السياسية في جامعة ديبول بشيكاجو الكثيرين بتقييمه اللاذع للانتهاكات التي ارتكبت خلال الاحكام العرفية التي اعلنتها السلطات بعد الاحتجاجات. وما زالت شرطة مكافحة الشغب تواجه يوميا محتجين شبانا أغلبهم من الشيعة يشكون من أن العائلة السنية الحاكمة ما زالت تهمشهم. وأصبحت الاشتباكات أكثر عنفا في الفترة التي تسبق ذكرى اندلاع الاحتجاجات يوم 14 فبراير شباط. والبحرين حليف رئيسي للولايات المتحدة وهي مقر لا سطولها الخامس.

وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي أخذ بسيوني يذكر بالتفصيل أمام الملك حمد بن عيسى ال خليفة حوادث التعذيب بما في ذلك الانتهاكات الجنسية والصدمات الكهربائية والتهديد بالكلاب لانتزاع اعترافات وكوسيلة للعقاب على الاحتجاج. وهذه المرة سيقيم بسيوني وفريقه ما اذا كانت البحرين قد اصلحت من أداء الشرطة وأعادت الموظفين المقالين وحققت في مزاعم التعذيب والمحاكمات العسكرية بما يتوافق مع التوصيات التي أصدرتها لجنته المستقلة.

وقال بسيوني لطلبة ديبول قبل سفره الى البحرين ان المنامة لا تتحرك بالسرعة الكافية لتهدئة احتجاجات الشوارع. وقال "أعتقد أن الشعب سيأتي في النهاية ويقول 'أتدرون شيئا.. انكم تجرون كل تلك التحقيقات وراء الابواب المغلقة.. وهذه محاولة لتبرئة الساحة' وأعتقد أنهم سيكون لهم كل مبرر لقول هذا."

وقال بسيوني ان مهمته التي جاءت بدعوة من الملك حمد ستنتهي بحلول مارس اذار. ومضى يقول "سأصدر تقريرا حول مدى تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في تلك المرحلة." وأبلغ طلبة ديبول أن هناك خلافات داخل عائلة ال خليفة الحاكمة تعوق الاصلاحات السياسية والاقتصادية مضيفا "عليهم الاختيار بين الحفاظ على وحدة العائلة أو النظام.. أو وحدة البلاد." وجاء في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أن 35 شخصا لقوا حتفهم خلال الاضطرابات التي استمرت حتى يونيو حزيران عندما رفعت الاحكام العرفية لكن نشطاء يقولون ان العنف المستمر أدى الى ارتفاع القتلى الى أكثر من 60 منهم 14 منذ أن كان بسيوني موجودا في البلاد اخر مرة في نوفمبر تشرين الثاني. وتشكك الحكومة في أسباب سقوط القتلى.

ولا يروق لدول الخليج المجاورة التي تحكمها أسر سنية فكرة اجراء اصلاحات مثل إعطاء نواب البحرين المزيد من السلطات لانها ستثير تساؤلات لديها في الداخل حول الافتقار الى الديمقراطية بل ربما أيضا تمكن الاقلية الشيعية في البحرين ودول خليجية أخرى.

وتريد المعارضة في البحرين التي يغلب عليها الشيعة تقليص سلطات مجلس الشورى الذي يعين أعضاؤه وإقالة رئيس الوزراء الذي ظل يتولى شؤون البلاد طوال 40 عاما وتشكيل حكومة منتخبة. وقال دبلوماسي غربي ان الحكومة تحتاج وقتا لتنفيذ الاصلاحات. وأضاف الدبلوماسي "هناك ارادة على مستوى القيادات لكن التحدي هو ضمان أن الجهات الحكومية تتحلى بنفس القدر من الجدية... هناك جرح كبير خاصة لدى الشيعة.. لابد من معالجة ذلك."

وطالبت المعارضة البحرينية، وفي مقدمها جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، ب"مزيد من الضغط" الدولي على السلطات البحرينية، متهمة اياها بعدم التزام توصيات تقرير انتقد وضع حقوق الانسان في المملكة. وفي بيان اصدرته في ختام مسيرة احتجاجية في ضاحية المنامة الشيعية، اتهمت المعارضة السلطات ب"الهروب من استحقاقات توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق" التي نشرت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت تقريرا تحدث عن "استخدام مفرط وغير مبرر للقوة" خلال قمع التظاهرات التي شهدتها البحرين في بداية 2011. واضافت المعارضة ان هذا الامر "يتطلب مزيدا من الضغط وتوفير جهات حقوقية دولية محايدة لمراقبة مدى هذا الالتزام كما يتطلب من لجنة تقصي الحقائق التي تأكد لها تهرب الحكم من التزاماته ضرورة طلب المراقبة الدولية من المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة".

أمريكا تطالب البحرين بالمزيد

من جهة اخرى قال مسؤول أمريكي رفيع أثناء زيارة للمنامة إن البحرين تتخذ "خطوات هامة" نحو الاصلاح لكنها في حاجة لبذل مزيد من الجهد لرأب الصدع الذي نجم عن سحقها لانتفاضة مؤيدة للديمقراطية العام الماضي. وقال مايكل بوزنر مساعد وزيرة الخارجية الامريكية "نتلقى تقارير ذات مصداقية بشأن استخدام مفرط للقوة من جانب الشرطة بينها استخدام الغاز المسيل للدموع على نطاق واسع وأحيانا بشكل عشوائي. "نحث السلطات البحرينية على التيقن من الالتزام بالتعليمات الدولية الخاصة بالضرورة والتناسب." وأضاف بوزنر في تصريح أيضا انه يجب اسقاط الاتهامات الموجهة لمتهمين بارتكاب جرائم تتصل بحرية التعبير السياسي ويجب السماح بتنظيم الاحتجاجات السلمية. وقال بوزنر انه يتعين على قوة الشرطة ان تكون أكثر تمثيلا للتوازن العرقي في البحرين وانه يتعين اعادة العاملين الذين فصلوا من أعمالهم بعد الاحتجاجات وان الاطباء والممرضين الموجهة لهم اتهامات ذات صلة بالاحتجاجات يجب عدم محاكمتهم جنائيا. بحسب رويترز.

وتابع بوزنر انه يتعين معاقبة المسؤولين الضالعين في الانتهاكات التي وردت في تقرير لجنة من قانونيين دوليين لكنه رحب بتحركات من جانب الحكومة مثل السماح للجنة الدولية للصليب الاحمر بدخول السجون واعادة بناء الاماكن الدينية باعتبارها مؤشرات على التزامها بمعالجة أسباب الاضطرابات. وحث المسؤول الامريكي جميع الاطراف على الالتزام بالتعبير السلمي وانتقد العنف من جانب بعض المتظاهرين المعارضين في الاونة الاخيرة. وقال "نستنكر الاعمال العنيفة في الشوارع التي تصاعدت في الشهور الاخيرة والتي شملت هجمات على الشرطة بالقنابل الحارقة وأشياء معدنية وغيرها من الاشياء التي تلحق ضرارا بدنيا. مثل هذا العنف يقوض السلم العام بالاضافة الى انه يقسم المجتمع."

من جهة اخرى قال مسؤول بارز في وزارة الداخلية البحرينية ان نحو 100 ناشط معتقلين في السجون البحرينية ما زالوا مضربين عن الطعام ، الا انه نفى استخدام الغاز المسيل للدموع ضد السجناء. وصرح المفتش العام في وزارة الداخلية اللواء ابراهيم الغيث "اليوم عدد المضربين انخفض الى حوالى 100. وكانوا 180 لا يأكلون لكن يشربون السوائل". الا انه نفى استخدام القنابل المسيلة للدموع ضد السجناء الذين غالبيتهم من الشيعة، وقال ان ذلك "ادعاء باطل". وكان محمد المسقطي رئيس قسم البحرين في جمعية شباب البحرين لحقوق الانسان، صرح ان شرطة مكافحة الشغب "اطلقت قنابل مسيلة للدموع على سجناء مضربين عن الطعام في احدى الزنزانات"، لكنه لم يتحدث عن سقوط ضحايا. واضاف ان الناشط عبد الهادي الخواجه وهو احد زعماء المعارضة ومن المضربين عن الطعام "نقل الى المستشفى ".

الا ان الغيث قال "بالنسبة للخواجة اصابته حالة اعياء. قال انه يعاني من السكر، ونقل الى المركز الطبي في السجن والتقاه مدير السجن وهو في حالة جيدة". واكد ان سلطات السجن تتخذ "اجراءات تبعا للمعايير الدولية منها فريق طبي متواجد في السجن ويتابع حالاتهم ويحثهم على تناول الطعام".

تحركات خجولة

من جانب اخر اعلنت وزارة العمل البحرينية ان حوالى الثلثين من اصل 2462 موظفا تم تسريحهم اثر التظاهرات المطالبة باصلاحات ديموقراطية وقمعت بعنف العام الماضي، اعيدوا الى اعمالهم او هم على وشك ذلك. وقالت الوزارة في بيان اوردته وكالة الانباء البحرينية الرسمية ان "937 مفصولا عادوا حتى الآن إلى أعمالهم بصورة فعلية وانتظموا فيها"، في حين "وافقت الشركات على إعادة 608 مفصولين الى أعمالهم مؤخرا في ضوء التوصيات" التي اصدرها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي نددت لجنة تحقيق مستقلة ب"الاستخدام المفرط وغير المبرر للعنف" وتحدثت عن 1624 شكوى تقدم بها موظفون في القطاعين الخاص والعام مؤكدين انه تم تسريحهم او تعليق وظائفهم اثر التظاهرات.

وقالت الوزارة انها "تغتنم هذه المناسبة لتؤكد على أهمية توجيه كافة جهود أصحاب العمل والعمال نحو تسوية أية مسائل او خلافات ناتجة عن الأحداث المؤسفة التي مرت بها مملكة البحرين في شهري شباط/فبراير واذار/مارس الماضيين، وبما يعزز العلاقات الايجابية التي تخدم المصالح المشتركة للشركاء الاجتماعيين". بحسب فرانس برس.

واوضحت "تظهر النتائج المذكورة أن الغالبية العظمى من المفصولين قد عادوا إلى أعمالهم، أو في طور استكمال إجراءات العودة إلى وظائفهم، أو أعيد توظيفهم في شركات أخرى". واضاف البيان "يجوز لصاحب العمل إعادة العامل إلى عمل آخر بنفس الشروط والمستوى الوظيفي السابق، شرط أن لا يختلف اختلافا جوهريا عن عمله السابق، إضافة إلى أن لا يكون القصد من النقل الإساءة إلى العامل تطبيقا للمادة 45 من قانون العمل في القطاع الاهلي".

من جانبها اطلقت السلطات البحرينية كنديا كان حكم عليه بالسجن خمس سنوات لمشاركته في اضطرابات العام الماضي في البحرين، لاسباب صحية خصوصا حسب ما اعلن محاميه في حين تحدثت المعارضة عن اطلاق سراح متظاهرة بحرينية. وقال المحامي محسن العلوي انه نزولا عند طلب الدفاع، اصدر رئيس محكمة الاستئناف قرارا ب"اطلاق سراح ناصر الراس الذي يعاني من مشاكل في القلب لاسباب صحية" وفي الاول من شباط/فبراير دعت اوتاوا السلطات البحرينية الى اطلاق مواطنها لاسباب انسانية "كي يتمكن من تلقي العناية الطبية التي لا يحصل عليها في السجن". وناصر الراس هو من ضمن مجموعة شيعية حكم على اعضائها بالسجن لمدة خمس سنوات لمشاركتهم في مظاهرات ضد الحكومة. وكان الراس الذي يبلغ من العمر حوالى الثلاثين ويعمل مهندسا في الكويت، قد توجه الى البحرين مطلع اذار/مارس 2011 لزيارة افراد عائلته. وقد اعتقل في المطار خلال مغادرته البلاد وسجن لمدة شهر في سجن القلعة. واكد انه تعرض للضرب. واشار الى انه كان يتوقع ان يطلق سراحه في 16 شباط/فبراير مشيرا الى انه مع ذلك لا يمكنه مغادرة البحرين لان السلطات صادرت جواز سفره. بحسب فرنس برس.

ومن جهة اخرى، اعلنت حركة الوفاق الشيعية على موقعها على الفيسبوك ان السلطات البحرينية افرجت عن المتظاهرة فضيلة المبارك مساء الاثنين بعد اكثر من 10 اشهر في السجن وبعد اسبوع على تأكيد محكمة التمييز عقوبة السجن بحقها لمدة 18 شهرا لاستماعها الى اغنيات "ثورية".ومن ناحيته، قال الناشط في حقوق الانسان يوسف المحافضة انه ليس واضحا ما اذا كانت فضيلة المبارك قد استفادت من عفو.

وقال نشط حقوقي انه تم الافراج عن بحرينية قالت منظمة العفو الدولية انها سجنت لاستماعها الى اغنية ثورية في سيارتها ولاقت استقبال الابطال من مظاهرة للمعارضة شارك فيها نحو عشرة الاف شخص. وقال النشط يوسف المحافظة ان فضيلة المبارك اعتقلت في ظل حالة الاحكام العرفية العام الماضي عند نقطة تفتيش لاستماعها الى شريط يثني على حركة الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي اندلعت في فبراير شباط. واضاف أن حكما صدر ضد فضيلة بالسجن اربع سنوات بعد ادانتها بالمشاركة في احتجاجات في دوار اللؤلؤة والتحريض على كراهية الحكومة واهانة مسؤول عام. بحسب رويترز.

وجرى تخفيف العقوبة في وقت لاحق الى 18 شهرا. ولا يزال يتعين الطعن على الحكم. وقال المحافظة انها لم توقف الشريط الذي كانت تستمع اليه الامر الذي أثار غضبهم وأضاف أنها كانت مسألة شخصية بالنسبة للضباط الذين اعتقلوا فضيلة.

منع مراسلي ومندوبي وسائل الإعلام

الى ذلك وعلى صعيد الاستطرادا لمنهجية المنع والحجب التي تتبعها  السلطات في البحرين بدءاً من منع دخول منظمات حقوقية معتبرة لها وزنها على المستوى الحقوقي الدولي كمنظمة اطباء من اجل حقوق الانسان، وحقوق  الانسان اولا، وفريدوم هاوس وصولا الى منع  زيارة مراسلي ومندوبي وسائل الاعلام الاجنبية من دخول البلاد  بدعوى  ارتفاع عدد طلبات التأشيرات الاعلامية خلال الفترة من 11 – 18 فبراير 2012 وذلك طبقا لما جاء في بيان هيئة شئون الاعلام مما اضطرها الى ارجاء زيارتهم للبلاد الى نهاية فبراير الجاري وذلك في سياق الذرائع التي ساقتها الهيئة  لعدم منح تأشيرات لهؤلاء المراسلين ومندوبي وسائل الاعلام الخارجية الذين يمارسون مهنتهم في نقل الوقائع الى العالم عبر وسائل الاعلام التي ينتمون اليها، وهي حجج  لا يمكن قبولها  منطقيا لان الهيئة لم تقدم اية احصائية بعدد واسماء الجهات الاعلامية التي تقدمت بطلبات الحصول على تأشيرات اعلامية لكي يتبين عدد الجهات التي تقدمت بالطلبات وما هي  الجهات التي منحت هذه التأشيرات وما هي التي تم ارجاء منحها التأشيرات. وايا كانت عليه الذرائع فليس من المنطقي ارجاء الطلبات الى وقت اخر تحدده الهيئة بنفسها خلافا للتواريخ المطلوبة من قبل الجهات الاعلامية صاحبة الطلبات لان من حق هذه الجهات ان تطلب تأشيرات اعلامية حسب الاوقات المناسبة لعملها الاعلامي.

وقالت الجمعية البحرينية لحقوق الانسان بان هذه الاجراءات تأتي من باب التضييق على الحريات الصحفية ووضع القيود على العمل الاعلامي، الامر الذي لا يتلاء م مع وضع مملكة البحرين كعضو في الاسرة الدولية وما يترتب عليها من التزامات ازاء المنظمات الدولية المختصة العاملة في مجالات الصحافة والاعلام بضمان الحريات الصحفية والاعلامية ورفض اية قيود على حرية العمل الصحفي والاعلامي وكل ما يعيق العاملين في الصحافة والاعلام من الوصول الى المعلومة ونقلها بامانة الى المتلقين من مشاهدين ومستمعين وقراء وغيرهم من المتعاطين مع الشأن الاعلامي والصحفي.

وفي هذا السياق تود الجمعية ان تذكر بما جاء في تقرير التصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2011 – 2012  الصادر عن منظمة " مراسلون بلا حدود " الذي اوضح بان مملكة البحرين خسرت 29 مرتبة في  التصنيف العالمي لحرية الصحافة وانضمت بذلك  الى صفوف الدول العشر الاكثر انغلاقا وقمعا للحرية الصحفية في العالم وذلك نتيجة التضييق على الصحافيين البحرينيين والاجانب منذ شهر فبراير من العام المنصرم واتخاذ سلسلة من التدابير المعرقلة لتداول المعلومات والاخبار. ان هذا المؤشر كفيل بدق ناقوس الخطر بان الحرية الصحفية والاعلامية في البحرين قد دخلت الدائرة الحرجة الحمراء، وليس من المنطقي ان تبقى في هذه الدائرة لفترة اطول بعد مرور عام على تدهور الاوضاع الصحفية والاعلامية فيها، او ان توصم باعتبارها من اكثر دول العالم انغلاقا  وقمعا للحريات الصحفية ولممتهني الصحافة والاعلام.

وانطلاقا من مسئولياتها في الدفاع عن الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبيروحرية العمل الصحفي وتداول المعلومات، تطالب الجمعية البحرينية لحقوق الانسان السلطات المختصة في البحرين بعدم عرقلة عمل الصحافيين والاعلاميين من بحرينيين واجانب وتسهيل مهام المراسلين والمندوبين الممثلين لوسائل الاعلام الاجنبية ليمارسوا مهنتهم في تغطية الوقائع ونقل الاخبار بحرية تامة وعدم التعرض لهم باي شكل من القيود او الاجراءات المقيدة لعملهم الصحفي والاعلامي. و تنوه الجمعية بان اتخاذ خطوات من هذا القبيل كفيل بانتشال سمعة البلاد من المرتبة التي زجت فيها حاليا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة من حيث الانغلاق على الحريات الصحفية والتضيق على ممتهني الصحافة والاعلام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/شباط/2012 - 20/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م